ثمرات طيبة للمحبة فى الله



الحمد لله الغنى الكريم ،
الرؤوف الرحيم ،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ،
وحبيبه وصفيه وخيرته من خلقه ،
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ،
ومن تبع هداهم إلى يوم الدين ،
أما بعد فيا عباد الله ، خلقكم الله من نفس واحدة ،
وأبوكم آدم وأمكم حواء ،
فأنتم إخوة فى الجنس والنسب إخوة فى الأصل والحسب ،

لمحبة في الله ثمرات طيبة يجنيها المتحابون من ربهم في الدنيا و الآخرة منها:


1) محبة الله تعالى :
عن معاذ رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : “قال الله تبارك و تعالى : وجبت محبتي للمتحابين فيّ ، و المتجالسين فيّ و المتزاورين فيّ ، و المتباذلين فيّ ” (رواه مالك و غيره )
و قول الملك للرجل الذي زار أخا له في الله :”إني رسول الله إليك بأنّ الله قد أحبّك كما أحببته فيه”

2) أحبهما إلى الله أشدّهما حبا لصاحبه :
عن أبي الدرداء رضي الله عنه يرفعه قال :” ما من رجلين تحابا في الله إلا كان أحبّهما إلى الله أشدّهما حبا لصاحبه ” (رواه الطبراني )

3) الكرامة من الله :
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ” ما من عبد أحبّ عبدا لله إلا أكرمه الله عز وجل ” ( أخرجه أحمد بسند جيّد)
وإكرام الله للمرء يشمل إكرامه له بالإيمان ، والعلم النافع ، والعمل الصالح ، و سائر صنوف النِّعم

4) الاستظلال في ظلّ عرش الرحمن :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : “إنّ الله تعالى يقول يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي ؟ اليوم أظلّهم في ظلّي يوم لا ظلّ إلاّ ظلّي ( رواه مسلم) ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ” مجموع الفتاوى ” :” فقوله : أين المتحابون بجلال الله ؟ تنبيه على ما في قلوبهم من إجلال الله و تعظيمه مع التحاب فيه ، و بذلك يكونون حافظين لحدوده، دون الذين لا يحفظون حدوده لضعف الإيمان في قلوبهم ”
و عن أبي هريرة أيضا رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ” سبعة يظلهم الله تعالى يوم لا ظلّ إلا ظله : إمام عادل ، و شاب نشأ في عبادة الله ، و رجل
قلبه معلّق بالمساجد ، و رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه و تفرّقا عليه …” ( متفق عليه)

5) وجد طعم الإيمان :
قال عليه الصلاة و السلام : ” من أحبّ أن يجد طعم الإيمان فليحبّ المرء لا يحبه إلا لله ( رواه الحاكم و قال : صحيح الإسناد و لم يخرجاه و أقرّه الذهبي)

6) وجد حلاوة الإيمان:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ” من سرّه أن يجد حلاوة الإيمان، فليحبّ المرء لا يحبه إلا لله” ( رواه أحمد و الحاكم و صححه الذهبي )
و عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ” ثلاث من كنّ فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله و رسوله أحبّ إليه مما سواهما ، و أن يحبّ المرء لا يحبه إلا لله ، و أن يكره أ يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه ، كما يكره أن يلقى في النار ” (متفق عليه)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في “مجموع الفتاوى”:” أخبر النبي صلى الله عليه و سلم أنّ هذه الثلاث من كنّ فيه وجد حلاوة الإيمان ، لأنّ وجد الحلاوة بالشيء يتبع المحبة له ، فمن أحبّ شيئا أو اشتهاه ، إذا حصل له مراده،فإنه يجد الحلاوة و اللذة و السرور بذلك و اللذة أمر يحصل عقيب إدراك الملائم الذي هو المحبوب أو المشتهى … فحلاوة الإيمان ، تتبع كمال محبة العبد لله ، و ذلك بثلاثة أمور : تكميل هذه المحبة ، و تفريعها ، و دفع ضدها
“فتكميلها” أن يكون الله و رسوله أحب إليه مما سواهما ، فإن محبة الله و رسوله لا يكتفى فيها بأصل الحبّ ، بل لا بدّ أن يكون الله و رسوله أحبّ إليه مما سواهما
و ” تفريعها” أن يحب المرء لا يحبه إلا لله
و “دفع ضدها ” أن يكره ضدّ الإيمان أعظم من كراهته الإلقاء في النار “

8) دخول الجنة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ” لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا و لا تؤمنوا حتى تحابوا ، أولا أدلّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم ” (رواه مسلم)

فذلك قول الله تعالى :
” يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ” ( الحجرات : 13 ) .

ثم ألف بين قلوبكم بنعمة الإسلام وأخوة الإيمان ،
فناداكم القرآن الكريم : ” إنما المؤمنون إخوة ” ( الحجرات : 10 ) ،

ومن عليكم بهذه النعمة فقال : ” واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداءاً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً ” ( آل عمران : 103 ) .


وناداكم الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم بقوله :
المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً ” ،
وقوله : ” لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا ” .

وقوله : ” لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخواناً ” .

ووعدكم الله على ذلك جزيل الثواب ،
وعظيم الأجر ،
فقال تعالى : “أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم “ ( التوبة : 71 ) ،
فماذا فعلتم فى هذه الأخوة يا عباد الله ؟
نسيتم حقوقها ،
وأهملتم أمرها ، وقطعتم رابطتها ،
وفككتم أوصالها ، وأصبح المسلمون اليوم مختلفة قلوبهم ،
مشتتة أهواؤهم ،
متباعدة عواطفهم بعد أن كانوا على قلب رجل واحد .


فماذا يكون جوابكم إذا وقفتم بين يدى ربكم فسألكم :
أمرتكم بالأخوة فهل تآخيتم ؟
وأمرتكم بالمحبة فيما بينكم فهل تحاببتم ؟
وأمرتكم بالتواصل والتراحم والتعارف فهل تواصلتم وتراحمتم ؟
وكيف يكون مقفكم إذا سألكم الرسول صلى الله عليه وسلم
عن ذلك فلم تجدوا لسؤاله جواباً ؟

علام تنسون الأخوة والحب يا عباد الله ؟
أتتحاسدون والحسد لا يغنى ولا يفيد ؟
أتتباغضون والبغض لا ينتج إلا العناء الشديد ؟
أم تتنافسون على حطام هذه الدنيا وهو ظل زائل وعرض حائل ،
وما عندكم نفد وما عند الله باق ؟ .

فاتقوا الله عباد الله ،
وصلوا ما أمر به أن يوصل ،
وكونوا من المؤمنين الذين وصفهم الله بالحب والأخوة ،
ولا تكونوا كالمنافقين الذين وصفهم الله تعالى بقوله : ” تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون “ ( الحشر : 14 ) .






تحابوا فيما بينكم ، وتواصلوا وتوادوا ،
واتركوا البغضاء والشحناء والأحقاد والخصومات ،
وأريحوا ضمائركم وقلوبكم من عناء التخاصم والتشاحن ،
وأسعدوا قلوبكم بسعادة المحبة والتوادد ،
فإن أسعد الناس يوم القيامة رجل أسلم لله وجهه ، وأخلص للناس قوله وعمله .

وتصوروا شخصين أحدهم يألف الناس ويألفونه ويحبهم ويحبونه ،
والآخر : كثير الأعداء دائم البغضاء ،
أيهما أصلح حالاً وأسعد بالاً وأهنأ ضميراً وأسلم عاقبة ؟.

ذلك فى الدنيا ، فما بالكم بالآخرة ، وقد ورد فى الحديث : ” إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم ” ؟ .

أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير ” ( آل عمران : 162 ) .

فاتقوا الله عباد الله ، وأصلحوا ذات بينكم واشتغلوا بربكم وطهروا سرائركم ،
واذكروا يوماً ترجعون فيه إلى الله ،
يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، “
ما من مسلمين يلتقيان فيسلم أحدهما على الآخر ويتصافحان إلا كان أحبهما إلى الله

أحسنهما بشراً بصاحبه ” .



عن mohamed.9

شاهد أيضاً

للتفاؤل طــاقه عجيبه وغـــداً مشرق…!