بحث عن الثقه بالنفس



مقدمه
وهذا موضوع مهم وتشتد الحاجة إليه، في مثل أيامنا هذه التي تكالب فيها كل أعداءالإسلام على هذه الأمة من كل حدب وصوب؛ حتى وهن الإيمان في القلوب وضعف اليقين فيالنفوس، ووجد عند بعض ولاة أمور المسلمين هزيمة في نفوسهم ، وفي حقائق إيمانهم ،وفي محاسن إسلامهم ، وفي مآثر أمتهم ، وفي مكامن قوتهم ، وفي مجالات قدرتهم، ولعلنالا نريد أن نستبق القول بالحديث عن أهمية الموضوع ومعرفته.
الثقةبالنفس
معنى الثقة :
الثقة لغة : الثقة مشتقة من الفعل الثلاثيوثق، وهي كلمة تدل على العقل والإحكام، يعني على الضبط والقوة والتمكن، ووثقت الشيءأحكمته، والميثاق هو العهد المحكم، والمواثقة هي المعاهدة، بمعنى أن الثقة هي إحكامالأمر والاطمئنان إليه، وضبطه بحيث يمكن الانتفاع به والاستفادة منه، والاعتمادعليه والبناء عليه، أما الأمر الذي لا يكون محكماً ؛فإنك لا تستطيع أن تعتمد عليه،إذا أردت أن تصعد على مكان؛ فإنك أولاً تريد أن ترى هل هذا المكان ثابت وصلب، حتىتضع قدمك وتستطيع أن ترتقي، أما إذا كان بناء هشَّاً أو خشباً متهالكاً تضع قدمكتعتمد عليه ترتفع فإذا به يهوي بك، فالثقة معناها : ” إحكام الأمر بحيث يعتمد عليهوبحيث يمكن الاستفادة منه والبناء عليه ” ، ولذلك يقولون : ” الوثيقة بالأمر هيإحكامه والأخذ بالثقة في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : ( واخلع وثائق أفئدتهم ) ، أي العقود والعهود التي تكون في النفوس، والله – عز وجل – قال في كتابه : { وميثاقه الذي واثقكم به } .
والثقة عندما تقول وثقت بشيء أي ائتمنته ، فإذاائتمنت إنسان، ماذا يكون تصرفك معه؟ تكون مطمئناً إليه تستطيع أن تأتمنه على سرك،تستطيع أن تستعين به في عملك، تستطيع أن تستنجد به في خطبك لأنك تثق به، أما إذا لميكون عندك ثقة به فإنك إذا وقعت بك ملمة ؛ فإنك لا تستنجد به ؛ لأنك لا تكاد تطمئنإلى إجابته، ولا إلى نصرته، ولا إلى علاقته وأخوته ونحو ذلك .
ثم النفستعرفها صعب جداً، وقد اختلف أهل العلم وعلماء النفس والفلسفة في تعريفها، وبالجملةتدور هذه المعاني قبل أن ندخل فيها بين النفس والروح والعقل، وهل هما شيء واحد أمهي أشياء مختلفة ومتفرقة .
معنى النفس لغة : ” مشتقة في اللغة منالنفَس، وهو الريح الذي يخرج “، سمي ذلك ؛ لأن النفس هي الروح أي الحياة، وهو ذلكذلك النفس والريح الذي نأخذه من الهواء ونخرجه كما نعرف والذي يعتبر توقفه توقفالحياة، ولذا قالوا في تعريفها النفس هي الروح، ولذلك تطلق النفس على الإنسان كله،كما ذكر ابن عباس لكل إنسان نفسان، نفس هي العقل الذي يميز به، والأخرى هي نفسالروح التي بها الحياة ؛ فإن أراد أن يبين أن النفس تطلق على الحياة، وهي وجودالحركة والقوة الفاعلة، والنفس وهي القدرة الفاعلة والمتحركة، ثم النفس وهي القوةالعاقلة والمدركة وكلاهما يطلق عليه نفس .
الثقة بالنفس اصطلاحاً : أن يكون هناك إحكاملأمرها واعتماد عليها استناداً إلى ذلك الإحكام .
والإحكام معناه حينئذٍ : أن يكون الإنسان قد عرف المنهج الذي يسوس به نفسه، ثم طبق هذا المنهج ثم استمرعليه؛ لأن الرجل لما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستنصحه ويقول له : قل لي فيالإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك ! قال له : ( قل آمنت بالله ثم استقم ) .
فجعل له معرفة الاعتقاد والصلة بالله ، ثم العمل بذلك والاستمرار عليه ،وهو الذي يدل عليه الاستقامة .
قبل أن ندخل إلى موضوع أهمية الثقة بالنفس،نريد أن نشير إلى معنى مهم، الثقة بالنفس تعني وجودها، وانعدام الثقة بالنفس تعنيزوالها، ما معنى ذلك أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ما يأتي في آخر الزمان : تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها، فقال بعض الصحابة : أمِن قلة نحنيومئذ يا رسول الله ؟ قال : لا ! أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ،وليقذفن الله في قلوبكم الوهن ، ولينزعن من قلوب عدوكم المهابة منكم . فلما سئل عنالوهن بين النبي صلى الله عليه وسلم حقيقته وهو : ” حب الدنيا وكراهية الموت ” .
هذا الحديث يعطينا مؤشراً مهماً هو الذي نريد أن نجعله تقدمة لأمر أهميةالثقة بالنفس.
ما هو غثاء السيل ؟ هو الزبد الأبيض الرابي الطافي فوق الماء . هلفيه فائدة ؟ هل ينتظره الناس للانتفاع به ؟ هل يبقى ويدوم ؟ معنى ذلك أن هناك من الناس من لا قيمة له ولا نفع منه، ولا أثر منه ، وبالتالي فالحقيقة أنه لا وجود له،وهذا تماماً مثل الأصفار التي في يسار الأرقام هل تزيد في القيمة شيئاً ؟ نحن إذاأضفنا الواحد إلى الواحد صار اثنان ، وإذا أضفنا الكسور أيضاً الربع إلى الربع يصبحنصفاً، لكن إذا أضفنا الصفر إلى مئات من الأصفار أو إلى عدد لا نهائي من الأصفار ماهي النتيجة ؟ هي الصفر مرة أخرى !
ما أريد أن أقول من هذا الكلام : إن فيأبنائنا وفي واقع حياتنا من الأعداد الغفيرة المسلمة، من يعدون أصفاراً كأنما لاوجود لهم في هذه الحياة، هؤلاء في غالب الأحوال فقدوا ثقتهم في أنفسهم، وأصبحوايشككون في كل قدرة يمكن أن يعتمد عليها، وفي كل أثر يمكن أن يبقى لهم في هذهالحياة، وفي كل نجدة أو هبة أو نخوة يمكن أن يتقدم إليها ويكون لهم بها أثر ونفعوفائدة.
مقومات الأهمية فيالبيئة و المجتمع
1
ـ القوة والفعالية
بدون الثقة بالنفس يكونهناك الضعف الشديد، والسلبية الكبيرة التي تقعد الناس كما قلت عن أن يكون لهم أثرفي الحياة، ماذا يكون همه، همه أن يأكل ويشرب وأن ينام ويلعب، فإذا حصر همه في أمورخارجة عن ما يمكن أن ينفع به نفسه أو أن يتعدى نفعه إلى غيره فيكون في الأصل فاقدةأو ضعيفة الثقة بالنفس، أمة الإسلام في عصرنا الحاضر ربما نقول أنها فقدت كثير منأسباب القوة والفعالية، لكن عندها أمران مهمان يمكن أن تعود بهما إلى قوتهاوفعاليتها، وأن تستثمر الكثير من القوة التي عطلتها ؛ لأن بعضكم يقول إن لدى الأمةالإسلامية ثروات عظيمة وكبرى، وأن عندها مواقع جغرافية مهمة وعندها وعندها، لكنناكلنا جميعاً نرى تكاد تكون خالية من كل هذه القوى، لأنها ليست لديها فاعلية وليسلها أثر ما قيمة وجودها، ما قيمة أن يكون عندي ملايين في جيبي، ثم لا أنفق منهاريالاً أصنع بها طعاماً أو أصنع به شيئاً مما أحتاجه إليه .
أولاً : المنهجالرباني المعصوم وهي نعمة الله للأمة التي ينبغي أن تشكرها .
ثانياً : الطاقةالبشرية الكبيرة
عندنا بشر إذا استطعنا أن نعيد إليهم الثقة بأنفسهم أن نعمقالإيمان في قلوبهم، أن نغرس اليقين في نفوسهم، أن نعطيهم قوة يستمدونها من قوة اللهعز وجل ؛ فإننا حينئذ سنحول هذه الأمة إلى طاقة فاعلة وقدرة هائلة لا يمكن أن يقفمعها وأمامها شيء بإذن الله – عز وجل- لكن إذا كان أفراد هذه الأمة أفراداً ضائعينتائهين لا يثق أحدهم في أن ينطق بكلمة، ولا أن يحرك ساكناً فأي شيء يمكن أن ننتظرمن هذه النفوس أو من أولئك الأشخاص، الأهمية .
2 ـ الثبات والمواجهة
إن الثقة بالنفس تعطي صاحبها قدرة على الثبات في مواجهة الأعاصيروالأحداث، ونحن في زمن يسمونه كما تسمعون عصر العولمة في زمن توجهت كل السهاموالقوى والأساليب لكي تمسخ هوية المسلم، فلا يعود له طعم ولا لون ولا رائحة كمايقال، لا يعرف له نسباً ينتسب إليه، ولا تاريخاً ينتمي إليه ولا يمكن إلا أن يكونذلك البناء المفرغ عندما يكون هناك بناء ليس فيه نوافذ وليس فيه أبواب، الريح تدخلهوتخرج منه، والأشياء تدخله وتخرج منه، تعبث وتعيث فيه كما تشاء، وهذا هو حال بعضالمسلمين، الذين أصيبوا بالهزيمة النفسية، حتى صاروا لا يرون في دينهم عظمة، ولايرون في رسولهم ونبيهم عليه أفضل الصلاة والتسليم مزيّة ولا خصيصة، ولا يرون فيتاريخهم فخراً ولا عزاً ولا يرون في أنفسهم شيئاًَ يذكر، لأنهم يقولون ماذا نقولالقوة العسكرية عند أعداءنا التقدم الصناعي عند أعداءنا التحرك الديبلوماسي عندهموعندهم وعندهم وكذا وكذا ويعظَّمون أعداءهم وليس عندهم من الثقة بأنفسهم ما يجعلهميقفون ويقولون نحن عندنا ما هو أعظم من ذلك، لكننا عندنا قصوراً ولكننا نحتاج كذاوكذا، لذلك نقول من وثق بنفسه ومن أخذ هذه الثقة حق أخذها فإنه حتى وإن خلت يديه منكل أسباب المقاومة المادية، فإنه يبقى قوياً شامخاً وسأذكر فيما بعد أمثلة يسيرةعلى ذلك .
3 ـ الإملاك والتقدم
الثقةبالنفس تجعلك تمتلك ما تريد وتتقدم إلى ما تريد، عندهم العلم ما بالنا لا نمتلكهولا نتقدم فنأخذه، ما بالنا لا نستطيع أن ننقلع ! ما بالنا نظل مطأطأين رؤوسناننتظر غيرنا ان يحل مشكلاتنا وأن يصنع لنا مركباتنا وأن يعد لنا كل أسباب حياتنا ! ونحن لا نتقدم لأن هناك هزيمة نفسية، لأن هناك عدم ثقة بالنفس، يقولون كيف يمكن أنيكون عندنا المصانع والقوة والذرية، مستحيل لماذا لأنهم كسروا وحطموا في أنفسهمالثقة والقوة التي يعتزون بها في أنفسهم فلن يستطيعوا حينئذ أن يتقدموا ولايستطيعون من باب أولى أن يمتلكوا ولا أن يغيروا .
لعلي وأنا أتحدث إليكمأذكر هذه المعاني الثلاثة أعيد إليها أمثلة من سير أصحاب النبي صلى الله عليه وسلمومن وقائع وأمثلة الحياة بعمومها، عندما نقول القوة والفعالية فيما ذكرناه من أولعناصر الأهمية، ماذا كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قبل إسلامهم وإيمانهم، قومجاهليون يعبدون الأصنام من تمر ثم يأكلونها، قوم جاهليون عندهم عصبيات وعنجيهاتوطبقيات وقوميات ، ليس لهم ذكر في التاريخ، ليس عندهم أمل ولا طموح ، يخافون منأعداءهم القوى الكبرى تسيطر عليهم بل أذيالهم من الغساسنة والمناذرة يسيِّرونهم كيفيشاءوا، ثم جاء الإسلام والإيمان غيَّر أولئك الناس ووثقوا بأنفسهم بعد إيمانهمبربهم، عرفوا أن عندهم من القوة والقدرة ما يستطيعون أن يكونون سادة الدنيا كلها،مع أنهم كانوا في الصحراء القاحلة، مع أنهم لم يكن عندهم أي شيء من أسباب المادةوالقوة، ولكنهم بعد إيمانهم بالله وثقوا بأنفسهم فقال قائلهم وهو ربعي بن عامرمقالته المشهورة المعروفة : ” جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة ربالعباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة” .
ماذا كان عندهم لم يكن عندهم شيء إلا إيمانهم بالله – عز وجل – وثقتهمبأنفسهم المعتمدة على منهج الله سبحانه وتعالى ، وعندما نقول الثبات والمواجهة أمامهذه الهجمات الشرسة، وأمام هذا التضليل العظيم وأمام المسخ الفكري والغزو الذي يحيطبالأمة وأبنائها وشبابها على وجه الخصوص، قد وقع ذلك في عهد الصحابة رضوان اللهعليهم، لكن ثقة النفس والبناء المحكم لها هو الذي صد تلك الهجمات .
الولاءالمسجور
كعب بن مالك – رضي الله عنه – تعرفون أنه من أحدالمخلفين الثلاثة الذين تخلفوا عن تبوك وعاقبهم النبي – صلى الله عليه وسلم – بأنيقاطعهم الناس فلا يكلمونهم، في شدة تلك المقاطعة وبعد مُضِيَّ ليال متوالية، جاءإلى كعب بن مالك رجل من رسول من الدولة العظمى، يسأل عن كعب بن مالك فيشير الناسإليه ، فإذا به يسلمه خطاباً وإذا فيه : ” قد علمنا أن صاحبك قلاك فالحق بنا نواسكولم يجعلك الله بأرض هوان ” . أي إذا قاطعوك وهجروك فتعال إلينا وأقبل إلينا سوفنعطيك ونجعلك وتكون عندنا كذا وكذا، أليست هذه إغراءات ؟ أليست هذه مضللات ؟ فماذاقال ؟ وماذا فعل كعب بن مالك ؟ قال : ” فعلمت أنها الفتنة ” .. هذه هي الفتنة وهوبإيمانه وثقته بربه أعلى وأرسخ من أن تناله هذه الأمور .. قال : فأخذتها وسجرتها فيالتنور، الغزو موجود في كل وقت، لكن إن صادف نفوساً خربة وقلوباً ميتة تمكن منها،وإن صادف نفوساً حية وقلوباً واثقة رد على أعقابه خاسئا خاسراً .
وعندما نقول : الامتلاك والتقدم، كيفكان لأولئك الأصحاب ومن جاء بعدهم، كيف صنعت أمة الإسلام يوم انفتحت على حضارة فارسوحضارة الروم، واليونان، هل انبهروا بها هل ذلوا لها هل استسلموا لكل ما تعطيهإياهم، كلا لقد أخذوا منها خيرها وتركوا شرها، بل امتكلوا كل قدراتها وقواتهاالأرضية والمادية، بل استطاعوا هم الذين يملكون أزمتها ويطورون مساراتها ويزيدونفي علومها حتى صارت حضارة الإسلام والمسلمين هي التي تنير الكون كله ولا تزال كثيرمن أسباب التقدم الحاضر مردها إلى كثير من علوم المسلمين واجتهاداتهم، حتى غيرالمسلمين يمكن إذا أخذوا بالثقة بالنفس أن ينالوا شيئاً كثيراً من حظوظ الدنيا .

محركات وطنية
أذكر هنا قصة لرجلياباني مشهور اُبتعث من اليابان إلى ألمانيا ؛ ليدرس علم الميكانيكا والمحركات، وهويريد أن ينقل لبلده وان يقوِّي بلده، وأن يعزز من أحوال أمته، قال فذهبت فدرَّسونيالكتب والنظريات، قال وأنا أريد أن امتلك القدرة ، وأن أعرف كيف أتعامل مع هذهالمحركات وأصنعها، قال فضللت حيران حتى سمعت عن معرض للمحركات الإيطالية فأخذت كلما معي من المال وذهبت واشتريت محركاً مستعملاً وذهبت به إلى بيتي ووضعته في غرفتيأنظر إليه على أنه أعظم شيء في الوجود، ثم شرعت في تفكيكه، وقلت إذا فككته قطعةقطعة ثم استطعت إعادته ؛ فإن ذلك يعني أني سوف امتلك المعرفة اللازمة للتعامل معهذه المحركات . قال : وكنت أفتح المحركات وأفككها ثم أرسم كل قطعة رسماً دقيقاًيوماً كاملاً من أوله إلى آخره، لم يكن لي فيه من الطعام إلا وجبة واحدة، ثم أعدتتركيبه فلما أعدته وشغلته فاشتغل فرحت فرحاً أعظم من كل شيء في حياتي، ثم يقولواصلت ذلك، وأخبرت رئيس بعثتي قال : قد بدأت الطريق، سأعطيك محركاً عاطلاً فأصلحه،قال : فأخذته ففككته ثم وجدت فيه ثلاث قطع بالية، فقمت بنفسي وصنعتها ورسمتها،وأصلحت هذا المحرك، قال : ثم قال لي لا بد الآن أن تصنع لنا محركاً كاملاً من صنعيدك، فتركت الدراسة وإكمال الدكتوراه ، وذهبت إلى مصنع للصلب ولبست لبس العمالوبقيت تحت إمرة واحد منهم، أساعده وأعاونه تسع سنوات، حتى استطعت أن أتقن هذهالصناعة، ثم سمع بي ” ميكادو ” إمبراطور اليابان ، فأرسل لي مالاً فقال فاشتريتعدداً كاملة لمصنع، ثم انتقلت إلى اليابان فقيل لي : إن الإمبراطور يريد أن يراك،فقلت له لا ألقاه حتى أصنع المحركات في اليابان . فقال : وبعد تسع سنوات كاملة،أخذت عشر محركات، وذهبت إلى الإمبراطور وقلت له هذه محركات يابانية من أولها إلىآخرها .
هذه تجربة إنسانية، فيها قوة وثقة بالنفس فيها مواجهة وامتلاكوتقدم، ثم نعود إلى هذه الجوانب الثلاثة في أهمية الثقة بالنفس في محيط الإنسان .
مقوِّمات الأهمية فيالإنسان ذاته
1
ـ السكينة والاستقرار
الواثق بنفسه مطمئن ليس عندهتردد، وليس عنده تبديد لجهده ووقته، الذي ليس عنده ثقة بالنفس يبدأ بعمل ثم يترددفيتركه ويبدأ في غيره، ثم ينقضه فيضيع وقته ويبدد جهده، وكثيراً ما يمشي في قضيةويتوقف عاجزاً فيصيبه من ا لإحباط ما يصيبه، أما الواثق بنفسه المعتمد على ربه؛ فإننفسه مطمئنة وساكنة وعنده وضوح في رؤيته، يستطيع به أن يسير إلى ما يريد .
2 ـ الفائدةوالانتفاع
فمن وثق بنفسه استطاع أن ينجز شيئاً بنفسه الذي يثقبنفسه، فيقول أريد أن أنال وظيفة معينة حتى اكتسب منها رزقاً معيَّناً أستطيع به أنأعيش في حياتي ونحو ذلك، يتقدم إلى هذا ويعمل ويثق بنفسه ويصل، أما الضعيف فيقول : ماذا أستطيع أن أعمل ؟ لا يمكن أن أنال وظيفة .. لا يمكن أن أتخرّج .. لا يمكن أنأفعل .. لا يمكن أن أصنع ، فلا يستطيع أن ينجز شيئاً فضلاً عن أن يفيد الآخرين .
3 ـ القدوةوالتأثير
الواثق بنفسه لا يكتفي بأنه قد حصَّل السكينة والاستقرار،ولا أنه حقق لنفسه الفائدة والانتفاع بل ينتصب قدوة لغيره ومؤثِّراً في غيره،يحفِّز الناس ويقودهم إلى أن يتحركوا وأن يبذلوا وأن يعملوا .
الطريق إلى الثقةبالنفس
وهذه كما قلت ومضات سريعة، والممارسة هي المحك الحقيقيوالتدريب العملي الذي نحتاج إليه بعد المعرفة النظرية :
الخطوة الأولى : الإيمانوالمبدأ
أعظم شيء يسيطر على المبدأ هي المبادئ والعقائد، حتى ولوكانت منحرفة، نحن نعرف ونعلم أن هناك أناساً على غير العقيدة الإسلامية والإيمانالصحيح، لكنهم يبذلون أموالهم فداءً لتلك العقائد الباطلة، لأن أي اعتقاد ينعقدعليه القلب وتنطوي عليه النفس، يجعل في صاحبه من القوة في التشبث به والدفاع عنهوالتضحية لأجله، ما لا يمكن أن يكون مع غيره، وانظر إلى واقع العالم اليوم تجدكثيراً من الفئات التي تضحي وتبذل وتزهق أرواحها وذلك لأجل فكرتها ومذهبها، نحننقول : إن إيماننا بالله – عز وجل – هو الإيمان الحق ، وإسلامنا له – سبحانه وتعالىهو الدين الحق .. يعطينا أعظم أسباب القوة والثقة بالنفس من وجوه متعددة .
بواعث الإيمان المقوية للثقةبالنفس
أ – الوضوحوالثبات
أعظم شيء يعين على النفس على الثقة ويغرس فيها هذا المبدأهو الوضوح في الرؤية والثبات والإستقرار لها ونحن في الإيمان قد أكرمنا الله بذلك،نعرف الغاية التي لأجلها خلقنا، ونعرف الطريق الذي يوصلنا إلى تلك الغاية، ليسعندنا حيرة ولا اضطراب ولا شك ولا تردد في مثل هذه المسألة وهذا يكسبنا ثقة عظيمةفي نفوسنا ؛ لأننا نعرف حقيقة هذه الحياة وحقيقة ما فيها وحقيقة ما يأتي بعدها، ليسعندنا ذلك التخبط الذي يقوله القائل :
جئت لا أدري من أين ولكني أتيت
ولقدأبصرت قدامي طريقاً فمشيت
ولماذا لست أدري لست ادري ؟
هذه الحيرةوالتخبط ليست عندنا بفضل الله عز وجل، ثم يعطينا الإيمان والمبدأ الإسلامي .
ب ـ هيالتوازن والاعتدال
الإيمان والإسلام يعطينا نظرةصحيحة متوازنة لكل شيء في هذه الحياة، ومن أهم هذه النقاط في التوازن، بين الدنياوالآخرة، نحن لا نغرق في دنيانا، ولكننا لا ننساها، ونحن لا ننقطع لأخرانا، ولكنناأيضاً لا نغفل عنها، الله – عز وجل – يقول : { وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرةولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك } .
بينت لنا أحاديثالنبي صلى الله عليه وسلم حقيقة الدنيا وحقيقة نظرتنا إليها، وحقيقة تعاملنا معها،فلا نميل ميلاً إلى الدنيا، ولا نميل ميلة ننقطع بها عنها، فكلا طرف الأمور ذميم،وقد بيَّن لنا ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وحذر منه أصحابه – رضوان الله عليهمترك الدنيا كلها بحلالها وبما أقر الله عز وجل فيها من ا لطيبات، هو أمر مرفوض فيشريعتنا، كما نعرف من قصة النفر الثلاثة الذين عزموا على ترك الدنيا : فقال أحدهم : أما أنا فأصوم ولا أفطر، وقال الآخر : وأما أنا فلا أنام الدهر، وقال الثالث : وأما أنا فلا اتزوج النساء ، فقال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أما أنا فأصوموأفطر ، وأنام وأصلي ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني )

هذاالتوازن يعطينا ثقة في نفوسنا واستقراراً فيها يفيدنا ويعيننا، لسنا كالذين يسيرونوراء الدنيا، ليس لهم هَمٌّ غيرها، فيكون حالهم كالذي يشرب من ماء البحر .. ماءالبحر مالح كلما ازددت شرباً منه كلما زدت عطشاً ، وهؤلاء تنظرون إليهم الذين يجرونوراء الدنيا من ا لماديين والغربيين ونحوهم، يغذُّون الخُطى وراءها ، ثم لا يجدونفيها إلا ذلك السراب، الذي يسيرون وراءه ويسيرون وراءه، حتى إذا وصلوا إليه لميجدوه شيئاً ورأوا سراباً آخر وانتقلوا إليه، فيظلون يدورون كما يدور الحمار فيالرحى، دون أن يجدوا شيئاً فيه بلغة لهم أو يفيء إلى نفوسهم الثقة واليقين، وإنكانت عندهم بعض مظاهر النجاح الدنيوي لبعض ما أخذوا من أسباب هذهالحياة.
ج ـ التحفيزوالانطلاق
الإيمان شعلة حياة وشعلة قوة وجذوة حماسة هي التي تدفعالإنسان لكي يعمل ولكي يواجه، ولكي يثري هذه الحياة، إيماننا بالله سبحانه وتعالىيجعلنا واثقون بنصره يجعلنا واثقون بأن وراء هذه الحياة الدنيا مثوبة وأجراً أوعقاباً أو عذاباً والعياذ بالله، هو الذي يجعلنا ننطلق نريد أن نحصل شيئاً لدنياناًوشيئاً لما وراء دنياناً، أما الذي يفقد هذا المبدأ وهذا الاعتقاد ؛ فإنه لا يجدشيئاً يولد له الطاقة ولا يعطيه القوة ولا يبث في نفسه العزيمة ولا يصب في عروقهالقوة التي ينطلق بها إلى كثير وكثير مما يحتاجه في هذه الحياة، كيف انطلق أصحابالنبي صلى الله عليه وسلم في هذه الحياة كيف انطلق المسلمون في صورة رائعة، كانيحدوهم فيها الإيمان ويشدهم إليها كل ما ورد في هذا الإيمان من الآمال والطموحات فيهذه الدنيا وفيما وراء هذه الدنيا .
د ـ الأملوالتفاؤل
كثيرة هي الأمور التي تعارض ما نريد، كثيرة هيالمصائب التي تحل بنا، كثيرة هي العقبات التي تقطع طريقنا، هل يستسلم لها المؤمن،هل يضعف أمامها، هل يتصدع بنيان نفسه، إن إيمانه بقضاء الله وقدره يجعله قوياًيجعله ينظر إلى ما وراء ذلك، ألم نرى النبي صلى الله عليه وسلم وهو محاصر يومالخندق وقد أصابه وأصاب أصحابه شدة الخوف وشدة الجوع وهو في هذه المحنة يقوللأصحابه : ” لكأني أنظر إلى قصور بصرى وقصور الشام، والله ليبلغنَّ ملك أمَّتي إلىتلك البقاع، ويوم خرج مهاجراً طريداً والناس يحيطون به وقريش تبحث عنه ” .
ويبشّر سراقة بن مالك – وهو يطارده طلباً للجائزة من قريش في هجرته عليه الصلاةوالسلام – يبشره النبي صلى الله عليه وسلم بسواري كسرى ، فيكون ذلك كذلك بعد أعوامليست بطويلة المدى .
إن المؤمن كما أخبر النبي صلى الله عليهوسلم : ( عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له،وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ) .
وكما قالالنبي – صلى الله عليه وسلم – في الحديث في وصيته لابن عباس : ( استعن بالله ولاتعجز واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، واعلم أن الأمة لواجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك بشيء إلا بشيء قد كتبه الله لك، واعلم أنالأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعتالأقلام وجفت الصحف ) .
إن إيماننا يجعلنا دائماً أقوياء في مواجهة الصعاب،وننظر إلى أن وراءها فرجاً ؛ لأننا نوقن بأن مع العسر يسراً ، وأن مع العسر يسراً ،وكما أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – لن يغلب عسرٌ يسرين، هذه المعاني كلها فيإيماننا فضلاً عن السكينة والطمأنينة التي نرجوها .
الخطوة الثانية : العبادة والمرجع
عبادتنا لله وصلتنا به ورجوعنا إليه بمثابة التزودبالطاقة، قد يكون عندك من الإيمان طاقة انطلاق، ولكنها تحتاج إلى تجديد تحتاج إلىبث وبعث، تحتاج إلى قوة ومواصلة، تحتاج إلى مواصلة ودوام، ذلك كله يتجدد ويقوى معنابعبادتنا لله ورجوعنا إليه، ولذلك نفقه حينئذ التوجيه الرباني في قوله سبحانهوتعالى : { يا أي

عن Only.me8

شاهد أيضاً

تكفون يا أهل الفزعات تعالو

السلام عليكم تكفووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ووووون سااعدني ابغا بحث عن هشاشة العظااااااامانجليزي خمس ورقاااات طلبيتكم