حجــــــابي عفــــافي









http://www.*******.com/picup/uploads/d554818926.gif

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.. وبعد:

إن ما يميز شريعة الله جل وعلا عن القوانين الأرضية والنظم العلمانية؛ أنها صالحة لكل زمان ومكان،

فليس هناك زمان إلا وشريعة الله سبحانه تصلح له، وليس ثمة مكان إلا ودين الله يصلح له؛ ذلك لأنها ربانية المصدر،

ربانية الأحكام، مما يجعلها منزهة عن العيب والخطأ والزلل. فمهما تطورت أنماط حياة الإنسان، ومهما تغيرت أشكالها سلبا أو إيجابا ؛

فإن الإسلام بثوابته الربانية قادر على السير بالإنسان نحو السعادة والهناء بما يتضمنه من الوحي الإلهي الذي يحمل للناس

حلول المشاكل كلها على مر الأزمان.

لذلك فدين الله الذي أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم ثابت لا يقبل التغيير أو التبديل،

قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا } (3) سورة المائدة

فما أحله الإسلام هو الحلال، وما حرمه هو الحرام، ولا يحل لمؤمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يغير أحكام الله سبحانه

ليجعلها مواكبة لعصر من العصور، مهما كان شأنه وعلا كعبه!

فقضية الحجاب مثلاً،

قد فصل القرآن الكريم حكمها تفصيلا شافياً كافياً منذ زمن بعيد، ورغم الوضوح والبيان الذي تناول به القرآن الكريم والسنة النبوية قضية الحجاب

إلا أننا لا نزال نسمع هنا وهناك نقاشات بيزنطية صارخة عن وجوب الحجاب!

ولا نزال نرى كثيراً من المسلمات قد أبين اللحاق بقافلة الستر والعفاف، وأبين إلا مواكبة الانزلاق في متاهات التبرج والانحلال،

ومن الغريب العجيب أن نرى بين هؤلاء وأولئك، فرقة لم تنكر وجوب الحجاب في حقها، ولم ترض بالتبرج لبساً لها،

لكنها طورت مفهوم الحجاب تطويراً عجيباً يواكب- في رأيها- حضارة العصر. فهو مزيج بين التبرج والحجاب..

وإن شئت فقل: هو حجاب جديد

وما هو في الحقيقة إلا تبرج جديد، لأن الحجاب واحد، والتبرج أشكال! ونحن هنا نتتطرق لمفهوم الحجاب كما قرره الإسلام

ونصف التبرج وأشكاله؛ ليبقى الحجاب في مأمن من عبث العابثين وتبديل المنهزمين، إذ أحكام الله لا تخضع لانهزام النفوس،

فلا جديد في الحجاب!

هذا هو الحجاب

لقد شهدت الحقبة الأخيرة من هذا العصر عودة محمودة إلى الدين، وأصبحت قضية الحجاب مثارة في كثير من البلدان بما فيها بلاد الكفر..

ولكن تلك العودة تفتقد في كثير من الأحيان إلى التأصيل الشرعي لكثير من القضايا والأحكام الشرعية.

ومن هنا كان التعريف بالحجاب وإدراك حقيقته ومعناه مهما في الحد من ظاهرة التبرج المقنع، إذ بضدها تتميز الأشياء.

فإليك أختي المسلمة مفهوم الحجاب كما قرره الإسلام:

مفهوم الحجاب

في اللغة:
الحجاب في اللغة هو المنع من الوصول، ومنه قيل للستر الذي يحول بين الشيئين: حجاب؛ لأنه يمنع الرؤية بينهما.

وسمي حجاب المرأة حجاباً لأنه يمنع المشاهدة .

ولقد وردت مادة (حجب) في القرآن الكريم في ثمانية مواضع تدور كلها بين الستر والمنع.فمن ذلك:

قال تعالى: {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} (32) سورة ص أي: احتجبت وغابت عن البصر لما توارت بالجبل أو الأفق.

وقال تعالى:{وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ } (46) سورة الأعراف

وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ } (51) سورة الشورى ، أي من حيث لا يراه.

وقال تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} (15) سورة المطففين ، أي مستورون فلا يرونه.

وقال تعالى: {فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا} (17) سورة مريم ، أي ستارا.

وقال تعا لى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ} (53) سورة الأحزاب ، أي من وراء ساتر مانع للرؤية.

ومن هنا نعلم أن مفهوم الحجاب في الاصطلاح اللغوي هو الستر، وهو وإن دل على المنع فإن الستر داخل في مفهوم المنع بالتضمن.

فالمنع يتضمن الستر.

في الشرع: الحجاب هو حجب المرأة المسلمة من غير القواعد من النساء عن أنظار الرجال غير المحارم لها .

أختي المسلمة: إذا تأملت دلالة الحجاب من حيث اللغة والشرع تبين لك أن غاية الحجاب هو الستر عن أنظار الرجال الأجانب،

وأن المقصود من ذلك هو صيانة المرأة المسلمة والحفاظ على عفافها وطهارتها،

ومن أجل تحقيق هذه الغاية فقد جعل الإسلام للحجاب شروطاً واضحة تميزه وتحدد مواصفاته الشرعية،

فإذا تخلف شرط واحد متفق على وجوبه لم يعد الحجاب شرعياً بل هو تبرج وسفور أياً كان شكله ووصفه

ومن هنا كان واجباً على كل امرأة مسلمة أن تكون عالمة بشروط الحجاب وأوصافه حتى تعبد الله على بصيرة وعلم.شروط الحجاب الشرعي

وأما شروط الحجاب الشرعي فهي كالتالي:

1- أن يكون ساتراً لجميع البدن.
ومن أدلة استيعاب الحجاب لجميع بدن المرأة: قول الله جل وعلا:

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} (59) سورة الأحزاب.

قال القرطبي رحمه الله: لما كانت عادة العربيات التبذل، وكن يكشفن وجوههن كما يفعل الإماء، وكان ذلك داعية إلى نظر الرجال إليهن،

وتشعب الفكر فيهن، أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمرهن بإرخاء الجلابيب عليهن إذا أردن الخروج إلى حوائجهن .

وقال رحمه الله في تفسير الجلباب في قوله تعالى: {مِن جَلَابِيبِهِنَّ }: والصحيح أنه الثوب الذي يستر جميع البدن .

فعليك أختي المسلمة: بالحرص على أن يكون حجابك ساتراً لجميع بدنك لما في ذلك من البعد عن الشبهات وقطع الطريق عن الفساق

الذين يتربصون ببنات المسلمين في هذه الأزمان لاسيما وأن مقتضى الورع والحشمة هو الستر والاحتجاب الكامل عن أنظار الرجال الأجانب

وبالله التوفيق.

2- أن لا يكون الحجاب في نفسه زينة: لأن الغاية من الحجاب هو تحصيل الستر والعفاف، فإذا كان الحجاب زينة مثيرة،

فقد تعطلت بذلك الغاية منه. ولذلك نهى الله جل وعلا عن ذلك فقال: { وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا }(النور:31)

فإبداء زينة الحجاب من التبرج المنهي عنه شرعاً، قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} (الأحزاب: 33)


3- أن يكون واسعاً غير ضيق:
لأن اللباس الضيق يناقض الستر المقصود من الحجاب،

لذلك إذا لم يكن لباس المرأة المسلمة فضفاضاً فهو من التبرج المنهي عنه، إذ إن عورة المرأة تبدو موصوفة بارزة،

ويظهر حجم الأفخاذ والعجيزة ظهوراً كاملاً كما تظهر مفاصل المرأة مفصلاً مفصلاً وهذا كله يوجب تعلق النفوس الخبيثة والقلوب المريضة.

فعن أسامة بن زيد قال: كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبطية كثيفة كانت مما أهداها دحية الكلبي، فكسوتها امرأتي،

ففال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مالك لم تلبس القبطية؟ ” قلت: يا رسول الله، كسوتها امرأتي،

فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مرها فلتجعل تحتها غلالة إني أخاف أن تصف حجم عظامها”.

وعن أم جعفر بنت مقعد بن جعفر أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت:

(( يا أسماء إني قد استقبحت ما يصنع بالنساء أن يطرح على المرأة الثوب فيصفها))

فقالت أسماء: يا ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أريك شيئاً رأيته بالحبشة؟ فدعت بجرائد رطبة، فحنتها ثم طرحت عليها ثوباً،

فقالت فاطمة: “ما أحسن هذا وأجمله تعرف به المرأة من الرجل فإن مت أنا فاغسليني أنت وعلي، ولا يدخل علي أحد

” فلما توفيت غسلها علي وأسماء رضي الله عنهما)).

قال الألباني- رحمه الله- تعليقاً على الحديث: فانظر إلى فاطمة بضعة النبي صلى الله عليه وسلم كيف استقبحت أن يصف الثوب المرأة وهي ميتة،

فلا شك أن وصفه إياها وهي حية أقبح وأقبح، فليتأمل في هذا مسلمات هذا العصر اللاتي يلبسن من هذه الثياب الضيقة ثم يستغفرن الله تعالى،

وليتبن إليه وليذكرن قوله صلى الله عليه وسلم: “الحياء والإيمان قرنا جميعاً، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر “.

فعليك أختي المسلمة باقتفاء أثر أمهات المؤمنين فإن فيه صلاح الدنيا والدين وإياك والاغترار بما عليه جموع المتأخرين.

فكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف

4- أن يكون صفيقاً لا يشف: فثياب المرأة إذا لم يكن صفيقاً فإنه يجسد جسمها ومواضع الفتنة فيها،

وكذلك إذا كان شفافاً فإنه يبرز وجهها ولون بشرتها ويخالف الستر الذي هو غاية الحجاب.

وقد ورد وعيد شديد في النساء اللواتي يلبسن مثل هذه الألبسة التي هي أشبه بالعري إن لم تكن فتنتها أشد.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( صنفان من أهل النار لم أرهما،

قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة،

لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا” [رواه مسلم].

قال ابن عبد البر رحمه الله: “أراد صلى الله عليه وسلم من النساء اللواتي يلبسن من الثياب الشيء الخفيف الذي يصف ولا يستر،

فهن كاسيات بالاسم، عاريات في الحقيقة” .

5- أن لا يكون مبخراً ولا مطيباً: وقد وردت أحاديث كثيرة في تحريم خروج المرأة متعطرة،

فمن ذلك ما رواه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية” .

وعن زينب الثقفية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إذا خرجت إحداكن إلى المسجد فلا تقربن طيباً)) [رواه مسلم والنسائي].

ومن الواضح أن المرأة إذا خرجت مستعطرة فإنها تحرك داعية الشهوة عند الرجال، لذلك ورد التحريم في ذلك قطعاً لدابر الفتنة

وحفاظاً على طهارة المجتمع.

ومن تأمل حديث زينب وجد أن التحريم متعلق بالخروج إلى المسجد، وهو مكان طهارة وعبادة فما بال مريدة السوق والشوارع وغيرها.

6- أن لا يشبه لباس الرجال: لقوله صلى الله عليه وسلم: “ليس منا من تشبه بالرجال من النساء ولا من تشبه بالنساء من الرجال ” .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل ” .

وهذه الأحاديث نص في تحريم التشبه مطلقاً بالرجال سواء في اللباس أو في غيره، ومن هنا كان على المرأة المسلمة

أن تحرص عن الابتعاد عن التشبه بالرجال في لباسها سواء كانت في البيت أو في خارج البيت لا سيما في عصرنا هذا،

حيث اختلطت الأمور ولم يعد المسلم يميز في كثير من بلاد المسلمين بين الرجل والمرأة، لشدة التشبه بينهما في اللباس،

وقد اكتسحت هذه الموجة جموعاً من المحجبات، فصرن يلبسن من ثياب الرجال تحت عباءاتهن مما يسقطهن في هذا المحظور والله المستعان.

7- أن لا يشبه لباس الكافرات: وذلك بأن تفصل المرأة المسلمة لباسها تفصيلاً يتنافى مع حكم الشرع وقواعده في موضوع اللباس،

ويدل على تفاهة في العقل وفقدان للحياء مما ظهر في هذا العصر وانتشر باسم الموديلات التي تتغير من سيئ إلى أسوأ،

وكيف ترضى امرأة شرفها الله بالإسلام ورفع قدرها، أن تكون تابعة لمن يملي عليها صفة لباسها، ممن لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر.

فاحذري أختي المسلمة: أن تتشبهي باليهود والنصارى أو غيرهم من المشركين في ملابسهم؛

لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال( من تشبه بقوم فهو منهم)). وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال:

“رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم علي ثوبين معصفرين فقال: إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها”.

8- أن لا يكون لباس شهرة: ولباس الشهرة هو الذي تلبسه المرأة لإلفات وجوه الناس إليها، سواء كان هذا الثوب رفيعا أو وضيعا،

لأن علة التحريم هي تحقق الشهرة في الثياب، فقد روي عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

” من لبس ثوب شهرة في الدنيا، ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة، ثم ألهب فيه نارا .

فاحذري أختي المسلمة، من الوقوع في هذا المحظور، فإن الحجاب الواجب لا يتحقق إلا باستكمال هذا الشرط الذي غفل عنه كثير من المسلمات

إذ يظن كثير منهن أن تفرد الثوب بوصف يجعله مشتهراً بين الناس ليس من المحظور في لبس الحجاب،

ولذلك تفشت ظاهرة التنافس في مثل هذا اللباس والله المستعان.

أختاه: فهذه الشروط الثمانية هي الشروط المعتبرة عند العلماء في الحجاب، فإذا رمت الستر والعفاف والحشمة والحياء،

وطاعة الله ورسوله، فعليك بمراعاتها في حجابك، فإن الحجاب لا يمكن أن يكون حجاباً إلا إذا استوفى تلك الشروط.


الحجاب لماذا ؟؟

د.محمد بن أحمد بن إسماعيل المقدم

الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالكِ يوم الدين , والعاقبة للمتقين , ولا عدوان إلا على الظالمين .
اللهم صلِ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد , وعلى آله وصحبه أجمعين .

أما بعدُ:……..

فقد لقيت المرأة المسلمة من التشريع الإسلامي عناية فائقة , كفيلة بأن تصون عفتها , وتجعلها عزيزة الجانب , سامية المكانة , وإن القيود التي فُرضت عليها في ملبسها وزينتها لم تكن إلا لسد ذريعة الفساد الذي ينتج عن التبرج بالزينة , فما صنعه الإسلام ليس تقيدًا لحرية المرأة , بل هو وقاية لها أن تسقط في دَرَكِ المهانة , وَوَحْل الابتذال , أو تكون مَسْرحًا لأعين الناظرين

وفي هذه العُجالة نذكر فضائل الحجاب للترغيب فيه , والتبشير بحسن عاقبته , وقبائح التبرج للترهيب منه , والتحذير من سوء عاقبته في الدنيا والآخرة , والله سبحانه وتعالى من وراء القصد , وهو حسبنا ونعم الوكيل .

***

فضائل الحجاب

الحجاب طاعة لله عزَّ وجلَّ
وطاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم

أوجب الله تعالى طاعته وطاعةَ رسولِه صلى الله عليه وسلم فقال : {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا} (36) سورة الأحزاب .

وقال عز وجل : {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} (65) سورة النساء .

وقد أمر الله سبحانه وتعالى النساء بالحجاب , فقال عز وجل : {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } (31) سورة النــور.

وقال سبحانه : {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } (33) سورة الأحزاب , وقال تبارك وتعالى : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } (53) سورة الأحزاب .

وقال تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ } (59) سورة الأحزاب .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم -: ” المرأة عورة ” [ صحيح] , يعني أنه يجب سترها.

الحجاب عفة

فقد جعل الله تعالى التزام الحجاب عنوان العفة , فقال تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ} (59) سورة الأحزاب , لتسترهن بأنهن عفائف مصونات { فَلَا يُؤْذَيْنَ } (59) سورة الأحزاب , فلا يتعرض لهن الفُساق بالأذى , وفي قوله سبحانه : { فَلَا يُؤْذَيْنَ } إشارة إلى أن في معرفة محاسن المرأة إيذاءً لها , ولذويها بالفتنة والشر .

ورخَّصَ تبارك وتعالى للنساء العجائز اللائي لم يبق فيهن موضع فتنة في وضع الجلابيب , وكشف الوجه والكفين , فقال عزَّ وجلَّ : {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ } (60) سورة النــور , أي إثم { أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ } (60) سورة النــور , ثم عَقَّبه ببيان المستحب والأكمل , فقال عز وجل : { وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ } باستبقاء الجلابيب { خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (60) سورة النــور , فوصف الحجاب بأنه عفة , وخير في حق العجائز فكيف بالشابات؟

الحجاب طهارة

قال سبحانه : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } (53) سورة الأحزاب , فوصف الحجاب بأنه طهارة لقلوب المؤمنين والمؤمنات , لأن العين إذا لم تَرَ لم يَشْتَهِ القلبُ , أما إذا رأت العين : فقد يشتهي القلب , وقد لا يشتهي , ومن هنا كان القلب عند عدم الرؤية أطهر , وعدم الفتنة حينئذ أظهر , لأن الحجاب يقطع أطماع مرضى القلوب { فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ } (32) سورة الأحزاب .

الحجاب ستر

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن الله تعالى حيِيٌّ سِتِّيرٌ , يحب الحياء والستر ”
( صحيح) , وقال صلى الله عليه وسلم (( أيما امرأةٍ نزعت ثيابها في غير بيتها , خَرَقَ الله عز وجل عنها سِتْرَهُ )) ( صحيح ) , والجزاء من جنس العمل .

الحجاب تقوى

قال الله تعالى : {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ } (26) سورة الأعراف

الحجاب إيمان

والله سبحانه وتعالى لم يخاطب بالحجاب إلا المؤمنات , فقد قال سبحانه : {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ } (31) سورة النــور , وقال عز وجل : { وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ } (59) سورة الأحزاب , ولما دخل نسوة من بني تميم على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها , عليهن ثياب رِقاق , قالت: ( إن كنتن مؤمنات فليس هذا بلباس المؤمنات , وإن كنتن غير مؤمناتٍ , فتمتعن به ).

الحجاب حياء

وقد قال صلى الله عليه وسلم : (( إن لكل دين خُلُقًا , وخُلُقُ الإسلام الحياء )) . [ صحيح ] وقال صلى الله عليه وسلم: (( الحياءُ من الإيمان , والإيمان في الجنة )).[ صحيح ] وقال صلى الله عليه وسلم: (( الحياء والإيمان قُرِنا جميعاً , فإذا رُفِعَ أحدُهما, رُفِعَ الآخرُ)). [ صحيح ] وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: ” كنت أدخل البيت الذي دُفِنَ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي رضي الله عنه واضعةً ثوبي , وأقول: ( إنما هو زوجي وأبي ) , فلما دُفن عمر رضي الله عنه , والله ما دخلته إلا مشدودة عليَّ ثيابي , حياءً من عمر رضي الله عنه. (صححه الحاكم على شرط الشيخين ).
ومن هنا فإن الحجاب يتناسب مع الحياء الذي جُبِلت عله المرأة.

الحجاب غَيْرَةٌ

يتاسب الحجاب أيضاً مع الغَيرة التي جُبل عليها الرجلُ السَّوِيُّ , الذي يأنف أن تمتد النظراتُ الخائنة إلى زوجته وبناته , وكم من حروب نشبت في الجاهلية والإسلام غيرةً على النساء , وحَمِيَّةً لحرمتهن , قال عليٌّ رضي الله عنه : ( بلغني أن نسائكم يزاحمن العُلُوجَ – أي الرجال الكفار من العَجَم – في الأسواق , ألا تَغارون ؟ إنه لا خير فيمن لا يَغار).

صيد الفوائد

قبائح التبرج

التبرج معصية لله ورسولهِ صلى الله عليه وسلم

ومن يعص الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يَضُرُّ إلا نفسه , ولن يَضُرَّ الله شيئًا , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى ” , فقالوا : يا رسول الله من يأبى ؟ قال : ” من أطاعني دخل الجنة , ومن عصاني فقد أبى ” . (البخاري).

التبرج كبيرةٌ مُهْلِكة

جائت أميمة بنت رقيقة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تباعيه عللى الإسلام , فقال : ” أُبايعك على أن لا تُشركي بالله , ولا تسرقي , ولا تزني , ولا تقتلي وَلَدَكِ , ولا تأتي ببهتان تفترينه بين يديك ورجليك , ولا تَنُوحي ولا تتبرجي تبرج الجاهلية الأولى ” [صحيح] , فقرن التبرج بأكبر الكبائر المهلكة.

التبرج يجلب اللعن
والطرد من رحمة الله

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” سيكون في آخر أمتي نساءٌ كاسيات عاريات , على رؤوسهن كأسْنِمَةِ البُخْت , العنوهن , فإنهن ملعونات ” [صحيح] , والبُخْتُ: نوع من الإبل.

التبرج من صفات أهل النار

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” صنفان من أهل النارلم أَرَهُمَا : قوم معهم سِياطٌ كأذناب البقر يضربون بها الناس , ونساء كاسيات عاريات , مُمِيلاتٌ مائلات , رؤوسهن كأسنمة البُخْتِ المائلة , لا يدخلن الجنة , ولا يجدن ريحها , وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ” .[ مسلم ]

التبرج سواد وظلمة يوم القيامة

رُوِيَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ” مَثَلُ الرافلةِ في الزينة في غير ِ أهلِها , كمثل ظُلْمَةٍ يومَ القيامة , لا نورَ لها ” [ضعيف] , يريد أن المتمايلة في مِشيتها وهي تجر ثيابها تأتي يوم القيامة سوداء مظلمة كأنها متجسدة من ظُلْمَةٍ , والحديث وإن كان ضعيفاً_ لكن معناه صحيح , وذلكلأن اللذة في المعصية عذاب , والراحة نَصَب , والشِّبَعَ جوع , والبركةَ مَحْقٌ , والطِّيبَ نَتْنٌ , والنورَ ظُلمة , بعكس الطاعات فإن خُلُوفَ فم الصائم , ودم الشهيد أطيبُ عند الله من ريح المِسْكِ .

التبرج نفاق

فقد قال صلى الله عليه وسلم : ” خير نسائكم الودود , الولد , المواتية , المواسية , إذا اتقين الله , وشر نسائكم المتبرجات المتخيِّلات , وهن المنافقات , لا يدخلن الجنةَ منهن إلا مثلُ الغراب الأعصم ” [صحيح] , والغراب الأعصم: هو أحمر المنقار والرجلين , وهو كناية عن قلة مَن يدخل الجنة مِن النساء , لأن هذا الوصف في الغِربان قليل .

التبرج تهتك وفضيحة

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” أَيُّما امرأةٍ وضعت ثيابها في غير بيت زوجها , فقد هتكت سِتْرَ ما بينها وبين الله عز وجل “. [صحيح] .

التبرج فاحشة

فإن المرأة عورة , وكشف العورة فاحشة ومقت , قال تعالى: {وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (28) سورة الأعراف , والشيطان هو الذي يأمر بهذه الفاحشة: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء} (268) سورة البقرة .
والمتبرجة جرثومة خبيثة ضارة تنشر الفاحشة في المجتمع الإسلامي , قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (19) سورة النــور .

التبرج سنة إبليسية

إن قصة آدم وحواء مع إبليس تكشف لنا مدى حرص عَدُوِّ الله إبليسَ على كشف السوءات , وهتك الأستار , وإشاعة الفاحشة , وأن التهتك والتبرج هدف أساسي له , قال الله عز وجل: {يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا} (27) سورة الأعراف.
فإبليس إذن هو مؤسس دعوة التبرج والتكشف , وهو زعيم زعماء ما يسمى بتحرير المرأة , وهو إمام كُلِّ مَن أطاعه في معصية الرحمن , خاصة هؤلاء المتبرجات اللائي يؤذين المسلمين , وَيَفْتِنَّ شبابهم , قال صلى الله عليه وسلم : ” ما تركتُ بعدي فتنةً هي أَضَرُّ على الرجال من النساء ” . [ متفق عليه ] .

التبرج طريقة يهودية

لليهود باع كبير في مجال تحطيم الأمم عن طريق فتنة المرأة , ولقد كان التبرج من أمضى أسلحة مؤسساتهم المنتشرة , وهم أصحاب خبرة قديمة في هذا المجال , حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” فاتقوا الدنيا , واتقوا النساء , فإن أول فتنةِ بني إسرائيل كانت في النساء “[مسلم]
وقد حكت كتبهم أن الله سبحانه عاقب بنات صِهْيَوْنَ على تبرجهن , ففي الإصحاح الثالث من سِفر أشعيا: ( إن الله سيعاقب بناتِ صِهْيَوْنَ على تبرجهن , والباهاتِ برنين خلاخيلهن , بأن ينزعَ عنهن زينةَ الخلاخيل , والضفائر , والأهلة , والحِلَقِ , والأساور , والبراقع , والعصائب ) .
ومع تحذير رسول الله صلى الله عليه وسلم من التشبه بالكفار , وسلوك سبلهم خاصة في مجال المرأة , فإن أغلب المسلمين خالفوا هذا التحذير , وتحققت نبؤة رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” لتتبعن سَنَنَ مَن كان قبلكم شبرًا بشبر , وذراعًا بذراع , حتى لو دخلوا جُحْرَ ضَبٍّ لتبعتموهم ” , قيل: اليهود والنصارى؟ قال: ( فمن؟ ). [متفق عليه]
فما أشبه هؤلاء اللاتي أطعن اليهود والنصارى , وَعَصَيْنَ الله ورسوله بهؤلاء اليهود المغضوب عليهم الذين قابلوا أمر الله بقولهم: (( سمعنا وعصينا )) , وما أبعدَهن عن سبيل المؤمنات اللاتي قلن حين سمعن أمر الله: (( سمعنا وأطعنا )) !
قال تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا} (115) سورة النساء

التبرج جاهلية منتنة

قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} (33) سورة الأحزاب.
وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم دعوى الجاهلية بأنها منتنة أي خبيثة , وأَمَرَنَا بنبذها , وقد جاء في صفته صلى الله عليه وسلم في التوراة أنه{ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} (157) سورة الأعراف , الأية.
فدعوى الجاهلية شقيقة تبرج الجاهلية , كلامها منتن خبيث , حَرَّمَه علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم , وقال صلى الله عليه وسلم: ” كل شيء من أمر الجاهلية موضوع تحت قَدَمَيَّ ” [ متفق عليه ] سواء في ذلك: تبرج الجاهلية , ودعوى الجاهلية , وحكم الجاهلية , وربا الجاهلية.

التبرج تخلف وانحطاط

إن التكشف والتعري فطرة حيوانية بهيمية , لا يميل إليها الإنسان إلا وهو ينحدر ويرتكس إلى مرتبة أدنى من مرتبة الإنسان الذي كرمه الله وأنعم عليه بفطرة حُبِّ السِّتر والصيانة , وإن رؤية التبرج والتهتك والفضيحة جمالاً ما هي إلا فساد في الفطرة وانتكاس في الذوق , ومؤشر على التخلف والانحطاط .
ولقد ارتبط ترقي الإنسان بترقيه في ستر جسده , فكانت نزعة التستر دوماً وليدة التقدم , وكان ستر المرأة بالحجاب يتناسب مع غريزة الغيرة التي تستمد قوتها من الروح , أما التحرر عن قيود السِّتر فهو غريزة تستمد قوتها من الشهوة التي تغري بالتبرج والاختلاط , وكل من قنع ورضي بالثانية فلابد أن يضحي بالأولى حتى يُسْكِتَ صوت الغيرة في قلبه , مقابل ما يتمتع به من التبرج والاختلاط بالنساء الأجنبيات عنه , ومن هنا كان التبرج علامة على فساد الفطرة , وقلة الحياء , وانعدام الغيرة , وتبلد الإحساس , وموت الشعور:

لِحَدَّ الركبتين تُشَمِّرِينا *** بِرَبِّكِ أيَّ نهرِ تَعْبُرِينا.
كأنَّ الثوبَ ظِلِّ في صباحٍ *** يزيد تَقَلُّصًا حينًا فحينا.
تَظُنِّينَ الرجالَ بلا شعورٍ *** لأنكِ ربما لا تَشْعُرِينا.

التبرج باب شر مستطير

وذلك لأن من يتأمل نصوص الشرع , وعِبَرَ التاريخ يتيقن مفاسد التبرج وأضراره على الدين والدنيا , ولا سيما إذا انضم إليه الاختلاط المستهتر.
فمن هذه العواقب الوخيمة:
تسابق المتبرجات في مجال الزينة المحرمة لأجل لفت الأنظار إليهن , مما يُتْلِفُ الأخلاقَ والأموال , ويجعل المرأة كالسلعة المهينة الحقيرة المعروضة لكل من شاء أن ينظر إليها.
ومنها: فساد أخلاق الرجال خاصة الشباب , خاصة المراهقين , ودفعهم إلى الفواحش المحرمة بأنواعها .
ومنها: تحطيم الروابط الأسرية , وانعدام الثقة بين أفرادها , وتفشي الطلاق .
ومنها: المتاجرة بالمرأة كوسيلة دعاية أو ترفيه في مجالات التجارة وغيرها .
ومنها: الإساءة إلى المرأة نفسِها , باعتبار التبرج قرينةً تشير إلى سوء نيتها , وخبث طويتها , مما يعرضها لأذية الأشرار والسفهاء .
ومنها: انتشار الأمراض : قال صلى الله عليه وسلم: ” لم تظهر الفاحشة في قومٍ قَطُّ حتى يُعْلِنوا بها إلا فشا فيهم الطاعونُ والأوجاعُ التي لم تكن في أسلافهم الذين مَضَوْا ” [صحيح] ومنها: تسهيل معصية الزنا بالعين , قال صلى الله عليه وسلم: ” العينان زناهما النظر ” [مسلم] , وتعسير طاعة غض البصر التي أُمِرْنا بها إرضاءً لله سبحانه وتعالى .
ومنها: استحقاق نزول العقوبات العامة التي هي قطعًا أخطر عاقبة من القنابل الذرية , والهزات الأرضية , قال تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} (16) سورة الإسراء , و قال صلى الله عليه وسلم: ” إن الناس إذا رأوا المنكر , فلم يُغَيِّروه أوشك أن يَعُمَّهم الله بعذاب ” . [صحيح]

صيد الفوائد



عن linaalhomaili

شاهد أيضاً

للتفاؤل طــاقه عجيبه وغـــداً مشرق…!