إليكم هذه يا أصحاب الفضائح
من ستر على مؤمن ستر الله عليه في الدنيا والآخرة.
وليست هناك أسوة في الدنيا أفضل من محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ، الذي قال لرجل فضائحي أتاه ليخبره
عن فعلة مشينة اقترفها أحدهم، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم وكأنه يقــرّعه: هّلا سترت عليه، وكررها ثــلاث
مرات وملامح الغضب كانت بادية على وجهه الكريم.
وهناك فئة من الناس لا هم لها غير التلذذ بالحديث عن فضائح الآخرين، ولو أنك (بحبشت) في تفاصيل حياتهم لوجدت
الخزي الذي يندى له الجبين.
كلنا يخطئ وأفضلنا هو من يتوب، وما أكثر ما تبت.
وإليكم هذه الواقعة التي تحدثت بها كتب التراث:
قال أحمد بن مهدي: جاءتني امرأة ببغداد، ليلة من الليالي، فذكرت أنها من بنات الناس، وقالت: أسألك بالله أن تسترني،
فقلت: وما محـنـتك؟!، قـالت أكرهت على نفسي ـ أي يبـدو أنها اغتصبت ـ، وأنا الآن حبلى، وبما أنني أتوقع منك الخير
والمعروف، فقد ذكرت لكل من يعرفـني أنك زوجـي، وأن مـا بي من حبـل إنمـا هـو منك فأرجوك لا تفضحني، استرني
سترك الله عز وجل.
سمعت كلامها وسكت عنها، ثم مضت.
وبعد فـترة وضعت مولوداً، وإذا بي أتفـاجأ بإمام المسجد يـأتي إلى داري ومعه مجموعة من الجيران يهنئونني ويباركون
لي بالمولود. فأظهرت لهم الفرح والتهـلل، ودخلت حجرتـي وأتيت بمــائة درهم وأعطيتها للإمام قائلا: أنت تعرف أنني قد
طلقت تلك المرأة، غير أنني ملزم بالنفقة على المولود، وهذه المــائة أرجوك أن تعطـيها للأم لكي تصرف على ابنها، هي
عادة سوف أتكفل بها مع مطلع كل شهر وأنتم شهود على ذلك،واستمررت على هذا المنوال بدون أن أرى المرأة ومولودها.
وبعدما يقارب من عامين توفي المولود، فجاءني الناس يعزونني، فكنت اظهر لهم التسليم بقضاء الله وقدره، ويعلم الله أن
حزناً عظيماً قد تملكني لأنني تخيلت المصيبة التي حلت بتلك الأم المكلومة.
وفي ليلة من الليالي، وإذا بباب داري يقرع، وعندما فتحت الباب، إذا بي أتفاجأ بتلك المرأة ومعها صرة ممتلئة بالدراهم،
وقالت لي وهي تبكي:
هذه هي الدراهم التي كنت تبعثها لي كل شهر مع إمام المسجد، سترك الله كما سترتني.حاولت أن أرجعها لها غير أنها
رفضت، ومضت في حال سبيلها.
وما هي إلاّ سنة وإذا بها تتزوج من رجل مقتدر وصاحب فضل، أشركـني معه في تجارتـه وفـتح الله عليّ بعدهـا أبواب
الرزق من حيث لا أحتسب.
إنها واقعة ليست فيها ذرة من الخيال، بقدر ما فيها الشيء الكثير من الشهامة والرجولة كذلك.
فماذا أنتم فاعلون يا أصحاب الفضائح؟!
أرسلها ولك الاجر وستكون سبب لستر مؤمن او مؤمنة