إن الغاية من الإسلام هي نشر الفضيلة والأخلاق بين الناس لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) فالأعمال بثمرتها لا بأدائها. ويقول عليه الصلاة والسلام: (رب قائم لا ينال من قيامه إلا السهر ورب صائم لا ينال من صيامه إلا الجوع والعطش) ويقول: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه). كما يقول: (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له).
ومن لم يتق الله في الناس وفي الإساءة إليهم أو تتبع عوراتهم لا بد أن يفضحه الله وإن صام وإن صلى وإن حج فإذا لم يفضح أمام الناس يفضح في جوف بيته ويشير الحديث النبوي إلى ذلك: (من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في جوف بيته). فالذين يشهرون بالناس بعيدون كل البعد عن الفهم الصحيح للإسلام وتعاليمه وهديه، فالحديث النبوي يشير إلى ما يجب أن يكون عليه المسلم من الخلق فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (من ستر مسلما في الدنيا ستره الله في الدنيا والآخرة) فليس من باب النصيحة الطعن في الفاسقين المجاهرين بفسقهم وفسادهم. وإنما البدء بنصح وإرشاد هؤلاء ودعوتهم إلى الحق والصواب.
وإن أهم الأسباب التي تدفع الإنسان إلى التشهير بغيره من الناس هو ضعف الإيمان وعدم اليقين فيما عند الله وخاصة في مسألة الرزق والأقدار التي قدرها الله تعالى لكل إنسان على وجه الأرض. وكذلك الابتعاد عن تعاليم الإسلام التي تلزم الإنسان باتباع أوامر الله واجتناب نواهيه خاصة في مجال العبادات والعلاقات الإنسانية ويرى علم النفس أن الشخصية التي تشهر بزملاء في العمل أو بمنافسين شخصية سيكوباتية تعمل ضد القيم الاجتماعية والأخلاقية لأنها تعاني من بعض العقد النفسية وبما تكونت منذ الطفولة نتيجة أساليب تربوية خاطئة أدت إلى الشعور بالنقص والدونية أمام الآخرين، وبأنه أقل منهم جهدا وخبرة وعملا وإخلاصا ويعتقد أنه لو فعل ذلك وشهر بغيره أو بمنافسه استطاع أن يكسب الأصوات. ولا يعلم أنه بذلك يكون قد خسر نفسه لأنه بهذا العمل شوه سمعة وسيرة من يشهر بهم وقد يكونوا أبرياء.
إن التشهير بالآخرين بغير حق هو جريمة من الجرائم، فالذين يشهرون بالناس يغضب الله عليهم، ويكونوا عن الناس مذمومين خاصة إذا كان المشهر به مظلوما وبريئا وليس فيه ما ادعاه المشهر زورا وظلما، وبغير الجانب الأخلاقي والإيماني والعقائدي لا تعالج هذه القضية لأنها تتعلق بالضمير.
في نفس الوقت يجب على المسلم أن يبتعد عن مواطن التشهير به بأن يبتعد عن الشبهات وأن يسير في عمله بما يرضى الله وأن يكون واضحا ولا يظلم الآخرين، وأن يعطى كل ذي حق حقه حتى لا يسلم نفسه وسيرته إلى ألسنة حداد ففي الحديث: (من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه) ويقول النبي عليه الصلاة والسلام في حديث آخر: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم) فنحن مطالبون بقطع الطرق الموصلة للشيطان أو التي تضع الإنسان موضع الشكوك أو الظنون. كما أننا مطالبون بحسن الظن بالناس لا أن نشهر بهم بغير حق أو دليل. وعلى المدرسة تربية النشء على القيم والأخلاق الفاضلة التي تحث على الصدق والمصارحة والعفو عن المسيء وقبول الأعذار والرحمة والإيثار إلى آخر القيم التي نادى بها الإسلام وتعاليمه السمحة، وكذلك التوعية بخطورة مثل هذا التصرف وضرورة الابتعاد عنه حتى لا تشيع الفوضى وتكثر الخلافات ويتفرق أفراد المجتمع، وخوفا من الله وابتغاء ثوابه.
د. محمد سالم
واشكر الاخت na3ymah
على المجهود