

حــــديث مع النـــفـــس
تقبل القلوب في رمضان … إلى علام الغيوب …
وتقبل الأفئدة … إلى من يعلم خافية الصدور …
وتقبل النفوس … إلى من يعلم سرها وعلانيتها …
يا نفس إقبالك في هذا الشهر الكريم …. لابد أن يُفاد منه ..
لا يكن شهر رمضان المبارك … كبقية شهور العام …
فالمنافسة … والمسابقة … والمداومة …
راجع صاحبنا نفسه … تأمل في حاله … تحسر على ضعفه … وتقصيره في حق الله تعالى …
عزم على أن يكون شهر رمضان هذا … شهر تحول ، وتغير ، وتبدل ، وتحسن …
أخذ على نفسه العهد والميثاق … ودعى الله أن يعينه .. وييسر له ما قد أقبل عليه … أو ما يعزم الإقبال عليه …
أراد في هذا الشهر الكريم … أن يغسل الرااااااان الذي غطى قلبه …
الرااااان الذي حرمه لذة العبادة …
الرااااان الذي منعه نعيم الطاعة …
أراد أن يحيا حياة جديدة … طيبة … هانئة … نقية … مع توبة صادقة … لله تعالى …
بحث صاحبنا عن إمام يصلي معه … ويكون ممن يقف مع الآيات … ويحرك القلوب بها …
وجده … !
ثم ذهب إلى صلاة التراويح مبكرا …
اقترب صاحبنا من الإمام … ثم صلى تحية المسجد … وأكثر من الدعاء بأن يصلح الله له قلبه …
وأن يرزقه دمعة حرّى صادقة … لا رياء فيها ولا سمعة …
يتمنى أن يبكي من خشية الله …
ومن منا لا يتمنى ذلك ؟ّ.
سلّم صاحبنا من النافلة … ثم قرأ ما تيسر من كتاب الله …
مع مجاهدة النفس في التدبر ، والتأمل ، والتخشع … مع كتاب الله ..
دخل الإمام … ثم صلى الفريضة …. ثم أعقبها بصلاة التراويح …
وقف الإمام مع آيات من كتاب الله … تدبرها … وتأملها … ثم خشع معها … ثم بكى …
تأمل صاحبنا … لماذا يبكي الإمام ؟!.
حاول أن يقف مع الآيات كما وقف إمامه … فلم يقدر ، ولم يستطع …
وفي أثناء ذلك … بكى من عن يمينه ..!!
مما بثّ فيه الحماس ، وجعله يجاهد نفسه للبكاء بإصرار … ومع هذا … لم يستطع … !!
ثم أحسّ بمن عن شماله يهز كتفيه … تأثرا … وبكاءً … وخشوعا …
سبحان الله … لماذا يبكي الناس؟! … لماذا لا أبكي ؟!… لماذا لا أتأثر ؟!…
لماذا … لا تخرج الدمعة ؟!.
حاول … وجاهد … واشتد تأمله … وتدبره … فلم يقدر .. ولم يستطع …!!.
كثُر صوت البكاء في المسجد …
من في يمينه يبكي ! … ومن على شماله يبكي ! … ومن خلفه يبكي ! … وفي أرجاء المسجد … الناس تبكي … وتخشع … وتتأمل …!!.
رثى لحال نفسه … فدعى الله …
يارب … يارب … يارب … دمعة ! ….
يارب … دمعة واحدة …!
يارب … دمعة …!
ركع الإمام …
وصاحبنا يؤنب نفسه … ويوبخها … ويعاتبها …
ويدعو الله في سجوده … فيقول : ( اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ، ومن قلب لا يخشع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن دعوة لا يستجاب لها )
ألهذا الحد بلغ الران مبلغه … ؟!
الآن عرفت أثر تلك المعاصي الخفية
… والتي أخفيتها عن الناس …
فوجدتُ مغبَّتها … وأثرها … في قلبي …
عرفتُ أثرها … فحُرمت من نعمة البكاء من خشية الله …
يانفس … البكّائون كُثُر … أليس فيكِ من الخير ما يجعلكِ منهم ؟! .
الناس تبكي … وتتأثر … وتخشع … وتتدبر ….
وأنتِ في موقف المتفرج … المشاهِد … المتحسِر …
أليس هذا من الحرمان …؟!.
جاهدت نفسي في البحث عن دمعة … واحدة …
ولا زال البحث عنها … وبقي من رمضان أكثر من مضى …
فأسأل الله أن يذيقنا طعمها … ولذتها … وحلاوتها …
منــقوووول