بقلم مشعل كانو في يوم الأحد, 22 يونيو 2008

يكثر الحديث هذه الأيام عن تعويم العملات المحلية في المنطقة. لم أصادف بعد أحداً من أصحاب الدراية في عالم المال والأعمال من لا يظن أنها فكرة ممتازة. هل هي حقا ً كذلك ؟ لست متأكداً للغاية.

يوجد نوعان من الأشخاص الذين تروق لهم فكرة فك ارتباط عملاتنا المحلية مع الدولار الأمريكي. النوع الأول يرحب بذلك بكل بساطة من منطلق الجشع: حالما يتم تعويم العملة، يصبح بإمكانهم جني المال الكثير مستغلين تذبذب سوق العملات وتحديد الثغرات بين العرض والطلب وسدها حسب احتياجات السوق.

النوع الثاني من الأشخاص الراغبين بفك الارتباط هم المثاليون. شعورنا بالفخر ببلدنا والإحساس بأن سمعتنا تتأثر بما يقال عنا بأننا لا نتحكم بمصيرنا المالي يشكلان دافعا َ قويا ً بالنسبة لأولئك الأشخاص.

علي الاعتراف بأنني شخصيا ً أقع ضمن هذه الفئة مالم أفكر مليا ً بالأمر وأضع في الحسبان مقدار الصدمة التي قد يجلبها شعورنا بالفخر إلى اقتصادياتنا في حال فككنا الارتباط. لماذا لا يجب فك الارتباط؟

واحدة من أعظم الأزمات الاقتصادية التي واجهناها- أي نحن الناس الناشطون ماليا ً في السنوات العشرين الأخيرة من مختلف دول العالم – كانت الأزمة المالية الآسيوية عام 1997 التي خسفت بالنمور الآسيوية.

حدث ذلك لأن تلك البلدان قررت التركيز على التصدير في اقتصادها بغية الوصول إلى تحقيق النمو. وقد طبقوا جميع القواعد التي يمليها ذلك النمو الاقتصادي الذي يتبعونه من أجل تحقيق معدل نمو مرتفع ومستدام.

كانت تطلعاتهم عالية وقاموا بالبناء وكأن ليس هناك غد قادم، حتى حين وقوع الأزمة كانوا موضع حسد من بقية العالم.

سر نجاحهم كان سعيهم مواصلة ضخ فوائض تجارتهم بالدولار الأمريكي إما من خلال استمرار نشاطهم التجاري مع الولايات المتحدة بأعلى المعدلات على الإطلاق سنة بعد سنة ، أو من خلال شراء سندات الحكومة الأمريكية. كذلك قاموا أيضًا بتثقيف شعوبهم وتشجيع الادخار الوطني. ماذا حدث إذا ً؟

للأسف، إن لم تضبط درجة حرارة النجاح فإنه يخلق بنفسه عوامل سقوطه الذاتي. قامت هذه الاقتصاديات بالمغالاة في تقييم أسواق الأسهم ورفع أسواق العقارات إلى الحد الأقصى مع مبالغ طائلة من النقد الأجنبي الذي دفع هذه الأسواق إلى الأعلى أكثر وأكثر.

مع تواصل ارتفاع أسعار العقارات والأسهم ، بدأ المستثمرون الحذرون والأكثر حنكة بالتفكير بأن النمو ليس مستداماًً بل مبعث قلق. ثم جاءت نقطة الفصل وشاع فلتان جهنمي.

تخلت حشود المستثمرين عن هذه الاستثمارات. بعضهم بشكل مشروع والبعض الآخر لأسباب أكثر خبثًا. من دون استبعاد فكرة أن بعض الحكومات ستعتمد إلى تخريب الآخرين إذا شعرت بالتهديد.

الشيء الطبيعي الذي تقوم به حين تبيع أحد الأصول بعملة مختلفة هو أن تحول المال إلى عملتك. يعني ذلك طلب كبير على العملات الأجنبية بينما يتعثر حظ العملة المحلية.

ذلك ماحدا بماليزيا إلى تجميد تعويم عملتها – الأمر الذي أثار حفيظة الولايات المتحدة – فعلت ذلك لحماية اقتصادها بعد أن شاهدت ما حدث لجيرانها من حولها.

شكل ذلك حماية لماليزيا على المدى القصير، لكن على المدى البعيد تمت معاقبتهم حين أعادت الولايات المتحدة توجيه استثماراتها إلى بلدان أخرى وأهملت السوق الماليزية.

لدينا تقريبا ً جميع عوارض “النمور الآسيوية” – تدفق كبير للأموال الأجنبية إلى بورصاتنا وأسواق عقاراتنا، سوق أسهم نشط، سوق عقارات ساخن بجدارة، ونمو اقتصادي بأرقام ثنائية الخانات .

إذا فككنا الارتباط، سنكون كمن يبحث عن المشكلات. تخيل لو تم سحب الكميات الهائلة من السيولة من هنا، ماذا سيحدث لاقتصادنا؟

التفكير بأننا نتمتع بالحصانة محبب إلينا، وأنا متأكد من أن الناس في بلاد النمور الآسيوية كانوا يعتقدون ذلك أيضًا.

الفرق الأساسي بيننا وبينهم أنه لديهم مواطنين ذوي ثقافة عالية ولديهم برنامج ادخار وطني جيد عبر بهم حدود الأزمة . أما نحن فمازلنا في بدايات تحقيق هذين الأمرين.

يعتقد غالبية الناس بأنني سلبي فيما أقوله أو أكتبه. قد أعتقد ذلك أنا أيضًا. مع ذلك ، وكرجل أعمال فقد تعلمت أن الطريقة للبقاء على قيد الحياة هي أن تتمنى الأفضل ولكن تخطط للأسوأ.

ارباب

9 thoughts on “فخ العملة والتعويم وارتفاع العقارات والاسهم

  1. بقلم مشعل كانو في يوم الأحد, 22 يونيو 2008

    مع تواصل ارتفاع أسعار العقارات والأسهم ، بدأ المستثمرون الحذرون والأكثر حنكة بالتفكير بأن النمو ليس مستداماًً بل مبعث قلق. ثم جاءت نقطة الفصل وشاع فلتان جهنمي.

    تخلت حشود المستثمرين عن هذه الاستثمارات. بعضهم بشكل مشروع والبعض الآخر لأسباب أكثر خبثًا. من دون استبعاد فكرة أن بعض الحكومات ستعتمد إلى تخريب الآخرين إذا شعرت بالتهديد.[/color]

    ارباب

    و قد بدأت تلك البوادر تظهر لدينا ايضا و خير مثال على ذلك …. اولا انسحاب شركة تعمير و داماك من بعض المشاريع و ثانيا انسحاب بعض المستثمرين فى مشروع دبى لاند بحجة فرق سعر البناء حسب دراسة الجدوى القديمة مما يكبدهم خسائر كبيرة …

    و على فكرة اذا حدث لدينا ماهو الاسوأ لن تتكبد الحكومات اى خسائر و ذلك لانه اصلا تم بيع 75% من الاراضى و المشاريع الى المستثمرين سواء محليين او اجانب و لم يبقى غير اجزاء من مشروع النخلة واجهة دبى البحرية و بعض مشاريع دبى القابضة التى ستطرح للبيع قريبا … و عليه حتى بانسحاب المستثمرين و تكبدهم الخسائر سترجع تلك المشاريع الى الحكومات مرة اخرى و قد يتم تنويمها لفترة من الزمن حتى ينتهى الركود و نبدأ دورة اقتصادية جديدة و طرحها من جديد للبيع …….

    و اخيرا بسسسنا فلوس يا حسين بسسسنا

  2. صح لسانك اخوي و الله كلامك صح 100%

    مشكلتنا اننا انحسب اعمارنا خلاص وصلنا الة القمه و ما يعرفون انها فقط البداية …

    الناس صاروا مغترين باعمارهم بعد ما طلع من السوق العقاري او الاسهم كم من مليون يحسب عمره داهية الزمان و المكان … و يقول شو نبا بالدولار .. وانا الصراحة ما افهم وايد في هذه الامور و لهذا السبب اترك السفينه لربانها من اهل الاختصاص و انا واثق من قائدنا … ورباننا ..

    ومشكور على الموضوع القوي و خلنا انشوف راي البقية …

Comments are closed.