هل الميت يسمع كلام زائره ويرى شخصه0000
فتاوي الشيخ ابن تيمية رحمة الله
سئل:هل الميت يسمع كلام زائره ويري شخصه؟
وسئل رحمه الله:
هل الميت يسمع كلام زائره، ويري شخصه؟ وهل تعاد روحه إلى جسده في ذلك الوقت، أم تكون ترفرف على قبره في ذلك الوقت وغيره؟ وهل تصل إليه القراءة والصدقة من ناحليه وغيرهم، سواء كان من المال الموروث عنه وغيره؟ وهل تجمع روحه مع أرواح أهله وأقاربه الذين ماتوا قبله، سواء كان مدفونًا قريبًا منهم أو بعيدًا؟ وهل تنقل روحه إلى جسده في ذلك الوقت، أو يكون بدنه إذا مات في بلد بعيد؟ ودفن بها ينقل إلى الأرض التي ولد بها، 000؟ والمسؤول من أهل العلم رضي الله عنهم الجواب عن هذه الفصول فصلا، فصلا جوابا واضحا، مستوعبًا لما ورد فيه من الكتاب والسنة، وما نقل فيه عن الصحابة رضي الله عنهم وشرح مذاهب الأئمة والعلماء: أصحاب المذاهب، واختلافهم، وما الراجح من أقوالهم، مأجورين إن شاء الله تعالى.
فأجاب:
الحمد لله رب العالمين، نعم يسمع الميت في الجملة كما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه). وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ترك قتلي بدر ثلاثا، ثم أتاهم فقال: (يا أبا جهل بن هشام، يا أمية بن خلف، يا عتبة بن ربيعة، يا شيبة بن ربيعة، هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقًا؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقًا). فسمع عمر رضي الله عنه ذلك فقال: يا رسول الله، كيف يسمعون، وأني يجيبون، وقد جيفوا؟! فقال: (والذي نفسي بيده،ما أنت بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا). ثم أمر بهم فسحبوا في قليب بدر، وكذلك في الصحيحين عن عبد الله بن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على قليب بدر فقال: (هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقًا؟) وقال: (إنهم يسمعون الآن ما أقول).
وقد ثبت عنه في الصحيحين من غير وجه أنه كان يأمر بالسلام على أهل القبور. ويقول: (قولوا: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، ويرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم). فهذا خطاب لهم، وإنما يخاطب من يسمع. وروي ابن عبد البر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من رجل يمر بقبر رجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام).
وفي السنن عنه أنه قال: (أكثروا من الصلاة على يوم الجمعة، وليلة الجمعة، فإن صلاتكم معروضة على)،فقالوا:يا رسول الله،وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ يعني صرت رميما فقال:(إن الله تعالى حرم على الأرض أن تأكل لحوم الأنبياء).وفي السنن أنه قال:(إن الله وكل بقبري ملائكة يبلغوني عن أمتي السلام).
فهذه النصوص وأمثالها تبين أن الميت يسمع في الجملة كلام الحي، ولا يجب أن يكون السمع له دائماً، بل قد يسمع في حال دون حال، كما قد يعرض للحي فإنه قد يسمع أحياناً خطاب من يخاطبه، وقد لا يسمع لعارض يعرض له، وهذا السمع سمع إدراك، ليس يترتب عليه جزاء، ولا هو السمع المنفي بقوله: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80]، فإن المراد بذلك سمع القبول والامتثال. فإن اللّه جعل الكافر كالميت الذي لا يستجيب لمن دعاه، وكالبهائم التي تسمع الصوت، ولا تفقه المعنى. فالميت وإن سمع الكلام وفقه المعنى، فإنه لا يمكنه إجابة الداعي، ولا امتثال ما أمر به، ونهى عنه، فلا ينتفع بالأمر والنهي. وكذلك الكافر لا ينتفع بالأمر والنهي، وإن سمع الخطاب، وفهم المعنى، كما قال تعالى: {وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأسْمَعَهُمْ} [الأنفال: 23].
وأما رؤية الميت: فقد روي في ذلك آثار عن عائشة وغيرها.
فصل
وأما قول القائل: هل تعاد روحه إلى بدنه ذلك الوقت، أم تكون ترفرف على قبره في ذلك الوقت وغيره؟ فإن روحه تعاد إلى البدن في ذلك الوقت. كما جاء في الحديث. وتعاد أيضاً في غير ذلك. وأرواح المؤمنين في الجنة كما في الحديث الذي رواه النسائي، ومالك والشافعي، وغيرهم: (إن نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه اللّه إلى جسده يوم يبعثه) وفي لفظ: (ثم تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش). ومع ذلك فتتصل بالبدن متي شاء اللّه، وذلك في اللحظة بمنزلة نزول الملك، وظهور الشعاع في الأرض، وانتباه النائم.
وهذا جاء في عدة آثار، أن الأرواح تكون في أفنية القبور، قال مجاهد: الأرواح تكون على أفنية القبور سبعة أيام من يوم دفن الميت لا تفارقه، فهذا يكون أحياناً. وقال مالك بن أنس: بلغني أن الأرواح مرسلة، تذهب حيث شاءت. واللّه أعلم.
فصل
وأما [القراءة، والصدقة] وغيرهما من أعمال البر، فلا نزاع بين علماء السنة والجماعة في وصول ثواب العبادات المالية، كالصدقة والعتق،كما يصل إليه أيضاً الدعاء والاستغفار، والصلاة عليه صلاة الجنازة، والدعاء عند قبره.
وتنازعوا في وصول الأعمال البدنية: كالصوم، والصلاة، والقراءة. والصواب أن الجميع يصل إليه، فقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من مات وعليه صيام، صام عنه وليه). وثبت أيضاً : أنه أمر امرأة ماتت أمها، وعليها صوم، أن تصوم عن أمها. وفي المسند عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعمرو بن العاص: (لو أن أباك أسلم فتصدقت عنه، أو صمت، أو أعتقت عنه، نفعه ذلك)، وهذا مذهب أحمد، وأبي حنيفة، وطائفة من أصحاب مالك،
فصل
وأما قوله: هل تجتمع روحه مع أرواح أهله وأقاربه؟ ففي الحديث عن أبي أيوب الأنصاري وغيره من السلف، ورواه أبو حاتم في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الميت إذا عرج بروحه تلقته الأرواح يسألونه عن الأحياء، فيقول بعضهم لبعض: دعوه حتى يستريح، فيقولون له: ما فعل فلان؟ فيقول: عمل عمل صلاح. فيقولون: ما فعل فلان؟ فيقول: ألم يقدم عليكم؟! فيقولون: لا. فيقولون: ذُهِب به إلى الهاوية). ولما كانت أعمال الأحياء تعرض عليه الموتي، كان أبو الدرداء يقول: اللهم إني أعوذ بك أن أعمل عملا أخزي به عند عبد اللّه بن رواحة. فهذا اجتماعهم عند قدومه يسألونه فيجيبهم.
وأما استقرارهم فبحسب منازلهم عند اللّه، فمن كان من المقربين كانت منزلته أعلى من منزلة من كان من أصحاب اليمين. لكن الأعلى ينزل إلى الأسفل، والأسفل لا يصعد إلى الأعلى، فيجتمعون إذا شاء اللّه، كما يجتمعون في الدنيا مع تفاوت منازلهم، ويتزاورون.
وسواء كانت المدافن متباعدة في الدنيا، أو متقاربة، قد تجتمع الأرواح مع تباعد المدافن، وقد تفترق مع تقارب المدافن، يدفن المؤمن عند الكافر، وروح هذا في الجنة، وروح هذا في النار، والرجلان يكونان جالسين أو نائمين في موضع واحد، وقلب هذا ينعم، وقلب هذا يعذب. وليس بين الروحين اتصال. فالأرواح كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف).
والبدن لا ينقل إلى موضع الولادة، بل قد جاء: (إن الميت يذر عليه من تراب حفرته) ومثل هذا لا يجزم به، ولا يحتج به. بل أجود منه حديث آخر فيه: (إنه ما من ميت يموت في غير بلده، إلا قيس له من مسقط رأسه إلى منقطع أثره في الجنة). والإنسان يبعث من حيث مات، وبدنه في قبره مشاهد، فلا تدفع المشاهدة بظنون لا حقيقة لها، بل هي مخالفة في العقل، والنقل.
وأحاديث الوعيد يذكر فيها السبب. وقد يتخلف موجبه لموانع تدفع ذلك: إما بتوبة مقبولة، وإما بحسنات ماحية، وإما بمصائب مكفرة، وإما بشفاعة شفيع مطاع، وإما بفضل اللّه ورحمته ومغفرته، فإنه {لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [النساء: 48].
وما يحصل للمؤمن في الدنيا والبرزخ والقيامة من الألم التي هي عذاب، فإن ذلك يكفر اللّه به خطاياه، كما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذي، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر اللّه بها من خطاياه).
وفي المسند لما نزلت هذه الآية: {مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123]، قال أبو بكر: يارسول اللّه، جاءت قاصمة الظهر، وأينا لم يعمل سوءاً؟! فقال: (يا أبا بكر، ألست تحزن ؟! ألست يصيبك الأذي؟!) فإن الجنة طيبة لا يدخلها إلا طيب. كما قال ت
ففي صحيح مسلم (943 ) عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه .
وفي رواية للبيهقي في شعب الإيمان عن ابن سيرين عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من ولي أخاه فليحسن كفنه فإنهم يتزاورون فيها .
وصح أيضا من كلام ابن سيرين .
رواية البيهقي في شعب الإيمان 7/10 وابن أبي الدنيا في المنامات ( 1/ 88 ) عن أبي قتادة وصححه الألباني في صحيح الجامع 845 والصحيحة 1425 .
وقال السيوطي في اللآليء المصنوعة : الحديث حسن صحيح له طرق كثيرة وشواهد استوعبتها في كتاب شرح الصدور ، ثم ذكر منها : عن أبي الزبير عن جابر قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أحسنوا كفن موتاكم فإنهم يتباهون ويتزاورون بها في قبورهم .
وقال السيوطي في الديباج على مسلم (3/26) : زاد الحارث بن أبي أسامة في مسنده من حديث جابر أيضا : فإنهم يتباهون ويتزاورون في قبورهم وللترمذي وابن ماجة مثله من حديث أبي قتادة .
قلت : وجاء عن ابن سيرين موقوفا بسند صحيح في مصنف عبد الرزاق 3/431 ومصنف ابن أبي شيبة 2/468.
ومنها : أن الموتى يسألون عن الأحياء فيعرفون أخبارهم
فالموتى يسألون عن الأحياء فيسرون ويساؤون لما يسمعون من أحوالهم ..
جاء عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن المؤمن إذا قبض .. وذكر الحديث .. وجاء فيه : حتى يأتون به أرواح المؤمنين فلهم أشد فرحا به من أهل الغائـب بغائبهم فيقولون : ما فعل فلان ؟ فيقولون : دعوه حتى يستريح فإنه كان في غم الدنيا فيقول : قد مات ، أما أتاكم ؟ فيقولون : ذهب به أمه الهاوية .. الخ.
وهو حديث صحيح رواه النسائي صغرى 4/8 وكبرى 1/603 وابن حبان في صحيحه 7/284 والحاكم 1/504 ورواه 2/581 عن الحسن مرسلا بسند صحيح أيضا .
وروى البزار والطبري عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن المؤمن حين ينزل به الموت ويعاين ما يعاين ، ود أنها قد خرجت ، والله يحب لقاءه ، وإن المؤمن يصعد بروحه إلى السماء ، فتأتيه أرواح المؤمنين فيستخبرونه عن معارفهم من أهل الأرض ، فإذا قال : تركت فلانا في الدنيا أعجبهم ذلك ، وإذا قال لهم إن فلانا قد فارق الدنيا . قالوا : ما جيىء بروح ذاك إلينا ، وقد ذهب بروحه إلى أرواح أهل النار ، وإن المؤمن يجلس في قبره ويسأل : من ربك ؟ فيقول : ربي الله .. الحديث
رواه البزار كما فى كشف الأستار (1/413) والطبري في تهذيب الآثار (2/216) وقال الهيثمى (3/53) : رجاله ثقات خلا سعيد بن بحر القراطيسى فإني لم أعرفه .
قلت : وثقه ابن حجر ، وهو عند الطبري من غير طريقه ، وصححه السيوطي .
وروى ابن المبارك في الزهد ( 149) عن أبي أيوب الأنصاري أنه قال :
إذا قبضت نفس العبد تلقاه أهل الرحمة من عباد الله كما يلقون البشير في الدنيا فيقبلون عليه ليسألوه فيقول بعضهم لبعض أنظروا أخاكم حتى يستريح فإنه كان في كرب فيقبلون عليه فيسألونه : ما فعل فلان ؟ ما فعلت فلانة ؟ هل تزوجت ؟ فإذا سألوا عن الرجل قد مات قبله قال لهم إنه قد هلك ، فيقولون إنا لله وإنا إليه راجعون ، ذهب به إلى أمه الهاوية فبئست الأم وبئست المربية ، قال فيعرض عليهم أعمالهم [ أي أعمال أهل الدنيا ] فإذا رأوا حسنا فرحوا واستبشروا وقالوا هذه نعمتك على عبدك فأتمها وإن رأوا سوءا قالوا اللهم راجع بعبدك .
ورواه ابن أبي الدنيا مرفوعا وراجع الصحيحة لبيان ما في هذه الرواية .
وفي زوائد الزهد لنعيم بن حماد عن عبد الله بن جبير بن نفير أن أبي الدرداء قال : إن أعمالكم تعرض على موتاكم فيسرون ويساؤون .
أنظرها مع جمع من الروايات عند الألباني في السلسلة الصحيحة 2628 و 2758.
وروى ابن المبارك أيضا في الزهد (1/150) عن خالد بن معدان قال حدث عبد الله بن العاص قال : إن أرواح المؤمنين في طير كالزرازير يتعارفون يرزقون من ثمر الجنة .
ورواه ابن أبي شيبه في المصنف (7/31) حدثنا عيسى بن يونس عن ثور عن خالد بن معدان عن عبد الله بن عمر قال الجنة مطوية معلقة بقرون الشمس تنشر في كل عام مرة وأرواح المؤمنين في جوف طير خضر كالزرازير يتعارفون ويرزقون من ثمر الجنة .
وإسناده صحيح متصل موقوفا .
وروى ابن المبارك أيضا في الزهد (1/151) عن سعيد بن جبير أنه استأذن على زوجة عثمان وهي بنت عمرو بن أوس فدخل فسلم عليها ثم قال لها كيف فعل زوجك بك ؟ قالت إنه لمحسن فيما استطاع ثم التفت إلى عثمان وقال يا عثمان أحسن إليها فإنك لا تصنع بها شيئا إلا جاء عمرو بن أوس ! قال وهل يأتي الأموات أخبار الأحياء ؟ قال نعم ما من أحد له حميم إلا يأتيه أخبار أقاربه فإن كان خيرا سر به وفرح به وهنيء به وإن كان شرا ابتأس بذلك وحزن حتى أنهم يسألون عن الرجل قد مات فيقال ألم يأتكم ؟ فيقولون لقد خولف به إلى أمه الهاوية .
وروى الحاكم (2/533) سند ضعيف عن الحسن : إذا مات العبد تلقى روحه أرواح المؤمنين فيقولون له : ما فعل فلان ؟ ما فعل فلان ؟ فإذا قال مات قبلي ، قالوا : ذهب به إلى أمه الهاوية فبئست الأم وبئست المربية .
وهذه الروايات عن الصحابة وإن كانت موقوفة فإنها في حكم المرفوع كما قاله القرطبي في التذكرة لأنها من الغيب الذي لا يقال بالرأي كما هو مقرر في الاصطلاح والأصول .
ومما روي أيضا : عند ابن أبي الدنيا في قصة موت بشر بن البراء بن معرور وقد سألت أمه رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل يتعارف الموتى ؟ فقال : نعم والذي نفسي بيده يا أم بشر ، إنهم ليتعارفون كما تتعارف الطير في رؤوس الشجر .
رواه ابن أبي الدنيا في المنامات وذكره ابن القيم عنه في كتاب الروح ص 83 محتجا به ولا أراه يصح ففيه راويان لينان .. والله اعلم .
وفيما أعلاه غنية عن الضعيف .
وروى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن أرواح المؤمنين تلتقي على مسيرة يوم ، ما رأى أحدهم صاحبه قط .
أخرجه أحمد (2/220 و 2/175 ) والطبراني (13/66) والهيثمي في غاية المقصد فى زوائد المسند (2/3006) وقال الهيثمي : رواه أحمد ورجاله وثقوا على ضعف في بعضهم . قلت : ابن لهيعة مع دراج مع الصدفي فيهم ضعف . وقال الشيخ أحمد شاكر : إسناده صحيح : 6636 وحسنه شعيب .
وروى ابن ماجة عن محمد بن المنكدر قال دخلت على جابر بن عبد لله وهو يموت قلت : اقرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام ..
رواه ابن ماجة 1450 واللفظ له وأحمد 3/69 و 4/391 ورجالهما ثقات إلا أحمد بن الأزهر فهو صدوق وصححه البوصيري . وضعفه الألباني .
وقال ابن أبي الدنيا في المنامات : حدثنا القاسم بن هشام حدثنا يحيى بن صالح حدثنا محمد بن سليمان حدثنا راشد بن سعد : أن رجلا توفيت امرأته فرأى نساء في المنام ولم ير امرأته معهن فسألهن عنها فقلن : إنكم قصرتم في كفنها فهي تستحي أن تخرج معنا فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه و سلم : أنظر إلى ثقة من سبيل فأتى رجلا من الأنصار قد حضرته الوفاة فأخبره فقال الأنصاري : إن كان أحد يبلغ الموتى بلغته قال : فتوفي الأنصاري فأتى بثوبين مبرورين بالزعفران فجعلهما في كفن الأنصاري فلما كان الليل رأى النسوة معهن امرأته وعليها الثوبان الأصفران.
رواه ابن أبي الدنيا في المنامات (1/ 88 ) وذكره ابن رجب في أهوال القبور ( 1 / 128) ورواته ثقات غير شيخ ابن أبي الدنيا وهو القاسم بن هاشم السمسار وليس هشام وله ترجمة في تاريخ دمشق (49/213) والخطيب في تاريخ بغداد (12 / 429) وقال : وكان صدوقا . وراشد بن سعد روى عن كثير من الصحابة ، وإبهام الصحابي لا يضر . كما هو معلوم .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن تلاقي أرواح المؤمنين في البرزخ، واستقبالهم لمن يأتي إليهم من بعدهم وسؤالهم إياهم عن أهل الدنيا ثابت ـ كما في حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا احتضر المؤمن أتته ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء فيقولون: اخرجي راضية مرضيا عنك إلى روح الله وريحان ورب غير غضبان، فتخرج كأطيب ريح المسك، حتى أنه ليناوله بعضهم بعضا، حتى يأتون به باب السماء فيقولون: ما أطيب هذه الريح التي جاءتكم من الأرض، فيأتون به أرواح المؤمنين، فلهم أشد فرحا به من أحدكم بغائبه يقدم عليه، فيسألونه ماذا فعل فلان؟ ماذا فعل فلان؟ فيقولون: دعوه، فإنه كان في غم الدنيا، فإذا قال: أما أتاكم؟ قالوا: ذهب به إلى أمه الهاوية.
وإن الكافر إذا احتضر أتته ملائكة العذاب بمسح فيقولون: اخرجي ساخطة مسخوطا عليك إلى عذاب الله عز وجل، فتخرج كأنتن ريح جيفة، حتى يأتون به باب الأرض، فيقولون: ما أنتن هذه الريح، حتى يأتون به أرواح الكفار.
رواه النسائي، وصححه الألباني.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
وَأَرْوَاحُ الْأَحْيَاءِ إذَا قُبِضَتْ تَجْتَمِعُ بِأَرْوَاحِ الْمَوْتَى، وَيَسْأَلُ الْمَوْتَى الْقَادِمَ عَلَيْهِمْ عَنْ حَالِ الْأَحْيَاءِ فَيَقُولُونَ: مَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ فَيَقُولُونَ: فُلَانٌ تَزَوَّجَ. فُلَانٌ عَلَى حَالٍ حَسَنَةٍ.
وَيَقُولُونَ: مَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ فَيَقُولُ: أَلَمْ يَأْتِكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: لَا، ذُهِبَ بِهِ إلَى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ.
وَأَمَّا أَرْوَاحُ الْمَوْتَى فَتَجْتَمِعُ: الْأَعْلَى يَنْزِلُ إلَى الْأَدْنَى، وَالْأَدْنَى لَا يَصْعَدُ إلَى الْأَعْلَى.
مجموع الفتاوى.
وقال ابن القيم في كتاب الروح:
المسألة الثانية ـ وهي أن أرواح الموتى ـ هل تتلاقى وتتزاور وتتذاكر أم لا؟
وهي ـ أيضا ـ مسألة شريفة كبيرة القدر، وجوابها: أن الأرواح قسمان: أرواح معذبة، وأرواح منعمة، فالمعذبة: في شغل بما هي فيه من العذاب عن التزاور والتلاقي.
والأرواح المنعمة المرسلة غير المحبوسة: تتلاقى وتتزاور وتتذاكر ما كان منها في الدنيا وما يكون من أهل الدنيا، فتكون كل روح مع رفيقها الذي هو على مثل عملها، وروح نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الرفيق الأعلى. قال الله تعالى : وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا {النساء: 69}.
وهذه المعية ثابتة في الدنيا وفي الدار البرزخ وفي دار الجزاء، والمرء مع من أحب في هذه الدور الثلاثة.
وقال تعالى: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي
{الفجر: 27-30}.
أي: ادخلي جملتهم وكوني معهم، وهذا يقال للروح عند الموت.
وفي قصة الإسراء من حديث عبد الله بن مسعود قال: لما أسري النبي صلى الله عليه وسلم لقي إبراهيم وموسى وعيسى صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فتذكروا الساعة. وهذا نص في تذاكر الأرواح العلم.
وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى عن الشهداء بأنهم أحياء عند ربهم يرزقون، وأنهم يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم، وأنهم يستبشرون بنعمة من الله وفضل، وهذا يدل على تلاقيهم من ثلاثة أوجه:
أحدها: أنهم عند ربهم يرزقون، وإذا كانوا أحياء فهم يتلاقون.
الثاني: أنهم إنما استبشروا بإخوانهم لقدومهم ولقائهم لهم.
الثالث: أن لفظ يستبشرون: يفيد في اللغة أنهم يبشر بعضهم بعضا مثل: يتباشرون.
وقد تواترت المرائي بذلك.
وقد جاءت سنة صريحة بتلاقي الأرواح وتعارفها. اهـ مع حذف.
وقد ساق ـ رحمه الله ـ كثيرا من الشواهد على ذلك.
وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 24738، 14368، 15281.
والله أعلم …
موضوع من تجمعي

عالم البنات النسائي كل ما يخص المرأة العربية من ازياء وجمال والحياة الزوجية والمطبخ