من هو الإماراتي؟

بقلم – عبدالخالق عبدالله
بدأ البعض في البحرين، التي تعاني حالياً من التخندق المذهبي، يطرح السؤال الذي لم يطرح من قبل حول من هو البحريني؟ وفي بريطانيا، حيث ارتفع عدد المسلمين في إجمالي السكان بشكل ملحوظ ومقلق للبعض، بدأ المجتمع البريطاني يبحث في من هو البريطاني؟ وفي ماليزيا، حيث نسبة السكان الأصليين المالاي في تراجع مستمر قياساً بالجاليات من الأصول الصينية والهندية، برز السؤال من هو الماليزي؟ وحينما شعرت الأغلبية البيضاء والبروتستاتية الحاكمة في الولايات المتحدة بالتهديد بسبب تجاوز تزايد نسبة السكان من الأصول الآتينية طرح صومئيل هنتنغتون، مؤلف كتاب صراع الحضارات، السؤال: من نحن؟

وفي الإمارات، حيث التركيبة الاتحادية الفريدة التي تخلق ازدواجية الهوية، وبعد أن تراجعت نسبة المواطنين الى 16،5% من اجمالي السكان وفق آخر البيانات، أصبح من الملح طرح السؤال من هو الإماراتي؟

لقد كان أمر الانتماء والشعور بالولاء واضحاً كل الوضوح حتى وقت قريب، وكانت الهوية الوطنية الإماراتية جلية كل الجلاء ولا يشوبها أي غموض. وكان من المستحيل طرح السؤال من نحن؟ ومن هو الإماراتي؟

لم يكن هناك أي غموض حول من هو المواطن الإماراتي النابع من صلب وقلب مجتمع الإمارات، والذي شب وشاب منتمياً لدولة الإمارات. بل ان الأمر برمته لا يشغل بال الإماراتي، عدا قلة قليلة تحمل همّ الوطن وتطرح قضاياه وتشعر بالخوف تجاه مستقبله وتجاه الارتداد نحو المحلي، والاستمرار في الصعود السريع نحو كل ما هو عالمي. الخلل السكاني، وتغلب العالمي على الوطني، وتضخم المحلي على حساب الاتحادي، جعلنا من المشروع طرح سؤال الهوية والسؤال الاشكالي من هو الإماراتي؟

من المدهش أن يطرح هذا السؤال الآن والدولة الاتحادية على أبواب الاحتفال بمرور 38 سنة على قيامها واستمرارها. لقد كان يعتقد أن الدولة الاتحادية عبر مؤسساتها التعليمية والاعلامية وعبر استثمارات ضخمة في انجازاتها الوطنية في الداخل والخارج تمكنت من صهر ودمج أبناء وبنات الإمارات في بوتقة وطن واحد، ومجتمع واحد، وتحت راية واحدة ودولة واحدة ومواطنة واحدة، تتمتع بنفس الحقوق والواجبات الدستورية والامتيازات الاجتماعية والمعيشية.
كان الإماراتي يعرف منذ لحظة ولادته، وفي قرارة نفسه، أنه اماراتي محب لوطنه وقيادته. صحيح أن الإماراتي يقف دائماً على مفترق بين كيانين: محلي وآخر اتحادي، لكن الهوية الوطنية بالنسبة له لا تتجزأ ولا تتفرع ولا تتوزع مناصفة: الهوية واحدة موحدة على الرغم من أنها في حالة الإمارات مؤلفة من عنصر محلي وآخر اتحادي. ففي قرارة كل انسان مواطن إماراتي لا يوجد سوى انتماء واحد وولاء واحد لكيان وطني واحد، هو الكيان الاتحادي. لقد تمكن الكل الوطني الإماراتي من احتواء الكل المحلي من دون ان يلغيه كلياً ونهائياً.
لكن الدنيا تغيرت، والبشر ليسوا هم البشر، والإمارات لم تعد هي الإمارات، والثوابت القيمية والسلوكية والحياتية اهتزت واختلطت، وثمة مجتمع جديد وجيل مختلف قيد التشكل، والخلف ليس بخير السلف، والنهج الجديد لا يمت بصلة للنهج القديم. وأسوأ ما حدث من تغير في الإمارات خلال ال 38 سنة الأخيرة هو تضخم الخلل السكاني الذي يهدد النسيج الاجتماعي والانسجام المجتمعي الذي تراكم عبر الأجيال والذي أخذ يتصدع ليس في المظهر فحسب بل في الجوهر وفي عمق الأعماق.
لذلك أصبح من المشروع طرح السؤال أين هو المجتمع الإماراتي؟ ومن هو الإماراتي؟ وما الذي تبقى من الإماراتي في الإمارات؟ وهل الإماراتي هو من ينتمي لمجتمع الإمارات أم لدولة الإمارات؟ وهل عمر الإماراتي بعمر الدولة الاتحادية أم أن الإماراتي كان موجوداً قبل قيام الإمارات ككيان سياسي مستقل؟ هل الهوية الإماراتية جديدة كل الجدة ام قديمة كل القدم؟

لا توجد إجابات سهلة لهذه الاسئلة المركبة، وربما كان الجواب المختصر يمر عبر السؤال من هو ليس إماراتياً؟

من البديهي القول إن ليس كل من يعيش على أرض الإمارات اماراتياً. هناك نحو 6 ملايين نسمة يعيشون في الإمارات. لكن 83،6% من هؤلاء لا علاقة لهم بالانتماء الى مجتمع الإمارات ولا دخل لهم بقيمه وثقافته وعاداته وتقاليده. لا يوجد بينهم وبين أهل الإمارات انسجام اجتماعي عميق.
ومن المفروغ القول إن ليس كل من ولد في الإمارات وابصر النور على أرضها اماراتي. فعدد المواليد بين الوافدين والاجانب يفوق عدد المواليد من المواطنين. الولادة في الإمارات لا تعني تلقائيا ان المولود اماراتي وله حق الحصول على الهوية الإماراتية. لا علاقة بين الولادة والهوية لا من قريب ولا من بعيد.
ومن المسلمات التأكيد ان ليس كل من يحمل جواز الإمارات اماراتياً. الحصول على جواز الإمارات لا يؤسس لأن يكون حامله هو اماراتي. لقد اغدقت الحكومات المحلية بسخائها المعروف على عدد من الافراد بجوازات السفر من أجل تسهيل امورهم المعيشية والاعتراف بمساهماتهم وكخطوة في سياق الحصول على الجنسية الإماراتية. الإماراتي حالة ذهنية وتاريخية واجتماعية قبل ان تكون حالة قانونية. الهوية شيء والجواز شيء آخر. الهوية لها علاقة بالماضي بقدر ما لها علاقة بالحاضر، والثابت في الهوية أهم بكثير من المتحول والمستجد.
اذا كان من الصعب القول إن كل من يعيش على أرض الإمارات وقدم خدمات جليلة، ويحمل جواز سفر الدولة وولد على أرضها هو إماراتي، فمن هو الإماراتي الذي يشكل حاليا نسبة 16،5% من اجمالي السكان في وطنه والتي تتناقص بمعدل 1% سنوياً ليصل الى صفر في المائة عام ،2025 أي أن الإمارات مرشحة أن تكون وطناً من دون مواطنين بعد نحو 15 سنة من الآن اذا استمر الخلل السكاني من دون علاج.
في ظل الخلل السكاني وتصدع النسيج الاجتماعي وتضعضع الانسجام المجتمعي والارتباك الذي حدث للهوية الوطنية والشخصية الإماراتية، حان الوقت لتحديد من هو الإماراتي، وهل يحق له أن يردد مقولة “اماراتي وافتخر”.
هذه واحدة من أصعب اللحظات عندما يبحث الإماراتي عن جوهره، ويشعر بالغربة في مجتمعه ويفقد اليقين بمن هو؟ ويبحث أهل الإمارات في السؤال من نحن؟ وأي مستقبل ينتظر الوطن؟

9 thoughts on “من هو الإماراتــــــــــــــــــــــــــي؟

  1. الامارات بخير وهي للاماراتيين

    الحكومة عارفة شو تسوي ونحن بحاجة للعمالة الوافدة لانه ببساطة لا يمكننا بناء ابراج وانتاج نفط وتعداد سكاننا لا يتجاوز التسمعئة الف

    المشكلة انه لا توجد ميزانيات تصرف لاجراء دراسات عن الاثار السلبية المترتبة من وراء التطور العمراني والاقتصادي السريع وتضع توصيات لمواجهاتها
    مقالة في منتدى او جريدة لن يحل هذه المشاكل يجب تخصيص ميزانيات لدراسة الاثار السلبية والاجتماعية للتطور السريع في البلد

  2. مقال في الصميم وسؤال يتردد منذ أزل ليس فقط على لسان المواطن ولكن على شفاه كل من زار الامارات وبحث في الوجوه ورأى كل الوجوه باختلاف اشكالها والوانها واعراقها والسنتها ولكن لم يجد الوجه الاماراتي وان راه صدفه فقد يكون شكل بدون هوية !!!

    اخي ناقل المقال الذي نمر فيه اليوم وما سيمر به اطفالنا والاجيال القادمه هو طمس للهوية الوطنيه ومخطئ من ينادي باحياء التراث والهوية الوطنية ان كان يضن ان تراثنا يوله وخبز رقاق ولكن تراثنا اكبر مغلف باسلامنا وعاداتنا الاصيله التي ضاعت بين مختلف الجنسيات

    انا رأيت في احدى الامارات المعروفه وجوه وملابس اول مره اراها في حياتي ويمكن لو صدف ورأيتها سأراها في برنامج ثقافي يتحدث عن شعوب افريقيه او اسيويه نادره !!! وبحثت حتى عجزت ولم أرى الوجه الاماراتي وكم اشتقت ان ارى غترة وكندورة بيضاء وعبائه سوداء خاليه من كل الالوان وبرقع اماراتي اصيل للاسف البرقع الوحيد الذي صدف ورأيته هو برقع والدتي ووجها الذي كان يستغفر ويسبح ويدعو الله ان يحفظ هذه البلد من شر مارأينا من فسق وتعري وتعدي على طهارة بلادنا وهويتنا !!1

    صرنا نحن الاغراب وينظر الينا بعين تفحص واستغراب ولم استبعد ان يقوم احدهم بتصويري انا والعزيزه والدتي ولكن الله ستر !!!!

    تبغي الصدق ضحكت وتخيلت نفسي باحدى حلقات طاش ماطاش او حاير طاير فقد كان شكلنا وشكل الناظرين الينا نكته بكل معنى الكلمه ولكنها نكته غير مضحكه على الاقل بالنسبه لنا لان مرارتها طغت على مسماها !!!!!!!!!!

  3. هل مايحصل حولنا عبث؟ وهل السكوت عنه من جانب صانع القرار نسيان او جهل به؟
    القرار اتخذ من فتره طويله وللاسف لم يكن في صالح المواطن.

    اشكرك على المقال الرائع من كاتب همه وطنه

  4. يشكل حاليا نسبة 16،5% من اجمالي السكان في وطنه والتي تتناقص بمعدل 1% سنوياً ليصل الى صفر في المائة عام ،2025 أي أن الإمارات مرشحة أن تكون وطناً من دون مواطنين بعد نحو 15 سنة من الآن اذا استمر الخلل السكاني من دون علاج.
    ياساتر يارب

    من هو الإماراتي : هو إنسان عربي سيكون نادر وجوده في مجتمعه وعدده في تناقص ملحوظ ووخيم إذا لم يتم اتخاذ الاجراءات ، يحب وطنه حبا صادقا ونابعا من القلب يخاف من أن يصيبه خطر ومشاكل كثيره أو عدم اهتمام غيره من المقيمين في وطنهـ

    ليش مايتم تقليل أو تسفير العمالة الوافده الكافرة أو بعض الجنسيات الموجوده بكثرة مثل الهنود ؟ متى بيت إتخاذ هذي القرارات ؟ وهل ستبقى التركيبة السكانيه مختله إلى 2025 ؟

  5. ستستمر المعضلة ان لم يُتخذ حيالها القرارات الحاسمة لتأمين مستقبل الدولة

    ولكن ماهي هذه القرارات التي ستحقق التوازن بين سعي الدولة لتكون الأولى تقدماً وتطوراً والذي يستوجب استقدام تلك العمالة الوافدة وبما تسببه من خلل

    وبين الحفاظ على الهوية والمواطن بوطنه؟؟!!

    أحسبه مستحيل

    او لنرى من هذا الموضوع اقتراحات العامة ليتم تداولها بشيئ من الجدية والموضوعية .

    ولك الشكر

Comments are closed.