مؤشر القدس ارتفع 35% العام الحالي.. وشركات أجنبية تخطط للاستثمار هناك
بورصة فلسطين: قصة نجاح تحت ظل الاحتلال

نابلس – سامر خويرة

تمكنت سوق فلسطين للأوراق المالية من تحقيق النجاح وتجاوز الأزمات التي يتسبب فيها الاحتلال يومياً، وأصبحت اليوم واحدةً من البورصات التي تحقق نمواً قوياً، فيما يتنبأ لها المراقبون وخبراء الاقتصاد بمستقبل جيد.

وتتعطل بورصة فلسطين بين الحين والآخر بسبب الاحتلال الإسرائيلي، الذي كثيراً ما يقتحم المدن والقرى الفلسطينية، ويفرض فيها حظر التجوال، ويشل الحركة الاقتصادية فيها بالكامل.

رغم الاحتلال

ولا يزال مدير دائرة الشركات في بورصة فلسطين محمد حجاز يستذكر الأيام التي اجتاح فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي مدينة نابلس وبقية مدن الضفة الغربية عام 2002، وكيف كان القائمون على السوق يستغلون رفع قوات الاحتلال لمنع التجول ساعاتٍ قليلة من أجل عقد جلسة التداول في السوق.

ويقول حجاز، الذي يعمل في البورصة منذ عام 1997، لـ”الأسواق نت”، “لا زالت تلك المرحلة عالقة في ذهني، فقد مرت السوق المالية بأوضاع بالغة السوء، وخاصة خلال فترة الاجتياحات الإسرائيلية للمدن الفلسطينية، حيث كانت تنعدم الحياة بالكامل، لكننا رغم ذلك كنا نتسلل إلى مقر السوق خلسة من بين الدبابات التي تكون متمركزة في كل مكان، ونقوم بعملنا على أكمل وجه”.

ويضيف “كنا خلال تلك الساعات نعقد جلسات التداول، رغم أن أحجام التداول كانت ضعيفة جداً ومتواضعة وقصيرة، إلا أن الإرادة كانت قوية لمواصلة العمل.. كنا نريد أن نقول للعالم والمستثمرين إن السوق ما زالت تعمل في ظل ظروف مستحيلة”.

ويختم حجاز بالقول “لقد أعطتنا هذه التجربة الثقة كلما مررنا بمراحل صعبة، لأنه لا يمكن تصور مرحلة أصعب من تلك التي تحدينا فيها كل العقبات ونجحنا في تجاوزها”.

بدايات متواضعة

إدراك عدد من رواد القطاع الخاص الفلسطيني أهمية إنشاء سوق حديثة متطورة ومنظمة جيداً لتسهيل التعامل بالأوراق المالية في فلسطين، واستقطاب رأس المال المحلي والأجنبي لقطاع الأعمال من خلال التمويل الطويل الأمد للمشاريع الإنتاجية والتجارية والبنية التحتية، عوامل ساعدت في تبلور فكرة خروج السوق المالية إلى حيز الوجود، وهو ما كان بالفعل مع توقيع اتفاقية تشغيل سوق الأوراق المالية، كشركة مساهمة خاصة، مع السلطة الفلسطينية في السابع من تشرين الثاني 1996.

وعُقدت أول جلسة تداول في السوق في 18 شباط 1997، حيث كانت أول بورصة عربية تسمح باستخدام التقنية الإلكترونية والآلية للتداول بالأوراق المالية.

وبالرغم من بدايتها المتواضعة، حافظت السوق على نمو مستمر من حيث عدد الشركات المدرجة وعدد جلسات وحجم التداول، فمن عدد قليل فقط من الشركات المدرجة في أوائل 1997، ارتفع العدد إلى 37 في العام الحالي، ويتوقع أن يزداد العدد بعد تشكيل إطار تنظيمي قوي للأسواق المالية بفلسطين، ومن ضمنها هيئة سوق رأس المال، والتي تشرف على المؤسسات المالية غير المصرفية، ومن ضمنها سوق فلسطين للأوراق المالية.

قفزات متتالية

وفيما كانت سوق فلسطين تواجه مصاعب وعوائق كبيرة، فإنها حقق قفزات نوعية متتالية تفوقت فيها على الكثير من البورصات العربية التي سبقتها زمنيا بعدة سنوات، حيث ارتفعت قيم التداول في العام 2005 لتصل إلى 2.096 بليون دولار، وهذا يمثل أكثر من ضعف قيم التداول لجميع السنوات منذ أول جلسة تداول حتى نهاية 2004.

وارتفعت القيمة السوقية للأسهم المدرجة في السوق إلى ما يقرب من 4.5 بلايين دولار، لتكون بذلك بحجم أو أكبر من حجم أسواق الأوراق المالية في سبع من أصل عشر دول أوروبية أعضاء جدد في الاتحاد الأوروبي.

وفي العام 2006 دخلت بعض المحافظ والصناديق الاستثمارية الأجنبية إلى السوق الفلسطينية، ويؤكد المدير التنفيذي للسوق المالية الفلسطينية أحمد عويضة أنه “لا توجد قيود على تدفق النقد إلى الأراضي الفلسطينية، كما أن الشركات المدرجة في السوق هي شركات ناجحة وذات نسبة نمو عالية للأرباح، وأسعار الأسهم الفلسطينية تتداول بأقل من قيمها العادلة وهي مغرية جدًّا للشراء.. الأمر الذي يجعل السوق المالية بفلسطين سوقا واعدة وذات عائد مجدٍ ومعقول للمستثمرين”.

ويشير عويضة -في حديثه لـ”الأسواق نت”- إلى أن “السوق حظيت بحضور قوي على كافة المستويات بمشاركاتها وعضويتها في العديد من المؤسسات والمنظمات والاتحادات الخاصة بأسواق المال العربية والعالمية، فهي عضوة في اتحاد أسواق المال العربية واتحاد البورصات الأوروبية والأسيوية، واتحاد البورصات العالمية، وملتقى بورصات الدول الأسيوية، كما أن السوق من أوائل البورصات العربية في المنطقة التي تتعامل بالتداول عبر الإنترنت”.

استثمارات خارجية

وعن إدراج شركات عربية جديدة في السوق الفلسطينية، يوضح عويضة أن “القانون لا يمنع ذلك، ونحن نشجع ونرحب بإدراج شركات عربية وأجنبية في بورصة فلسطين؛ لما لهذا من أثر في تعزيز عمل السوق وتقوية وتوزيع خيارات المستثمرين”.

ونوه إلى أنه رغم الظروف التي تعيشها الحالة الفلسطينية، وفي ظل عدم نضوج فكرة الإدراج المشترك، ومع إيمان القائمين على السوق بأهميته في الأسواق العربية، إلا أنه ما زال شعارا أكثر منه ممارسة عملية على أرض الواقع.

ويرد الرئيس التنفيذي للسوق المالية على من يقول بوجود “كبار” يتحكمون بالأسهم، وبعدم وجود شفافية في التعامل، بتأكيده على أن “الأقوال كثيرا ما تكون اتهامية عندما يتبع بعض المستثمرين شائعات وأخبارا غير صحيحة في استثماراتهم، ما يؤدي إلى جنيه خسارة”.

وأشار إلى أن “الشفافية والإفصاح موجودان في بورصة فلسطين، ويتطوران بشكل مستمر، وهما من أفضل أسواق المال في المنطقة جودة، كما أن أهم أهداف السوق هي حماية المستثمرين وصغارهم، خصوصا عبر وسائل وإجراءات عديدة، وبمعلومات وافية وكاملة صحيحة، حيث يحمي الإفصاح من استغلال المعلومات الداخلية للتداول ومن الإشاعات”.

مؤشرات إيجابية

المستشار والخبير الاقتصادي الدكتور عدنان أبو الحمص رئيس دائرة المحاسبة في جامعة بيرزيت بالضفة الغربية يشير من جهته إلى أن السوق، ورغم كل ما تمر به، إلا أنه استطاع تحقيق قفزات نوعية بأدائه، “فخلال النصف الأول من العام الحالي ارتفع مؤشر القدس بقيمة 35.10% مقارنة مع النصف الأول من العام 2007، كما ارتفعت القيمة السوقية للسوق بنسبة 31.32% في ذات المدة، ليصل إلى 3.2 مليار دولار، كما ارتفع معدل التداول اليومي بنسبة 96.47% مقارنة مع العام الماضي، ليصل إلى 7 ملايين دولار يوميا هذا العام، كما ازداد حجم التداول عبر الشبكة العنكبوتية ليستحوذ حاليا على 19.4% من إجمالي التداولات”.

ويضيف أبو الحمص، متحدثا لـ”الأسواق نت”، “هناك كثير من الأرقام التي نستطيع ذكرها تؤشر إلى تطور السوق وتحقيقها مزيدا من النجاحات، الأمر الذي يعود إلى عوامل عدة أهمها التطور المستمر للأداء وخضوعه لرقابة من قبل هيئة سوق رأس المال الفلسطينية، التي يحكمها قانون متطور يراعي أحوال السوق ويدفع باتجاه تحقيقه المزيد من النتائج الإيجابية”.

ويوضح أبو الحمص أن نظام الإفصاح المطبق في السوق حديث جدا ويحقق الشفافية المطلوبة، كما أن غالبية الشركات المدرجة تفصح ضمن المهلة المحددة لها، وتصل نسبة الإفصاح فيه إلى 100%.

وعن إدراج شركات عربية وأجنبية لأسهمها في السوق، يوضح أبو الحمص أن هناك رغبة لذلك من المستثمرين في الخارج؛ نظرا لأن الأسهم في السوق الفلسطينية أقل من قيمتها الحقيقية، وقد قامت بعض الشركات الخليجية تحديدا بالاستثمار في البورصة الفلسطينية، ومنها شركة الأرض القابضة إحدى شركات مجموعة الراجحي السعودية، و”ديار” القطرية.

ويطالب أبو الحمص القائمين على السوق والمعنيين بها بالعمل على تشجيع الشركات العربية والأجنبية على زيادة استثماراتها المباشرة وغير المباشرة في السوق الفلسطينية، لما لذلك من مردود واضح وانعكاس إيجابي.

One thought on “بورصة فلسطين: قصة نجاح تحت ظل الاحتلال ومؤشر القدس ارتفع 35% العام الحالي

  1. الله يعينهم ويعاونهم
    هؤلاء هم الطائفه المنصوره باذن الله
    ويكفيهم الحصار في غزه وابعد عنهم هوامير الخليج الذين لا يعرفون حلال ولا حرام فقط ابلع ارزاق الناس بدون خوف من الله.

Comments are closed.