المستثمرون المياومون

حسين العويد

ليس هناك ما يشير الى أن الأرباح التي قد تسجلها الشركات المساهمة والبنوك في النصف الثاني من هذا العام ستكون أقل من أرباح النصف الأول التي باتت في معظمها معروفة ومعلنة . بل إن بعض الشركات لم تتورع عن الإعلان مسبقا بأنها تتوقع زيادة كبيرة في أرباحها على الرغم مما يرتبه مثل هذا الاعلان من التزام أدبي وما يشكله من مخاطر على سمعة الشركات التي تقدم على مثل هذا الاعلان في حال أخفقت في تحقيق تلك التوقعات، مما يعكس ثقة بالنفس وثقة بالأسواق أيضا .

وبصفة عامة فإن الشركات المساهمة والبنوك تبدو واثقة من أدائها لأن معظم الشركات ترتبط عمليا بمشاريع أو عمليات تمويل مرتبة ومعروفة لمدد تزيد في كثير من الأحيان على السنة المالية الحالية مما يتيح لها فرصة إعطاء توقعات ربحية ذات مصداقية عالية .

لكن يبدو أن الأسواق لا تنصت كثيرا الى تقارير القائمين على الشركات ولا إلى توقعاتهم، ليظل سلوكهم محكوما بالأداء يوما بيوم وحسب تيار المضاربة الجارف الذي لايتوقف عند أي تحليل ولا عند أي معلومة بل يندفع باتجاه واحد، هو حركة السوق اليومية والتي يوجهها في كثير من الأحيان مضاربون يفتقدون للخبرة والحس المالي الصحيح ويبنون قراراتهم وتداولاتهم على أساس ما يجنونه من أرباح يومية مهما كانت هذه الأرباح تافهة وقليلة ولا تتناسب مع القيمة الحقيقية للسهم الذي يشترونه أو السهم الذي يبيعونه . وباتت هذه التصرفات أشبه بتصرفات عمال المياومة الذين يعملون لتوفير مستلزمات يومهم من دون أن يكون لهم رصيد استراتيجي يساعدهم على مواجهة أي طارئ أو الصمود في مواجهة أي ظرف غير متوقع .

ولعل تدني أحجام التداول اليومي وتذبذب الأسعار من أسبوع الى آخر يعكس هذا الواقع . فالسهم الذي يرتفع في بداية أسبوع التعاملات لا يلبث أن يتراجع الى أقل مما بدأ به على الرغم من أنه لم تطرأ على السهم أي تغيرات جوهرية تستدعي مثل هذا التراجع بل إن ما يحدث في الواقع تطورات إيجابية لا تجد أي صدى عند بعض المضاربين .

نحن لا نطالب المتعاملين بالجمود لكننا نأمل أن يكون هناك نوع من التعامل الواعي مع بعض المعطيات المالية، إذ كيف يعقل أن تتراجع أسهم شركة أو بنك يعلن بملء الفم ان أرباحه في النصف الأول من العام تضاعفت أكثر من مرة وأن التوزيعات التي ينتظر أن تتم في نهاية السنة المالية ستكون أعلى بكثير من توزيعات العام الماضي؟

وكان التراجع في أسعار معظم الأسهم خلال العامين الماضيين مفهوما باعتبار أنه كان جزءاً من عملية التصحيح العميقة التي خضعت لها الأسواق بعد طفرة غير منطقية في الأسعار وضعت الكثير من الأسهم فوق القيمة الحقيقية لها . لكن هذا الوضع يتغير الآن، فالأسعار الحالية أقل من القيمة الدفترية في بعض الأحيان وهي قريبة جدا من أسعار الاكتتاب في كثير من الحالات، هذا مع العلم أن الشركات والبنوك لديها أعمال مستقرة وواضحة ولديها ارتباطات طويلة الأمد تجعل من أي استثمار في السوق استثمارا مضمونا عند توفر الرؤية الكافية للأفق الواسع الذي يمتد أمام المستثمرين الذين لايزال كثير منهم ينظرون الى ما تحت أقدامهم، لا الى الأفق البعيد الذي ما زال مفتوحاً على مصراعيه أمامهم .

ولا بد أن نشير هنا الى خلل آخر يحكم رؤية البعض الى حركة السوق وهو ما يحدث في الأسواق المجاورة من تطورات . ومع أننا ندرك أن ثمة ظروفاً متشابهة بين أسواقنا وأسواق الدول المجاورة إلا أن هناك قدراً من الخصوصية للأسواق الاماراتية، لا بسبب التنوع والعمق الذي تتمتع به فقط بل لأجواء الاستقرار والانفتاح التي تجعل لها جاذبية أكبر لا للمتعاملين المحليين فقط، بل لشركات ومؤسسات أجنبية تجد في الامارات واحة مناسبة لأي عمل يتسم بالديناميكية والتجدد المستمر .

ارباب

2 thoughts on “تداول 11 سهماً بأقل من قيمتها الدفترية

  1. تداول 11 سهماً بأقل من قيمتها الدفترية آخر تحديث:الأربعاء ,06/08/2008

    دبي فؤاد جشي:

    دفع التراجع المستمر لأسواق الأسهم المحلية بأسعار 11 سهماً إلى الانخفاض لتسجل مستويات أقل من قيمتها الدفترية، وذلك بفعل انحسار التداولات خلال الأشهر الأخيرة وتأثر المستثمرين بالعوامل النفسية المحيطة بحركة التداول المحلية .

    ويجري تداول سهم أسمنت أم القيوين بسعر يمثل 0،99 من قيمته السوقية، يليه جيما ،0،96 والشارقة الإسلامي ،0،93 وشعاع كابيتال ،0،92 والاسمنت الأبيض ،0،91 والدواجن والعلف ،0،77 والإمارات للتأمين ،0،75 والاسمنت الوطنية ،0،73 ودبي للتأمين ،0،64 وأبوظبي الإسلامي ،0،21 والوطنية للسياحة 0،15 .

    ويجمع الخبراء على ان الأسعار الحالية للأسهم أصبحت مجدية للاستثمار وفقاً للمعايير الأساسية التي تحدد مدى جدوى اقتناء الأسهم في حال لم تتأثر الأسواق بعوامل أخرى مرتبطة بحركة السيولة وانعكاسات الاستثمار الأجنبي والأوضاع العامة .

    وتستحوذ الأسهم الحديثة على نسبة كبيرة من السيولة التي تدخل إلى الأسواق حالياً بفعل المضاربات التي تجرى على هذه الأسهم من أجل تحقيق أعلى عائد منها خلال فترة زمنية قصيرة، الأمر الذي يسهم بتركيز المستثمرين على الاكتتابات باعتبارها تحقق الآن عائداً استثمارياً مرتفعاً قياساً بالحركة البطيئة في أسواق الأسهم .

Comments are closed.