اسال الله عز وجل ان ينفعني واياكم بما نقرا

روي يزيدالقاشي ……عن انس ابن مالك قال :

·جاء جبريل الي النبي (ص)في ساعه ما كان يأتيه فيها متغير اللون.

فقال له النبي(ص) (مالي اراك متغير اللون)

فقال يا محمد جئتك في الساعه التي امر الله بمنافخ النار ان تنفخ فيها ولا ينبغي لمن يعلم …

ان جهنم حق … وان النار حق … وان عذاب القبر حق … وان عذاب الله اكبر ان تقر

عينه حتي يأمنها.

فقال النبي (ص) (يا جبريل صف لي جهنم)

قال ان الله تعالي لما خلق جهنم اوقد عليها الف سنه فاحمرت…

ثم اوقد عليها الف سنه حتي ابيضت …

ثم اوقد عليها الف سنه حتي اسودت …

فهي سوداء مظلمه … لا ينطفئ لهبها ولا جمرها

– والذي بعثك بالحق لو ان خرم ابرة فتح منها لاحترق اهل الدنيا عن اخرها من حرها …

– والذي بعثك بالحق لو ان ثوبا من اثواب اهل النار علق بين السماء والارض لمات اهل الارض

من نتنها وحرها عن اخرهم لما يجدون من حرها …

– والذي بعثك بالحق نبيا لو ان ذراعا من السلسله الذي ذكرها الله تعالي في كتابه وضع علي

جبل لذاب حتي يبلغ الارض السابعه …

– والذي بعثك بالحق نبيا لو ان رجلا بالمغرب يعذب لاحترق الذي بالمشرق من شدة عذابها

حرها شديد … وقعرها بعيد … وحليهاحديد … وشرابها الحميم والصديد … وثيابها مقطعات

النيران …

لها سبعه ابواب … لكل باب منهم مقسوم من الرجال والنساء

فقال (ص) (اهي كابوابنا هذه؟)

قال جبريل لا … ولكنها مفتوحه بعضها اسفل من بعض … من باب الي باب مسيره سبعين سنه … كل باب منها

اشد حرا من الذي يليه سبعين ضعفا … يساق اعداء الله اليها فاذا انتهو الي بابها استقبلتهم

الزبانيه بالاغلال والسلاسل فتسلك السلسه في فمه وتخرج ومن دبره وتغل يده اليسري الي عنقه

وتدخل يده اليمني في فؤاده وتنزع من بين كتفيه وتشد بالسلاسل ويقرن كل ادمي مع شيطان

في سلسله ويسحب علي وجهه وتضربه الملائكه بمقاطع من حديد كلما ارادوا ان يخرجوا منها من

غم اعيدو فيها

فقال النبي (ص) (من سكان هذه الابواب؟)

فقال جبريل – اما الباب الاسفل ففيه المنافقون ومن كفر من اصحاب المائده وال فرعون واسمها الهاويه

– والباب الثاني فيه المشركون واسمه الجحيم

– والباب الثالث فيه الصابئون واسمه سقر

– والباب الرابع فيه ابليس ومن اتبعه والمجوس واسمه لظي

– والباب الخامس فيه اليهود واسمه الحطمه

– والباب السادس فيه النصاري واسمه العزيز

ثم امسك جبريل حياء من رسول الله صلي الله عليه وسلم

فقال له عليه السلام الا تخبرني من سكان الباب السابع؟)

فقال جبريل فيه اهل الكبائر من امتك الذين ماتو ولم يتوبو…………

فخر النبي (ص) مغشيا عليه فوضع جبريل راسه علي حجره حتي افاق فلما افاق

قال عليه الصلاة والسلام (يا جبريل عظمت مصيبتي واشتد حزني او يدخل احد من امتي النار؟)

قال جبريل نعم اهل الكبائر من امتك .

ثم بكي رسول الله (ص) وبكي جبريل ودخل رسول الله (ص) منزله واحتجب عن الناس فكان لا

يخرج الا الي الصلاه يصلي ويدخل ولا يكلم احدا ياخذ في الصلاه يبكي ويتضرع الي الله تعالي

– فلما كان اليوم الثالث اقبل ابو بكر رضي الله عنه حتي وقف بالباب وقال : السلام عليكم يا اهل

بيت الرحمه هل الي رسول الله من سبيل؟. فلم يجيبه احد فتنحي باكيا .

– فاقبل عمر رضي الله عنه فوقف بالباب وقال : السلام عليكم يا اهل بيت الرحمه هل الي رسول الله

من سبيل؟. فلم يجيبه احد فتنحي باكيا .

– فاقبل سلمان الفارسي حتي وقف بالباب وقال : السلام عليكم يا اهل بيت الرحمه هل الي مولاي

رسول الله من سبيل؟ فاقبل يبكي مره … ويقع مره … ويقوم اخري … حتي اتي بيت فاطمه ووقف

بالباب ثم قال : السلام عليكي يا ابنه رسول الله (ص) وكان علي رضي الله عنه غائبا فقال : يا ابنه

رسول الله … ان رسول الله (ص) قد احتجب عن الناس فليس يخرج الا الي الصلاه فلا يكلم احدا

ولا ياذن لاحد في الدخول فاشتملت فاطمه بعباءه قطوانيه واقبلت حتي وقفت علي باب رسول الله

(ص) ثم سلمت

وقالت فاطمه يا رسول الله انا فاطمه … ورسول الله (ص) ساجدا يبكي فرفع رأسه

وقال (ص) (ما بال قرة عيني فاطمه حجبت عني ؟) (افتحوا لها الباب) ففتح لها الباب فدخلت فلما نظرت الي

رسول الله (ص) بكت بكاءا شديدا لما رأت من حاله مصفرا متغيرا قد ذاب لحم وجهه من البكاء

والحزن

فقالت يا رسول الله ما الذي نزل عليك؟

فقال (يا فاطمه جاءني جبريل ووصف لي ابواب جهنم واخبرني ان في اعلي بابها اهل الكبائر من

امتي)

(فذالك الذي ابكاني واحزنني)

قالت يا رسول الله كيف يدخلونها ؟!

قال (بل تسوقهم الملائكه الي النار وتسود وجوههم وتزرق اعينهم ويختم علي افواههم ويقرنون مع

الشياطين ويوضع عليهم السلاسل والاغلال )

قالت يا رسول الله كيف تقودهم الملائكه ؟!

قال (اما الرجال … فباللحي واما النساء فبالذوائب والنواصي

– فكم من ذي شيبة من امتي يقبض علي لحي وهو ينادي وا شيبتاه وا ضعفاه .

– وكم من شاب قد قبض علي لحيته يساق الي النار وهو ينادي وا شباباه وا حسن صورتاه .

– وكم من امرأه من امتي قد قبض علي ناصيتها تقاد الي النار وهي تنادي وا فضيحتاه وا هتك

ستراه )

·حتي ينتهي بهم الي مالك فأذا نظر اليهم مالك

قال مالك للملائكه من هؤلاء فما ورد علي من الاشقياء اعجب شأنا من هؤلاء لم تسود وجوههم ولم تزرق اعينهم ولم

يختم علي افواههم ولم يقرنو مع الشياطين ولم توضع السلاسل والاغلال في اعناقهم

فيقول الملائكه: هكذا امرنا ان ناتيك بهم علي هذه الحاله

فيقول لهم مالك يا معشر الاشقياء من انتم ؟

·(وروي في خبر اخر) انهم لما قادتهم الملائكه

قالوا وا محمداه فلمارأوا مالكا نسوا اسم محمد (ص) من هيبته .

فيقول لهم من انتم؟

فيقولون نحن ممن انزل علينا القرآن ونحن ممن يصوم رمضان .

فيقول مالك ما انزل القرآن الا علي امة محمد (ص)

·فاذا سمعوا اسم محمد صاحوا : نحن من امة محمد صلي الله عليه وسلم

فيقول لهم مالك اما كان لكم في القرآن زاجر عن معاصي الله تعالي فاذا وقف بهم علي شفير جهنم ونظروا الي

النار والي الزبانيه .

قالوا يا مالك ائذن لنا لنبكي علي انفسنا فيأذن لهم فيبكون الدموع حتي لم يبق لهم دموع فيبكون

الدم .

فيقول مالك ما احسن هذا البكاء لو كان في الدنيا فلو كان في الدنيا من خشيه الله ما مستكم النار اليوم

فيقول للزبانيه ألقوهم … ألقوهم في النار فاذا القوا في النار نادوا بأجمعهم (لا اله الا الله )فترجع النار عنهم فيقول مالك يا نار خذيهم .

فتقول النار كيف اخذهم وهم يقولون (لا اله الا الله ) ؟

فيقول مالك نعم بذلك امر رب العرش … فتاخذهم فمنهم من تأخذه الي قدميه …ومنهم من تأخذه الي

ركبتيه ..

ومنهم من تأخذهم الي حقوبه … ومنهم من تأخذهم الي حلقه … فاذا اهوت النار الي وجهه

قال مالك لا تحرقي وجوههم فطالما سجدوا للرحمن في الدنيا

ولا تحرقي قلوبهم فلطالما عطشوا في شهر رمضان فيبقون ما شاء الله فيها

ويقولون يا ارحم الراحمين يا حنان يا منان

· فاذا انفذ الله تعالي حكمه.

قال الله تعالي (يا جبريل ما فعل العاصون من امة محمد صلي الله عليه وسلم)

فيقول جبريل اللهم انت اعلم بهم فيقول انطلق فانظر ما حالهم …

· فينطلق جبريل عليه السلام الي مالك وهو علي منبر من نار في وسط جهنم …. فاذا نظر مالك علي جبريل عليه السلام قام تعظيما له.

فيقول له جبريل ما ادخلك هذا الموضع ؟فيقول ما فعلت بالعصابه العاصيه من أمة محمد (ص

فيقول مالك ما اسوء حالهم … واضيق مكانهم … قد احرقت اجسامهم … واكلت لحومهم … وبقيت وجوههم

وقلوبهم يتلالاء فيها الايمان

فيقول جبريل ارفع الطبق عنهم حتي انظر اليهم …

·– قال فيأمر مالك الخزانه فيرفعون الطبق عنهم … فاذا نظروا الي جبريل والي حسن خلقه .. علموا انه ليس من ملائكه العذاب .

فيقولون من هذا العبد الذي لم نرا احدا قط احسن منه ؟

فيقول مالك هذا جبريل الكريم الذي كان ياتي محمدا (ص) بالوحي

– فاذا سمعوا ذكر محمد (ص) صاحوا بأجمعهم اقرئ محمدا (ص) منا السلام وأخبره ان معاصينا فرقت بيننا وبينك .. وأخبره بسوء حالنا .. فينطلق جبريل حتي يقوم بين يدي الله تعالي ..

فيقول الله تعالي (كيف رايت امة محمد ؟)

فيقول جبريل يا رب ما اسوء حالهم وأضيق مكانهم ..

فيقول الله تعالي (هل سألوك شيئا ؟ ) ..

فيقول جبريل يا رب نعم سألوني ان اقرئ نبيهم منهم السلام وأخبره بسوء حالهم ..

فيقول الله تعالي أنطلق فاخبره ..

·فينطلق جبريل الي النبي (ص) وهو في خيمه من درة بيضاء لها اربعه الاف باب لكل باب مصراعان من ذهب ..

فيقول جبريل يا محمد قد جئتك من عند العصابه العصاه الذين يعذبون من أمتك في النار .. وهم يقرئونك

السلام .. ويقولون ما اسوء حالنا واضيق مكاننا ..

·فيأتي النبي (ص) الي تحت العرش فيخر ساجدا ويثني علي الله تعالي ثناء لم يثن عليه احد مثله..

فيقول الله تعالي (ارفع راسك .. وسل تعط .. واشفع تشفع )

فيقول (ص) (الاشقياء من امتي قد انفذت فيهم حكمك وانتقمت منهم فشفعني فيهم )

فيقول الله تعالي (قد شفعتك فيهم .. فأت النار فأخرج منها من قاللا الله الا الله)

·فينطلق النبي (ص) فاذا نظر مالك النبي صلي الله عليه وسلم قام تعظيما له

فيقول (ص) (يا مالك ما حال امتي الاشقياء ؟)

فيقول مالك ما اسوء حالهم .. واضيق مكانهم ..

فيقول محمد (ص) (افتح الباب وارفع الطبق )

·فاذا نظر اصحاب النار الي محمد صلي الله عليه وسلم .. صاحوا بأجمعهم فيقولون … يا محمداحرقت النار جلودنا واحرقت اكبادنا ..

* فيخرجهم جميعا وقد صاروا فحما قد اكلتهم النار فينطلق بهم الي نهر بباب الجنه يسمي نهر الحيوان فيغتسلون منه فيخرجون منه شبابا جردا مردا مكحلين وكأن وجوههم مثل القمر مكتوب علي جباههم

(الجهنميون عتقاء الرحمن من النار) …

فيدخلون الجنه فاذا رأي اهل النار قد اخرجوا منها قالو :يا ليتنا كنا مسلمين وكنا نخرج من النار ..

وهو قوله تعالي ((ربما يود الذين كفروا لو كانو مسلمين)) (صوره الحجر 2)

وعن النبي (ص) قال (اذكروا من النارما شئتم فلا تذكرون شيئا الا هو اشد منه)) ..

وقال : (( ان اهون اهل النار عذابا .. لرجل في رجليه نعلان من نار يغلي منهما دماغه كأنه مرجل .. مسامعه جمر .. واضراسه جمر .. و اشفاره لهب النيران .. وتخرج احشاء بطنه من قدميه .. وانه ليري انه اشد اهل النار عذابا ..وانه من اهون اهل النار عذابا)) ..

وعن ميمون بن مهران انه لما نزلت هذه الايه ((وان جهنم لموعدهم اجمعين)) (صوره الحجر 43) وضع سلمان يده علي رأسه وخرج هاربا ثلاثة ايام ..لا يقدر عليه حتي جيئ

صلاة وسلاما لك يا حبيبي يا رسول الله

اللهم أجرنا من النار …….. اللهم أجرنا من النار ………اللهم أجرنا من النار

اللهم اجر كاتب هذه الرساله من النار

اللهم اجر قارئها من النار

اللهم اجر مرسلها الي اخواننا من النار

اللهم اجر نا والمسلمين ومن قال لا اله الا الله محمد رسول الله من النار

اللهم آمين ..آمين .. آمين

منقول

4 thoughts on “لماذا بكي رسول الله (ص)

  1. الوقفةُ الأولى :

    من هو يزيدُ الرقاشي الراوي عن أنسِ بنِ مالك رضي اللهُ عنه ؟ وما هي حالهُ من جهةِ كلام أهلِ الجرحِ والتعديلِ فيه ؟

    هو يزيدُ بنُ أبان الرَّقَاشي أبو عمرو البصري القاص من زهادِ البصرةِ . وكلامُ أهلِ العلم فيه طويل ، من ذلك :

    قال البخاري : تكلم فيه شعبةُ . وقال أبو طالب : سمعتُ أحمدَ بنَ حنبل يقول : ” لا يكتبُ حديث يزيد الرقاشي . قلت له : فلم تُرك حديثهُ ، لهوى كان فيه ؟ قال : لا ، ولكن كان منكر الحديثِ . وقال : شعبةُ يحملُ عليه ، وكان قاصاً . وقال أبو حاتم : كان واعظاً بكاءً كثير الروايةِ عن أنس بما فيه نظرٌ ، صاحبُ عبادةٍ ، وفي حديثهِ ضعفٌ .

    وقد لخص ابنُ حبان الكلامَ فيه فقال : ” كان من خيارِ عبادِ اللهِ من البكائين في الخلواتِ والقائمين بالحقائق في السبراتِ ، ممن غفل عن صناعةِ الحديثِ وحفظها ، واشتغل بالعبادةِ وأسبابها حتى كان يقلبُ كلامَ الحسن فيجعله عن أنس وغيره من الثقات بطل الاحتجاجُ به ، فلا تحلُ الروايةُ عنه إلا على سبيل التعجب ” .

    والخلاصةُ في حالِ الرجل ما يلي :

    أولاً : أنهُ قاصٌ . وقد أورده ابنُ الجوزي في كتابِ ” القصاصِ والمذكرين ” ( ص 265 ) ، والقصاصُ هم قومٌ كانوا يقصون القصصَ دون ذكرِ العلمِ المفيدِ ، ثم غالبهم يخلطُ فيما يوردهُ ، واعتمد على ما أكثره محالٌ ، وأما القاصُ الصادقُ فقد أثنى أحمدُ بنُ حنبل عليه فقال : ” ما أحوج الناس إلى قاصٍ صدوقٍ ” .
    وقد أفرد لهم ابنُ الجوزي في ” تلبيس إبليس فصلاً بعنوان : ” ذكرُ تلبيسه على الوعاظِ والقصاصِ ” ، ثم قال : ” فمن ذلك أن قوماً منهم يضعون أحاديث الترغيبِ والترهيبِ ، ولبس عليهم إبليس بأننا نقصدُ حث الناسِ على الخيرِ ، وكفهم عن الشرِ ، وهذا افتئاتٌ منهم على الشريعةِ ، لأنها عندهم – على هذا الفعلِ – ناقصةٌ تحتاجُ إلى تتمةٍ ، ثم نسوا قوله صلى اللهُ عليه وسلم : ” مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَده مِنْ النَّار ” .ا.هـ.

    ثانياً : أنه ممن اشتغل بالعبادةِ ، وقد تكلم أهلُ العلمِ في العبادِ والزهادِ ، فعد شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ أن لكثرةِ الغفلةِ أسباباً منها الاشتغال عن حديثِ المصطفى صلى الله عليه وسلم بغيره ، فلا ينضبط له ككثيرٍ من أهلِ الزهدِ والعبادةِ .
    قال شيخُ الإسلامِ في ” الفتاوى ” (18/45) : الْخَطَأُ فِي الْخَبَرِ يَقَعُ مِنْ الرَّاوِي إمَّا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا ؛ وَلِهَذَا اُشْتُرِطَ فِي الرَّاوِي الْعَدَالَةُ لِنَأْمَنَ مِنْ تَعَمُّدِ الْكَذِبِ ، وَالْحِفْظِ وَالتَّيَقُّظِ لِنَأْمَنَ مِنْ السَّهْوِ .

    وَالسُّهُو لَةُ أَسْبَابٌ : أَحَدُهَا : الِاشْتِغَالُ عَنْ هَذَا الشَّأْنِ بِغَيْرِهِ فَلَا يَنْضَبِطُ لَهُ كَكَثِيرِ مِنْ أَهْلِ الزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ .ا.هـ.

    ثالثاً : كلامُ أبي حاتمِ في يزيد أنه كان كثيرَ الروايةِ عن أنس بما فيه نظر ، وأيضاً كلامُ ابنِ حبانَ أنه يقلبُ كلامَ الحسن البصري فيجعله عن أنس ، يبين أن روايته عن أنس رضي الله ُ عنه معلولةٌ ، وربما تكون من كلام الحسن البصري وليس من كلام أنس رضي الله عنه .

    الوقفةُ الثانيةُ :

    الحديثُ بهذا السياقِ أوردهُ السمرقندي في ” تنبيه الغافلين ” ، وقد تكلم أهلُ العلم على الكتابِ .

    قال الإمام الذهبي في ترجمته في السير (16/323) : صَاحبُ كِتَابِ (تنبيهِ الغَافلينَ) … وَتَرُوجُ عَلَيْهِ الأَحَادِيثُ الموضُوعَةُ .ا.هـ.

    أما كتابه ” تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين ” الذي جاء الحديث المذكور فيه فقد انتقده أهل العلم نقدا شديدا ، فالكتاب – أي ” تنبيه الغافلين ” – من مظان الأحاديث الموضوعة والمكذوبة ، وإليك كلام أهل العلم في الكتاب لكي تكون أنت وغيرك على بينة من أمر الكتاب .

    وهذه النقولات من كتاب ” كتب حذر منها العلماء (2/198 -200) .

    قال الذهبي في ” تاريخ الإسلام ” في ترجمته ( حوادث 351 – 380 ) : وفي كتاب ” تنبيه الغافلين موضوعات كثيرة .ا.هـ.

    وقال أبو الفضل الغماري في ” الحاوي ” (3/4) : وكتاب ” تنبيه الغافلين ” يشتمل على أحاديث ضعيفة وموضوعة ، فلا ينبغي قراءته للعامة لا يعرفون صحيحه من موضوعه .ا.هـ.

    وقد ذكر شيخ الإسلام في ” الرد على البكري ” أن جمهور مصنفي السير والأخبار وقصص الأنبياء لا يميز بين الصحيح والضعيف ، والغث والسمين ، وذكر من بينهم أبا الليث السمرقندي ، وقال : ” فهؤلاء لا يعرفون الصحيح من السقيم ، ولا لهم خبرة بالنقلة ، بل يجمعون فيما يروون بين الصحيح والضعيف ، ولا يميزون بينهما ، ولكن منهم من يروي الجميع ويجعل العهدة على الناقل .ا.هـ.

    وقال أيضا في ” الفتاوى ” في معرض تضعيف حديث : وَهَذَا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِي آدَمَ يَذْكُرُهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُصَنِّفِينَ بِغَيْرِ إسْنَادٍ وَمَا هُوَ مِنْ جِنْسِهِ مَعَ زِيَادَاتٍ أُخَرَ كَمَا ذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ : وَحَكَى أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ وَأَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا ” أَنَّ آدَمَ عِنْدَ مَعْصِيَتِهِ قَالَ : اللَّهُمَّ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي – قَالَ وَيُرْوَى تَقَبَّلْ تَوْبَتِي – فَقَالَ اللَّهُ لَهُ : مِنْ أَيْنَ عَرَفْت مُحَمَّدًا ؟ قَالَ رَأَيْت فِي كُلِّ مَوْضِعٍ مِنْ الْجَنَّةِ مَكْتُوبًا : لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ وَيُرْوَى : مُحَمَّدٌ عَبْدِي وَرَسُولِي فَعَلِمْت أَنَّهُ أَكْرَمُ خَلْقِك عَلَيْك ؛ فَتَابَ عَلَيْهِ وَغَفَرَ لَهُ ” . وَمِثْلُ هَذَا لَا يَجُوزُ أَنَّ تُبْنَى عَلَيْهِ الشَّرِيعَةُ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي الدِّينِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ؛ فَإِنَّ هَذَا مِنْ جِنْسِ الإسرائيليات وَنَحْوِهَا الَّتِي لَا تُعْلَمُ صِحَّتُهَا إلَّا بِنَقْلِ ثَابِتٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .ا.هـ.

    والشاهد قول شيخ الإسلام ابن تيمية : طَائِفَةٌ مِنْ الْمُصَنِّفِينَ بِغَيْرِ إسْنَادٍ .

    وقال حاجي خليفة في ” كشف الظنون ” (1/478) : تنبيه الغافلين في الموعظة . لأبي الليث : نصر بن محمد الفقيه ، السمرقندي ، الحنفي . المتوفى : سنة 375، خمس وسبعين وثلاثمائة . وهو مجلد . أوله : ( الحمد لله الذي هدانا لكتابه… الخ ) . مرتب على : أربعة وتسعين بابا . قال الذهبي : ( فيه موضوعات كثيرة ) .ا.هـ.

    وقد حذر من هذا الكتاب – تنبيه الغافلين – وغيره من الكتب الشيخ السلفي محمد بن أحمد بن محمد بن عبد السلام الشقيري في كتابه ” المحنة المحمدية في بيان العقائد السلفية ” ( ص171 – 172) فقال تحت عنوان ” كتب لا يحل قراءتها ” في مبحث سبب انتشار الحكايات والمنامات الفاسدة والخرافات الفاشية التي لم يعهد لها أصل في كلام السلف الصالحين ، ولا في سنن سيد المرسلين ؛ قال : وإنما هي فاشية بين العوام والجهلاء والطغام من كتب المناقب ككتاب ” الروض الفائق ” ، و ” روض الرياحين في مناقب الصالحين ” و ” ونوادر القليوبي ” و ” كرامات الأولياء ” و ” ونزهة المجالس ” و ” وتنوير القلوب ” ، و ” تنبيه الغافلين ” ، وكذا كتب الشروح والحواشي الأزهرية ، وأمثال هذه الكتب لا تحوي سوى ما يفسد عقائد العوام وبسطاء العقول ، وقد كان الواجب على علمائنا أن ينبهوا العوام وبسطاء العقول ، وقد كان الواجب على علمائنا أن ينبهوا عليها في الجرائد والمجلات وفي دروسهم ومؤلفاتهم ، إذ هي السبب الأعظم في إفشاء تلك الخرافات بين العوام وفي عبادتهم لقبور الصلحاء ، فكان الواجب إيقاف طبعها ومصادرة قراءتها دفعا لضررها وتطاير شررها ، ولكن علماءنا ماتوا والأحياء لم يرج منهم أمر ولا نهي ؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون .ا.هـ.

    وقد سئل فضيلةُ الشيخِ محمدُ بنُ صالح العثيمين عن الكتاب .

    السؤال : يسأل عن كتاب تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين تأليف الفقيه الزاهد الشيخ نصر الدين محمد بن إبراهيم السمرقندي يقول : أسأل عن هذا الكتاب والأحاديث التي وردت فيه هل هي صحيحة أفيدونا جزاكم الله خيرا ؟

    الجواب :

    وفيه أحاديث موضوعة ، ولهذا لا ينبغي قراءته إلا لطالب علم يميز بين ما يقبل من الأحاديث التي فيه وما لا يقبل ليكون على بصيرة من أمره ولئلا ينسب إلى رسول الله صلي الله علية وسلم ما لم يقله أو ما لا تصح نسبته إليه فإن من حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذِبيَن وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن من كذب عليه متعمدا فليتبوأ مقعدا من النار فنصيحتي لمن ليس له علم بالأحاديث أن لا يطلع على هذا الكتاب ، ومن عنده علم يميز بين المقبول وغير المقبول ورأى في قراءته مصلحة فليفعل وإن رأى أنه يصده عن قراءة ما هو أنفع منه له فلا يذهب وقته في قراءته .

    الوقفةُ الثالثةُ :

    الحديثُ ورد من طريقٍ آخر بلفظٍ مختصرٍ ، ونصهُ :

    عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حين غير حينه الذي كان يأتيه فيه ، فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ” يا جبريل ؛ مالي أراك متغير اللون ؟! فقال : ما جئتك حتى أمر الله بمفاتيح النار. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا جبريل ؛ صف لي النار وانعت لي جهنم . فقال جبريل : إن الله تبارك وتعالى أمر بجهنم فأوقد عليها ألف عام حتى ابيضت ، ثم أمر فأوقد عليها ألف عام حتى احمرت ، ثم أمر فأوقد عليها ألف عام حتى اسودت ، فهي سوداء مظلمة لا يضيء شررها ولا يطفأ لهبها ، والذي بعثك بالحق لو أن ثقب إبرة فتح من جهنم لمات من في الأرض كلهم جميعا من حره ، والذي بعثك بالحق لو أن ثوبا من ثياب الكفار علق بين السماء والأرض لمات من في الأرض جميعا من حره ، والذي بعثك بالحق لو أن خازنا من خزنة جهنم برز إلى أهل الدنيا فنظروا إليه لمات من في الأرض كلهم من قبح وجهه ومن نتن ريحه ، والذي بعثك بالحق لو أن حلقة من حلق سلسلة أهل النار التي نعت الله في كتابه وضعت على جبال الدنيا لأرفضت وما تقارت حتى تنتهي إلى الأرض السفلى . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “حسبي يا جبريل ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبريل وهو يبكي قال : تبكي يا جبريل وأنت من الله بالمكان الذي أنت فيه ؟ فقال : وما لي لا أبكي أنا أحق بالبكاء ، لعلي أكون في علم الله على غير الحال التي أنا عليها ، وما أدري لعلي ابتلى بما ابتلي به إبليس فقد كان من الملائكة ، وما أدري لعلي ابتلى بما ابتلي به هاروت وماروت ، فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبكى جبريل ، فما زالا يبكيان حتى نوديا : أن يا جبريل ويا محمد إن الله قد أمنكما أن تعصياه ” .

    أخرجهُ الطبراني في ” الأوسط ” (4840 – مجمع البحرين) ، وأورده العلامةُ الألباني – رحمهُ اللهُ – في ” الضعيفة ” (1306 ، 4501) ، وفي ” ضعيف الترغيب والترهيب ” (2125) وحكم عليه بالوضعِ في المواضعِ الثلاثةِ ، وفي سندهِ سلامُ الطويل وهو متهمٌ بالكذبِ .

    والحديثُ فيه علةٌ أخرى ربما لم ينتبه لها الشيخُ ، أو أنهُ اكتفى بعلةِ الكذابِ الذي في السندِ ، وهي علةٌ كافيةٌ لردِ الخبرِ ، والعلةُ الثانيةُ الانقطاعُ بين عدي بنِ عدي الكندي وعمرَ بنِ الخطابِ رضي اللهُ عنه .

    وأكتفي بهذه الوقفاتِ ، وأسألُ اللهَ أن يرينا الحقَ حقاً ويرزقنا اتباعهُ ، ,أن يرينا الباطلَ باطلاً ويرزقنا اجتنابهُ

    منقوول للفائده

Comments are closed.