حذر تقرير اقتصادي حديث من مخاطر محتملة وواضحة في القطاع المالي الخليجي، على الرغم من المستقبل الإيجابي المنظور ومنها المبالغة في الانكشاف أمام قطاعي الإنشاءات، والعقارات، حيث هنالك علاقة ارتباط قوي لذلك بأسواق الأسهم الإقليمية (ولا سيما في دبي). وهنالك كذلك مواطن ضعف محتملة في إدارة المخاطر).
وأظهر التقرير الصادر عن بنك “يو بي إس” السويسري أن أسواق الشرق الأوسط ستكون الأكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب خلال عام 2008, خاصة في أسواق دول مجلس التعاون التي تعد أسرع مناطق العالم نموا، رغم التباطؤ الاقتصادي العالمي.
وأوضح أن هناك أربعة عوامل مؤثرة وراء سر الجاذبية الاستثمارية لأسواق المنطقة أهمها أن التقييمات في معظم أسواق الشرق الأوسط جذابة بصورة منطقية مقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى، خاصة في بعض القطاعات الرئيسية، ومن المتوقع أن يكون التوسع الاقتصادي في المنطقة مستداما لعدة أسباب ليس أقلها ارتفاع أسعار النفط.

في مايلي مزيداً من التفاصيل:

أظهر تقرير اقتصادي حديث أن أسواق الشرق الأوسط ستكون الأكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب خلال عام 2008, خاصة في أسواق دول مجلس التعاون التي تعد أسرع مناطق العالم نموا، رغم التباطؤ الاقتصادي العالمي.
وأوضح التقرير الصادر عن بنك “يو بي إس” السويسري أن هناك أربعة عوامل مؤثرة وراء سر الجاذبية الاستثمارية لأسواق المنطقة وهي: إن التقييمات في معظم أسواق الشرق الأوسط جذابة بصورة منطقية مقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى، خاصة في بعض القطاعات الرئيسية، ومن المتوقع أن يكون التوسع الاقتصادي في المنطقة مستداما لعدة أسباب ليس أقلها ارتفاع أسعار النفط، إن الشرق الأوسط واحد من الأقاليم القليلة في الاقتصاد العالمي التي يفترض أن تظل الدورة الاقتصادية فيها بمعزل واضح عن النمو الاقتصادي الأبطأ وتيرة في الولايات المتحدة وأوروبا، طالما ظلت أسعار النفط مرتفعة وهو الأمر الذي نتوقعه، علاقات الارتباط بين أسواق أسهم الشرق الأوسط وأسواق الأسهم العالمية متدنية مقارنة بالأقاليم الأخرى، لأن أسواق المنطقة ليست متكاملة تماما مع الأسواق العالمية بسبب بعض القيود المفروضة. إلى التفاصيل:

ذكر “يو بي إس” أنه إذا ألقينا نظرة فاحصة على التقييمات عبر الأسواق، فإننا نجد أن أكثر القطاعات جاذبية هي الخدمات المالية المنوعة، والمواد والسلع الأساسية، والرعاية الصحية. وعلى الرغم من الانتشار الواسع لجهود التنوع، فإن الطاقة، والسيولة المرتبطة بالطاقة لا تزال المحرك الأقوى للنشاط الاقتصادي في هذه المنطقة، وأهم القطاعات الرئيسية في دول الخليج هي: النفط، الغاز، الإنشاءات، والقطاع المالي.

النفط
لدى المملكة العربية السعودية أعلى احتياطي نفطي مثبت، ليس في الشرق الأوسط وحده، وإنما على مستوى العالم، حيث يقدر حجم احتياطياتها النفطية بـ 264 مليار برميل. وتأتي بعدها إيران، ثم العراق، ثم الكويت، بينما تحتل ليبيا المرتبة الثامنة بعد فنزويلا وروسيا. وتأتي قطر في المرتبة 14، بينما تحتل الجزائر المرتبة 16، عمان المرتبة 23، ومصر المرتبة 29. والبلد الوحيد بين دول مجلس التعاون الخليجي الذي لديه احتياطي نفطي متواضع هو البحرين. ويتوقع أن يتم استنفاد الاحتياطي النفطي السعودي، حسب أرقام الإنتاج الحالية، خلال 68 عاماً، بينما يستمر الاحتياطي النفطي الكويتي لمدة 100 عام، مقابل 84 عاماً للإمارات العربية المتحدة، و34 عاماً لقطر، و20 عاماً لعمان، في حين أن الاحتياطي النفطي البحريني قريب من النفاد.
أما على صعيد الإنتاج، فإن نسبة إنتاج دول الشرق الأوسط النفطية أقل من نسبتها من حيث مجموع الاحتياطي العالمي. ولا تزال المملكة العربية السعودية في الطليعة، ولكن الإمارات تحتل المرتبة الثامنة، في حين تحتل الكويت المرتبة الحادية عشرة، تليها الجزائر في المرتبة الثالثة عشرة، وليبيا في المرتبة الخامسة عشرة، وقطر في المرتبة العشرين، وعمان في المرتبة الرابعة والعشرين، ومصر في المرتبة السادسة والعشرين. ويظهر هنا كذلك أن البحرين متأخرة عن هذا الركب. وازداد إنتاج دول مجلس التعاون الخليجي من النفط بصورة واضحة خلال الفترة من 2002 إلى 2006، مما سمح باستمرار المحافظة على حصة تلك الدول في الإنتاج العالمي من النفط عند 23 في المائة.

الغاز:
تأتي قطر، السعودية، والإمارات في المراتب 3، 4، و5 من حيث احتياطي الغاز بعد روسيا، وإيران. كما أن قطر تتصدر منطقة الخليج بصورة واضحة بهذا الخصوص. وتأتي الجزائر في المرتبة الثامنة على الصعيد العالمي بعد الولايات المتحدة، مصر، الكويت، ليبيا، وعمان، حيث تحتل هذه الدول المراتب 18، 20، و24، و27 على التوالي. وتأتي البحرين هنا كذلك في مرتبة متأخرة، حيث تحتل المرتبة 49.
والمقارنة بحصة دول الشرق الأوسط من احتياطيات الغاز العالمية، فإن هذه الدول تسجل أرقاماً أدنى على جداول إنتاج الغاز عالمياً. والدول الرئيسية في هذا المجال في الشرق الأوسط هي الجزائر (في المرتبة 6)، السعودية (في المرتبة 9)، قطر (في المرتبة 18)، عمان (في المرتبة 26)، ليبيا (في المرتبة 32)، الكويت (في المرتبة 34)، والبحرين (في المرتبة 39).
وكما يظهره الرسم البياني، فإن منطقة دول مجلس التعاون الخليجي كانت ناجحة للغاية في زيادة إنتاجها من الغاز خلال السنوات الأخيرة. وبذلك زادت من حصتها من إنتاج الغاز العالمي إلى 8 في المائة في الوقت الراهن وهنالك عدد قليل فقط من الدول المنتجة للغاز التي زادت المشاريع الاستثمارية الطموحة في إنتاج الغاز، مما يعني أن نسبة إنتاج دول الخليج من الغاز العالمي سوف تتعزز انطلاقاً من ذلك.

القطاع المالي
بعد عام 2006 الصعب الذي مضى في ظلال تصحيح سوق الأسهم (2005/2006)، تمتع القطاع المالي في دول مجلس التعاون الخليجي بمعدلات نمو مرتفعة خلال الفترة الأخيرة. وتوحي الصورة المستقبلية للاقتصاد القائمة على استهلاك واستثمار محلي قوي، وسيولة وافرة مرتبطة بالطاقة، إضافة إلى ديناميكيات سكانية إيجابية، بأن مستقبل القطاع المالي سوف يظل مواتياً خلال المستقبل المنظور.
وعلى الرغم من قوة نمو الائتمان خلال السنوات الأخيرة، ذلك الائتمان الذي استفاد منه القطاع الخاص، كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة، فإنه لا يزال غير مرتفع بالمعايير الدولية. وتبلغ نسبة الائتمان إلى الناتج المحلي الإجمالي أعلاها في الإمارات، ثم البحرين، والكويت، حيث تراوح بين 64 و67 في المائة، وأدناها في عمان والسعودية (40 في المائة)، بما يتماشى مع المعدلات السائدة في اقتصادات ناشئة كثيرة، ولكنه متواضع مقارنة بالوضع القائم (أكثر من 100 في المائة) في معظم دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهو يدل على أن هنالك مجالاً واسعاً لاختراقات ائتمانية أعلى في معظم دول مجلس التعاون الخليجي. وإلى جانب البنية التحتية، وتمويل المشاريع، فإن القطاع المصرفي الخاص، والتمويل الاستهلاكي، والتمويل العقاري (الرهن)، والتمويل الإسلامي، كثيراً ما يشار إليها كمجالات واعدة بصورة خاصة فيما يتعلق بالنمو المستقبلي.
أما نسبة القروض إلى الودائع، فتزيد على 100 في المائة في عمان، الإمارات، الكويت، وقطر، حيث زادت البنوك في هذه الدول من مستويات اقتراضها الدولي خلال السنوات القليلة الماضية. أما في البحرين، السعودية، ومصر، فإن تلك النسبة لا تزال أقل من ذلك، مما يوحي بانطلاق معتدل للقطاع المالي.
وتوصف القيمة السوقية للقطاع المصرفي في دول مجلس التعاون الخليجي بأنها قوية، حيث إن الملاءة الرأسمالية للبنوك أعلى بكثير من الحد الأدنى الذي تحدده “بازل 11” (8 في المائة). ويقال كذلك إن البنوك تزيد نشاطها في التخلص من تركة القروض سيئة الأداء، حيث إن نسبة تلك القروض تقل حالياً عن 5 في المائة في معظم دول مجلس التعاون الخليجي، حسب بيانات معهد التمويل الدولي.
وعلى الرغم من المستقبل الإيجابي المنظور، إلا أن هنالك مخاطر محتملة وواضحة في هذا القطاع، ومنها المبالغة في الانكشاف أمام قطاعي الإنشاءات، والعقارات، حيث هنالك علاقة ارتباط قوي لذلك بأسواق الأسهم الإقليمية (لا سيما في دبي). وهنالك كذلك مواطن ضعف محتملة في إدارة المخاطر).

الإنشاءات
تعد منطقة مجلس التعاون الخليجي أسرع مناطق العالم نمو فيما يتعلق بقطاع الإنشاءات. ويقدر عدد المشاريع الإنشائية الرئيسية قيد التنفيذ في الوقت الراهن بألفي مشروع، كما أن قيمة المشاريع المنتظر إنجازها حتى عام 2012 تصل إلى 1.3 تريليون دولار. ومن المنتظر أن تكون الحصة الكبرى في ذلك من نصيب الإمارات (300 مليار دولار)، حيث تفاخر بأن لديها أعلى معدل إنفاق إنشائي للفرد في العالم، حسب أقوال خبراء الصناعة. وهنالك انتعاش في الإنشاءات المتعلقة بالقطاع العام، والقطاع المدني، والبنية التحتية الخاصة بالصناعة، والسكن الخاص، والممتلكات التجارية، والمرافق السياحية، مما يؤدي إلى انتشار ملحوظ باتجاه طيف واسع من الخدمات ذات العلاقة التي تراوح بين الخدمات المالية، مروراً بالخدمات الإدارية، ووصولاً إلى أعمال التشطيب الداخلي للمباني.
وتعد شبكة الطاقة مجرد مثال على الاستثمار المكثف للغاية في البنية التحتية. ونتيجة للنمو الاقتصادي القوي، والنشاط الإنشائي الهائل، فإن الطلب على الطاقة زاد بصورة حادة في المنطقة، وهو اتجاه مرشح لاستمرار النمو، حيث يتوقع الخبراء زيادة الطلب على الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة تراوح بين 7 و10 في المائة سنوياً خلال السنوات العشر المقبلة، إذ ستتفوق، بصورة ملحوظة، على معدل زيادة الطلب العالمي على الطاقة البالغ 3 في المائة سنوياً.

أسواق الأسهم: أسواق مركزة
نحدد لأغراض الفصل أسواق الشرق الأوسط كعامل الأسهم في مؤشر Msci الخاص بأسواق الشرق الأوسط.
وهنالك خاصيتان تميزان هذه الأسواق عن بقية الأسواق الناشئة: أما الخاصية الأولى، فهي أن الأسواق الخليجية مركزة للغاية ضمن كل دولة، حيث هنالك أربع دول تشكل معظم السوق في هذه المنطقة (السعودية، الكويت، الإمارات، ومصر). والسوق السعودية هي الكبرى، حيث تشكل نحو 53 في المائة من مجموع القيم الرأسمالية لأسواق المنطقة. أما الأسواق الأصغر فهي (البحرين، الأردن، عمان، المغرب، وقطر) التي تشكل كمجموعة نحو 10 في المائة من القيمة الرأسمالية لمجموع أسواق المنطقة.
وأما الخاصية الثانية، فهي أن التكوين القطاعي لهذه الأسواق مختلف تماماً عن بقية الأسواق الناشئة، إذ إنها تنحرف بقوة باتجاه ثلاثة قطاعات فقط: القطاع المالي، قطاع المواد، وقطاع الاتصالات.

ويشكل القطاع المالي أكثر من نصف مجموع القيم السوقية. ويغيب هنا قطاع الطاقة نظراً لأن شركات النفط في المنطقة مملوكة من جانب الدول، كما يلاحظ كذلك غياب القطاعات الاستهلاكية.

التقييمات الإجمالية مسايرة للأسواق الناشئة العالمية
يبدو أن معظم تقييمات الأسواق العربية متماشية مع معدل الأسواق الناشئة العالمية، أو أعلى منه بقليل. وتبدو معدلات الاقتصادات الخليجية الأصغر مثل البحرين، والكويت، أكثر جاذبية من معدل الأسواق الناشئة العالمية. وتنعم المنطقة عموماً بواحد من أسرع معدلات النمو في الأسواق الناشئة، بينما تظل التقييمات دون مستويات دول النمو الأعلى، مثل الصين، والهند، أو إندونيسيا.
وتبدو هذه التقييمات منطقية تاريخياً، على الرغم من أنها شهدت زيادات خلال الأشهر القليلة الماضية. وتراجعت التقييمات في المنطقة سواء على أساس تقييم الأداء، أو على أساس الأداء المقارن بالقيمة الدفترية، بصورة أساسية عن المستويات المتضخمة التي بلغتها عام 2006 . ومن الملاحظات المهمة كذلك أن فروق التقييمات تراجعت، حيث يتم التداول في معظم دول الخليج العربي بمضاعفات قريبة من بعضها بعضا. وتُستثنى من ذلك أسواق المغرب، والأردن، ومصر ذات التكامل الأقل مع أسواق منطقة الخليج، كما أنها جزء من المؤشر المعياري للأسواق الناشئة.

معدلات النمو المتضمنة ليست مرتفعة بشكل خاص
نوجه هنا نظرة أخرى إلى التقييمات في هذه الأسواق من خلال احتساب نمو العائد وفقاً للتقييمات الجارية مستخدمين قائمتين مختلفتين من الافتراضات.
نفترض أن عائد السهم مستدام على المدى الطويل لكل من الأسواق العربية، والأسواق الناشئة العالمية الأخرى. ونفترض كذلك تكلفة للأسهم بنسبة 10 في المائة بما يتوافق مع فرضيتنا المعيارية الخاصة بالأسواق الناشئة.
نتخذ نهجاً أكثر محافظة، ونفترض عائد سهم على المدى الطويل بنسبة 12 في المائة، أي أقل بكثير من المعدل السائد، وأقل من المعدل طويل المدى لأسواق الدول الناشئة الأخرى، كما نفترض كذلك تكلفة للأسهم بنسبة 10 في المائة.
ويوضح الرسمان البيانيان أعلاه نتائج هذا التحليل، حيث إن معظم معدلات النمو تقريباً أقل بكثير من معدل النمو الاسمي للناتج المحلي الإجمالي، كما أن الفرق كبير في بعض الحالات. وإن المغرب هو البلد الوحيد الذي يمثل الوضع فيه عكس ذلك. واستناداً إلى ما نعتقد أنه فرضيات محافظة فيما يتعلق بعائد السهم في الأجل الطويل، فإن التقييمات الحالية في معظم الأسواق العربية جذابة.
وطبيعي ألا تكون جميع الأسواق العربية بالدرجة ذاتها من إمكانية الاستثمار فيها، حيث إن السوق السعودية مغلقة إلى حد كبير أمام المستثمرين الأجانب، على الرغم من أن عدداً كبيراً من المشاركين في نشاطات الأسواق يعتقدون أنها سوف تشهد انفتاحاً أوسع خلال العامين المقبلين. وأدت التغييرات التي أدخلت على ضريبة المكاسب الرأسمالية في الكويت إلى زيادة جاذبية تلك السوق في نظر المستثمرين الأجانب. وبينما تعد التقييمات جذابة في عمان، قطر، والبحرين، فإن السيولة المتوافرة فيها أدنى بكثير مما يتوافر في الأسواق الأخرى (مع أنها كافية بالنسبة لعدد قليل من الأسهم). وتقدم الإمارات، ومصر تقييمات جذابة نسبياً، وسيولة كافية، إضافة إلى صورة مستقبلية قوية على صعيد الاقتصاد الكلي