أيها الأحبة ..
ها قد مضت العشر الأولى من رمضان ..
وقد كان مُضيِّها سريعا ..
فقولي لي وأنا أيضا معك ..
هل نبارك لأنفسنا أم نعزيها في ما عملنا في هذه العشر ؟
هل نبارك لأنفسنا على أننا استطعنا أن نحافظ على تلاوة القرآن آناء الليل والنهار ..
أم نعزيها يتضيع الأوقات في الترهات والفوارغ و لم يكن للقرآن من وقتنا نصيبٌ إلا
القليل جداً منه ..
هل نبارك لأنفسنا على أننا استطعنا على أن نحفظ ألسنتنا ولا نجعلها تنطق إلا بالخير
والذكر ..
أم نعزيها لأننا مازلنا على ما نحن عليه من بذاءة اللسان والسب والشتم والكذب والغيبة
والنميمة وغيرها ..
هل نبارك لأنفسنا لأننا استطعنا أن نحفظ أعيننا عن الحرام ..
أم نعزيها لأننا مازلنا بل وزدنا على إطلاق النظر الحرام في المسلسات وغيرها من
مصادر النظر المحرم ..
هل نبارك لأنفسنا لأننا استطعنا أن نُنزه آذاننا عن سماع الحرام وسماع السوء من
القول ..
أم نعزيها لأننا مازلنا مصرين على استماع الحرام من الأغاني وقول الكذب وغيره ..
هل نبارك لأنفسنا على أننا ساهمنا في إفطار الصائمين وفرحنا في نيل الأجور
العظيمة ..
أم نعزيها لتكاسلها في هذا الأمر والقول إن هذا هو واجب االجمعيات الخيرية ..
هل نبارك لأنفسنا لأننا استطعنا أن نحافظ على الصلاة في وقتها وعلى أن نحافظ على
صلاة التراويح .. أم نعزيها في تضيعيها لهذا الأمر ..
هل نبارك لأنفسنا لأنه لا زلنا على همتنا و نشاطنا في العبادة ، وفي السباق إلى الله ،
وفي الفوز بالمغفرة ..
أم نعزيها لِما أصابها ما أصاب كثيراً من الناس من الفتور و التراخي .
إن كنت من الذين ما زالوا محافظين على الواجبات والمسابقة في فعل الخيرات والبعد
عن المحرمات ..
فأبشري بالخير واحمدي الله واشكريه على أنه وفقك لذلك واستمري في
مضيك قُدما ..
فطوبى لمن كانت هذه حالته وهذا مسارها .. وطوبى لها بإذن الله العتق من
النار والفوز بالجنان ومغفرة الذنوب ومضاعفة الحسنات ..
فمبارك لك الفوز والظفر أيتها الموفقه ..
وأما إن كنت من الذين ضيَّعوا وأسرفوا وفرَّطوا في هذه العشر
فعليك أن تتدارك بقية رمضان ، فإنه لا يزال يبقى منه الثلثان ولا يزال الله يغفر لعباده
ولا يزال الله يعتق رقابًا من النار .
انظري إلى الصالحات رقابهم من النار تعتق وأنتي لا تدرين ما هو حال رقبتك ..
انظري إلى
الصالحات والمتقيات صحائفهم تبيض من الأوزار وأنتي صحيفتك مسودة من الآثام
والله لو كشف لكن الغيب و رأيتن كم من الحسنات ضاعت عليكن ، وكم من الفرص
لمغفرة الذنوب فاتتكن وكم من أوقات الإجابة للدعاء ذهبت عليكن ..
لمُتَّن حسرة و كمدا على ضياع المغفرة و العتق في رمضان ..
أحبتي :
ألا نريد أن يغفر الله لنا .. ألا نريد أن يعتقنا الله من النار .. علينا أن نتدارك ما بقي من
رمضان ( ومن أصلح فيما بقي غفر الله له ما سلف ) ..
فدعوة إلى المغفرة .. دعوة إلى العتق من النار ، دعوة إلى مضاعفة الحسنات قبل فوات
الأوان ..
أحبتي :
لنحاسب أنفسنا حساباً عسيراً فوالله ما صدق عبدٌ لم يحاسب نفسه
على تقصيرها في الواجبات و تفريطها في المحرمات ..
لنعد إلى أنفسنا و نحاسبها محاسبة دقيقة ..
ثم نتبع ذلك بالعمل الجاد ، ولنشمر في
الطاعات و نصدق مع الله و نقبل على الله ..
فلا يزال الله ينشر رحمته و يرسل نفحاته ..
لنتعرض لنفحات الله بالاجتهاد في الطاعات
علَّه أن تصيبنا رحمة أو نفحة لا نشقى بعدها أبدا…