كان يعمل مستشاراً مالياً لأحد البنوك، ما أعطاه الفرصة للاطلاع على الأسرار المالية من كل جانب. عرف كيف تدار العقارات وكيف يمكن الاستفادة من فتح الاعتماد لكنه عرف أكثر أسرار الأسهم وكيف يمكن للدراهم القليلة أن تصبح ملايين. في إحدى الليالي جلس يفكر كيف يزيد ثروته، فرغم أنه يمتلك بيتاً جميلاً وحياة مستقرة من الناحيتين المالية والعائلية إلا أنه قرر.. «لا بأس من زيادة الخير».

اجتماع عائلي

بعد تفكير طويل اجتمع الرجل مع زوجته وأولاده وأخبرهم بأنه قرر الاستقالة من البنك وأنه سيتجه إلى تجارة العقارات. حاولت زوجته أن تثنيه عن ذلك إلا أنها رأته مصمماً فما كان منها إلا أن دعت له بالتوفيق.

استغل الرجل خبرته التي اكتسبها من البنك لتحقيق إنجازات كبيرة على مستوى عمله في العقارات حتى أصبح من يعملون في هذا المجال يلقبونه ب(الحوت)، فقد تمكن من السيطرة على قطاع كبير من الأبراج وبدلاً من استئجارها وبيعها للآخرين أصبح يستأجرها ثم يستثمرها هو لنفسه ثم يعود ويبيعها من جديد وهكذا.

كان الرجل مستقيماً فلم يكن صاحب نزوات لكنه أحب السيارات الرياضية حيث كانت سيارات «الفيراري» هي لعبته المفضلة، اشترى منها الرجل سيارات عدة وكان ينتظر حتى منتصف الليل ثم يذهب إلى الشوارع الطويلة الخالية ويقوم بقيادتها بسرعة جنونية.

في إحدى المرات اصطحب زوجته إلى تلك السباقات الليلية وفي أثناء ذلك لم يتنبه إلى أن الشارع فيه تصليحات حيث استمر يقود سيارته بقوة حيث انتهت به الأمور إلى وادٍ خرج منه على كرسي متحرك، أما زوجته فقد غادرت الحياة إلى الأبد.

بعد غياب زوجته أحس الرجل بندم وفراغ كبيرين كان لهذه الأحوال آثار سيئة على عمله فقد أصبح غير قادر على متابعة أعماله ومع أنه حاول أن يعلم ابنه (ر) سر هذه المهنة إلا أنه لم يتمكن من ذلك فقد كان (ر) شاباً غير جاد، فقد وجد نفسه في هذه الدنيا وفي فمه، ملعقة من ذهب، لذا كان دائم البحث عن المتع والسيارات والأسفار أما أولاده، الآخرون فقد كان لكل واحد منهم وظيفته الخاصة.

من هنا فكر الرجل في أن يصفي أعماله فهو لديه الكثير من المال الذي يكفيه مئات السنين، بعد أن صفى الرجل أعماله قام ببناء فيلا خاصة به، آثر أن لا يعيش في بيته السابق حيث ذكرياته مع زوجته التي تؤلمه كلما شاهد أين كان يجلس معها وأين كانا يتناقشان حول الأعمال؟ خاصة وأنه يشعر بأنه سبب في موتها رغم أن الأعمار بيد الله.

انتقل إلى الفيلا مع ابنه (ر) حيث كان الطابق السفلي له لسهولة حركته مع الكرسي أما الطابق الثاني فقد كان لـ (ر).

كان الرجل غير مصدق ما حصل له لذا كان يحاول أن يتحرك أو أن يحدث نفسه ليعرف أنه لا يعيش في كابوس.

السفر إلى بانكوك

في أحد الأيام بينما كان يشاهد التلفزيون وجد على إحدى القنوات برنامجاً طبياً عن حالات تشبه حالته الصحية، لذا قام من فوره واتصل بالمحطة التلفزيونية التي زودته باسم المستشفى في بانكوك وباسم الطبيب الذي يجري عمليات لتصحيح أي كسور في فقرات العمود الفقري.

استبشر الرجل خيراً وبعد نحو أسبوعين كان في المستشفى جالساً ينتظر دوره في العملية الخاصة بظهره.

اصطحب الرجل معه ابنه (ر) الذي حجز له غرفة في أحد الفنادق ذات النجوم الخمس، كان (ر) في مقتبل العمر، فهو لايزال يدرس في السنة الأولى في إحدى الجامعات. كان الرجل متفائلاً بأن العملية ستنجح، إلا أنه وبعد 35 يوماً في المستشفى لم يحقق الشيء الكثير، لكنه بدأ يحرك ساقيه قليلاً.

عاد الرجل إلى بلاده ومعه ممرضة حسناء، فقد عرض عليها الزواج فوافقت بعد أن عرفت ظروفه وغناه، بدأ الرجل يستقر نفسياً، وبدأ يشعر بالحياة من جديد، وما زاد من سعادته أن زوجته أخبرته أنها حامل.

من الجانب الآخر، بدأ (ر) يتغير كثيراً، وأصبح عصبياً للغاية في تصرفاته حتى أنه بدأ يثور في وجه والده لأتفه الأسباب.

أحس الرجل أن ابنه بدأ يتغير بعد زواجه، خاصة وأن أخاً جديداً سيأتي ويشاركه الفيلا والثروة، لذا في إحدى الليالي طلب الرجل من ابنه أن يجلس معه وأن يناقشا معاً ما ستؤول إليه الثروة بعد موته.

قال الأب لابنه: «عليك ألاّ تقلق، فسأترك لك ما لا يقل عن 3 ملايين دولار، إضافة إلى نصف الفيلا، هذا بعد أن يأخذ إخوتك نصيبهم، لذا لا أريدك أن تقلق لأن أخاً آخر سيشاركك الثروة، فأنا لديّ الكثير».

كان الرجل يتكلم وابنه سارح في عالم آخر وكأنه لا يسمع شيئاً. أحس الرجل بأن هناك أمراً آخر يشغل ابنه غير الفلوس، فقال له: هل هناك أمر آخر في حياتك؟ قال الشاب: لا ولكن أريد أن أسافر إلى بانكوك لأرفه عن نفسي، فرد عليه الأب بالإيجاب وقام بإعطائه مبلغاً كبيراً من المال، وقال له: إن احتجت لأكثر فستجده في «الفيزا كارد» هذه، ثم أعطاه الفيزا كارد وقال له: إن كانت هناك امرأة تشغلك فلا بأس سأزوجها لك، المهم أن تكون راضياً.

سافر الشاب إلى حيث يريد، فيما انشغل والده بالطفل الذي أصبح قدومه قاب قوسين، اجتمع الرجل مع أولاده وأخبرهم بأن المولود الجديد لن يكون عقبة أمام أخذهم نصيبهم من التركة، إلا أن أولاده أخبروه بأن المهم عندهم أن يكون سعيداً في حياته، فهم لا يفكرون في المال لأنه لا يبخل عليهم بشيء.

بعد نحو عشرين يوماً عاد (ر) من رحلته واستقبله الجميع بترحاب شديد، لكن والده لاحظ أن السفر لم يغير نفسيته إلى الأحسن، بل جاء من سفره وكأن هموم الدنيا فوق رأسه.

كان لونه شاحباً وجسمه هزيلاً وعيناه غائرتين، أدرك الأب أن ابنه مدمن على المخدرات، لذا قال له إنه سيأخذه في الغد إلى لندن للعلاج من الإدمان.

وأضاف الرجل لأبنه أن العلاج ممكن وأنه بعد العلاج يعود إلى حالته الطبيعية.

ضم الرجل ابنه إلى صدره وبكى، وقال: لا عليك ستعود كما كنت وأحسن، حتى لو أنفقت عليك جميع ملاييني، نظر (ر) إلى والده وذرف دمعتين، ثم انصرف من أمامه وذهب إلى غرفته.

رفض العلاج

في اليوم التالي، اتصل الرجل بإحدى وكالات السفر وطلب من المسؤولين ترتيب سفره هو وابنه إلى لندن مع حجز الفندق وموعد مع إحدى العيادات الخاصة هناك بإعادة تأهيل المدمنين، لكن الشاب أخبر والده بأنه غير مدمن وأنه لا يريد الذهاب للعلاج من مرض ليس فيه، حاول الرجل إقناع ابنه بضرورة السفر، إلا أن الابن رفض ذلك رفضاً قاطعاً قائلاً لوالده إنه غير مدمن، وأنه لو كان كذلك لسافر من تلقاء نفسه.

في هذه الأثناء بدأ الأب مشغولاً بزوجته التي أصبحت تشعر بآلام الوضع، لذا قرر في نفسه أن ينتظر حتى تلد زوجته ويطمئن عليها وعلى المولود وبعد ذلك يذهب وابنه (ر) إلى لندن للعلاج من الإدمان.

في إحدى الليالي جاء الشاب إلى والده وقال له: أنا أعرف أنك لم تقصر معي، وأنك بذلت كل شيء من أجل سعادتي، لذا أريدك أن تسامحني لأنني سأموت قريباً.

صرخ الرجل بأعلى صوته قائلاً لابنه: إياك أن تقول ذلك لأنك ستعيش وإن لم يكن من أجلك فعليك أن تعيش من أجلي، حاول الرجل أن يحتضن ابنه لكن الابن ابتعد عنه وذهب إلى غرفته وهو يبكي.

لم ينم الرجل ليلته، وهو يفكر بكلام ابنه، حيث بدأ يشعر بأن ابنه يذوي أمامه وأن صحته بدأت تتراجع بشكل كبير كما أن شهيته للأكل أصبحت معدومة.

في الصباح اتصل الرجل بضابط صديق له وقص عليه قصة ابنه مؤكداً له بأن ابنه بحاجة إلى علاج من الإدمان، قال الضابط للرجل ليس من الضروري الذهاب إلى لندن فلدينا مراكز لإعادة تأهيل المدمنين وهي على مستوى ممتاز لذا طلب الرجل من الضابط أن يصطحب معه بعض رجال الشرطة وأن يأتوا لأخذ ابنه بالقوة لأنه يرفض العلاج.

اصطحب الضابط بعض أفراده وذهب إلى الفيلا حيث يقيم (ر) عندما شاهدهم (ر) أحس بأن والده هو الذي رتب الأمر لأخذ العلاج بالقوة.

غضب (ر) من والده وبدأ يزمجر ويسب ويشتم وطلب من الضابط أن ينصرف هو وأفراد قوته، لكن الضابط أخبره بأنه إذا لم يأت معهم فإنه سيضطر لأن يأخذه بالقوة وفي هذه الحالة سيقبض عليه بتهمة التعاطي وسيدخل السجن أما إذا جاء من دون مقاومة فسيأخذه إلى المصحة الخاصة بإعادة التأهيل وسيتلقى العلاج وسيشفى بإذن الله ويعود إلى بيته وهو في أحسن مكانة وأفضل صحة وعافية.

تهديد الزوجة

حاول الشاب أن يبدي تفهماً لما يقوله الضابط وطلب منه أن يعده بأنه لن يدخل السجن، فوعده الضابط بذلك في الوقت الذي كان فيه والده يؤكد له بأنه لن يدخل السجن وأنه سيكون في أمان في المصحة الخاصة بإعادة تأهيل المدمنين.

أظهر (ر) هدوءاً مصطنعاً وقال للضابط أنا موافق.. أحس الجميع بسعادة كبيرة حيث استأذن (ر) والده والضابط للذهاب لإعداد حقيبته استعداداً للذهاب إلى المصحة، لكن (ر) بدلاً من أن يذهب لإعداد حقيبته ذهب إلى المطبخ حيث زوجة أبيه كانت تعد العصير للضابط ورجاله أمسك (ر) بسكين كبيرة ووضعها على عنق زوجة أبيه التي بدأت تصرخ بأعلى صوتها.

هرع الضابط إلى حيث مصدر الصوت، وعندما شاهد (ر) طلب منه أن يترك المرأة، لكن (ر) هدده بأنه سيقطع رقبتها إن لم يغادر الضابط ورجاله الفيلا فوراً.

حاول الأب أن يتدخل لكن (ر) كان مصراً على أن يترك الضابط ورجاله المكان فوراً، قائلاً لأبيه بأنه بعد انصراف الضابط ورجاله سيغادر هو الفيلا ولن يعود إليها أبداً بدأ (ر) يبكي ويقول لأبيه أرجوك يا أبي أن تطلب منهم أن يغادروا، كان الرجل في موقف لا يحسد عليه فهو لا يريد لابنه أن يبقى من دون علاج وفي الوقت ذاته لا يريده أن يكون في موقف ضعيف يبكي فيه من الخوف حاول الضابط أن ينهي الأمر بهدوء وبدأ يفاوض الشاب على أن يسلم نفسه واعداً إياه بأنه لن تسجل ضده أية قضية وأنه سيسامحه على ما يفعله مع زوجة أبيه.

بدأ الضابط يقترب من (ر) في الوقت الذي أعطى إشارة لرجاله بأن يكونوا على أهبة الاستعداد للانقضاض عليه واعتقاله وتخليص المرأة من بين يديه.

كان هم الضابط أن يبعد السكين التي يحملها (ر) عن رقبة السيدة التي بدأت تعاني من الخوف ومن آلام الوضع وأصبحت ساقاها (لا تقويان على حملها).

طلب الرجل من ابنه (ر) أن يترك زوجته لأنه لم يعد بإمكانها الوقوف، بدأ (ر) يبكي وهو يقول لوالده أرجوك أن تسامحني وأن تترحم علي عندما أموت.

ترك (ر) زوجة أبيه ثم وضع السكين على معصمه وقال للضابط أريد أن أترك الفيلا بهدوء فإياك أن تعترض سبيلي أنت ورجالك وإلا سأقطع يدي وسألطخك بالدماء.

وأضاف الشاب أنا لست مدمناً كما تظنون ولكني مصاب بالإيدز وقد تأكدت من ذلك عندما سافرت في المرة الثانية إلى بانكوك فقد أجريت فحوصات هناك أكدت الإصابة بالمرض، حاول الضابط أن يقترب منه ليعتقله وكذلك فعل رجال الشرطة الذين كانوا معه فما كان من (ر) إلا أن قطع وريد يده وقام برش الدم المتدفق من يده على الضابط ورجاله.

هرب الجميع خوفاً على حياتهم فالدم ملوث بالإيدز استغل (ر) الفرصة وحاول أن يهرب لكنه لم يبتعد كثيراً فقد خارت قواه وسقط على الأرض.

ثم نقل (ر) إلى المستشفى الذي أكد بأنه مصاب بالإيدز فعلاً، وبدأت الإجراءات لعزله، لكن تلك الإجراءات لم تكتمل فقد مات منتحراً تاركاً خلفه مأساة كبيرة كانت سببها في البداية علاقة محرمة.

منقول من البيان

9 thoughts on “قصة إنسانية —-مأساة شاب تجاوز كل الخطوط الحمراء

  1. لا حول ولا قوة الا بالله
    قصه محزنه
    اللهم اهد شباب وبنات المسلمين واحفظهم من الاثم والزلل

    شكرا على النقل المؤثر
    كل الود

  2. الحمـــد للـــه على نعمـــه العقــــل والديــن ،،،،،

    وأحيــانا كثيــره يكــون الغنى ..سبب مباشرا للمشاكل الاجراميــه ……

    واللــهم أغننــا بحلالــك عن حرامـــك ،،،،،،،اللهمــم آميــن ،،،،،،

Comments are closed.