شهدت الأشهر الماضية قيام عدد من المصارف المركزية ومؤسسات النقد الخليجية بتحركات تنسيقية هادئة تزامن معها إعادة إصدار تعاميم إلى مصارفها والمواطنين والمقيمين تحذرهم من تزايد محاولات الاحتيال في الآونة الأخيرة .

والتي تتم بطرق متعددة وبوسائل مختلفة ومنها المتاجرة بالنقد الأجنبي في عمليات تتسم بطابع المضاربة البحتة في العملات الأجنبية. وكان أخر هذه التعاميم البيان الذي أصدره البنك المركزي العماني قبل عدة أشهر.

وحذر فيه من أن عمليات الاحتيال شملت استخدام شيكات مزورة أو مسروقة مسحوبة على بنوك خارج سلطنة عمان ومحاولة بيعها بعد تظهيرها إلى أشخاص بأقل من قيمتها بدعوى تمكين المشتري من سحب قيمتها بالكامل من أحد البنوك العاملة في السلطنة والاستفادة من الفارق بين سعر الشراء والبيع.

ويتفق العديد من المحللين على أن عمليات النصب والاحتيال التي تشهدها دول المنطقة جاءت أساسا من دول أوروبا وبعض الدول الأفريقية، حيث تواجه البنوك هناك تهديدات قد تؤدي إلى كارثة اقتصادية خطيرة.

فقد تزايدت في الآونة الأخيرة عمليات سطو تكنولوجي تقوم بها العصابات المنظمة وخبراء الكمبيوتر لسحب الأموال بطريقة غير شرعية من البنوك، بالإضافة لتزايد عمليات غسيل الأموال المشبوهة، وأسفر ذلك عن تكبدها خسائر بلغت مليارات الدولارات خلال الأشهر القليلة الماضية.

وكشف تقريران أصدرهما اتحادا البنوك الهولندية والبنوك البلجيكية مؤخرا وتضمنا 150 صفحة سرية النقاب عن مائتي وسيلة استخدمتها العصابات المنظمة وبارونات المخدرات في سرقة حسابات البنوك وغسل الأموال السوداء.

وحذر التقريران من تحول هذه الجرائم إلى كارثة اقتصادية كبيرة داخل دول الاتحاد الأوروبي، ولجوء مافيا البنوك للدول العربية وخاصة منطقة الخليج. وكشفت الصفحات أن عالم البنوك الأوروبي رغم تطوره التقني، واستخدامه وسائل علمية متقدمة في التحكم وكشف عمليات التزوير والسرقة.

إلا أن مديري البنوك وأصحاب المصارف في حالة رعب شديدة من عصابات التكنولوجيا المنظمة، وان العديد من البنوك قد تأثرت في الصميم نتيجة لدخول كميات كبيرة من الدولارات المتقنة التزوير إلى حساباتهم والتي لم يتم اكتشافها حتى بالأجهزة البنكية الحديثة.

وقد أصيب أصحاب البنوك والمصارف بالذهول من الدقة والخبرة الكبيرة التي تم بها اختراق بنوكهم، واحدث وسيلة تمت باستخدام »الشيك وشنج« والمصنوع من أشعة رملية دقيقة، فقد استخدم لصوص البنوك هذه الشيكات أيضاً عن طريق سرقتها وتزوير بياناتها وسحب مبالغ عالية بها.

ولم تنجح الأجهزة الفنية بالبنوك والخاصة بفحص هذه الشيكات من اكتشاف تزويرها ولم تعط إشارة تنبيه، وتبين أن طريقة الكشف الوحيدة على هذه الشيكات والتأكد من حقيقتها أن يتم فحصها بالعدسة المكبرة وهو ما لم تتنبه إليه البنوك إلا بعد حدوث الجرائم .

كما نجحت العصابات المنظمة بأساليبها التقنية الحديثة في سرقة الرمز البنكي أو الرقم السري لحسابات العملاء والذي يطلق عليه »البن كودا« وفي هونج كونج يتم بيع جهاز خاص يمكن من خلاله سرقة أي رمز سري أو شفرة للمودع بالبنك عن بعد.

ويباع الجهاز مقابل بضعة آلاف من الدولارات، وقد تكبدت البنوك خسائر غير عادية من هذا الأسلوب، ففي فرنسا وحدها يخسر البنك على الأقل من ثلاثمئة ألف إلى ستمائة وستين ألف فرنك في العملية الواحدة، إذ جلبت هذه العصابات أجهزة سرقة الشفرة من هونج كونج إلى اوروبا.

كما استخدموا البطاقات البنكية »الكريديت كارت« المزورة في سرقة الحسابات عن طريق استخدامها في شراء السلع المرتفعة الثمن، إذ تقبل كبريات المحلات التجارية والسوبر ماركت التعامل بهذه البطاقات، فتقوم العصابات بتزوير بيانات البطالة وتحويلها على حسابات أخرى وسرقة مودعاتها.

ولا يكتشف صاحب الحساب الذي يتم سحب أمواله عن طريق البطالة المزورة حقيقة ما يتم سحبه في وقت قصير، بل يستغرق هذا وقتا عندما يعيد الشخص حساباته البنكية.

مما يعطي فرصة اكبر للصوص ويكبد البنوك خسائر أكبر، وتعلم العصابات المنظمة بالضبط متى ينتهي الحساب المدرج على البطاقة البنكية المزورة ومتى يصل حساب الضحية إلى الصفر أو يتجاوزه للأحمر.

وتبين أن غالبية الجناة مهربون، إذ يفتح اغلبهم حسابات بنكية بجوازات سفر مزورة، وعندما يرتكبون عمليات السطو لا يتم كشفهم لعدم وجود معلومات صحيحة حولهم لدى البنك أو الحكومة.

كما تقوم عصابات أميركا الجنوبية بسرقة الشيكات السياحية في أوروبا وصرفها بجوازات سفر مزورة، وتمكنت هذه العصابات خلال ثلاثة أشهر من سرقة 12 مليون فلورين هولندي عن طريق الشيكات السياحية.

كما تمكنت عصابات المافيا الروسية استخدام أساليب نصب حديثة على البنوك في طريق الودائع، اذ يودع احدهم مبلغ عشرة ملايين دولار على سبيل المثال في بنك كوديعة لمدة عشر سنوات، ويحصل من البنك على مستند ضمان لهذا المبلغ.

وبموجب مستند الضمان الرسمي يطلب من بنك آخر قرضاً يوازي المبلغ المودع ويقدم لهم ورقة الضمان بوديعته السابقة، ثم يذهب إلى بنك ثان وثالث ويكرر ما فعله، وهكذا مع كل زيارة لبنك جديد يتضاعف المبلغ الذي يستولي عليه بالقروض والنصب وبموجب ورقة ضمان واحدة ثم يهرب خارج البلاد.

ولم تسلم الدول التي تتبع نظام رقابة بنكيا محكما من وسائل السطو، إذ توجد طرق أيضاً للهروب عن طريق غسل الأموال التي تم جمعها من تجارة المخدرات وتجارة السلاح والرقيق الأبيض.

وذلك عن طريق قيام هؤلاء التجار بشراء أنصبة في شركات، أو الدخول في شركات صغيرة لتبييض أموالهم وجعلها تعمل في مشروعات استثمارية قانونية ومشروعة، بالإضافة إلى عمليات قذرة أخرى تتم عبر هذه الشركات الصغيرة ذات الأموال الكبيرة من تصدير واستيراد منتجات.

كما تغسل المافيا الايطالية أموالها في الأعمال التجارية عن طريق إقراض الشركات الصغيرة لتقويتها، ويتم تحويل هذه المبالغ عن طريق صناديق بريد الشركات الصغيرة ، وبهذه القروض تدور الأموال دورات ايجابية ثم تصير بالتالي قانونية تماما عند تحصيلها.

وقد وقعت أعداد هائلة من جرائم الأموال بالبنوك عن طريق هذه الشركات تورط فيها خبراء ماليون ومستشاريون وأيضاً محامون.ومؤخرا نجحت المافيا الايطالية في غسل 500 مليون دولار في البنوك الأوروبية، ويضاف إلى كل هذا عمليات التزييف التي انتشرت بكثرة خلال الفترة الأخيرة.

وعلقت الدوائر الاقتصادية والمالية في دول المنطقة على التقريرين بأن الكشف عنهما بهذه الوسيلة إنما يعطي دروسا مجانية ومتقنة للمبتدئين في عالم جريمة البنوك ليتحولوا إلى محترفين، إذ يوجد أكثر من مائتي طريقة تشرح كيف تنقل أموالاً من بنك .

وتضيفها لحسابك الشخصي الجزء الأول حول كل الأساليب الفنية أو الآلية التي يمكن من خلالها الاستيلاء على حسابات البنوك، الجزء الثاني حول طرق غسل الأموال السوداء من تجارة المخدرات والرقيق.

وقد أثار هذا الخوف والقلق وجعل بنوك الاتحاد الأوروبي تبحث إعادة النظر في أنظمتها التقنية رغم حداثتها، والبحث عن وسائل جديدة لحماية أموالها وحسابات العملاء من التسرب.

وقد أعلنت فيزا إنترناشيونال مؤخرا انضمامها إلى أول تحالف عالمي لتوفير خدمة مكافحة الاحتيال الإلكتروني وحماية بطاقات الائتمان المستخدمة عبر شبكة الإنترنت. وتتيح الخدمة الجديدة إمكانية إرسال تقارير حول المواقع المتورطة في عمليات احتيال إلى قاعدة بيانات تدعى شبكة تقارير الاحتيال.

مما يتيح لجميع الأطراف المعنية، مثل مزودي خدمة الإنترنت أو المختصين في مجال حماية المستهلك، إمكانية الاطلاع على أسماء هذه المواقع وإدراجها في مختلف البرمجيات وخدمات التصفح والبريد الإلكتروني بحيث يتم التعرف عليها تلقائياً وحماية المستخدمين من أي عملية احتيال عبر الإنترنت

One thought on “200 طريقة للنصب على الأرصدة والحسابات تكب البنوك مليارات الدولارات

Comments are closed.