بسم الله الحمن الرحيم

فتنة الدنيا والنساء

وعن أبي سعيد الخدري – رضي الله تعالى عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء رواه مسلم .

الله أكبر! في هذا الحديث يخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – عن أمر هو معروف لكن يريد أن يمهد له أن يمهد بهذا لما بعده إن الدنيا حلوة خضرة – يعني – بما فيها من متع ولذات وشهوات من مطاعم ومشارب وملابس ومناكح ومساكن ومراكب وترف وفرج أنواع وأموال ” الدنيا حلوة ” – يعني – مذاقها حلو، هذا تعبير عن المذاق، وهو من المذاق، منها ما هو – يعني – الذوق بحاسة الفم من المآكل والمشارب الحلوة اللذيذة، وفي ذوق عقلي – يعني – كل ما – يعني – يحبه الإنسان من ملذات الدنيا هو يجد له طعما في نفسه، لأن الذوق، في ذوق حسي وهو ما يدرك بالفم، وذوق معنوي عقلي وهو يدرك – يعني – بالعقل، كما في ذوق الإيمان ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا في الحديث ثلاثة من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان وحتى الأمور المكروهة لها ذوق مر فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ” الدنيا حلوة ” هذا تعبير عن لذة الدنيا، – يعني – الدنيا لذيذة مذاقها حلو تحلو لسائر الناس زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ .

وقوله ” خضرة ” هذا تصوير لرونقها وبهرجها ومظهرها، مظاهر جذابة وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا زهرة مثل الآن الفتنة الكبرى وهي الحضارة العصرية، هذا الازدهار، ازدهار الحضارة، ازدهرت بلاد أوربا وأمريكا، والبلاد الغربية فيها ازدهار وأعقبهم الله الانهيار والدمار، ” خضرة ” ولهذا كان فيها فتنة لهم أوجبت لهم غرورا واستكبارا ونسيانا لرب العالمين، وأوجبت لكثير من المسلمين انبهارا وإعجابا وتشبها واتباعا واقتفاء لآثارهم إعجابا، الآن – دول إيش – دول الكفار، شو اسمها ؟ الحضارة والتقدم والرقي، كلمات تبجيل، وهم شعوب الانحطاط والسقوط والبهيمية هم السفلى أحط من الحيوان في أخلاقياتهم، يتمثل هذا في منهجهم في الجنس حيوانية، أشد، أخس من الحيوان، أخس من الحمر والكلاب والقردة والخنازير، كلاب، الله تعالى يقول: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ سماهم دواب، شر الدواب، وقال : أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ كالأنعام كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ وقال يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ بس المسألة فيها أكل ومتع، – يعني – يسافرون ويتناكحون ويتمتعون ويأكلون بس هذه حياتهم وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ ما قال سبحانه يأكلون بس ؛ كلا فالمؤمن والكافر كلهم يأكلون، لكن هؤلاء يأكلون كما تأكل الأنعام وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ .

المهم الدنيا حلوة خضرة جذابة، قال – صلى الله عليه وسلم – : وإن الله مستخلفكم فيها مستخلفكم يعني: يجعلكم خلائف الناس، يخلف بعضهم بعضا، كل جيل يخلف الذي قبله ” خلائف ” وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لا إله إلا الله ، وإن الله مستخلفكم فيها هذه الدنيا الآن بما فيها من قصور وثروات وأموال وغيرها لمن كانت ؟ كانت لجيل سابق، انتقلت إلى من بعدهم ؟ وهكذا جيل بعد جيل تنتقل فناظر كيف تعملون إذن هذا الاستخلاف للابتلاء ليظهر من يتقي الله فيها ومن يشكر الله على ما آتاه، ومن يقتر ويكفر ، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون فالآيات في هذا المعنى كثيرة في أمر الابتلاء أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ سنة الابتلاء سنة كونية في هذا العالم، الابتلاء فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ يظن ما أوتي أنه كرامة فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ لا، الغنى والفقر والشدة والرخاء كل ذلك ابتلاء، نبلوكم بهذا وهذا وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ .

وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا ليس المراد اتقوها يعني اتركوا الدنيا وانفضوا أيديكم منها، هذا غير وارد لا شراعا ولا عقلا ؛ لكن احذروا من الاغترار بها، احذروا من الإيثار لها فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ لا تطمئنوا بها كما اطمئن بها الكفار إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ احذروا، اتقوا الدنيا والاغترار بها، لا تغرنكم فتغفلوا عما خلقتم له وتضيعوا أمر الله وتنسوا أنفسكم، اتقوا الدنيا: احذروها، وهذا ممكن مع أنك تسعى فيها وتكتسب الرزق وتطلب الرزق الحلال، طلب الرزق الحلال والسعي منه ما هو واجب، ومنه ما هو مستحب، ومنه ما هو مباح، ومنه ما هو حرام: طلبه بالطرق المحرمة والمكاسب المحرمة فاتقوا الدنيا اتقوا شهواتها احذروا أن تجركم شهواتها إلى ما حرم الله فتكسبوا المال الحرام وتمنعوا الواجب هذا كله من فتنة الدنيا، منع الواجب وطلب الحرام كله من فتنة الدنيا ومن إيثار الدنيا.

ثم قال واتقوا النساء سبحان الله، – يعني – كل شهوات الدنيا مجملة في قوله فاتقوا الدنيا وفتنة النساء داخلة في شهواتها كما قال الله سبحانه زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الأرصدة، قناطير الذهب والفضة التي يتنافس فيها الناس وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ والآن حل محل الخيل والإبل السيارات والمراكب الفخمة والباهرة الفارهة كلها، اتقوا الدنيا، اتقوها يعني: احذروا الانخداع والاغترار بها.

ثم قال : واتقوا النساء هذا تخصيص بعد تعميم ؛ لأن فتنة النساء أعظم فتنة، أعظم فتن الدنيا هي فتنة النساء، هذا باعتبار العموم، باعتبار الغالب فتنة النساء أعظم فتنة، شهوة النساء وحب النساء هو – يعني – أشد ما تكون زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ صدر ما ذكر من حب الشهوات صدرها بالنساء زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ إلى آخره وهذا أمر – يعني – يدركه المتدبر للواقع، والرسول علل قال : فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء بنو إسرائيل ابتلوا وأول فتنة – يعني – أوجبت لهم الانحراف هي فتنة النساء، أول فتنتهم بالنساء، وفتنة النساء – يعني – من ناحية الرغبة الجبلية في الاستمتاع بهن عبر عنها – يعني – بالميول الجنسي، ويتعلق بظلمهن فالبشر يضلون بفتنة النساء إما بظلمهن بظلم النساء أو بالاستمتاع بهن وطلبهن بالطرق الحرام، الله خلق النساء للرجال وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وخلق آدم وخلق له زوجة خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا لكنه تعالى جعل النساء فتنة للرجال، وأهل الجاهلية كانوا – يعني – واقعين بفتنة النساء من الوجهين بظلم النساء وبالفجور بهن وبالزنا بهن هذا وهذا.

وهكذا في هذا العصر فتنة النساء في هذا العصر أشد من ذي قبل، – يعني – ما ذكره الرسول قاعدة عامة ولكنها في بعض الأعصار وفي بعض البلاد تكون الفتنة – تكون – أعتى، والآن في هذا العصر فتنة النساء أعتى من ذي قبل، وجاء في الآثار أن النساء حبائل الشيطان يصطاد بهن الرجال، وهذا معروف في التاريخ وفي كلام الحكماء وفي الآثار أن النساء حبائل – يعني – حبائل الشيطان يصطاد بهن الرجال ويوقعهم في الشباك في الحرام، وهذا هو جار، ولهذا استغل شياطين الإنس بوحي من شياطين الجن استغلوا المرأة في هذا العصر في إفساد المسلمين فأرادوا نقل حياتهم البهيمية – نفس الكفار – أرادوا نقل حياتهم البهيمية في أمر المرأة وفيما يتعلق بالجنس – أرادوا نقل هذا الوباء – إلى مجتمعات المسلمين، وفعلا بسبب ضعف المسلمين في إيمانهم وفي علمهم، وبسبب – يعني – فساد الأحوال – يعني – صار – يعني – بسبب أيضا ما جرى على أيدي الكفار من هذه الحضارة افتتن بهم المسلمون وصاروا ينقلون من عندهم مما يضرهم من هذه الدعوات: الاختلاط وعمل المرأة وتبرج المرأة.

الآن في أكثر العالم الإسلامي قد – يعني – نجح الكفار وبلغوا قدرا كبيرا ولا يزالون ما يريدون أن يبقى شيء من معالم – يعني – الطهر والكرامة في مجتمعات المسلمين، وهذه البلاد بالذات الآن هي المستهدفة بالدرجة الأولى لأنها أفضل العالم الإسلامي على الإطلاق فهي الآن مستهدفة – يعني – لتستشري في هذه البلاد فتنة المرأة، وفعلا الآن الفتنة تستشري كالنار المشتعلة في الهشيم، – يعني – فتنة النساء في هذه البلاد تتزايد الآن تزيد، فالاختلاط موجود – يعني – في ميادين وفي قطاعات معروفة: في الخطوط، في الإعلام، في الصحة، هذا خلاص – يعني – مضى عندهم مضى، وهكذا أيضا يراد أنه ما يبقى ثقب إلا وتكون المرأة مع الرجل جنبا إلى جنب هذا هو المطلب.

نسأل الله أن يرد كيد الكافرين والمنافقين والفاسقين والجاهلين، وأن يعصمنا وإياكم من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، شوفها في كل شيء صورتها في الصحف، في المجلات، في الإعلام كلها من أجل إيثارة فتنة المرأة، الإعلام، القنوات المحلية والقنوات الأجنبية البعيدة كلها تشتغل – يعني – العنصر النسائي هذا هو الوسيلة لترويج هذا الإعلام، عنصر المرأة، ما في إعلام الآن مطهر إلا قناة المجد هي الوحيدة الآن التي – يعني – سلمها الله من وباء هذه الفتنة، كل الباقي خلاص عنصر المرأة لا بد منه، ما يمكن أن يستغني الإعلام عن عنصر المرأة ؛ لأنه إعلام غربي مجتلب بشروره وقوانينه ومساوئه وخبائثه كلها، لا إله إلا الله، نسأل الله السلامة والعافية، وصلى الله وسلم وبارك على رسوله وآله وصحبه وسلم.

شرح الشيخ عبدالرحمن بن ناصر البراك
جامع شيخ الاسلام ابن تيمية
__________________

ولاتنسونا من دعواتكم

4 thoughts on “فتنه الدنيا والنساء

Comments are closed.