تقارير الأسعار العادلة للأسهم ..مالها وما عليها !
مع عودة التحسن إلى أسواق الأسهم الإماراتية بدءاً من النصف الثاني من العام الجاري، كثرت خصوصاً في الآونة الأخيرة التقارير التحليلية الصادرة عن مؤسسات مالية إقليمية وعالمية تحدد الأسعار العادلة أو المستهدفة لأسهم الشركات المدرجة في الأسواق المالية .

عانت الأسواق في فترات سابقة خصوصاً في فترات موجات التصحيح طيلة العام 2006 من ندرة هذه التقارير في وقت كانت بحاجة فعلية إليها وما إن استردت الأسواق عافيتها، تدفقت التقارير كتدفق السيولة لكنها خلقت نوعاً من ” البلبلة ” في الأسواق , كما اتّسمت بالتناقض فيما بينها ووصفها كثيرون بـ ” المبالغة ” تارة و” بالتهوين ” تارة أخرى .

إتهامات

ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل وُجهت الإتهامات للجهات المصدرة لهذه التقارير بأن لها مصالح شخصية من وراء إصدار تقارير تعطي توصية بـ ” شراء ” سهم ما أو ” بيع ” سهم آخر على اعتبار أن غالبيتها تمتلك مكاتب وساطة مالية، لها مصلحة في صدور هذه التقارير.

وهنا السؤال : أين الحقيقة ؟ وهل هناك بالفعل أغراض شخصية وراء تقارير ” تقييم الأسهم ” ؟

طبقاً لتقرير أصدرته شركة ” جلف كابيتال ” فإن أسواق المنطقة تعاني بالفعل من قصور في التقارير الخاصة بأداء الشركات المدرجة في أسواق المال، وهذا ناتج عن قصور في تطبيق معايير الحوكمة، ذلك ان وجود إطار عمل قوي يطبق مبادئ الحوكمة أساس لوجود إدارات بحوث وشركات مستقلة تقوم على إعداد هذه التقارير .

واستناداً إلى التقارير المتاحة حول أبرز 5 شركات في المنطقة من حيث القيمة السوقية، وُجد أن متوسط عدد التقارير الصادرة لكل شركة حوالي 3 تقارير فقط ترتفع إلى 8 تقارير في حالة شركات الإتصالات .

ويصل متوسط التقارير بالنسبة لأسواق المنطقة إلى تقريرين لكل شركة في سوق دبي و3 تقارير لكل شركة في ابوظبي و 3 تقارير في السعودية و5 تقارير في الكويت وتقريرين في الدوحة في حين يصل إلى 17 تقرير لكل شركة في سوقي الولايات المتحدة وبريطانيا و 8 تقارير في كندا .

وتشير هذه النتائج إلى الضعف الواضح في التقارير التي تقيس أداء الأسهم ويرجع السبب في ذلك بحسب ” جلف كابيتال ” إلى ضعف معايير الإفصاح , وغياب قاعدة المستثمرين المؤسستيين علاوة على ضعف المعلومات التي توفرها الشركات في نشرات الاكتتاب .

على سبيل المثال فإن متوسط صفحات نشرات الاكتتاب في الأسواق المتقدمة يصل إلى 163 صفحة في حين يصل إلى 122 صفحة في سوق السعودية و57 صفحة في بقية أسواق المنطقة .

ولكن من الملاحظ أنه مع مجيء مؤسسات مالية دولية بحجم ” دويتشه بنك ” و ” ميريل لينش ” وجولدمان ساكس ” و ” مورجان ستانلي ” للعمل في المنطقة إلى جانب شركات إقليمية مثل ” شعاع كابيتال ” و ” المجموعة المصرية المالية ” هيرميس ” و ” بيت الاستثمار العالمي ” جلوبل ” وإصدارها تقارير تقييم لأسهم المنطقة خصوصاً الأسهم الإماراتية بدأ الاهتمام بما يسمي بـ ” شركات التقييم ” .

مبالغات وتهوينات

يجمع محللون ماليون على أهمية أن تتولى شركات ومؤسسات مالية معروفة سواء كانت دولية أو إقليمية إصدار تقارير دورية تحلل بموجبها أداء الشركات المدرجة في الأسواق وحركة أسهمها بحيث تساعد هذه التقارير المستثمر على إتخاذ قرار إستثماري سليم بناء على نصيحة هذه التقارير خصوصاً وإن أسواق المنطقة تتسم بغلبة المستثمرين الأفراد الذين يشكلون نحو 90% من إجمالي عدد المستثمرين .

ومن الملاحظ أن الآونة الأخيرة شهدت تدفقاً غير مسبوق في عدد التقارير الصادرة التي تحدد القيم العادلة لأسهم معنية وخرجت كلها في توقيت واحد وتفاوتت في تقديراتها لتحديد سعر السهم الواحد وهو ما يثير الشكوك حول أهدافها .

سهم إعمار على سبيل المثال قُيّم خلال الفترة الأخيرة بأكثر من سعر، فقد حدده مؤخراً دويتشه بنك بنحو 20.40 درهم , وقبل فترة زمنية قصيرة قيّمته مؤسسة دولية أخرى بنحو 18 درهم وقيّمته شعاع كابيتال بـ 17 درهم , وهناك تقييمات للسهم عند 16 درهماً .

سهم آخر هو سهم ” دو” قيّمته مؤخراً المجموعة المالية المصرية ” هيرميس ” بـ 7 دراهم ورفعت بذلك تقديرها العادل للسهم بنسبة 15% عن سعره السوقي بأقل من 6 دراهم عن آخر تقريرٍ أصدرته فيما وُصف عن أنه ” تقييم مبالغ فيه وعلى العكس تماماً حددت ” هيرميس ” السعر العادل لسهم دبي للإستثمار عند 3.95 درهم بأقل من 26% عن سعره السوقي عند قرابة 5.50 درهم فيما وصف عن أنه تقييم ” مهون وغير منطقي ” أيضاً !

وهو ما أثار الاستغراب في أوساط المتعاملين من منطلق أن شركة ” دو ” لا تزال تسجل خسائر وستبدأ في تحقيق أول أرباحها عام 2009 في حين ان كافة المؤشرات تشير إلى أن شركة دبي للإستثمار ستحقق قفزات كبيرة في أرباحها للعام الجاري في ضوء نتائجها للشهور التسعة الاولى من العام والتي ارتفعت بأكثر من 40% عن الفترة ذاتها من العام الماضي .

مثال آخر، أصدرت إحدى المؤسسات المالية تقريراً يحدد السعر العادل لسهم شركة سوق دبي المالي بأكثر من 8 دراهم في وقت كانت الشركة تفصح عن تراجع أرباح الربع الثالث من العام، ووُصف هذا التقييم بالمبالغ فيه وساهم في زيادة حدة المضاربات على السهم الذي قفز من 4 دراهم إلى أكثر من 7 دراهم .

خطورة هذه التقارير كما يجمع المحللون الماليون على أنها يمكن أن ” تورط ” الكثيرين الذين يأخذون بتوصياتها ” بيع ” أو ” شراء ” أو ” حتى ” محايد ” خصوصاً إذا ما كانت صادرة عن مؤسسات مالية عالمية يحتم منها المصداقية .

مراقبة

المحلل المالي زياد الدباس يرى أن مراقبة هذه التقارير بات ضرورة للتأكد من عدم وجود تضارب في المصالح ومدى مصداقيتها وتوقيت نشرها وعدم إستغلالها في ظل ضعف الاستثمار المؤسساتي في الأسواق المحلية وضعف الوعي الاستثماري وسيطرة سيولة المضاربين على حركة الأسواق .

يسوق الدباس أمثلة شبيهة بما ذكرناها تدلل على رأيه بوجود تضارب بين التقارير التي تقيم أداء الأسهم يقول : أنه بمجرد صدور تقييم شركة هيرميس حول سهم شركة دبي للإستثمار تلقيت إستفسارات عدة من مستثمرين عديدين حول حقيقة هذا التقييم الغريب خاصة وأن الشركة حققت نموا متميزا في صافي ارباحها بلغت نسبته 44.3% في الشهور التسعة الاولى من العام ويتوقع ان تصل أرباحها للعام الجاري 1.5 مليار درهم .

ويضيف أن مضاعف سهم دبي للإستثمار يصل إلى 9 مرات وهو من الأسهم الرخيصة ولذلك سجّل السهم في ثاني يوم صدور هذا التقييم، إرتفاعاً قياسياً في سوق دبي وكأن السوق ردت على هذا التقييم بتجاهل تام ويعود السبب في ذلك إلى عدم وجود مبررات منطقية لهذا التقييم من حيث توقعات الآداء في المستقبل أو سجلها في الماضي أو طبيعة مصادر دخلها أو مخاطر عملها تؤدي إلى إنخفاض سعرها السوقي .

إزاء ذلك يدعو العديد من المحللين هيئة الأوراق المالية والسلع الإماراتية بصفتها الجهة الرقابية على الأسواق إلى التدخل لضبط ” سوق التقارير ” خصوصاً في الفترة الحالية التي تترقب فيها الأسواق النتائج الختامية للشركات عن العام الجاري، ذلك إن صدور أية تقارير في الوقت الحالي عن أسهم معينة بإعطاء توصيات بالشراء أو بالبيع أو حتى بالحياد من شأنه أن يؤثر على حركة الأسواق التي ستكون ” ملتهبة ” في الأساس .

2 thoughts on “تقارير الأسعار العادلة للأسهم ..مالها وما عليها !

Comments are closed.