%%% موسوعة الهدايا %%%



المقدمة :-

بسم الله الرحمن الرحيم ..

هـدايـــا النـــاس بعضـهــم لبـعــــــض ** تولــــــــــد في قلوبهــــــــــم الوصـــــــــــالا
وتـزرع في الضــــمـــير هـــــــوى وودّا ** وتكســـوهم إذا حضــــــــــروا جــمــــــــــــالا

الهديّة .. ذلك المعنى السامي الجميل .. الذي يزيد في النفوس المحبة والود .. وينزع ما فيه من بغضاء وتشاحن ..
ذلك المعنى الذي أوصانا به عليه الصلاة والسلام في قوله : ( تهادوا تحابوا ) [أخرجه البخاري في الأدب المفرد والبيهقي بسند حسن] ..
من هذا المنطلق ولما للهدايا من آثار ولأننا نحتاجه في حياتنا التي أصبح – غالباً – ما يخالطها الجمود ..
ونظراً لرغبة بعض أخواتي العزيزات .. جمعت لكم هذه الموسوعة ..

في بادئ الأمر أحببت أن تكون فقط عن الهدايا المقترحة للتقديم في المناسبات .. لكن وبعد تفكير رأيت أن معنى الموسوعة أكبر وأشمل من هذا .. لذلك غيّرت فكرتي في الطرح ..

الله أسأل أن تعجبكم هذه الموسوعة .. وتحوز على رضاكم ..

بقلم : حديجانة بنت حديجان ولد أبو حديجان آل حدجدج ..
7/7/1427هـ ..

&&&&&&&&&&&&&&&

المبحث الأول : ( الهدية تعريفها واصلها في الشرع وحكمها ) ..

تعريف الهدية لغة واصطلاحاً:-

تعريفها لغة:
قال الفيومي في (المصباح المنير): “هَدَيتُ العروسَ إلى بعلها هِداء بالكسر والمدّ فهي هَدِي وهَدِيَّة، ويُبنى للمفعول فيقال: هُدِيَت فهي مَهْديّة، وأَهديتها بالألف لغة قَيْس عَيْلان، فهي: مُهداة.. وأَهديت للرجل – كذا بالألف – بعثت به إليه إكراماً فهو هَديَّة بالتثقيل لا غير. (انظر: المصباح، هدى)

تعريفها اصطلاحاً:
وأما تعريف الهدية في الاصطلاح: “فهي تمليك في الحياة بغير عوض” (انظر: المغني 8/239).
وقال في (المجموع شرح المهذب 15/370): “والهبة والعطية والهدية والصدقة معانيها متقاربة، وكلها تمليك في الحياة بغير عوض واسم العطية شامل لجميعها وكذلك الهبة.
والصدقة والهدية متغايران، فإن النبي _صلى الله عليه وسلم_ كان يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة.

الفرق بين الهبة والهدية والعطيّة :
هناك فرق بين الهبة والعطية، يقال: وهب الشيء يهبه هبةً إذا منحه للغير. والعطية في معنى الهبة؛ لكن العلماء رحمهم الله يفرقون بين الهبة والعطية، فهناك هبة وهناك هدية وهناك عطية، وهناك صدقة. فأما بالنسبة للهدية فهي الشيء الذي يحمله الإنسان للغير إكراماً له وإجلالاً، فإذا أعطى إنسانٌ إنساناً شيئاً وحمل الشيء إليه، فإن هذا هدية. لكن الهبة لا تُحمل، يقول له: خذ هذا الشيء، أي: وهبته لك. فإذاً: الهدية فيها معنىً زائدٌ عن الهبة، فالهبة من حيث الأصل تمليك، ويُقصَد بها تمليكُ الغيرِ المالَ الذي يملكه الواهب على سبيل المعروف والإحسان، لا معاوضة فيه، فإذا وهبت الشيء وحملته للموهوب فهذا هو معنى الهدية، وأما إذا قلت له: خذ هذا الشيء، وارفع هذا الشيء، وهذا الشيء لك، فقد وهبته. وأما بالنسبة للعطية: فالعطية تكون لما بعد الموت، يهبه ويعطيه الشيء لما بعد موته، مسنداً لما بعد موته. وأما بالنسبة للصدقة: فالهبة والهدية إذا أعطاها الإنسان غالباً ما تكون لحظوظ الدنيا، وقد يكون فيها معنى العبادة كما ذكرنا؛ لكن الصدقة تُعطَى وتُبذَل ويُراد بها وجه الله سبحانه وتعالى، ويطلب المتصدق والمعطي ما عند الله عزَّ وجل، بخلاف الهبة والهدية فإن الهدية قد يعطيها من باب كسب القلب، وهذا أمر قد يكون دنيوياً، خاصةً إذا كان يخشى شر الإنسان فأعطاه الهدية ونحو ذلك، فهذه كلها مقاصد دنيوية، لكن الصدقة تكون العطية فيها مراداً بها وجه الله سبحانه وتعالى، ويُقصَد منها التقرب إليه جلَّ وعَلا…….

الهدية في الكتاب والسنة :-

وردها في الكتاب :
ذكر الهدية في القرآن الكريم في سورة النمل من خلال عرض قصة سليمان _عليه السلام_ مع ملكة سبأ بلقيس ،كما في قوله _تعالى_: “وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ” (النمل:35).
وقد امتنع سليمان _عليه السلام_ من قبولها وأمر بردها؛ لأنّه شعر بأنَّ ملكة سبأ بعثت بهديتها إغراءً له كيما ينصرف عنها وعن قومها.
قال _تعالى_ على لسان سليمان: “ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ” (النمل:37).
والظاهر أن سليمان _على نبينا وعليه الصلاة والسلام_ كان سيقبل الهدية لو كانت خالية عن المساومة والابتزاز؛ قال القرطبي في تفسيره (13/132): “كان النبي _صلى الله عليه وسلم_ يقبل الهدية ويثيب عليها، وكذلك كان سليمان وسائر الأنبياء _عليهم السلام_، ،
وقال قتادة: ما كان أعقلها في إسلامها وشركها، علمت أن الهدية تقع موقعا من الناس، وكانت قد قالت: إن قبل الهدية فهو ملك فقاتلوه، وإن لم يقبلها فهو نبي فاتبعوه.

فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا ءاتَـانِى ?للَّهُ خَيْرٌ مّمَّا ءاتَـاكُمْ بَلْ أَنتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ [النمل:36]. قال ذلك منكرا عليهم: أي أتصانعونني بمال، لأترككم على شرككم.

ورودها في السنة :
تواترت النصوص الكثيرة التي ذكرت فيها الهدية، ومن ذلك:
1- حديث أنس – رضي الله عنه- في الصحيح “أنّ يهودية أهدت إلى رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ شاة مسمومة” متفق عليه.
2- وحديث عائشة في الصحيح كذلك: “أنّ بريرة أهدت لحماً لعائشة” متفق عليه.
3- و عن عائشة _رضي الله عنها_ قالت: يا رسول الله إنّ لي جارين فإلى أيهما أهدي؟ قال: أقربهما باباً. رواه البخاري.
هذا وتوجد الكثير من النصوص عن الهدايا في قوله صلى الله عليه وسلم .. والتي تُصَبّ في قالب الهدية إما لفظاً أو حكما ..

حكم الهدية:-
الهدية مستحبة عند أهل العلم كما ذكر ذلك ابن قدامة في (المغني 8/239).
ويدل على الاستحباب قوله _عليه السلام_: “تهادوا تحابوا”، فهي جالبة للمحبة، ومشيعة للود والسرور بين المتهادين.
وقال القرطبي (13/132): “الهدية مندوب إليها، وهي ممّا تورث المودة وتذهب العداوة”، وقال: “ومن فضل الهدية مع اتباع السنّة أنها تزيل حزازات النفوس وتكسب المُهدي والمُهدَى إليه رنة في اللقاء والجلوس”.
وقال في المجموع شرح المهذب (15/367): “الهبة مندوب إليها لما روت عائشة _رضي الله عنها_ أنّ النبي _صلى الله عليه وسلم_ قال: “تهادوا تحابوا”.

هذا ويوجد أيضاً منها ما هو محرم كــ :

ما يعطاه العمال الذين يعينهم ولي الأمر على حاجات الناس فيعطون الهدايا لأجل المحاباة، بحيث لو كانوا في بيوتهم لم ينلهم منها شيء، فهذه حرام لا يجوز أخذها بدليل ما رواه البخاري في صحيحه أن النبي استعمل رجلا على صدقات بني سليم يدعى ابن اللتبية، فلما جاء حاسبه قال: هذا ما لكم وهذا هدية، فقال رسول الله : ((فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقا))، ثم خطب الناس فكان مما قال: ((والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة، فلأعرفن أحدا منكم لقي الله يحمل بعيرا له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر)) ثم رفع يديه حتى رئي بياض إبطه يقول: ((اللهم هل بلغت)) صحيح البخاري ح (2597)، وأخرجه أيضًا مسلم ح (1832).

ومن الهدايا المحرمة ـ هدية بعض الأولاد دون بعض، لما في ذلك من الحيف والظلم فعن النعمان بن بشير، أن أباه أتى به إلى رسول الله فقال: إني نحلت ابني هذا غلاما فقال رسول الله : ((أكل ولدك نحلته مثله؟)) فقال: لا، فقال رسول الله : ((فأرجعه)) [رواه البخاري] وفي لفظ لمسلم: ((فلا تشهدني إذاً، فإني لا أشهد على جور)) ، وفي رواية لأحمد: ((أليس يسرك أن يكونوا إليك في البر سواء)).

وأيضاً : أنه لا يجوز للمرء المسلم إذا شفع شفاعة أن يقبل هدية ممن شفع له عند ذي سلطان مما هو مستحق له، لتكون مقابل شفاعته. وهذا هو المنقول عن السلف والأئمة الكبار، بدليل قول النبي : ((من شفع لأخيه شفاعة فأهدى له هدية عليها فقبلها فقد أتى باباً من أبواب الربا)) [رواه أبو داود وهو حديث حسن].

ومن ذلك تحريم الهدية للقاضي إذا كانت أهديت إليه لأجل كونه قاضيا، بدليل قول النبي : ((لعن الله الراشي والمرتشي في الحكم)) [رواه أحمد والترمذي] ، إلا إن كان المهدي ممن له عادة بإهداء القاضي قبل أن يكون قاضيا فلا بأس بالهدية حينئذ ما لم تكن حال خصومة قائمة للمهدي عند ذلك القاضي.

ومن الهدايا المحرمة، ما يتناوله الشهود في المحاكم جزاء شهادتهم ويسمونها هدية فإذا طلبوا إليها دون مقابل، حلف أحدهم أنه ناسٍ لها، وأن قلبه ذو إغفال، فإذا رأى المنقوش قال: ذكرتها. يا للمذكر جئت بالآمال! وما علم أولئك أن أداء الشهادة واجب بنص الكتاب كما قال ـ تعالى ـ: وَلاَ يَأْبَ ?لشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ [البقرة:282]. وقال ـ سبحانه ـ: وَلاَ تَكْتُمُواْ ?لشَّهَـ?دَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ ءاثِمٌ قَلْبُهُ وَ?للَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ [البقرة:283].

ومن ذلك ما كان من الهدايا، في مقابل التنازل عن حق الله وشرعه، أو إقرار الباطل والرضى به، كما ذكر الله ذلك عن ملكة سبأ في محاولتها مع سليمان ـ عليه السلام ..

ومن الهدايا المحرمة: ما كان في نفسه محرماً كآلات الطرب، والألبسة المحرمة وغيرها فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حُلَّةً سِيَرَاءَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ اشْتَرَيْتَهَا فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ. قَالَ: ((إِنَّمَا يَلْبَسُهَا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ)) راوه البخاري.

ومن هذا أيضاً تلك الهدايا التي تهدى بمناسبات الكفار، كالهدايا التي تهدى بمناسبة رأس السنة الميلادية، أو ما يسمونه بعيد الكرسمس، أو غيرها من المناسبات الغير إسلامية، وبالمناسبة أحذّر الاخوة الذين لهم تعامل مع الكفار، التعامل الاضطراري كأن يكونوا في شركة واحدة أو ما أشبه ذلك، إياكم ثم إياكم والمجاملات على حساب الدين، فإن هذه قضايا تمس معتقد المسلم فالحذر الحذر.

وأيضاً : ما يهديه الموظف لرئيسه في العمل، وما يهديه الطالب لأستاذه في المدرسة، وما تهديه الطالبة لمدرستها، فكل هذا من الهدايا المحرمة ولا يجوز لهم أخذها. وكذلك الرشوة وهذا باب واسع وعريض، وقد فتحت في أيامنا هذه على مصراعيه، وتساهل الآخذ والمعطي فيه ..

ومنها ما هو جائز كـــ :
قبول الهدية من الكفار وكذلك اهدائهم، إما عن قبول هداياهم فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدايا من اليهود، ومعروف قصة اليهودية التي أهدت له شاة وكانت مسمومة، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم وأكل منها وأطعم بعض أصحابه منها أيضاً. وأما عن إهدائهم فقد قال الله تعالى: لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا اليهم ان الله يحب المقسطين وعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ رَأَى عُمَرُ حُلَّةً عَلَى رَجُلٍ تُبَاعُ فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ابْتَعْ هَذِهِ الْحُلَّةَ تَلْبَسْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَإِذَا جَاءَكَ الْوَفْدُ فَقَال: ((إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذَا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا بِحُلَلٍ، فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ مِنْهَا بِحُلَّةٍ، فَقَالَ عُمَرُ: كَيْفَ أَلْبَسُهَا وَقَدْ قُلْتَ فِيهَا مَا قُلْتَ، قَالَ: إِنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا تَبِيعُهَا أَوْ تَكْسُوهَا، فَأَرْسَلَ بِهَا عُمَرُ إِلَى أَخٍ لَهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ)) راوه البخاري.

ويجوز أخذ الهدية من رجل يتعامل بالربا، لأن القاعدة عند العلماء هو: أن ما حرم لكسبه فهو حرام على الكاسب فقط بخلاف ما حرم لعينه. فالذي مكسبه حرام يجوز الأكل عنده وقبول هديته والتعامل معه بيعاً وشراءً، ويكون إثمه عليه، أما ما حرم لعينه فهو حرام على الآخذ وغيره، انتبه لهذا المثال: إنسان سرق مال شخص ثم جاء وأعطاك شيئاً من هذا المال، نقول يحرم عليك أخذه لأن هذا المال حرام بعينه، بخلاف هدية آكل الربا، فالهدية في أصلها مباحة وإن كان كسب مهديها حراماً، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يأكل من طعام اليهود اذا أهدوا اليه مع علمه بأن اليهود يتعاملون بالربا. بل توفي صلوات ربي وسلامه عليه ودرعه مرهونة عند يهودي.&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&


عن Saif Barakat

شاهد أيضاً

اعمااالي بالجوخ *_^

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته ➡ كيفكم يافراشات اول مره اشارك بهالقسم واستفدت منكم كثثثير …