لماذا لا نبنب علاقة حميمية مع اطفالنا

للعب دور كبير في نمو شخصية الطفل وصقلها حيث يكسبه الكثير من المهارات والخبرات، ولكن هذه المسألة لا تلقى الملاحظة والاهتمام الكافيين من الوالدين؛ لانشغالهم بمتطلبات الحياة المادية.

وليس المقصود من اللعب كما يشير إليه مقالنا الاقتصار على شراء الألعاب والعرائس أو تسجيل الطفل في نواد ونشاطات رياضية فقط، إنما ما نعنيه أهمية مشاركة الوالدين لأبنائهم اللعب والنزول إلى مستواهم.. فكيف يكون ذلك؟!

عليك أن تجعل من نفسك طفلا مثل ابنك وأن تبتعد أثناء اللعب معه عن التسلط ولعب دور الشرطي، وبذلك يستطيع الطفل أن يعبر عما في نفسه فتنشأ بينك وبين طفلك علاقة فريدة تلاحظ من خلالها مدى تطوره فتعزز ذلك التطور أو تتدخل حينما تجد خللا أو قصورا للتقويم والعلاج.

تروي إحدى الأمهات تجربتها قائلة: عندما يتعلق الأمر بموضوع لعب الأطفال فإن معظم الآباء لا يولون الموضوع حقه، فقد أثبتت لي ابنتي ذات مرة أني أم فاشلة في ملاعبتها والاهتمام بهذا الجانب، فقد أمضت ذات مرة ليلة في بيت إحدى صديقاتها وقالت لي عن تلك الأمسية: “لقد قام والدا صديقتي باللعب معنا لفترة طويلة مع أن الوقت لم يكن عطلة نهاية الأسبوع..!

إن الشيء الغالب الذي أقوم به بعد تناول العشاء هو الاستلقاء على الأريكة وإذا فكرت مجرد التفكير في القيام بأي شيء آخر فإن ذلك سيبعث في نفسي الإرهاق الجسدي والعصبي وكأني كنت في سباق “مارثوني” لعدة ساعات، ومع هذا فأنا مذنبة ومقصرة في ملاعبة أطفالي”.

يوم للعب
وفي بريطانيا يقيمون بشكل سنوي مهرجانات للألعاب، حيث يصادف شهر أغسطس من كل عام مرور الذكرى السنوية لأكبر احتفال شهدته بريطانيا للعب الأطفال، وهذه هي الذكرى السابعة عشر، وكان متوقعا أن يصل عدد الأطفال الذين سيشاركون في مهرجانات الألعاب لأكثر من 100 ألف طفل، وقد تم تنظيم تلك المناسبة من قبل جمعية الأطفال بالاشتراك مع مجلس لعب الأطفال، فهذه المناسبة “يوم للعب”تروج لفكرة رائعة وهي حق الأطفال وحاجتهم للعب وتقدم الفرصة لهم ليفعلوا ذلك.

تقول البحوث إن اللعب الذي يحتوي على نوع من المجازفة والاكتشاف والتحدي، الذي يشرف عليه الكبار دون أن يمارسوا دور الشرطة على الصغار، له أهمية في نمو شخصية الأطفال كأهمية تعلم القراءة والكتابة والأعداد.

وفي بداية هذه السنة صدرت نشرة تحت عنوان” لنكن جديين في موضوع لعب الأطفال”، وهي عبارة عن مراجعة لأسس لعب الأطفال لوضع المبادئ التي سيتم من خلالها إنفاق أكثر من 200 مليون جنيه إسترليني من” صندوق الفرص الجديدة” مع تركيز أكبر على إيجاد فرص وأدوات اللعب للمعوقين والمهمشين الذين يعيشون في الأماكن الفقيرة.

وقد عرف “فرانك دوبن” ـ الذي ترأس الدورة نصف السنوية للعب الأطفال ـ اللعب بأنه: “ما يقوم به الأطفال عندما يمنحون الحرية للتعبير عن أفكارهم واهتمامهم بالطريقة التي تناسبهم”.

ويقول “تم جريل” ـ رئيس “هيئة لعب الأطفال” ـ أن اللعب يُمكّن الأطفال من اكتساب الثقة والاستقلالية، فهم لا يتعلمون المهارات الحسية وحسب، ولكنهم يتعلمون أن يصبحوا اجتماعيين وأن يحلوا المشاكل التي تواجههم وأن يتعاملوا مع النجاح والفشل” فالجميع يعتقدون أن اللعب هو جملة من الفاعلية والنشاط ولا ينطوي تحته الجلوس ساكنا لعدة ساعات أمام التلفاز دون أن يحرق الطفل أي سعرات حرارية.

صعوبات تواجهنا في اللعب مع الأطفال

تقول الدراسات إن الأغلبية العظمى من الآباء والأمهات يفهمون أهمية ما يسمى باللعب الكيفي، ومع هذا فإنهم يقحمون أولادهم بنوع من التعليم عالي التنظيم ويصرون على أن يتصرف الأولاد ويلعبوا بالطريقة التي يريدها آباؤهم وليس كيفما يريدون هم!

ومن الصعوبات الأخرى التي تواجهنا في اللعب مع الأطفال: أننا نعيش في زمن تحكمه اهتمامات البالغين المادية؛ فالوالدان يفضلان قضاء وقتهما في العمل لزيادة الدخل على أن يقضوها في اللعب مع أبنائهم.. فكل هذه الضغوط تناقض جوهر اللعب الناجح، فالأم مثلاً لديها القدرة على خلق جو اللعب والمرح الذي يسعد أبناءها، كأن تنصب خيمة للعب في غرفة النوم، تلبس العرائس أو تساعد أبناءها في ألعاب الملصقات وغيرها، على أن تكون حاضرة معهم جسدا و عقلا وروحا؛ لأنهم إن شعروا أن من يلاعبهم حاضر جسداً وغائب فكراً سيتذمرون بين الحين والآخر من عدم اهتمامه.

ويدور الاهتمام الآن حول القيام بدورات للآباء وغير الآباء من البالغين ممن يرغبون بالحضور، وتضم هذه الدروس اقتراحات حول كيفية اللعب مع الأطفال خلال مراحل عمرهم المختلفة، وتعليم البالغين كيفية اللعب، وتبدو هذه الأخبار جيدة للأطفال.

ولكن موضوع اللعب عند الأطفال لا يخلو من المشاكل والصعوبات، فعلى سبيل المثال “ليسانابت” أم لخمسة أطفال تراوح أعمارهم بين 3-15سنة، وهي تعمل كمتطوعة لتعليم الآباء الآخرين كيفية اللعب مع الأطفال.. تقول إنه من الصعب عليها أن تجد اللعبة التي يشترك فيها أبناؤها الخمسة، أو أن تجد الوقت الكافي لكل واحد منهم على حدة، ولذلك فإن كل واحد منهم يقوم بممارسة لعبته الخاصة بعد المدرسة، وغالبا ما تقوم بالترتيب للرحلات في أيام العطل.

تقول: “لقد أصبح اللعب مع الأطفال أسهل بالنسبة لي الآن، ففي بداية تجربتي مع الأمومة، وعندما كان لدي طفلان فقط لم يكن لدي شبكة عمل عائلية، ولذلك انضممت إلي بعض جماعات الأمهات والأطفال وتعلمت الكثير منهم، فاللعب مع الأطفال يتطلب من الشخص أن يكون متفتح الذهن وليست قضية سيطرة وإخضاع للأولاد، وإنما نقوم بما يريدون، فعندما كنت طفلة لم تلعب أمي معي أبداً، لذلك أتذكر كيف كنت أقوم باللعب على طريقتي الخاصة، أما الآن فإن سعادتي الحقيقية في اللعب مع أطفالي فنقوم بالكتابة والرسم والتلوين وأستمتع بجمع أطفالي من حولي في الليل وأنا أقرأ لهم قصة، ورغم أن لدي الكثير من المشاغل والأعمال لكني مع هذا أعتقد أن المهم في الأمر هو النوعية التي أقدمها لأطفالي خلال لعبي معهم وليست مسألة الكمية”.

في استطلاع تم برعاية جمعية الأطفال لقياس مـدى لعب الآباء مع الأبناء قال 72% من الآباء إنهم يلعبون مع أبنائهم يومياً، بينما قال معظم الأبناء الذين تراوح أعمارهم بين 7-12 سنة إن آباءهم نادرا ما يلعبون معهم، أو حتى إنهم لا يلعبون معهم أبداً. فمهما كانت نظرة الآباء لما يقدمونه من وقت للعب مع أطفالهم فإن هذا لا يعتبر متعة كافية لدى الأولاد.

يقول الأولاد إن الكبار يفشلون في اللعب معهم؛ لأنهم إما أن يكونوا مشغولين أو متعبين، وفي بعض الأحيان يعاف الأطفال اللعب مع الكبار إذا كانوا متسلطين أو ليس لديهم طريقة اللعب التي يسر بها الأطفال، وأحيانا يكون تفضيل اللعب مع القرين من الأسباب التي تجعل الصغار يعافون اللعب مع والديهم. قال أحد الأولاد ويبلغ السابعة: “إن اللعب مع الكبار صعب؛ لأنهم لا يملكون الخيال الذي نملكه”.

عن

شاهد أيضاً

هل تعرفي أم عندها …” توأم ” ؟؟؟ تعالى قولي لنا كيف رتبت حياتها معاهم ؟؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخواتي الغاليات نبغى منكم قصص عن أي أحد تعرفوه ..امهات …