تلبية لبعض الأعضاء سابقاً أضع هذا الموضوع الذي أخذته من مجلة الكترونية نوادر الايمان والصور جمعتها لكم شخصياً.

صلاح الدين
فارس نبيل وبطل شجاع

عرف في كتب التاريخ في الشرق والغرب بأنه فارس نبيل وبطل شجاع وقائد من أفضل من عرفتهم البشرية وشهد بأخلاقه أعداؤه من الصليبيين قبل أصدقائه وكاتبوا سيرته، إنه نموذج فذ لشخصية عملاقة من صنع الإسلام، إنه البطل صلاح الدين الأيوبي محرر القدس من الصليبيين وبطل معركة حطين.
نسبه ونشأته

نسبه ونشأته

هو أبو المظفر يوسف بن أيوب بن شاذي الملقب بالملك الناصر صلاح الدين.
اتفق أهل التاريخ على أن أباه وأهله من (دوين) وهي بلدة في آخر أذربيجان وأنهم أكراد روادية، والروادية بطن من الهذبانية، وهي قبيلة كبيرة من الأكراد.
يقول أحمد بن خلكان: قال لي رجل فقيه عارف بما يقول وهو من أهل دوين إن على باب دوين قرية يقال لها (أجدانقان) وجميع أهلها أكراد روادية وكان شاذي ـ جد صلاح الدين ـ قد أخذ ولديه أسد الدين شيركوه ونجم الدين أيوب وخرج بهما إلى بغداد ومن هناك نزلوا تكريت ومات شاذي بها وعلى قبره قبة داخل البلد.
ولد صلاح الدين سنة 532هـ بقلعة تكريت لما كان أبوه وعمه بها والظاهر أنهم ما أقاموا بها بعد ولادة صلاح الدين إلا مدة يسيرة، ولكنهم خرجوا من تكريت في بقية سنة 532هـ التي ولد فيها صلاح الدين أو في سنة ثلاث وثلاثين لأنهما أقاما عند عماد الدين زنكي بالموصل ثم لما حاصر دمشق وبعدها بعلبك وأخذها رتب فيها نجم الدين أيوب وذلك في أوائل سنة أربع وثلاثين.
يقول بن خلكان: أخبرني بعض أهل بيتهم وقد سألته هل تعرف متى خرجوا من تكريت فقال سمعت جماعة من أهلنا يقولون إنهم أخرجوا منها في الليلة التي ولد فيها صلاح الدين فتشاءموا به وتطيروا منه فقال بعضهم لعل فيه الخيرة وما تعلمون فكان كما قال والله أعلم.
ولم يزل صلاح الدين تحت كنف أبيه حتى ترعرع ولما ملك نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي دمشق لازم نجم الدين أيوب خدمته وكذلك ولده صلاح الدين وكانت مخايل السعادة عليه لائحة والنجابة تقدمه من حالة إلى حالة ونور الدين يرى له ويؤثره ومنه تعلم صلاح الدين طرائق الخير وفعل المعروف والاجتهاد في أمور الجهاد.

صلاح الدين في مصر
هرب الوزير الفاطمي شاور من مصر من الوزير ضرغام بن عامر بن سوار الملقب فارس المسلمين اللخمي المنذري لما استولى على الدولة المصرية وقهره وأخذ مكانه في الوزارة كعادتهم في ذلك وقتل ولده الأكبر طي بن شاور فتوجه شاور إلى الشام مستغيثا بالملك العادل نور الدين بن زنكي وذلك في شهر رمضان 558هـ ودخل دمشق في الثالث والعشرين من ذي القعدة من السنة نفسها فوجه نور الدين معه الأمير أسد الدين شيركوه بن شاذي في جماعة من عسكره كان صلاح الدين في جملتهم في خدمة عمه وهو كاره للسفر معهم وكان لنور الدين في إرسال هذا الجيش هدفان:
أحدهما: قضاء حق شاور لكونه قصده ودخل عليه مستصرخا.
والثاني: أنه أراد استعلام أحوال مصر فإنه كان يبلغه أنها ضعيفة من جهة الجند وأحوالها في غاية الاختلال فقصد الكشف عن حقيقة ذلك.
وكان كثير الاعتماد على شيركوه لشجاعته ومعرفته وأمانته فانتدبه لذلك وجعل أسد الدين شيركوه ابن أخيه صلاح الدين مقدم عسكره وشاور معهم فخرجوا من دمشق في جمادى الأولى سنة 559هـ فدخلوا مصر واستولوا على الأمر في رجب من السنة نفسها.
ولما وصل أسد الدين وشاور إلى الديار المصرية واستولوا عليها وقتلوا الضرغام وحصل لشاور مقصودة وعاد إلى منصبه وتمهدت قواعده واستمرت أموره غدر بأسد الدين شيركوه واستنجد بالإفرنج عليه فحاصروه في بلبيس، وكان أسد الدين قد شاهد البلاد وعرف أحوالها وأنها مملكة بغير رجال تمشي الأمور فيها بمجرد الإيهام والمحال فطمع فيها وعاد إلى الشام، وأقام أسد الدين بالشام مدة مفكرا في تدبير عودته إلى مصر محدثا نفسه بالملك لها مقررا قواعد ذلك مع نور الدين إلى سنة 562هـ
وبلغ نور الدين وأسد الدين مكاتبة الوزير الخائن شاور للفرنج وما تقرر بينهم فخافا على مصر أن يملكوها ويملكوا بطريقها جميع البلاد فتجهز أسد الدين وأنفذ معه نور الدين العساكر وصلاح الدين في خدمة عمه أسد الدين، وكان وصول أسد الدين إلى البلاد مقارنا لوصول الإفرنج إليها واتفق شاور والمصريون بأسرهم والإفرنج على أسد الدين وجرت حروب كثيرة.
وتوجه صلاح الدين إلى الإسكندرية فاحتمى بها وحاصره الوزير شاور في جمادى الآخرة من سنة 562هـ ثم عاد أسد الدين من جهة الصعيد إلى بلبيس وتم الصلح بينه وبين المصريين وسيروا له صلاح الدين فساروا إلى الشام.
ثم إن أسد الدين عاد إلى مصر مرة ثالثة وكان سبب ذلك أن الإفرنج جمعوا فارسهم وراجلهم وخرجوا يريدون مصر ناكثين العهود مع المصريين وأسد الدين طمعا في البلاد فلما بلغ ذلك أسد الدين ونور الدين لم يسعهما الصبر فسارعا إلى مصر أما نور الدين فبالمال والرجال ولم يمكنه المسير بنفسه خوفا على البلاد من الإفرنج، وأما أسد الدين فبنفسه وماله وإخوته وأهله ورجاله
يقول بن شداد: لقد قال لي السلطان صلاح الدين قدس الله روحه كنت أكره الناس للخروج في هذه الدفعة وما خرجت مع عمي باختياري وهذا معنى قوله تعالى {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم} (البقرة:216)
وكان شاور لما أحس بخروج الإفرنج إلى مصر سير إلى أسد الدين يستصرخه ويستنجده فخرج مسرعا وكان وصوله إلى مصر في شهر ربيع الأول سنة 564هـ ولما علم الإفرنج بوصول أسد الدين إلى مصر على اتفاق بينه وبين أهلها رحلوا راجعين على أعقابهم ناكصين وأقام أسد الدين بها يتردد إليه شاور في الأحيان وكان وعدهم بمال في مقابل ما خسروه من النفقة فلم يوصل إليهم شيئا وعلم أسد الدين أن شاور يلعب به تارة وبالإفرنج أخرى،وتحقق أنه لا سبيل إلى الاستيلاء على البلاد مع بقاء شاور فأجمع رأيه على القبض عليه إذا خرج إليه، فقتله وأصبح أسد الدين وزيرا وذلك في سابع عشر ربيع الأول سنة 564هـ ودام آمرا وناهيا و صلاح الدين يباشر الأمور مقرراً لها لمكان كفايته ودرايته وحسن رأيه وسياسته إلى الثاني والعشرين من جمادى الآخرة من السنة نفسها فمات أسد الدين.
وذكر المؤرخون أن أسد الدين لما مات استقرت الأمور بعده للسلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب فبذل الأموال وملك قلوب الرجال وهانت عنده الدنيا فملكها وشكر نعمة الله تعالى عليه، وأعرض عن أسباب اللهو وتقمص بقميص الجد والاجتهاد، استعدادا لمواجهات مستمرة مع الصليبيين من جهة ومع خزعبلات الدولة الفاطمية من جهة أخرى.

هجوم الإفرنج على مصر

ولما علم الإفرنج استقرار الأمر بمصر لصلاح الدين علموا أنه يملك بلادهم ويخرب ديارهم ويقلع آثارهم لما حدث له من القوة والملك واجتمع الإفرنج والروم جميعا وقصدوا الديار المصرية فقصدوا دمياط ومعهم آلات الحصار وما يحتاجون إليه من العدد، ولما رأى نور الدين ظهور الإفرنج ونزولهم على دمياط قصد شغلهم عنها فنزل على الكرك محاصرا لها، فقصده فرنج الساحل فرحل عنها وقصد لقاءهم فلم يقفوا له.
ولما بلغ صلاح الدين قصد الإفرنج دمياط استعد لهم بتجهيز الرجال وجمع الآلات إليها ووعدهم بالإمداد بالرجال إن نزلوا عليهم وبالغ في العطايا والهبات وكان وزيرا متحكما لا يرد أمره في شيء ثم نزل الإفرنج عليها واشتد زحفهم وقتالهم عليها وهو يشن عليهم الغارات من خارج والعسكر يقاتلهم من داخل ونصر الله تعالى المسلمين به وبحسن تدبيره فرحلوا عنها خائبين فأحرقت مناجيقهم ونهبت آلاتهم وقتل من رجالهم عدد كبير.

تأسيس الدولة الأيوبية

واستقرت الأمور لصلاح الدين ونقل أسرته ووالده نجم الدين أيوب إليها ليتم له السرور وتكون قصته مشابهة لقصة يوسف الصديق عليه السلام، ولم يزل صلاح الدين وزيرا حتى مات العاضد آخر الخلفاء الفاطميين 565هـ وبذلك انتهت الدولة الفاطمية وبدأت دولة بني أيوب (الدولة الأيوبية).
ولقب صلاح الدين بالملك الناصر وعاد إلى دار أسد الدين فأقام بها، وثبت قدم صلاح الدين ورسخ ملكه.
وأرسل صلاح الدين يطلب من نور الدين أن يرسل إليه إخوته فلم يجبه إلى ذلك وقال أخاف أن يخالف أحد منهم عليك فتفسد البلاد، ثم إن الإفرنج اجتمعوا ليسيروا إلى مصر فسير نور الدين العساكر وفيهم إخوة صلاح الدين منهم شمس الدولة توران شاه بن أيوب، وهو أكبر من صلاح الدين.
و ذكر ابن الأثير ما حدث من الوحشة بين نور الدين وصلاح الدين باطنا فقال: وفي سنة 567هـ حدث ما أوجب نفرة نور الدين عن صلاح الدين وكان الحادث أن نور الدين أرسل إلى صلاح الدين يأمره بجمع العساكر المصرية والمسير بها إلى بلد الإفرنج والنزول على الكرك ومحاصرته ليجمع هو أيضا عساكره ويسير إليه ويجتمعا هناك على حرب الإفرنج والاستيلاء على بلادهم فبرز صلاح الدين من القاهرة في العشرين من المحرم وكتب إلى نور الدين يعرفه أن رحيله لا يتأخر وكان نور الدين قد جمع عساكره وتجهز وأقام ينتظر ورود الخبر من صلاح الدين برحيله ليرحل هو فلما أتاه الخبر بذلك رحل من دمشق عازما على قصد الكرك فوصل إليه وأقام ينتظر وصول صلاح الدين إليه فأرسل كتابه يعتذر فيه عن الوصول باختلال البلاد المصرية لأمور بلغته عن بعض شيعة العلويين وأنهم عازمون على الوثوب بها وأنه يخاف عليها مع البعد عنها فعاد إليها فلم يقبل نور الدين عذره، وكان سبب تقاعده أن أصحابه وخواصه خوفوه من الاجتماع بنور الدين فحيث لم يمتثل أمر نور الدين شق ذلك عليه وعظم عنده وعزم على الدخول إلى مصر وإخراج صلاح الدين عنها.
ووصل الخبر إلى صلاح الدين فجمع أهله وفيهم والده نجم الدين أيوب وخاله شهاب الدين الحارمي ومعهم سائر الأمراء وأعلمهم ما بلغه عن عزم نور الدين على قصده وأخذ مصر منه واستشارهم فلم يجبه أحد منهم بشيء فقام تقي الدين عمر ابن أخي صلاح الدين وقال إذا جاء قاتلناه وصددناه عن البلاد ووافقه غيره من أهله فشتمهم نجم الدين أيوب وأنكر ذلك واستعظمه وكان ذا رأي ومكر وعقل وقال لتقي الدين اقعد وسبه وقال لصلاح الدين أنا أبوك وهذا شهاب الدين خالك أتظن أن في هؤلاء كلهم من يحبك ويريد لك الخير مثلنا فقال لا فقال والله لو رأيت أنا وهذا خالك شهاب الدين نور الدين لم يمكنا إلا أن نترجل له ونقبل الأرض بين يديه ولو أمرنا أن نضرب عنقك بالسيف لفعلنا فإذا كنا نحن هكذا كيف يكون غيرنا وكل من تراه من الأمراء والعساكر لو رأى نور الدين وحده لم يتجاسر على الثبات على سرجه ولا وسعه إلا النزول وتقبيل الأرض بين يديه وهذه البلاد له وقد أقامك فيها وإن أراد عزلك فأي حاجة له إلى المجيء يأمرك بكتاب مع نجاب حتى تقصد خدمته ويولي بلاده من يريد وقال للجماعة كلهم قوموا عنا ونحن مماليك نور الدين وعبيده يفعل بنا ما يريد فتفرقوا على هذا وكتب أكثرهم إلى نور الدين بالخبر.
ولما خلا أيوب بابنه صلاح الدين قال له أنت جاهل قليل المعرفة تجمع هذا الجمع الكثير وتطلعهم على ما في نفسك فإذا سمع نور الدين أنك عازم على منعه عن البلاد جعلك أهم الأمور إليه وأولاها بالقصد ولو قصدك لم تر معك أحدا من هذا العسكر وكانوا أسلموك إليه وأما الآن بعد هذا المجلس فسيكتبون إليه ويعرفونه قولي وتكتب أنت إليه وترسل في المعنى وتقول أي حاجة إلى قصدي يجبي نجاب يأخذني بحبل يضعه في عنقي فهو إذا سمع هذا عدل عن قصدك واستعمل ما هو أهم عنده والأيام تندرج والله في كل وقت في شأن والله لو أراد نور الدين قصبة من قصب سكرنا لقاتلته أنا عليها حتى أمنعه أو أقتل ففعل صلاح الدين ما أشار به والده فلما رأى نور الدين الأمر هكذا عدل عن قصده وكان الأمر كما قال نجم الدين أيوب وتوفي نور الدين ولم يقصده وهذا كان من أحسن الآراء وأجودها.

المواجهة مع الإفرنجة



المواجهة مع الإفرنجة


في سنة 572هـ اسقرت الأمور بمصر والشام للدولة الأيوبية، وكان أخو صلاح الدين شمس الدولة توران شاه قد وصل إليه من اليمن فاستخلفه بدمشق ثم تأهب للغزاة من الإفرنجة، فخرج يطلب الساحل حتى وافى الإفرنج على الرملة وذلك في أوائل جمادى الأولى سنة 573هـ وكانت الهزيمة على المسلمين في ذلك اليوم، فلما انهزموا لم يكن لهم حصن قريب يأوون إليه فطلبوا جهة الديار المصرية وضلوا في الطريق وتبددوا وأسر منهم جماعة منهم الفقيه عيسى الهكاري وكان ذلك وهنا عظيما جبره الله تعالى بمعركة حطين المشهورة.
أقام صلاح الدين بمصر حتى لم شعثه وشعث أصحابه من أثر هزيمة الرملة ثم بلغه تخبط الشام فعزم على العود إليه واهتم بالغزاة فوصله رسول “قليج أرسلان” صاحب الروم يلتمس الصلح ويتضرر من الأرمن فعزم على قصد بلاد ابن لاون ـ وهي بلاد سيس الفاصلة بين حلب والروم من جهة الساحل ـ لينصر قليج أرسلان عليه فتوجه إليه واستدعى عسكر حلب لأنه كان في الصلح أنه متى استدعاه حضر إليه ودخل بلد ابن لاون وأخذ في طريقه حصنا و أخربه ورغبوا إليه في الصلح فصالحهم ورجع عنهم ثم سأله قليج أرسلان في صلح الشرقيين بأسرهم فأجاب إلى ذلك وحلف صلاح الدين في عاشر جمادى الأولى سنة ست وسبعين وخمسمائة ودخل في الصلح قليج أرسلان والمواصلة وعاد بعد تمام الصلح إلى دمشق ثم منها إلى مصر.

مراسلو الرابطة
منى-سارة 4/7/2008مراسلو الرابطة


حطّين




معركة بداية نهاية الصليبّيين….
و قرية شهدت انتصار صلاح الدّين




جبل شامخ شمال شرقي فلسطين، يطل على واد صغير تقبع على أطرافه قرية تشرف على سهل يقضي إلى بحيرة طبريا؛ هو جبل حطين وقرية حطين وسهل حطين، الذي شهد تلك الموقعة الشهيرة التي انتصر فيها صلاح الدّين، في معركة فاصلة مع الصليبيين، كانت بداية نهايتهم واندحارهم عن بلاد الشّام، وكانت أوّل الطريق إلى تحرير بيت المقدس.


أسباب الّنصر:


لم يكن النصر في معركة حطّين وليد يوم وليلة، إنما كان نتاج سنوات من الإنجازات السياسيّة والفكريّة والاقتصاديّة والعسكريّة، قام بها السلطان صلاح الديّن الأيّوبيّ، وارتبطت بهدنة استمرت أربع سنوات مع الصليبيين-لكنهم نقضوها –واستمرت هذه التحضيرات مدة عشر سنوات.


من هذه الانجازات توظيف إمكانيات وطاقات مصر الهائلة التي كانت مجمّدة ومعزولة في عهد الفاطميين للانتصار على الصليبيين. فأعاد مصر إلى الخلافة العبّاسية، وأحل الفكر السنّي محل المذهبية الإسماعيلية الباطينية، بإقامة المدارس السنّية التي كانت بمثابة مؤسسات وجامعات ضخمة سخى بالإنفاق عليها والاهتمام بها، فكانت تدرس مذاهب السنّة الأربعة.


شدّد على أهمية الانتماء الفكري بين الدولة و الأمّة بدل الانفصام الذي كان موجوداً بينهما، فتحولت المناهج كلها إلى المذهب السني، ومع “الدولة” والعلم والفكر والتعليم تحول القضاء إلى المذاهب السنية أيضًا.


على الجهة الاقتصادية حل “الإقطاع الحربي” في استثمار الأرض الزراعية محل نظام “الإلتزام” أي إقتصاد الحرب و المعركة وبلغة الفقه الإسلامي؛ هو وقف الأرض على الجهاد في سبيل الله. فأصبحت الزراعة مخصصة للإنفاق على فرق و أمراء الأجناد مما حقق الولاء والانتماء بين المحكومين والحكام.


سبقت معركة حطين عدة مناوشات ومعارك لإحكام الطوق على الصليبيين ولتأمين الطريق بين مصر والمشرق العربي وأيضا تأمين طريق الحج.فدخل دمشق وحمص وحماة وفتح اليمن وعقد تحالفًا مع الموصل وحلب-لكن عاد وفتحها بالقوة بعد نقض أمير حلب للاتفاق-وأرمينيا والجزيرة وأربيل وكيفا وماردين وقونية.


وتحصينًا للجبهة العامة المكرسة كل طاقاتها وإمكاناتها وجميع ثغورها لتحقيق استراتيجية التحرير، بلغ صلاح الدين حد التشديد ضد كل الأيديولوجيات والفلسفات و الأفكار المخالفة للسنة-عقيدة الأغلبية-فقضى عليها. فالوضع لا يحتاج لتمييع الجبهة الفكرية بل إلى التجييش والتميز عن الآخر والكراهية له كشرط من شروط الانتصار والتعبئة.


بالإضافة إلى هذه الإنجازات فإنها نابعة من قائد للأمة رباني بكل ما للكلمة من معنى..فقد تميز بالعلم والتفقه بأمور الشرع والصدق والشجاعة والكفاءة وحب التضحية والتواضع وحسن اختيار من يعاونه وإصلاح الجيش والقدرة على التعليم وإعداد القادة. كما تميز صلاح الدين بالتخطيط وحسن الإدارة والإعداد الاقتصادي ودراسة الواقع. كما اهتم منذ سنوات طويلة بالإعداد النفسي لجند المسلمين لأنه كان يعلم أنه بقدر الإهتمام بالجانب المعنوى والنفسى للفرد بصفة عامة وللجندي بصفة خاصة بقدر ما تزيد قدرة تحمله أمام المواقف الصعبة. ولقد منّ الله على الأمة الإسلامية بهذا القائد بعد أن كانت فقدت الأمل بالقيادة، لكنّ الله هيئ لها صلاح الدين لكي يعيد لها فجر عزتها.


معركة حطين:

وقعت معركة “حطين” في 22 ربيع الثاني سنة 583هـ4 تموز/ يوليو سنة 1187م أي بعد تسعين عامًا من بدء اجتياح الصليبيين لديار الإسلام. وذلك بعد أن قام أرناط حاكم الكرك بعمل طائش أدى إلى نقض الهدنة وإشعال الحرب، فاستولى على قافلة تجارية متجهة من مصر إلى دمشق، وأسر حاميتها ورجالها، وألقى بهم أسرى في حصن الكرك. فبعث صلاح الدين إليه مقبحًا فعله، وتهدده إذا لم يرد أموال القافلة ويطلق سراح الأسرى. وبدلاً من أن يستجيب أرناط أساء الرد، واغتر بقوته، ورد ّعلى رسل صلاح الدين بقوله:”قولوا لمحمد يخلصكم”. وأصر على رأيه فلم يبقى لصلاح الدين سوى الحرب والقصاص.


عبأ صلاح الدين قواه واستعد للمعركة بعد أن أعد لها عشر سنوات. وتجمعت جيوشه من مصر وحلب والجزيرة وديار بكر ودمشق واتجهت إلى حصن الكرك فدمرته بعد حصاره وكذلك اتجهت إلى الشوبك وفعلت به مثل ذلك. ثمّ اتجت إلى بانياس قرب طبرية وكانت القوات الصليبية قد تجمعت واتحدت فيما بينها ناقضة الهدنة تحت قيادة ملك بيت المقدس .


ولإجبار الصليبيين على المسير إليه وهم متعبون، هاجم صلاح الدّين طبرية حيث كانت تحتمي زوجة ريموند الثالث، مما اضطرّ الصليبيين بالزحف إلى طبرية بصعوبة تحت أشعة شمس تمّوز/يوليو، تعاني قلة الماء ووعورة الطريق وكان صلاح الدين وجنوده ينعمون بالماء الوفير مدّخرين قواهم لساعة الفصل ورابط عند قرية حطين.


وقد حرص صلاح الدين على أن يحول بين الصليبيين والوصول إلى الماء في الوقت الذي اشتد فيه ظمؤهم، كما أشعل المسلمون الناّر في الأعشاب والأشواك التي تغطي الهضبة-المطلة على طبرية-، وكانت الريح على الصليبيين ،فحملت حر النار والدخان إليهم، فقضى الصليبيون ليلة سيئة يعانون العطش والإنهاك، وهم يسمعون تكبيرات المسلمين وتهليلهم الذي يقطع سكون الليل، ويهز أرجاء المكان، ويثير الفزع في قلوبهم.

عندما أشرقت شمس يوم السبت الموافق (24 من ربيع الآخر 583هـ = 4 من يوليو 1187م)، اكتشف الصليبيون أن صلاح الدين استغل ستر الليل ليضرب نطاقًا حولهم، وبدأ صلاح الدين هجومه الكاسح.حاول الصليبيون أن يحتموا في جبل حطين والتراجع لكن المسلمون شددوا عليهم، وسقطت خيمة الملك الصليبي “جاي لوزنجان” فسجد صلاح الدين وقبّل الأرض وشكر الله عز وجل، فكانت هزيمة جيش الصليبيين، حتى بقي منهم ملك بيت المقدس ومعه مائة وخمسون من الفرسان، فسيق إلى خيمة صلاح الدين، ومعه أرناط صاحب حصن الكرك وغيره من أكابر الصليبيين، فاستقبلهم صلاح الدين أحسن استقبال، وأمر لهم بالماء المثلّج، ولم يعط أرناط، فلما شرب ملك بيت المقدس أعطى ما تبقّى منه إلى أرناط، فغضب صلاح الدين وقال: “إن هذا الملعون لم يشرب الماء بإذني فينال أماني”، ثم كلمه وذكّره بجرائمه وقرّعه بذنوبه، ثم قتله وقال: “كنت نذرت مرتين أن أقتله إن ظفرت به: إحداهما لما أراد المسير إلى مكة والمدينة، والأخرى لما نهب القافلة واستولى عليها غدرًا”..


نتائج معركة حطين:


كانت معركة حطين بمثابة كارثة حلت على الصليبيين حيث فقدوا أعظم فرسانهم وخيرتهم وأسر وقتل منهم أعداداً هائلة. وكانت بالنسبة للمسلمين أول الطريق نحو تحرير بيت المقدس، فشرع صلاح الدين بتحرير المدن والثغور والحصون واحدة تلو الاخرى:طرابلس، عكا، بيروت، صيدا، يافا، قيسارية، عسقلان وأهم قلاع الصليبيين جنوبي طبرية وغيرها من المدن التي استسلمت بعد فتح بيت المقدس.. حتى توجت جهوده بتحرير بيت المقدس في (27 من رجب 583هـ = 12 من أكتوبر 1187م).


هذا وقد أصدر صلاح الدين عفواً عن الأسرى لتزين تاريخه الناصح ، ولتبين للعالم ولأوروبا عظمة هذا القائد المسلم. ولمعاملة صلاح الدين للمقدسيين بعد الفتح كلام لا ينتهي ومواقف لا تقل أهمية وعظمة عن أحداث ومواقف الفتح العسكري.



………………………………………… …………………………………..
مراسلو الرابطة مبادرة شبابية لا تعبر بالضرورة عن موقف
رابطة الطلاب المسلمين في لبنان



المصادر:
شبكة المشكاة الاسلامية
اسلام اون لاين
ويكيبيديا


يتبع أرجو عدم الرد حتى انتهي

27 thoughts on “بالصور قصة صلاح الدين الأيوبي رجل من فولاذ لم يكرره التاريخ وصور قبره حقيقية ….

  1. الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 24 ( الأعضاء 10 والزوار 14)
    هذا دليل ان موضيعج تستحق التقدير,,,
  2. الغالية ريم الشحي مجهود كبير منك يستحق التقدير … شكرا والله يعطيج العافية

    تقبلي ودي..

  3. لله در صلاح الدين الإيوبي

    ورحمه الله تعالى

    لك جزيل الشكر

    و المواضيع القيمه تتألق تحت اناملك

    تسلم على هذا الكلام الذي يجمل صفحتي دوماً .
    وجودك وسام على صدري .

  4. لله در صلاح الدين الإيوبي

    ورحمه الله تعالى

    لك جزيل الشكر

    و المواضيع القيمه تتألق تحت اناملك

Comments are closed.