الشيخ سعيد الزياني – كيف تحول من الفن الى الدعوة

الشيخ المرحوم الداعية سعيد الزياني الذي توفي بحادث في الامارات , كتب قصة هدايته بعدما كان فنان وتحول الى الدعوة ,

ككل الناس كنت أبحث عن الحياة الطيبة ، وكنت أظنها فيما يعتقده الكثير ، أنها في الحصول على أشياء معينة ، كالمال والشهرة وغيرهما مما يطمح إليه غالبية البشر ، فسعيت للحصول على ذلك ، فوجدت نفسي وأنا صغير السن في بيئة المشاهير من خلال الإذاعة والتلفزيون ، حيث بدأت أشارك في برامج الأطفال ، وكان بيتنا في مدينة الرباط بالمغرب قريبا جدا من مبنى الإذاعة والتلفزيون ، فبرزت في برامج الأطفال من خلال مشاركاتي في التمثيليات وأناشيد الأطفال التي كانت تتسم بالبراءة والفطرة وتشتمل على حِكَمٍ ومواعظ ، كان ذلك في بداية الستينيات ، ثم بدأت تدريجيا الابتعاد عن البراءة والفطرة ، عندما استخدمونا ونحن أطفال صغار لمشاركة الكبار سنا في تسجيل الأغاني بالإذاعة والتلفزيون وعلى المسارح ، وبحكم تأثير البيئة ، بدأت أهتم بهذا الميدان الذي وجدت نفسي فيه ، إلى أن شاركت في مسابقة تلفزيونية للأصوات الناشئة (كما يقولون) وكان ذلك من خلال برنامج كان يذاع على الهواء مباشرة اسمه ( خميس الحظ ) فبدأت الجرائد تكتب عني مشجعة كي أستمر في ميدان الغناء ، وكان عمري آنذاك لم يتجاوز الخامسة عشر ، ثم كانت لي مشاركات من خلال برامج أخرى تلفزيونية هذا وأنا طالب أتابع دراستي ، إلى أن التحقت كمحترف بالفرقة الوطنية في المغرب ، وأصبحت أشارك أشهر المغنيين مثل عبد الوهاب الدكالي وعبد الحليم حافظ الَّذَيْنِ أصبحا فيما بعد من أكبر أصدقائي ، وفي الوقت نفسه كنت أشارك فرقة التمثيل الوطنية بالإذاعة حتى برزت في ميدان التمثيل وأصبحت أتقمص أدوارا رئيسية ، ثم بدأت أُعِدُّ وأقدم برامج إذاعية وتلفزيونية ، التي أصبحت من أشهر البرامج وأنجحها عند الجمهور ، بالإضافة إلى أني كنت أقدم النشرات الإخبارية في الإذاعة والتلفزيون مع أنشطة أخرى في ميدان الإعلام كالكتابة والتلحين والإخراج الإذاعي وغيرها. كل هذا كان بحثا عن السعادة التي لم أجدها في ذلك الميدان المليء بالهموم والمشاكل والأحقاد ، رغم أن علاقاتي كانت جيدة مع الجميع ، بل كنت أحب جميع زملائي ويحبونني ، إلا من كانوا يحسدونني على ما كنت ألاقي من نجاح ( في نظرهم ) !! ومما كان يميزني في المجتمع الذي كنت أعيش فيه ، أنه كانت لي صداقات وعلاقات وطيدة مع كبار المسؤولين في الحكومة المغربية ، حيث كان من جملة أصدقائي رئيس وزراء المغرب آنذاك ( المعطي بوعبيد رحمه الله ) الذي كنا نتبادل الزيارات تقريبا يوميا ، ويسمونه في المغرب ( وزير أول ) ، مما جعلني أتعرف عن قرب على حياة كبار المسؤولين وأشهر الفنانين ، الذين كان أغلبهم قد حُرِمَ السعادة التي كنت أبحث عنها ، فبدأت أتساءل ، ما هي السعادة ؟ ومن هم السعداء ؟ في الوقت الذي كان يعتقد فيه الكثير من الناس أننا نعيش في سعادة نُحسد عليها ، وكانت الجرائد والمجلات تكتب عني وعن (أنشطتي) باستمرار ، وتُجرِي معي مقابلات صحفية بين الفينة والأخرى ، إلى أن طُرح علي سؤال ذات يوم في إحدى المقابلات من طرف صحافي كان يتتبع أخباري باهتمام بالغ واسمه (بوشعيب الضبَّار) ، وكان السؤال هو : هل يطابق الاسم المسمى ؟ أي ، هل أنت سعيد في حياتك الفنية والخاصة ؟ وكان جوابي : أنا س ع ي ( سعيـ ) ولازال ينقصني – د – وأنا في بحث عنه ، وعندما أجده سأخبرك . كان ذلك في سنة 1974 م . بما أني لم أجد السعادة في ميدان الفن والإعلام الذي كنت أعيش فيه ، قلت في نفسي : بما أن لفظ السعادة موجود ، لابد أن يكون الإحساس بها موجودا ، فقررت أن أستغل برامجي الإذاعية التي كانت ناجحة ، للبحث عن السعادة المفقودة . فخصصت لذلك حلقات جمعت فيها نظريات وآراء الكثير من المفكرين والأدباء والفلاسفة حول السعادة ، كما أني أدرجت في البرنامج آراء الكثير من المستمعين من مختلف شرائح المجتمع حول هذا الموضوع ، وقلت في نهاية البرنامج معلقا على هذه الآراء : لقد طلبت آراء في السعادة ، فحدثوني عن كل شيء إلا عن السعادة ، حدثوني عن أحاسيس تنتاب الإنسان لفترة معينة ثم تزول ، ويبقى السؤال مطروحا ، ما هي السعادة ؟ وأين هم السعداء ؟ بعد هذا قلت في نفسي : ربما لم يقع اختياري إلا على الأشقياء الذين اطَّلعت على آرائهم ونظرياتهم ، فقررت أن أفسح المجال لكل المستمعين في برنامج إذاعي على الهواء مباشرة ، لكي يعبروا عن آرائهم حول السعادة . مع العلم أن الاستماع إلى الإذاعة كان في ذلك الوقت أكثر من مشاهدة التلفزيون ، بالإضافة إلى أنه لم تكن هناك قنوات فضائية ، وكانت المحطات المحلية تبث برامجها في ساعات معينة . فتلقيت آراء المستمعين حول السعادة ، فوجدتها آراء متشابهة ، بألفاظ مختلفة ، وقلت في آخر البرنامج المباشر ما سبق أن قلته في الحلقات الماضية : لقد طلبت آراء في السعادة ، فحدثوني عن كل شيء إلا عن السعادة ، حدثوني عن أحاسيس تنتاب الإنسان لفترة معينة ثم تزول ، ويبقى السؤال مطروحا ، ما هي السعادة ؟ وأين هم السعداء ؟

بعد ذلك قلت في نفسي : لقد بحثت عن السعادة في كل مكان ، ودخلت جميع البيوت دون استئذان ( من خلال الإذاعة والتلفزيون ) فلم أجد من يدلني على السعادة !! إذن السعادة ليست موجودة في المغرب !! ( ذلك ما كنت أعتقد في ذلك الوقت ، وإلا فالمغرب مليء بالسعداء الذين عرفتهم فيما بعد ، وسأتحدث عنهم لاحقا ) . فقررت أن أبحث عن السعادة خارج المغرب ، وكانت أوروبا أقرب ( سراب ) إلى المغرب سافرت إليها في سنة 1977م باحثا عن السعادة ، فازداد شقائي هناك ، لأنني لم أغير البيئة ، أي من بيئة شر إلى بيئة خير ، بل غيرت فقط الموقع الجغرافي. رجعت في نفس السنة إلى المغرب وإلى ميدان الإذاعة والتلفزيون والفن ، وأنا غير راض عن نفسي ، ولكني كنت مضطرا لأنه لم يكن لدي بديل ، ولم أجد آنذاك طريق السعادة . وفي تلك السنة توفي عبد الحليم حافظ الذي كان لي صديقا حميما ، فتأثرت بوفاته وخصوصا وأنه كان يحكي لي في جلسات خاصة همومه ومشاكله ومعاناته ، فكنت أخاطب نفسي قائلا : يا سعيد : لو تستمر في ميدان الغناء ، أقصى ما يمكن أن تصل إليه أن تكون مثل عبد الحليم ، أتتمنى أن تكون مثله في التعاسة والشقاء ؟ وكنت أتساءل مع نفسي ، لو جمعت الأموال الكثيرة وترقيت في أعلى المناصب ، أقصى ما يمكن أن أصل إليه أن أكون مثل فلان أو فلان الذين كانوا أصدقائي وكنت أعرف حياتهم الخاصة ، وأعرف همومهم ومشاكلهم ومعاناتهم ، لقد كنت شقيا وكانوا أشقياء ، ولكني كنت أقل شقاء منهم ، لأن بعضهم كان لا يستطيع أن يأكل وكنت أستطيع أن آكل ، وكان لا يستطيع أن يتزوج النساء وأنا أستطيع ذلك . إذن معنى هذا أن الترقي في هذه المجالات ، هو تَرَقٍ في الشقاء !!

ولكن كان علي أن أستمر في البحث إلى أن أجد السعادة المنشودة ، وأن أبقى في ميدان الفن والإذاعة والتلفزيون إلى أن أجد البديل . واصلت نشاطي في هذا الميدان أُعد وأقدم البرامج ، أُلحن وأغني وأكتب وأُقدم السهرات الفنية بالتلفزيون،إلى سنة 1981م حيث زاد الشقاء وأحسست بضيق جعلني أُغادر المغرب مرة أخرى في البحث عن السعادة ، ولكن إلى أين ؟ نحو نفس السراب الذي توجهت إليه سابقا : أوروبا . وهناك زاد الشقاء مرة أخرى ، فرجعت إلى المغرب ، ومن أجل التغيير فقط ، التحقت بإذاعة دولية في مدينة طنجة شمال المغرب ، اسمها : إذاعة البحر الأبيض المتوسط الدولية (ميدي 1) التي أصبحت من ( نجومها ) وكنت في الوقت نفسه أغني وأشارك في الحفلات والسهرات ، فزادت الشهرة وزاد المال وزاد الشقاء !! فبدأت أتساءل مع نفسي ، لماذا أعيش في هذه الدنيا ؟ هل لآكل وأشرب وأنام وأشتغل حتى أموت ؟ إذا كانت حياة كهذه ونهايتها موت ، فلا معنى لها ولا مبرر !! وإذا كنت في انتظار الموت الذي سيضع حدا لهذا الشقاء ، لماذا أبقى في انتظاره ؟ لماذا لا أعجل به وأموت الآن ؟ ( كانت هذه وساوس من الشيطان للدعوة إلى الانتحار ، وهذا الذي يحصل للكثير من المشاهير ) ولم أكن أعلم أن موت الذين يعيشون على هذا الحال ، ليس نهاية للشقاء ، بل هو بداية الشقاء الحقيقي ، والعذاب الأليم في نار جهنم والعياذ بالله . وأنا في صراع مع النفس والشيطان ، كانت والدتي -رحمها الله- حريصة على هدايتي ، ولكنها لم تجد الأذن الصاغية والقلب السليم الذي يتقبل دعوة الحق ، وبالأحرى ما كنت أراه من تصرفات بعض المسلمين ، كان يبعدني عن الدين ، لأن لسان حالهم كان يعطي صورة مشوهة عن الإسلام ، كما هو حال الكثير من المنتسبين للإسلام في هذا الزمان ويا للأسف . فكنت أرى المسلمين بين تفريط وإفراط ، بالإضافة إلى أن بعض المنتسبين للعلم ، كانوا يقصرون في دعوتنا إلى الله ، فكنت ألتقي مع بعضهم في مناسبات عديدة ، فكانوا ينوهون بي وبأعمالي الإذاعية والتلفزيونية ، ولا يسألون عن حالي ، هل أصلي أم لا ؟ بل كانوا يشجعونني على ما كنت عليه . فانتابني اليأس والقنوط ، وبدأت أفكر في الوسيلة التي تريحني من هذا العناء ، وتضع حدا لهذا الشقاء . وأنا على هذا الحال ، وقع بين يدي كتاب باللغة الفرنسية عنوانه الانتحار :
suicide) le ) لكاتب فرنسي ، فقرأته ، فإذا به جداول لإحصائيات للمنتحرين في الدول الأوروبية ، مبينة تزايد هذه الانتحارات سنة عن سنة ، وذَكر أن أكثر بلد يشهد الانتحارات هو السويد ، الذي يوفر لمواطنيه كل ما يحتاجونه ، ورغم ذلك فإن عدد الانتحارات في تزايد عندهم ، حتى أصبح عندهم جسر سمي ( جسر الانتحارات ) لكثرة الذين كانوا يُلقون بأنفسهم من ذلك الجسر !! عندما قرأت عن حياة هؤلاء المنتحرين وجدت أن حياتي شبيهة بحياتهم ، مع الفارق بيننا ، أني كنت أؤمن أن هناك ربا في هذا الوجود ، هو الخالق والمستحق للعبودية ، ولكني لم أكن أعلم أن هذه العبودية لله هي التي تحقق سعادتي في هذه الدنيا ، ناهيك عن الغفلة عن الآخرة وما ينتظرنا فيها . في الوقت نفسه قرأت عن بعض المشاهير من الغرب الذين أسلموا وتغيرت حياتهم رأسا على عقب ، وتركوا ما كانوا عليه قبل إسلامهم حيث وجدوا سعادتهم المنشودة في توحيد الله عز وجل وإفراده بالعبودية . ومن جملة هؤلاء ، المغني البريطاني الشهير ، كات ستيفنس ، الذي أصبح اسمه ، يوسف إسلام . اندهشت عندما رأيت صورته في إحدى المجلات وقد تغير شكله تماما ، مع العلم أن الناس ينظرون إلى التغيير الظاهري ، ولا يستطيعون أن يعرفوا التغيير الباطني والمشاعر التي يحسها الذي شرح الله صدره للإسلام . عندما سافرت آخر مرة إلى أوروبا ، كان قد رافقني أخ لي يكبرني بسنة وأربعة أشهر ،والذي بقي في هولندا بعد رجوعي إلى المغرب ، فالتقى هناك بدعاة إلى الله كانوا يجوبون الشوارع والمقاهي والمحلات العمومية ، يبحثون عن المسلمين الغافلين، ليذكروهم بدينهم ويدعونهم إلى الله تعالى، فتأثر بكلامهم ، وصاحبهم إلى المسجد حيث كانت تقام الدروس وحلقات العلم ، وبقي بصحبتهم إلى أن تغيرت حياته ، وبلغني أن أخي جُنَّ وأطلق لحيته وأصبح ينتمي إلى منظمة خطيرة ، نفس الإشاعات التي تُطلَق على كل من التزم بدين الله ، بل هي سنة الله في الكون ، أن يؤذى كل من أراد الدخول في زمرة المؤمنين ، ( الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ) .

عاد أخي بعد مدة بغير الوجه الذي ذهب به من المغرب ، وقد حَسُنَ دينه وخُلقه ، وبعد جهد جهيد من طرف أخي والدعاة إلى الله الذين كانت هداية أخي على أيديهم ، وجهد ودعاء والدتي –رحمها الله- شرح الله صدري وعزمت على الإقلاع عما كنت عليه ، وندمت على ما فرطت في جنب الله ، وعزمت أن لا أعود إلى ذلك . فوجدت نفسي أعرف الكثير من المعلومات والثقافات ، إلا عن الشيء الذي خلقت من أجله ، والذي يحقق لي سعادة الدنيا والآخرة ، وهو دين الله تعالى ، فقررت أن أترك كل شيء لكي أتعلم ديني . فتفرغت لطلب العلم والدعوة إلى الله ، فوجدت سعادتي المنشودة بفضل الله ومَنِّهِ ، وأنا الآن سعيد والحمد لله ، منذ أن سلكت هذا الطريق ، وأسأل الله تعالى أن يثبتني عليه حتى ألقاه . غبت عن المغرب سنة وثلاثة أشهر لتعلم الدين والدعوة إلى الله في مجالس العلماء الربانيين ، فخرجت بوجه ، ورجعت بغير الوجه الذي خرجت به ، وبعد رجوعي تصفحت قصاصات الجرائد والمجلات التي كانت تكتب عني ، فوجدت السؤال الذي كان قد طُرح علي ، وكان قد مرت عليه 12 سنة وهو : هل يطابق الاسم المسمى ؟ أي ، هل أنت سعيد في حياتك الفنية والخاصة ؟ وكان جوابي : أنا س ع ي ( سعيـ ) ولازال ينقصني – د – وأنا في بحث عنه ، وعندما أجده سأخبرك . كان ذلك في سنة 1974 م . فبعثت برسالة إلى الصحافي الذي كان قد طرح علي السؤال أقول فيها : سألتني في حوار بجريدة الكواليس بتاريخ كذا ..السؤال التالي : وذكَّرته بالسؤال ، وكان جوابي هو التالي : وذكَّرته بالجواب ، ثم قلت له : وبما أني وعدتك بأن أخبرك بمجرد ما أجد – د – فقد وجدته وأنا الآن سعيد ، وجدته في الدين والدعوة .

المصدر

4 thoughts on “الشيخ سعيد الزياني – كيف تحول من الفن الى الدعوة

  1. رحيل الشيخ سعيد الزياني صاحب الرحلات الزمزمية

    لشيخ سعيد الزياني الدوحة / تشيع اليوم السبت 10-10-2009 جنازة الداعية الشيخ “سعيد الزياني” الذي وافته المنية في حادث سير وقع في إمارة “أبو ظبي” بدولة الإمارات العربية المتحدة، بعد حياة غير تقليدية بدأت بالغناء والتمثيل وانتهت بالدفاع عن حياض الإسلام والسنة النبوية وأصحاب النبي.

    وتوفي الزياني، وهو من أصل مغربي ويحمل الجنسية القطرية، إثر حادث سيارة مساء الخميس 8-10-2009 بمنطقة “البدع” على طريق أبوظبي دبي؛ حيث كان عائدا من حضور حفل زفاف نجل الشيخ محمد بن حمدان آل نهيان، ولي عهد إمارة أبو ظبي.ويؤدي آلاف المسلمين من محبي الفقيد وتلاميذه وإخوانه صلاة الجنازة على جثمانه السبت بمسجد “الصحابة” بإمارة الشارقة بدولة الإمارات حيث كان يقيم الفقيد.

    ونعت “وزارة الأوقاف القطرية” الشيخ الزياني، وقالت في بيان أصدرته الجمعة 9-10-2009: إن “الشيخ الزياني كان يمتاز بالقبول لدى من يسمعه نتيجة الإخلاص في الدعوة ووصول كلامه إلى قلوب مستمعيه قبل آذانهم لطريقته المبسطة في الإلقاء والوعظ”.

    وأضافت الوزارة مسترسلة في ذكر محاسن الفقيد وفضائله: “كان علما من أعلام الدعوة والذب عن العقيدة السليمة الصحيحة على منهج أهل السنة والجماعة وكان مجاهدا يذود عن حياض الإسلام شرقا وغربا مدافعا عن السنة وعن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مفندا افتراءات المفترين مظهرا لباطلهم مؤكدا على التخلية قبل التحلية؛ تخلية القلب من المشاغل التي تحول بينه وبين القرب من ربه سبحانه وتعالى”.وعرف عن الفقيد، وفقا لنعي وزارة الأوقاف القطرية، معايشته لواقع المسلمين شرقا وغربا والتألم لآلامهم والحزن على مصابهم والاهتمام بما يهتم به المسلمون ويمس حاجتهم.وكان الزياني من الدعاة الذين استضافتهم وزارة الأوقاف القطرية لإلقاء عدد من المحاضرات والدروس خلال رمضان الماضي وكانت المساجد التي يحاضر فيها تمتلئ عن بكرة أبيها بالمصلين حتى ينتهي من حديثه.

    طريق الهدايةوالشيخ الزياني من مواليد مدينة الرباط المغربية وعمل بميدان الصحافة والإعلام وعين واعظا وخطيبا بدولة قطر التي استقر بها منذ بداية عام 1993 وهي مركز أنشطته وحركته الدعوية إلى الكثير من بلاد العالم حيث منحته حكومة قطر جنسيتها.واشتهر الزياني مبكرا منذ طفولته؛ حيث كان يشارك في التمثيليات وأناشيد الأطفال التي كانت تبثها الإذاعة المغربية في بداية الستينيات، وواصل طريقه كمغنٍّ محترف بالفرقة الوطنية في المغرب، وشارك أشهر المغنيين مثل عبد الوهاب الدكالي وعبد الحليم حافظ اللَّذَيْنِ أصبحا فيما بعد من أكبر أصدقائه.كما شارك الفقيد في فرقة التمثيل الوطنية بالإذاعة المغربية؛ حتى برز في ميدان التمثيل وأصبح يتقمص أدوارا رئيسية وأعد وقدم برامج إذاعية وتلفزيونية ونشرات إخبارية في المغرب، جعلته من أشهر مقدمي البرامج وأنجحها عند الجمهور، ومارس أنشطة أخرى في ميدان الإعلام كالكتابة والتلحين والإخراج الإذاعي.وتمثلت نقطة التحول في حياة الزيانى، كما يحكي هو عن قصة هدايته، عند محاولته البحث عن إجابة لأسئلة شغلته كثيرا وهي: ما هي السعادة؟ وأين هم السعداء؟ كيف أحصل على السعادة وهي الأسئلة التي طرحها خلال عمله كمقدم برامج على ضيوف من ثقافات وجنسيات ومراكز اجتماعية ووظيفية مختلفة ولم يجد لها جوابا مقنعا.

    وفي سنة 1977، قصد الزياني أوروبا، مهوى قلوب المغاربة، باحثا عن السعادة، وعلق على تلك الرحلة قائلا: “ازداد شقائي هناك؛ لأنني لم أغير البيئة، أي من بيئة شر إلى بيئة خير، بل غيرت فقط الموقع الجغرافي”.

    ويضيف: “رجعت في نفس السنة (1977) إلى المغرب وإلى ميدان الإذاعة والتلفزيون والفن، وأنا غير راض عن نفسي، ولكني كنت مضطرا لأنه لم يكن لدي بديل، ولم أجد آنذاك طريق السعادة”.

    وبلغت حيرة الزيانى قمتها عندما وقع بين يديه كتاب باللغة الفرنسية عنوانه الانتحار، قرأه، فإذا به جداول لإحصائيات للمنتحرين في الدول الأوروبية، مبينة تزايد عدد حوادث الانتحار عاما تلو الآخر وذَكر أن أكثر بلد من حيث معدل حوادث الانتحار هو السويد، الذي يوفر لمواطنيه كل ما يحتاجونه، ورغم ذلك فإن عدد حوادث الانتحار في تزايد عندهم، حتى أصبح عندهم جسر سمي “جسر الانتحارات”؛ لكثرة الذين كانوا يُلقون بأنفسهم من ذلك الجسر.وذكر الزياني أنه عندما قرأ عن حياة هؤلاء المنتحرين وجد أن حياته شبيهة بحياتهم، مع الفارق بينهم، أنه كان يؤمن بأن هناك ربا في هذا الوجود، هو الخالق والمستحق للعبودية، ولكن لم يكن يعلم أن هذه العبودية لله هي التي تحقق السعادة في الدنيا.وكان للزيانى شقيق يعمل في هولندا تاب واهتدى بعد أن التقى جماعة دعوية تنشط بين الشباب العربي المهاجر لأوروبا، وأثرت هداية هذا الشقيق في الزياني الذي بدأ يتعرف على حقيقة إسلامه.

    وروى ما حدث له في تلك الفترة، قائلا: “شرح الله صدري وعزمت على الإقلاع عما كنت عليه، وندمت على ما فرطت في جنب الله، وعزمت أن لا أعود إلى ذلك، فوجدت نفسي أعرف الكثير من المعلومات والثقافات، إلا عن الشيء الذي خلقت من أجله، والذي يحقق لي سعادة الدنيا والآخرة، وهو دين الله تعالى، فقررت أن أترك كل شيء لكي أتعلم ديني، فتفرغت لطلب العلم والدعوة إلى الله، فوجدت سعادتي المنشودة بفضل الله ومَنِّهِ”.

    الرحلات الزمزميةواشتهر الشيخ الزياني بالزيارات “الزمزمية” التي كان يقوم بها كل فترة بين قطر والسعودية لأداء العمرة واصطحاب كميات من ماء زمزم تكفيه أسابيع وقد تحدث عن تلك الزيارات فقال: “كنت أقوم بين الفينة والأخرى برحلة إلى مكة المكرمة بالسيارة حتى أحمل معي بعد أداء العمرة كمية من ماء زمزم تكفيني أنا وأسرتي لشهرين أو أكثر ثم أعود كلما نفدت الكمية، وكان الشيخ عبد الرحمن السديس يسمي رحلاتي هذه: (الرحلات الزمزمية)”.

    منقول من اخبار الزوى

  2. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    مشكورة اختي عاشقة الإمارات على طرح هالموضوع الطيب عن الشيخ الداعية / سعيد الزياني

    والله يرحمه ويغفرله يارب ..

    يزاج الله خير ..

Comments are closed.