ينبغي على المساهمين أن يقوموا بالمزيد من الأبحاث من نقطة الصفر
الاقتصادية ـ جون جابر 14/04/2009

متى يكون المساهم الناشط من غير المساهمين الناشطين؟

الجواب: حين يكون هو الرئيس الأمريكي. قام الرئيس باراك أوباما أخيراً بما أخفق في القيام به حملة أسهم مجموعة جنرال موتورز، حتى كيرك كيركوريان المساهم الناشط المعروف. فقد عزل ريك واجونر عن قمة “جنرال موتورز” بعد أن تربع عليها مدة عقد من الزمان تقريباً وأخبر مجلس الإدارة أنه ينبغي على معظم أعضائه أن يكونوا كذلك في سبيلهم إلى الخروج.

كان أوباما على حق تماماً في قراره. في شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي قال سيرجو مارشيوني، كبير التنفيذيين في شركة فيات، لصحيفة “أوتوميتف نيوز” الأسبوعية المتخصصة في أخبار السيارات: “الأمر الوحيد الذي يجب أن تفعله هو أن تنظر إلى مخطط يبين لك مقدار القيمة التي (كصناعة) أتلفناها بصورة جماعية خلال السنوات الـ 20 الأخيرة. في أي عالم طبيعي . . . يكون أول رد فعل لك هو أن تقول: “أعطوني أسماء الأشخاص الذين فعلوا ذلك! أريد فصلهم جميعاً”.

لكن لماذا احتاج الأمر إلى رئيس الجمهورية ولجنة المهمات الخاصة برئاسة ستيف راتنر ورون بلوم للنفاذ إلى حقيقة خطط إعادة الهيكلة التي لا تنتهي والطلب من واجونر الخروج من الشركة؟ لماذا سمح المساهمون في “جنرال موتورز” للتنفيذيين وأعضاء مجلس الإدارة بصورة متكررة بقيادة الشركة في الطريق الخاطئ؟

من الشائع في ديترويت اعتبار الصناعة المحلية على أنها نسيج وحدها لديها مشكلات خاصة في العلاقات (وهي مشكلات مع الجميع، من اتحادات العمال إلى الموردين وأصحاب الوكالات)، على نحو يجعل إدارتها صعبة على نحو فريد. كذلك فإن الجميع يقبل بأن المشاريع التي على شاكلة “جنرال موتورز” لا يمكن إدارتها إلا من قبل شخص خبير في السيارات من ديترويت.

صناعة السيارات هي بالتأكيد معقدة وصعبة وعالية التنافس، مع حالة مزمنة من الطاقة الفائضة تعني أن المصانع تعمل في المتوسط بنحو 75 في المائة من طاقتها فقط. حتى في الوقت الذي تنزف فيه “جنرال موتورز” الأموال بمعدلات مخيفة إلى درجة أن أوباما لوح بعصا إجراءات الفصل الـ 11 من القانون التجاري الأمريكي (أي إشهار إفلاس الشركة)، فإنه مع ذلك تحول إلى فريتز هندرسون، وهو شخص آخر عمل معظم حياته في “جنرال موتورز” (منذ عام 1984)، ليتولى إدارة الشركة خلفاً لواجونر.

ولكن الصناعة ليست مختلفة تماماً على النحو الذي ترغب في اعتقاده. معظم مشكلاتها لم يكن سببها طبيعة السيارات، وإنما سوء الإدارة المستحكم والذي جرى تحمله لعقود. كذلك فإن عدم القدرة، أو عدم الرغبة، لدى المساهمين لفرض التغيرات اللازمة بوضوح موجودة في شركات أخرى.

خذ مثلاً بنوك “وول ستريت”. ربما كانت الأجهزة التنظيمية والرقابية تغض النظر عن التجاوزات، ولكن لماذا سمح المساهمون للبنوك الاستثمارية بإدارة الميزانيات العمومية على نحو يتسم بالإفراط في الموجودات غير السائلة والعبء الثقيل من وضع الديون فوق الديون، وأن تدفع لكبار التنفيذيين فيها مبالغ وعلاوات ضخمة إلى درجة أنه لم يكن لديها حافز يذكر لكبح تجاوزات موظفيها؟

ليس من المستغرب أن حملة الأسهم في الشركات الأمريكية لديهم حقوق محدودة للتأثير في الاستراتيجية، أو حتى أن يُسمع صوتهم، من قبل مجالس الإدارات. ولكن حيث إن حملة أسهم”جنرال موتورز” وحملة أسهم شركة سيربروس كابيتال مانجمنت، وهي المجموعة المالكة لشركة كرايزلر، خسروا معظم أموالهم، فإن من المفيد أن نتأمل في العبر.

أولاً، إن قيمة المساهم أمر قيم. هذا المفهوم تعرض للهجوم الشديد في الفترة الأخيرة، حيث قال جاك ويلتش، كبير الإداريين السابق في شركة جنرال إلكتريك، إن أي تركيز شديد على هذا المفهوم هو “أغبى فكرة في العالم”. ولكن المنطق الذي يقضي بأن ينصت التنفيذيون إلى مساهمي الشركة يظل مبدأ سليماً.

مصالح حملة الأسهم في “جنرال موتورز” كانت بصورة منهجية تأتي في المرتبة الثانية بعد مصالح الجهات الأخرى ذات الأصوات الأعلى والقوة التفاوضية الأكبر. تحت إدارة واجونر، هبط سعر سهم “جنرال موتورز” من 70 دولارا إلى أربعة دولارات أو نحو ذلك، وفي الوقت نفسه كانت الشركة تكوم المطلوبات فوق المطلوبات.

أكبر مشكلة تتعلق بقيمة حامل الأسهم، كما أوضح ويلتش، هي أنها أصبحت تعتبر مكافئة للارتفاع في سعر السهم على الأجل القصير. والواقع أن كثيراً من الشركات زادت مستويات الدين لديها في سبيل أن تدفع مبالغ أكبر إلى مساهميها مقابل شراء جزء من الأسهم الموجودة بحوزتهم (وقد خُدِع المساهمون في بنوك “وول ستريت” بذلك لأنهم شاهدوا ما لديهم من الأسهم ترتفع قيمتها).

لكن كان من الأفضل كثيراً لو أن “جنرال موتورز” ركزت بصورة أكبر على السعي وراء قيمة حملة الأسهم على المدى الطويل. لكن واجونر بدلاً من ذلك تجاهل جهود كيركوريان في عام 2006 التي كانت تهدف إلى عقد تحالف بين “جنرال موتورز” ومجموعة رينو – نيسان، وأن تتخلص من علامتيها التجاريتين هَمَر وساب Saab في وقت كان من الممكن أن تحصل فيه على سعر طيب لهما.

ثانياً، لا بد أن يرفع حملة الأسهم أصواتهم. استطاع أوباما إملاء شروطه على “جنرال موتورز” لأنه كانت لديه رسالة واضحة ولأن الشركة بحاجة إلى قروض الحكومة للبقاء على قيد الحياة. لكن من الصعب على حملة أسهم الشركات الأمريكية الحصول على انتباه الشركة. السبيل الوحيد الذي يمكن من خلاله أن يضمنوا سماع أصواتهم، باستثناء البيع المكثف والتخلص من الأسهم، هو إشعال معركة في الجمعية العمومية لاستبدال مجلس الإدارة.

كذلك فإن من الصعب على حملة الأسهم التحدث بصوت واحد لأنه يوجد عدد كبير للغاية منهم، ولديهم آراء ومصالح مختلفة. ولكن التحول في حقوق الملكية من الأفراد إلى المؤسسات، مثل صناديق التقاعد والصناديق المشتركة، أعطى حملة الأسهم قوة أكبر، حتى وإن كانوا نادراً ما يختارون ممارستها.

ثالثاً، يجدر بحملة الأسهم أن يقوموا بأبحاثهم حول الشركة، وأن يكونوا على استعداد لنشرها. هناك الكثير من الأبحاث حول إدارة الصناديق، ولكنني لا أستطيع التفكير إلا في مثل واحد لمؤسسة استثمارية نشرت بحثاً واضحاً وحاداً حول إحدى الشركات يعادل في وضوحه “القرارات حول الاستمرارية” بخصوص “جنرال موتورز” و”كرايزلر”، الذي أصدرته أخيرا لجنة المهمات الخاصة المكلفة من الرئيس أوباما.

اللجنة الخاصة لم تقم فقط بأخذ الأرقام التي تنشرها الشركات ووضعها في جداول، وهو أمر لا يزال يفعله عدد كبير يفوق الحد من محللي “وول ستريت”. بل إنها عاملت الأرقام بمنتهى التشكك ونقبت بنفسها للحصول على مواد تبرر رفض خطط شركات ديترويت. على سبيل المثال لم أكن أعلم أن 34 في المائة من السيارات التي تصنعها شركة كرايزلر تباع بالتقسيط إلى مشترين لديهم سجل ائتماني رديء.

الاستثناء لهذه القاعدة كان البحث الخاص بشركة تايم وورنر، والذي قام به بنك لازار ونشره كارل إيكان في عام 2006، حين اشترى حصة في الشركة وحاول أن يدفع ديك بارسونز، الذي كان في ذلك الحين رئيس مجلس الإدارة وكبير التنفيذيين، إلى تحويل خط الشركة. لم يحصل إيكان على كل ما كان يريده، ولكنه على الأقل دفع الشركة التي كانت بطيئة الحركة للسير في الاتجاه الصحيح.

من النادر أن نرى حالات من هذا القبيل تتسم بوضوح الهدف والاستعداد للوقوف علناً وانتقاد إدارة الشركة. في حالة “جنرال موتورز”، احتاج الأمر إلى رئيس الجمهورية ليقوم بذلك بكفاءة. ولكن ما إن حل ذلك الوقت، حتى كان الأوان قد فات.

One thought on “ينبغي على المساهمين أن يقوموا بالمزيد من الأبحاث من نقطة الصفر

  1. بعد هذا المقال بنشوف شو بيسوون المساهمين في اجتماع الجمعية العمومية لاعمار……بيظهرون بنتيجة ايجابية عن مستقبل الشركة ولا مثل العادة .تصويت وفاز مجلس الادارة والمساهمين اتوكلوا على الله للسنة القادمة؟؟

Comments are closed.