بسم الله الرحمن الرحيم

إلى الإخوة الأعزاء

نظرا للحماس الذي وجدته من الإخوة, ومطالبة البعض بالإستمرار في طرح مقتطفات من هذا الكتاب , أجد نفسي وقد غمرتني الفرحة والسرور ملزما بأن ألبي هذا الطلب العزيز الغالي, وماينبغي لمثلي على قلة علمي , ولا لغيري من الإخوة وفيهم أساتذه وخبراء تعلمنا ونهلنا من معين علومهم وخبراتهم الكثير أن نتقاعس عن تلبية طالب علم يبتغي العلم النافع في هذا المجال الإقتصادي الحيوي.

إخوتي أعضاء هذا المنتدى الطيب, كنا في الموضوع السابق قد إستعرضنا مقتطفات من الفصل الأول من كتاب مزايا المضارب اليومي, واليوم سوف أضع بين يديكم مقتطفات من الفصل الثاني وهو بعنوان تخطي الحواجز النفسية التي تعترض المضاربين.

هذا الفصل مهم جدا, ويحتاج إلى إعادة قراءة أكثر من مرة, وذلك لأنه يقدم مادة جديدة ودسمة تهتم كثيرا بتسليط الضوء أكثر من ذي قبل على أهمية العامل النفسي في نجاج أو فشل المضارب اليومي.

المقدمة:

يقول الكاتب:

لم أقابل بعد مضاربا في الأوراق المالية وقد خسر ماله في النموذج التدريبي, إنّه شيء مضحك, وذلك لأنهم جميعا يحققون أرباحا عالية. شريكي بوب كوبل, عندما يتكلم عن المضاربة في المؤتمرات, دائما ما كان يواجه أثناء تقديمه لكلمته بالكثير من الجدال من قبل بعض المضاربين (والذي عادة ما يكون دكتور أو محامي) والسبب في ذلك أنه في رأي من يجادله يعطي أهمية كبيرة أكثر من اللازم لتأثير الجانب النفسي على المضارب اليومي. كان بوب دائما يتقبل هذا الأمر بروح طيبة, ويعمد إلى تذكير من يجادله أنه ليس بصدد التبشير بعصر علمي جديد, لكنه فقط يريد أن يشاركهم في أهم الأمور التي ساهمت في تطوره كمضارب, ويؤكد لهم أن هذا الأمر قد تم التأكد منه من خلال المقابلات التي أجريناها مع أكثر المضاربين نجاحا في سوق الأوراق المالية, الأمر الممتع أن بوب كان يخبرهم أنهم إذا كانوا فعلا جادين في أن يصبحوا مضاربين محترفين, فإنه سوف يتطلع مستقبلا إلى تلقي نداء منهم.

المؤلف من خلال هذه الفقرة الإفتتاحية يريد أن يخبرنا أمرين إثنين, ألأول أن هذا الأمر مازال يجد بعض المعارضة من قبل المضاربين وعدم الإهتمام به كما يجب, والثاني أن المقابلات التي أجروها مع أفضل المضاربين في العالم أثبتت أهمية العامل النفسي في المضاربة.

دعونا نعطي بعض الأمثلة من سوقنا المالي, والنأخذ ماحدث مؤخرا حيث إنتشرت إشاعة أن بنك دبي الإسلامي سوف يقوم بتجزئة سهمه, هذه الإشاعة نشرها عدد قليل من الناس, وتقبلها الكثير بصورة غريبة, هذا التقبل من قبل البعض والذي أدى إلى أن يقدم الكثير من المضاربين على شراء السهم حتى ارتفع السهم من مستوى 88 درهم حتى وصل عند الإغلاق لمستوى 100 درهم, ألم يكن هذا الإرتفاع المبالغ فيه في يوم واحد كان بسبب أن المضاربين كانوا في الأصل ينتضرون ويتوقعون مثل هذا الخبر, أي أنهم نفسيا كانوا مستعدين لقبول مثل هذه الشائعة, علما بأنها ليست المرة الأولى التي تحدث مع نفس البنك.

مثال آخر:

بينما عرقوب يناظر الشاشة وقد إنصب تركيزه على سهمه المفضل, إذا كان السهم يتأرجح بين عروض عند مستوى 8 وطلبات عند مستوى 7.70 درهم, لم تكن قيمة العروض أو الطلبات كبيرة حتى دخل أحد المضاربين يطلب السهم بسعر 7.75 درهم, وبطلب يتجاوز خمسمائة ألف سهم, ثم طلب آخر عند مستوى 7.80 درهم بنفس الكمية تقريبا, هذا الأمر لفت نظر عرقوب, بدأ عرقوب يهتم أكثر ويركز على هذه الطلبات الكبيرة, وبدأت نفسه تساوره أن هناك أمرا ما جعل هذين المضاربين يطلبان السهم بهذه الكمية عند هذه القيمة.

بدأ عرقوب يحدث نفسه عن أن مثل هذا الطلب لن ينتضر كثيرا, لابد أن من يملك هذا المبلغ من المال سوف يقبل بالسعر المعروض من قبل البائعين ولن يتوقف عند فارق بسيط لايتعدى العشرين فلسا, بدأت نفس عرقوب تدفعه لكي يأخذ المبادرة ويسبق هذا المضارب الذي لاشك أنه هامور من هوامير السوق ليشتري السهم بالسعر المعروض وعلى الشاشة, و أسر عرقوب لإخوانه في السوق بما يفكر فيه, وقد شجعوه على ذلك بل إن أحدهم أكد على أن هذا السهم سوف يكسر اليوم حاجز 8 درهم ليستقر على أقل تقدير عند مستوى 8.5 أو حتى 9 درهم, وبدأ هذا الشخص يسرد عليهم مناقب الشركة وأرباحها السنوية وكل مافي جعبته من معلومات, وبدأ الإخوة يستخدمون الآلة الحاسبة لمعرفة الأرباح التي يمكن أن يكسبوها من شراء السهم عند مستوى 8 درهم , ومن ثم بيعه عند مستوى 9 درهم على أقل تقدير.

ولم يكن الأمر مقتصرا على عرقوب وزملائه, لقد شدت هذه الطلبات إنتباه الكثيرين في السوق, لهذا بدأت الطلبات تزيد عند نفس المستويات أي 7.75 و 7.8 درهم, ومن كمية بحجم نصف مليون أصبحت الكمية تزيد عن المليونين عند كل مستوى, زاد هذا الأمر من فضول عرقوب وزملائه, حتى قرروا عندها أخذ المبادرة من الأخرين, وهو ماحصل فعلا.

ما إن وصل عرقوب للوسيط, طلب منه شراء السهم على الشاشة, سأله الوسيط عن رقم حسابه حتى يتأكد من الرصيد, نهره عرقوب وطلب منه السرعة في إجراء الصفقفة, إلا أن الوسيط أصر على طلبه, فالتزم عرقوب بطلب الوسيط واعطاه رقم الحساب حتى تأكد الوسيط من توفر الرصيد بالبنك, عندها فتح الوسيط الشاشة على ذلك السهم فوجد أن سعر السهم وصل لمستوى 8.15 درهم, تأفف عرقوب ولكن اللحظة كانت تسيطر عليه, فطلب من الوسيط شراء كمية بحجم 30,000 سهم بالقيمة المعروضة أي عند سعر 8.15 درهم, وتم له ذلك.

عاد عرقوب إلى مقعده بين زملائه, وهو فرح بهذه الصفقة المثيرة, وفي نفس الوقت ألقى بكل العيوب والنواقص على هذا الوسيط البطيئ الذي لم يعد كما كان في سرعة تلبية طلبات العملاء.

وبدأ يتحدث مع إخوانه في السوق عن هذه الصفقة فاكتشف أن أحدهم اشترى عند سعر 8 درهم وكان الأكثر حظا بين الجميع, والآخر لحق السهم عند مستوى 8.10 درهم, بينما آخرين لم يكونوا أكثر حظا من عرقوب, وهكذا بدأ السهم يرتفع حتى وصل فعلا لمستوى 8.50 درهم. وفي حين أن الطلبات بدأت تزداد على السهم عند مستويات مختلفة, لم يرفع المضاربين الإثنين سعر طلبهم أكثر من السعر السابق وهو 7.75 و 7.80 درهم.

بدأ الأمر يشد إنتباه عرقوب وزملائه, وبدأت احداقهم تتوسع حتى بدأت وكأن أعينهم سوف تخرج من محاجرها, وبدأ البائعين يبيعون أسهمهم عند مستوى 8.6 درهم, و 8.50 درهم, وبدأ السهم يتراجع تحت ضغط البيع لكل من طلب السهم , عندها إنسبحت الطلبات الأساسية حتى وصل السهم لمستواه السابق وهو 7.75 درهم, وبدأ السهم يتعرض لضغوط كبيرة نتيجة لهذه الحركة, حتى نزل لمستوى 7.50 درهم وبدأ يطرق باب 7.40 درهم عندها تقافز عرقوب وزملائه وبدأو يبيعون السهم لمن طلبه وعلى الشاشة كما يقال, حتى صول السهم لمستوى 7.20 درهم.

عاد عرقوب وإخوانه لمقاعدهم وقد بلل العرق جبينهم, وهم في حالة من الصدمة, وجلسوا يستردون أنفاسهم,وكل منهم يفتخر بأنه استطاع أن يبيع سهمه بسعر أفضل من سعر أخيه, ولم تكن خسائره كبيرة, لكن هناك أمرا ما في هذا السهم مازال يجذب أنظار عرقوب وإخوانه إذ بدأت طلبات الشراء تنهال على السهم مرة أخرى حتى وصل لمستواه عند إفتتاح السوق وهو 7.70 درهم.

خيم الصمت على مجلس العراقيب, كان واضحا للجميع أنهم جميعهم من فصيلة العراقيب, عندها لم يكن هناك أي داعي لأن يفتخر عرقوب على عرقوب آخر, فالكل في هذا المجلس أضهر أصالة عرقوبيته, بل إن البعض بدأ يتحدث فعلا عن أجداده العراقيب الذين أسسوا هذا الفن العرقوبي النبيل.

وبينما هم على هذه الحال, حتى قدم إليهم صديق قديم من أيام الدراسة, كان يبدو على هذا الصديق ومن تلك الأيام أنه مختلف عنهم في كثير من الصفات, وبعد السلام والتحايا والإستعلام عن أخبار السوق, أخبرهم هذا الزميل أنه إستطاع اليوم بيع كل الكميات التي كان يمتلكها من ذلك السهم بالتعاون مع زميل آخر له, ثم إشتروها مرة أخرى عندما نزل السهم لمستوى 7.20 درهم, وهكذا حقق هذا الزميل وزميله أرباحا جيدة هذا اليوم من خلال لعبة نفسية بسيطة.

عندها توجهت كل أنظار العراقيب إليه, وبدا أنه محاط بفصيلة نادرة من العراقيب لايمكن أن تسامح زميل دراسة على هذا المقلب.

إنتهى.

مثل هذا الأمر إخواني يحدث بصورة يومية في السوق, وإن كان بأشكال متعددة ومختلفة, ولكن هذا مايحدث فعلا, وعليكم بمراقبة الطلبات والعروض لتعرفوا ما أعني, بل راقبو التداولات السابقة لكل سهم, لتتأكدوا من ذلك. إذا العامل النفسي مهم جدا في المضاربة اليومية.

يتبع

9 thoughts on “إقرأ الفصل الثاني من كتاب مزايا المضارب اليومي مع درهم بن دينار

  1. يزاك الله خير .. بصراحه اندمجت وانا اقرا مقالك وتعليقك على لكتاب ,, لكن بصراحه كتاب قيم بس صدق انه ذويق لختار لكتاب …
    تشكر اخوي بن دينار على الطرح الجيد وعلى ذوقك
    تحياتي

  2. بسم الله الرحمن الرحيم

    الأخ العزيز عتيق الصوف ………….ولا يديد

    جزاكم الله خيرا, تجد الفصل الأول في باب المواضيع المميزة.

    ودمتم

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  3. تسلم اخوي على الموضوع الرائع ،،، صراحة مفيد جداااا،، بس عندي طلب كيف اقدر احصل على الفصل ا لاول؟؟؟ الله يعطيك العافية

  4. تسلم يا اخ درهم بن دينار على هذه المعلومات الجيدة والله يضعها في ميزان حسناتك

    المساهم حلوه المداخله ونطالب المشرفين انهم ما يشلونها لان بعد عناء قراء تحصل لك شي جميل يعيد لك الحيويه

    أرباب

Comments are closed.