أمام سنترال محطة الرمل وقف الأب وإبنته الصغيرة … كانت إبنته قطعة من القمر فى الثامنة من عمرها .. ربطت شعرها الأشقر الثائر بطريقة (ديل الحصان) بينما إنسدلت خصلاته على وجهها الأبيض كالصباح … وأمسكت بين يديها حقيبة صغيرة لا تضع فيها شيئا على الإطلاق .. بينما أصرت على رش ثلاث رشات من عطرها المفضل – احضرته لها جدتها فى عيد ميلادها – متصورة أنها بذلك أصبحت محط أنظار السائرين فى الطرقات … كان الأب محتارا أما هى قد حسمت إختيارها …
– كنتاكى يعنى كنتاكى !
– يا حبيبتى كنتاكى أكله مش حلو أوى كده ومش هتشبعى منه … (جاد) أكله أحلى
– لا أنا عاوزه أكل من كنتاكى .. زهقت من الفول والطعميه
– صدقينى مش هتشبعك الوجبات بتاعته
– لا انا شوفتها فى الجورنال .. عاوزه الوجبه الكبيره اللى بيبقا معاها لعبه وبيبسى
يجاريها فى حديثه وفى عقله تدور العمليات الحسابية بمنتهى السرعه … كنتاكى؟ يمكن الإستغناء عن ركوب التاكسى فى طريق العودة .. الميكروباص سيكلفه نصف التكلفة لو إستطاع القفز بداخله فى الوقت المناسب … ليس مهما أن يشترى علبة سجائر الـ LM اليوم … سجائر (كيلوباترا) ستفى بالغرض …

اخذ يعيد الحساب مره بعد مره بينما فتاته بين يديه صارت أكثر الحاحا … تحول الطلب العادى الى اغنية .. كانت تنطق الكلمه بتلحين يشبه الأغنية :
– كـ…نتا … كى ….. كينتاكو … كينتاكا … عشان خطرى بقا عشان خاطرى .

رجائها يزداد … يعلم أنه سيضعف فى لحظة ما … إلا أن الحسبه أبت أن تستجيب… أخذ مخه يعيد الحساب من البداية محاولا ضغط المصاريف الى الحد الأقصى …

هل الميكروباص ضرورى الى هذا الحد ؟ الترام السكندري سيكلفه ربع التكلفة لكن سينقله فى اربع اضعاف الزمن … ليكن المترو إذن .. هل السجائر مصيرية الى هذا الحد ؟ السجائر مضرة وهو يفكر فى الاقلاع عنها منذ زمن .. ربما حان وقت التنفيذ .. و يستطيع أن يقترض سيجاره من حسن … مازالت الجنيهات القليلة فى جيبه لا تكفى ثمن الوجبة اللعينة .. يعرف أن جملة فتاتة القادمة ستكون القاتلة …

– عاوزه كنتاكى عشان خاطرى .. ماما لو كانت هنا كانت أخدتنى هناك علطول … هى ماما مش هترجع من السفر؟ انا عاوزاها ترجع من السفر عشان تاخدنى كنتاكى طالما انت مش عاوز …

يعلم جيدا أن أمها فى سفر لا عودة منه … ويعلم أيضا أن ما فى جيبه لن يكفى ثمن الطعام .. ضغط المصاريف الى الحد الأقصى وأخذ يفكر فى كافة الإحتمالات .. ثم وصل الى تلك المرحلة التى تداخلت فيها كل الارقام وقرر أن يضرب عرض الحائط بكل شىء … قال لها وكإنما إتخذ القرار لتوه :

– يلا بينا على كنتاكى !
صرخت بفرح وقفزت تحتضنه بحب حقيقى وهى تلثم خده .. هذه هى مكافأته الحقيقية التى يهون أمامها أى شىء … إبتسم وحمل جسدها الصغير فوق ظهره وسارا نحو أنوار المطعم الساطعة فى الميدان المزدحم …

– عارفة أنتى هتاكلى إيه فى كنتاكى النهرده ؟
– أه .. فراخ متبله وبطاطس وبيبسى و ….
– يااااااه .. فراخ متبله … حقيقى صعبانه عليا الفراخ
– ليه ؟
– بتبقى فراخ صغيره … فى نفس سنك كده .. وبيخدوها من باباها ومامتها مع انها بتكون بتلعب وبتتنطط وبتنام بالليل جنب باباها زى ما بنعمل سوا .. عارفه بياخدوها فين ؟
– فين؟
– بيحطوها فى اقفاص كبيره اوى … مع فراخ تانيه صغيره برضو … وبيقعدوا كلهم يعيطوا عشان عاوزين يرجعو البيت .. لكن هما مش بيرجعوهم البيت .. هما بيدبحوهم بسكينه حاميه أوى وبيشيلو الريش بتاعها وبعدين بيحمروها فى الزيت
– والفراخ دى بتتوجع لما بيحصل لها كده ؟
– طبعا بتتوجع .. انتى عارفه انا ليه مش بحب كنتاكى ؟
– ………
– عشان بفكر هيحصل ايه لو جه ناس عمالقه واقوياء .. وهجموا علينا فى البيت وخدوكى منى حطوكى فى قفص كبير مع بنات كتير حلوه زيك وقعدتم كلكم تعيطوا عاوزين ترجعوا البيت
– وهيعملو فينا ايه ؟
– هيعملو فيكى زى كنتاكى .. هيدبحوكى بسكينة حامية اوى ويفصلو جلدك عن لحمك … وينضفوكى كويس ويشيلو كل الدم من جسمك ويحطوكى فى بقسماط وخلطه سريه !
– ياااااااى … وهما بيعملو كل ده ليه ؟
– عشان الناس العمالقه دى بتجوع … واكلهم الاساسى هو البنات الصغيره اللى زيك … هيحطوكى فى طبق ومعاكى شويه بيبسى وبطاطس وكول سلو ويبيعوكى للناس علشان تاكلك
– يعنى انا فى كنتاكى دلوقتى هاكل بنت صغيره زيى !
– لا يا حبيبتى .. انتى هناك هتاكلى فرحه صغيره كانت بتلعب مع صحابها وبتنام فى حضن باباها علشان يحكيلها حواديت بس عشان احنا اكبر واضخم من الفراخ فا كنتاكى بيدبحهم علشان ناكلهم
– يععععععععععععععع انا كنت بحسبك مش عاوز تاخدنى عشان الفلوس
– فلوس ؟ الفلوس كتير … انا بس صعبان عليا الفراخ

كانا قد وصلا الى المطعم الشهير .. انزلها من على كتفه وسارا باتجاه السلم الرئيسى

– بابا
– ايوه ؟
– ودينى عند (جاد) … انا مش عاوزه اكل فراخ صغيره كانت بتلعب وتتنطط
– ليه ؟ كنتاكى حلو وانا عاوز ابسطك
– لا (جاد) كويس … انا حبيت الفول والطعميه اللى عنده
– ما تخلينا فى كنتاكى … هى صحيح فراخ غلبانه هتنزل بطنك بس هتشبعى – لا مليش دعوه انا عاوزه اكل عند (جاد) … ودينى عند (جاد) لو بتحبنى … ودينى عند جااااااااااااااد

5 thoughts on “قصه جميله عن كنتاكي

Comments are closed.