بلدان الخليج تعيش مرحلة الطفرة النفطية وديناميكية الإنفاق الحكيم

MENAFN.COM – 25/11/2005
—————————————–
——————————————–
السيارات الرياضية الفارهة تجاوزتنا انا وصديقي الكويتي على جانبي الطريق، وانها تملأ شوارع مدينة الكويت بشكل يجعل معه مدينة لوس انجلوس تتوارى خجلاً امامها، وفي احد مراكز التسوق الفاخرة تطلب الأمر منا أكثر من ساعة للعثور على موقف للسيارة.

لكي تصدق ما يحدث في دول الخليج اليوم، عليك ان ترى ذلك بأم عينيك.

سلسلة من الاحياء التي تكاد تكون «مانهاتن مصغرة» تنتشر في الخليج وتمتد من مدينة الكويت الى دبي في شهادة حية على الطفرة النفطية غير العادية التي تشهدها دول الخليج هذه الايام.

ان اسعار النفط هي واحدة من اكثر الديناميكيات وضوحاً ومباشرة في الاقتصاد العالمي لجهة انتقال الثروة من منطقة لاخرى اي من اقتصادات الغرب الى دول الخليج.

عندما وضعت حكومة الكويت ميزانية العام الماضي، كانت التقديرات على اساس سعر 15 دولاراً لبرميل النفط وبالتالي كان عجزاً متوقعاً بلغ 10 مليارات دولار.

لكن ذلك اليوم يبدو الان وكأنه شيء من الماضي البعيد. فأمام الوفرة النفطـية الحالية الناجمة عن بلوغ النفط سعراً قياسياً وهو 60 دولاراً للبرميل، تتــقزم طفــرة السبــعينات وخصــوصاً مع اصرار وعزم الحكومات الخليجية على الانفاق الحكيم هذه المرة.

ويقدر البنك الدولي ان 60% من الدخل الاضافي الذي حصلت عليه دول الخليج خلال فترة السبعينات انفق على الاستهلاك. لكن هذه المرة وضعت دول الخليج سقفاً للانفاق لا يتجاوز 25%، وفي كل دولة من دول الخليج شكل من اشكال «صناديق الاجيال القادمة» وهي حسابات بمليارات عدة من الدولارات، وتعتبر من اكبر الصناديق الاستثمارية في العالم.

ومن المثير حقاً التفكير في أنه في الوقت الذي يضع الاقتصاديون الآثار والتبعات الاقتصادية طويلة الأجل لحوادث مثل اعصار كاترينا جانباً، لا يمكنهم القيام بذلك مع الارتفاع الحاد في اسعار النفط، والى جانب انتقال الثروات بين المناطق، هناك ايضاً تحول كبير من الاستهلاك الى الادخار العالمي وهو نبأ جيد لاسواق الأسهم، لكنه في النهــاية عامل انكــماش للنمو العالمي.

اثار مذهلة

ومع ذلك، لا يمكن انكار ان نسبة الـ 25% التي تنفق من هذا التدفق المالي الهائل لها أثار مذهلة فنحن الذين فــي الغرب نــفشل عادة فــي فــهم الدينــاميـــكية الحقيقية لاقتصادات الشرق الأوسط، فقد كنا نسمع مصرفيين اميركيين يصفون دولة كالكويت بانها لطبقة ثرية حاكمة يديرها عدد قليل من النخبة الذين يحتفظون بكل شيء لانفسهم. لكن يتبين ان هذا كله محض هراء وسخف. فالكويت لديها نظام ضمان اجتماعي يجعل السويديين يشعرون بالخجل حياله.

وبموجب هذا النظام للضمان الاجتماعي يحق للمواطنين الكويتيين اسكان مجاني ورعاية صحية مجانية للجميع ووظيفة مضمونة للمواطنين كافة، وهي في الواقع مضمونة بقوة الدستور، فضلاً عن الدعم الحكومي لكل شيء بدءاً من الكهرباء 90% الى المواد الغذائية الاساسية لدرجة تحبس الانفاس.

لا فقير

وصحيح ان الكويت بلد البعض فيه ثري جداً لكنها ايضاً البلد الذي لا يوجد فيه فقير واحد. والطبقية الاجتماعية في الكويت محدودة جداً ولا تقارن بتلك التي اعتدنا عليها في الدول الغربية وخصوصاً في الولايات المتحدة الاميركية.

وللانفاق على الضمان الاجتماعي آثاره السياسية المهمة. فالعديد من المراقبين الخليجيين ومنهم الاقتصادي السعودي موسى الفياض يربط بين تصاعد الجهاد الاسلامي وتقلص الانفاق على الرخاء والضمان الاجتماعي خلال العقد الماضي نتيجة لتراجع اسعار النفط.

تفجيرات عمان

وقد كانت تفجيرات عمان التي وقعت في 9 نوفمبر الحالي تذكيراً صارخاً على مدى اهمية هذه المنطقة (المنطقة العربية) كجبهة عالمية سواء على الصعيد السياسي او الاقتصادي.

وبالتالي فان قرار محطة الاذاعة البريطانية بي بي سي انشاء محطة تلفزيونية ناطقة بالعربية منافسة للجزيرة، يعد قراراً مهماً.

ولذلك فان كيفية انفاق الوفرة النقدية الحالية الناجمة عن الطفرة النفطية امر مهم وحيوي، ليس فقط لدول الخليج بل لنا جميعاً.

ان التركيبة الســكانية المستقبلية (الديموغرافية) في الكويت معاكسة للقنبلة السكانية في الدول الغربية.

فسبعة من كل عشرة كويتيين هم اقل من 21 عاماً. وفي اقتصاد يوظف نحو 96% من مواطنيه بشكل أو بآخر فان توفير وظائف لهم في المستقبل يشكل تحدياً سياسياً.

لا يمكن لاحد ان يحسد الكويت على مثل هذا التحدي، لكن عند النظر الى هذه المدينة الجميلة بشكل مدهش، والتي لم تترك اثراً واحداً للدمار الرهيب الذي خلفه الاحتلال العراقي الهمجي قبل 15 عاماً، ربما يكون المرء على حق في أن يصبح متفائلاً.

كريستوفر ووكر (اندبندنت)
< تعريب: ايمان عطية <
مميزات كويتية
< إسكان ورعاية صحية بالمجان
< وظيفة مضمونة بقوة الدستور
< دعم بنسب «تحبس الانفاس»
< مجتمع ليس فيه فقير واحد

———–

:dddvvv: :dddvvv: