وقفتنا مع خليفة في “دار الاتحاد” تحت علم الاتحاد لا تقدر بمال الدنيا
محمد بن راشد: الأسوأ في الأزمة الاقتصادية وراءنا

أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، على متانة دولة الاتحاد، وقال سموه إن الأداء الراسخ لمؤسساتنا الاتحادية بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، كان اتحادياً بامتياز.

وشدد سموه في لقاء إلكتروني مع الإعلاميين على أن كل ما في دبي هو لأبوظبي ودبي وبقية الإمارات، وأن كل ما في أبوظبي هو لدبي وأبوظبي وبقية الإمارات، لافتاً سموه الى أنه لا يوجد بين دبي وأبوظبي بيع وشراء.

وقال سموه إن العارفين بحقيقة العلاقات بين أبوظبي ودبي لا يختصرون العلاقات بين الإمارتين بالحسابات المالية، فالمال تفصيل صغير. وأضاف سموه: وقفتنا قبل أيام مع صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد في “دار الاتحاد” تحت علم الاتحاد، وفي المكان نفسه الذي وقف فيه الشيخان المؤسسان زايد وراشد وإخوانهما حكام الإمارات لا تقدر بمال الدنيا.

وحول الأزمة الاقتصادية قال سموه رداً على سؤال ل “الخليج”: إن الأسوأ مر وأصبح وراءنا، مشدداً على أن الإمارات ستكون في مقدمة الدول المتعافية من الأزمة.

وانتقد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بشدة “القصف الإعلامي” الذي مارسته ولا تزال بعض وسائل الإعلام الغربية، معتبراً سموه أن الإمارات استهدفت خلال الأزمة لأنها نموذج لدولة اتحادية عربية ناجحة، وقال إن نجاح العربي فرداً أو شركة أو مدينة أو دولة ذنب لا يغتفر عند البعض.

وقال سموه: نموذج أبوظبي مستهدف أيضاً من بعض الدوائر، فهي تقود اتحاداً عربياً ناجحاً، وطرحت مبادرات ذات طبيعة استراتيجية بالغة الأهمية كمدينة “مصدر”…

وشدد سموه على حرص الإمارات على مواصلة مكافحة الفساد، وقال إنه لا مكان للفساد وللفاسدين في البلاد، ولفت سموه الى أن الحكومة لا تتجاهل المجلس الوطني.

في حوار إلكتروني شامل مع الإعلام المحلي والعربي

محمد بن راشد: خليفة قائدنا ورئيس دولتنا وله في دبي أكثر مما لنا

بدايةً أشكر الأخوة والأخوات الصحافيين، وأقدر حرصهم على التواصل معي عبر الموقع الرسمي لرئيس الوزراء . . . هذه هي المرة الثانية التي أجيب فيها عن أسئلتكم إلكترونياً . . . المرة الأولى كانت قبل ثماني سنوات . وأعترف لكم أن هدفي آنذاك من الحوار مع زملائكم إلكترونياً، كان إثارة اهتمام أبناء وطني ومجتمع الإمارات بالإنترنت . . . في ذلك الوقت كان استخدام الاتصال عبر الشبكة محدوداً جداً، وكانت الإنترنت معروفة لخاصة الخاصة، لكن استخدامها والنفاذ إليها في الإمارات اليوم بات من تقاليد العمل في الحكومة والقطاع الخاص، وباتت لشرائح واسعة من المجتمع، بخاصة الشباب، وسيلة المعرفة والترفيه والاتصال المفضلة، ووفق أحدث التقارير الدولية، فإن الإمارات تقود المنطقة في مجال الاهتمام بتكنولوجيا المعلومات متصدرةً جميع دول الشرق الأوسط .

وقد اخترت اليوم اللقاء بكم عبر الموقع، لأن صحفاً عديدة طلبت خلال الأشهر الأخيرة إجراء حوار معي، ولم تكن مشاغلي تسمح بتلبية هذه الطلبات . . . ووجدت أن اللقاء عبر الموقع يتيح لمن يرغب توجيه الأسئلة التي يريد . . . وفعلاً تلقيت منذ الإعلان عن اللقاء مئات الأسئلة من عدة صحف محلية وعربية، وها أنا أجيب عنها . وأعتذر مقدماً للأخوة والأخوات الذين لن أجيب عن بعض أسئلتهم التي سبقهم في طرحها زملاء آخرون، ويستطيعون أن يعتبروها أسئلتهم .

أما أسئلة أبنائي وإخواني المواطنين، والأسئلة الموجهة من غير الصحافيين، فسأجيب عنها في يومٍ آخر، سيتم الإعلان عنه قريباً . وتالياً الأسئلة وأجوبتها:

“الخليج”

صاحب السمو، صدرت اشارات متباينة حول الموعد المرجح لعودة التعافي الى اقتصاد الامارات، ما هي وجهة نظركم في هذا الشأن؟

الأسوأ مر وصار وراءنا، وفي كل الأحوال، سنكون بين أوائل الدول التي تسجل اقتصاداتها تعافياً من آثار الأزمة العالمية .

على الرغم من البيئة الاستثمارية التنافسية التي تتمتع بها الإمارات ومزاياها الإقليمية المتطورة، إلا أن هناك مآخذ على البيئة التشريعية التي لا تواكب بالقدر الكافي مستويات النمو ومكانة الاقتصاد الوطني، فهل سنرى قريباً تحديثاً للقوانين الحالية؟

الاقتصاد كالكائن الحي تتغير متطلباته واحتياجاته بمواصلته النمو والتطور . ومع إدراكنا لهذه الحقيقة، أقر مجلس الوزراء أخيراً تأسيس مجلس الإمارات للتنافسية، ومهمته تطوير الاستراتيجيات واقتراح السياسات والأطر القانونية الكفيلة بتعزيز البيئة التنافسية في ضوء المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية وبما يخدم أهداف التنمية الشاملة ويحافظ على مكانة الإمارات بين مصاف الدول الأكثر تنافسية على الساحة الدولية .

المجلس يضم مجموعة من الوزراء المعنيين بهذه القضية المهمة برئاسة وزير شؤون مجلس الوزراء وعضوية كل من وزراء الاقتصاد والتجارة الخارجية والتربية والتعليم والعمل والصحة والدولة للشؤون الخارجية والدولة للشؤون المالية بالإضافة إلى سبعة ممثلين عن الهيئات التنفيذية في الحكومات المحلية ورئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة في الدولة ومديري غرفتي تجارة وصناعة أبوظبي ودبي، ونحن على ثقة بقدرة المجلس على وضع استراتيجيات وأطر تشريعية تضمن تحقيق التطوير المنشود للقدرة التنافسية لدولة الإمارات .

“الحياة”

تتعرض دبي وهي صاحبة التجربة المتميزة على الصعيدين العربي والعالمي لحملة واسعة تشكك في تجربتها التنموية والنهضوية الشاملة في ضوء الأزمة المالية العالمية . كيف تنظرون إلى هذه الحملة ودوافعها وكيفية التعامل معها؟

أنا لا يزعجني النقد أو الحديث عن السلبيات . فإذا كان النقد موضوعياً استفدنا منه، وإذا كانت السلبيات موجودة عالجناها . ولكن في أشهر ما بعد الأزمة المالية العالمية، بعض ما كتب لم يكن نقداً أو إشارةً لسلبيات . كان “قصفاً إعلامياً” يستهدف دولة الإمارات كنموذج لدولة اتحادية عربية ناجحة ومزدهرة، ويستهدف دبي بنموذجها التنموي وإنجازاتها ومكانتها العالمية . ولاحظنا أن بعض وسائل الإعلام الغربية المرتبطة بدوائر أعمال دولية اعتمدت منهجاً متعمداً يستهدف صرح الدولة الاتحادي ونموذج دبي التنموي، وكانت تقاريرها السلبية عن دبي يومية تقريباً، كأنما كانت في سباق مع الزمن لإلحاق الأذى بدولة الإمارات .

أما عن دوافع الحملة، فالله سبحانه وتعالى وحده العالم بالنوايا . لكن يبدو أن نجاح العربي، سواء كان فرداً أو دولة أو مدينة أو شركة ذنب لا يغتفر عند البعض، ويبدو أن البعض ينزعج من ولادة صورة عربية مغايرة لصورهم النمطية المشوهة للعربي والدولة العربية .

يا أخي، نموذجنا ليس أعلى برج في العالم، وأحسن مطار، وأفخم فندق، وأكبر ميناء وجزر صنعها الإنسان . . . هذه معالم ومنشآت مهمة وفريدة من نوعها وشهيرة على مستوى العالم . . . نموذج دبي يكمن في أنها منطقة عربية شحيحة الموارد الطبيعية، تمتلك رؤية واضحة لمتطلبات التنمية الشاملة والنهضة، ونجحت في استثمار مواردها البشرية وموقعها الجغرافي وخبراتها التجارية في تحقيق التنمية بمعدلات قياسية، وفي توسيع قنوات التواصل بين الشرق والغرب، وفي إثبات إمكانية تعايش أبناء الثقافات المختلفة معاً في بيئة عربية إسلامية منفتحة ومتسامحة .

ونموذجنا، الذي هو جزء من نموذج دولة الإمارات، يكمن في النجاح بتنويع الاقتصاد، وفي إثارة اهتمام المنطقة العربية والجوار بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والحكومة الإلكترونية واقتصاد المعرفة، وفي تسهيل وصول أبناء المنطقة إلى أفضل الممارسات العالمية والخبرات الدولية في مختلف المجالات عبر المعارض والمؤتمرات والأنشطة الأخرى . وفي إثبات جدوى الاستثمار في المنطقة وفي المعرفة وفي الإنسان، وفي رفع توقعات أبناء المنطقة إلى مستويات الإدارة الحكومية الرشيدة والشفافة، وجودة الخدمات العامة وكفاءة البنى التحتية . وفي توخي أعلى المستويات الدولية في التعليم والخدمات الصحية، وفي اقتحام مجالات استثمارية في أصول عالمية كالموانىء والمطارات والأسواق المالية وغيرها، والنجاح في بناء مركز مالي عالمي ودخوله في شراكات مع مؤسسات عالمية ذات عراقة وشهرة وتأثير، وفي المنافسة عالمياً في مجالات النقل الجوي والبحري، وفي مبادرات العمل الخيري التنموي في الدول الأقل حظاً . . . هذه بعض ملامح نموذج دبي الذي جذب انتباه العالم، واستقطب اهتمامات المنطقة العربية وأبنائها، وألهم الكثيرين وشحذ هممهم . . . هل هذا النموذج هو المستهدف؟ سؤال طرحته على نفسي وإخواني، ولا أنتظر له جواباً، لأننا اعتدنا في الإمارات على الإجابة بالعمل لا بالقول . . . ونحن ماضون في طريقنا، متوكلون على الله ومعتمدون على عقول وسواعد أبنائنا ورجال أعمالنا والمؤمنين بدبي وهم كثيرون .

نموذج أبوظبي مستهدف أيضاً من بعض الدوائر، فهي تقود اتحاداً عربياً ناجحاً، وطرحت مبادرات ذات طبيعة استراتيجية بالغة الأهمية كمدينة “مصدر” . . . هل قرأت عما كتب في بعض وسائل الإعلام الغربي عن اهتمام أبوظبي بمتحف “اللوفر” والمتاحف الأخرى؟ وهل تناولوا مبادرة إيجابية من دون أن يقحموا صورهم النمطية عن العربي وعن الخليجي؟ . . . اليوم التركيز على دبي . . . لكن لن يوفروا نموذجاً عربياً ناجحاً ولن يفوتوا فرصة تلوح لتناوله بسلبية مماثلة للسلبية التي تناولوا فيها دبي . . . وهنا أشير إلى بعض الإعلام الغربي وليس كل الإعلام الغربي، وقد طالعنا في وسائل إعلام غربية معالجات متزنة لتأثيرات الأزمة في الإمارات ودبي .

سمو الشيخ: الحملة تتركز على اعطاء إشارات إلى أن دبي تواجه أزمة اقتصادية تهدد الأسس التي قامت عليها اقتصادياً وتنموياً فما هو التأثير الفعلي للأزمة في دبي اقتصادياً واجتماعياً؟

لا، الحملة ذهبت إلى مدى أبعد مما أشرت إليه . . . كاتب أمريكي معروفة اتجاهاته كان همه مثلاً أن يروج إلى أن تجربة دبي في تعايش الثقافات لم تنجح، وذهب إلى حد القول إن “دبي مدينة فصل الحضارات لا لقاء الحضارات” . وقد وصل إلى هذا الاستنتاج استناداً إلى أن دبي تعاقب الذين يخدشون الحياء على الشواطىء العامة .

أما الإشارات إلى أن تبعات الأزمة العالمية على دبي تهدد الأسس التي قامت عليها اقتصادياً وتنموياً، فهي إشارات إلى “أمنيات” البعض أو أوهامهم وليس حقائق الواقع . الأسس الاقتصادية والتنموية قوية وراسخة، ولو لم تكن كذلك لما تمكنا من التعامل بكفاءة عالية مع تبعات الأزمة المالية العالمية . . . أضف إلى ذلك أن دبي ليست طائراً يغرد منفرداً . إنها عضو في سرب دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو سرب قوي وعفي وناجح وقادر على مواجهة أصعب التحديات .

إذا وضعنا الحملة الظالمة التي تتعرض لها دبي خلف ظهورنا . كيف تنظرون سموكم للخروج من الأزمة الراهنة؟

الأزمة العالمية بلغت ذروتها في شهري سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي . وكان وقعها شديداً على العالم بأسره، وولدت حالة من الذعر في دول الاقتصادات المتقدمة .

في ذلك الوقت كان طبيعياً أن يكون وقع الأزمة على المنطقة شديداً جداً، بخاصة أن غموض عمق الأزمة المالية في أمريكا وبقية مجموعة الدول السبع، أدى إلى شلل الائتمان الدولي، وتوقف العمليات بين البنوك، وتعليق الاعتمادات المتبادلة، وتجميد عمليات الإقراض

مرحلة الذعر هذه انتهت، بخاصة بعد تدخل حكومات دول الاقتصادات الكبرى لتنظيم قطاعاتها المصرفية والمالية وقيامها بتخصيص مبالغ ضخمة لإنعاش اقتصادها . . . وهذا ما مكن القمة الثانية لمجموعة العشرين في لندن قبل أيام، من الاتفاق على حزمة من القرارات والإجراءات الهادفة لإنعاش الاقتصاد العالمي وتنظيم الأسواق الدولية .

بالنسبة لنا في دولة الإمارات العربية المتحدة، أقول باطمئنان، إننا نجحنا في احتواء مخاطر الأزمة المالية العالمية في فترة قياسية، نتيجة حسن سياسات المصرف المركزي، وإجراءات الحكومة بتأمين السيولة للمصارف وحماية الودائع، والإجراءات الأخرى على المستوى المحلي مثل ضخ حكومة أبوظبي سيولة إضافية للمصارف المؤسسة في الإمارة، وإصدار حكومة دبي لسندات بقيمة 20 مليار دولار .

انتهاء حالة الذعر في دول الاقتصادات المتقدمة ودخولها في مرحلة علاج آثار الأزمة، وقرارات قمة العشرين الثانية، أشاع درجة مهمة من الارتياح والتفاؤل على مستوى العالم، وهذا تطور مهم ينعكس إيجاباً على كافة دول العالم بما فيها دولة الإمارات التي تتمتع أساساً باقتصاد متنوع وقوي ومتعدد الإمكانيات .

طرحت دبي سندات بقيمة 20 بليون دولار، وسارع مصرف الإمارات المركزي إلى الاكتتاب بها بمبلغ 10بلايين دولار الأمر الذي فسر على أنه مساعدة من أبوظبي لدبي للخروج من الأزمة . كيف تقيمون هذا الإجراء الذي أقدم عليه مصرف الإمارات المركزي، وماذا عن الشق الثاني من السندات؟

يبدو أن كثيرين لا يدركون حقائق الحياة في دولة الإمارات العربية المتحدة . . . حسناً، أنا أرحب بهذا التفسير لأنه يؤكد عمق وتجذر الروابط بين إمارات الدولة، فضلاً عن أنه يؤكد قوة مصرفنا المركزي وثقته الكبيرة باقتصاد دبي .

الأسوأ وراءنا وسنكون في مقدمة المتعافين

نحن أصدرنا سندات بعشرين مليار دولار وطرحنا نصفها للاكتتاب، واكتتب المصرف المركزي بكامل المبلغ، وندفع عليها فائدة سنوية بنسبة 4% . وما طرحناه يلبي احتياجاتنا في هذه المرحلة، وعند الحاجة سنطرح الشق الثاني في حينه، وهو محل اهتمام جهات عديدة

سمو الشيخ هل تشعرون بأي تهديد يطال دبي نتيجة الأزمة الحالية؟

لم نشعر لا في ذروة الأزمة المالية ولا الآن بأي تهديد . الأسوأ مر وصار وراءنا . ومنذ اشتعال الأزمة لم يعلن مصرف أو شركة حكومية الإفلاس . ولم ينكسر أي من قطاعات الاقتصاد، وننفذ خططاً وبرامج عمل تستفيد من دروس الأزمة وتكفل التعافي من آثارها السلبية .

حدثت في الآونة الأخيرة عمليات اغتيال في دبي تطرح بشكل جدي موضوع الأمن فيها . وإذا كان يسجل للأمن في دبي سرعة اكتشاف مرتكبي هذه العمليات، ماذا تقولون بشأن الردّ على الأقوال التي تقول إن منع عمليات الاغتيال هو الأجدى أن يتحقق أولاً؟

بالطبع، الوقاية خير من العلاج، ومنع عمليات الاغتيال هو الأجدى أن يتحقق . . . عادة ما يسمع الناس عن إجراءات العلاج، لكنهم لا يسمعون عن إجراءات الوقاية . جرائم الاغتيال التي حدثت في دبي في الأشهر الأخيرة يقل عددها عن نصف عدد أصابع اليد الواحدة، وهذا ليس تقليلاً من خطورتها . إنها الاستثناء الذي يؤكد القواعد الراسخة . والأساس أن دولة الإمارات العربية بما فيها دبي هي من أكثر دول العالم أمناً واستقراراً، وهذا لم يكن ليتحقق لولا أن أجهزتنا المختصة تولي الإجراءات الوقائية أهمية قصوى . في كل الأحوال، معدل الجرائم في دولة الإمارات هو من أقل المعدلات في العالم، ونعمل على أن تظل كذلك، ولا يغير من هذه الحقيقة سرعة انتشار أخبار جريمة أو جريمتي قتل بسبب شهرة المغدورين فيهما .

مع وطأة الأزمة المالية العالمية على دبي يلاحظ استمرار الأنشطة الثقافية والإعلامية والفنية والرياضية بجوائزها المالية الضخمة فما هو تفسيركم للاستمرار في هذه الأنشطة في دبي؟

هذه الأنشطة مقررة في أوقات سابقة على الأزمة، وبعضها دوري يقام سنوياً مثل كأس دبي العالمية للخيل ومنتدى الإعلام العربي وجائزة الصحافة العربية، وبعضها بدأ دورته الأولى مثل مهرجان الشعر العالمي . . . . ما الغريب في استمرار هذه الأنشطة؟

الغريب هو ألا تستمر . أما مبالغ الجوائز فلم تتغير عن المعروف والمعلن سابقاً . . . هل تلمح في سؤالك إلى أن هذه الجوائز باتت عبئاً على دبي؟ إذا كان الأمر كذلك، فأطمئنك إلى أننا بخير ومشاريعنا تحت التنفيذ لم تتوقف، وأقساط القروض والسندات دفعت وتدفع في مواعيدها، والموردون والمقاولون بدأوا تسلم مستحقاتهم .

يتم التركيز في ضوء هذه الأزمة على قيام الشركات العاملة في دبي ومعظمها تحت مظلة “دبي القابضة” بإنهاء خدمات الكثير من موظفيها والعاملين فيها . فماذا تم في هذا المجال، وماذا عمّا يتردد بأن حملة إنهاء خدمات الموظفين والعاملين ستبلغ ذروتها في الأشهر القادمة؟

بعد الأزمة المالية العالمية، بادرت كل الشركات الكبرى في العالم إلى مراجعة أوضاعها ومشاريعها ومواردها ونفقاتها وإعادة هيكلة إداراتها وكادرها في ضوء الوقائع الجديدة . “دبي القابضة” ليست استثناء، وشركاتها تعمل على أسس تجارية، ومن الطبيعي أن يتم الاستغناء عن الموظفين الذين لم تعد لهم وظائف أو مهام . ولا توجد حملة ولا ذروة في الأشهر القادمة أو بعدها أو قبلها . العملية تنظيمية صرفة .

تعرضت دبي لحملات إعلامية تقول إن إنهاء خدمات الموظفين تركز على جنسيات عربية محددة . فما هي حقيقة الموقف؟

أيضاً هذا من قبيل الإشاعات التي تحولت إلى أخبار في وسائل الإعلام . ربما يكون نشاط معين تأثر أكثر من غيره بالأزمة مثل نشاط العلاقات العامة والإعلان وصدف أن إحدى الجنسيات العربية توجد بكثافة في هذا النشاط، أو قطاع شهد مراجعة واسعة كقطاع المقاولات، وصدف أن نسبة كبيرة من مهندسي الشركات المتأثرة من جنسية معينة . . . أبداً لا تركيز على أية جنسية عربية أو غير عربية .

هل تعتقدون أن الأزمة الراهنة تفرض إجراء تغييرات على المستويين المحلي في دبي وعلى المستوى الاتحادي في دولة الإمارات، خصوصاً مع إشاعات بأن تغييراً وزارياً يتم الإعداد له حالياً؟

بطبيعة الحال، واقع ما قبل الأزمة العالمية هو غير الواقع بعدها . وكل من لا يستوعب الواقع الجديد ويتفاعل معه بإيجابية لما فيه مصلحة الوطن والمواطن يكون مقصراً . وها أنت تعود وتسألني عن إشاعات تتعلق بتغيير وزاري يعد له حالياً . . . أنت بنفسك تقول إشاعات!

قضايا حقوق العمال والاتجار بالبشر ما زالت تؤثر على صورة دولة الإمارات في الخارج . وبينما توجد سياسات واضحة تتوخى أفضل المعايير الدولية في هذا المجال، فإن المعدل الفعلي لمحاكمات المرتكبين على الحقوق في هذه القضايا يبدو منخفضاً . ماذا فعلتم لمعالجة هذا الوضع؟

أريدك أن تطالع نتائج الاجتماع الأخير للجنة الدولية لحقوق الإنسان في جنيف، وأن تطالع التقارير الدولية التي تشير إلى التطور الكبير في تعاطي دولة الإمارات مع هاتين القضيتين . حتى التقارير الدورية لوزارة الخارجية الأمريكية تعترف بهذا التطور، وبخاصة في موضوع الاتجار بالبشر .

نحن نهتم بحقوق العمال وبضمان حرية الإنسان ليس لنفوز برضا التقارير الدولية، ولكن لأننا حريصون على تعزيز حقوق الإنسان وتجذير قيم العدالة والتسامح وتقديم نموذج للدول العربية والإسلامية التي تتمسك بإطارها الديني والثقافي وتتفاعل مع المجتمع الدولي بكل الاحترام والتعاون . . . . .ديننا الحنيف وقيمنا وأخلاقنا لا تقبل بهضم حقوق الإنسان أياً كان وضعه ونوع عمله وأصله وجنسه ودينه . نحن بطبيعتنا ننفر من الظلم، ونتعاطف مع المحتاجين والمنكوبين ومؤسساتنا الخيرية تنشط في عدد كبير من الدول الأقل حظاً، ولا نقبل أن تهدر كرامة شخص واحد، رجلاً كان أم امرأة .

أما عن عدد القضايا المعروضة على القضاء في هذا المجال، فهي تعكس الواقع . . . ولو أحصيت عدد القضايا التي نظرتها المحاكم، لوجدت أنها من أعلى النسب في العالم قياساً لعدد السكان .

“الشرق الأوسط”

قبل عام تقريبا قمتم بتعديل وزاري واسع . . وذكرتم بأن أي وزير عرضة للتغيير . . هل هناك أي خطط لتعديل وزاري قريب؟

هناك قاعدة ننطلق منها وهي أن الحكومة خادم الشعب . . . . وأن الخدمة يجب أن تكون على أعلى مستوى، وأن يحصل عليها الناس بسهولة ويسر . والتعديل يتم إذا ما اقتضته الضرورة وبما نراه مناسبا للتعاطي بفعالية مع متطلبات العمل الوطني وبما يعزز قدرة الحكومة الاتحادية على تحقيق الأهداف المحددة في استراتيجيتها وما يستجد من أهداف جديدة تبعاً للتطورات على أرض الواقع . ولم أزل عند قولي بأن أي وزير أو مسؤول لا يرقى إلى مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقه سيكون عرضة للتغيير ليفسح مكانا لمن هو أجدر بتحمل المسؤولية . . . والمرجعية الأساسية لأية قرارات بهذا الخصوص هي معايير الأداء ومستوى إنجاز مشاريع خطط التطوير .

بصراحة من هم خارج الامارات يعتقدون بوجود حساسية بين الامارات السبع . . استنادا للنظام الفيدرالي الذي تنتهجه الدولة، بماذا تردون؟

لا أعرف ماذا تعني بكلمة حساسية، وما علاقة هذه الكلمة بالنظام الاتحادي . لكني أقدر أن سبب سؤالك، هو التقارير الإعلامية التي حاولت في تناولها لانعكاسات الأزمة المالية العالمية على دولة الإمارات، وضع فواصل واختلاق تباينات بين أبوظبي ودبي، وهي محاولات خبيثة تغافلت عن الكيفية التي تصدت بها دولة الإمارات العربية المتحدة لتداعيات الأزمة المالية العالمية، وعن الأداء الرائع لمؤسساتنا الاتحادية بقيادة صاحب السمو رئيس الدولة . كان الأداء اتحادياً بامتياز، وقدم دليلاً جديداً على كفاءة وقوة الدولة الاتحادية وأظهر مجدداً قدرتها على مواجهة أصعب التحديات .

على أي الأحوال، ما دمت قد فتحت هذا الموضوع، فمن المفيد التذكير بأن الإمارات السبع اختارت النظام الاتحادي عن وعي وإدراك بأنه أنسب النظم القابلة للحياة والبقاء والتطور . كان الآباء المؤسسون حكماء وذوي بصيرة وأصحاب رؤية مستقبلية . ومن يعرف تاريخ المنطقة وواقعها السابق على قيام الاتحاد يدرك عظمة إنجاز الاتحاد وإقامة دولة الإمارات العربية المتحدة .

وإذا كانت العبرة بالنتائج كما يقولون، فانظر إلى مكانة وتقدم وإنجازات وازدهار دولة الإمارات العربية المتحدة بعد نيف وسبعة وثلاثين عاماً من قيام الاتحاد . دولة الإمارات دولة مؤسسات تحتكم في كافة شؤونها إلى مرجعية دستورية، بما في ذلك توزيع الاختصاصات بين السلطات المحلية والسلطة الاتحادية . ومثل كل الدول الاتحادية تختص السلطة الاتحادية بكافة الشؤون السيادية سواء تعلقت بالسياسة الدفاعية أو بالقوات المسلحة أو بالأمن العام أو بالسياسة الخارجية أو بالسياسة المالية أو بالتشريعات الكلية الخاصة بالقضاء والاقتصاد والعمل وإقامة الأجانب .

ولعل من أهم الإنجازات التاريخية التي نعتز بها، بناء الهوية الوطنية الإماراتية التي لم تكن موجودة قبل قيام الدولة الاتحادية، وهذه الهوية تستقر عميقاً في نفوس جميع أبناء الإمارات، وتسري في عروقهم مسرى الدم، وتملؤهم بمشاعر العزة والكبرياء والولاء والانتماء لوطنهم الإمارات .

كل مسؤول ومواطن في الإمارات يعلي انتماءه الوطني الإماراتي على انتمائه لمنطقته . وأساساً لا تعارض بل تكامل . وحين يقدم شخص نفسه على أنه من أبوظبي أو الفجيرة أو دبي فإنه لا يختلف عن المصري الذي يقدم نفسه بأنه من القاهرة أو أسيوط أو الاسكندرية، أو السعودي الذي يقدم نفسه بأنه من الرياض أو مكة المكرمة أو الدمام . مع الأسف، بعض الذين لا يعرفون الإمارات وحقائق الحياة فيها، يفتون في ما لا يفقهون . نحن كما قال أخي الشيخ خليفة: أعضاء في كيان واحد وأجزاء في جسد واحد قوي ومتماسك .

لا توجد أية حساسيات بين الإمارات، بل تكافل وتعاضد في إطار الدولة الواحدة، والهوية الوطنية الواحدة، وفي الوقت ذاته، وفي إطار هذه الدولة الواحدة، توجد مساحة فسيحة للتنافس على الخير والإنجاز والامتياز وخدمة الوطن والمواطنين . . . وهذا تنافس حميد، وهو أحد أهم أسس نهضة الإمارات وتقدمها .

الأسس الاقتصادية لدبي راسخة والإمارة عضو في سرب دولة الإمارات

هل انتم من أنصار إعطاء صلاحيات أكثر للحكومة الاتحادية، مقابل تقليل دور الحكومات المحلية لصالح الدولة؟

لا يوجد تنازع على الصلاحيات بين الحكومة الاتحادية والحكومة المحلية . توجد اختصاصات اتحادية وأخرى محلية محددة بوضوح وفي دستور الدولة . وكما أشرت فإن كافة الشؤون السيادية هي من اختصاص الاتحاد ممثلاً بصاحب السمو رئيس الدولة والمجلس الأعلى للاتحاد ومجلس الوزراء والمجلس الوطني الاتحادي والقضاء الاتحادي .

الحكومة الاتحادية تحظى بكافة الصلاحيات التي تمكنها من أداء مهامها المنصوص عليها في الدستور . ومسألة الصلاحيات الأكثر أو الأقل ليست موضوعاً نظرياً، علماً بأن التوسع في اللامركزية ومنح سلطات الحكم المحلي صلاحيات أوسع هو اتجاه عالمي حتى في الدول المكونة من إقليم واحد .

فقد ثبت أن اللامركزية تؤمن فعالية أكبر في التعاطي مع شؤون التنمية وترفع من كفاءة الخدمات الحكومية وتزيد من إنتاجية المؤسسات العامة .

ونحن في الإمارات حريصون على تحقيق التكامل في الأدوار والمهمات والأداء بين الوزارات والهيئات الاتحادية والدوائر والمؤسسات المحلية، وصولاً إلى أرقى مستويات الأداء الحكومي في دولة الإمارات بشكل عام

عندما تحدث الازمات . . يلتفت العالم الى دبي . . هذه المرة كانت الأزمة المالية العالمية . . هل يضايقكم التركيز العالمي الكبير على سلبيات دبي في ظل الظروف الحالية؟

نحن نعرف حجمنا ولا نغالي في دورنا . دبي نالت شهرة عالمية لنجاحها في بناء نموذج تنموي ونهضوي فريد . وقد تحدثت لأحد زملائك عن بعض ملامح هذا النموذج . وأنت تعرف أن لشهرة النجاح ضريبة لا مناص من دفعها، واهتمام العالم بما تفعله دبي لتخطي انعكاسات الأزمة العالمية أمر طبيعي، ليس لأن الناس يركزون على الناجحين فقط، بل لأن الأزمة أدخلت نموذج دبي التنموي، وما رافقه من إنجازات ونجاحات ذات أفق عالمي، في امتحان الأزمة العالمية الصعب . البعض راهن على فشل دبي في الامتحان لأنه لا يعرف الإمارات، ولا يعرف أن ما حققته دبي مبني على أسس قوية وتراكم مهم من الخبرات والإنجازات وعلاقات الأعمال عبر العالم، وهو جزء مما حققته دولة الإمارات من تقدم وازدهار .

والبعض من خارج منطقتنا، تمنى لو أن الأزمة تغرق نموذج دبي، أعرف تماماً أن دوائر مالية واقتصادية لم تكن سعيدة بسياقات التنمية الشاملة والاستثمار والمنافسة عالمياً في إدارة الأسواق المالية والموانىء وفي صناعة النقل الجوي وفي إتاحة أحدث منجزات التكنولوجيا وخبراتها لأبناء المنطقة

الإمارات أجابت بنجاح على الأسئلة الصعبة في امتحان الأزمة المالية العالمية، ولن يطول الوقت الذي يتحول فيه التركيز الإعلامي على ما وصفته بالسلبيات، لصالح دبي ودولة الإمارات .

قبل نحو عام تقريبا، وفي زيارة لكم الى القارة الآسيوية . . حذرتم من هذه الأزمة . . لماذا لم تحتاطوا للأزمة حتى لا تتأثر دبي خصوصا، والامارات عموما من تبعات هذه الأزمة؟

حجم الأزمة المالية العالمية وتداعياتها وتأثيراتها على كل دول العالم كان مفاجئاً للجميع . ما حذرت منه آنذاك هو الفوضى العارمة في أسواق المال والسلع، وتهميش دور المؤسسات المالية الدولية وعجزها عن أداء أدوارها المفترضة في عالم تحولت فيه الأسواق الدولية إلى سوق واحدة لكنها لا تخضع لأية قواعد أو تنظيمات أو مراقبة دولية . وطالبت دول الاقتصادات الكبرى بالتحرك السريع وبإعادة النظر في دور واختصاصات وآليات عمل المؤسسات المالية الدولية، وبخاصة صندوق النقد الدولي، وهو ما فعلته مجموعة العشرين في مطلع هذا الشهر .

أما لماذا لم نحتط حتى لا نتأثر من تبعات الأزمة، فإن أية احتياطات اتخذناها أو اتخذتها أية دولة في العالم، لم تكن لتوفر حصانة من آثار الأزمة، ولولا أننا في الإمارات نجحنا في بناء اقتصاد قوي ومؤسسات فاعلة، ومزجنا من الأساس بين سياسات مصرفية متحفظة بإشراف المصرف المركزي وبين سياسات الانفتاح الاقتصادي التي ننتهجها، لما استطعنا مواجهة انعكاسات الأزمة العالمية على اقتصادنا، ولكنت شهدت إفلاسات في المصارف والشركات الكبرى . وطأة الأزمة علينا في الربع الأخير من العام الماضي كانت شديدة لكنها أقل بكثير مما أصاب دول الاقتصادات المتقدمة .

بالرغم من نفي مسؤولي حكومة دبي الدائم بعدم وجود خطة لبيع حصص في الشركات لامارة أبوظبي، إلا ان التكهنات في هذا المجال لا تتوقف . . أليس من الطبيعي ان تتعاون الامارات بعضها بعضاً في مثل هذه الازمات . . لو حدث مثل هذا الأمر؟

الإمارات لا تنتظر الأزمات لتتعاون . والشراكات أساساً عديدة بين أبوظبي ودبي . ومؤسسو جميع الشركات المساهمة العامة ومكتتبوها في غالبيتهم العظمى من أبوظبي ودبي، واستثمارات أبناء أبوظبي في دبي وأبناء دبي في ابوظبي ضخمة . ودبي كانت ومنذ القدم وما زالت مفتوحة لاستثمارات وأعمال جميع أبناء الإمارات .

أما عن التكهنات الواردة في سؤالك، فهي مجرد تكهنات، وهي ليست بريئة، وجاءت في سياق حملة مغرضة على نموذج دبي . ولم ينف هذه التكهنات مسؤولو حكومة دبي فقط، بل تفضل صاحب السمو رئيس الدولة ونفاها في شهر مارس/ آذار الماضي .

هناك من يرى ان رب ضارة نافعة . . فالأزمة المالية اعادت الأمور الى طبيعتها بعد سنوات من التضخم الذي كان يهدد اقتصاد دبي والامارات . . في رأيكم هل يمكن اعتبار التصحيح القاسي الذي شهده قطاع العقار، مثلا، حلا لمشكلة ربما كانت ستكون أسوأ مستقبلا؟

الأزمات دائماً تكون مصحوبة بالفرص، والمهم هو التركيز على المستقبل، وإيجاد الأطر التي تضمن كفاءة الأداء في مرحلة ما بعد الأزمة . الإجراءات التي تم اتخاذها سواء على الصعيد الاتحادي أو على الصعيد المحلي في مواجهة الأزمة إجراءات مدروسة تضمن الخروج من تأثيراتها بأقل الأضرار . وقد أثبتت دولة الإمارات قدرة على تجاوز أزمات سابقة وستثبت مجدداً نجاحها في تجاوز هذه الأزمة . وتقوم لجان متخصصة برصد ومتابعة تطورات الأزمة على المستوى العالمي وتأثير هذه التطورات علينا . وتضع الخطط وتقدم المقترحات الملائمة للتعاطي مع كافة التطورات .

أخيراً . . القصص الخيالية . والأشاعات لا تتوقف عن دبي وانها أصبحت مدينة أشباح . . وان عشرات الألوف يسرحون اسبوعيا من وظائفهم . . وغيرها من القصص . . الايحزنكم طريقة التعاطي هذه مع أزمة دبي على وجه الخصوص؟

لقد تعودنا ألا نعير اهتماما للشائعات، وردنا عليها يكون دائماً بالعمل والإنجازات . هذه الإشاعات والقصص المُختلقة تدهش كل من يزورنا في هذه الأيام . وقد قابلت الكثير من الزوار في الآونة الأخيرة الذين أبدوا دهشتهم من زحمة الفنادق والشوارع والأسواق . إن نجاح دبي هو السبب الحقيقي في تلك القصص المختلقة، فالأزمة في دبي هي أزمة نجاحها الذي حافظت عليه لعقود عدة . هل غاب عن مروجي تلك الإشاعات أن عالمية دبي تجعلها أكثر تأثراً من غيرها بتطورات الاقتصاد العالمي؟ نحن مع حرية التعبير ولكن في إطار من النزاهة والموضوعية والدقة .

أمر مؤسف أن نرى صحفاً تعتمد في تقاريرها على الإشاعات والأقاويل والتكهنات على الرغم من أنها تفاخر دائماً بدقتها وموضوعيتها . نحن ندرك شدة المنافسة الاقتصادية بين دول العالم، ودائماً ما وجدت الحروب الاقتصادية غير المعلنة بين أصحاب النشاط الاقتصادي الواحد، وحين تتحول إلى لاعب دولي في بعض الأنشطة الاقتصادية عليك أن لا تنتظر دروباً مفروشة بالورود والرياحين . . . هل تعرف عدد شركات الطيران الدولية الكبرى المتربصة بطيران الإمارات؟ وهل تظن أن شركات الخدمات الدولية ذات الصلة سعيدة بنجاح موانىء دبي في إدارة عشرات الموانىء في أوروبا وآسيا وإفريقيا؟ وهل تتوقع أن تكون أسواق المال الدولية سعيدة بنجاح سوق دبي المالي الدولي ومشاركته في ملكية بعض أهم أسواق المال الدولية؟

كلام سموك صحيح، وما تحدثت به لا يخطر على بال كثيرين؟

أزيدك من الشعر بيتاً . . . طيران الإمارات على سبيل المثال لم تحقق نجاحها المشهود على المستوى الدولي فقط بل حفزت إلى إنشاء شركات طيران عربية تسير على نهج طيران الإمارات، ودفعت جميع شركات الطيران العربية إلى تحسين أساطيلها وخدماتها . . . وهذا كله ضاعف من حصة شركات الطيران العربية في صناعة النقل العالمي . . . اليوم باتت طيران الإمارات مقياساً لكفاءة الخدمة والتشغيل ليس على المستوى العربي فقط ولكن على مستوى العالم .

العالم يعترف بك لأنك ناجح ومتميز ومبادر وقادر على المنافسة لكنه ليس بالضرورة أن يكون هذا الاعتراف عن رضا وقبول .

“الاتحاد”

طلبتم سموكم في العام الماضي من وزارة المالية الإعداد المبكر للميزانية الاتحادية للدولة ،2009 وكان لذلك الخروج بالميزانية قبل تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية بدون أي عجز، فهل سيكون للأزمة المالية العالمية تأثير على ميزانية ،2010 خاصة فيما يتعلق باحتياجات المواطن الأساسية؟

في السنوات الثلاث الأخيرة تصدر الميزانية الاتحادية في وقت مبكر وقبل دخول العام المالي الجديد . أما خروج ميزانية 2009 بدون عجز فمسألة طبيعية ناجمة عن عدم تأثر موارد الميزانية بآثار الأزمة المالية العالمية . ولا أعتقد أن آثار الأزمة ستطال ميزانية سنة ،2010 باقٍ على السنة الجديدة سبعة أشهر، وهذه فترة طويلة ربما نشهد في نهايتها مؤشرات لقرب انتعاش الاقتصاد العالمي .

“الرؤية الاقتصادية”

ما هو تقييم سموكم للاقتصاد الوطني اليوم، وهل يمكن المحافظة على مستوى النمو في ظل تراجع أسعار النفط؟ وما السياسة التي ستتعامل عبرها دولة الإمارات مع مستجدات الأزمة المالية العالمية؟

اقتصادنا قوي وإمكاناته كبيرة ويتسم بالتنوع . ونسبة النفط في الناتج المحلي الإجمالي للدولة تقل عن 30%، وهذا يخفف من أثر تقلبات أسعار النفط على الاقتصاد الوطني . . . . وأوافقك على وجود تقارير عديدة متشائمة بشأن الاقتصاد العالمي، لكن المغالاة في التشاؤم غير واقعية، فدول الاقتصادات الكبرى جادة في جهود إنعاش اقتصاداتها، وقمة مجموعة العشرين خرجت بنتائج جيدة من اجتماعها في لندن . والأمل أن يتم الالتزام بتنفيذ جميع القرارات . والواقع أن نبرة التشاؤم تقل ولا تزيد ويحل محلها تفاؤل حذر .

أما عن مستويات النمو، فلن تحافظ أية دولة في العالم على مستويات النمو المرتفعة التي سجلتها في السنوات الأخيرة . نحن في الإمارات سنحقق نمواً بمعدلات أقل من تلك التي سجلها اقتصادنا في السنوات الماضية .

استقطاب الاستثمارات الأجنبية كان من ضمن أولويات الحراك الاقتصادي في الإمارات . واليوم، فإن “هروب المستثمرين الأجانب” من الإمارات حالة يكثر الحديث عنها وتدعمها تقارير محلية ورسمية أيضا . هل بالفعل ترون سموكم أن اقتصادنا الوطني إذ يعتمد على الاستثمار الأجنبي فإنه يخاطر بمستقبله؟ وفي ظل الحديث المتواتر عن الأزمة المالية عالميا، هل من خطة حديثة لدى سموكم لتثبيت أو تنمية أو استعادة الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد؟

لا يصح استخدام تعبير “هروب المستثمرين الأجانب” لأنه لم يكن هناك هروب . ما حدث بالضبط، هو جفاف السيولة عبر العالم فور انهيار بنك “ليمان براذرز” الذي مثّل الذروة في الأزمة المالية العالمية . ومع جفاف السيولة، بات تجميع السيولة من المصادر المتاحة هو الهم الأول للمستثمرين والمصارف والمؤسسات المالية في جميع أرجاء العالم، فحدثت سحوبات ودائع وتسييل محافظ وتصفية مراكز مالية في جميع أسواق المال في العالم .

أما أن استقطاب الاستثمارات الأجنبية كان من ضمن أولويات الحراك الاقتصادي في الإمارات، فهو استنتاج غير دقيق . حركة الاستثمارات لا تعرف الحدود . توجد استثمارات أجنبية في الإمارات وتوجد استثمارات إماراتية بأضعاف مضاعفة في مناطق عديدة من العالم . الاستثمار يتحرك نحو الفرص الواعدة والبيئة المواتية، وهذا ما جذب الاستثمار الأجنبي للإمارات، وما زالت بيئة الاستثمار في الإمارات مواتية، وما زالت الفرص واعدة، وما زالت أهم مركز إقليمي للأعمال والتجارة الدولية . وهي اليوم واعدة أكثر من أي وقت مضى، وقدوم المستثمرين الأذكياء للإمارات لم يتوقف .

ما هي كلمة سموكم للمجتمع الاستثماري في الإمارات حول قدرة الجهات الحكومية على رقابة إدارة الشركات وتسيير شؤون مساهميها وحقوقهم؟

هذه القضايا القانونية دليل على اهتمام الحكومة الأكيد بحسن إدارة الشركات والتزامها مبادئ المحاسبة السليمة وقواعد الحوكمة والشفافية . والحكومة تعمل باستمرار على تطوير هيئات وإجراءات وضمانات حسن إدارة الشركات . ولا أحد في الإمارات فوق القانون والمساءلة والمحاسبة، ومن يرتكب أو يتجاوز تلاحقه الجهات القضائية المختصة وتنزل به حكم القانون .

في ظل الحديث عن شح السيولة في الأسواق المحلية أصدرت دبي برنامج سندات اكتتب المصرف المركزي الإماراتي ب10 مليارات دولار من أصل 20 ملياراً . وصرح مسؤولون بالإمارة بأن ما من حاجة حالية لباقي المبلغ . هل يعني ذلك أن حكومة دبي قد أقفلت باب الاكتتاب بالسندات المتبقية؟ وهل سيكون الدعم الذي ستقدمه حكومة دبي لشركاتها كمنحة؟

لا لم نقفل باب الاكتتاب . وما تم الاكتتاب به حتى الآن يفي بالاحتياجات . أما الدعم المقدم للشركات فهو ليس منحة، لأن أصله سند، والشركات لديها أصول إنتاجية تمكنها من الوفاء بكافة التزاماتها . . . مشكلة الشركات هي جزء من مشكلة السيولة التي حلت بالنظام المالي والمصرفي العالمي . وهي مهما طالت، تظل مشكلة مؤقتة .

“جلف نيوز”

لقد اتخذت الحكومة عدداً من الخطوات المهمة لدعم قطاع العقارات والخدمات المالية في دولة الإمارات العربية المتحدة، فهل أنتم راضون عن نتائج هذه الخطوات حتى الآن؟

نعم أنا سعيد جداً بالنتائج . وأنا واثق أننا نسير في الاتجاه الصحيح، ولن يطول الوقت حتى يلمس الجميع مؤشرات التحسن والتعافي .

هل تعتقد سموكم أن دبي بحاجة إلى جهاز رقابي لمكافحة الفساد المالي والإداري، وما الخطوات التي ستتخذها الحكومة الاتحادية لزيادة الشفافية ومكافحة الفساد؟

في دبي دائرة حكومية للمراجعة المالية، وتقوم بمهامها على الوجه المطلوب، بما في ذلك في التحقيقات الخاصة بقضايا الفساد . نعم تعزيز دور وإمكانات المراجعة ضروري، وهذا ما يحدث الآن .

أما إلى أين يمكن أن تصل الإمارات في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية، فستصل إلى النهاية، لا مكان للفساد والفاسدين . وفي كل قضايا الفساد لا تتم مقاضاة الفاسدين ومعاقبتهم فقط، ولكن يتم سد أية ثغرة إدارية وقانونية استغلوها لارتكاب جرائمهم .

ما الخطوات الإضافية التي تنوي الحكومة القيام بها لدعم قطاعي العقارات والخدمات المالية إذا مادعت الحاجة لمثل هذه الجهود الإضافية؟ وهل تنوي الحكومة أن توسع نطاق الدعم ليشمل قطاعات اقتصادية أخرى في دولة الإمارات، كالسياحة مثلاً؟ وإن كانت الإجابة عن هذا السؤال بالإيجاب، فما ستكون طبيعة هذا الدعم؟

الإجراءات التي اتخذناها حتى الآن نقلت اقتصادنا من مظلة الأزمة إلى مظلة الحل . لم يكن بإمكان أية دولة مهما بلغت كفاءة إجراءاتها الاطمئنان إلى الخروج من الأزمة، قبل معرفة عمقها في الاقتصاد العالمي وفي الأسواق المالية الدولية، واكتمال إجراءات دول الاقتصادات الكبرى، ثم بلورة الجهد الدولي المشترك . . . وهذا كله استغرق أشهراً عدة، واليوم بدأت نبرة التفاؤل عالمياً تعلو على نبرة الخوف .

اقتصادنا في الإمارات من بين أكثر اقتصادات المنطقة انفتاحاً وتفاعلاً مع الاقتصاد والعالمي . . وجهود دول الاقتصادات الكبرى لإنعاش اقتصاداتها هي جهود جادة ومؤثرة، واتجاه هذه الدول إلى مزيد من التعاون على الصعيد الدولي، كما ظهر في قرارات قمة العشرين مؤشر إيجابي . لذلك، أقول باطمئنان إننا في الإمارات انتقلنا إلى سكة الحل والتعافي بسبب الإجراءات التي اتخذناها أساساً، وبسبب جدية جهود إنعاش الاقتصاد العالمي . . . وهنا لا أقول لك إن مسار التحسن في الاقتصاد العالمي لن يواجه الصعوبات والعقبات، وإن تداعيات الأزمة على الاقتصاد العالمي انتهت تماماً . ما يمكن قوله باطمئنان، إن الأسوأ صار خلفنا جميعاً، وإن هناك إرادة حقيقية في الدول المعنية لإنعاش اقتصاداتها .

وبالنسبة لتوسيع الدعم إلى قطاعات اقتصادية أخرى فهو وارد إذا كانت هناك حاجة لذلك . أما قطاع السياحة فوضعه جيد، ونسب الإشغال في الفنادق مرتفعة، والقطاع تجاوز الأسوأ ووحداته تكيفت مع أكثر المراحل صعوبة وتجاوزتها بنجاح .

نحن بخير وعبرنا الأزمة بأقل قدر من الخسائر

“البيان”

متى يختفي مصطلح “المناطق النائية” من القاموس اليومي في الإمارات؟

لا توجد في الإمارات مناطق نائية بالمعنى الذي ينصرف إليه ذهن الإنسان حين يسمع كلمة “نائية” . توجد مناطق بعيدة نسبياً عن مراكز المدن . وضع هذه المناطق بحاجة إلى دراسة علمية وإلى رؤية استراتيجية في شأن تنظيم المناطق الحضرية وتوفير أفضل سبل الخدمات لسكانها .

وأقول لكم بصراحة، إن الإعلام يصور بعض هذه المناطق وكأنها تعاني الأمرين ومحرومة من أبسط الخدمات، وأحياناً نقرأ عن مطالب بإنشاء مدارس في مناطق لا يزيد عدد بيوتها على خمسين على الرغم من وجود مدرسة قريبة ووسائل لنقل الطلاب . ويحدث أن يتصدع سقف غرفة في منزل فيتحول الأمر إلى تقرير مطول مشفوع بالصور ويعمم حال الغرفة على المنزل بأكمله وأحياناً على المنطقة بأكملها .

أنا تجولت في كافة مناطق الدولة، وحرصت على زيارة مناطق ومدارس ركزت بعض الصحف على أوضاعها، وظهر لي أن الوضع ليس كما تصوره هذه الصحف . نعم تحتاج هذه المناطق إلى اهتمام أكبر، وهذا ما التزمت به الحكومة منذ تشكيلها، وما يوجه به دائماً صاحب السمو رئيس الدولة .

هل هناك خطوات عملية لمعالجة خلل التركيبة السكانية؟ وماذا عن تقديم حوافز للأسر المواطنة لتشجيع الإنجاب؟

نعم هناك خطوات وإجراءات، وقد نشرتم بعضها في صحفكم، واللجنة المكلفة ملف التركيبة السكانية تعمل بهدوء وبفعالية كبيرة .

أما عن تقديم حوافز للأسر المواطنة لتشجيع الإنجاب، فالحوافز موجودة، سواء بشكل غير مباشر من خلال الخدمات والتقديمات الحكومية للمواطنين أو في علاوات الموظفين الخاصة بالأبناء . موضوع الحوافز محل متابعة دائمة من الحكومة .

لماذا توقف تقليد الخلوة الحكومية الذي ابتكرته؟

لم يتوقف هذا التقليد . الخلوات تكون عادةً في فترات متباعدة، أما اجتماعات مجلس الوزراء فتتواصل بانتظام .

يعتقد البعض أنكم راهنتم على الشباب أكثر من ذوي الخبرة في قيادة المؤسسات في دبي . . ما ردكم على ذلك؟

راهنت وما زلت أراهن على الشباب ذوي الخبرة وذوي الإمكانية . . . إذا لم تراهن على الشباب فكيف ستبني الخبرات وكيف ستبني القيادات؟ على أي الأحوال، لا أدري كيف تحددون سن الشباب هل البالغ من العمر 35 أو 40 عاماً مجرد شاب من

10 thoughts on “وقفتنا مع خليفة في “دار الاتحاد” تحت علم الاتحاد لا تقدر بمال الدنيا

  1. اللهم احفظ اماراتنا الحبيبة من كل سوء
    واحفظ لنا شيوخنا الكرام وادم عليهم نعمتك

  2. الأزمات دائماً تكون مصحوبة بالفرص، والمهم هو التركيز على المستقبل، وإيجاد الأطر التي تضمن كفاءة الأداء في مرحلة ما بعد الأزمة .

Comments are closed.