الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه وبعد، فهذه نبذة مختصرة عن المذاهب الأربعة وأئمتها وقد آثرت الاختصار دفعا للإطالة المملة .

************************************************** *************
إمام أبو حنيفة النعمان إمام أهل الرأي:
هو الإمام النعمان بن ثابت بن زوطي من أصل فارسي ، كان جده من أهل كابل وقع في أيدي المسلمين أسيراً أثناء فتح بلاد فارس ، ولد سنة 80 هـ بالكوفة وتوفي سنة 150 هـ وأكثر العلماء الذين لازمهم هو حماد بن أبي سليمان ، ولقب بالإمام الأعظم.وقيل أنه أدرك الصحابي الجليل أنس ابن مالك.

وكان الإمام أبو حنيفة يستنبط فقهه من القرآن الكريم وما صح عنده من الحديث مع توسع في استعمال الرأي والقياس . وقد تلقى الدرس لمدة سنتين عند الإمام جعفر الصادق حيث اشتهر عنه قوله في مدح الإمام :
( لولا السنتان لهلك النعمان )
الأصول عند الحنفية هي : ( الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والقياس والاستحسان والعرف).

انتشار المذهب الحنفي:
نشأ المذهب الحنفي في الكوفة ونما في بغداد ، واتسع بمؤازرة الدولة العباسية له ، وخاصة عندما تولى أبو يوسف منصب القضاء في الدولة ، فكان لا يولي منصب قضاء الأقاليم إلا من كان حنفياً وهذا العامل وحده يكفي في نشر المذهب.
وقد انتشر المذهب الحنفي في العراق وأفغانستان وبخارى وباكستان والهند ، ثم لما حكم العثمانيون حصروا القضاء في المذهب الحنفي ، فانتشر مذهبه في البلاد التي حكموها وبخاصة تركيا وما جاورها.

************************************************** *************
الإمام مالك إمام دار الهجرة:
هو الإمام مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي ، وهو يمني الأصل ، ولد بالمدينة المنورة سنة 93 هـ وفيها نشأ وأخذ العلم عن علمائها أمثال : نافع مولى ابن عمر ، وأخذ عنه الحديث ، أما الفقه فقد أخذه عن ربيعة الرأي وعن الإمام جعفر الصادق وغيراهما كثير من علماء المدينة.
كان يستنبط الأحكام بصورة رئيسة وموسعة على القرآن والسنة ، ولم يكن للرأي والقياس عنده بالمكانة نفسها التي كانت عند الحنفية ، وله كتاب (الموطأ ) أورد فيه الكثير من الأحاديث النبوية .
وقد حاول الخلفاء العباسيون الذين سبقوا الرشيد تبني مذهب مالك والعمل على نشره ، حتى أن المنصور طلب من مالك نشر مذهبه ، إلا أن مالك رفض طلب الخليفة ثم حاول الرشيد فعل ذلك مجددا ” خلال سنوات حكمه الأولى حين كان يعلن : ( لا يفتي إلا مالك ) .
انتشار المذهب المالكي:
انتشر المذهب المالكي في شرق وغرب الجزيرة العربية ، و أكثر ما انتشر في شمال أفريقية ومصر والسودان والأندلس ، وقام علماء كثيرون بنشره في العراق وبلاد خراسان إلا أن سعة انتشار مذهب الحنفية ضايقت انتشار المذهب المالكي في العراق وخراسان، فلم يكتب له الانتشار في هذين القطرين.

************************************************** *************
الإمام محمد بن إدريس الشافعي:
هو محمد بن إدريس الشافعي ، قرشي الأصل ، ولد في غزة بفلسطين سنة 150 هـ وحمل منها إلى مكة وهو ابن سنتين ، فتلقى العلم بمكة ثم رحل إلى المدينة وتفقه وأخذ الحديث عن الإمام مالك ، وأخذ عمن أخذ عن الإمام جعفر الصادق، وزار بغداد مرتين وأخذ الفقه عن محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة.
ويعتبر الشافعي مجدد المئة الثانية (القرن الثاني) ، لأنه جمع بين علوم الحديث وأهل الرأي وأرسى قواعد علم أصول الفقه ، إضافة إلى اطلاعه الواسع على الحديث ورواياته ورجاله ، والقرآن وعلومه ، والتاريخ والشعر والأدب واللغة ، وورعه وتقواه وزهده في الدنيا ، توفي رحمه الله سنة 204 هـ
وله كتاب الأم في الفقه ، والرسالة في علم الأصول.
وقد صح عن الإمام الشافعي : إذا صح الحديث فهو مذهبي ، أي أن مذهبه حيث صح الدليل.
و يتميز المذهب الشافعي من بين المذاهب الأربعة بتنظيمه على أصول موضوعة وقواعد ثابتة ومضبوطة ضبطا ” دقيقا ” ، والمذهب بجملته وسط بين أهل الرأي وأهل الحديث.

انتشار المذهب الشافعي:
انتشر المذهب الشافعي في عدد من البلدان ، كالعراق وذلك عندما عاد إليها اتصل به عدد كبير من العلماء وأخذوا عنه ، وكذلك انتشر مذهبه في مصر ، وذلك حينما انتقل إليها أخيرا، وكان المذهب المالكي هو السائد في مصر ولكن حينما جاءها الشافعي ترك الكثير المذهب المالكي واتجهوا إلى المذهب الشافعي ،و انتشر في الشام ، و في جنوب الجزيرة العربية، وفي عصور متأخرة ( القرن السابع الهجري) انتشر الإسلام والمذهب الشافعي في بعض أقاليم الهند وجزر شرق آسيا كإندونيسيا وماليزيا .

************************************************** *************
الإمام أحمد بن حنبل الشيباني:
هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني ، أبو عبد الله ، ولد ببغداد سنة 164 هـ توفي أبوه وهو في بطن أمه ، فتولت أمه تربيته ، أخذ الحديث عن علماء الأمصار كلها في الشام والحجاز واليمن ، وأخذ الفقه عن الإمام الشافعي توفي سنة 241 هـ .
ومن أعظم ما تميز به الإمام أحمد وقوفه في فتنة القول بخلق القرآن ، وتصلبه على رأيه، فأوذي في سبيل ذلك وسجن وضرب ، رحمه الله تعالى.
كان أكثر اعتناء الإمام أحمد بالحديث وكان يقدمه على القياس ورأي الرجال ولو كان الحديث ضعيفا.
وعلى العموم فالمذهب يتوقف عند ظواهر النصوص ودائرة القياس ضيقة فيه.
ومن أهم ما ألف فيه الإمام احمد هو مسنده الذي رتبه على أسماء الصحابة وجعل لكل صحابي مسند من رواياته ،وقد جمع مسنده أكثر من أربعين ألف حديث.
انتشار المذهب الحنبلي:
انتشر في عدد من البلدان من أهمها بلاد الشام ، ونجد في الجزيرة العربية.
*************************

هذه كانت نبذة مختصرة عن الفقهاء الأربعة ومن أراد المزيد فليراجع ذلك في كتب السير.
وسلمتم.

4 thoughts on “نبذة مختصرة عن المذاهب الأربعة وأئمتها ..

  1. شكرا على هذه المعلومات

    وأحب أن أضيف بأنه كان

    هناك علماء آخرون في نفس

    مستوى هولاء الجهابذة , لكن علمهم وجهودهم وفقههم لم

    ينتشر في أصقاع الأرض بل بقي في بطون الكتب , وكان من

    أهم وسائط نقل العلم في ذلك الوقت هم طلبة العلم أو تبني

    حاكم أو أمير ما فقه أحد العلماء , فبالتالي ينتشر ويأخذ به

    الناس .

    من اولئك العلماء الذين لم يصبح فقههم مذهبا رغم قامتهم الطويلة

    في العلوم الشرعي :

    01

    سعيد بن المسيب

    (16 ـ 94هـ)

    هو سعيد بن المسيب بن حَزْن بن وهب المخزومي، أبو محمد، عالم المدينة في زمانه، وسيد التابعين.

    تزوج بنت أبي هريرة رضي الله عنه، وهو أعلم الناس بحديثه.

    دخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ عنهن، وأكثر روايته المسندة عن أبي هريرة رضي الله عنه.

    كان يفتي والصحابة أحياء، وكان عمر بن عبد العزيز رحمه الله لا يقضي بقضية ـ وهو أمير المدينة ـ حتى يسأل سعيد بن المسيب، فأرسل إليه إنساناً يسأله فدعاه فجاءه حتى دخل فقال عمر : أخطأ الرسول، إنما أرسلناه يسألك في مجلسك.

    وكان من أعبر الناس للرؤيا.

    وكانت له حلقة في المسجد النبوي، وله فيه قصة مع أبي وداعة الذي توفيت زوجته فزوجه سعيد بن المسيب ابنته على درهمين.

    مات رحمه الله بالمدينة المنورة سنة أربع وتسعين في خلافة الوليد بن عبد الملك.

    02 الليث بن سعد

    الإمام الحافظ

    من أشهر الفقهاء في زمانه فاق في علمه وفقهه إمام المدينة الإمام مالك غير أن تلامذته لم يقوموا بتدوين علمه وفقهه ونشره في الآفاق مثلما فعل تلامذة الإمام مالك، وكان الإمام الشافعي يقول: الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به.إنه الإمام الليث بن سعد ابن عبد الرحمن الإمام الحافظ شيخ الإسلام وعالم الديار المصرية ولد بقرقشندة وهي قرية من أسفل أعمال مصر في سنة أربع وتسعين للهجرة

    03 الأوزاعي
    الأوزاعي .. إمام أهل الشام

    محمد محمد توفيق

    هو أبو عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد الأوزاعي ، والأوزاعي قيل : إنها

    نسبة إلى قرية في ضواحي دمشق ، ويظن أنه غير عربي الأصل . وُلد في مدينة

    بعلبك (لبنان) عام 88هـ /707م ، وولد يتيما ؛ فقاسى من شظف العيش وشدة

    الحياة وخصوصاً في صغره .

    صفاته :

    تقي وورع ، حلم وأناة ، رزانة وقلة كلام ، وعدم قهقهة ، كان عفيف النفس ،

    سخياً ، صلباً في الحق ، جريئاً في الدفاع عنه ، وكان محدثاً ثقة مأموناً ، شهد له

    الجميع بالفضل والعلم .

    رحلاته :

    رحل في طلب العلم إلى كل من البصرة ، والكوفة ، ومكة المكرمة ، والمدينة

    المنورة ، ودمشق ، وبيروت التي اتخذها موطناً له ورباطاً إلى آخر أيامه .

    ويروى أنه أثناء مروره بمقبرة ببيروت ، التقى فيها بامرأة سوداء فسألها :

    أين العمارة يا هنتاه (أختاه) ؟ فأجابت : إن أردت العمارة فهي هذه . وأشارت إلى

    القبور . وإن كنت تريد الخراب فأمامك ، وأشارت إلى البلد ، فأعجبه كلامها ،

    وعزم على الإقامة في بيروت .

    شيوخه :

    في الفقه : مكحول الشامي .

    وفي الحديث : قتادة ، ويحيى بن أبي كثير ، وعامر الشعبي ، وعطاء بن أبي

    رباح ، وابن شهاب الزهري ، ونافع المدني ، ومحمد بن عبد الملك بن مروان

    الأموي ، وغيرهم .

    أقرانه :

    الذين اتصل بهم وتفاعل معهم ، منهم : مالك بن أنس ، وسفيان الثوري ،

    وعبد الله بن المبارك .

    تلاميذ5 :

    ابنه محمد ، وزوج ابنته عبد الغفار بن عثمان ، وعبد الحميد بن حبيب بن

    أبي العشرين ، وأرسلان بن مالك اللخمي ، ومحمد بن حرب الخولاني ، وعمرو بن

    أبي سلمة التنيسي ، ومحمد بن زياد (هقل) ، والوليد بن مزيد العذري البيروتي ،

    والخيزران زوجة المهدي وأم الهادي وهارون الرشيد ، والوليد بن مسلم ، ويحيى

    بن حمزة الحضرمي ، ويحيى بن سعيد القطان . كما روى عنه البخاري ومسلم

    وأصحاب السنن .

    كتبه :

    ضاعت كلها إلا كتاب سير الأوزاعي ، ويقال إن له كتاب السنن ، وكتاب

    المسائل .

    مذهبه :

    كان له مذهب مستقل انتشر في الشام لأكثر من قرنين من الزمان ، وفي

    الأندلس قرابة نصف قرن ، ثم اندثر ، ويمكن اعتباره من مدرسة أهل الحديث ،

    وكان لهذا المذهب أتباع من العلماء أشهرهم : عبد الرحمن بن إبراهيم المعروف

    بدُحيم ، وعبد الله بن إسماعيل ، ومحمد بن عبد الله بن عبد السلام البيروتي ،

    وصعصعة بن سلاَّم بن عبد الله الدمشقي .

    وكان مفهوم الدين لديه هو : لزوم الجماعة ، واتباع السنة ، وعمارة المساجد

    بالصلاة ، وتلاوة القرآن ، والجهاد في سبيل الله .

    وكان يقول : إن المؤمن يقول قليلاً ويعمل كثيراً ، وإن المنافق يقول كثيراً

    ويعمل قليلاً .

    يروى أن نصرانياً أهـدى إليه جرة عسل وقال له : يا أبا عمرو ، تكتب لي

    إلى والي بعلبك ، يعني ليشفع له عنده . قال الأوزاعي : إن شئت رددت الجرة

    وكتبت لك ، وإلا قبلت الجرة ولم أكتب لك ، قال : فردّ الجرة ، وكتب له ، فوضع

    عنه (أي عن النصراني) ثلاثين ديناراً . وهذا دليل على ورعه وعفته ، وتسامحه

    ولينه .

    ومات في سنة 157هـ/774م ، وعمره 69 عاماً رحمه الله .

Comments are closed.