بسم الله الرحمن الرحيم

إلى الإخوة الأعزاء

نظرا للحماس الذي وجدته من الإخوة, ومطالبة البعض بالإستمرار في طرح مقتطفات من هذا الكتاب , أجد نفسي وقد غمرتني الفرحة والسرور ملزما بأن ألبي هذا الطلب العزيز الغالي, وماينبغي لمثلي على قلة علمي , ولا لغيري من الإخوة وفيهم أساتذه وخبراء تعلمنا ونهلنا من معين علومهم وخبراتهم الكثير أن نتقاعس عن تلبية طالب علم يبتغي العلم النافع في هذا المجال الإقتصادي الحيوي.

إخوتي أعضاء هذا المنتدى الطيب, كنا في الموضوع السابق قد إستعرضنا مقتطفات من الفصل الأول من كتاب مزايا المضارب اليومي, واليوم سوف أضع بين يديكم مقتطفات من الفصل الثاني وهو بعنوان تخطي الحواجز النفسية التي تعترض المضاربين.

هذا الفصل مهم جدا, ويحتاج إلى إعادة قراءة أكثر من مرة, وذلك لأنه يقدم مادة جديدة ودسمة تهتم كثيرا بتسليط الضوء أكثر من ذي قبل على أهمية العامل النفسي في نجاج أو فشل المضارب اليومي.

المقدمة:

يقول الكاتب:

لم أقابل بعد مضاربا في الأوراق المالية وقد خسر ماله في النموذج التدريبي, إنّه شيء مضحك, وذلك لأنهم جميعا يحققون أرباحا عالية. شريكي بوب كوبل, عندما يتكلم عن المضاربة في المؤتمرات, دائما ما كان يواجه أثناء تقديمه لكلمته بالكثير من الجدال من قبل بعض المضاربين (والذي عادة ما يكون دكتور أو محامي) والسبب في ذلك أنه في رأي من يجادله يعطي أهمية كبيرة أكثر من اللازم لتأثير الجانب النفسي على المضارب اليومي. كان بوب دائما يتقبل هذا الأمر بروح طيبة, ويعمد إلى تذكير من يجادله أنه ليس بصدد التبشير بعصر علمي جديد, لكنه فقط يريد أن يشاركهم في أهم الأمور التي ساهمت في تطوره كمضارب, ويؤكد لهم أن هذا الأمر قد تم التأكد منه من خلال المقابلات التي أجريناها مع أكثر المضاربين نجاحا في سوق الأوراق المالية, الأمر الممتع أن بوب كان يخبرهم أنهم إذا كانوا فعلا جادين في أن يصبحوا مضاربين محترفين, فإنه سوف يتطلع مستقبلا إلى تلقي نداء منهم.

المؤلف من خلال هذه الفقرة الإفتتاحية يريد أن يخبرنا أمرين إثنين, ألأول أن هذا الأمر مازال يجد بعض المعارضة من قبل المضاربين وعدم الإهتمام به كما يجب, والثاني أن المقابلات التي أجروها مع أفضل المضاربين في العالم أثبتت أهمية العامل النفسي في المضاربة.

دعونا نعطي بعض الأمثلة من سوقنا المالي, والنأخذ ماحدث مؤخرا حيث إنتشرت إشاعة أن بنك دبي الإسلامي سوف يقوم بتجزئة سهمه, هذه الإشاعة نشرها عدد قليل من الناس, وتقبلها الكثير بصورة غريبة, هذا التقبل من قبل البعض والذي أدى إلى أن يقدم الكثير من المضاربين على شراء السهم حتى ارتفع السهم من مستوى 88 درهم حتى وصل عند الإغلاق لمستوى 100 درهم, ألم يكن هذا الإرتفاع المبالغ فيه في يوم واحد كان بسبب أن المضاربين كانوا في الأصل ينتضرون ويتوقعون مثل هذا الخبر, أي أنهم نفسيا كانوا مستعدين لقبول مثل هذه الشائعة, علما بأنها ليست المرة الأولى التي تحدث مع نفس البنك.

مثال آخر:

بينما عرقوب يناظر الشاشة وقد إنصب تركيزه على سهمه المفضل, إذا كان السهم يتأرجح بين عروض عند مستوى 8 وطلبات عند مستوى 7.70 درهم, لم تكن قيمة العروض أو الطلبات كبيرة حتى دخل أحد المضاربين يطلب السهم بسعر 7.75 درهم, وبطلب يتجاوز خمسمائة ألف سهم, ثم طلب آخر عند مستوى 7.80 درهم بنفس الكمية تقريبا, هذا الأمر لفت نظر عرقوب, بدأ عرقوب يهتم أكثر ويركز على هذه الطلبات الكبيرة, وبدأت نفسه تساوره أن هناك أمرا ما جعل هذين المضاربين يطلبان السهم بهذه الكمية عند هذه القيمة.

بدأ عرقوب يحدث نفسه عن أن مثل هذا الطلب لن ينتضر كثيرا, لابد أن من يملك هذا المبلغ من المال سوف يقبل بالسعر المعروض من قبل البائعين ولن يتوقف عند فارق بسيط لايتعدى العشرين فلسا, بدأت نفس عرقوب تدفعه لكي يأخذ المبادرة ويسبق هذا المضارب الذي لاشك أنه هامور من هوامير السوق ليشتري السهم بالسعر المعروض وعلى الشاشة, و أسر عرقوب لإخوانه في السوق بما يفكر فيه, وقد شجعوه على ذلك بل إن أحدهم أكد على أن هذا السهم سوف يكسر اليوم حاجز 8 درهم ليستقر على أقل تقدير عند مستوى 8.5 أو حتى 9 درهم, وبدأ هذا الشخص يسرد عليهم مناقب الشركة وأرباحها السنوية وكل مافي جعبته من معلومات, وبدأ الإخوة يستخدمون الآلة الحاسبة لمعرفة الأرباح التي يمكن أن يكسبوها من شراء السهم عند مستوى 8 درهم , ومن ثم بيعه عند مستوى 9 درهم على أقل تقدير.

ولم يكن الأمر مقتصرا على عرقوب وزملائه, لقد شدت هذه الطلبات إنتباه الكثيرين في السوق, لهذا بدأت الطلبات تزيد عند نفس المستويات أي 7.75 و 7.8 درهم, ومن كمية بحجم نصف مليون أصبحت الكمية تزيد عن المليونين عند كل مستوى, زاد هذا الأمر من فضول عرقوب وزملائه, حتى قرروا عندها أخذ المبادرة من الأخرين, وهو ماحصل فعلا.

ما إن وصل عرقوب للوسيط, طلب منه شراء السهم على الشاشة, سأله الوسيط عن رقم حسابه حتى يتأكد من الرصيد, نهره عرقوب وطلب منه السرعة في إجراء الصفقفة, إلا أن الوسيط أصر على طلبه, فالتزم عرقوب بطلب الوسيط واعطاه رقم الحساب حتى تأكد الوسيط من توفر الرصيد بالبنك, عندها فتح الوسيط الشاشة على ذلك السهم فوجد أن سعر السهم وصل لمستوى 8.15 درهم, تأفف عرقوب ولكن اللحظة كانت تسيطر عليه, فطلب من الوسيط شراء كمية بحجم 30,000 سهم بالقيمة المعروضة أي عند سعر 8.15 درهم, وتم له ذلك.

عاد عرقوب إلى مقعده بين زملائه, وهو فرح بهذه الصفقة المثيرة, وفي نفس الوقت ألقى بكل العيوب والنواقص على هذا الوسيط البطيئ الذي لم يعد كما كان في سرعة تلبية طلبات العملاء.

وبدأ يتحدث مع إخوانه في السوق عن هذه الصفقة فاكتشف أن أحدهم اشترى عند سعر 8 درهم وكان الأكثر حظا بين الجميع, والآخر لحق السهم عند مستوى 8.10 درهم, بينما آخرين لم يكونوا أكثر حظا من عرقوب, وهكذا بدأ السهم يرتفع حتى وصل فعلا لمستوى 8.50 درهم. وفي حين أن الطلبات بدأت تزداد على السهم عند مستويات مختلفة, لم يرفع المضاربين الإثنين سعر طلبهم أكثر من السعر السابق وهو 7.75 و 7.80 درهم.

بدأ الأمر يشد إنتباه عرقوب وزملائه, وبدأت احداقهم تتوسع حتى بدأت وكأن أعينهم سوف تخرج من محاجرها, وبدأ البائعين يبيعون أسهمهم عند مستوى 8.6 درهم, و 8.50 درهم, وبدأ السهم يتراجع تحت ضغط البيع لكل من طلب السهم , عندها إنسبحت الطلبات الأساسية حتى وصل السهم لمستواه السابق وهو 7.75 درهم, وبدأ السهم يتعرض لضغوط كبيرة نتيجة لهذه الحركة, حتى نزل لمستوى 7.50 درهم وبدأ يطرق باب 7.40 درهم عندها تقافز عرقوب وزملائه وبدأو يبيعون السهم لمن طلبه وعلى الشاشة كما يقال, حتى صول السهم لمستوى 7.20 درهم.

عاد عرقوب وإخوانه لمقاعدهم وقد بلل العرق جبينهم, وهم في حالة من الصدمة, وجلسوا يستردون أنفاسهم,وكل منهم يفتخر بأنه استطاع أن يبيع سهمه بسعر أفضل من سعر أخيه, ولم تكن خسائره كبيرة, لكن هناك أمرا ما في هذا السهم مازال يجذب أنظار عرقوب وإخوانه إذ بدأت طلبات الشراء تنهال على السهم مرة أخرى حتى وصل لمستواه عند إفتتاح السوق وهو 7.70 درهم.

خيم الصمت على مجلس العراقيب, كان واضحا للجميع أنهم جميعهم من فصيلة العراقيب, عندها لم يكن هناك أي داعي لأن يفتخر عرقوب على عرقوب آخر, فالكل في هذا المجلس أضهر أصالة عرقوبيته, بل إن البعض بدأ يتحدث فعلا عن أجداده العراقيب الذين أسسوا هذا الفن العرقوبي النبيل.

وبينما هم على هذه الحال, حتى قدم إليهم صديق قديم من أيام الدراسة, كان يبدو على هذا الصديق ومن تلك الأيام أنه مختلف عنهم في كثير من الصفات, وبعد السلام والتحايا والإستعلام عن أخبار السوق, أخبرهم هذا الزميل أنه إستطاع اليوم بيع كل الكميات التي كان يمتلكها من ذلك السهم بالتعاون مع زميل آخر له, ثم إشتروها مرة أخرى عندما نزل السهم لمستوى 7.20 درهم, وهكذا حقق هذا الزميل وزميله أرباحا جيدة هذا اليوم من خلال لعبة نفسية بسيطة.

عندها توجهت كل أنظار العراقيب إليه, وبدا أنه محاط بفصيلة نادرة من العراقيب لايمكن أن تسامح زميل دراسة على هذا المقلب.

إنتهى.

مثل هذا الأمر إخواني يحدث بصورة يومية في السوق, وإن كان بأشكال متعددة ومختلفة, ولكن هذا مايحدث فعلا, وعليكم بمراقبة الطلبات والعروض لتعرفوا ما أعني, بل راقبو التداولات السابقة لكل سهم, لتتأكدوا من ذلك. إذا العامل النفسي مهم جدا في المضاربة اليومية.

يتبع

9 thoughts on “إقرأ الفصل الثاني من كتاب مزايا المضارب اليومي مع درهم بن دينار

  1. بسم الله الرحمن الرحيم

    الأخ العزيز القدير المساهم الإماراتي

    تحية طيبة معطرة بروائح الفل والياسمين, وجزاكم الله خيرا أخي العزيز على مروركم الكريم وتشريفنا بهذه الأبيات الجميلة.

    بصراحة, صرت خايف الآن من أحفاد الشاعر كعب بن زهير أنهم يطالبونني بدفع تعويض سخي نتيجة لإستخدامي هذا الأسم الذي خلده جدهم.

    بانت سعــاد فقلبي اليوم متبول————متيم إثرها , لم يفد , مكبـــول
    و ما سعاد غداة البين , إذ رحلوا———إلا أغن غضيض الطرف مكحول
    إخالها خلة لو أنها صدقت—————-موعودها أو لو أن النصح مقبول
    فلا يغرنك ما منت وما وعدت————إن الأماني والأحــلام تضليل
    كانت مواعيد عرقوب لها مثلا———–وما مواعيدها إلا الأبــاطيل
    أرجو وآمل أن تدنو مودتها————-وما إخال لدينــا منك تنويل
    أمست سعاد بأرض لا يبلغها———–إلا العتاق النجيبات المراسيل
    سعى الوشاة جنابيها وقولهم———–إنك يــا ابن سلمى لمقتول
    فقلت خلوا سبيلي لا أبا لكم————-فكل ما قدر الرحمن مفعول
    ل ابن أنثى وإن طالت سلامته———يوما على آلة حدباء محمول

    ودمتم

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  2. احسنت اخي درهم بن دينار على هذا المقال الرائع…وعلى اختراع شخصية عرقوب

    وعلى طاري عرقوب يحظرني بيت الشعر هذا

    واعتقد انه لزهير بن ابي سلمى

    كانت مواعيد عرقوب لها مثلا……………………..وما مواعيدها الا الاباطــــيل
    هيفاء مقبلة عجزاء مـــــــدبرة…………………… لايشتكى قصر منها ولا طول

    ولكم الشكر جميعا

  3. تكملة:

    مالذي يمكن أن يحقق لك الحد الأعلى من أهدافك في المضاربة اليومية؟
    What Gives You the Edge in Day Trading?

    إن الحد الفاصل والذي يمكن أن يشكل إختلافا في أي يوم مضاربة يمكن أن نرجعه للتالي:

    أن تعرف وبشكل كامل دافعك وهدفك من المضاربة: ما أن تعلم ماهي دوافعك, إفحصها بعناية. معضم التجار يتاجرون في حالة نزاع دائم. خبرتي تكشف لي أن معضم الناس الذين يعتقدون أنهم يريدون المضاربة اليومية لايفعلون ذلك.

    طور استراتيجية شخصية سبق وأن نجحت معك وتتفق مع جوانب شخصيتك: إذا كان النضام الذي تستخدمه لايبدو لك صحيحا, فإنك سوف تخسر قبل أن تبدأ. تذكر, من طبيعة المضاربة اليومية, يجب عليك أن تتاجر من خلال نضام تعرفه و تملك فيه الحرية والسيطرة الكاملة.

    يجب أن يكون الأمر مرحا: لايمكن أن اشرح هذه النقطة أكثر من ذلك. المضاربة يجب أن تكون أمرا جيدا بالمعنى الحرفي.يجب أن تكون في حالة شعوريّة تسمح لك أن تتمتّع بالعمليّة بدون بدل مجهود كبير, أن تكون ماهرا وأن تقوم بتقديرات جيدة. حتى عندما تخسر! لا يجب عليك أن تحبّ الخسارة, لكن ومع ذلك يجب أن تملك روح الدعابة .

    العمل الدؤوب والشّاقّ عامل أساسيّ: من المستحيل أن نلتف حول هذا العامل ونهمله. يجب أن تعطيه الوفت الكافي. كما قال توماس اديسون, الكثير من النّاس لا تتعرّف على الفرصة لأنها كثيرا تذهب إلى من يجتهدون ويعملون بجد للحصول عليها .

    الثّقة: يجب أن تمتلك حصيلة كافية من المعتقدات الشّخصيّة التي تجدد وتؤكد وتعزز من مشاعر التقدير العالي الذاتي, و الثّقة في تحليلك, وفي مستوى تنفيذك للعملية التجارية. مرة ثانية أذكرك أنه مهمى كانت النتيجة ربحا أم خسارة, لست في حاجة لأن أقول أن الإنضباط, الصبر, المسئوليّة الشّخصيّة و النّجاح المتكرر في المضاربة اليومية يجعل من هذا الأمر أكثر سهولة .

    الحالة المزاجيّة الإيجابية: المضاربين المتميزين والذين يعتبرون الأفضل على مستوى العالم , قد طوروا أساليب شخصية في التفكير تعمل على التقليل من حدة القلق وتعزز من التميز والجودة, أستطاع هؤلاء أن يعيدوا رسم الخارطة الذهنية والعقلية لديهم بحيث يصورون الأحداث الخارجية بطريقة إيجابية تضمن لهم النجاح, من خلال تكييفها وإعادة تصميمها وإعادة تعريفها للعقل بشكل مناسب بحيث لايسمح لمفهوم الخسارة أن يجد له مكانا في نفوسهم, بشكل مختصر, إستطاع هؤلاء أن يتحكموا بالقدرة على خلق حالة ذهنية وجسدية فعالة والقدرة على القيام بكل مايلزم من أجل تحقيق النجاح.

    وفي نهاية هذا الفصل, يقتبس الكاتب هنا الفقرة التالية للكاتب جيفري سيلفرمان من كتابه ( The Inner game of Trading ):

    يجب أن تقضي الوقت الكافي, يجب أن تدرس ميزات التّجّار النّاجحين . يجب أن تدرس أخطاءك . يجب أن تدرس أخطاء الآخرين حولك . زيادة مستوى الخبرة لديك سوف يضعك في الإتجاه الصحيح لفهم من أنت , عليك فعلا أن تعرف نفسك , من أنت وماهي طبائعك وخصوصياتك بكل مافيها من تكوين عقلي وجسدي ونفسي حتى تستطيع التغلب على هذه الحواجز النفسية والسيطرة عليها وممارسة المضاربة بشكل إيجابي.

    كانت تلك الفقرة نهاية للفصل الثاني من كتاب مزايا المضاربين اليوميين للكاتب هوارد أبل.

    الحمد الذي بحمده تتم الصالحات ، والشكر له على فضله ونعمه الوافرات والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير المخلوقات, وأسأل الله العلي القدير أن يجعل في هذا العمل خيرا وفائدة لجميع الأعضاء في هذا المنتدى الطيب.

    وأستأذنكم في أن يكون هذا الفصل آخر ما أكتبه عن هذا الموضوع.

    ودمتم

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  4. تكملة:

     المضاربة الكاميكازية, أو بروح الكاميكازي:
     Kamikaze trading.

    الكاميكازي هي كلمة يابانية وتعني الرياح المقدسة, تم إطلاق هذا الاسم على الرياح الساحلية التي ضربت وحطمت الأسطول المغولي الذي كان يحاول غزو اليابان في القرن الثاني عشر الميلادي, وكان ذلك آخر غزو تتعرض له اليابان التي دخلت في عزلة منذ ذلك الحين وحتى القرن الثامن عشر الميلادي, وعندما اشتدت الحرب العالمية الثانية, شكلت القوات اليابانية فرق انتحارية من الطيارين اليابانيين كان هدفها إسقاط الطائرة الحربية اليابانية بكل ذخيرتها على البارجة أو السفينة الحربية الأمريكية بهدف إغراقها وتكبيد الأمريكيين أكبر عدد من الخسائر ومن ثم تراجع الأسطول الأمريكي وهزيمته.

    استخدم المؤلف هذه الكلمة اليابانية لشهرتها العارمة في وصف حالة الغضب التي قد تنتاب المضارب, لينبهنا إلى أن الطائرات المحطمة لاتطير. عندما يكون الإنسان سجين مشاعر الغضب , يفقد الكثير من مهارته وذلك لأنه عندها لا ينقاد للعلم والمنطق والمهارات والخبرات التي اكتسبها في تقييم الأمور, بل ينقاد لروح الانتقام. لهذا ينصح الكاتب المضارب بعدم الغضب أبدا, أما إن كان المضارب لم يصل لمرحلة يكون فيها أكثر قدرة على التحكم بغضبه, فإن النصيحة له أن يتراجع ويتوقف حتى يهدأ ويعود له تركيزه النفسي والعقلي.

     المضاربة بنشوة وتفاؤل مبالغ فيه:
     Euphoric trading.

    إن المضاربة التي يسيطر عليها التفاؤل المبالغ فيه هي عكس المضاربة الكاميكازية أي في حالة الغضب, في الحالتين لا يكون العقل والمنطق هما اللذان يقودان المضارب, بل المشاعر الشخصية, يقول الكاتب, أنك في هذه الحالة تشعر أنك غير مرئي, قوي, تمتلك مقاومة ضد الرصاص ( أي أنك لا تتأثر بمحيطك), قد تشعر بالمخاطرة في دخول السوق, ومع ذلك تقدم على ذلك دون تحسب للنتائج, وما أن تخسر مالك حتى تبدأ تعود للواقع الحقيقي بعيدا عن الأمنيات والأحلام, عندها فقط تبدأ الرصاصة تخترق وبحدة جسدك.

     التّردّد في تنفيذ خطتك:
     Hesitating at your numbers.

    يعتبر التردد بالنسبة للمضارب ترفا لا يملكه فعندما يجد السهم المناسب له عليه بالبدء في التداول بدون أي تردد, عدم اغتنام الفرصة عندما تأتي قد يكون أمرا مدمرا ماليا ونفسيا للمضارب, التصرف المثالي للمضارب يكون من خلال الإستعداد التام وذلك بالإطلاع على الكثير من التقارير, والقيام بالتحليل المالي اللازم للشركة ولحركة السهم من عدة وجوه, ثم يضع تصور معين وخطة محددة تحدد نقطة الدخول أو الخروج من السوق, وعندما تلوح له الفرصة لتنفيذ خطته, يلتزم بها وينفذها. عدم تنفيذ الخطة في الوقت المناسب قد يعني ضياع جهد ووقت كبيرفي الدراسة والتخطيط, وضياع فرص ثمينة.

     عدم اللحاق بأوقات إقلاع السوق:
     Not catching a breakout.

    رفض الاستفادة من الفرص التي يقدمها السوق, هي حالة أخرى شبيهة بحالة التردد السابقة, أحيانا يقدم السوق فرص ثمينة تبدو واضحة, لكن بعض المضاربين لا يأخذونها على محمل الجد وذلك إما لأنها لم تكن من ضمن مخططهم الأصلي, أو أنهم يفتقرون إلى حدس المضارب.

    يقول الكاتب, إن عدم اغتنام الفرص التي تلوح في السوق وبخاصة أوقات الارتفاع إما في مؤشر السوق أو لسهم محدد, يشبه الذهاب إلى المطار ورؤية الطائرات وهي تقلع, أليس من الجميل والممتع أن تركب إحدى هذه الطائرات لتسافر إلى وجهة جميلة؟

    الجواب, نعم, لقد رأينا كيف تحرك قطار اتصالات حتى وصل لمستوى 300 درهم ثم توقف القطار لبرهة وكأنه يعطي الفرصة لمن تأخر, كم من المضاربين يا ترى اغتنم هذه الفرصة ولحق بالقطار؟

    على المضارب الجيد اغتنام الفرصة وأخذ المبادرة في البيع والشراء عندما يتوافق الأمر مع حساباتك وطريقتك التي تتبعها والتي أثبتت نجاحها على المستوى الشخصي, حتى لو كانت النتيجة أحيانا سلبية, عليك بتقبل الأمر, إذ لا يمكنك أن تنجح وتحقق الربح بدون أخذ المبادرة واللحاق بأوقات إقلاع السوق.

    عرقوب قام بكل مايلزم من حسابات ومراجعات حتى وجد أن المضاربة في إلإسمنتات أمر مجدي ونافع, كيف لا والدولة تعيش مرحلة زاهية من التطور العمراني الذي يتوقع له الإستمرار بوتيرة متصاعدة لخمس سنوات قادمة. بعد أن استقر رأي عرقوب على الإستثمار في هذا المجال, اشترى السهم, لكن السهم لم يتحرك كثيرا, إنتضر عرقوب لمدة تزيد عن الشهر والسهم يرفض حتى مجرد قبول العتاب من محب مخلص.

    وكلما مضت الأيام, إزداد تمسك عرقوب بالسهم لإيمانه الشديد به, إلا أن السهم تم يتداول به في نفس النطاق السعري ولم يغادره أبدا, استمر عرقوب ينضر بعين إلى ذلك السهم وهو قابع في زاويته, وبالعين الأخرى ينضر إلى أسهم عديدة تضاعفت أسعارها ولم يلحق بها عرقوب.

     عدم التركيز على الفرص:
     Not focusing on opportunities.

    المضارب يواجه الكثير من الأمور التي تشتت تفكيره في السوق (بصورة دائمة ومنسقة أحيانا), إن البعد عن الضوضاء الناجمة عن السوق هو أمر مهم بحد ذاته, وذلك لوجود الكثير من الضوضاء الناتجة عن أصوات المتعاملين, بالإضافة إلى ذلك الروائح ودخان السجاير.

    إن من أفضل الوسائل التي يمكن للمضارب أن يحافظ بها على مستوى تفكير واضح وذهن صافي هو أن لا يجعل من هذه الضوضاء تؤثر على قراراته. على المضارب أن يعمل وفقا للطريقة التي أعتاد عليها مع المحافظة على ثقته العالية وتفاؤله حتى يحافظ على تركيز عالي وواضح بعيدا عن أي مؤثرات يمكن أن تشتت تركيزه, يجب على المضارب أن يجد طريقة للالتفاف حول مثل هذه الأمور التي قد لا تعطي صورة واضحة عن الواقع في السوق.

    ويعمد الكثير من المضاربين ممن لايملكون القدرة على التركيز المتواصل, إلى أخذ استراحة لدقائق إما خارج السوق أو بالجلوس في ركن الإستراحة أو المقهى الخاص بالسوق لكي يبتعدوا شيئا ما عن الجو المشحون, ثم يعاودون بعد ذلك نشاطهم. ( متفق مع راعي الكافتيريا اسويله دعاية).

     أن ينصب اهتمامك على أن تكون محقا بدلا من أن تهتم بصناعة المال:
     Being more invested in being right than in making money.

    هل هدفك أن تكون محللا ماليا أم مضاربا في السوق؟ يجب أن تجيب على هذا السؤال. إذا كانت قدرتك على التحليل الفني تؤهلك لتكون بروفيسيرا في هذا المجال, إذا عليك الإنظمام لهيئة التدريس في إحدى الجامعات. سوف توفر الكثير من المال. هذا لايعني طبعا أن المال يجب أن يكون ثمنا لأي مجهود تقوم به, أنا أعتقد أن لايجب أن يكون كذلك. لكن هذه لعبة نتيجتها تضهر بالعملة الصعبة. وليس كافيا أن تشير إلى أنك تمكنت من معرفة أوقات الارتفاعات والهبوط في السوق, بل في في تمكنك من تحقيق أرباحا تزيد من رصيدك البنكي.

    وهذا هو حال الكثير من المضاربين, يهتمون في إبراز مواهبهم في التحليل, ثم تسيطر عليهم آرائهم الشخصية ولايلتفتون بعدها للتحليلات العلمية الثاقبة مما يفقدهم الكثير من الفرص, لهذا وجه الكاتب هذا السؤال للمضارب: هل هدفك أن تكون محللا ماليا؟ أم هدفك هو تحقيق الأرباح؟ أجب على هذا السؤال المهم.

    ويضع الكاتب هنا فقرة للكاتب مارك دوجلاس من كتابه بعنوان (The outer Game of Trading )

    يقول مارك:

    أعلم أن هذا يبدو غريبا للكثير من القراء, لكن هناك علاقة عكسية بين التحليل ونتائج المتاجرة. إلكثير من التحليل أو القدرة على تحديد إتجاهات السوق لن يحقق نتائج أفضل في المتاجرة, الكثير من التحليل أو القدرة على معرفة الإختلافات في سلوك السوق لن ينتج عنه نتائج مضاربة أفضل. يوجد الكثير من المضاربين ممن يجدون أنفسهم وقد علقوا في هذه المعضلة, وفي إعتقادهم أن الكثير من التحليل أو تحليل أفضل لمسار السوق يمكن أن يكون كافيا لكي يتمتعو بالثقة التي يحتاجونها للقيام بما يجب عليهم القيام به من أجل تحقيق النجاح. هذا ما أسميه بالمفارقة في التجارة التي يجد ألكثير من المضاربين صعوبة بل إستحالة في القبول بها, حتى يدركوا أنهم لايمكن لهم إستخدام التحليل لتجاوز الخوف من أن يكونوا على خطأ أو خسارة أموالهم. الأمر لايتم بهذه الطريقة.

    يقول لنا الكاتب من خلال نقله لهذه الفقرة, أن النتائج التي تتحقق من المتاجرة ليست نتيجة للقدرة على التحليل فقط, بل هي نتيجة للتغلب على الخوف من أن تكون على خطأ أو من إمكانية خسارة المال, الكثير ممن يقومون بالتحليل هم ممن يأخذ مبدأ الحذر في كل شيئ, لهذا يمتازون بالقدرة على التحليل وذلك لأنهم يسترسلون في قراءة كل المعطيات حتى يتوصلوا لنتيجة توضح مسار السوق أو السهم في الفادم من الأيام, لكن هذا الخوف والحدس الذي مكنهم من القدرة على التحليل غالبا مايقف عائقا أمامهم في تحقيق نتائج إيجابية وذلك لأن التحليل لايمكن أن يكون كافيا لتجاوز الخوف من أن يكونوا على خطأ أو من خسارة المال.

     محاولة أن تبلغ الكمال: Trying to be perfect.

    لست مطالبا بأن تكون كاملا, يكفي أن تكون متميزا لكي تحقق نتائج مجزية في السوق. لأن الكمال لله وحده , وسعيك في أن تكون كاملا يمكن أن يصيبك بعقدة ما مع أي خطأ, عليك أن تسعى للتميز لأن ذلك من شأنه أن يحقق لك نتائج ممتازة.

     عدم الالتزام بنظامك الخاص في المتاجرة: Not consistently applying your trading system.

    إن نظامك الخاص بالمتاجرة موجود لتحقيق هدف واحد فقط, وهو أن يستخدم لزيادة أربا حك. أنت أكثر الناس قدرة على تحديد مايصلح لك, قد تأخيذ نصيحة من هنا أو هناك, لكن في النهاية يجب أن تلعب اللعبة وفقا لإمكانياتك وقوانينك وبالإلتزام التام بنظامك الخاص في المتاجرة وذلك لأنه سبق لك وأن جربته وحققت من خلاله أرباحا مجزية وأصبحت قادرا على تطبيقه بدون أي تردد من شأنه أن يفقدك فرصا ذهبية في السوق.

     عدم وجود نظام محدد وواضح لإدارة أموالك: Not having a well-defined money management system.

    يوجد المئات من الكتب التي كتبت في موضوع إدارة المال, لست ملزما بقراءتها, من أجل أهداف المضاربة اليومية, يكفي أن تكون نسبة المخاطرة إلى الربح في تجارتك بنسبة 2 : 1.

    لإدارة الأموال فن وعلم ألفت فيه المئات من الكتب, وبالنسبة للمضارب ليس عليه أن يدخل في تفاصيل هذا العلم بدقة, بل يكفيه أن ينوع في إستثماراته, ويحتفظ بجزء من السيولة, وأن تكون درجة المخاطرة إلى الربحية هي بنسبة 1:2 .

     أن لاتكون في الوضع الذهني المناسب أو الحالة المزاجية المناسبة: Not being in the right state of mind.

    يقول الكاتب, قد يبدو هذا مضحكا, لكن الأمر فعلا يعود إلى الحالة الذهنية للمضارب, وفقا لخبرتي, أكثر من 90% من أسباب الفشل أن لاتكون في الوضع الذهني المناسب, الوضع الذهني والمزاجي الصحيح يمكنك من تقييم الوضع بطريقة مثالية ومن ثم تحقيق أرباحا جيدة.

    نعتقد وبقوة أن الرفع المستمر من مستواك الذهني وذلك من خلال التركيز على العوامل والضواهر الداخلية والخارجية والتي تمكنك من إمتلاك الكثير من المهارة مع الإلتزام بمبادئك وأسلوبك في المتاجرة هو الإجابة. لقد وضحنا كيف تستطيع القيام بذلك من خلال التفكير الإيجابي, والتحكم بالحالة النفسية لديك.عندما تدخل الأفكار السلبية إلى الوعي وتبدأ في تعكير صفو ذهنك, ليس عليك محاربتها, اتركها تمر وأكمل طريقك.
    (Koppel & abell – The inner game of Trading)

    المضاربة الناجحة, تعتمد بشكل جوهري على التالي: وضع خطة يومية مناسبة يمكن تطبيقها, تجاوز الحواجز النفسية على المستوى الشخصي, أن تكيف نفسك لكي ترسخ وتنتج بإستمرار شعورا إيجابيا معززا بالثقة بالنفس. التقدير العالي لنفسك بقناعة راسخة وثقة كبيرة. القيام بهذا الأمر بشكل طبيعي يقود إلى تقدير جيد للأمور, وبالتالي تجارة رابحة تستند على منهج سليم وعلى دراسة جميع الإحتمالات.

    يتبع:

  5. تكملة:

    نكمل ماجاء في الكتاب.

    ثم يستعرض الكاتب أهم الحواجز النفسية الأساسية التي تقف عقبة أمام نجاح المضارب, وهي كالتالي:

     عدم تحديد نقطة الخسارة. أو كما يسميها البعض نقطة وقف الخسارة.
     Not defining a loss.

    لايوجد مضارب يتوقع أن يخسر, ولايقوم أي شخص بالشراء من سوق يعتقد أنه قد ينهار, وبالمقابل لايوجد من يبيع سهمه وهو يعتقد أن السوق يستعد للإنطلاق في رالي خاص لمستوى جديد من الأسعار, وأن سعر السهم بالتالي مؤهل للإرتفاع لمستوى جديد وقياسي. لكن كما يقول المثل إن مثل هذه الأموريمكن أن تحدث. لهذا على المضارب أن يحدد نقطة الخسارة لديه قبل أن يدخل السوق وليس بعد الدخول. عندما تصل لنقطة الخسارة لديك وتنهي الصفقة, عليك أن تنسى هذا الأمر, وتبدأ من جديد.

    ويسرد هنا الكاتب قصة كتبها الكاتب توني ساليبا لمجلة ماركت ويزرد.

    يقول الكاتب, إنظر إلى جانبي الطريق قبل عبور الشارع, هذه كلمة سمعتها ملايين المرات ومع ذلك كدت أن أتعرض لحادث في اليوم السابق, عندما كنت أعبر شارع فرانكلين, كنت أتحدث بالموبايل, مع أحدالمتعاملين بالبورصة, لم أتبين أن إشارة الطريق قد تغيرت وضهرت إشارة التوقف, في تلك اللحظة وبينما كنت مستمرا في طريقي, وإذا بسيارة خرجت للتو من الموقف إلى الطريق, عندها أطلق السائق بوق سيارته لتنبيهي وتجاوزني بمسافة قدمين فقط.

    أصابني ذلك بالخوف والرعب البالغ, قالت لي إبنت أخي الصغيرة ذات الأربع سنين, “عمي توني, توقف, وانضر, واسمع” لقد كانت تلك إشارة توقف أليس كذلك؟ لكن كم من المتعاملين في سوق الأوراق المالية يتبعون واقع وحقيقة السوق؟

     عدم أخذ الخسارة أو الربح:
     Not taking a lost or profit

    أخي العزيز, السوق عالم متشابك معقد تمتزج فيه رغبات وأحلام جميع المتعاملين وطرقهم الخاصة بالتفكير, لذا لا يمكن أن تطلق وصفا عاما للسوق نتعامل من خلاله في كل يوم من أيام السوق, بل يجب أن يكون لكل يوم منطقه الخاص, وفقا للاحتمالات المختلفة, ويجب أن يتوافق ذلك مع أسلوبك ومنطقك الخاص.

    عليك كما أسلفنا أن تضع نقطة للخروج من السوق, قد تكون هذه النقطة ربحا أو خسارة, المهم أنه إذا تحرك السوق نحو نقطة الخروج لديك, عليك أن تتجاوب مع السوق بصورة تلقائية وبدون أي تردد, وعليك بأخذ الربح والقبول بالخسارة.

    أما إذا كنت قد خرجت من السوق بعد أن أخذت أرباحك, واستمر السوق في السير في نفس الاتجاه التصاعدي, عليك حينها أن تجد لنفسك نقطة دخول أخرى جديدة, وفقا للاحتمالات المتعددة وتوافقا مع تحليلك الفني لحركة السهم. الدخول مرة أخرى للسوق بعد الخروج منه أمر في بالغ الأهمية في أي نظام تجاري

     أن تكون سجينا لمعتقد أو رأي شخصي:
     Getting locked into a belief.

    يقول الكاتب, أنه من السهل أن يكون المرء حبيسا ومنقادا لآرائه الشخصية, عليك أن تعلم أن السوق لا يكذب, وأن السوق يكشف حقيقته لكل من يراقب السوق بموضوعية وبعيدا عن أي تأثير شخصي, يجب عليك أن لا تدع رأيك الشخصي يؤثر على قراراتك في السوق. تذكر أن السوق لن يشعر بأي التزام نحو عواطفك وآرائك الشخصية, لهذا يحتاج المضارب في السوق للتركيز على اختيار الطريقة التي تحقق له الربح وليس الطريقة التي تثبت أن رأيه هو الرأي السديد, وكل ماعدا ذلك يجب أن يعتبر مجرد رأي, تذكر أن المال هو صاحب الكلمة في السوق, وماعداه ليس له أي قيمة أو تأثير حقيقي.

    وأكبر مثال على ذلك ما حدث فعلا لسهم شركة إعمار, عندما اكتشفنا من خلال الملاحظة الدقيقة أن السهم يتعرض لعملية تصريف محترفة ودقيقة, علمت بأن السوق يخبرني بأمر ما, وأن علي أن أنصت لصوت السوق, لأن السوق لا يكذب أبدا, لقد تمكنت من سماع صوت السوق لأنني كنت أنصت إليه بتجرد وموضوعية, وبعيدا عن أي تأثير لرأيي الشخصي.

    يعلم الاخوة أنني وضعت تصورا لحركة إعمار وقلت أنه إذا ما تم تغيير المنحة من 2.5 وحتى مستوى بين 5 و 10% أن هذا من شأنه أن يساهم في دعم السهم ورفعه من مستوى 13 درهم حتى مستوى 13.90 وهكذا حتى يعود السهم وبشكل تدريجي لمستوى 15 درهم.

    هذه كانت وجهة نظري وكنت قد بنيتها وفقا لحركة السهم ووفقا للشعور العام لملاك السهم, ولكنني عندما لاحظت أن هناك تصريفا محترفا يجري على السهم, ولم أكن أعلم حينها هل كان ذلك التصريف للضغط على السهم حتى ينزل لمستوى أدني ومن ثم يتم تجميعه, أم أنه تصريف مباشر بهدف الاستفادة من الحركة الإيجابية لبعض الأسهم التي شهدت أسعارها قفزات مثيرة كسهمي دبي للاستثمار وشعاع وحاليا أسهم شركات الإتصالات؟

    هل كان يمكن لي أن أخالف ما أراه وأكذب حركة السوق وأصدق رأيي الشخصي؟ لو كان الأمر كذلك لبقيت إلى اليوم حبيس أوهامي منتظرا الحركة المرتقبة التي يبدو أنه لم يحن أوانها بعد. علما بأنني خرجت من سهم إعمار في ثاني أسبوع من شهر يناير, أي أنني ومنذ ذلك الوقت مازلت أراقب السهم منتظرا الحركة القادمة والمرتقبة للسهم.

    نصيحة للجميع, عليكم بالعمل الجاد لكي تكون حواسكم مرهفة , قادرة على الإنصات لصوت السوق بتجرد وموضوعية ودون أي تأثير داخلي أو خارجي.

     الإعتماد على معلومات سرية مسربة من أشخاص للإستفادة منها في المضاربة:
     Trading on “inside information” or taking a tip.

    على المضارب الجيد أن يعتمد على علمه وخبرته وعلى ما يقوم به من مراقبة وتحليل لأوضاع السوق بشكل مستمر, وأن يعتبر أي معلومة قد تصل إليه من مصدر ما أمر يجب أن يخضع للتدقيق والمراجعة والتحليل أولا , وعاملا مساعدا ثانيا وأن لا يكون اعتماده الكلي على تلقي الأخبار من هنا أو هناك في اتخاذ قرار الشراء أو البيع.

    التسريبات التي يقدمها البعض لمعلومات من داخل الشركة هي وسيلة المضاربين الفاشلين, في الوقت الذي تكون مثل هذه المعلومة تنقل إليك, تكون قد انتشرت بين الناس بشكل واسع. إن لم تكن تستمتع بالحدث حال حصوله فالأفضل لك أن لا تدخل مجال المضاربة لمجرد أنك سمعت نصيحة غير مدعومة بالعلم والخبرة وبالتحليل الأساسي والفني.
    عادة ما تأتي مثل هذه النصائح من الوسطاء الماليين في سوق الأسهم, علما أن وضيفتهم الأساسية هي تنفيذ أوامر البيع و الشراء للعملاء وليس تقديم التوصيات. يقوم هؤلاء عادة بتقديم المشورة والنصح للكثير من المتعاملين الذين يفتقرون إلى الهمة العالية, والرغبة في فهم آلية المتاجرة في السوق , مثل هؤلاء سوف يبقون يترددون على الوسطاء , يضيعون الكثير من أوقاتهم وأموالهم طلبا لمعلومة من الوسيط ,مثل هؤلاء سوف يبقون تحت رحمة توصيات الوسطاء الغير محترفة وسوف يفتقدون لقيمة الإستقلالية ومعنى الإنجاز الحقيقي.

    ولقد سمعت عن وسطاء يقدمون النصائح نضر مبالغ تدفع لهم على شكل نسب من رأس المال, يقوم عادة الوسطاء بتحذير من يثقون بهم عن السوق وأنه إذا نزل حجم التداول في السوق أو الأسعار تحت مستوى معين فإنهم ينصحونه بالشراء, وإذا ارتفعت نحو مستوى معين قد ينصحونهم بالبيع, لو كان هؤلاء بهذه الفطنة والذكاء لما كانوا اليوم مجرد وسطاء يردون على هواتف العملاء ولكان لهم شأن آخر.

    طبعا هذه الفقرة قد يختلف معها الكثيرين, ويمكن أن يكونوا على حق في ذلك, وذلك لأن معدل الشفافية في سوقنا ما شاء الله عليه 200% والشواهد على ذلك كثيرة, لكن الهدف من هذه النقطة هي عدم جعل الوسطاء هم الذي يسيطرون على اتجاهك في السوق, بل يجب عليك أن تعتمد على علمك وخبرتك وحدسك, ولا تكن إمعة تنقاد خلف كل متحدث لبق.

    يتبع:

Comments are closed.