بقلم – أحمد بن شبيب الظاهري
نائب رئيس المجلس الوطني الاتحادي

من الأخطاء الشائعة عند الشروع بتأسيس أي شركة، عدم توافر الرؤية حول ذلك العمل وآلية تنفيذه، إذ إن التسرع في المباشرة بالأعمال دون استشراف لكافة الجوانب يعتبر آفة تهدد مقدرة العديد من مؤسسات الأعمال على الاستمرار، وتؤدي إلى خروجها من السوق وفي أسوأ الاحتمالات تحقيقها خسائرعالية، وبما يدعو لأهمية أن يأخذ المستثمرون في اعتبارهم العديد من الجوانب التي أهمها تحديد نوع النشاط ومدى توافقه مع احتياجات الأسواق. كما أن ثمة عنصراً آخر يرتبط بنوع النشاط وهو مدى توافر الموارد الأولية والتشغيلية، وبأي تكلفة متاحة، فضلاً عن أهمية قياس أداء الأعمال المنفذة، الذي يعد منهجاً متعارفاً عليه في أغلب المؤسسات في البلدان المتقدمة.

من واقع خبرتنا في مجتمع الأعمال بالإمارات، نجد أن بعض المؤسسات فشلت رغم توافر كل الامكانات والموارد بل وأيضاً الكفاءات البشرية المؤهلة، لأنها أغفلت ذلك الجانب المهم فقياس الأداء هو بمثابة الخطوط الحمراء للمؤسسة، وهو الذي يرشدها لمكامن الضعف في مسيرتها لتلافيها، وأيضاً مكامن القوة لتسعى إلى مضاعفتها. وهناك العديد من المؤسسات تطبق منهجية قياس الأداء ولكن تستخدم أساليب خاطئة أو بالية.

إن بعض مؤسسات الأعمال رغم تطور مناخ الأعمال في الدولة مقارنة بالدول الأخرى، تسعى لتبني أساليب قياس الأداء التي تعتمد على الثواب والعقاب دون معرفة أوجه الخلل الحقيقية، فقياس الأداء الحقيقي يمثل دليلاً على صحة المؤسسة وعافيتها.

من الأخطاء الشائعة لدى العديد من مؤسسات الأعمال في الإمارات، والناجمة عن عدم توافر الرؤية قبل البدء في الأعمال التجارية، غياب أي خطط للتوقف عن العمل عند حدوث أزمات، فالرؤية لا تنحصر فقط في استشراف كافة الجوانب أثناء تنفيذ العمل، بل تتعدى ذلك لمعرفة الأوضاع والمتغيرات الراهنة على ساحة العمل، والمقدرة على اتخاذ قرار بعدم الاستمرار، إذا لزمت الحاجة أو الخروج من السوق، لأن الاستمرار في ممارسة الأعمال في بعض الحالات قد يترجم إلى خسائر لا طاقة للمؤسسة أو الشركة على تحملها. ولكن لا يعني ذلك أن على أي مؤسسة أن تتوقف عن مباشرة الأعمال بمجرد أن تصطدم بعقبات أو تواجه أزمات، وهناك حالات مماثلة عديدة أمامنا لمؤسسات اختارت طواعية أن تستمر رغم العقبات، ولكنها استطاعت أن تتعامل بنجاح مع تلك التحديات.

كما أن صياغة الأهداف تعتبر محوراً وركيزة أساسية لنجاج أي مؤسسة، فالعديد من المؤسسات تباشر العمل بدون الوقوف على أجندة محددة من الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها، وبما يؤدي لضياع وتشتت الموارد وتضارب خطط التطوير والتقييم بالمؤسسة.

بعض المؤسسات تضيع بوصلتها ولا تستطيع صياغة أهداف واضحة ومحددة، وهذا يرتبط ولا شك بالثقافة الاستثمارية السائدة للأسف لدى شريحة واسعة من المستثمرين في الإمارات، وهي أسلوب التقليد لأي هوجة استثمارية يشهدها قطاع معين. لقد لمسنا تحقيق خسائرهائلة نتاجاً لتلك السياسة الاستثمارية الخاطئة، وبالأخص على صعيد الأسواق المالية بالدولة وبعض القطاعات الأخرى.

هناك جانب آخر من الرؤية وهو المقدرة على تحليل المخاطر وبالتبعية المقدرة على تحليل الأسواق وعلى سبيل المثال إذا كان معدل الأرباح المتوقع من إنشاء المؤسسة 70% والمخاطر بنسبة 30% فتلك تعتبر نسبة جيدة ترتبط بضروة الاقدام، فالمخاطر باتت أمراً واقعاً في عالم الأعمال اليوم.

مع ما أسلفنا يبقى هناك العديد من الجوانب التي يجب تضمينها في اطار الرؤية الاستشرافية لكافة المتغيرات وتحديات بيئة العمل ولكن تبقى مقدرة المؤسسة على صياغة الرؤية التي تناسب امكانياتها ومقدراتها خير مرشد ومعين لتحقيق النجاح.

* نقلاً عن صحيفة الرؤية الاقتصادية