العرب قبل الجاهلية


حبيت أحط ليكم هالموضوع لأنه بحث حق المرحلة المتوسطة في الشرقية 😆 idea:

الأمة العربية من أقدم الأمم وأعرقها تاريخا، وقد خلد الله وجودها حين خصها دون غيرها من الأمم باختيار خاتم أنبيائه ونزول وحيه وقرآنه بلغتها. والعرب من الساميين الذين ينتسبون إلى سام بن نوح عليه السلام. وقد قسم المؤرخون العرب قبل الإسلام إلى قسمين: العرب البائدة والعرب الباقية. أما العرب البائدة فهي القبائل التي بادت قبل الإسلام، وقد وردت بعض أخبارهم في القرآن الكريم

عقيدة مضطربة:
لم يكن لعرب الجاهلية عقيدة واحدة تجمعهم، وتوحد نظرتهم للكون والحياة، ولم يجتمعوا على دين واحد يدينون به ويرسم لهم مثلا أعلى في الحياة يسعون لتحقيقه. كان غالبيتهم وثنيون يعبدون أصناما متعددة. وعبد بعضهم النجوم والكواكب. وبقيت الأصنام تحف بالكعبة ومعها صنم قريش الأكبر (هبل) حتى كان فتح مكة وطهر الرسول صلى الله عليه وسلم الكعبة من الأصنام. وقد ورد ذكر لأصنام العرب في القرآن الكريم ومنها: اللات والعزي ومناة: (أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى) (1)
وكان بعضهم يعتقد أن هذه الأصنام واسطة بينهم وبين الله تقربهم إلى الله زلفى،
(1)” سورة النجم، الآيتان 20,19”

وروى القرآن ذلك عنهم:(والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) (2)
نظام قبلي وروح عشائرية:
ساد النظام القبلي من العصر الجاهلي، والقبيلة هي الوحدة السياسية عند عرب الجاهلية، وهي التي تحمي الفرد وتدافع عنه حتى ولو أخطأ، الفرد يتعصب لقبيلته ولا يحيد عن رأيها ويفخر بانتمائه لها، فهو جزء منها يتجه حيثما تتجه.وفي هذا يقول الشاعر دريد بن الصمة:
وما أنا إلا من غزيّة إن غَوَتْ
غَوَيْتُ وإن تَرْشُدْ غُزيّةُ أَرشُدِ
ونزل القرآن الكريم فدعا إلى هدم العصبية وجعل معيار التفاضل بين الناس قائما على التقوى (إن أكــرمكم عـــند الله أتــــقاكم) وبين الرســــول الكريم أنه ”لا فضـــل لعـــربي على أعجــــمي إلا بالتقوى”’ وأن النــاس ”ســــواســـية كأسنان المشط”.
ومع ذلك فإن من المؤسف أن العصبة القبلية استمرت في التاريخ الإسلامي وعملت على إضعاف المسلمين بسبب ما حدث من نزاعات بين (قيس ويمن) ولا زالت آثار هذه الخصومات ضاربة أطنابها في حياتنا المعاصرة وما زلنا نشهد مظاهر الروح العشائرية والتعصب القبلي في
(2)” سورة الزمر الآية 3 ”
بلدان العالم العربي، الأمر الذي يسهم في تفتيت الذات العربية والحد من وحدة الأمة وتعاضدها.
معارفهم وعلومهم عملية:
لم يكن عرب الجاهلية أصحاب خيال أسطوري، كما هو الحال عند اليونانيين القدامي في أساطيرهم القائمة على الإيمان بتعدد الآلهة وأنصاف الآلهة، وأن الآلهة في حروب وصراع مستمر ولكل منهم جنوده من البشر وأنصاف البشر وأنصاف الآلهة، كما هو واضح في الأساطير الإغريقية المشهورة التي ولّدت عندهم الخيال والإلهام وأنتجت الملاحم الشعرية الأسطورية الخالدة مثل الإلياذة والأوديسة لشاعر الإغريق هوميروس.
ولكن عرب الجاهلية كانوا عمليين في نظرتهم للأشياء، فلم يطرقوا من العلوم سوى التي كانت تفيدهم في حياتهم اليومية وتصريف شؤون دنياهم كمعرفتهم بأحوال النجوم في طلوعها وغروبها ومواضعها وما يرتبط بها من حر وبرد وأمطار ورياح واعتدال زمان ونتاج حيوان، والاهتداء بها في رحلاتهم وتنقلاتهم من مكان إلى آخر. وعلم الأنساب، والذي تعرف به القرابات التي بين القبائل والحاق الفروع بالأصول، وانما دعاهم إلى العناية به عصبيتهم القبلية وحرصهم على حفظ أنسابهم والافتخار بأسلافهم. ومعرفتهم بالأخبار والقصص والحروب التي كانت تدور بين القبائل. ومعرفتهم بالطب والبيطرة وشاعت عندهم أساليب ما تزال معروفة إلى الآن في الطب الشعبي مثل الكي بالنار والحجامة، ومن مشهوريهم في الطب (الحارث بن كلدة) ومن أمثالهم (آخر الدواء الكي).
بُعْد عن الفلسفة :
لم يكن عرب الجاهلية أهل فلسفة، كما هو الحال عند اليونانيين القدامى الذين ظهر منهم سقراط وأفلاطون
وأرسطو وغيرهم من مشاهير الفلاسفة. والسبب أن طبيعة الحياة البدوية القاسية التي عاشها العربي لم تكن تتيح له الاستغراق في التأملات والنظريات الفلسفية، ولذلك فإن الفلسفة قد انتقلت إلى العربي في العصر العباسي عن طريق الترجمة بعد أن ترجمت مؤلفات أفلاطون وأرسطو.
ولكن الحياة الجاهلية لم تخل من خطرات فلسفية ووقفات متأملة أحيانا تدل على إعمال النظر والحكمة. وظهر شعر الحكمة عند كثير من شعرائهم كقول لبيد:
وما المالُ والأهلون إلا ودائع
ولا بدّ يوماً أن تُردّ الودائعُ
يأخذون بالثأر:العربي الجاهلي لا ينام على ثأره، وهو يعتبر الأخذ بالثأر بمثابة غسل للعار الذي يلحق به ولا يبالي بالعواقب في سبيل تحقيق هذا الهدف، كما قال الشاعر

سأغسل عني العار بالسيف جالباً
علي قضاء الله ما كان جالبا
وكانوا يعتقدون أن القتيل الذي لا يؤخذ بثأره يخرج من رأسه طائر يسمي ( الهامة) يظل يصيح على قبره قائلا: اسقوني اسقوني. أي خذوا بثأري واسقوني من دماء القاتل.
ومع أن آيات القرآن الكريم أكدت أنه ”لاتز وازرة وزر أخرى”(4)
وخصت الدولة بإقامة الحدود إلا ان عادة الأخذ
بالثأر ما زالت حية في كثير من بلدان العالم العربي إلى أيامنا هذه، امتدادا لما كانت عليه الحياة الجاهلية.
أهل فصاحة وبلاغة:
كان العرب شديدي الاعتداد بلغتهم، يحبون فصيح الكلام، وبليغ المعاني، ويقولونه ارتجالا وعفو الخاطر، ويحرصون في الوقت نفسه على حفظ الكلام الجيد البليغ من شعر ونثر.
ومن المظاهر البارزة في بلاغتهم أن كلامهم يتصف بالايجاز مع صحة المعنى وحسن البيان وصدق التجربة. ينطق أحدهم بالقول فيرسله فيما يسري بين الناس، أو كلمة عميقة الدلالة على الحياة وتجاربها،
كقولهم:
(3)سورة الزمر
-مصارع الرجال تحت بروق الطمع
– كلم اللسان انكى من كلم السنان
– أول الحزم المشورة
– أَنجز حُرٌ ما وَعَدْ
– آفة الرأي الهوى…. إلخ.
ونزول القرآن الكريم، بهذا الإعجاز البلاغي واللغوي، هو إشارة إلى ما عرف عن العربي من فصاحة وبلاغة، وهو يتحداهم،وهم أهل الفصاحة والبلاغة، أن يأتوا بسورة من مثله إن كان القرآن من كلام البشر كما يزعمون:
(وإن كنتم في ريب مما نزَّلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله، وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين) (4)
إقدام وشجاعة:
الإقدام والشجاعة من مقومات الذات العربية في الجاهلية، وهما من مستلزمات الحياة البدوية الصحراوية القائمة على الغزو وكثرة دخول المعارك. مما فرض على الإنسان الجاهلي أن يكون شجاعا مقداما لحماية نفسه وعرضه وماله، وأصبح يرى في الشجاعة سجـــية عالية يتحـــــلى بها ويتغنى؛ ويــــرى في الجـــــبن وعدم مواجهة العدو عــــارا وخزيا على صاحبه.
(4) ”البقرة، الآية 23”
سخاء وكرم:
السخاء والكرم من السجايا المتأصلة في نفوس العرب، فهم يلقون ضيفهم بالبشر والترحاب والتـــــكريم،
ويحـــــرصون على خدمته وراحته، ويعـــــدّون خدمة الضيف شـــــــرفاً ورفعة، يقول شاعرهم.
وإني لَعبدُ الضيف مادام نازلاً
وما شيمةٌ لي غيرها تشبه العبدا
وبلغ من مظاهر حبهم للكرم أنهم كانوا يوقدون النار في الليل على المشارف والتلال ليهتدي الضيفان بها إليهم، وبعضهم يوقد النار بحطب طيب الرائحة ليشمها من لم يكن مبصرا.
عفة نفس ومروءة:
وهي عندهم من شروط السيادة والشجاعة والكرم، وتدل على علوّ الهمة والترفع عن الدنايا والصغائر ومن أروع معاني عفة النفس قول عنترة:
ولقد أبيت على الطوى وأظلُّه
حتى أنال به كريم المأكل

ويروى أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، حين سمع بهذا البيت قال:
”ما وصف لي أعرابي قط، أحببت أن أراه إلا عنترة”
إباء ورفض للذل :
من سمات الذات العربية في الجاهلية الإباء وعدم الإقامة على الضيم وعدم الرضا بحياة الذل تحت أي
ظرف، لأن الاستكانة للذل هي من شيم العبيد لا من شيم الأحرار، ويشبهون من يرضى بحياة الذل بالحمار
المربوط في الوتد، يقول المتلمس، وهو من شعراء الجاهلية:
ولا يقيم على ضيم يسام به
إلا الأذلان عير الحي والوتد
هذا على الخسف مربوط برمته
وذا يشح فلا يرثي له أحد
(عير الحي: الحمار، برمته: الرمة الحبل الذي تربط به الدابة، يشح: يضرب ضربا مبرحا) هذا بالإضافة إلى سمات أخرى راقية عرف بها العربي في الجاهلية.
ومنها: حب السيادة والنجدة وإغاثة الملهوف وغيرها. وقد جمع الشاعر العربي هذه المكارم التي كان يتحلى بها الإنسان العربي في الجاهلية بقوله:
تعيِّرنا أنّا قليلٌ عديدُنا
فَقُلْتُ لها إنّ الكرامَ قليلُ
وما ضَرَّنا أنّا قليلٌ وجارُنا
عزيزٌ وجار الأكثرينَ ذَليلُ
تسيلُ على حَدِّ الظُّباة نفوسُنا
وليست على غير السيوف تسيلا
إذا سيِّدٌ منا خلا قام سيّدٌ
قؤولٌ بما قالَ الكرامُ فعول
كان من عادة العرب في الجاهلية ان يسترضعوا لاطفالهم غير امهاتهم، وكان منشأ هذه العادة كما يقول ابن القيم اعتقادهم بأن المرأة المرضعة اذا حملت يفسد لبنها ويصبح ضارا بالطفل الرضيع .
وكان العرف الجاهلي في الرضاع هو فصل الرضيع عن امه وتسليمه الى المرضعة ليعيش معها في بيتها ومع اولادها وافراد اسرتها ، حيث تقوم مرضعته – فضلا عن ارضاعه – برعايته والعناية به كما لو كان ابنها الحقيقي ، وكانت عادة الرضاع تمتد حتى تصل الى السنتين ، وقد اخبر القرآن عن هذه المدة
في الآية : ( والوالدات يرضعن اولادهن حولين كاملين لمن اراد ان يتم الرضاعة ) .
فالرضاع عند العرب لم يكن يقتصر على تغذية الطفل بلبن المرضعة فحسب ، وانما كانت المرضعة تأخذ دور الأم ، فتقوم نحوه بكل ما تقوم به الأم نحو وليدها ، والعيش بين اولادها كواحد منهم ، وبذلك تنشأ مشاعر متبادلة بينه وبين مرضعته واولادها هي نفس مشاعر الطفل نحو امه واخوته الحقيقيين ، وبالتالي يصبح زواجه من الام التي ارضعته او من احد اولادها امرا مستهجنا ، ولذلك كان العرب يمقتونه ستهجنونه .
هذه العلاقة الخاصة بين الرضيع ومرضعته هي سبب التحريم وليس اللبن الذي يتناوله الطفل كغذاء ، والذي لا يختلف في شيء عن أي غذاء آخر في انماء جسمه .
وقد اقرت الشريعة الاسلامية هذه الاعتبارات بعد الغاء التبني ، فحرّم
القرآن الزواج من الأم المرضعة والأخت من الرضاعة على ما كان عليه العرف في الجاهلية ، وتوسعت السنة فاضافت اليه كل درجات النسب الاخرى المحرمة في الحديث الشهير ( يُحرّم من الرضاع ما يُحرّم من النسب ) ، ثم جاء جدل الفقهاء حول عدد الرضعات المحرمة ومدته ليزيد الطين بلة !! فقال بعضهم : دخول اللبن الى جوف الطفل قل او كثر يوجب التحريم ، في حين ذهب آخرون الى ان التحريم لا يثبت الا بخمس رضعات مشبعات .. ناهيك عن خلافهم في مدة الرضاع ، ولا ننسى بالطبع رواية عائشة الطريفة حول رضاع الكبير !!!!

اذن…………
ان عادة الارضاع واستئجار المرضعات هي عادة عربية كانت في الجاهلية وبقيت في بدايات الاسلام ، وزالت في عصرنا هذا وخاصة بعد انتشار الرضاعة الصناعية ، واذا حدث شيء من ذلك فانما يكون في حالات نادرة وعابرة تقتصر على رضعة او بضع رضعات ، وقطعا ليس هذا هو التحريم الذي فهمه عرب الجاهلية وشرّعه الاسلام ، وانما الذي استهدفته الشريعة من تحريم الزواج بسبب الرضاع هو حضانة الطفل وتربيته من قبل امرأة غير أمه مدة سنتين كاملتين ، ولذلك .. لم يعد من مبرر اجتماعي ولا اخلاقي لبقائه في تشريعنا المعاصر والتضييق على الناس بسببه بالحيلولة دون زواج فتاة وفتى من اجل خمس رضعات رضعهما احدهما من حليب الآخر او من حليب قريب له خاصة وان غالبية النساء لا يكترثن بعادة الرضاع ولا يحفظن من ارضعنهن …وكم سمعنا عن مآس لأشخاص تزوجوا وانجبوا لتكتشف الجدة او الأم رضعة او رضعتين جمعت بين الزوجين في الماضي ….
ما الأدب؟
تطور مفهوم كلمة “أدب” بتطور الحياة العربية من الجاهلية حتى أيامنا هذه عبر العصور الأدبية المتعاقبة ، فقد كانت كلمة “أدب” في الجاهلية تعني:الدعوة الى الطعام ، وفي العصر الأسلامي استعمل الرسول صلى ال له عليه وسلم،كلمة “أدب” بمعنى جديد:هو التهذيب والتربية .ففي الحديث الشريف”أدبني ربي فأحسن تأديبي”أمافي العصر الأموي.،أكتسبت كلمة ” أدب “معنى تعليميا يتصل بدراسة التاريخ ،والفقه،والقرأن الكريم،والحديث الشريف . وصارت كلمة أدب تعني تعلم المأثور من الشعر والنثر. وفي العصر العباسي .نجد المعنين المتقدمين وهما:التهذيب والتعليم يتقابلان في استخدام الناس لهما وهكذا بدأمفهوم كلمةالأدب يتسع ليشمل سائر صفوف المعرفة وألوانها ولا سيما علوم البلاغة واللغة أما اليوم فيطلق كلمة “الأدب” على الكلام الانشائي البليغ الجميل الذي يقصد به التأثير في العواطف القراء والسامعين
تاريخ الأدب وتدوينه
يعني تاريخ الأدب بالتأريخ للأدب ،ونشأته،وتطوره،وأهم أعلامه من الشعراء،والكتاب. ـ كتاب تاريخ الأدب ينحون مناحي متباينة في كتابتهم للتلريخ .فمنهم من يتناول العصور التاريخية عصراعصر .ومنهم من يتناول الأنواع الأدبية ،كالقصة،والمسرحية،والمقامة.ومنهم من يتناول الظواهر الأدبية ،كالنقائض،والموشحات .ومنهم من يتناول الشعراء في عصر معين أو من طبقة معينة ـ حتى أذا جاء العصر العباسي الثاني .أخذ الأدب يستقل عن النحو واللغة ،ويعني بلمأثور شرحا وتعليقا الأخبار التي تتعلق بالأدباء أنفسهم ـ وفي العصر الحديث انبرى عدد كبير من الأدباء ،والمؤلفين ،والدارسين ،فكتبوا تاريخ الأدب العربي في كتب تتفاوت في احجامها ومناهجها،فجاء بعضها في كتاب ،والبعض الأخر في مجلدات .مثل كتاب “تاريخ الأدب العربي “للسباعي .
تقسيمات تاريخ الأدب وعصوره
درج مؤرخ الأدب العربي على تقسيم العصور الأدبية تقسيما يتسق مع تطور التاريخ السيياسي ،لما بين تاريخ الأدب وتاريخ السياسة من تأثير متبادل .ولكن هذا التقسيم لايعني أن الظواهر الأدبية تتفق مع العصور التاريخية اتفاقا تاما ،وذلك أن الظواهر الأدبية تتداخل قليلا أو كثير في العصور التاريخية ، وأكثر من أرخو للأدب العربي -وزعوا حديثهم عنه على خمسة عصور أساسية هي:
ـ العصر الجاهلي : وقد حدده المؤرخون بمئه وخمسين سنة قبل بعثة النبي (عليه الصلاه والسلام)
ـ العصر الاسلامي : ويمتد من بداية الدعوة الاسلامية الى سقوط الدولة الأموية عام عهد صدر الاسلام :-ويشمل عهد الرسول (صلى الله عليه (132ه،750م)وييقسم هذا العصر الى عهدين : -عهد صدر الإسلام :-ويشمل عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم ) والخلفاء الراشدين . -عهد الدولة الأموية . ـ العصر العباسي : يستمر حتى سقوط بغداد في يد التتار عام(656ه1258م) ـ عصر الدو المتتابعة : ويجعله معظم المؤرخين في عهدين ،هما :- العصر الحديث : ويمتد الى أيامنا الحاضرة. وفيما يلي سوف نناقش كل عصر على حدة :
الأدب الجاهلي
أولا :- الحياة السياسية،والأجتماعية،والدينية،والفكرية في الجاهلية: كانت القبيلة هى الوحدة السياسية في العصر الجاهلي ،تقوم مقام الدولة في العصر الحديث . وأهم رباط في النظام القبلي الجاهلي ،هو العصبية ،وتعني النصرة لذوي القربى والأرحام ان نالهم ضضيم أو اصابتهم هلكة. وللقبيلة رئيس يتزعمها في السلم والحرب .وبنبغي أن يتصف بصفات أهمها :البلوغ،الخبرة،سداد الرأى،بعد النظر ،والشجاعة ،الكرم ،والثروة. ومن القوانين التي سادت في المجتمع الجاهلي ،الثأر ،وكانت القبيلة جميعها تهب للأخذ بثأر الفرد،أو القبيلة.ويعتبر قبول الدية عارا . وقد انقسم العرب في الجاهلية الى قسمين: وعرف نظام القبلي فئات في القبيلة هي : ـ أبنائها الخلص ، الذين ينتمون إليها بالدم . ـ الموالي ، وهم أدنى منزلة من أبنائها . -العبيد من أسرى الحروب ،أو من يجلبون من الأمم الأخرى . ـ وكانت الخمره عندهم من أهم متع الحياة . ـ وقد إنتشرت في الجاهلية عادة وأد البنات أي : دفنهن أحياء . ـ واعتمد العربي في جاهليته على ما تتنجه الإبل والماشيه ، والزراعة ، والتجارة . ـ لقد عرف العرب من المعارف الإنسانية ما يمكنهم من الإستمرار في حياتهم ، وعبدوا أصناماً أعتقدوا – خطأ -إنها تقربهم إلى الله . وكان كل قبيله أو أكثر صنم ، ومن هذه الأصنام : هبل و اللات والعزى .
ثانياً: مصادر الشعر الجاهلي : المعلقات ، والمضليات ، والأصمعيات ، وحماسة أبي تمام ، ودواوين الشعراء الجاهليين ، وحماسة البحتري ، وحماسة إبن الشجري ، وكتب الأدب العامة ، وكتب النحو واللغة ومعاجم اللغة ، وكتب تفسير القرآن الكريم
ثالثاً : أغراض الشعر الجاهلي : -لقد نظم الشاعر الجاهلي الشعر في شتى موضوعات الحياة ومن أهم أغراض الشعر الجاهلي
: ـ الفخر والحماسة : الحماسة لغة تعني : القوة والشدة والشجاعة .ويأتي هذا الفن في مقدمة أغراض الشعر الجاهلي ،حيث يعتبر من أصدق الإشعار
عاطفة . ـ الغزل : وهو الشعر الذي يتصل نالمرأة المحبوبة المعشوقة .والشعر هنا صادق العاطفة ،وبعضه نمط تقليدي يقلد فيه اللاحق السابق . ـ الرثاء : وهو الشعر الذي يتصل بالميت . وقد برعت النساء في شعر الرثاء .وعلى رأسهن الخنساء ،والتي أشتهرت بمراثيها لأخيها صخر . ـ الوصف : اقد تأثر الشعراء الجاهليون بكل ما حولهم ،فوصفوا الطبيعة ممثلة في حيوانها ، ونباتها . ـ الهجاء : فن يعبر فيه صاحبه عن العاطفة السخط والغظب تجاه شخص يبغضه .
رابعاً : خصائص الشعر الجاهلي : ـ يصور البيئة الجاهلية خير تصوير. ـ الصدق في التعبير . ـ يكثر التصوير في الشعر الجاهلي . ـ يتميز بالواقعية والوضوح والبساطة .
خامساً: النثر في العصر الجاهلي : النثر هو الصورة الفنية الثانية من صور التعبير الفني ،وهو لون الكلام لا تقيده قيود من أوزان أو قافية .ومن أشهر ألوان النثر الجاهلي : ـ الحكم والأمثال . ـ الخطب . ـ الوصايا . ـ سجع الكهان . الأدب الإسلامي
أولا : تحديد العصر . نستطيع أن نميز عهدين في هذا العصر .وهما : ـ العهد النبوي والراشدي. ـ العهد الأموي . ويمتد العصر الأول من البعثة النبوية ،ويستمر حتى إنتهاء الخلافة الراشدية .أى أنه يمتد قرابة أربعين عاماً. أما العهد الثاني ،يمتد من عام (40ه-132ه) .
ثانياً: الشعر : الشعر في العهد النبوي والراشدي: فقد أزدهر الشعر في الخصومة التي حدثت بين المسلمين في المدينة والمكيين من قريش ، وكذلك أستمع النبي “صلى الله عليه وسلم ” وأصحابه إلى الشعر والشعراء . وحث النبي عليه الصلاة والسلام والصحابة والخلفاء الشعراء على المضي في قولهم الشعر دفاعا عن الإسلام . خصائص الشعر في عهد النبوي والراشدي : الشعر في عهد بنى أمية : تميز العصر الأموي بأمرين : أولهما ، تلك الفتوحات التي أثرت في الشعر .فقد ولدت الغربة إحساساً عميقاً بالحنين إلى الأصل والديار . وثانيهما ، تلك الثورات والفتن التي تثور هناوهناك في أجزاء الدولة .وكان اهذه الثورات أثرها في نفسية الشاعر . ويلاحظ في هذا العصر ذلك الترف والغنى ، وذلك بسبب اتساع الدولة للمسلمين ، والأستقرار في البلاد التي فتحت . موضوعات الشعر الأموي .
وخصائصه : ـ شعر المديح : كان الشاعر الأموي اذا مدح ،فأنه يمدح الممدوح لأتصافه بالسيادة ،والأشراف ، والفرسان الخلفاء والولاة . وكانت رغبة الشاعر الأموي اذا مدح هى نيل العطاء ، أو طلب العفو عنه . ولم يقتصر المدح على الولاة فحسب ، بل تعداعهم إلى نوابهم . مثل أبناء القادة . ـ
شعر الهجاء : ازدهر الهجاء في هذا العصر بسبب عوامل عدة منها : تأثير العصبيات القبلية التي إشتعلت نيرانها ، وكثرة الفرق والأحزاب الإسلامية .
ـ شعر الغزل : تميز هذا العصر بالغزل العذري .وكذلك الغزل الذي عرف منذ عرف الرجل المرأة .
ـ شعر الزهد : ويسند إلى الدعوة التى تتردد في القرآن الكريم . وهى دعوة تحث على التقوى والعمل الصالح . وكذلك الدعوة إلى العمل والكسب.
ـ شعر الطبيعة : في هذا العصر لم يهمل الشاعر الطبيعة التي ورثها عن أجداده .في الصحراء ، والواحات ، والنخيل .وكذلك وصف ما وجد من مناظر طبيعية في البلدان المفتوحة ،أنهارها ومدنها وجمالها وثمارها. ثانيا: النثر . ألوان النثر في العصر الإسلامي.
مجتمع الجزيرة العربية قبل الإسلام
اعتاد المؤرخون المسلمون، عند تناولهم لأوضاع الجزيرة العربية في الحقبة التي سبقت بزوغ الإسلام وصم مجتمعها بالجهل، وأنه كان غارقا في الظلمة والتخلف. ويجري التركيز عادة على العصبية وقوانين القبيلة، والممارسات الخاطئة التي سادت استثناء عند بعض القبائل، كوأد البنات. وضخم الحديث عن ممارسة بعض العادات والثقافات التي حرمها الإسلام، كشرب الخمر ولعب الميسر بما يوحي بانتشارها في مختلف أنحاء الجزيرة العربية، في حين كانت مقتصرة على المجتمع المكي، باعتباره مجتمعا تجاريا ونقطة تلاق لقوافل التجارة من وإلى اليمن والشام.
وكان دافع المؤرخين في ذلك ابراز الصورة المشرقة، والدور الذي لعبه الدين الحنيف في إنقاذ المجتمع والإرتقاء به، ونقله من الوثنية وعبادة الأصنام إلى عبادة الواحد الأحد. وقد تصورو أن ذلك يضيف دورا أكثر سموا لتاريخه، وكأن صورة الإسلام المجيدة ودوره الخالد لا يكتملان إلا بالتقليل من شأن الحضارة والحط من منظومة القيم والطريقة التي أديرت بها السلطة في المجتمع قبل بزوغ فجره.
وتناسوا في غمرة حماسهم، أن حالة الرقي والتحضر، والتنظيم الرائع الذي أديرت به مختلف جوانب الحياة في المدينة المقدسة هي رصيد للرسالة وليست عبئا عليها، كونها تعكس البيئة المتميزة والخصب الإخلاقي والثراء الروحي وأهمية المكان الذي انطلقت منه. والرسول الأعظم يشير إلى ذلك في جملة من أقواله، حيث يقول: “الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام” و “إنما بعثت لكي أتمم مكارم الأخلاق”. ولم تكن صدفة أن تنطلق الدعوة من مكة المكرمة، التي عرفت بمكانتها الدينية والأدبية والتجارية والإقتصادية في سائر أرجاء جزيرة العرب.
والواقع أن هناك أكثر من مشكلة رئيسية تواجه الموقف التاريخي التقليدي من تلك المرحلة، تتعلق ابتداء بتحديد المفاهيم. فكلمة العصر ذاتها عند غالبية المؤرخين المسلمين غير دقيقة، لأنها لم تعبر عن محتوى زماني أو مكاني محددين. فهناك خلط وعدم اتفاق على بداية تلك الفترة، كما أن هناك ضبابية في تحديد المكان. هل يشمل مكة المكرمة التي انبثقت منها رسالة الإسلام، أو قبائل وعشائر محددة بعينها، أم أنه يتعلق بعموم مناطق الجزيرة العربية. أما المشكلة الأخرى فتتعلق بالتفسير غير الدقيق لمفهوم الجاهلية الذي شاع في مجمل كتب التاريخ والأدب العربيين, وهو تفسير وصم المجتمع بالفوضى والسفه، في حين تشير القراءات إلى أن المجتمع المكي كان محكوما بأعراف وتقاليد متطورة جعلت منه كيانا متماسكا.
ونميل إلى الإعتقاد أن المؤرخين اعتمدوا ظاهر النص في تفسيرهم للآيات القرآنية الكريمة وبعض الأحاديث النبوية الشريفة التي وسمت العصر الذي سبق ظهور الإسلام بالجاهلية، في تدليلهم على الواقع المتردي الذي كانت تعيشه الجزيرة العربية بشكل عام، والمجتمع المكي بشكل خاص. وهكذا جرى التحقيب والتأريخ لأدب جاهلي، وتاريخ جاهلي، وعصر جاهلي، وأيام جاهلية، وهكذا..
ويبدو أن مفرد “جاهلي” استخدم في الصدر الأول للإسلام بمعنى المتعصب. وقد أشارت إلى ذلك بوضوح مجموعة من الآيات القرآنية الكريمة:
(إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية). (5)
(وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر شيء قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ههنا قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور) (6)
(وان احكم بينهم بما أنزل الله، ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك..) (.. أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون). (7)
( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى..). (8)

(5)سورة الفتح، الآية 26.
(6)سورة آل عمران، الآية 154.
(7)سورة المائدة، الآيات 49-50.
(8)سورة الأحزاب، الآية 33.

وفي الحديث الشريف، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: (اختصم مهاجري وأنصاري فقال المهاجري يا للمهاجرين، وقال الأنصاري يا للأنصار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم” وغضب لذلك غضبا شديدا) أخرجه البخاري.
وكذلك ما رواه الترمذي وغيره عن النبي (ص)قال: (إن الله قد أذهب عنكم غيبة الجاهلية، وفخرها بالآباء).
ويقول عمروا بن كلثوم في معلقته:
ألا لا يجلهن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا
ومن الواضح أن استخدام مفرد جاهلي، كما ورد في الآيات القرآنية والحديث الشريف، وفعل يجهلن في معلقة عمروا بن كلثوم يشير إلى العصبية والفخر والإعتداد. وهي صفات قبلية متعارف عليها حتى وقتنا الحاضر. والمعنى كما تشير إليه النصوص بعيد كل البعد عن الفهم اللغوي السائد لكلمة الجاهلية الذي يعني السفه وقلة العقل وعدم الإدراك.
والرجوع إلى التاريخ يؤكد، بما لا يقبل جدلا، أن هذه المنطقة شهدت قيام إمارات وممالك نمت وترعرعت في بيئة مجاورة للحضارات القديمة التي قامت في وادي النيل وما بين النهرين، والهلال الخصيب وعلى أرض اليمن. وكان أهلها على اتصال مباشر بتلك الحضارات، يأخذون منها ويتفاعلون معها.
وكانت الجزيرة العربية، بشكل عام تموج بالحركة وطرق القوافل. ففي جزئها الجنوبي يقع اليمن الذي ساعدته متاخمته للمحيط الهندي والبحر الأحمر على إقامة علائق متعددة مع مناطق العالم الأخرى, كما ساعد نزول الأمطار وخصوبة الأرض على قيام حضارة مستقرة ومدن عامرة به. وكان سكانه من بني حمير ذوي فطنة، هداهم تفكيرهم وذكاؤهم إلى حسن الإستفادة من الأمطار حتى لا تتسرب إلى البحر فوق الأرض المنحدرة من ناحيته، فقاموا ببناء سد مأرب.
كما اشتهرت مدينة يثرب، التي عرفت بالمدينة المنورة فيما بعد، بمئات من الحدائق وغياض النخل والضياع، مما جعلها تبدو بالمقارنة مع مكة وكأنها جنة عدن من حيث جوها وخصوبة أرضها. وكانت ممرا للقوافل التجارية المتجهة من اليمن ومكة إلى بلاد الشام. يؤكد ذلك، قيام المعركة الأولى التي خاضها المسلمون عند وادي بدر الذي لا يبعد أكثر من عشرين ميلا جنوبي مدينة يثرب، حيث اعترضوا قافلة قريش التجارية التي كان يقودها أبو سفيان أثناء اتجاهها إلى مكة قادمة من الشام، ونشبت أول معركة في تاريخ الإسلام انتهت بانتصار المسلمين، وكان لها الأثر البعيد على مجرى الأحداث اللاحقة.
أما منطقة البحرين، فقد عرفت الإستقرار والتحضر بفعل خصوبة أرضها ووفرة المياه فيها، وبفعل موقعها على شواطئ الخليج العربي، الذي يربطها عن طريق البحر بمناطق العالم الأخرى. كما اشتهرت بأسواقها: هجر ومشقر ودارين، التي عكست مستوى التقدم التجاري والزراعي الذي وصلت إليه البلاد. وكان الحطم بن هند البكري من بين أشهر رجالها الذين برعوا في التجارة مع مكة، والحيرة في العراق. وهو بمثابة أبي سفيان في مكة حيث كان يقود قوافل التجارة الأحسائية. وتميزت هذه المنطقة عن بقية مناطق الجزيرة العربية بوجود تيارات فكرية دينية عديدة كالمسيحية واليهودية والزرادشتية.
وتتضح الصورة أكثر عن مستوى الرقي الإقتصادي وكثافة السكان بهذه المنطقة، في تلك الحقبة التاريخية من خلال النظر إلى مقدار الخراج الذي فرضه النبي محمد(ص) ويقال إن البحرين أول ولاية فرض عليها الخراج في الإسلام، وأن واليها أبا العلاء الحضرمي، جلب الخراج إلى النبي في السنة السابعة للهجرة، وقدره مائة وخمسون ألف دينار. ويعتبر ذلك مبلغا هائلا قياسا إلى ذلك العصر، فلم يصل له مبلغ كهذا لاقبل ولا بعد. ويدلل ذلك على ثقل البلاد البشري، إذ أن الجزية لا تؤخذ إلا على كل محتلم ذكر أو أنثى وقدرها دينار، وفي عهد خلافة أبي بكر الصديق وصل لبيت المال أموال هائلة من هذه المنطقة.
وإذا رجعنا إلى مكة، مهد البداية في نهضة العرب، نجد أنه كان هناك تنظيم عملي رائع للعلاقة بين مختلف أبناء قبائلها وعشائرها. فقد كانت أهم الوظائف في مجتمعها، كالحجابة والسقاية والرفادة والندوة واللواء موزعة بين قادة عشائر تلك المدينة بشكل يعكس توازن القوى، وينال قبول الجميع، ويحقق الوحدة والتلاحم في البناء الأعلى للمجتمع. وقد شبه بـعض المؤرخين نظام الحكم في مكة بجمهوريتي البندقية وقرطاجة، حيث يسيطر رأس المال على الحكم فيهما.
فمن عشيرة هاشم، تولى العباس بن عبد المطلب بن هاشم، أحد أثرياء مكة وعم الرسول، السقاية التي تعني اسقاء الحجيج بالماء والنبيذ واطعامهم الثريد. وقد عرفت أم القرى بشحة مياهها، فهي كما يقول القرآن الكريم (واد غير ذي زرع)(9) ونظرا لأهميته، جرت تنظيم عملية توزيعه وفرض الجباية عليه. وكان العباس مرجعا مهما في الخلافات التي تحدث في المجتمع. وقد فاوض أبرهة، عن الجانب المكي عند هجوم الأخير عليها.
ومن بني نوفل، الحارث بن عامر، ويعد واحدا من أغنياء مكة، وكان مسؤولا عن الرفادة، وهي تنظيم المؤن وإطعام الحجيج والإشراف على شؤونه، ويتم ذلك من خلال ضرائب تجبى من المكيين.
ومن بني عبد الدار، عثمان بن طلحة، وهو رجل واسع الثراء، تولى سدانة الكعبة، وعقد الندوة، وهي المكان الذي يجتمع فيه الملأ من قريش عندما يتشاورون في أمر من الأمور الهامة.
ومن بني زمعة، يزيد بن زمعة بن الأسود من بني أسد، أحد وجهاء مكة وأغنيائها. وكان مستشارا لمكة، يرجع إليه الملأ من قريش عندما يتخذون قرارا، فإذا أوصى به نفذ، وإن لم يوافق عليه أصدر قرارا آخر، يصبح نافذ المفعول على الجميع.
(9)سورة البقرة

ومن بني تيم، أبو بكر الصديق مسؤولا عن الأعناق، وهي الديات والمغارم. فإذا قتل فرد وقرر له على قاتله وافقت قريش، وعملت على تنفيذ قراره. والمعروف في صدر الإسلام، أنه اعتق عددا من العبيد، الذين أسلموا في الأيام الأولى للدعوة الإسلامية، وتحملوا عذاب وأذى أسيادهم من أمثال بلال بن رباح مؤذن الرسول. وهذا دليل على ما كان يملكه أبو بكر من ثروة ومال.
ومن أمية، أبو سفيان بن حرب زعيم أمية، التي تنازعت السلطة مع الهاشميين، ويدير شؤون الدولة عند وقوع الحرب، وكانت لديه العقاب، راية قريش. فإذا وقعت حرب أخرجها والتفت حوله قريش، إلا إذا رأت أن تختار رجلا آخر بديلا عنه. فهو إذن القائد العام ورئيس الدولة عنذ نشوب الحرب. وقد بقي يتولى هذه المهمة حتى فتح مكة. وقد تزعم الحرب ضد المسلمين في كل المعارك التي نشبت بينهم وبين قريش، ووضح ذلك بشكل جلي في بدر وأحد. كما كان إعلان النبي محمد أن من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، بمثابة اعلان استسلام مكة المكرمة لقوات المسلمين دون قتال.
ومن بني مخزوم، خالد بن الوليد القائد العربي المشهور، وكان ميسور الحال. ومهمته ضرب القبة عند نشوب الحرب، فتجتمع عندها عدة الحرب والخيل. ثم يمضي في ترتيب الجيش.
أما عمر بن الخطاب من بني عدي، فتولى السفارة بين قريش وغيرها من البلدان والقبائل، وكانوا إذا وقعت حرب بعثوه سفيرا، وإن نافرهم حي، جعلوه منافرا ورضوا به. ومن الناحية العملية فإنه المسؤول عن السياسة الخارجية لشؤون مكة.
وكان صفوان بن أمية من بني جمح رجل الدين الذي يستقسم لقريش بالأزلام، إذا أرادت مكة أن تنفذ أمرا من الأمور. وكان الحارث من بني نهم، وأحد أثرياء قريش يتولى إدارة الأموال الموقوفة على خدمة الآلهة. وهي أشبه بوزارة الأوقاف في العصر الحديث.
كانت تلك صورة ملخصة لتقسيم الوظائف بين علية القوم في المجتمع المكي، شملت مختلف العشائر المؤثرة. على أن ذلك لم يكن التنظيم الوحيد الذي حكم علاقاتهم. فقد ارتبطت قبائل وعشائر ذلك المجتمع بأحلاف تعزز عن طريقها أواصر العلاقة والقربى فيما بينها. وفي الغالب، يكون الهدف منها تعهد الأطراف المنضوية فيها بالدفاع عن بعضها البعض.
واشتهر من بينها حلف المطيبين الذي سمي كذلك لأن المتعهدين من بني عبد مناف غمسوا أيديهم في طيب جاؤا به إلى الكعبة، وأقسموا ألا ينقضون حلفهم.
أما الآخر فهو حلف الفضول، حيث اجتمعت هاشم وزهرة بناء على دعوة من الزبير بن عبد المطلب في دار عبدالله بن جدعان، فصنع لهم طعاما، فتعاقدوا وتعاهدوا “بالله المنتقم ليكونن مع المظلوم حتى يؤدى إليه حقه ما بل بحر صوفه” وقد حضر النبي محمد(ص) هذا الحلف وامتدحه بقوله: (ما أحب أن لي بحلف حضرته في دار بن جدعان من حمر النعم، ولو دعيت به لأجبت).
وكانت مكة المكرمة العاصمة الدينية المقدسة، وملتقى طرق القوافل إلى اليمن والحيرة والشام ونجد، وقد مكنها قربها للبحر الأحمر من الإتصال بتجارة العالم. ونظرا لأهمية موقعها ومستوى التنظيم الذي حكم مختلف العلاقات في مجتمعها، فقد رفض الأستاذ محمد حسين هيكل أن يكون أهلها بدوا في طباعهم وعاداتهم، إذ من العسير التصور ببقاء بلد له هذه المكانة، من غير أن يدنيه اتصاله بالعالم من مراتب الحضارة، خاصة إذا أخذنا في حسباننا أنهم كانوا من أبرع الناس في شؤون التجارة، وأنهم اشتهروا برحلتي الصيف والشتاء اللتين وردتا في القرآن الكريم بسورة الإيلاف.
يضاف إلى ذلك، أنها كانت مركزا تجاريا ضخما، فقد اتفق معظم المؤرخين أن الأهمية العظيمة لمكة هددت المكانتين التجارية والإقتصادية لليمن. ولذلك بذلت جهود كبيرة من جانب ملوك الحبشة لبناء هيكل يماني ينافس الكعبة في مكة ويجمع العرب حوله، فينتقل النشاط التجاري إليها. وحين لم يحقق بناء هذا الهيكل أغراضه قاد أبرهة جيشا كبيرا إلى مكة لهدم الكعبة واحتلال العاصمة التجارية والقضاء على نفوذها. ووردت قصة ذلك في القرآن الكريم في سورة الفيل. ويؤكد على الأهمية التجارية لهذه المدينة ما سجله التاريخ من أن النعمان بن المنذر ملك الحيرة كان يبعث بقافلة تجارية ضخمة كل عام إلى عكاظ تحمل إلى أهل مكة المسك وتجلب بدلا منه الجلود والحبال وأنسجة اليمن المزركشة.
كما سجل التاريخ أن الروم اعتمدوا على تجارة مكة في كثير من شؤونهم حتى فيما يترفهون به كالحرير، وقد أقيمت في مكة بيوت تجارية رومانية للشؤون التجارية والتجسس على أحوال العرب، كذلك كان بها أحباش ينظرون في مصالح قومهم التجارية. وقد ذكر سعيد الأفغاني في كتابه أسواق العرب أن وظيفة هذه البيوت التجارية أشبه بوظائف قناصل التجارة في أيامنا هذه، حيث يشرفون على شؤون تجارة بلادهم، وينظمون العمل التجاري في هذه العاصمة التجارية الشبيهة بمدينة البندقية في عصرها الذهبي.
وفي المجال الزراعي، اشتهرت أراضي الطائف القريبة من مكة بزراعة مجموعة من الأشجار والنباتات، وفي مقدمتها كروم العنب، حيث يصدر من محصوله كل عام ما يقدر بثلاثمائة راحلة من الزبيب، واهتم سكان الطائف بصناعة الجلود التي أشتهرت في كل مكان، وكانت من الصادرات الرئيسية إلى الحبشة وفارس وبيزنطة
وعلى صعيد العلاقات الخارجية، ذكرت كتب التاريخ أن عديدا من الحكومات عقدت معاهدات رسمية ومكتوبة وموقعا عليها من السلطات العليا المسؤولة، مع مكة بهدف تأمين التجارة وتحديد الضرائب الجمركية وطرق التعامل المختلفة. وعرف بينها المعاهدة التي عقدها هاشم مع الإمبراطورية الرومانية والتي ضمنت الإذن لقريش كي تجوب مدن الشام في أمن وطمأنينة، والمعاهدة التجارية التي عقدها عبد شمس بن أمية مع النجاشي. أما نوفل والمطلب فعقدا حلفا مع فارس، ومعاهدة تجارية مع الحميريين.
تلك كانت بعض مظاهر الحياة في المجتمع المكي، أدت مجتمعة إلى ازدهار مكة وسمو مكانتها، وإلى بلوغ أهلها مهارة في التجارة لم يدانهم فيها أحد من عصرهم. فالقوافل تأتي من كل صوب، والأسواق الشهيرة: عكاظ ومجنة وذي المجاز والطائف تعج بالصخب والحيوية وحركة التجارة. إضافة إلى ذلك، كانت تلك الأسواق مراكز للمساجلات الأدبية والفكرية، حيث تتنافس القبائل على لسان شعرائها، وتحتشد الجماهير مبدية استحسانها أو ازدراءها لما تسمع. وأحيانا يتواجد مجموعة من المحكمين من ذوي المكانة والخبرة. وتكتب أحسن القصائد التي تقال في تلك الأسواق، وعلى الأخص سوق عكاظ، بحروف براقة جميلة. ومن أجل ذلك سميت بـ “المذهبات”. ويحتفظ بها في العادة، بخزائن الأمراء تراثا خالدا قيما. وقد سميت تلك القصائد أيضا بالمعلقات، لأن الفائزة منها، كما تقول القصص المتواترة، تكتب على الحرير المصري بأحرف من الذهب وتعلق على جدران الكعبة. وقد بقيت لدينا من تلك المعلقات سبع قصائد معروفة في الأدب العربي.
ويذكر بعض المؤرخين أن الشعراء العرب كانوا ينشدون أشعارهم على أنغام الموسيقى، ولذلك جمعوا بين الشعر والموسيقى. وكان الناي والمزهر والدف أحب الآلات المتوفرة لديهم.
وعلى الصعيد الفكري، عرف المجتمع المكي مجموعة من الحكماء الذين برعوا في الخطابة بأسواق العرب المشهورة، يأتي في مقدمتهم قس بن ساعدة الأيادي. وبرزت مجموعة من رجالات قريش ممن اهتموا في شؤون الأديان كزيد بن عمرو وعثمان بن الحويرث وعبدالله بن جحش وورقة بن نوفل، وأمية بن أبي الصلت.
كان ذلك حال جزيرة العرب في الحقبة التي سبقت ظهور الإسلام، وهو متناقض كليا مع الوصف الذي درج عليه المؤرخون المسلمون. فلم يكن ذلك عصر جهل وفوضى وتخلف بالمعنى الذي أشاروا إليه. وما جرى توضيحه في هذا الصدد أمر يغني عن أي قول. فحين يقدم التاريخ شهادته تتداعي الحجج والأباطيل.
وحتى إذا اتجهنا إلى الصحراء، حيث يستوطن أبناء البادية، نرى حقائق مغايرة لما هو متعارف عليه عن خصال البدو في المجتمعات البشرية الأخرى. لنتصور مثلا، ذلك البدوي يقيم خيمته بعيدا في الصحراء، وينتقل بها من مكان إلى آخر مرتحلا في سبيل الحصول على الكلأ والماء، ومع ذلك تجده ناطقا بالشعر والفلسفة والحكمة.. ولنتمعن جيدا في قصيدة التغلبي عمرو بن كلثوم، ولبيد وعنترة بن شداد وطرفة بن العبد وأمرؤ القيس والأعشى وغيرهم من الشعراء العرب ممن عاشوا في الحقبة التي سبقت ظهور الإسلام. وعندها سيتضح أن أولئك القوم لم يكونوا بدوا، بالمعنى التقليدي للكلمة، رغم أنهم عاشوا في ظروف مشابهة لتلك التي يعيشها البدو، فإرهاصاتهم وابداعاتهم تؤكد أنهم أحفاد رجال عظام، ورثوا الماضي الذي أشاد مختلف الحضارات في هذا الجزء من العالم. وأن ما نتج عنهم من شعر وحكمة ما هو إلا انعكاس لحالة التواصل الحضاري، والإنبعاث المتجدد التي تميزت بها أمتهم.
وحين انطلق الرسول من مكة المكرمة، مهد البداية وجد في هؤلاء الرجال حملة صادقين لرسالته. ولذلك فلا غرابة أن تبرز هذه الأمة في فترة قياسية قصيرة، مع حالة النهوض الجديدة التي ارتبطت بالإسلام، ذلك القدر من القادة العظام، كعمر وأبي بكر وعثمان وعلي وسعد وخالد وأبو ذر وأبو عبيدة، وغيرهم كثير من الأبطال العرب المسلمين.
وهكذا، فمع أن دعوة السماء كانت في انطلاقتها ثورة حقيقية وقفزة نوعية، لكنها في ذات الوقت اسـتثمرت حاصـل التراكم التاريخـي والحضاري والأخلاقي، والنهوض الإقتصادي الذي ساد جزيرة العرب قبل الإسلام.

الموضوع رقم الصفحة
1/المقدمة 0000000
2/العقيدة المضطربة (1)
3/نظام قبلي ورو ح عشائرية (3)
4/معارفهم وعلو عملية (4)
5/بعد عن الفلسفة (4)
6/يأخذون بالثأر (4)
7/أهل الفصاحة والبلا غة (6)
8/إقدام وشجاعة (7)
9/سخاء وكرم (8)
10/ عفة نفس ومروءة (8)
11/إباء ورفض للذل (9)
12/مالأدب ؟ (12)
13/تاريخ الأدب وتدوينة (13)
14/تقسيمات تاريخ الادب (14)
15/مجتمع الجزيرة العربية قبل الإسلام (18)

إنشاء الله يعجبكم 😆 🙄

عن jamal.memo

شاهد أيضاً

تكفون يا أهل الفزعات تعالو

السلام عليكم تكفووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ووووون سااعدني ابغا بحث عن هشاشة العظااااااامانجليزي خمس ورقاااات طلبيتكم