مشاهدة طفلك للتليفزيون تعرضه للتأخر العقلي


ليلى حلاوة
التليفزيون يعيق النمو الإدراكي للأطفال تفرح بعض الأمهات أحيانا بتعلق الطفل الصغير بالتلفزيون، وتتباهى بأنه بات يعرف هذا الممثل أو تلك المغنية، وتزداد سعادتها عندما تجده ينتظر على أحرِّ من الجمر حلقة الكرتون التي يتابعها يوميا، وقد تنفرج أساريرها وينشرح صدرها أكثر عندما تجده يحاول تقليد رقصات الفيديو كليب التي تبث على مجموعة كبيرة من الفضائيات غير المسئولة.. كل هذا دون أن تدري أن تعرض الأطفال للتلفزيون أمر خطير على نموهم العقلي والمعرفي، ناهيك عن تأثرهم الشديد بطبيعة المحتوى المعروض أمامهم، سواء كان عنيفا أو حتى يميل للانحلال. وفق كل هذه المعطيات نقدم لكل أم وأب أهم نتائج مجموعة من الدراسات العربية والأجنبية التي تناولت تأثيرات التلفزيون على الأطفال، وكيف يمكن أن نحمي الصغار من مخاطر الإدمان التلفزيوني الذي يقف حجر عثرة أمام النمو الطبيعي لحواسهم.

تعويد على العنف


يقول الباحثون: كلما ازدادت مشاهدة الأطفال للتلفزيون بين سن عام و3 أعوام ارتفع خطر إصابتهم بمشكلات في قدرتهم على الانتباه والتركيز عند سن السابعة. وتوصلت الجمعية الأمريكية لعلم النفس في تسعينيات القرن العشرين إلى نتيجة مهمة، وهي أن رؤية المشاهد التي تتسم بالعنف على شاشة التلفزيون تزيد من درجة عدوانية الأطفال، ومعروف أن العنف هدف رئيسي في الإعلام الموجه للطفل، خاصة في ألعاب الكمبيوتر.
ومن آثار تلك المشاهدة على الأطفال أنه يزيد من معدل الخوف لدى الطفل وفقدانه الثقة بنفسه وبمن حوله، ويخلق لديه رد فعل مباشر عنيف لحماية نفسه من أي سلوك غير مقصود، ويكون لدى الطفل حالة من تبلد المشاعر واللامبالاة، خاصة إذا تعرض للعنف بطريقة عشوائية ومتكررة.
اللعب أيضا له وظائف متعددة كثيرة الأهمية لتطوير الأطفال الصغار؛ لهذا فإن ما يقضيه الأطفال من ساعات في مشاهدة التلفزيون يكون من شأنه حرمانهم من أهم الأنشطة التي تساعدهم على التطور والنمو، ويجعله أقل خيالا وأكثر سلبية، كما أن له علاقة بالسمنة، لذا أوصت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال عام 1999 بأن الأطفال دون الثانية ينبغي ألا يشاهدوا التلفزيون في هذه السن المبكرة.
أما أخطر ما أثبتته العديد من الدراسات أن قدرة المخ على أن يقوم بعمل معين تنمو في فترة قصيرة تسمى “نافذة الفرصة” لهذا العمل، ويحدث هذا النمو في السنوات الأولى من عمر الطفل. كما أن هناك “نافذة فرصة” خاصة بكل منطقة من مناطق المخ، فإذا لم تنمُ هذه المنطقة أصبح من الصعب على المخ -وأحيانا من المستحيل- أن يقوم بالمهام الخاصة بهذه المنطقة. وبما أن المناطق الخاصة بمخ الطفل تنمو في فترات قصيرة ومحددة، فقد حرص التربويون على أن ينبهوا الآباء والأمهات إلى أهمية الحفاظ على نضج مخ أطفالهم في هذه الفترات، ومن ثم منعهم من مشاهدة التلفزيون حتى لا يؤثر عليهم بأية تأثيرات سلبية.

مخاطر شديدة


يقول الدكتور “سبوك” -خبير تربية الأطفال- في كتابه الشهير “العناية بالطفل والرضيع” عام 1998: “إن التلفزيون وسيلة تؤدي إلى السلبية؛ لأنها لا تحتاج إلى أي نشاط ذهني من جانب المشاهد، كما أنها متناقضة تماما مع الأنشطة الإبداعية وتقلل من قدرة الأطفال على تعلم القراءة.. في رأيي، إن عدم امتلاك تلفزيون إطلاقا يمكن أن يصبح حلا منطقيا”.
وتقول الدكتورة “سهير الدفراوي” في كتابها “مخاطر التلفزيون على مخ الطفل”: إن أهم توصية يجب أخذها في الحسبان بالنسبة لطفل عمره سنتان هي ألا يشاهد التلفزيون مطلقا؛ لأن الأطفال في هذه السن يتعلمون الكلام، ويبدأ الفص الأيسر لمخ الطفل في التمايز عن الفص الأيمن، وفي هذه السن يبدأ في اكتشاف العالم من حوله عن طريق حواسه، ومن خلال اللعب يتطور مخه وتنمو مساراته، ومشاهدة التلفزيون من قبل هذا الطفل تتدخل في هذه التغييرات بصورة سلبية.
وفيما يتعلق بالأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين سنتين و6 سنوات، فإن بعض الهيئات العلمية توصي بألا يشاهد أطفال هذه المرحلة التلفزيون، وألا يلعبوا ألعاب الفيديو والكمبيوتر لأكثر من ساعة واحدة أو ساعتين على الأكثر يوميا.
وتستند هذه التوصيات إلى خطر تدخل التلفزيون في التيارات الثلاثة الأساسية التي تؤثر على نمو الأطفال وتطورهم في هذه المرحلة العمرية، وهي إدراك الأطفال أن لهم ذاتيتهم المنفصلة عن أمهاتهم وعن بيئتهم المباشرة، ورغبتهم في إيجاد طرق جديدة للتواصل مع أفراد عائلاتهم، وبدء الأطفال في تكوين الجمل والعبارات، فالتعبير اللفظي من أهم سمات هذه السن، والتليفزيون لا ينمي في المشاهد الصغير مهاراته اللفظية أو مهاراته في التعبير عن نفسه لفظيا.
وعن كيفية تفاعل الأم مع ابنها عندما يحاول بالقوة والصراخ إملاء إرادته لمشاهدة التلفزيون تقول سهير الدفراوي: إن على الأم أن تتعامل بهدوء مع طفلها بدون أن تنزلق معه إلى ساحة الصراخ والصوت العالي؛ بل تأخذ بيديه إلى ساحة الهدوء والعقل، وأن تطلب منه أن يأخذ “نَفَسًا عميقا” مرة واثنتين حتى يهدأ، وفي هذه المرحلة يجب أن تتعامل الأم مع ابنها بكثير من الحب والاهتمام والعناية؛ لتعوضه عن الأمان الذي كان يناله أثناء جلوسه أمام التلفزيون، كما يجب أن تتعامل معه بحزم حتى لا يخلط بين حبها إياه وعدم الإفراط في مشاهدة التلفزيون.

علاج الإدمان


ولكن كيف يتأقلم الطفل وأسرته مع عدم الإفراط في مشاهدة التلفزيون؟ نقول: إن هذه هي الفترة الصعبة؛ فالطفل الذي اعتاد الإفراط في مشاهدة التلفزيون يشعر بالملل وبوجود وقت فراغ، فعلى الأم أن تتذكر أن هذه الفترة الصعبة ستكون مؤقتة، فإذا تحلت بالصبر ساعدت على إنقاذ ابنها من براثن التلفزيون، وتحقيق أعظم فائدة له في المستقبل.
ويجب تذكر أن النشاط الأساسي للأطفال في هذه المرحلة يجب أن يكون اللعب؛ فعن طريق اللعب يستطيع الطفل إثارة حواسه وعقله واكتشاف عالمه الاجتماعي والعاطفي والعقلي، وفي هذه المرحلة يبدأ الأطفال الأنشطة الفنية مثل الغناء وتعلم النوتة الموسيقية، ويتعلم الطفل كيف يقسم وقته بين الأنشطة المختلفة، ويجب على الآباء قراءة الكتب لأطفالهم من 10 إلى 15 دقيقة يوميا قبل النوم، فهذا من شأنه تحفيز عقولهم وقدراتهم على التخيل، كما يشعرهم بالاهتمام والحب.
أما حينما يبلغ الطفل الذي أفرط في مشاهدة التلفزيون -على سبيل المثال- 13 عاما، يكون قد فقد الفرصة لإعطاء قدر كاف من الاهتمام لنمو نصف مخه الأيسر، ويصبح أول وأهم شيء مطلوب من الآباء والأمهات لعلاج الآثار المرضية التي سببها التلفزيون لأولادهم إدراك أن أطفالهم يعانون من مشكلة فعلية، وأن يكون للآباء والأمهات الإرادة لإيجاد حل لهذه المشكلة عن طريق مواجهتها بصراحة مع الأبناء، والعمل معهم على إيجاد حل لها.
ومساعدة هذا الطفل تتطلب منه التوقف عن مشاهدة التلفزيون والكف عن الاعتماد على صور التلفزيون الجاهزة الصنع، وتعلم كيفية تطوير الصور الداخلية في عقله، وإعداد برنامج للقراءة، ويمكن أن يبدأ بقراءة الكتب التي تحتوي على بعض الصور لينتقل بعد ذلك إلى الكتب التي لا تحتوي على صور، وفي هذه المرحلة هناك أهمية لاختيار الكتب التي من شأنها إثارة التخيل، وكذلك وضع برنامج رياضة أو موسيقى ليزيد من قدرات الطفل على الاحتمال والتركيز.
وأخيرا، فإن قدرة الإنسان على تجريد الصور والأفكار في كلمات، وهي القدرة التي تطورت ونمت لديه خلال آلاف السنين، أصبحت الآن مهددة بالضعف والتقلص بسبب المشاهدة المفرطة للتلفزيون.
إن عقل الإنسان يبني الثقافة التي تعمل على إيصال المعلومات من جيل إلى آخر، وبما أن الثقافة لا تشفر في الجينات فإنها هشة، ويمكن أن يتم إفسادها من خلال تشكيل شبكات عصبية جديدة؛ وهو الأمر الذي يفعله التلفزيون؛ حيث إنه يشكل هذه الشبكات التي ترد الإنسان إلى تفكير بدائي، ومن ثم فهي تعد نكسة في طريق تقدمه.. فهل لنا من وقفة للتفكر والمراجعة حماية لأنفسنا وأطفالنا وحفاظا على الأمانة التي أوكلها الله سبحانه وتعالى إلى الإنسان؟

منقول..

عن Saif Barakat

شاهد أيضاً

هل تعرفي أم عندها …” توأم ” ؟؟؟ تعالى قولي لنا كيف رتبت حياتها معاهم ؟؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخواتي الغاليات نبغى منكم قصص عن أي أحد تعرفوه ..امهات …