
عندما..يقال (( الأمل مستحيل )) ..فيرتد صدى هذي الجملة ويقول لا بل هناك أمل
وعندما.. يقال ((إن خالد لن يعيش))..فتكمن هذه الجملة في صدري مدويتاً تلك الآلام التي عايشتها..
خالد أخي بل توأمي الذي طالما عشنا سويا منذ أن كنا في رحم أمي .. جمعتنا تلك ((السنوات البريئة)) .. نعم كانت بريئة بأحدثها ومواقفها..لا نفهم سوى الابتسامة وهي التي تغلب دائما على محيانا وأما الدموع فكانت لا تعبر فقط إلا عن فقداننا للعبه أو قطعة من الحلوى..كبرنا واتى الموعد الذي قررا والدي تدريسنا في المرحلة الإبتدائية ..ولكن لم تجري الأمور كما رسماها والدي فقد تم قبولي ورفض أخي بحكم انه لم يكمل السن القانوني ..فرضخا للأمر الواقع وأجلا دراستنا حتى يبدأ مشوارنا الدراسي سوياً .. وكنت أنا وأخي لم نفهم تلك الأحداث لان البراءة تعم أجواءنا..واتت السنة القادمة بكل ترحيب.. وبدأنا المشوار وبكل تفوق لأننا نتنافس في ذلك ونشجع بعض من سوف يأخذ شهادات التفوق أكثر أنا أم هو ..وتجري الأيام ونمر بمرحلة المراهقة..كبرنا وبدأنا نستوعب الحياة..إلى أن وصلنا إلى ((الصف الثالث الثانوي)) كنا متحمسين جدا.. درسنا واجتهدنا وتفوقنا.. وأخذ كلا منا نتيجته وبدأ التسجيل في الجامعات كلٌ منا يبحث عن التخصصات والمجالات التي يرغبها..ولله الحمد تم قبولي وقبول أخي..ولكن أخي تم قبوله في الخرج التي تبعد عنا 100 كيلو..كنا نكتم فراقنا عليه ولكن يجب علينا الرضا فهو لم يبعد كثيراً وفي إجازات نهاية الأسبوع يزورنا أخي ويبيت عندنا ويذهب في صبيحة يوم السبت ..وهكذا..استمر الحال.. إلى أن جاءت الاختبارات النهائية .. وانتهى منها بكل سعادة غامره لأنه سوف يودع عناء الغربة ونحن كذلك كنا نترقب ذلك اليوم بلهفه ..
وجاء يوم الأربعاء أخر أيام الاختبارات النهائية للفصل الدراسي الأول لهذا العام فقد كانت إجازته 3 أسابيع وقد فكر أن يسافر عدة مدن بصحبتنا أو بصحبة أصحابه..لكنه فضل أن يجتمع هو وأصاحبه يوم الخميس ((اليوم الأول من أيام إجازته)) في ملعب رياضي وبالفعل اجتمع هو وأصحابه وكذلك أخي الذي يكبرنا بـ4 سنوات هو وأصحابه أيضا ..وأصبحوا فريقين ضد بعضهم في المباراة في تمام الساعة 8 مساءً..
لعب خالد توأمي حارساً للمرمى حينها.. وكنت انا واختي الكبرى في لقاء مع صديقاتنا
خارج البيت.. وسعدت كثيرا في تلك الساعات لأنني قابلت صديقتي التي لم ارها منذ سنه ونصف ..كنت اشعر ان تلك الليله غريبه ولكن لاأعلم ..كنت اقول قد يجوز لانني قابلت صديقتي وهذه فرحتي بها..وبعدها ذهبوا صديقاتنا وكنا في انتظار اخي الاكبر..حتى نعود لمنزلنا
وعندها كان الوقت 11.30 مساءاً
اتصل توأمي علي فأسرعت بالرد..
نخرج
قال: اين؟
قلت: انت بالخارج؟
أخذ يضحك ويقول انا في الملعب ولقد غمرتني الفرحة بجمعتنا ولعبت كرة قدم..واخذ يصف لعبهم وجمعتهم..
وبعدها أتى اخي الذي كنا بإنتظاره وذهبنا الى البيت ..اتصلت على توأمي وقال انا في ((المطعم)) وانا قادم بعد ربع ساعه..دخلت غرفتي متضايقه لأنني سمعت خبر وفاة شخص نعزه ((الله يرحمه)) حاولت النوم لكن لم استطيع..فالخبر ألمني ولم استطيع الخروج حتى لا يرى احد وجهي..لكن سمعت صوت امي تقول خالد ((مكتوم)) .._ لانه يعاني من الربو المزمن_ قلت في نفسي دقائق ويعود كما هو..ثم جلست قليلا وظللت افكر هذا أخي يجب ان أذهب له واطمئن عليه.. وذهبت اليه..ولكن وجدته كان متضايق جدا ..فاتصلت امي على اخي الأكبر وأعلمته بالأمر واتى على الفور من لحظة اتصاله.. ذهب بأخي في تمام الساعة 1 صباحاً الى مستوصف قريب..
لكن الأمر طـــــــال .. و الأن اصبح الوقت 2 صباحاً .. فقلت في نفسي لما لا اتصل على اخي اطمئن عليه وأشعره بأننا مهتمين به ..اتصلت وهاتفه لاأحد يجيب عليه ..ومازلت اتصل..فأتصلت على اخي الاكبر.. فرد علي وقال نصف ساعه ونحن قادمين..اطمئنيت ..ولكن مرت النصف ساعه والساعة كامله ولا أحد قدم علينا ..فاتصلت على أخي الأكبر..ولكن مرات هاتفه يكون مقفل ومرات يرن لكن ليس من مجيب..فخاطبتني أختي الكبرى ..بأن خالد مريض جداً .. وانه بحاجه إلى الراحه..
وبعدها قلقت أكثر وكذلك امي فهذا وحيدها ..خاطبتني اختي مرةً أخرى وقالت بأن أخي الأكبر اتصل بها وشرح لها وضع خالد..وقالت لي بأنه حالته سيئه جدا..فهو بعد ذهابه إلى المستوصف ذهب به أخي إلى المستشفى لأنه لم يلقى أي نتيجه في المستوصف..
وعند دخوله المستشفى حدث له امر غريب لا يكاد يصدق..فمن شدة حالته وضيقه اصبح لا يستوعب واخذ بركل الطبيب والممرضين وكان سببها انه يريد حلا ً لوضعه..يريد من ينتشله من ضيقته ..يريد ان يقدموا له العلاج الذي يداوي علته ..فهو يصارع الموت ولكن ليس من منقذ..وجلس يستنشق الاكسجين ولكن لا فائده..وفجأه مال برأسه وجحظت عيناه واخذت المادة البيضاء بالخروج وهي دلالة على خروج الروح..و اخي الاكبر امامه غير مستوعب للأمر فهذا الموقف ..يسقط فيه الشامخون ..و تهتز أبدان الجبابرة .. ويصبح من كان عاليا ذليلا.. وكان الكل وقتها مذهول..
فهب الأطباء والممرضين نحوه.. لان قلبه قد توقف لحظتها..واتوا إليه وقام طبيب بعملية الإنعاش الرئوي.. ورغم كل هذا فالطبيب هو الوحيد الذي لديه الأمل في النجاة واستمر بالضغط على صدر اخي لمدة 5 دقائق واجزاء من الثانيه وخلاله لم يكل ولم ييأس فأمله بالله قوي.. فقد خاب ظنهم جميعا الا هذا الطبيب الذي اخلص في عمله ووثق برب السموات والأرض..فقد أنزلت تلك المعجزة الالهيه.. وبدأ النبض يعود .. وبدأ الأمل يدب في قلوبهم..ولكن مازلت الحالة خطيرة..فرئتيه لم تستجيب للتنفس..ومن ثم وضعوه في العناية المركزه بقسم الطوارئ وقاموا بتخديره تخديراً كاملا.. ووضعوا له جهاز التنفس الصناعي..
وكل هذه الأحداث التي مرت كانت قبل الساعة الخامسة صباحا..وبعدها اتصل اخي الأكبر وأخبرنا ان خالد يحتاج للتنويم لمدة 24 ساعه.. ذهب ابي وامي وطلبت منهم ان أأتي معهم لزيارته.. ركبنا السياره وكانت حينها باردة لأن الجو كان شتاء فزادتني رجفة وكانا ابواي صامتين وانا كذلك.. لم نكن متصورين الامر ..وصلنا لبوابة المستشفى اوقفنا ابي فيها ونزلت انا وامي وقفنا جانبا..الى ان رأيت اخي الاكبر ..أوقفته وأنا مبتسمه من تحت الغطاء وأناديه.. جاء ابي وسرنا نحوه وكان اخي يتقدمنا ليرينا مكانه..وحينها كان أخي يتجه الى غرفه ضخمه كبيره ومليئة بالأجهزه وشخص ضخم كذلك على السرير ايقنت انه ليس أخي لضخامته.. دخل وبدأ يتفحص الأجهزة وكنت اقول ربما مريض اخي مسئول عن تنظيم اجهزته..لان اخي طالب امتياز في المستشفى..فقال لنا هذا خالد ادخلوا..ذهلنا وانصدم ابواي ..نظرت الى ابي وإذا الدهشة تعلو وجهه ..وكذلك يزداد وجهه اسوداداً كلما يتفحص خالد بعينيه..وارى امي وإذى بها تدمع اعينها..حاولت ان اتماسك بكل ما استطيع..فتناثرت ادمعي حاولت ان اكتم تلك العبرات لكنها ابت رغم شموخها الا ان تخرج ولكنها خرجت وهي ذليله متقطعه لم اعد اسمع الا صوت شهيقي في المكان ..لم استطيع ان أكابر فتوأمي اصبح الأن بين الحياة والموت..لا أكاد اوصفه فقد كان جسده يرتفع وينخفض من شدة التنفس الصناعي..كان لسانه خارج فمه بشكل مائل في جهه وأنبوب عريض يدخل فمه من جهة اخرى..كانت الأجهزه تحضنه من خلفه واصواتها مخيفه.. وتكسو صدره بشكل مفجع.. وانبوب في انفه وشيء في اذنه وآخر في يده..جسمه حينها مليئ بالأجهزة لكن لا أحفظ الا ملامح وجه المنهك .. وقد أضناه التعب..ولا أتذكر من الكلام حينها الا عندما سأل ابي احد الاطباء الذين قدموا لشرح وضع خالد..فقال أبي لهم..اذن فهي حالة ربو حاده..فرد عليه الطبيب قائلا هي ليست حاده فقط بل ((قاتله))..احسست بأن العالم حولي لا يوجد به ذرة أكسجين.. اختنقت..جلست ارى خالد..هل سأفقدك؟ ..وكلما اسأل نفسي هذا السؤال ازداد ألما وحرقه..جلسنا مليا وإذا بأبي يقول لأخي اذهبوا الى البيت وأنا سأظل هنا وكانت حينها الساعة 8 صباحا..
ذهبنا ونحن نجر وراءنا أذيال الخيبة والتيه.. فبالأمس كان يضحك معنا..واليوم اصبح وجهه غير الوجه الذي عهدناه ..وجهٌ مليئ بالألم .. وعينان متورمتان..وجسد متهالك..
دخلنا منزلنا..اخذت لحافي لانني كنت ارتجف برداً وخوفاً وذهبت الى الصاله كانت امي جالسة فيها وقد ملأ وجهها الحزن..واخذت اختي الصغرى بجانبي..حاولت النوم لكن لم استطيع فصورة اخي خالد تظهر لي وتداعب الدموع مقلتي ..وذلك تحت اللحاف كي لاترى امي دمعاتي وأزيدها ألما على مافيها..
كنت انتظر أي اتصال.. يأتي لأمي..لانني أخشى ذلك الخبر السيئ ولا اريد سماعه..اتصل ابي في تمام الساعه 11.30 صباحا وكاد قلبي ان يتوقف .. كنت انتظر امي حينها ان تصرخ ..ولكن الهدوء مستتب .. وبعدها اغلقت الهاتف ..وسألتها ماذا جرى لخالد؟ .. اجابتني بأنهم عملوا له عملية فتح في الصدر لسحب الهواء.. غضبت وشعرت بأنه مجرد لعبه في ايديهم و يمارسون هوايتهم في التعذيب البشري الذي اسمعه من الناس دائما..
فردت امي علي وقالت ان هذا في صالحه.. سكنتُ قليلا واخذت لحافي وتغطيت به تماما فمازلت ارتجف..وإذا بي اغفو قليلا..وأقوم مفزوعه على بكاء امي..وأحسست بأن قلبي سوف يخرج من مكانه.. لم استطيع التفوه بأي حرف فأنا اريد ان استوعب ماذا يجري..
فهمت الموقف ورجعت مكاني وبدأت دمعاتي تداعب مقلتي من جديد على بكاء امي..فأمي تحدث أمها وتخبرها بوضع خالد المؤلم.. لم اعد احتمل حالتي..فقد استمرت حالتي على هذا البكاء المتواصل وما زال خالد على وضعه لا جديد سوى اننا ننتظر رحمة الله به..وظل اسبوع على وضعه نزوره انا وأمي في الصباح نقرأ عليه بعض الايات ونمكث عنده بعض الوقت.. لأننا لا نستطيع المجيء اليه في المساء لكثرة زواره الرجال
وكنت في ذلك الحين لا أجد الا هاتفي اسجل فيه خواطري التي أسميتها ((متنفساتي)) فهي بالفعل متنفسي الذي الوذ اليه.. واهدأ به حينما ابوح بكلماتي على سطور هاتفي..واكتب كلمات قد لا تكون منمقه..وانما تعبر عن نفسي..
(1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اعظم انسان في حياتي جهلت قدره وابانته لي الأقدار عشت خلالها اسوأ ايام حياتي واجهت فيها اقوى حرمان على سطح الارض تذوقت مره ومن ثم تجرعت هذه المراره ببطء اعانق خلالها قلب خالد الصافي الذي لا يعلم ماذا يدور حوله وماذا اصبح حاله ..يخالجني شعور التيه و الفقدان حين أذكر ان خالد توأمي يرقد علي سرير ابيض تلطخت به الدماء والأجهزةالطبيه تعانقه من خلفه
خالد انت اعظم انسان لان الحياة بدون ظلك ترسم لي موجات طاعنه اشعر بأنها تضايقني اهرب منها فلا اجد الا الحياد اليها
توأمي الغالي
اريدك ان تعايش كوكبة حبك فلست انا وحدي التي تحبك لكن انت الوحيد الذي عانيت من لوعة غيابه
يارب تقوم بالسلامه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
.. وبعد مضي ذلك الاسبوع الكئيب..بدأت تتحسن حالة خالد..مما استوجب على الاطباء ان يزيلوا جهاز التنفس الصناعي ويخففوا عنه التخدير..وزرناه جميعنا فرحين جداً باستجابته للعلاج .. وبدأ السرور يعلونا .. فقد كان يتحدث معنا..لكن ما أعاق فرحتي .. انه يتكلم كالطفل..ولايرانا بل يتظاهر بذلك ولا اعلم لماذا؟.. وكان يشد نفسه ويرفع رجليه ثم يرمي بها أرضاً..
ولكن رغم هذا فلقد حمدت الله بأن أعاده لنا _حياً_ ولم اهتم بشأن تغيره..
وكتبت حينها متنفسي
(2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عندما نطق خالد وكأنما رزقت بكنز عظيم جمع لي بعد جهد جهيد اشتقت لصوته وكأنني لم اسمعه دهرا تفاجئت بنطقه وابتسامته التي انارت لي عيني ومن قبلها قلبي الذي رقص فرحا واستطرب حبا وابتهج وجهي واشرق بنور ابتسامته التي اسعدتني وابكتني فرحا..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
..استمر على وضعه هذا 3 أيام وانقلبت الأفراح أتراح فقد انتكست حالته وأعادوا إليه جهاز التنفس الصناعي والتخدير الكامل..وظهرت به عدة أمراض غريبه منها..تلوث الدم..جرثومة في الدم ..وكذلك التهاب في جهاز التنفس..ارتفاع في الحراره كان شديد ويصعب خفضه وكذلك ارتفاع في ضغط الدم..
ظل على حالته اسبوعان.. يقدمون اليه المقرءون والأطباء ولكن مازال وضعه مقلق ومازال في العناية المركزه وتحت رحمة الله.. وظل على وضعه هذا أسبوعين..
وكتبت خلالها متنفسي
(3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خالد اريد ان أوجه لك مايحويه قلبي من حب وموده احاول مخاطبة قلبك الذي لايغيب عن مخيلتي
خالد احسست بمعانتك لذلك فإني اعاني لكن ليس بمثل ماتعاني لأن معاناتك اقوى من مجرد احساسي بها اتمنى لو ترمي حملك الثقيل علي وتدعني اكمل مشوار معاناتك وألمك
لاأعلم ماذا يجول في ذهنك و ماهو الذي يحدث لك وكيف تفكر انتظر اجابتك اذا خرجت بالسلامه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولكن في احد ايام زيارتي له..رأيت لوحه موضوعه على احد حوائط غرفته..و كتب عليها..
من آداب زيارة المريض:
1. اقرأ المعوذتين وسورة الفاتحة
2. اقرأ أية الكرسي
3. حلل المريض وسامحه
وعندما قرأت اخر جمله تأثرت جداً وأحسست بأن الدنيا ضاقت بي..بكيت وبكيت وجفت دموعي لكن الألم لازمن..
وكتبت متنفسي
(4)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اصبحت مصاحبة للحزن
احيانا اجد فيه تسلية عن تفكيري الدائم بك ياخالد
تفكير يحاول إعدامي وفي أخر لحظه يرحمني
خالد أختبرتنا في حبنا لك لكنه إختبار يصعب تحمله لالشيء سوى اننا نحبك ولا نريد البعد عنك
خالد لقد انهك جسدي وانشل عقلي حتى عيناي لاتريد رؤيتك وأنت على هذا الحال
حين اراك تواجه الألم
اصبر نفسي وأقول غدا افضل ويأتي الغد وأنا ألزم نفسي الصبر لأني اعلم ليس امامي الا الصبر في مواجهة الم غيابك اشتقت لك وتفطر القلب ليس شوقا لك بل أعظم من معنى الشوق نفسه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
..استمرينا على وضعنا هذا وبعد تلك الاسبوعين..اخبرونا بأنهم سوف يعملون بفتح القصبه الهوائيه ويضعون انبوب حتى يتمكن من التنفس بمفرده..وضحوا ان هذا الامر في صالحه ولن يضره بل سيفيده كثيرا..ترددنا كذلك ابي تردد في موافقته على هذا الأجراء ..وفي اليوم التالي عملوها له وازالوا التخدير عنه وايضا التنفس الصناعي..ثم نقل الى التنويم العادي ..ورقصت فرحا ذلك اليوم وامتلئ قلبي سعاده لم احس بطعمها..ذهبنا وزرناه رأيت انسان أخر لم اره بهذا الشكل من قبل ..اصبح هيكل عظمي يكسوه طبقة من الجلد لا يقوى الحراك ابداً ولا يستطيع التحدث ولا يرانا..اكتشفوا الاطباء حينها ان توقف القلب لديه سبب له ضمور في خلايا المخ .. ولكن لا يعلمون بالضبط ماهي مسئولة عنه تلك الخلايا…بعدها ازدادت نفسية خالد سوءا لايرى الا كالغمام امامه ولا يستطيع التحدث لوجود ذلك الانبوب الذي في قصبته الهوائيه والذي ايضا منعه من الاكل اسبوع ونصف وكذلك عدم قدرته على التحرك..كانت نظراته تشكو الحزن..والذل .. الألم ..بعد ان كان خالد صاحب الجسم القوي الشديد..اصبح الطفل الصغير لايستطيع عمل شيء الا بجود أخي الاكبر الذي وقف معه ولازمه في شدته..
بعد اسبوع والنصف سمحوا لخالد بالأكل وقد كان قبلها يطلب الأكل ويتمناه عن طريق تلك النظرات البائسه واليدين النحيله ..
استمر معه العلاج الطبيعي بمداواته الى ان اصبح يمشي لكن ليس بمفرده ..
خرج من المستشفى بعد تمام الشهرين الكاملين..واستمرت صحته تعود بفضل من الله ..شيئا فشيئا حت عاد نظره لكن ينقصه شيء بسيط ..وبدأ جسمه يمتلئ كما كان..ولكن قوته مازالت في امل النهوض كما كانت ..ايضا ترك دراسته هذا الفصل وأجله حتى يستطيع العوده لها..وحياته الأن بحمد الله مستقره ..
*العبره من ذكر قصتي..
• الثقة بالله والتوكل عليه فمن توكل عليه فهو حسبه..
• الدعاء المخلص فيه لله له أثر عظيم..وكما ذكر خالد لولا دعوات الناس لي لما عدت هكذا..
• الصدقه اثرها العظيم فقد تصدقنا على نيته وهذا مالم أذكره في القصه..
• الحياة لا تستقر على وتيرة واحده فمهما كان هناك حزن يتلوه فرح ..
وهنا انتهت قصتي حين دخل أخي المستشفى..قصه لم تكن على الحسبان عايشناها انا وأهلي بكل ألم وحرمان..