لا يحتاج المستثمرون الذين يحاولون تخمين اتجاه الجدل الدائر في الخليج حول اصلاح نظام الصرف الأجنبي النظر بعيدا. فسلطان ناصر السويدي محافظ مصرف الامارات المركزي أبدى شكوكا في الحكمة من تثبيت أسعار الفائدة في يناير/ كانون الثاني الماضي.

وبعد شهور من الصمت لم يتخللها سوى بعض التصريحات المدروسة عاد السويدي الى دائرة الضوء ليتحدث عن الاصلاح بثقة من يدرك ان المد قد تحول لمصلحته.

وتحدث السويدي الذي رفض إجراء مقابلات صحافية طوال الصيف لاربعة صحافيين من وكالات أنباء خلال أسبوع واحد ليمزق السيناريو الذي اتبعه محافظو البنوك المركزية منذ دفعت الكويت بخطط الوحدة النقدية الخليجية الى أزمة في مايو/ ايار بتخليها عن ربط عملتها بالدولار.

واستخدم عبارات قوية مثل “مفترق الطرق” و”ضغوط قوية” لرفع قيمة العملة ليكشف بذلك عن لامبالاة باحتمال أن تؤدي تصريحاته الى زيادة التكهنات في الاسواق بشأن اقدام الامارات على فك ربط عملتها بالدولار الهابط.

وتزايدت حدة تصريحات السويدي خلال الأسبوع لتولد المزيد من الضغط على الدرهم وعملات خليجية أخرى خاصة الريال السعودي الذي سجل أعلى مستوى منذ 21 عاما في نهاية جولته الآسيوية التي أدلى خلالها بالتصريحات.

وكان السويدي نفسه قال للصحافيين ثلاث مرات في يوم واحد خلال يونيو/ حزيران ان الامارات ليس لديها خطط لرفع قيمة الدرهم في المستقبل المنظور وشدد على الدوام أن أي قرار بالتخلي عن ربط العملة سيتخذه زعماء دول الخليج وليس محافظو البنوك المركزية.

وقد تزايدت مبررات اصلاح نظام العملة منذ أثار السويدي للمرة الاولى احتمال اعادة النظر في أسعار الصرف الاجنبي على مستوى المنطقة في مقابلة مع رويترز في يناير الماضي.

ومنذ ذلك الحين تخلت الكويت عن الربط وانخفضت العملة الامريكية الى مستويات قياسية في الاسواق العالمية وظهرت أزمة القروض العقارية التي دفعت مجلس الاحتياطي الاتحادي الى خفض الفائدة مما دفع بنوكا مركزية خليجية الى الاقتداء به.

ومع تركيز السياسة النقدية على الحيلولة دون ارتفاع العملة زاد التضخم في المنطقة الى مستويات لم يصلها منذ سنوات ودفع ذلك الى المطالبة بزيادة الاجور مثلما حدث في السعودية وفرض قيود على الايجارات العقارية مثلما حدث في دول أخرى بل والى أعمال شغب قام بها عمال مهاجرون يطالبون بزيادة الاجور في الامارات.

وأصبحت دول التعاون تقول الآن ان من الصعب الالتزام بموعد طرح العملة الموحدة في 2010 ان لم يكن ذلك مستحيلا.

ولذلك فإن السويدي ربما كان ينطق بما هو جلي للعيان عندما تحدث من جديد فجأة عن اصلاح نظام الصرف خلال كلمة ألقاها في طوكيو الاسبوع الماضي.

وقال السويدي في 13 نوفمبر ان الامارات وصلت الى “مفترق طرق” فيما يتعلق بربط الدرهم بالدولار وانها تبحث التحول الى سلة عملات مثلما فعلت الكويت.

وارتفعت العملات الخليجية مع هذه التصريحات التي كانت جرعة الصراحة فيها أكبر من المعتاد. فعلى سبيل المثال حذرت الكويت المستثمرين من المراهنة على ارتفاع الدينار قبل قرارها فك الربط مباشرة.

ولا يقتصر الامر على ما صدر عن السويدي من تصريحات بل الاسلوب الذي شدد به السويدي على توصيل رسالته بأن شيئا ما قد تغير. كما أن رد الفعل السعودي لتصريحات السويدي أشار الى تغير ما رغم أنه اتسم بالحذر.

فقد رد مصدر مطلع على سياسة الصرف السعودية على مكالمة من رويترز يوم الجمعة طلبا للتعقيب وقال ان المملكة قد تكون على استعداد للنظر في رفع قيمة العملة للمرة الاولى منذ عام 1986. لكنه استبعد التخلي عن الربط والتحول الى سلة عملات.

بيد ان المسؤولين السعوديين امتنعوا عن الادلاء ل “رويترز” بهذا التصريح للنشر على مسؤوليتهم.

وكان رد الفعل السعودي قاطعا في آخر مرة دعا فيها السويدي من قبل الى اصلاح نظام الصرف الاجنبي. فقد استبعد حمد سعود السياري محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي أي تغيير في سياسة الصرف وهو ما فعله أيضا محافظو البنوك المركزية في قطر والبحرين وعمان والكويت.

وتراجع السويدي عن المواجهة وانضم اليهم في اخماد التكهنات التي أثارتها تصريحاته حتى كانت زيارته لطوكيو.

ولخص عمر بن سليمان محافظ مركز دبي المالي العالمي الجو السائد في الامارات حيث قال “من المهم ان ينظر الخليج الى هذا الامر معا لكن في نهاية اليوم سيتطلع كل بلد الى استراتيجيته الخاصة للاجل الطويل… وربما يتحرك قبل الآخرين اذا لم يكن هناك اتفاق”.

وعلى من يترقبون أي بادرة على ما اذا كانت الامارات ستغير سياسة الصرف ان يتابع السويدي. (رويترز)

ارباب

2 thoughts on “تقرير اقتصادي … سلطان السويدي و”تمزيق السيناريو”

  1. إذا كنت متابع تصريحاته
    1- أول شي كان يقول لا لفك العمله
    2-وفي ليله صرح بأننا راح نتخلى عن الدولار وبيسووون سلة عملات وأكثرها من اليورووووووووو
    3- وفجأه الرجال غير كلامه وقال أنا ماقلت هذا الكلام أو الناس فهموه غلط

    أنا لا أعرف الرجال ولا بجرح في شخصه…

    شوف تخلف الخدمات البنكيه عندنا وإنت أحكم على المصرف المركزي مالنا.

    في السعوديه صاروا يكتتبون من خلال الصراف الآلي والنت وهو جالس في بيته لا وهو يشرب شاي مع المعزبه.

    يوم أسأل بعض البنوك ليش ما تسهلون خدماتكم قالوا إحنا قدمنا طلب للمركزي من كم سنه وماشي رد

    الواحد لازم يرسم سياسة لدائرة شغله وشو متطلبات العمل. ودمتم

  2. قرار فك أرتباط الدرهم بالدولار هو قرار سياسي بالدرجة الأولى قبل أن يكون قرارا ماليا أو أقتصاديا . ثم هناك تعارض وتضارب في المصالح بين فئات التجار والأغنياء …منهم قد يستفيد استفادة كبيرة جدا بفك الأرتباط وخصوصا الذي يشتري او يتاجر مع الدول الغير دولارية …ومنهم من يخسر كثير خصوصا الذين لديهم أستثمارات عقارية او ودائع في الدول الغير دولاريةا…..لذلك صرح بالأمس وزير المالية الشيخ حمدان بن راشد أن فك الأرتباط سيضر بالمستهلكين وسيضر بالأقتصاد….!! فالحكاية ليست بتلك السهولة التي قد يتصورها البعض ولو كانت سهلة فعلا لتمت الحكاية منذ اكثر من سنه فلماذا كل هذا الأنتظار….!!؟؟ بأنتظار قرار سياسي أما بفك الأرتباط ، أو على الأقل أعادة تقييم قيمة الدرهم مقابل الدولار حسب معطيات الدولية الحالية….وحسب ناتجها القومي الحالي.

Comments are closed.