عمر بن عبيد بن ماجد بن محمد بن سرور بن محمد بن شبيب المهيري احد رجالات دبي المرموقين، وكان كذلك قبلها بسنوات طويلة.. متزوج وله من الأبناء ثمانية وست بنات، ولد قبل نحو 84 سنة في «فريج البدور» بمنطقة الرأس في ديرة بين أسرة تنتمي إلى آل شبيب من عشيرة آل بومهير أحد فروع قبيلة بني ياس المعروفة.

وهي أسرة علم وقضاء وكان قضاة الظفرة وأبوظبي ودبي منهم، وتفرعت من هذه الأسرة العديد من الأسر المعروفة بالعلم، وخرج منهم العديد من رجال العلم والمشايخ وتولى العديد منهم مناصب القضاء والمشيخة والتعليم والإرشاد والوعظ، والعديد منهم تقلد المناصب الإدارية في الدولة الحديثة.

نشأ آل ماجد وكبر في ذلك الحي وما أن بلغ سن التعليم حتى التحق بالمدرسة الأحمدية الواقعة في منطقة الرأس، وتلقى فيها أول دروسه ومعارفه، ولم يلتحق قبلها بأي كُتّاب، وبعد أن تلقى ما يكفي من علوم الدين والفقه والحياة على يد أساتذة من أكبر وألمع الأسماء التي كانت تدرس وتعلم في المنطقة انخرط في سلك التدريس، حيث لم يكن هناك في المدرسة العدد الكافي من المدرسين.

وكان القائمون عليها ومديرها يختارون من طلابها من يكون مدرسا فيها، وتم اختياره للتدريس فقام بتعليم الطلاب اللغة العربية والحساب وكان ذلك عام 1946.

وفي أواخر عام 1949 قرر الشيخ عمر الرحيل إلى مكة المكرمة بعد أن تاقت روحه لزيارتها والتعلم فيها على يد مشايخها العظام. وسبقه إليها من دبي الشيخ محمد نور الذي بدأ التدريس في الحرم المكي فالتحق بطلابه، بعد أن استأجر له نور غرفة للسكن فيها، وبعدها أخذه إلى الحرم الشريف وضمه إلى حلقة العلم التي تقام في الحرم والتي كان يدرس فيها مشايخ مكة الكبار.

وبعد مدة وجيزة من التحاقه بتلك الحلقة العلمية أثار إعجاب مدرسيّه فقرروا ضمه إلى هيئة التدريس في المدرسة الرحمانية التي كانت تقع قرب باب السلام أحد أبواب الحرم المكي الشريف.

ولم يكتف بذلك بل التحق بحلقة علمية ليلية تدرس علوم المنطق والفلسفة والكلام والبلاغة واللغة العربية من قواعد النحو والصرف وغيرها من العلوم الحديثة التي بدأت تدرس في الحلقات العلمية الدينية آنذاك.

وفي عام 1956 عاد الشيخ عمر إلى دبي في زيارة لتفقد أحوال الأهل والأقارب ومن ثم العودة إلى الديار المقدسة لاستكمال دراسته، وسمع المغفور له الشيخ راشد بن سعيد نبأ وجوده في دبي فعرض عليّه البقاء في دبي والتدريس في مدرسة جديدة يزمع إنشاءها في منطقة زعبيل والتي أنجزت في شهر سبتمبر، وتكلف بناؤها ستين ألف روبية.

والتحق بها أبناء راشد الشيوخ مكتوم وحمدان ومحمد، مع العديد من أقربائهم وأبناء زعبيل ودبي. حيث وصل عدد الدارسين خمسين طالبا، ومنها انتقل آل ماجد للتدريس في مدرسة الشعب، وبعدها المعهد الديني الإسلامي مساعدا للمدير لعامين حتى 1960.

في عام 1963 أصدر المغفور له الشيخ راشد، رحمه الله، أمرا بنقل الشيخ عمر من المعهد الديني الإسلامي وتعيينه مديرا لدائرة الطابو. وراجعه الشيخ عمر لإعفائه من المسؤولية التي عجز عن أدائها العديد من المدراء ومساعديهم ممن سبقوه، ولكنه أصر وعمل في هذه الوظيفة التي اعتبرها صعبة وشاقة، وقال عنها «لولا رحمة ربي ومساعدتي وإعانتي عليها لتركتها في أول أيامها من شدة ما جاءتني من قضايا ومشاكل ومنازعات كانت تقع بين الأهالي والملاك على الأراضي والأملاك التي يتنازعون ملكيتها».

ولكن الشيخ عمر استطاع أن يكون عند حسن ظن من وضعه في المنصب، وختم رحلة العمل في الدائرة من غير أي مخالفة أو شكوى من أي كان لدى الحاكم أو أي من كبار المسؤولين في البلاد.

وكان الناس عند النظر إلى وجه الشيخ عمر بن عبيد الماجد كانوا يجدون الورع والوداعة في ملامح رجل أفنى عمره من أجل خدمة وطنه الذي أحبه وأحب حكامه. وكان قدوته في الحياة المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم الذي أحبه أيما حب وتأثر بشخصيته وفكره إلى أبعد حد.

وبقي الشيخ عمر منذ ذلك الحين حتى ثالث أيام العيد رجلا تقيا دمثا ودودا متواضعا خلوقا كما عرفته دبي والإمارات كلها بعيدا عن الأضواء.. حتى استرد الله وديعته أمس ليغادرنا إلى دار الخلود.. ولا نجد سوى الابتهال إلى الله ليتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء.

8 thoughts on “عمر آل ماجد.. رحل معلم أجيال دبي

  1. عمر بن عبيد بن ماجد بن محمد بن سرور بن محمد بن شبيب المهيري احد رجالات دبي المرموقين، وكان كذلك قبلها بسنوات طويلة.. متزوج وله من الأبناء ثمانية وست بنات، ولد قبل نحو 84 سنة في «فريج البدور» بمنطقة الرأس في ديرة بين أسرة تنتمي إلى آل شبيب من عشيرة آل بومهير أحد فروع قبيلة بني ياس المعروفة.

    وهي أسرة علم وقضاء وكان قضاة الظفرة وأبوظبي ودبي منهم، وتفرعت من هذه الأسرة العديد من الأسر المعروفة بالعلم، وخرج منهم العديد من رجال العلم والمشايخ وتولى العديد منهم مناصب القضاء والمشيخة والتعليم والإرشاد والوعظ، والعديد منهم تقلد المناصب الإدارية في الدولة الحديثة.

    نشأ آل ماجد وكبر في ذلك الحي وما أن بلغ سن التعليم حتى التحق بالمدرسة الأحمدية الواقعة في منطقة الرأس، وتلقى فيها أول دروسه ومعارفه، ولم يلتحق قبلها بأي كُتّاب، وبعد أن تلقى ما يكفي من علوم الدين والفقه والحياة على يد أساتذة من أكبر وألمع الأسماء التي كانت تدرس وتعلم في المنطقة انخرط في سلك التدريس، حيث لم يكن هناك في المدرسة العدد الكافي من المدرسين.

    وكان القائمون عليها ومديرها يختارون من طلابها من يكون مدرسا فيها، وتم اختياره للتدريس فقام بتعليم الطلاب اللغة العربية والحساب وكان ذلك عام 1946.

    وفي أواخر عام 1949 قرر الشيخ عمر الرحيل إلى مكة المكرمة بعد أن تاقت روحه لزيارتها والتعلم فيها على يد مشايخها العظام. وسبقه إليها من دبي الشيخ محمد نور الذي بدأ التدريس في الحرم المكي فالتحق بطلابه، بعد أن استأجر له نور غرفة للسكن فيها، وبعدها أخذه إلى الحرم الشريف وضمه إلى حلقة العلم التي تقام في الحرم والتي كان يدرس فيها مشايخ مكة الكبار.

    وبعد مدة وجيزة من التحاقه بتلك الحلقة العلمية أثار إعجاب مدرسيّه فقرروا ضمه إلى هيئة التدريس في المدرسة الرحمانية التي كانت تقع قرب باب السلام أحد أبواب الحرم المكي الشريف.

    ولم يكتف بذلك بل التحق بحلقة علمية ليلية تدرس علوم المنطق والفلسفة والكلام والبلاغة واللغة العربية من قواعد النحو والصرف وغيرها من العلوم الحديثة التي بدأت تدرس في الحلقات العلمية الدينية آنذاك.

    وفي عام 1956 عاد الشيخ عمر إلى دبي في زيارة لتفقد أحوال الأهل والأقارب ومن ثم العودة إلى الديار المقدسة لاستكمال دراسته، وسمع المغفور له الشيخ راشد بن سعيد نبأ وجوده في دبي فعرض عليّه البقاء في دبي والتدريس في مدرسة جديدة يزمع إنشاءها في منطقة زعبيل والتي أنجزت في شهر سبتمبر، وتكلف بناؤها ستين ألف روبية.

    والتحق بها أبناء راشد الشيوخ مكتوم وحمدان ومحمد، مع العديد من أقربائهم وأبناء زعبيل ودبي. حيث وصل عدد الدارسين خمسين طالبا، ومنها انتقل آل ماجد للتدريس في مدرسة الشعب، وبعدها المعهد الديني الإسلامي مساعدا للمدير لعامين حتى 1960.

    في عام 1963 أصدر المغفور له الشيخ راشد، رحمه الله، أمرا بنقل الشيخ عمر من المعهد الديني الإسلامي وتعيينه مديرا لدائرة الطابو. وراجعه الشيخ عمر لإعفائه من المسؤولية التي عجز عن أدائها العديد من المدراء ومساعديهم ممن سبقوه، ولكنه أصر وعمل في هذه الوظيفة التي اعتبرها صعبة وشاقة، وقال عنها «لولا رحمة ربي ومساعدتي وإعانتي عليها لتركتها في أول أيامها من شدة ما جاءتني من قضايا ومشاكل ومنازعات كانت تقع بين الأهالي والملاك على الأراضي والأملاك التي يتنازعون ملكيتها».

    ولكن الشيخ عمر استطاع أن يكون عند حسن ظن من وضعه في المنصب، وختم رحلة العمل في الدائرة من غير أي مخالفة أو شكوى من أي كان لدى الحاكم أو أي من كبار المسؤولين في البلاد.

    وكان الناس عند النظر إلى وجه الشيخ عمر بن عبيد الماجد كانوا يجدون الورع والوداعة في ملامح رجل أفنى عمره من أجل خدمة وطنه الذي أحبه وأحب حكامه. وكان قدوته في الحياة المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم الذي أحبه أيما حب وتأثر بشخصيته وفكره إلى أبعد حد.

    وبقي الشيخ عمر منذ ذلك الحين حتى ثالث أيام العيد رجلا تقيا دمثا ودودا متواضعا خلوقا كما عرفته دبي والإمارات كلها بعيدا عن الأضواء.. حتى استرد الله وديعته أمس ليغادرنا إلى دار الخلود.. ولا نجد سوى الابتهال إلى الله ليتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء.

    الله يرحمه ويتغمد روحه الجنة
    ويجعلها مأوه ومثواه
    اللهم انر قبرة واجعله واسعا برحمتك
    وان يلهم اهله وذويه الصبر والسلوان

Comments are closed.