من هاوٍ بحواري جدة والرياض.. إلى أسطورة الكرة السعودية والعربية والآسيوية 1-2
« السهم الملتهب » .. « جوهرة الصحراء » .. « بيليه العرب » ..
« الأسطورة » .. « صاحب الحذاء الذهبي »
وغير ذلك مما أطلقته الصحافة على الكابتن ماجد احمد عبدالله
كل هذه الألقاب تفقد بريقها إذا ما قورنت بتلك التي ينادي بها جمهور الرياضة العريض نجمه الكبير
لمست هذا و أنا أشاهده للمرة الأولى بالقاهرة أمام فندق رمسيس هلتون منذ سنوات ابتسامته وسط جمهوره شجعتني على مصافحته كان دافئا مثلما أوحت لي صوره بالميادين العامة والملاعب كنت سعيدا أن ألتقي هداف آسيا الأول لسنوات أردت أن أستضيفه على مائدتي بالفندق لكنه أصر على أن يستضيفني عندما فكرت أن أسرد قصة نجاحه كان هذا اللقاء الأول بذاكرتي كم سنة مضت منذ ذلك اللقاء ومع ذلك مازال لماجد الرصيد الأعلى ليس في قلوب محبيه من أبناء المملكة لكن نبع المحبة تفجر عربيا ودوليا
جمعت بعض ما قاله وما كتب عنه وذهبت لأحاوره ليس مجرد سارد لقصة نجاح وإنما كمحب أراد أن يجلس مستمعا ومستمتعا بهدوئه وبحديثه وأخلاقياته التي تمسك بها حتى الاعتزال
حي البغدادية يتذكر الأسطورة ماجد عبدالله الحي الذي شهد ميلاد أحلامه قائلا :
ولدت في بيت رياضي بجوار نادي الاتحاد بحي البغدادية بجدة ذلك الحي المعروف بالعائلات الرياضية التي أنجبت الكثير من مشاهير الرياضة بالمملكة في كافة المجالات أمثال آل الراجخان وآل أبو داود وآل الكيال وآل البكر وآل الناصر وآل بافرط وآل حجازي وغيرهم
كان الحي مكاناً للكثير من الملاعب خاصة ملاعب كرة القدم التي أنجبت نجوم الثمانينات والتسعينات أمثال الغراب والنور موسى وعبدالله بكر وعبدالزراق بكر وعمر راجخان وغازي كيال وهشام بكر و عبدالله صالح و غنيمة الحربي و أبو غنم وغيرهم ..
و هو حي عريق يضم أقدم مبنى لوزارة الخارجية في المملكة الذي يعتبر اليوم أحد معالم جدة و كانت السفارات و القنصليات لمعظم دول العالم التي انتقلت إلى الرياض ولم تبق وفية للحي إلا القنصلية الإيطالية التي ما زالت في مبناها القديم ولم تغرها الأحياء الجديدة بالانتقال , السكان مازالوا يحفظون الكثير من الحكايات قبل أن ترتفع الكتل الأسمنتية مكان البيوت البسيطة لكن الساحات الواسعة التي كان الناس يجتمعون فيها و يمارس الشباب لعب كرة القدم فيها تحولت إلى ملكيات خاصة
انتقلت إلى العطايف : ولأن الأب كان لاعبا من أشهر المهاجمين ثم مدربا في نادي النصر بالرياض ، فقد انتقلت العائلة إلى حي العطايف بالرياض لتكون بجواره كانت أحاديث الأب على موائد الطعام ، وصور اللاعبين المعلقة على جدران المنزل ، و الضيوف الرياضيون الذين كانوا يحلون على البيت من وقت لآخر دوافع قوية لأن يحلم الابن بمجد رياضي ، كانت الظروف مهيأة لأن يحصل الابن على نصيب وافر من التدريب بنادي النصر الذي يعمل فيه والده كمدرب للأشبال ، كما أن مدرسة الجزائر الابتدائية التي التحق بها ماجد هيأت له الفرصة ، فقد التحق بمنتخب المدرسة كحارس مرمى وقد استمر حارساً لفترة ليست بالقصيرة و كان في بعض الأحيان يلعب مهاجماً إذا تغيب أحد المهاجمين يضع ماجد كفيه خلف رأسه راجعا بظهره إلى الوراء كأنه ينتقل إلى الزمن الماضي بجسده وهو يقول :
نزلنا في حي العطايف وانضممت لفريق الحارة وفي إحدى المرات تغيب مهاجم العمق فحللت بديلاً عنه بترشيح من المدرب وسجلت هدفين بعد فواصل من المراوغة وفاز فريق العطايف بنتيجة 3 / 1 كان اكتشافا جديدا ودّعت حراسة المرمى ولعبت كمهاجم عمق بعدها وسط تشجيع من مدربي وزملائي
ويتذكر ماجد عبدالله ويقول :
كنت حريصا على أن أكون قريبا من الملاعب ، سجلت اسمي ضمن الطلاب المشاركين في حمل الأعلام أثناء افتتاح دورة الخليج الثانية بالرياض في مطلع عام 1392هـ وحملت العلم مع زملائي ونفسي تتوق للعب في هذا الملعب في أحد الأيام
ويواصل ماجد:
غادرنا حي العطايف إلى حي آخر هو حوطة خالد بالقرب من شارع الوزير , كان ذلك متزامناً مع انتقالي للمرحلة المتوسطة ، انضممت فوراً لمنتخب المدرسة وفي نفس الوقت انضممت لفريق حواري اسمه (الاتفاق) تابعاً للحارة , كان فريق الحوطة (الاتفاق) يستعد للدخول في دوري كبير يقام بحي عتيقه إلا أن الفرق رفضت هذا الفريق نظراً لصغر سن أفراده ، ومن باب التحدي أصر أفراد فريق الاتفاق على خوض مباراة مع المرشح الأول للبطولة وهو فريق ( بن عمر الكبير ) ووافق الفريق على إقامة المباراة ، وكانت المفاجأة أن فاز فريق الاتفاق 3/1 سجلت منها هدفين , وبعد هذه المباراة وافقت الفرق على دخول فريق الاتفاق لهذا الدوري وكانت ألوان الفريق أصفر وأزرق وكانت المفاجأة إحراز هذا الفريق لبطولة دوري عتيقه للحواري .
بروشتش وأبو رجيلة
ويواصل أبو عبدالله أن لاعبي الأندية كانوا بطبيعة الحال يتابعون ويهتمون بمنافسات الحواري ، وأن لاعب النصر محمد الهديان كان من ضمن فريق (الاتفاق) ، يقول:
نصح الهديان الأمير عبدالرحمن بن سعود بسرعة تسجيلي ولاسيما أن والدي كان مدرباً في النصر ومن الأصدقاء المقربين للإدارة , كذلك قام مدرب فريق الاتفاق للحواري نصيب عوض بزيارة خاطفة للنصر قابل خلالها اللاعب الكبير خالد التركي ونصحه بسرعة تسجيلي فقام خالد التركي بدوره بالتفاهم مع الجهاز الفني بقيادة محمود أبو رجيله والمدرب الجديد بروشتش الذي تعاقد معه النصر منذ أيام للإشراف على الفريق , وحضر بروشتش وأبو رجيله للملعب الذي يؤدي فيه فريق الاتفاق تمارينه و كانا في البطحاء و شاهداني في التمارين ، وقررا فوراً ضمي للفريق
ماجد لاعباً في النصر
ويمضي ماجد الذي ما زال يذكر التفاصيل ويبتسم:
دخل المشرف الاجتماعي الفصل واستأذن المدرس في أخذي إلى الإدارة ، وهذا يعني أن هناك عقاباً لأن مديري المدارس لا يخرجون الطلاب من فصولهم أثناء الدرس إلا إذا كانت هناك مشكلة تستوجب العقاب , لكني تفاجأت بوجود والدي ومعه شخص آخر فزال مني الخوف وخاصة أني وجدت المدير يبتسم لي مشجعاً ، وأخبرني والدي بأنهم سوف يذهبون إلى المكتب الرئيسي لرعاية الشباب لتسجيلي في كشوفات نادي النصر لم أكن أتوقع أن يتحقق حلمي بأن أرتدي شعار الجزيرة العربية « شعار النصر» بهذه السرعة , وفي سجلات المكتب الرئيسي للمنطقة الوسطى وقعت و بفرحة غامرة في كشوفات نادي النصر بتاريخ 6 / 11 / 1395هـ ضمن فريق الناشئين
مأزق تعدد الفرق
ويواصل أبو عبدالله :
بعد تسجيلي بالنصر ، أحسست أنني موزع بين الحارة والمدرسة والنصر ، هذا الأمر أثر على بداية مشواري مع النادي فلم أواظب على تمارين النادي بشكل جيد ، وفي النهاية اعتذرت عن مشاركة فريق الحارة مكتفياً باللعب في المدرسة بجانب فريق النادي بعد أن ألزمت نفسي بالانتظام في التمارين , في هذه الأثناء حققت شهرة عريضة بين مدارس الرياض أثناء منافساتها لدرجة أن المباريات التي تكون مدرستي المتوسطة طرفاً فيها كانت تحضرها جماهير كبيرة من مدرسي وطلاب المدرستين المتباريتين .
مكتشف المواهب
ويسجل ماجد اعترافه بفضل بروشتش مدرب نادي النصر، فيقول :
من حسن حظي أن بروشتش كان مدرب النصر في مرحلة تسجيلي في كشوف النادي لأن هذا المدرب يعتبر من أفضل صاقلي المواهب بين مدربي الكرة في العالم وقد قام خلاف بين الأمير عبدالرحمن بن سعود يرحمه الله و بين الراحل بروشتش بخصوصي و يوسف خميس ، فالأمير عبدالرحمن يرحمه الله كان يرى أنني و يوسف قد نصبح أساسيين في الموسم التالي – أي موسم 1397هـ – بينما رأى بروشتش أننا في حاجة لبعض الوقت , وفي النهاية اتضح أن الحق مع الأمير عبد الرحمن يرحمه الله .في دورة الصداقة بالرياض
ويحكي ماجد عن طموحه باعتباره لاعبا في نادي النصر :
بعد أسبوعه الرابع و لاستضافة الاتحاد السعودي لدورة الصداقة الدولية بالرياض بالإضافة إلى استعداد المنتخب للمشاركة في دورة الخليج الرابعة بقطر عام 1396هـ تم إلغاء الدوري الممتاز لموسم 95 / 1396هـ و كان الأمير عبدالرحمن بن سعود يرحمه الله هو مدير المنتخبات حينها , كنت أتابع المنتخب وهو يخوض هذه المسابقة الدولية عن قرب من خلال المدرجات والأمل يراودني أن أرتدي الشعار الوطني في يوم من الأيام و خاصة و أنه نال من التشجيع والاهتمام الشيء الكثير .
ماجد يعسكر في لندن
و استعداداً لموسم 96/ 1397هـ سافر فريق النصر لإقامة معسكر تدريبي في لندن و قد رافق الفريق كل اللاعبين بما فيهم المستجدون والصاعدون تحت إشراف الخبير بروشتش و الأمير عبدالرحمن بن سعود و بقية أعضاء مجلس الإدارة و قد كان النصر يفضل المعسكرات الخارجية في هذه الحقبة و هناك خاض فريق النصر عدداً من اللقاءات الودية , و خاض النصر أول لقاء تجريبي مع فريق مغمور و هنا أراد المدرب أن يجربني كلاعب أساسي في هذه المباراة فسجلت الهدف الأول و خرج النصر فائزاً في تلك المباراة بنتيجة 4 / 0 و في اليوم التالي و أثناء أداء التمارين أصبت في مفصل القدم فبقيت طوال هذه الرحلة تحت العلاج إلى أن عادت البعثة إلى الرياض .
لأول مرة
و يواصل الأسطورة بدأ الموسم ومازلت أعاني من الإصابة التي لحقت بي في معسكر لندن فتارة أتدرب و تارة تعاودني الإصابة و أثناء توقف الدوري ثلاثة أسابيع قرر فريق النصر أن يلاقي فريق الفتح المغربي الذي حل ضيفاً على المملكة ، و في الربع الساعة الأخيرة من المباراة أتاح بروشتش الفرصة مجدداً لي بعد أن تحسنت حالتي فأشركني بديلاً ليعقوب مرسال ، فأبديت استعداداً جيداً كمهاجم ، كانت هذه المباراة بتاريخ 24 / 1 / 1397هـ هذا الاستعداد الطيب شجع المدرب لإشراكي في المباراة الرسمية التي جاءت بعد مباراة الفتح المغربي مباشرة و كانت أمام فريق الشباب ، حيث أشركني في الثلث الساعة الأخير من عمر المباراة و كانت النتيجة 2 /1 للنصر ، و كانت هذه المباراة بالرغم من كونها أول مباراة رسمية لي فرصة لتقديم فواصل مذهلة من المراوغة و التمريرات المتقنة أكدت أحقيتي كلاعب أساسي منذ هذا الموسم ، كانت هذه المباراة في الدور الأول من الدوري الممتاز بتاريخ 1 / 2 / 1397هـ و قد بدأت مشواري الرياضي في النصر بقميص رقمه ( 14 ) سرعان ما تغير للرقم الشهير (9)