7ملايين تقريبا ينتمون للمذهب الأباضي يتوزعون على 4 دول عربية في مقدمتها سلطنة عمان، ومثلها أفريقية، حياتهم الإجتماعية لا تنفصل عن الآخرين، يتزاوجون مع المنتمين إلى المذاهب الأخرى، عاداتهم هي نفس عادات الآخرين في المجتمعات التي يعيشون فيها، لهم أراء محددة في الخلافة والحكم، وأسلوب التعامل مع الحكام.

ويؤكد الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عمان أنه لا توجد أي ممارسات خاصة بالمذهب الأباضي سوى ما أقره شرع الله من صلاة وصيام وحج بيت الله وإتاء الزكاة. وفي إجابته حول فكرة توريث الحكم الذي يرفضه المذهب الأباضي وما يجري الآن في سلطنة عمان من توريث الحكم قال أنه لا بد من أن تراعى مصلحة الأمة وإذا اقتضت مصلحة الأمة ذلك فمن الممكن أن يورث الحكم.

ويقول في حوار خاص مع ا(لعربية.نت) أن المذهب الأباضي يعتمد على الكتاب والسنة والاجماع والقياس، وأنه يميل إلى الشورى ، ويرفض أن تورث الخلافة كما يعتبر أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يجب أن يشمل الكبير والصغير.

ودعا الشيخ الخليلي المسلمين بجميع مذاهبهم إلى التوحد والتكاتف وتناسي خلافاتهم في هذا الوقت، سيما مع هذه الأزمات التي تحيط بالمسلمين، مؤكداً أن المذهب الأباضي يهتم بهموم الأمة الإسلامية وقضاياها.

وأفاد الشيخ الخليلي أن الأباضية في سلطنة عمان يمثلون نسبة 75% من الشعب العماني، ويتواجدون كذلك في الجزائر وتونس وليبيا وغانا ومالي والكنغو وتنزانيا ” ويترواح عددهم بين 6 و 7 ملايين بالتقريب” وذلك لعدم وجود إحصائيات دقيقة.

لا فصل بين الدين والسياسة

ويرى الشيخ الخليلي أن المذهب الأباضي لا يفصل بين السياسة والدين، وأنهما “توأمان” ويسيران جنباً إلى جنب، وان المذهب الأباضي يهتم بالدين ولا يغفل السياسة. كما أكد أن الأباضية يتزاوجون من كافة المذاهب الاسلامية ” كل من نطق بالشهادتين”، في الوقت ذاته ينفي الشيخ الخليلي أنه لاتوجد عادات وتقاليد خاصة بالأباضية ” بل هي نفس عادات الأمة الإسلامية وهذا ما يميز المذهب الأباضي عن المذاهب الأخرى، وعادات الأباضية في السلطنة هي نفس عادات الجزيرة العربية، وعاداتهم في شمال أفريقيا هي أيضا نفس عادات المنطقة.

ومن جانب آخر قال الشيخ ابراهيم بن حمود الصبحي ، عضو مجلس الدولة في سلطنة عمان إن المذهب الأباضي ظهر في القرون الأولى للهجرة، وينسب لعبد الله بن اباض التميمي من قبيلة تميم ” التي انتشرت جنوب العراق وعلى الأخص في مدينة البصرة، وهي كغيرها من القبائل العربية نتاج هجرات قبلية عربية متتالية من شبه الجزيرة العربية.

ويضيف الصبحي أن ما يميز المذهب الأباضي عن بقية المذاهب الإسلامية ” أنه أول مذهب ينشأ في الدولة الإسلامية حيث تأسس في القرن الأول الهجري، وهو أيضا أول مذهب عقائدي فكري سياسي له أراؤه المستقلة في العقيدة والحكم وهو الاكثر اعتدالاً”.

اول مذهب في الدولة الإسلامية

ويقول إن ما يميز المذهب الأباضي عن غيره على سبيل المثال لا الحصر أنه هو أول مذهب ينشأ في الدولة الإسلامية، حيث تأسس في القرن الأول الهجري وإذا نسب إلى إمامه عبدالله بن أباض فيكون ذلك في القرن الثاني الهجري وهو أول مذهب فكري عقائدي سياسي كانت له آراؤه المستقلة في العقيدة والحكم. وهو مذهب معتدل في دعوته وسيرته وفي دولته التي أقامها في العديد من بلدان الإسلام مثل عمان والبصرة وحضرموت والمدينة المنورة ومكة المكرمة ومصر وشمال أفريقيا في طرابلس وجبال نفوسه في ليبيا وفي جربة بتونس وفي جبال الجزائر ووادي ميزاب، حتى انه وصل إلى الأندلس وتأسست للمذهب دول في عمان التي مازالت تدين غالبيتها بالمذهب الأباضي، وهناك ما يزيد على المليون اباضي يقطنون وادي ميزاب بالجزائر والذي لا يبعد عن الجزائر العاصمه بأكثر من 700 كيلومتر، والدولة الرستمية التي أسسها عبدالرحمن بن رستم الفارسي كانت من اول الدول الأباضية.

ويقول الدكتور رجب محمد عبدالعليم في كتابه (الأباضية في مصر والمغرب وعلاقتهم باباضية عمان والبصرة) : “ساعدهم على ذلك ما كان يمتاز به مذهبهم من الاعتدال ، وما كان يدعو أليه من إصلاح ومساواة وعدالة ، وما كان ينادي به من تطبيق لهذه المبادئ في ضوء اخوة الإسلام التي تجمع الجميع ولا تفرق بين عربي ومصري وبربري. ويقول في صفحة(54) وهو يتحدث عن اعتدال المذهب الأباضي وتسامح علمائه: ” إتّهمَ الأباضية عند كثير من كتاب الفرق والمذهب بالغلو والتطرف، وكان هذا الاتهام الذي جاء عمداً أو عن جهل ، لاهداف لا تخفى عن الفطن واللبيب ودارس التاريخ الذي يقرأ كتب الأباضية ويلمس بنفسه ما عندهم من اعتدال.

ويقول في موضع آخر: “ولا يخفى أن الأباضية رغم اعتدالهم من الناحيه المذهبية والفقهية، إلا انهم كانوا في عداء سياسي مع بني أميه وبني العباس، نظراً لانهم كانوا يقولون بأن الإمامة أو الخلافة حق لأي مسلم صالح، فلا تكون قاصرة على قريش ولا على بطونها المختلفة من الأمويين أو العباسيين أو العلويين”.

ويقول مصطفى الشكعه في كتابه (إسلام بلا مذاهب) صفحة105 في وصف الأباضية “ويقولون نحن الأباضية كالشافعية والحنفية والمالكية ، ويقولون إنهم رموا بهذا اللقب (الخوارج) لأنهم رفضوا القرشية، أي التزام ان يكون الإمام من قريش”. ويضيف في موضع آخر: “وعقيدة الأباضية تتفق مع أهل السنة في الكثير وتختلف في القليل ، فهم يعترفون بالقرآن والحديث كمصدر للعلوم الدينية، ولكنهم يقولون بالرأي بدلاً من القياس والإجماع. هذه العبارات التي وردت في كتاب إبراهيم عبدالباقي (الدين والعلم الحديث)”.

التكتل الرابع للفرق الإسلامية

ويستطرد الصبحي قائلا: طالعت ذلك شخصياً في الكتاب القيم الذي وضعه الشيخ على بن يحيى بن معمر بعنوان (الأباضية بين الفرق الإسلامية عند كتاب المقالات في القديم والحديث). والشيخ علي بن يحيى بن معمر من علماء الأباضية الإجلاء، ومن قبله الشيخ العلامة أبو إسحاق إبراهيم طفيش. وهذا رأي الأباضية في الحكم وقد ورد ذكره في الكتاب السابق صفحة439. ومن هذا التكتل “التكتل الرابع لدى الفرق الإسلامية” انبثقت مذاهب الأباضية، وهناك عدة أراء بشأن الخلافة أي الحكم والدولة منها:

1. من يمسك رئاسة الدولة سواء كانت رئاسة دينية أو دنيوية واجب طاعته والخروج عليه فسق.

2. امام المسلمين (الحاكم هنا) سواء جاء بطريق الشورى أو بغيره إذا كان عادلاً تجب طاعته والخروج عنه فسق. هذا بعض ما ورد في الكتاب، وأب مطلب يجب ان يعتبر بهذه المبادئ السامية التي وردت في الكتاب والسنة، ومنهما اخذ المذهب الأباضي تشريعاته.

نظرتهم إلى المناصب الحكومية

أما فيما يتعلق بالمناصب الحكومية فلا ينظر فيها إلا من خلال الكفاءة العلمية والخبرة العملية ولا تدخل فيها أسس أخرى إلا ما تراه القيادة من صلاح أمر الأمة، وهي مرتكزات قيام الدولة في سلطنة عمان. ولا تتوزع المناصب كما يعتقد البعض بناء على مفاهيم مذهبية أو قبلية أو محسوبية. لذلك تعتمد القيادة في عمان على ان الكفاءة والقدرة لدى الفرد هما عامل الحسم في الحصول او التأهل للحصول على المناصب، وهو المبدأ الذي تعمل القيادة على تعميقه بين كافة المواطنين على حد سواء منذ 35عاماً. أما الجمع بين الدين والسياسة او الفصل بينهما فهو مبدأ سياسي دخيل على الإسلام.

فإذا كانت الدولة إسلامية ونظامها الأساسي (دستورها) يعتمد على مصادر التشريع الإسلامي المعروفة لدى علماء الدين، فان السياسة هي جزء كما ان الدين جزء من هذه الدولة. والجزءان متسقان ومنسجمان ومكملان لبعضهما. والمهم في ذلك كله كما يراه أهل المذهب الا يحدث تعارض أو تصادم او اختلاف بين الدين والسياسة على مصلحة الأمة التي يرعاها ويحافظ عليها ولي الأمر كما ورد في الآية الكريمة التي اوجبت هنا وفرضت على المسلم طاعته.

والأمور الدينية في عمان تعمل ضمن مؤسساتها الرسمية ولها رجالها الذين يقومون بالإشراف عليها ومتابعة شؤونها والمتمثلة في وزارة الاوقاف والشؤون الدينية والإفتاء العام، ومن خلال علماء ورجال الدين الذين تمتد جذور خبرتهم عبر 12 قرناً من الزمان، لم تنفلت فيه زمام الامور بل بقيت مترابطة، فالدين يدعم السياسة وكلاهما يسيران في طريق واحد. كما ان السياسة تعمل ضمن مؤسساتها الرسمية، وهناك مجلس الشورى ومجلس الدولة وكلاهما يضم من رجال الدين والسياسة من لعب دوراً هاماً في بناء الدولة.

وقال الشيخ ابراهيم الصبحي إنه لا يجب تحميل الدين اكثر مما يحتمل، وهو تنظيم امور الامة والحفاظ على مصالحها. وبعد ما يزيد على ثلاثة عشر قرناً من هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام للمدينة المنورة، لا يجب ان تؤدى الآراء “الاجتهادات” مهما كانت مصادرها إلى الاضرار بمصالح الامة، والشرع واضح في هذا المجال “فلا افراط في الفكر ولا تفريط في الدين)، واية دعوة قد تؤدي الى الفتنة والايقاع بالامة في مهاوي المجهول انما هي ضد المصالح المرسلة وغير المرسلة للأمة، واية مطالب للمسلم كما اسلفنا يجب ان تنضوي تحت هذا اللواء “لا افراط ولا تفريط”.

واي خروج عن هذه المفاهيم انما ردها يكون لله عزوجل وللرسول عليه الصلاة والسلام، أي الى القران والى السنة النبوية الشريفة والى ولاة الأمور عبر المؤسسات الدستورية التي ارتضتها الامة، وتعمل من خلالها في ايصال رأي المواطن وهي التي توازي “اهل الحل والعقد” في مفهوم الشورى الاسلامية.

9 thoughts on “لمذهبهم أراؤه المستقلة في الحكم : 7 ملايين أباضي .. ما هو أسلوبهم في الدين والحياة وا

  1. 1- إن من عقيدة أهل السنة والجماعة إثبات رؤية المؤمنين لربهم في الجنة وقد دل على هذا الكتاب والسنة وإجماع السلف.

    قال الله تعالى ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ).

    وقال تعالى ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الزيادة بأنها النظر إلى وجه الله تعالى – رزقني الله وإياكم هذا الفضل- كما في صحيح مسلم 297 فقد قال صلى الله عليه وسلم : إذا دخل أهل الجنة الجنة قال : يقول الله تبارك وتعالى : تريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تبيض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار ؟ قال فيكشف الحجاب , فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عزوجل ثم تلا هذه الآية ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة).

    فتأمل بارك الله فيك هذه النصوص وتمسك بها ، وانظر إلى ما قاله الإباضية فقد قال خميس بن سعيد في كتاب منهج الطالبين 1409 طبعة وزارة التراث القومي والثقافي في عمان:

    ( فليس لأحد من الخلق أن ينظر إليه جهرة لا في الدنيا ولا في الآخرة ) فقارن بارك الله فيك بين أدلة الكتاب والسنة وبين هذا القول تجد الفرق .

    ولك الشكر
    وارجو ان لا يخرج الموضع عن النقاش الاخوي

    أجيبك أخي من حيث انتهيت من الآيه السابقه وأيضا نقلا عن سماحة الشيخ الخليلي حفظه الله

    قوله تعالى : (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة)24 ، فقد فسروا الحسنى بالجنة والزيادة بالرؤية ، مستدلين بحديث صهيب عند الشيخين مرفوعاً : ( إذا دخل أهل الجنةِ الجنـةَ نادى منادٍ إن لكم عند الله موعداً يريد أن ينجزكموه ، قالوا : ألم تبيضْ وجوهنا ، وتنجنا من النار ، وتدخلنا الجنة ، قال : فيكشف الحجاب ، قال : فوالله ما أعطاهم الله شيئاً أحب إليهم من النظر إليه ) .
    وأنتم ترون أن لفظة الزيادة مبهمة غير دالة على الرؤية وضعاً ولا استعمالاً ؛ من قريب ولا من بعيد ؛ أما الحديث الذي عوَّلوا عليه في تفسيرها فدلالته على ما قالوه ضعيفة جداً

    أما أولاً

    فلأن النظر لا يلزم أن يكون بمعنى الرؤية كما سبق بيانه في آية القيامة ، وكشف الحجاب يجوز أن يكون كناية عن مزيد الإكرام ورفع الدرجات ، وفتح أبواب العطاء غير المحدود ، وهذا الذي يتعين أن يحمل عليه كشف الحجاب والنظر إلى الله في الحديث ؛ لدفع التعارض بين آيات الله وأحاديث رسوله عليه أفضل الصلاة والسلام .

    وأما ثانياً

    فلأن حمل الزيادة على هذا المفهوم يتعارض مع ما استندوا إليه من المفهوم الذي عولوا عليه في تفسير آية القيامة ، التي استندوا إليها في إثبات الرؤية ، فإنه يلزمهم بموجب ذلك المفهوم أن تكون الرؤية حاصلة في الموقف قبل دخول الجنة ، مع أنها حسب تفسيرهم لآية يونس وحديث صهيب لا تكون إلا بعد دخول الجنة .

    وأما ثالثاً

    فلأن ذلك يتعارض مع حديث أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما الذي استندوا إليه في إثبات الرؤية في الموقف .

    ولو أن الحديث كان نصاً صريحاً في تفسير النظر بالرؤية لما قامت به حجة لأحاديثه ، ومعارضته لما هو أقوى منه متناً ودلالة من أدلة نفيها ، فكيف وهو يعتريه الاحتمال ، وقد قيل : إن الدليل إذا اعتراه الإحتمال سقط به الإستدلال ، والقضية قضية عقيدة ، فلا يستدل فيها إلا بما كان قطعياً مَتْناً ودلالة .

    فقد روي عن السلف تفسيرهم الزيادة في الآية بغير الرؤية ، فلو كان الحديث نصاً صريحاً صحيحاً على تفسيرها بالرؤية لما كان لهم أن يعدلوا عنه إلى غيره ، ومن أمثلة ذلك ما رواه الإمامان الربيع وابن جرير ( روى ذلك ابن جرير عنه بثلاثة أسانيد ) عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه فسَّرها بغرفة من لؤلؤة واحدة لها أربعة أبواب ، وروى الإمام الربيع عن ابن عباس مرفوعاً : ( إن أهل الجنة لا يزالون متعجبين مما هم فيه حتى يفتح الله لهم باب المزيد فإذا فتح لهم كان لا يأتيهم منه شيء إلا وهو أفضل مما في جنتهم ) ، وروى ابن جرير عنه وعن علقمة بن قيس أن الزيادة مضاعفة الحسنة إلى عشر أمثالها ، وهذا رواه الإمام الربيع عنه وعن الحسن .

    وروى الإمام الربيع بإسناده إلى الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه فسر الزيادة بغرفة من لؤلؤة واحدة لها أربعة أبواب – كما سبق عن ابن عباس – وروى ابن جرير عن الحسن أنه فسرها بمغفرة من الله ورضوان ، وهو مروي عن مجاهد عند الربيع ، وروى الربيع عـن أبي حازم ، وابن جرير عن ابن زيد أنها عدم محاسبتهم على ما أعطاهم في الدنيا .

    وروى الربيع عن الشعبي أن الزيادة دخول الجنة ، وعن محمد بن كعب ما يزيدهم الله من الكرامة والثواب 25.

    وهذه الأقوال بعضها متباين وبعضها متداخل أو متقارب ، وأظهرها أن الزيادة هي ما يمد الله به عباده في الجنة من فيوض عطائه الحِسِّيِّ والمعنوي بغير حدود لأنه يدل عليه حديث ابن عباس المرفوع عند الربيع ، ويقتضيه حديث صهيب المرفوع عند الشيخين حسب مفهومه الصحيح

    الهوامش والتعليقات

    الآية 26 من سورة يونس

    24
    الجامع الصحيح للإمام الربيع بن حبيب ج3 ص232 ط مكتبة الإستقامة ، وتفسير ابن جرير ج11 ص75/76 ط دار الباز

    25

  2. 1- إن من عقيدة أهل السنة والجماعة إثبات رؤية المؤمنين لربهم في الجنة وقد دل على هذا الكتاب والسنة وإجماع السلف.

    قال الله تعالى ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ).

    وقال تعالى ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الزيادة بأنها النظر إلى وجه الله تعالى – رزقني الله وإياكم هذا الفضل- كما في صحيح مسلم 297 فقد قال صلى الله عليه وسلم : إذا دخل أهل الجنة الجنة قال : يقول الله تبارك وتعالى : تريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تبيض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار ؟ قال فيكشف الحجاب , فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عزوجل ثم تلا هذه الآية ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة).

    فتأمل بارك الله فيك هذه النصوص وتمسك بها ، وانظر إلى ما قاله الإباضية فقد قال خميس بن سعيد في كتاب منهج الطالبين 1409 طبعة وزارة التراث القومي والثقافي في عمان:

    ( فليس لأحد من الخلق أن ينظر إليه جهرة لا في الدنيا ولا في الآخرة ) فقارن بارك الله فيك بين أدلة الكتاب والسنة وبين هذا القول تجد الفرق .

    ولك الشكر
    وارجو ان لا يخرج الموضع عن النقاش الاخوي

    أولا : قول الله تعالى
    ” {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ }القيامة22
    {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ }القيامة23

    من المعلوم ان تفسير آي القرآن العظيم لا يأتي بتفسير الىية وحدها وغنما يكون مرتبط بالعاده بما قبلها او مع بما بعدها وفي هذه الآيه فمرتبطه بما قبلها وبما بعدها
    حيث انه في معرض ذكر هذه الآيه هو تصوير الله تعالى لحال المؤمنين عند استبشارهم لثواب الله وحال الكافرين أيضا عند رهبتهم من العذاب فالآيات الاحقه لهذه الآيات هي التاليه
    وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ{24} تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ{25}
    فهاتين الآيتين متقابلتين مع الآيتين التان سبقتهما
    فالآيه رقم 22 توضح حال وجوه المؤمنين بالبشر والسرور والآيه رقم 24 توضح حال وجوه الكافرين العابسه المنقهره
    والآيه رقم 23 توضح حال المؤمنين بإنتظار رحمة الله وعفوه وثوابه والآيه رقم 24 توضح حال الكافرين التي ترتجي ان ينزل عليها الله ما يفقر ظهورها من العذاب

    وهذه من البلاغه القرآنيه في جميع المواضع حيث القرآن عندما يشرح حال المؤمنين يشرح في المقابل حال الكافرين بنفس الأسلوب والكيفيه والتقابل وهذا واضح لذي بصيره

    وهنا انقل كلام سماحة الشيخ في هذا


    قوله تعالى : (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة)1 ، وهو أقوى ما استندوا إليه في هذا الباب ، واعتُرِضوا بأن النظر أعم من الرؤية ، فإنه يكون بمعنى محاولتها ولو لم تتحقق ، لجواز أن يقول قائل : نظرت إلى كذا فلم أره ، مع عدم جواز أن يقول : رأيته فلم أره ، ففي القاموس ما نصَّه : ( نظره كنصره وسمعه ، وإليه نظرا ومنظراً ونظراناً ومنظرة ، وتَنْظَاراً تأمله بعينه ) وفي شرحه للإمام الزبيدي نقلاً عن البصائر ، والنظر أيضاً تقليب البصيرة لإدراك الشيء ورؤيته ، وقد يراد به التأمل والفحص ، وقد يراد به المعرفة الحاصلة بعد الفحص ، ثم قال الشارح : ويقال نظرت إلى كذا إذا مددت طرفك إليه رأيته أو لم تره.2
    وقد شاع النظر بمعنى الانتظار ، كقوله تعالى : (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة)3 ، وقوله : (ما ينظرون إلا صيحة واحدة) وقوله : (يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم)4 ، وعليه يتعين حمل النظر في هذه الآية لوجوه :

    إبعاد تأويل القرآن عن تعارض بعضه مع بعض ، فإن حمل النظر في الآية على الرؤية يتعارض مع أدلة نفيها القطعية ، وستأتي إن شاء الله .


    الانسجام المعهود في آي القرآن وارتباط بعضها مع بعض ، وهو لا يكون إلا بتفسير النظر بالانتظار ، فإن الآيات قسّمت الناس يومئذ إلى طائفتين ، إحداهما وجوهها ناضرة ـ أي مبتهجة مشرقة بما ترجوه من ثواب الله ـ إلى ربها ناظرة أي منتظرة لرحمته ودخول جنته ، والأخرى مباينة لها في أحوالها ، فوجوهها باسرة – أي كالحة مكفهرّة لما تتوقعه من العذاب – تظن أن بفعل بها فاقرة أي تتوقع أن ينزل بها ما يقطع فقار ظهورها ، فَنَضَارَة هذه الوجوه مقَابَل ببسور تلك ، وانتظاره هذه لرحمة الله ودخول جنته مقابَل بتوقع تلك للعذاب ، ولو فسر النظر هنا بالرؤية لتقطع هذا الوصل بين الآيات ، وتفكك رباطها ، وذهب انسجامها ، إذ لا تقابل بين الرؤية وما وصفت به تلك من ظنها أمراً يقطع فقارها ، ومثل هذه النكت البلاغية لا تفوت البلغاء في كلامهم ، منثوره ومنظومه ، فما بالكم بكلام الله تعالى الذي هو أدق في التعبير ، وأبلغ في التصوير ، وأكثر انسجاماً ، وأشد ترابطاً من كل كلام ( وكيف لا وهو كلام الله جل ؟ ) .


    أن هذا التأويل هو الذي يتفق مع ما في خاتمة عبس ، وهو قوله سبحانه : (وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ووجوه يومئذ عليها غـبرة ترهقها قترة)5 ، إذ لا فارق بين ما وصفت به وجوه المؤمنين هنا من الاستبشار ، ووصفت به في آي القيامة من النظر بمعنى الانتظار ، فإن المنتظر للرحمة مستبشر بها والمستبشر منتظر لما استبشر به .

    أن تقديم المعمول على عامله يؤذن بقصره عليه ، فتقديم ( إلى ربها ) على ( ناظرة ) يؤذن أنها لا تنظر إلا إليه وهو لا يتفق إلا مع تفسير النظر بالانتظار ، فلو كان المراد به الرؤية لاقتضى أنهم لا يرون شيئاً غيره تعالى مع ما هو معروف عقلاً ونقلاً من رؤية بعضهم لبعض ، ورؤيتهـم لما أعد الله لهم من النعيم .


    وأنكر المثبتون تفسير النظر بالانتظار من ثلاثة أوجه:

    أن في الانتظار تنغيصاً يتنافى مع إكرام الله لعباده الأوفياء يوم القيامة

    أولها
    أن انتظار رحمة الله من قبل عباده المؤمنين أمر حاصل في الدنيا ، فكيف يوعدون به في الآخرة

    ثانيها

    أن تعدية النظر بإلى تمنع من حمله على الانتظار ، خصوصاً إذا أسند إلى الوجوه

    ثالثهما
    وكل ذلك مردود :

    فلأن الآيات تصور لنا الموقف يوم القيامة قبل أن ينتقل الأبرار إلى دار الثواب ، والفجار إلى دار العقاب ، بدليل السياق في الآيات السابقة ، وقوله سبحانه في الأشقياء ( تظن أن يفعل بها فاقرة ) يؤكده فإن ذلك قبل دخول النار قطعاً إذ لا معنى لظنهم ذلك بعد الدخول وقد لقوا ما لقوه وحلت بهم الفاقرة التي كانوا يتوقعونها ، ولا ريب أن الناس في الموقف متباينة أحوالهم ، فالأبرار ناضرة وجوههم بانتظارهم رحمة الله التي وُعِدوها ، والفجار على خلاف ذلك ، ولا يجوز إنكار هذا الموقف الذي يقفه الأبرار والفجار قبل انتقالهم إلى مقر الجزاء الدائم لأنه ثابت بالكتاب والسنة .

    أما الأول

    فلبعد ما بين الانتظارين ، فشتان بين حال من كان في دار الشهوات والنزغات غير عارف بخاتمته ، ولا متيقن بمصيره ، ومن طوى المراحل وتجاوز العقبات حتى تلقته الملائكة في زمرة السعداء ( ألاَّ تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون)6

    وأما الثاني
    فلثبوت مجيء النظر بمعنى الانتظار حال تعديته بإلى بالنقول الثابتة والشواهد البينة ولا عبرة بمن أنكر ذلك

    قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماء من سقم

    فمن النقول المصححة له قول صاحب اللسان : ( ويقول القائل للمؤمَّل يرجوه إنما ننظر إلى الله ثم إليك ، أي إنما أتوقع فضل الله ثم فضلك )7.

    ومن شواهده ما رواه الإمام الربيع رحمه الله عن سفيان بن عيينة عن الأعمش عن أبي راشد أن مولاة لعتبة بن عمير قالت : إنما أنظر إلى الله وإليك ، فقال لها : لا تقولي كذلك ، ولكن قولي : إنما أنظر إلى الله ثم إليك .8

    وقول جميل بن معمر

    وإذا نظرت إليك من ملك والبحر دونك زدتني نعما

    وقول آخر

    إني إليك لما وعدت لناظر نظر الفقير إلى الغني الموسر

    وقول غيره

    كل الخلائق ينظرون سجاله نظر الحجيج إلى طلوع هلال

    ولا وجه للتفرقة بين كونه مسنداً إلى الوجوه أو إلى غيرها ، فإنه تحكم لا دليل عليه ، على أنه جاء بهذا المعنى مع إسناده إلى الوجوه في كلام العرب ، ومنه قول حسان

    وجوه يوم بدرٍ ناظرات إلى الرحمن يأتي بالفلاح

    وقول البُعيث

    وجوه بَهَالِيلِ الحجاز على الهوى إلى مَلِكٍ كهف الخلائق ناظرة

    فإن قيل إن الانتظار محله القلوب لا الوجوه ؛ فلذلك تعين حمل النظر في الآية على الرؤية لا على الانتظار ؛ لأن الوجوه محل للأبصار التي هي آلة الرؤية ؟

    فجوابه : أن الرؤية أيضاً لا تكون بالوجوه وإنما تكون بالعيون فإسنادها إلى الوجوه غير وارد إذ لم يعهد قول أحد رأيته بوجهي ، ويتعذر جواز ذلك قطعاً على رأي الذي ينكر المجاز مطلقاً أو في القرآن خاصة كما هو شأن كثير من مثبتي الرؤية ، أما نحن فنحمل الوجوه على أصحابها لأن ذلك معهود عند العرب كقولهم : ( قصدت وجهك ) بمعنى قصدتك ، فالانتظار وإن أسند إلى الوجوه لفظاً فهو لأصحابها معنىً ، ولذلك جاز إسناد الظن إليها في قوله : (تظن أن يفعل بها فاقرة)9 ، كما جاز إسناد الخشوع والعمـل والنصب إليها في قوله تعالى : (وجوه يومئذ خاشعة ، عاملة ناصبة)10 ، ويؤكده قوله من بعد : ( تصلى ناراً حامية ، تسقى من عين آنية ، ليس لهم طعام إلا مـن ضريع)11 ، فإن الصلى غير خاص بالوجوه ، والسقي والطعام لأصحاب الوجوه قطعاً ، ومثله إسناد النعمة والسعي والرضى إلى الوجوه في قوله تعالى : (وجوه يومئذ ناعمة لسعيها راضية)12

    وأما الثالث

    وبجانب كل ما ذكرته فإن تفسير النظر في الآية بالانتظار مروي عن السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ، فقد أخرجه الإمام الربيع بن حبيب في مسنده الصحيح عن الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه من طريق أبي معمر السعدي كما أخرجه أيضاً عم ابن عباس رضي الله عنهما من طريق الضحاك بن قيس ، وطريق سعيد بن جبير ، وعزاه إلى مجاهد ومكحول وإبراهيم والزهري وسعيد بن جبير ، وسعيد بن المسيب13.
    ورواه ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما من الصحابة ، وعكرمة من التابعين ، ورواه عن عكرمة عبد بن حميد كما رواه عن مجاهد وأبي صالح بإسناد صححه الحافظ ابن حجر14. وأخرجه الإمام ابن جرير عن مجاهد بخمسة أسانيد وفي كلامه إنكار صريح للرؤية ، فقد جاء في رواية منصور عنه أنه قال : لا يراه من خلقه شيء ، وفي أخرى مـن طريقه أيضاً قال : كان الناس يقولون في حديث ( فيرون ربهم ) فقلت لمجاهد : إن أناساً يقولون إنه يُرى ، فقال : يَرى ولا يراه شيء .
    وفي تفسير الميزان للعلامة الطباطبائي – وهو أحد علماء الشيعة الإمامية المعاصرين – ما نصه : وفي العيون في باب ما جاء عن الرضى عليه السلام من أخبار التوحيد بإسناده إلى إبراهيم بن أبي محمود قال : قال علي بن موسى الرضى عليه السلام في قوله تعالى : ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ) يعني مشرقة تنتظر ثواب ربها – قال : أقول ورواه في التوحيد والاحتجاج والمجمع عن علي عليه السلام15.
    ومن أقطع الأدلة وأبين الشواهد على مجيء النظر معدَّى بإلى ، وهو ليس بمعنى الرؤية قوله تعالى : (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة)16 ، فإنه لو حمل النظر في الآية على الرؤية لأدى إلى أن الله سبحانه وتعالى لا يرى هؤلاء يوم القيامة ، وهذا عين المحال ، واعتقاده رأس الضلال ، فإنه كفر بالله تعالى ، ولا وجه لحمل النظر هنا إلا على الرحمة والإحسان ، ومن هنا نتبين أن نظر القوي إلى الضعيف هو عطفه ورحمته ، وأن نظر الضعيف إلى القوي هو انتظار ذلك منه .
    هذا وقد اتضح لك مما سبق أن الآية الكريمة تصور لنا حال الناس في الموقف قبل نقل السعداء إلى دار النعيم والأشقياء إلى نار الجحيم ، ولئِن كان النظر فيها بمعنى الرؤية وكان الراؤون له تعالى تنضر وجوههم بهذه الرؤية ، لزم أن تشمل هذه الحالة منافقي هذه الأمة لأنهم يشتركون مع مؤمنيها في الرؤية حسبما يقتضيه حديث أبي سعيد وأبي هريرة عند الشيخـين الذي يستند إليه مثبتو الرؤية كما سيأتي بيانه إن شاء الله .
    وقد أشكل على المثبتين للرؤية إسناد النظر في آية القيامة إلى الوجوه ، فترددوا بين القول بأن الرؤية بالبصر أو بالوجوه أو بالجسم كله أو بحاسة سادسة ، وما هذا الاضطراب إلا دليل بيِّن على أنهم غير مستندين إلى أصلٍ فيما قالوه ، ولو أنهم فهموا الآية الكريمة فهماً صحيحاً ، وحملوها على ما يقتضيه السياق واللغة لسلموا من هذا الاضطراب ، وبعدوا عن هذا التيه .
    وقد أدرك المحققون المنصفون من معتقدي الرؤية ضعف الاستدلال على ثبوت الرؤية بهذه الحجة فصرحوا بذلك ، فالسيد محمد رشيد رضا يقول في ” المنار” : ( وأما رؤية الرب تعالى فربما قيل بادئ الرأي إن آيات النفي فيها أصرح من آيات الإثبات كقوله تعالى : (لن تراني)17 ، وقوله تعالى : (لا تدركه الأبصار)18 ، فهما أصرح دلالة على النفي من دلالة قوله تعالى : ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ) على الإثبات ، فإن استعمال النظر بمعنى الانتظار كثير في القرآن وكلام العرب ، كقوله : (ما ينظرون إلا صيحة واحدة)19 ، ( هل ينظرون إلا تأويله)20 ، (هل ينظرون أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة)21 ، وثبت أنه استعمل بهذا المعنى متعدياً بإلى ، ولذلك جعل بعضهم وجه الدلالة فيه على المعنى الآخر – وهو توجيه الباصرة إلى ما تراد رؤيته – أنه أسند إلى الوجوه ، وليس فيها ما يصحح إسناد النظر إليها إلا العيون الباصرة ، وهو في الدقة كما ترى)22.
    وقد سبق بيان ما أشار إليه أخيراً من استدلال حاملي النظر على الرؤية بإسناده إلى الوجوه والرد عليه .
    وقال الإمام المحقق ابن عاشور في تفسير الآية : ( فدلالة الآية على أن المؤمنين يرون بأبصارهم رؤية متعلقة بذات الله على الإجمال دلالة ظنية ، لاحتمالها تأويلات تأولها المعتزلة بأن المقصود رؤية جلاله وبهجة قدسه التي لا تخول رؤيتها لغير أهل السعادة )23

    الهوامش والتعليقات


    الآيتان 22 و 23 من سورة القيامة

    1
    تاج العروس ج3 ص573 ط مكتبة الحياة

    2
    الآية 210 من سورة البقرة

    3
    الآية 13 من سورة الحديد

    4
    الآيات 38 – 41 من سورة عبس

    5
    الآية 30 من سورة فصلت

    6
    لسان العرب ج7 ص72 ط بولاق

    7
    الجامع الصحيح للإمام الربيع بن حبيب ج3 ص228 ط دار الفتح

    8
    الآية 25 من سورة القيامة

    9
    الآيتان 2 و 3 من سورة الغاشية

    10
    الآيات 4-6 من سورة الغاشية

    11
    الآيتان 8 و 9 من سورة الغاشية

    12
    الجامع الصحيح للإمام الربيع بن حبيب ج 3 ص 226 و 228 طبعة دار الفتح

    13
    فتح الباري ج13 ص425 المطبعة السلفية

    14
    الميزان ج2 ص116 ط مؤسسة الأعلمي للمطبوعات

    15
    الآية 77 من سورة آل عمران

    16
    الآية 143 من سورة الأعراف

    17
    الآية 103 من سورة الأنعام

    18
    الآية 49 من سورة يس

    19
    الآية 53 من سورة الأعراف

    20
    الآية 210 من سورة البقرة

    21
    المنار ج9 ص131 الطبعة الرابعة

    22
    التحرير والتنوير ج29 ص353 ط الدار التونسية للنشر

  3. 1- إن من عقيدة أهل السنة والجماعة إثبات رؤية المؤمنين لربهم في الجنة وقد دل على هذا الكتاب والسنة وإجماع السلف.

    قال الله تعالى ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ).

    وقال تعالى ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الزيادة بأنها النظر إلى وجه الله تعالى – رزقني الله وإياكم هذا الفضل- كما في صحيح مسلم 297 فقد قال صلى الله عليه وسلم : إذا دخل أهل الجنة الجنة قال : يقول الله تبارك وتعالى : تريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تبيض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار ؟ قال فيكشف الحجاب , فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عزوجل ثم تلا هذه الآية ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة).

    فتأمل بارك الله فيك هذه النصوص وتمسك بها ، وانظر إلى ما قاله الإباضية فقد قال خميس بن سعيد في كتاب منهج الطالبين 1409 طبعة وزارة التراث القومي والثقافي في عمان:

    ( فليس لأحد من الخلق أن ينظر إليه جهرة لا في الدنيا ولا في الآخرة ) فقارن بارك الله فيك بين أدلة الكتاب والسنة وبين هذا القول تجد الفرق .

    ولك الشكر
    وارجو ان لا يخرج الموضع عن النقاش الاخوي

    إختلاف الأمة في إمكان رؤية الله تعالى

    إشتد النزاع بين طوائف الأمة في إمكان رؤيته تعالى ووقوعها ، فذهبت الطوائف المنتسبة إلى السنة من السلفية والأشعرية والماتريدية والظاهرية وغيرهم إلى أنها ممكنة في الدنيا والآخرة ، غير أن جمهورهم يثبت وقوعها في الآخرة لا في الدنيا.
    وذهبت طائفة إلى أنها واقعة في الدنيا والآخرة ، وهم مختلفون كذلك ، هل هي خاصة في الدنيا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو هي عامة له وللمؤمنين ؟ فأكثرهم على أنها خاصة به ، وهو قول الأشعري وغالب أتباعه ، نقله عنهم الحافظ ابن حجر1 وبه قال النووي ولم يقل بوقوعها لغيره صلى الله عليه وسلم في الدنيا إلا غلاة الصوفية ، وظاهر كلام الألوسي يدل على جنوحه إليه ، وقد غالى حتى أجاز له الكيفية تعالى الله عن ذلك ، ونص كلامه : ” نقل المناوي أن الكمال بن الهمام سئل عما رواه الدارقطني وغيره عن أنس من قوله صلى الله عليه وسلم : (رأيت ربي في أحسن صورة) بناءً على حمل الرؤية على الرؤية في اليقظة ” فأجاب بأن هذا حجاب الصورة. انتهى ، قال : وهو التجلي الصوري الشائع عند الصوفية ، ومنه عندهم تجلى الله تعالى في الشجرة لموسى عليه السلام وتجليه جل وعلا للخلق يوم يكشف عن ساق ، وهو سبحانه وإن تجلى بالصورة لكنه غير متقيد بها ( والله من ورائهم محيط).
    والرؤية التي طلبها موسى عليه السلام غير هذه الرؤية ، قال : وذكر بعضهم أن موسى كان يرى الله تعالى إلا أنه لم يعلم أن ما رآه هو هـو وعلى هذا الطراز يحمل ما جاء في بعض الروايات المطعون بها (رأيت ربي في صورة شاب – وفي بعضها زيادة – له نعلان من ذهب) ، ومن الناس من حمل الرؤية في رواية الدارقطنى على الرؤية المنامية ، وظاهر كلام السيوطي أن الكيفية فيها لا تضر ، وهو الذي سمعته من المشايخ قدس الله تعالى أسرارهم ، والمسألة خلافية.
    قال : وإذا صح ما قاله المشايخ وأفهمه كلام السيوطي فأنا ولله تعالى الحمد قد رأيت ربي مناما ثلاث مرات ، وكانت المرة الثالثة في السنة السادسة والأربعين والمائتين والألف بعد الهجرة ، رأيته جل شأنه وله من النور ما له متوجها جهة المشرق فكلمني بكلمات أنسيتها حين استيقظت ، ورأيت مرة في منام طويل كأني في الجنة بين يديه تعالى وبيني وبينه ستر حبيك بلؤلؤ مختلف ألوانه ، فأمر سبحانه أن يذهب بي إلى مقام عيسى عليه السلام ثم إلى مقام محمد صلى الله عليه وسلم فذهب بي إليهما فرأيت ما رأيت ولله تعالى الفضل والمنة. 2
    وهذا كلام تقشعر منه الجلود ، وتتصدع به الجبال ، فإن فيه من الجرأة على الله تعالى ما ليس بعده ، كيف وقد أخذت بني إسرائيل الصاعقة بمجرد سؤال الرؤية ، ونال موسى عليه السلام ما ناله من الصعق لا لشيء غير أنه سألها ليكفكف – بما يأتي من الرد الحاسم على سؤاله – غلواءهم ، ويستأصل شافة طمعهم ، ولم يكد يفيق من الصعق حتى قال : ( سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين )3 ، ولولا أنى أردت أن أوقفك أيها القارئ على هذا الخلط العجيب الذي جرأ هؤلاء الناس عليه اعتقادهم جواز الرؤية ما نقلتُ من هذا الكلام حرفا.
    ولم يقف الأمر بالألوسي عند هذا الحد حتى أخذ ينقل من أقوال أقطابهم ما هو صريح في رد قوله تعالى لموسى : (لن تراني )4 ، وترجيح هذه الأقوال على هذا النص القرآني الصريح ، وإليك أيها القارئ الكريم بعض ما جاء به :

    قال : “

    وقال الشيخ الأكبر قدس سره إنه رآه بعد الصعق وذكر قدس سره أنه سأل موسى عن ذلك فأجابه بما ذكر ، والآية عندي غير ظاهرة في ذلك ، وإلى الرؤية بعد الصعق ذهب القطب الرازي في تقرير كلام للزمخشري إلا أن ذلك على احتمال أن تفسر على الانكشاف التام ، الذي لا يحصل إلا إذا كانت النفس فانية مقطوعة النظر عن وجودها فضلا عن وجود الغير ، إلى أن قال : وذهب الشيخ إبراهيم الكوراني إلى أنه عليه السلام رأى ربه سبحانه حقيقة قبل الصعق فصعق لذلك ، كما دُك الجبل للتجلي5… الخ كلامه المتناقض الذي آثرت الإعراض عن نقله كله ، لأنه كثير العناء ولا جدوى

    والقائلون برؤيته في الآخرة مضطربون كذلك لاختلافهم في من يرونه ومتى يرونه ، فبينما أكثرهم يقولون بأن الرؤية خاصة بالمؤمنين إذ هي نعمة يمن الله بها عليهم يتضاءل معها نعيم الجنة ، نجدُهُم يهرعون إلى الاستدلال عليها بحديث (سترون ربكم) مع أنه يقتضي أن هذه الرؤية ستكون في الموقف ، وأنها غير خاصة بالمؤمنين ، بل المنافقون يشاركونهم فيها لأن من نصوصه ( وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم الله تعالى في صورة غير التي يعرفون ) وأغرب من هذا ما ذكره ابن كثير في تفسير قوله تعالى : ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون)6 أنه يكشف الحجاب فينظر إليه المؤمنون والكافرون ، ثم يحجب عنه الكافرون وينظر إليه المؤمنون كل يوم غدوة وعشية ، وعزا إلى ابن جرير أنه رواه عن الحسن 7 ، ولم أجده في تفسير ابن جرير وإنما وجدت فيه رواية عن الحسن أنه قال : “يكشف عنه الحجاب فينظر إليه المؤمنون غدوة وعشية ” أو كلاماً هذا معناه . 8 ونقل الحافظ القول باشتراك المؤمنين والكفار في رؤيته يوم القيامة عن طائفة من المتكلمين كالسالمية من أهل البصرة . وإذا قسنا هذا إلى ما نقله ابن القيم في حادي الأرواح من رواية ابن أبي حاتم عن الأوزاعي أنه قال : إني لأرجو أن يحجب الله عز وجل جهماً وأصحابه عن أفضل ثوابه الذي وعده أولياءه9 ، وجدنا تعارُضاً بعيدا بين أقوالهم ، وقد سمعت محاضرة مسجلة في شريط لأحد خطباء الجمعة المشهورين في إحدى دول الجزيرة العربية استدل فيها على ثبوت الرؤية بقوله تعالى : ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) وكان مما قال في الآية ” أن الإباضية هم الذين يحجبون عن ربهم فلا يرونه – عندما يراه المؤمنون – ولكنهم يرون مالكا خازن النار بسبب إنكارهم للرؤية” أعوذ بالله من نزغات أهل الجهل ، ومن عثرات أتباع الهوى.
    وقال ابن القيم : فقد دلت الأحاديث الصحيحة على أن المنافقين يرونه تعالى يوم القيامة ، بل والكفار أيضا كما في حديث التجلي يوم القيامة ، ثم قال : وفي هذه المسألة ثلاثة أقوال لأهل السنة :
    أحدهما : أن لا يراه إلاً المؤمنون.
    والثاني : يراه جميع أهـل الموقف مؤمنهم وكافرهم ، ثم يحتجب عن الكفار فلا يرونه بعد ذلك.
    والثالث : يراه المنافقـون دون الكفار ، والأقوال الثلاثة في مذهب أحمد وهي لأصحابه . 10
    هكذا ترى – أيها القارئ الكريم – تضارب أقوال مثبتي الرؤية في هذه القضية حتى أنهم ينسبون إلى إمام واحد من أئمتهم أقوالاً متعارضة ومذاهب متباينة ، وناهيك بذلك شاهداً ودليلاً على ضعف القاعدة التي أسسوا عليها معتقدهم ، وإلاً فإن الحق لا يحتمل هذا الاختلاف لوضوح حجته واستقامة محجته وصدق الله : ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ) 11
    وليت شِعري إذا كانت الرؤية أعظم ثواب أعده الله للمؤمنين ثم شاركهم فيها الكافرون والمنافقون ، ماذا بقى بعدئذ ؟ وكيف لا يشاركونهم في نعيم الجنة ، مع أن الجنة لا تساوي شيئاً بجانب هذا الثواب العظيم في زعم هؤلاء القائلين حتى أنهم نسبوا إلى أحد الأئمة أنه لو لم يوقن أنه سيرى ربه بوم القيامة لما عبده .12
    وهو يفيد أن قائله يرى أن الله سبحانه لا يستحق من خلقه عبادة – لولا رؤيته التي يرجونها – لا لعظمته ولا لنعمته ولا لثوابه ولا لعقابه ، ولعمري ما أخطر هذا القول ونسبته إلى عالم من عُلماء المسلمين ، فما أشبهه بقول بني إسرائيل : ( لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة )13
    هذا وقد صرَّح بعض الحنابلة بأن إثبات رؤية الكفار لله يوم القيامة قول باطل مخالف لإجماع الأمة ، فقد حكى ابن تيمية عن القاضي أبي يعلى وغيره من الحنابلة أن مثبتي رؤية الله في الآخرة ومنكريها اتفقوا على أن الكافرين لا يرونه – قالوا : ( فثبت بهذا إجماع الأمة – ممن يقول بجواز الرؤية وممن ينكرها – على منع رؤية الكافرين لله ، وكل قول حادث بعد الإجماع فهو باطل مردود ).
    وحكى عنهم أيضاً ما نصه : الأخبار الواردة في رؤية المؤمنين لله إنما هي طريق البشارة ، فلو شاركهم الكفار في ذلك بطلب البشارة ، ولا خلاف بين القائلين بالرؤية في أن رؤيته من أعظم كرامات أهل الجنة.
    ثم أتبع ذلك قوله . قال – أي القاضي أبو يعلى – : وقول من قال إنما يرى نفسه عقوبة لهم وتحسيراً على فوات دوام رؤيته ومنعهم من ذلك – بعد علمهم بما فيها من الكرامة والسرور – يوجب أن يدخل الجنة الكفار ويريهم ما فيها من الحور والولدان ، ويطعمهم من ثمارها ويسقيهم من شرابها ، ثم يمنعهم من ذلك ليعرفهم قدر ما منعوا منه ويكثر تحسرهم وتلهفهم على منع ذلك بعد العلم بفضيلته. ثم قال : والعمدة قوله سبحانه : ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) فإنه يعم حجبهم عن ربهم في جميع ذلك اليوم ، وذلك اليوم ( يوم يقوم الناس لرب العالمين( وهو يوم القيامة ، فلو قيل إنه يحجبهم في حال دون حال لكان تخصيصاً للفظ بغير موجب ، ولكان فيه تسوية بينهم وبين المؤمنين ، فإن الرؤية لا تكون دائمة للمؤمنين والكلام خرج مخرج بيان عقوبتهم بالحجب وجزائهم به فلا يجوز أن يساويهم المؤمنون في عقاب ولا جزاء سواه … الخ 14 وكفى بهذا الكلام دحضاً لما قالوه ونقضاً لما شيدوه.
    وذهب إلى استحالتها في الدنيا والآخرة أصحابنا – الإباضية – وهو قول المعتزلة والجهمية والزيدية والإمامية من الشيعة ، وبه قال جماعة من المتكلمين المتحررين من أسر التقليد كالإمام الجصاص في “أحكام القرآن” ، وجنح إليه الإمام الغزالي في بعض كتبه ، بل صرح به في بعضها ، وهو الثابت عندنا عن سلف هذه الأمة ، فقد رواه الإمام الربيع رحمه الله عن أفلح ابن محمد عن أبى معمر السعدي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، ورواه عن جبير عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما ، ورواه عنه من طريق أبي نعيم عن العباس أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن نافع بن الأزرق ، ورواه أيضا عن عائشة رضي الله عنها ومجاهد ، وإبراهيم النخعي ، ومكحول الدمشقي ، وعطاء بن يسار وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والضحاك بن مزاحم ، وأبي صالح صاحب التفسير، وعكرمة ومحمد بن كعب ، وابن شهاب الزهري ومحمد بن المنكدر ، وهو مقتضى ما رواه ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في قول موسى عليه السلام : ( وأنا أول المؤمنين ) أنه لا يراك أحد ، وما رواه عن السدي أنه قال في قوله تعالى : ( لا تدركه الأبصار) لا يراه شيء وهو يرى الخلائق ، وستأتيك إن شاء الله رواية عبد بن حميد وابن جرير له عن مجاهد ، ورواية ابن مردويه له عن ابن عمر رضي الله عنهما وعن عكرمة ، ورواية ابن جرير وعبد بن حميد أيضا له عن أبى صالح ، ونسبه ابن حزم أيضا إلى مجاهد – وتعذر له في ذلك بأن الخبر لم يبلغ إليه – وعزاه أيضاً إلى الحسن البصري وعكرمة ثم قال وقد روى عن عكرمة والحسن إيجاب الرؤية له تعالى.15
    وما رواه عن الحسن وعكرمة مما ظنوه إثباتاً لرؤية الله تعالى لا ينافي ما ثبت من إنكارها عند فهم مقاصدهما ، وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله .
    الهوامش والتعليقات

    فتح الباري ج 8 ص 608 المطبعة السلفية

    1
    روح المعاني ج 9 ص 52 دار إحياء التراث العربي

    2
    الآية 143 من سورة الأعراف

    3
    الآية 143 من سورة الأعراف

    4
    روح المعاني ج 9 ص 52 ، 53 دار إحياء التراث العربي

    5
    الآية 15 من سورة المطففين

    6
    تفسير إبن كثير ، ج 4 ، ص 486 ، دار إحياء الكتب العربية

    7
    تفسير إبن جرير ج 30 ص 100 طبعة دار الفكر

    8
    حادي الأرواح ص 264 ط 4

    9
    حادي الأرواح ص 224 ط 4

    10
    الآية 153 من سورة الأنعام

    11
    حادي الأرواح ص 265 ط 4

    12
    الآية 55 من سورة البقرة

    13
    فتاوي إبن تيمية المجلد السادس ص 500 ، 501

    14

    الفصل في الملل والأهواء والنحل ج 3 ص 2

    15

    المرفقات

    الملف الثاني من المشاركه السابقه

  4. 1- إن من عقيدة أهل السنة والجماعة إثبات رؤية المؤمنين لربهم في الجنة وقد دل على هذا الكتاب والسنة وإجماع السلف.

    قال الله تعالى ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ).

    وقال تعالى ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الزيادة بأنها النظر إلى وجه الله تعالى – رزقني الله وإياكم هذا الفضل- كما في صحيح مسلم 297 فقد قال صلى الله عليه وسلم : إذا دخل أهل الجنة الجنة قال : يقول الله تبارك وتعالى : تريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تبيض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار ؟ قال فيكشف الحجاب , فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عزوجل ثم تلا هذه الآية ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة).

    فتأمل بارك الله فيك هذه النصوص وتمسك بها ، وانظر إلى ما قاله الإباضية فقد قال خميس بن سعيد في كتاب منهج الطالبين 1409 طبعة وزارة التراث القومي والثقافي في عمان:

    ( فليس لأحد من الخلق أن ينظر إليه جهرة لا في الدنيا ولا في الآخرة ) فقارن بارك الله فيك بين أدلة الكتاب والسنة وبين هذا القول تجد الفرق .

    ولك الشكر
    وارجو ان لا يخرج الموضع عن النقاش الاخوي

    مدلول الرؤية لغةً

    جاء في القاموس وشرحه للزبيدي ما نصه : ( الرؤية ) بالضم إدراك المرئي ، وذلك أضرُب بحسب قوى النفس

    النظر بالعين التي هي الحاسة وما يجري مجراها ، ومن الأخير قوله تعالى: {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله1}، فإنه مما أُجْرِيَ مجرى الرؤية بالحاسة فإن الحاسة لا تصح على الله ، وعلى ذلك{يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم2}الأولبالوهم والتخيل ، نحو أرى أن زيداً منطلقالثانيبالتفكير ، نحو ( إني أرى ما لا ترون )3الثالث
    بالقلب أي بالعقل وعلى ذلك قوله تعالى : ( ما كذب الفؤاد ما رأى )4 ، وعلى ذلك قوله تعالى : ( ولقد رآه نزلة أُخرى )5 . 6

    الرابع

    وقال ابن سيده : الرؤية النظر بالعين والقلب 7، وهو تفسير للأخص بالأعم فقد تنظر العين مع عدم تحقق الرؤية مثال ذلك : نظرت الهلال فلم أره ، فإن النظر هنا هو محاولة للرؤية وليس إياها .
    والخلاصة : أن الرؤية تكون بصرية وغير بصرية ، والبصرية تكون بحاسة الإبصار المعهودة وهي العين فيما كانت فيه عين ، وفسرها الإمام السالمي رحمه الله بقوله : ( وهي اتصال شعاع الباصرة بالمرئي أو انطباع صورة المرئي في الحدقة ) 8 ، وإلى هذا المعنى ذهب أكثر القائلين برؤية الله تعالى ، سواء الذين أثبتوا رؤيته في الدنيا والآخرة أو الذين أثبتوها في الآخرة دون الدنيا ، كما قال الشيباني :

    ومن قال في الدنيا يراه بعينه**** فذلك زنـديق طغـى وتمـردا
    ولكن يراه في الجنان عـباده**** كما جاء في الأخبار نروبه مسندا

    وقال آخر :

    ولله أبصار ترى الله جهرة***** فلا الضيم يغشاها ولا هي تسأم 9
    الهوامش والتعليقات

    الآية 105 من سورة التوبة

    1
    الآية 27 من سورة الأعراف

    2
    الآية 48 من سورة الأنفال

    3
    الآية 11 من سورة النجم

    4
    الآية 13 من سورة النجم

    5تاج العروس ج1 ص139 ط: دار مكتبة الحياة ، بيروت لبنان6
    لسان العرب ج19 ص2 ط: بولاق

    7
    مشارق الأنوار ص186 ط:2

    8

    من قصيدة أوردها ابن القيم في حادي الأرواح ص13 ، 15 ط: دار الكتب العلمية

    المرفقات

    1

    2

Comments are closed.