السلام عليكم و رحمة الله و بركاته …
عزيزاتي الفراشات إسمحوا لي أن أتطرق لهذا الموضوع الذي يحزنني كثيرا و يثير غضبي أحيانا..
مقارنة طفلك بطفل آخر…
سأحاول أن لا أطيل …
الكثير من الأمهات يلجأن لمقارنة الأطفال بأصدقائهم ظانين بذلك أنهم قد يحفزون الطفل على التطور و التميز..
و لكن في الحقيقة غالبا ما يحدث العكس تماما …
أعلم أن كل أم تتمنى أن يكون طفلها هو الأفضل في كل شيء… أجل في كل شيء.. ولكن مقارنته بالآخرين ليست الحل الأنسب …
أريد أتحدث عن تجربتي الشخصية…
ما دفعني للتحدث عن الموضوع الذي كنت قد نسيته .. هو أني بالصدفة قد وجدت بعض السطور التي كنت قد كتبتها قبل عدة سنين… سطور مليئة بالغضب و الحقد و الكثير من المشاعر السلبية…
حقيقة صدمتني تلك الكلمات التي كنت قد كتبتها يومها و عاد إلي نفس الإحساس الذي كنت أعيشه آن ذاك…
منذ ربيعي السادس كانت لي صديقة رائعة إسمها ياسمين كانت هي في ربيعها السابع .. كنا نتقاسم كل شيء و تربطنا مشاعر جميلة للغاية عنوانها الأخوة و ليست الصداقة فقط..
الفرق الوحيد بيننا أنها كانت أكبر أخواتها بينما أنا كنت أصغر أخواتي .
و هي كانت حادقة في كل شيء … إلا الدراسة.. أما أنا فلم أكن حادقة في أي شيء غير الدراسة…( على حسب قول أمي)
كانت أشبه بإمرأة صغيرة … تجيد أعمال المنزل جميعها و تتحدث كما الكبار .. تشارك النساء أحاديثهن و ينبهرن بها… كانت هي لها الرخصة في فعل أشياء و قول أشياء تعد عيبا في أسرتي و ليس لي الحق في القيام بها…
على العموم كانت ياسمين تحمل مسؤلية كبيرة في سن الثالث عشرة أو ما شابه ذلك..
كانت امها تلقي على عاتقها مسؤوليات عدة .. مما جعلها تضعف جهودها لتكون دائما الأفضل…
و أشياء أخرى كنت و لا أزال أظن بأنها ساعدتها في تكوين شخصيتها و في النضوج باكرا إن صح القول…
مثلا كانت والدتها تسافر إلى مدينة أخرى حيث يعيش أهلها … و تتركها برفقة أبيها لأكثر من أسبوع .. و هنا كانت تظهر ياسمين شطارتها .. تعد الوجبات لوالدها تعتني بالبيت و كأن أمها موجودة.. و هنا كانت تبتدأ مشاكلي … سرعان ما تبدأ أمي بالتذمر مني و من تصرفاتي …
قائلة بأني لا أجيد أي شيء سوى الأكل و الشرب و مشاهدة البرامج و قراءة الخرافات (القصص طبعا)…
كنت أستحمل هذه الكلمات و لكككككككن كنت أكره قولها لي
أنظري ياسمين ..إنها من سنك و تفعل كذا و كذا …تريح والدتها ..تهتم بكذا…و تنتبهه لكذا
مقارنتي بصديقي على أني فاشلة بينما هي سوبر جرل.. شيء كان يشعل النيران في قلبي .. يدفعني للتمرد و أحيانا للحقد على فتاة لا ذنب لها سوى أن والدتي تقارنني بها..
لم أخبر أمي يوما عما كنت أشعر به .. لم أملك الجرأة لذلك و كذلك لأن أمي كانت تراضيني بعدها بطريقة أو بأخرى…
و لكن يأتي يوما آخر أو فرصة أخرى لتعود و تقارنني بصديقتي .. متناسية كل ما لدي من ميزات لا تملكها صديقتي…
كانت تقول لي ياسمين دائما بأنها تغبطني لأن لي إخوتي أكبر مني و بأنني أهتم بدراستي و أشياء أخرى.. و لم تذلدري أني كذلك أغبطها على حداقتها …
كنت أهون على نفسي قائلة بأني هكذا بسبب تصرفات أمي.. فهي لم تلقي يوما بالمسؤولية على عاتقي.. و لم تسمح لي يوما بتحضير كيك خوفا علي من النار .. ولم تتركني يوما أسافر في القطار بمفردي.. و لم تسافر يوما لتتركني وحدي بالمنزل…و لم تسمح لي يوما بسماع أحديثها رفقة صديقاتها… و كلها أشياء كانت تفعلها ياسمين
ما كان يقهرني حقا أني كنت أتنازل أحيانا و أحاول القيام بأمور مشابهة لما تقوم به ياسمين.. ولكن أتفاجئ برفض أمي… متذرعة بأي حجة…
و بت أعلم بأنها لم تكن تريدني نسخة طبق الأصل عن صديقتي… و لكنها كانت تحاول تحريكي بكلماتها لأغدو الأفضل…
و لكنها كانت مخطئة… لو تعلم فقط ما قد يشعر به الطفل عندما يقارن بالآخرين…
كنت قد كتبت في دفتر لمذكراتي كلمات بلغتنا العامية و هذا معناها…
“أعلم إني مهما فعلت لن أحصل على رضا و إعجاب أمي … لذلك أقسم بأني لن أسعى للتغيير … سأظل كما أنا لن أضاعف مجهوداتي .. فلا أحد سيعترف بما أقوم به … و سأفعل فقط ما يحلوا لي… ويوما ما ستعرف أمي بأنني الأفضل”
مر وقت طويل على هذه المواقف ولكنها تمر الأن أمام عيناي كأنها الأمس كانت… لا أدري ما حققته صديقتي من نجاح فقد انقطعت أخبارها عني لأكثر من 8 سنوات… أتمنى لها لخير أينما كانت ..
سيدتي…
كل إنسان خلقه الله .. له ما يميزه.. إبحثي في طفلك عما يميزه… و أظهري فرحك بما يحقق من نجاح .. حتى و إن كان نجاحا بسيطا… أظهري إعجابك به و برضاك عما يقوم به من تصرفات جيدة…
و إن أخطأ يوما لا تقولي له … أنت دائما كذا و كذا… فذلك يحبط الطفل و يجعله يفكر بأنك تنبذينه… و يقلل تقته بنفسه…
و أخيرا أتمنى أن لا تقارنوا أطفالكم بالآخرين…