واشنطن ـ أ.ف.ب: تفيد المؤشرات ان العام المقبل سيكون سيئا بالنسبة للاقتصاد العالمي بعد سنة طبعتها ازمة القروض العقارية العالية المخاطر في الولايات المتحدة وارتفاع اسعار النفط على خلفية تدني سعر الدولار.
وتوقع ناريمان بهراوش رئيس قسم الاقتصاد في مكتب «غلوبال انسايت» للدراسات ان «يكون عام 2008 قاتما في الولايات المتحدة وضعيفا في اوروبا».

وخفضت منظمة التعاون والامن في اوروبا اخيرا من 2.7 الى 2.3% توقعاتها للنمو في دول منطقتها خلال عام 2008، فيما يتوقع ان يحذو صندوق النقد الدولي حذوها بعدما خفض توقعاته بشأن النمو الاقتصادي العالمي الى 4.8%.

ورأى محللون في مصرف غولدمان زاكس في مذكرة ان الاقتصاد سيظل متأثرا بعواقب ازمات عام 2007 التي «ستذكر بالتأكيد انها سنة حافلة بالمفاجآت السيئة». فقد اكتشف العالم بإسره خلال هذا العام وجود القروض العقارية العالية المخاطر التي تمنح الى اسر اميركية فقيرة، والتي اثارت ازمة مالية واسعة النطاق الصيف الماضي.

وتعكس الاسواق المالية قلقا وتوترا شديدين. وعمدت المصارف جميع انحاء العالم الى تشديد شروطها لمنح القروض ما اثر على النمو الاقتصادي. ولا تشير التوقعات الى تحسن على هذا الصعيد العام المقبل.

وقال بهراوش ان الولايات المتحدة «في منطقة الخطر»، محذرا من امكانية حصول انكماش اقتصادي. وتابع انه «يجب من اجل ذلك حصول صدمتين. شكلت ازمة القروض العقارية صدمة اولى، واذا ما واصلت اسعار النفط ارتفاعها الى مستوى 95 الى 100 دولار للبرميل، فان ذلك قد يكون كافيا لإثارة انكماش نظرا لهشاشة الاقتصاد». وهذه الهشاشة مرشحة للتزايد في حال صحت مخاوف العديد من المحللين وتفاقمت ازمة القروض العقارية مع تضاعف عمليات وضع اليد على العقارات التي عجز المشترون عن تسديد اقساطها. ولا يتوقع الخبراء ان يزيد معدل النمو بكثير عن 2% في الولايات المتحدة. وحذر بهراوش من ان ذلك سينعكس سلباً على باقي العالم.

وتوقع كارلوس كاثيرس من مصرف «مورغان ستانلي» ان «يستمر هبوب رياح قوية معاكسة» في منطقة اليورو، ذاكرا منها اسعار النفط المرتفعة وسعر اليورو القوي وانعكاسات ازمة القروض.

ويؤكد لوي غالوا رئيس مجموعة الدفاع والصناعات الاوروبية (اي ايه دي اس) التي تصنع طائرات ايرباص، مرارا انه يخسر اكثر من مليار يورو كلما تراجع الدولار عشرة سنتات، وهو يعتزم نقل قسم من نشاطات مجموعته الانتاجية الى منطقة الدولار. غير ان العديد من المحللين يرون ان سعر اليورو قد يصل الى 1.55 دولار بحلول منتصف السنة المقبلة.

كذلك يخشى البعض ان تلقى الازمة الاميركية اصداء قوية في عدد من الاسواق العقارية الاوروبية، وفي طليعتها الاسواق الاسبانية والبريطانية والايرلندية. وقال بيتر بيريزين من غولدمان زاكس «حتى لو كان الوقع اقل منه في الولايات المتحدة، فان ذلك سينعكس على النمو في هذه الدول».

غير ان الاقتصاد في بلدان منطقة اليورو اثبت قدرة على المقاومة، مما يقلل من احتمالات حدوث انعكاسات قوية».

ويذهب بعض المتفائلين الى حد توقع تحسن في الاوضاع الاقتصادية منتصف السنة. وقال المحللون في مصرف سوسييتيه جنرال ان «الولايات المتحدة ستشهد انتعاشا وسيتراجع اليورو في مواجهة الدولار وستنخفض اسعار النفط، ما سيؤدي الى تسجيل نمو بنسبة 2% في منطقة اليورو في النصف الثاني من السنة».

ومع تفاقم الازمة المالية تراجعت الى المرتبة الثانية المخاوف المرتبطة بالصين غير ان النمو الاقتصادي القوي الخارج عن اي ضوابط في هذا البلد قد تترتب عنه انعكاسات نهاية السنة.

وقال بهراوش «علينا ألا نتوقع تباطؤا اقتصاديا قبل الالعاب الاولمبية، غير ان الحكومة قد تتخذ بعد ذلك اجراءات اكثر صرامة لإبطاء الاقتصاد وثمة مخاطر بحصول صدمة قوية بين نهاية عام 2008 وعام 2009».