كشفت المخرجة الإماراتية نهلة الفهد ل«البيان» عن إنتاج أضخم عمل درامي عن قصة حياة شاعر الإمارات الأول الماجدي بن ظاهر، من خلال مسلسل يتكون من 30 حلقة بتكلفة مبدئية قدرت بمبلغ 12 مليون درهم، فيما تقرر بدأ التصوير شتاء العام المقبل.

وقالت نهلة الفهد: يعتبر المسلسل تجربتي الأولى في مجال الإخراج التلفزيوني بعد نجاحي وخبرتي الطويلة في مجال الفيديو كليب، ولهذا السبب بدأت منذ أكثر من تسعة أشهر في عقد ورش عمل متواصلة للتحضير والتجهيز لهذا العمل الضخم، حيث قررت إدارة الإنتاج وهي عبارة عن مجموعة من المؤسسات والشخصيات العامة في الإمارات، إنتاج هذا العمل من خلال مسلسل أولاً ثم فيلم خاص عن هذا العملاق الكبير.وأضافت الفهد: ان الفيلم سيتم تصويره في مناطق مختلفة من الإمارات وسلطنة عمان بالإضافة إلى بناء وتجهيز استوديو ومدينة خاصة في الخارج حيث الطبيعة البيئية لتصوير العديد من مشاهد المسلسل الذي يعود بنا إلى ما كانت عليه منطقة الإمارات وعمان والخليج والجزيرة العربية قبل قرنين ونصف قرن من الزمان مضيا، بالإضافة إلى المجاميع الكبيرة من الممثلين والإكسسوارات والملابس والجمال والخيول والماشية وغيرها من مستلزمات التصوير.

وأشارت نهلة الفهد إلى انها استعانت بالباحث العربي المعروف حسين البادي للتعرف أكثر عن الشاعر ابن ظاهر، ولماذا لم يتم حتى الآن إنتاج عمل فني يوثق لسيرته وحياته وشعره، كونه من أساطين الشعر في الإمارات والخليج والجزيرة العربية.وأوضحت نهلة الفهد أن هذا العمل التاريخي والتوثيقي عن حياة وسيرة ابن ظاهر وغيره من شخصياتنا التاريخية التي يراد إنتاج وإخراج عمل تلفزيوني أو سينمائي عنها تحتاج إلى ورشة عمل تضم فرق عمل متخصصة في كل جزء من أجزاء العمل لكي يخرج العمل توثيقيا وتاريخيا وأدبيا وفنيا بدون أي أخطاء أو زلات غير مقصودة، وعلينا أن نتحرى في هذا العمل الدقة والتركيز على كل شاردة وواردة.

اللغز الغامض

وعن قصة المسلسل قال مؤلف العمل الباحث حسين إبراهيم علي البادي مدير مركز الإمارات للثقافة والتاريخ والتراث والمتخصص في تاريخ وتراث الدولة وموروثها الشعبي الشفاهي والمادي: المايدي بن ظاهر أو علي بن ظاهر أو الفهيم المايدي كما يحب أن يشير إلى نفسه في مطلع كل قصيدة من قصائده، هو الشاعر والحكيم والواعظ وصاحب الخبرة الطويلة في الحياة، وهو اللغز الغامض الذي لم تكشف الكثير من أسراره وطلاسمه.

اختلف الناس على الكثير من الأخبار المتعلقة به وبسيرته وتاريخه وشعره واسمه ونسبه، ولكنهم أجمعوا جميعا على شاعريته وتفرده بقمة الشعر في ساحة الإمارات منذ أن اعتلاها من عشرات السنين من الزمن، وقد لجأنا إلى مؤلفات وكتابات المتخصصين بسيرة وحياة وأشعار الشاعر الإماراتي الأقدم بن ظاهر أمثال الباحثين عبدالله بن محمد المهيري وسلطان بن بخيت العميمي وإبراهيم بوملحة.

وبلال البدور والدكتور فالح حنظل والدكتور غسان الحسن والدكتور علي بن تميم وخليفة بن عبدالله المهيري وعبيد راشد بن مفتاح الشامسي وأحمد راشد ثاني، إضافة إلى بعض المخطوطات والمصادر التي لم تنشر بعد، كما سنستعين بخبراء اللهجات أمثال أحمد محمد عبيد.

وكذلك خبراء الموروث الشعبي فيما يتعلق بالعادات والتقاليد السائدة في المجتمع آنذاك وإفادتنا بالأدوات المستخدمة في عصرهم في كل طبقات المجتمع وفئاته البدوية والساحلية والجبيلة والريفية، ومتخصصين في فنون العمارة التقليدية، ومتخصصين في الملابس والأزياء المتعلقة بالرجال والنساء والأطفال، وخبراء التجميل ومستحضرات التجميل المستخدمة آنذاك من مواد الزينة والتجميل ومن الحلي والمشغولات الفضية والذهبية والأحجار كريمة.

وعن زمن الشاعر والفترة التاريخية التي عاش فيها الشاعر يقول البادي: لا يستطيع أحد إلى الآن تحديد سنة مولد الشاعر ابن ظاهر وسنة وفاته، ولكننا نستطيع أن نحدد الفترة الزمنية التي عاش فيها شاعرنا وهي الفترة الواقعة بين عامي 1650-1750، ويمكننا التأكد من ذلك والتوصل إلى عصره وزمنه الذي عاش فيه من خلال بعض الإشارات والشواهد والدلائل التاريخية التي نستشفها في بعض قصائده وأبياته الشعرية.

حيث نستطيع تحديد الفترة الزمنية التي عاش فيها من خلال قصيدته والأبيات التي ذكر فيها بعض الأحداث والشخصيات التاريخية التي عاصرها كذكره بني هلال الذين كان لهم تواجد في مناطق كثيرة من الإمارات وعمان وخاصة منطقة سهل الظاهرة وصحرائها وهي المناطق المحيطة بمدينة العين والتي يشار إليها برمال أو صحراء بني هلال، كما كان لهم تواجد وإمارات وبيوت حكم وزعامة في بلدات سمد الشان وعبري وظنك وينقل في عمان والقريبة بتضاريسها وجغرافيتها بمنطقة سهل الظاهرة.

وتابع البادي: رغم الإختلاف على مكان ولادة ونشأة شاعرنا ابن ظاهر إلا أننا نكاد نسير إلى الأقوال المتواترة التي تتناقلها الألسن والتي تشير إلى ولادة ابن ظاهر في منطقة الساعدي في سيح الجري بأطراف منطقة الذيد وبادية رأس الخيمة والقريبة من فلج المعلا ببادية أم القيوين، ونرى شاعرنا المبدع ابن ظاهر يحدد بيئته وحدود منطقته الجغرافية التي نشأ وعاش فيها وتنقل بينها فنجد أنها حدود دولة الإمارات العربية المتحدة الحالية.

الفتاة الخرساء

ويضيف: كما أننا من علاقته مع أسرته التي تتكون من زوجته والتي يقال بأنها تلك الفتاة الخرساء التي نطقت ودعت له والتي أنجب منها أربع بنات تزوج منهن ثلاث وبقيت واحدة وهي سلمى بنت ابن ظاهر الشاعرة التي ذاع صيتها كوالدها ولم يصلنا من شعرها إلا بضع أبيات شعرية لمنع والدها لها في حياته من نظم الشعر إلا حين يطلب منها ذلك وقد قالت الشعر وبكثرة بعد وفاة والدها.

ومن خلال هذه الأسرة ستكون هناك محاور للعمل الفني والدرامي للقصة التي سيبنى عليها المسلسل والفيلم بالإضافة إلى محاور أخرى للقصة كطبيعة البيئة والمجتمع الإماراتي ومرحلة شباب ابن ظاهر وعلاقته بوالديه وإخوانه وأهله.

وبعد ذلك ما واجهته من أحداث يمكن أن نستخلصها من قصائده وأشعاره التي لكل قصيدة منها محاور ومشاهد من خلال معرفة معاني القصيدة وترجمتها إلى مشاهد واقعية تصل إلى المشاهد، بالإضافة إلى مشاهد تتعلق ببعض الشخصيات التي ذكرها وجوانب ومشاهد من تاريخ الإمارات السياسي والإجتماعي والعلمي والثقافي وغيرها من جوانب، وكذلك نقل صورة للمناطق الجغرافية التي أشار إليها في قصائده وزارها ونقل صورة حسية لها.

ويستدرك البادي قائلا: إن المتتبع والباحث في شعر ابن ظاهر يقف وبكل إجلال وتقدير أمام حقيقة كبيرة مفادها أن الشاعر ابن ظاهر يمتلك علم وافر وثقافة عالية أثرت في شاعريته ولغته الشعرية وانتقاء ألفاظه وتعابيره وجمله وأبياته الشعرية، وقد استشفينا معلوماته الغزيرة .

وإشاراته الواضحة إلى أن نصل من خلالها إلى كون ابن ظاهر تلقى علوما عدة في صغره وشبابه وأنه وظف هذه العلوم بعد أن زادها بتجاربه الحياتية اليومية ومن خلال ما اكتسبه من علم وخبرة من تنقلاته بين البلاد العديدة وارتياد مجالسهم ومخالطتهم واطلاعه على علومهم وآدابهم وتراثهم مما جعل منه مدرسة متفردة لا يمكن مقارنتها بأي الشعراء الأقدمين والمعاصرين.