تزايد قضايا التحقيق في الفساد المالي والإداري في دولة الإمارات يسلط الضوء على الأمن الاقتصادي الضروري في ظل النمو الكبير والانفتاح

أرقام 11/08/2008

تتالت في عام 2008 إعلانات التحقيق الرسمي في قضايا فساد مالي داخل شركات ومؤسسات في دولة الإمارات وتم الكشف رسميا عن ست قضايا مالية كبيرة، وهناك حديث عن قضايا أخرى لم يتم الكشف رسميا عنها.

ويبدو أن تزايد النمو الاقتصادي ودخول الاستثمارات الأجنبية بكثافة وتوجه المستثمرين من أنحاء العالم إلى الإمارات للاستثمار بها خصوصا في المجال العقاري، دفع ببعض المحتالين إلى استغلال الوفرة والطفرة الاقتصادية والمالية الموجودة بطرق غير مشروعة من خلال السرقات أو الرشاوى أو الاحتيال والنصب.

ففي أبريل 2008 تم الكشف عن اعتقال الرئيس التنفيذي لشركة “ديار للتطوير العقاري” للتحقيق في قضايا اختلاس وخيانة الثقة (لم يكشف عن ماهيتها بالضبط)، تلا ذلك الكشف عن قضية اعتقال نائب الرئيس التنفيذي السابق لبنك دبي الإسلامي في قضية رشوة في بداية شهر يونيو 2008، وتزامنت هذه الحادثة مع الإعلان عن اعتقال صاحب محفظة مالية وهمية في أبو ظبي جمع 400 مليون درهم تقريبا من مستثمرين أغرى بهم ووعدهم بعائد يفوق 30% ليكتشفوا فيما بعد زيف ادعائاته.

كما تم الإعلان الرسمي عن الحجز على أموال محفظة وشركة البوم، التي جمعت أموالا طائلة من المستثمرين بحجة استثماراها في أنشطة متعددة عقارية وغيرها، ليتم الكشف عن عجز هذه المحفظة عن إرجاع رؤوس أموال المستثمرين وحصصهم فيها فضلا عن الأرباح وبالتالي اعتقال صاحبها “عابد البوم” والحجز على أملاكه في إطار التحقيق معه.

وتم الإعلان في 27 يوليو 2008 عن تنحية وزير الدولة “خليفة الفلاسي” بعد إحالته للقضاء من قبل نيابة دبي بتهم خيانة الأمانة والثقة والمشاركة الإجرامية، جراء اتهامه من قبل سيدة لبنانية باستيلائه على أموال شقيقها المتوفى والذي كان مكفوله وتقدر هذه الأموال بعشرات الملايين.

وأخيرا تم الكشف عن محفظة وهمية تسمى “محفظة الأمان” في دبي جمع صاحبها (سعودي الجنسية) أموالا من مستثمرين وفر بها، دون منحهم عائدا أو إرجاع رؤوس أموالهم.

أهم قضايا التحقيق في الفساد المالي في دولة الإمارات – 2008
الشركة – الجهة التاريخ القضية المتهم الوضع الحالي للقضية
ديار للتطوير أبريل 2008 اختلاس وخيانة ثقة الرئيس التنفيذي السابق “زاك شاهين” و3 آخرون قيد التحقيق
بنك دبي الإسلامي يونيو 2008 تلقي رشاوي نائب الرئيس السابق “رفعت العثماني” و3آخرون قيد التحقيق
محفظة وهمية في أبو ظبي 2008 جمع 400 مليون للاستثمار دون ترخيص صاحب المحفظة قيد التحقيق
محفظة البوم يوليو 2008 جمع أموال للاستثمار دون ترخيص رئيس شركة البوم “عابد البوم” قيد التحقيق
“خليفة الفلاسي” يوليو 2008 الاستيلاء على مال الغير وخيانة الثقة وزير الدولة السابق “خليفة الفلاسي” تمت إحالته للقضاء

ويشاع حديث بين أوساط المستثمرين وبعض وسائل الإعلام عن قضايا تحقيق أخرى مع أحد كبار ملاك شركة “تمويل” المدرجة بسوق دبي ولها علاقة بقضية “ديار”، وكذلك عن تلقي بعض موظفي “نخيل” رشاوى مقابل منحهم بعض عملاء الشركة أولويات في حجز وحداتهم السكنية التي تلقى إقبالا كبيرا يظهر في شكل طوابير انتظار تمتد لساعات وربما تزيد عن يوم.

ويبدو أن السلطات في دولة الإمارات عازمة على القضاء على الفساد المالي والاقتصادي الذي تتزايد وتيرته مع تزايد النمو الاقتصادي، ولم يتم الإعلان الرسمي عن أي حملة لتحقيق هذا الهدف كما تفعل دول أخرى، ولكن سير التحقيقات في القضايا المذكورة، وعزل وزير الدولة السابق “خليفة الفلاسي” من منصبه جراء التحقيق معه بتهم الاستيلاء على مال الغير، يوحي بذلك.

وكانت قضية المحافظ الوهمية قد دفعت بمصرف الإمارات المركزي إلى إعلان قائمة بشركات الاستثمار المالية المرخصة خلال هذا العام 2008 وضمت 17 شركة استثمارية مرخصة، ليدل بذلك على عدم قانونية أي محفظة أو شركة أخرى ليست بالقائمة المذكورة تقوم بتجميع أموال مستثمرين على أساس الاستثمار بها.

يذكر أن دولة الإمارات العربية المتحدة قد تراجعت في تقرير الشفافية 2007 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية من المرتبة 31 إلى المرتبة 34 لتصبح الثانية خليجيا بعد قطر بعد أن كانت سابقا الأولى خليجيا.

ويعد الأمن الاقتصادي ضروريا لتحقيق النمو الاقتصادي المستهدف وجلب الاستثمارات الأجنبية، ويتطلب الأمن الاقتصادي درجة عالية من الكفاءة والجهد للكشف عن ملابسات الاحتيال والسرقات والرشاوى ونحوها، والتي قد تستخدم طرقا الكترونية أو تقنية معقدة، وتتطلب جهدا للكشف عنها، كما يحصل في عمليات الاحتيال الالكتروني على الحسابات البنكية، ولا يكفي في الإجراءات المتبعة حيال ذلك التحقيق فيها وإنهاء قضاياها بل يتطلب الحد منها ومن وجودها أصلا وبناء ثقة في الاقتصاد وأمنه وترسيخ هذه الثقة وتطويرها لإيجاد الجو الملائم للاستثمار، خصوصا إذا تعلق الأمر بمؤسسات تملك فيها الحكومية ملكية كلية أو جزئية كبنك دبي الإسلامي.

كما يتطلب الأمن الاقتصادي قوانين اقتصادية وتجارية حديثة توضح طرق الاستثمار وتتابع تطوراته ومجالاته وحقوق المستثمرين والتجار والعملاء وتشدد العقوبات على المخالفين، فعلى سبيل المثال أعطى قانون الضمان العقاري الذي تبنته السلطات العقارية في دبي حافز ثقة وارتياح لدى المستثمرين في تعاملاتهم العقارية، بحيث لا يسمح بالتعامل في الاستثمارات العقارية إلا مع جهة تملك حساب ضمان عقاري موثق، يعوض أي ضرر يلحق بالمستثمر جراء تصرفات الشركة الغير قانونية إن حصلت.

وحذرت السلطات الأمنية عدة مرات من عمليات الاحتيال والنصب التي يقوم بها بعض المحتالين، وكشفت عن تفاصيل بعض القضايا الصغيرة التي تم بها الاستيلاء على مال الغير، كما أصدر مركز دبي المالي العالمي اليوم تحذيرا رسميا للجمهور من رسائل بريد إلكتروني احتيالية بشأن استثمارات وهمية تدّعي أنها تمثل كبار صناع القرار في مجتمع الأعمال والخدمات المالية، وتدعو هذه الرسائل الأفراد للمشاركة كوسطاء أو عملاء في برامج إدارة محافظ استثمارية في الأسهم. وكثرت كذلك التحذيرات الأخرى من عمليات الاستثمارات الوهمية والنصب والاحتيال.

ومع تزايد أعداد السكان في دولة الإمارات بشكل كبير بسبب كثرة الوافدين إليها وانفتاحها وسهولة الدخول إليها، فإن الأمن الاقتصادي سيكون أحد التحديات الكبيرة الموازية للأمن الاجتماعي والسياسي، حيث كان الأمن الاقتصادي أحد الميزات الهامة التي جلبت استثمارات بعشرات المليارات إلى الإمارات وخصوصا منها الاستثمارات العقارية، وسيبقى هذا التحدي موجودا خصوصا مع عزم الإمارات ودبي خاصة السير قدما في مشاريع ضخمة قد تزيد قيمها عن ماتم إنجازه من مشاريع، وكذلك جعل عدد سكان مدينة دبي عام 2015 أضعاف عدد السكان الحاليين في استراتيجية نمو حددت أطرها رسميا في وقت سابق.

One thought on “تزايد قضايا التحقيق في الفساد المالي والإداري في دولة الإمارات يسلط الضوء على الأمن ا

  1. الحمد لله بلادنا في أمن وأمان بفضل الله أولا ثم بمتابعة شيوخنا الكرام ، وهذه الكلمات المنمقة في الجرائد ماهي إلا مواضيع سابقة تعيد تشغيل الإسطوانه التي قضى عليها الزمن… وهي تملئة لأماكن الفراغ في الجرائد ومنهج للخوارج في قذف الشفافية أو قذف الدولة بعدم السيطرة على الأمور..

    البلاد في خير وأمن وأمان ونحن في حماها بعد الله سبحانه وليخسأ الخاسؤون…

Comments are closed.