صدقي او لا تصدقي :قلة النظافة تفيد طفلك

قلة النظافة.. هل تفيد الأطفال؟
http://www.balagh.com/woman/tefl/images/30506.jpg (http://www.balagh.com/woman/tefl/images/30506.jpg)

لعله ليس بالجديد – وإن كان يظل من الطريف – أن نلاحظ أن الأشخاص الذين ولدوا وقضوا طفولتهم في بيئات ريفية لا يتم فيها اتباع العادات الصحية المثالية يظهرون قدرة أعلي على مقاومة الأمراض مقارنة بمن ولدوا في بيئات متمدنة أو أرستقراطية.

لا يقتصر هذا الأمر على عالمنا العربي, بل إن هذه الملاحظة تتداولها أيضاً الشعوب الأوربية والأمريكية, ويوماً ما قال عالم الميكروبات الفرنسي الأشهر لويس باستير إنه يفضل أن ينشأ الطفل في بيئة أقل صحية, وظهرت في الغرب عبارة ( A little bit of dirt does you good) أي أن (قليلاً من القذارة يفيد)! ولقد استهوت هذه الفكرة بعض الباحثين وكان منهم شتراكن الذي اقترح ما يعرف بنظرية النظافة الصحية (The Hygiene Theory) في عام 1989 والتي من خلالها استنتج أن الزيادة في حدوث أمراض الحساسية المفرطة (Atopy) وضعف المناعة خلال السنوات الثلاثين السابقة لهذه النظرية يعود إلى الاهتمام المفرط في ممارسة العادات الصحية في المأكل والمشرب والنظافة الشخصية وغير ذلك من مناحي الحياة, بالإضافة إلى زيادة الاتجاه إلى تنظيم النسل والميل إلى تكوين أسر صغيرة ذات عدد أقل من الأطفال. وتفسيره في ذلك هو أن النظافة الزائدة ووجود عدد أقل من الأطفال قد ساعد على تقليل فرص تعرض الأطفال للعدوى بمسببات الأمراض من ميكروبات ومركبات ضارة مما سبب كسلاً لجهازهم المناعي وجعله أقل كفاءة في التعامل مع هذه المسببات مستقبلاً.

ارى منكم من تلوح على وجهة عبارة ” ما هذا العبث ” هل من أساس علمي?
وحقيقة فإن هناك أساسًا علميًا لهذه النظرية وهو أن التكوين الأساسي للجهاز المناعي للإنسان يحدث خلال السنوات الأولى من طفولته, وأن هذا الجهاز لديه (ذاكرة), فعند تعرض الإنسان لأحد الميكروبات المسببة للأمراض خلال الطفولة فإن ذلك يتيح للجهاز المناعي أن يتعرف على هذا الميكروب ويدبر له طرقاً مناسبة للتعامل معه والقضاء عليه, بحيث إنه عند تعرضه مستقبلاً للميكروب نفسه فإنه يقضي عليه بسهوله وسرعة فائقة لدرجة أن الشخص لا يشعر بحدوث العدوى. ومن أشهر الأمثلة على ذلك مرض الحصبة (Measles) الذي يندر أن يصاب به الإنسان أكثر من مرة واحدة في حياته, حيث إن مجرد التعرض للفيروس المسبب للمرض مرة واحدة يقي الإنسان من الإصابة بالمرض طول العمر.
ولقد بنيت فكرة إعطاء لقاحات (Vaccines) للأطفال تكون عبارة عن بضع خلايا من الميكروبات الممرضة أو سمومها يتم إضعافها وإعطاؤها للطفل على أساس أن الجهاز المناعي يكون في مرحله التكوين خلال الطفولة وأن له ذاكرة تمكنه من تسجيل خبرة التعرض للميكروب الممرض أو السم وكيفية التعامل معها. ولكن من الطريف أن نلاحظ أنه قد وجد في حالة الحصبة أن التعرض الطبيعي للفيروس المسبب للمرض يكون أفضل من إعطاء لقاح للطفل, حيث أشارت بعض الدراسات إلى أن الأطفال الذين تعرضوا للإصابة بالحصبة تكون فرصة إصابتهم بأمراض الحساسية المفرطة أقل بمعدل النصف من الأطفال الذين أعطوا لقاحاً ضد المرض.
ولقد نتج عن البحث المتصل في علوم المناعة إظهار بعض المعلومات التي قد تفسر تحسن مناعة البالغين الذين تعرضوا للملوثات في طفولتهم مقارنة بمن تربوا في بيئات شديدة الصحية, حيث وجد أن التوازن بين نوعين من خلايا الجهاز المناعي يؤثر على كفاءته في التعامل مع الأمراض, وهذان النوعان هما helper 1 T أي الخلايا (ت) المساعدة 1 (تم 1) و helper 2 T أي الخلايا (ت) المساعدة 2 (تم 2), خلايا (تم 2) تكون سائدة على (تم1) في الجنين وكذلك عقب الولادة وهي تلعب دورا في ظهور أمراض الحساسية المفرطة مثل الربو وحمى القش, بينما تساعد خلايا (تم 1) على مقاومة هذه الأمراض ويتم تقويتها من خلال التعرض لمسببات الأمراض, وبالتالي فإن التعرض المبكر للميكروبات يساعد على سيادة خلايا (تم 1) وبالتالي على زيادة مقاومة الجهاز المناعي للأمراض مع تقدم العمر.
ولقد وجد أن أغلب اللقاحات باستثناء لقاح السل تعمل علي زيادة نشاط خلايا (تم 2) وبالتالي فإنها قد تساهم في ظهور أعراض الحساسية, وهذا قد يفسر لنا ما ذكرناه سابقاً حول أفضلية التعرض الطبيعي لفيروس الحصبة عن تناول لقاح له.

مظاهر أخرى لفوائد (قلة النظافة)!
من الأمثلة التي تناولتها أيضاً الدراسات العلمية وبينت فائدة (قلة النظافة) هو أن التعرض لميكروبات الميكوبكتريا (Mycobacteria) والتي توجد في التراب والمياه غير المعاملة بمواد التطهير يساعد على الوقاية من أمراض الحساسية وبعض الأمراض الأخرى مثل النوع 1 من السكري (Type 1 diabetes), ولقد وجد أن ذلك مرتبط بتنشيط خلايا (ت) المنظمة (T regulatory cells) والتي تساعد على تحسين التوازن بين خلايا (تم 1) و(تم 2).
كذلك وجد في بعض المناطق التي يقل فيها الاهتمام بالممارسات الصحية وتنتشر فيها الإصابة بالديدان الطفيلية أن السكان يكون لديهم مناعة أكبر لمقاومة أمراض الحساسية, وإن كان تفسير ذلك وعلاقته بخلايا (تم) أو (ت) المنظمة غير واضح حتى الآن.

هذه ليست دعوة لعدم النظافة !
فبقدر ما جاءت نظرية شتراكن لتضفي طابعاً علمياً على فكرة أنه قد تكون هناك فائدة صحية من (قلة النظافة) إلا أنها أثارت قلقاً بين المتخصصين في الصحة العامة والأمراض المعدية (Infectious diseases) فوجود هذه النظرية من دون تفسير لما هو المقصود بـ (قلة النظافة) قد يثير بعض الالتباس عند العامة ويساهم في إهمال النظافة والصحية في ممارستنا الحياتية بشكل قد يساعد على زيادة انتشار الأمراض, ولذلك قامت بعض المؤسسات الصحية في أوربا بإعداد كتيبات للتأكيد على أهمية وكيفية أداء الممارسات الصحية في المأكل والملبس والمسكن وغير ذلك.وبصفة عامة فإن علينا أن ندرك أن النظافة والتطهير أساسيان للوقاية من الأمراض, وإذا كانت قلة النظافة للأطفال تساعد على الوقاية من أمراض الحساسية المفرطة, إلا أنها قد تتسبب في حدوث أمراض معوية وتنفسية خطيرة, ومن ناحية أخرى فإن التعرض لميكروب ما ممرض ليس بالضرورة أن يكون مرادفاً لحدوث المرض أو الوقاية منه مستقبلاً حيث إن ذلك يعتمد على عدة عوامل من ضمنها الأعداد الحية من الميكروب أو الجرعة من إفرازاته السامة التي يتعرض لها الجسم, ولحسن الحظ فإنه غالباً ما تكون الجرعة اللازمة لحدوث المرض مرتفعة ولا يتعرض لها الإنسان إلا في حالات التلوث والقذارة الشديدين, بينما التعرض لأعداد أو جرعات منخفضة من مسببات الأمراض خلال الطفولة قد يقوي الجهاز المناعي ويساهم في الوقاية من الأمراض فيما بعد, وهذا يحدث مع الممارسات الصحية المعتادة حيث إنه لا توجد أي طرق للتنظيف والتطهير تضمن التخلص التام من جميع الميكروبات.وبالتالي فإن ما يمكننا الاستفادة منه من خلال الحقائق العلمية السابق توضيحها في هذا المقال هو أنه يجب عدم المبالغة أوالإفراط في الممارسات الصحية والتخلص مما يعرف بـ (الوسوسة) عند بعض الأشخاص حيث إن علينا أن نفهم أننا لا نستطيع التخلص من جميع الميكروبات أو المركبات الملوثة, وفي الوقت نفسه فإن التعرض لأعداد قليلة منها أثناء فترة الطفولة قد يكون مهمًا لتنشيط الجهاز المناعي وجعله أكثر قدرة على مقاومة الأمراض.

وفي النهاية نريد ان نؤكد مرة اخرى ان هذه ليست دعوة لعدم النظافة وترك الاطفال في بيئة غير نظيفة بحجة اننا نريد ان نحصنهم ولكن المقصود هو ترك وسواس النظافة وعدم المبالغة في تعقيم حاجيات الطفل وملابسه وغير ذلك والاكتفاء بالانتباه للنظافة بالمستوى العادي الطبيعي ..

ولكي اوضح لكم ما أريد ان اقوله حتى لا اتهم من قبل البعض بأي ادعو والعياذ بالله لترك النطافة سأسرد لكم قصة غريبة قصتها علي إحدى صديقاتي التي تعمل طبيبة اطفال حيث فوجئت ام تثتغيث بها حيث ان طفلها يعاني من حساسية وطفح جلدي شديد واقسمت الام انها تقوم بتنظيف طفلها جيدا بل بشكل هستيري فمن اين اتت الحساسية .. وبعد الفحص والمناقشة مع الام عن العادات التي تفعلها اكتشفت الطبيبة ان الام لديها هوس بالنظافة انها تعقم جلد طفلها والاشياء التي يستعملها بشكل مبالغ فيه بل وترفض ان تخرجه من المنزل خوفا من ان يتعرض للهواء الجوى الملوث وغيرها من الممارسات التي تعقم بها طفلها تعقيم عام .. إلى ان اضطرت يوما للخروج بالطفل بل والمكوث طيلت اليوم بالشارع فبالتالي هاجمت الفيروسات الموجودة بالجو جسدة الصغير الغير معد لذلك مما سبب له هذه الحساسية الشديدة .

ولعلي من تلك القصة اكون قد اوصلت لكم ما اريد ان اقوله بأن الهوس بالنظافة ليس شيئا حميدا كما هو الحال في ترك النظافة .. وأو كما يقال خير الأمور اوسطها .

مع تمنياتي لكم ولاطفالكم بدوام الصحة
شموسة :frashagir
المادة العلمية منقووولة

عن satumi mekage

شاهد أيضاً

هل تعرفي أم عندها …” توأم ” ؟؟؟ تعالى قولي لنا كيف رتبت حياتها معاهم ؟؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخواتي الغاليات نبغى منكم قصص عن أي أحد تعرفوه ..امهات …