اوسلو (ا ف ب) – فاز الرئيس الاميركي باراك اوباما الجمعة بجائزة نوبل للسلام بعد اقل من تسعة اشهر على دخوله البيت الابيض حيث اجرى تغييرا جذريا في السياسة الخارجية باعتماده مقاربة تصالحية ومتعددة الاطراف.
وقال اوباما انه “فوجىء” باعلان فوزه بالجائزة التي تلقاها ب”تواضع عميق”، معتبرا انه لا يستحقها مقارنة بالفائزين السابقين بها.
وفي اول رد فعل له بعد فوزه بالجائزة، قال اوباما ايضا انه يرى فيها “دعوة للعمل” ضد الاحتباس الحراري والانتشار النووي ولحل النزاعات. وتابع في تصريحه الذي ادلى به من البيت الابيض “فوجئت بقرار لجنة نوبل وفي الوقت نفسه اتلقاه بتواضع كبير”.
واضاف الرئيس الاميركي “لأكن واضحا. انا لا اراها (الجائزة) اعترافا بانجازاتي الشخصية اكثر مما هي تأكيد لزعامة اميركية باسم تطلعات يتقاسمها البشر من كل الامم”.وتابع “لأكن صادقا، لا اشعر بانني استحق ان اكون برفقة هذا العدد من الشخصيات التي كرمتها هذه الجائزة”.
وتطرق الرئيس الاميركي الى “الرجال والنساء الذين الهموني والهموا العالم اجمع عبر سعيهم الشجاع الى السلام”.
وحاول اوباما ان يخفف من الانتقادات التي واجهت منحه الجائزة عندما اعتبر ان لجنة جائزة نوبل يمكن ان تستخدم هذه الجائزة ليس لمكافأة عمل معين فقط، بل لدفع بعض القضايا قدما.
وقال “لذلك اقبل هذه المكافأة على انها دعوة للعمل، دعوة الى كل الدول كي تقف في مواجهة التحديات المشتركة للقرن الحادي والعشرين”. واضاف “لا يمكن ان نتسامح مع عالم ينتشر فيه السلاح النووي في مزيد من الدول”.
وتطرق مباشرة الى النزاع في الشرق الاوسط وتكلم عن “التزام لا يتزعزع” كي يتمكن الاسرائيليون من العيش بسلام ولتكون للفلسطينيين دولتهم.
وعن التغيرات المناخية قال اوباما “لا يمكننا ان نقبل بالتهديد المتنامي المتمثل بالتغيرات المناخية، لذلك على كل الدول ان توافق على تحمل حصتها من المسؤولية وتعديل الطريقة التي نستخدم بها الطاقة”.
واضاف ان “هذه التحديات لا يمكن ان يواجهها زعيم واحد او امة واحدة” مضيفا “لذلك عملت ادارتي لقيام مرحلة جديدة من الالتزام تتحمل فيه كل الامم مسؤولية الوصول الى العالم الذي ننشد”.
وتطرق الى ضرورة الدفاع عن الحريات الشخصية ودعا الى التسامح، مذكرا بان العالم لا يزال يعاني من ازمة اقتصادية وبان الولايات المتحدة تخوض حربين في افغانستان والعراق.
وقال رئيس لجنة نوبل النروجية ثوربيورين ياغلاند ان اوباما “بصفته رئيسا، اوجد اوباما مناخا جديدا في السياسة الدولية”.
غير ان الرئيس الاميركي يواجه حربين مفتوحتين في العراق وفي افغانستان، حيث يسعى لاقرار استراتيجية جديدة وحيث الوضع لا ينفك يتدهور الى حد دفع الكثيرين الى تشبيه حرب افغانستان بحرب فيتنام.
واوضحت لجنة نوبل انها “علقت اهمية خاصة على رؤية اوباما وجهوده من اجل عالم خال من الاسلحة النووية”.
وصدر رد الفعل الاول من ايران التي لا تزال موضع قلق الغرب على خلفية برنامجها النووي المثير للجدل. واعتبرت طهران ان هذه الجائزة ينبغي ان تحض اوباما على “العمل ضد الظلم” في العالم.
اما حركة المقاومة الاسلامية (حماس) فاعتبرت ان على الرئيس الاميركي ان يقدم الكثير “ليستحق” جائزة نوبل للسلام التي فاز بها هذا العام.
واعلن روبرت غيبس المتحدث باسم الرئيس الاميركي ان اوباما سيتوجه بنفسه الى اوسلو لتسلم جائزة نوبل للسلام في العاشر من كانون الاول/ديسمبر الذي يصادف ذكرى وفاة مؤسس الجائزة الصناعي ورجل الخير السويدي الفرد نوبل.
وتسلم اوباما (48 عاما) اول رئيس اسود للولايات المتحدة، مقاليد الحكم قبل اقل من تسعة اشهر وقد دعا الشهر الفائت في الامم المتحدة الى عالم خال من الاسلحة النووية. وقال يومها خلال جلسة طارئة لمجلس الامن الدولي “علينا الا نوقف جهودنا قبل ان يأتي اليوم الذي نرى فيه الاسلحة النووية وقد زالت عن وجه الارض”.
واقر مجلس الامن الدولي يومها في الجلسة التي ترأسها اوباما قرارا يدعو الى عالم خال من الاسلحة النووية.
وقال ياغلاند ان “الدبلوماسية المتعددة الاطراف استعادت موقعا محوريا، مع تركيز على الدور الذي يمكن للامم المتحدة وباقي الهيئات الدولية ان تقوم به”.
وكان اوباما القى في حزيران/يونيو في القاهرة خطابا تاريخيا هدف من خلاله الى مد جسور التواصل بين بلاده والعالم الاسلامي بعد سنوات من التوتر بين الطرفين بسبب تداعيات اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001 والحرب على الارهاب التي تلتها.
وقال يومها في جامعة القاهرة في خطاب استهله بتحية “السلام عليكم” التي نطق بها بالعربية مخاطبا مليارا ونصف المليار مسلم، “يجب ان تنتهي حلقة الحذر والخلاف”.
واضاف اوباما في خطابه التاريخي الى العالم الاسلامي “اتيت سعيا الى الى انطلاقة جديدة بين الولايات المتحدة والمسلمين في سائر ارجاء العالم، انطلاقة ترتكز الى المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل”.
ومن بين “الاعمال اللافتة” للرئيس الاميركي ذكر ياغلاند ايضا التزام اوباما بمكافحة التغير المناخي.
ومما زاد رصيد اوباما ايضا تعهده باغلاق معتقل غوانتانامو حيث لا يزال هناك 223 معتقلا، حتى وان كان البيت الابيض يبدو وكأنه قد تراجع عن الالتزام بالمهلة النهائية لاغلاق هذا المعتقل التي حددها الرئيس اصلا في كانون الثاني/يناير 2010.
الا ان الصورة ليست وردية تماما. فاذا كان اوباما قد نجح في فك اشتباك القوات الاميركية في العراق فان القوات الاميركية لا تزال تخوض حربا شرسة في افغانستان.
كذلك فان محاولاته لتحقيق سلام في الشرق الاوسط، وهو ملف جعل منه اوباما احدى اولويات عهده، تبدو امام طريق مسدود. فالجهود التي يبذلها مبعوثه الخاص الى المنطقة جورج ميتشل لاعادة احياء مفاوضات السلام تصطدم خصوصا برفض اسرائيل تجميد الاستيطان.
واوباما هو ثالث مسؤول ديموقراطي اميركي كبير يفوز بجائزة نوبل للسلام في غضون اعوام قليلة بعد جيمي كارتر (2002) وآل غور (2007). وهو ايضا ثالث رئيس اميركي يفوز بهذه الجائزة اثناء ممارسته مهام منصبه بعد ثيودور روزفلت (1906) ووودرو ويلسون (1919).
وكانت قائمة المرشحين للفوز بجائزة نوبل للسلام هذا العام حطمت رقما قياسيا ببلوغها 205 مرشحين بين افراد ومنظمات.
وتتضمن جائزة نوبل للسلام ميدالية وشهادة تقديرية وشيكا بقيمة 10 ملايين كورون سويدي (حوالى مليون يورو).

المصدر