استغلال معايير المحاسبة الدولية لتضخيم الأرباح

بقلم – زياد الدباس:

منذ سنوات قليلة بدأت الشركات المساهمة العامة المدرجة في الأسواق المالية بتطبيق المعيار المحاسبي الدولي رقم 39 والذي أحدث ثورة في الفكر المحاسبي العالمي حيث أجاز هذا المعيار أو ترك الحرية للشركات المساهمة العامة لتقييم استثماراتها في الأسهم والعقار والأراضي في نهاية كل عام بحيث تتم إضافة الفرق بين سعر تكلفة شراء هذه الاستثمارات وسعرها في السوق الى أرباحها السنوية أو اضافتها الى قيمة حقوق مساهميها بهدف إظهار القيمة العادلة لموجودات هذه الشركات أو القيمة الفعلية لموجوداتها ومطلوباتها والذي يفترض ان ينعكس على سعرها العادل في الأسواق المالية·

وحيث كانت استثمارات هذه الشركات في هذه الأصول وقبل تطبيق هذا المعيار تدرج في ميزانياتها السنوية بسعر التكلفة أو سعر السوق أيهما أقل بحيث تتحمل الشركات في نهاية كل عام خسائر استثماراتها إذا انخفضت أسعارها السوقية عن قيمة شرائها بينما تظهر قيمة استثماراتها بسعر التكلفة اذا تجاوز سعرها في السوق قيمة شرائها أو تكلفتها استناداً الى مبدأ الحيطة والحذر في تقييم أصول الشركة وبالتالي لم تكن قيمة استثماراتها في البيانات المالية السنوية تعكس قيمتها الفعلية·
وما لفت انتباهي أن معظم الشركات المساهمة العامة في الإمارات أضافت في نهاية عام 2005 قيمة الأرباح الناتجة عن تقييم موجوداتها أو استثماراتها في الأسهم الى حساب الأرباح والخسائر وتخلت عن الخيار الثاني وهو إضافة قيمة هذه الأرباح لحساب حقوق المساهمين مما ساهم بتضخيم أرباح هذه الشركات وبالتالي ارتفاع سعر أسهمها في السوق الى مستويات غير منطقية في الوقت الذي اقترحت فيه خلال تلك الفترة بتحييد أرباح الشركات من استثماراتها في أسواق الأسهم باعتبارها أرباحا استثنائية وغير متكررة ونصحت الشركات بإضافة أرباح الاستثمارات الى حقوق المساهمين بحيث لا يحدث انخفاض كبير في قيمة الأرباح عندما تتعرض الأسواق لموجات تصحيح وهذا ما حدث·
حيث لاحظنا الارتفاع الكبير في أرباح العديد من الشركات في نهاية عام 2005 بسبب تقييم استثماراتها في سوق الأسهم وتراجع قيمة هذه الأرباح في نهاية عام 2006 بنسبة كبيرة نتيجة تراجع الأسعار السوقية لأسهم معظم الشركات المدرجة بينما لم تتأثر ربحية الشركات التي أضافت قيمة أرباحها من استثماراتها الى حقوق المساهمين سواء عام 2005 أو عام 2006 وبالطبع العديد من الشركات فضلت إضافة الأرباح الناتجة عن التقييم عام 2005 الى حساب أرباحها بهدف تحقيق أرباح عالية وبالتالي حصول مدراء هذه الشركات على مكافآت عالية وحصول أعضاء مجالس الإدارة أيضاً على مكافأة مغرية تناسب ونسبة النمو في قيمة الأرباح·
وللأسف أن عددا كبيرا من المستثمرين في الأسواق لا يلتفتون الى مصادر أرباح الشركات من حيث كونها أرباحا تشغيلية مصدرها الأعمال الأساسية لهذه الشركات وبالتالي تبقى هذه الأرباح مستمرة وفي نمو دائم إذا توفرت الإدارة الكفؤة والاستغلال الأمثل للموارد أو أرباح استثنائية غير قابلة للتكرار وبالتالي لا يُعتمد عليها في تقييم أداء هذه الشركات أو تقييم سعرها العادل·
والخطأ الكبير قيام بعض الشركات بتوزيع أرباح على مساهميها مصدرها إعادة تقييم الأصول أو الموجودات وهي تعلم أن هذه الأرباح دفترية وغير حقيقية وقد تنقلب الى خسائر في أية لحظة باعتبار أن مصدر الأرباح الموزعة على المساهمين سنوياً هي الأرباح الفعلية التي تحققت خلال العام سواء من أعمالها الأساسية أو من استثماراتها المختلفة وبالتالي بادرت بعض الجهات الرقابية في بعض الدول ومنها المصارف المركزية بمنع البنوك من توزيع أرباح على المساهمين مصدرها إعادة تقييم الاستثمارات حفاظاً على حقوق المودعين·
وما ينطبق على استثمارات الشركات في الأسهم ينطبق على استثماراتها في الأراضي والعقارات والعقارات قيد التطوير من حيث وجود جهات محايدة ومحترفة ومتخصصة في تقييم الأراضي والعقارات حيث لاحظنا الأرباح الضخمة التي حققتها بعض الشركات من إعادة تقييم الأراضي مقابل أرباح رمزية من أعمالها الأساسية وإحدى الشركات قامت بتقييم البناية التي شيدتها قبل عدة سنوات وأظهرت في بياناتها المالية أرباحا عالية من إعادة تقييم هذه البناية بحيث قفزت أرباحها الى مستويات قياسية مع العلم بأن أرباحها التشغيلية لا تشكل نسبة تذكر من أرباح إعادة التقييم·
وباعتقادي أن مدققي الحسابات القانونيين يجب أن يكون لهم رأي فني محايد في هذا الموضوع الهام بحيث تظهر البيانات المالية السنوية الواقع الحقيقي لهذه الشركات وعدم المبالغة وتضخيم قيمة أرباحها باعتبار أن أكثر الحالات التي تحتمل الاجتهاد في التعامل المحاسبي هو العقارات قيد التطوير حيث لم تصل المعايير المحاسبية حتى الآن الى حالة من الاستقرار في التعامل مع هذا الموضوع مما يفسح المجال أمام بعض الشركات لإظهار أرباح تفوق أرباحها الحقيقية من العقارات قيد التطوير·
والمبدأ المحاسبي يركز على احتساب الأرباح بقدر ما تتسلمه شركات التطوير العقاري من عملائها كأقساط من إجمالي قيمة العقار إذا كان المستلم من العملاء 20% من القيمة بحيث ترحل الأرباح الناتجة عن هذه المبالغ الى حساب الأرباح والخسائر بشرط أن يكون المنجز من هذا المشروع العقاري 20% وبحيث يتأكد المدقق من صحة نسبة الإنجاز ولا يكتفي بما تقدمه الشركة من أوراق وبعض الشركات تفترض كلفة غير واقعية لمشاريعها بهدف تضخيم الأرباح·
وهنالك اجتهادات محاسبية تشترط أن تكون الشركة قد أنجزت المشروع بالكامل وتسلمت جميع الأقساط من عملائها بعدها يتم ترحيل الأرباح الى حساب الأرباح والخسائر وما نود الإشارة إليه أن مصلحة الشركات المساهمة العامة ومصلحة مساهميها ومصلحة الأسواق المالية أن تظهر الأرباح سواء السنوية أو الأرباح الدورية لهذه الشركات بما يعكس الواقع الحقيقي لأدائها وإنجازاتها والقيمة الفعلية لأصولها لأنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح·

9 thoughts on “استغلال معايير المحاسبة الدولية لتضخيم الأرباح

  1. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    أستاذي الكبير هذا الاستغلال الذي حدث لهذا المعيار كان من اجل منافع شخصية متعددة لمدراء هذه الشركات و منها البونص بسبب تحقيق ارباح و كذلك ارتفاع سعر السهم الذي يملكونه بطرق مباشرة او غير مباشرة كان من باب اولى انها بعد اعادة التقييم ان توضع هذه الزيادة في هذه الاصول في مخصص اعادة تقييم أصول ثابتة في الحسابات الختامية و لكن هم استخدموا هذا المعيار لكونه وسيلة من الوسائل المتعددة التي استخدمت من اجل سرقت الناس و استاذي العزيز ما اكثر الاساليب التي كانت موجودة و مازالت موجودة من اجل تضليلل المستثمرين و المراد منها منفعه لي اوناس اخرون أسف على الاطاله و شكرا لك على طرحك هذا الموضوع الذي له ابعاده اكثر من موضوع معيار محاسبي.

    نعم اخي العزيز هل تراء هؤلاء الذين حققو ثروات هائلة من سوق الاسهم وانا اقصد المتطلعيين وربع المتطلعين واعضاء مجلس الادارة وبشكارة والدريول وكل الي تم تسريب المعلومات لهم بعد تجميل الارباح وتكبيرها وتحسينها يرفعون الاسواق ويصرفون الاسهم على عامة المستثمرين

    حسبي الله ونعم الوكيل

    هل تذكرون في احد ايام الطفرة اتو بلقاء مع امرأة من امارة دبي وتبجحت انها حققت ثروة بعلاقاتها مع اعضاء في مجالس الشركات انظرو الى التبجح والاعتراف بلمعصية والغلط

    ارباب

  2. بصراحة وبعد عدة مواضيع عن الارباح غير الحقيقية وازمات شركات التمويل واعادة التقييم يسود جو من عدم الارتياح للوضع .

  3. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    أستاذي الكبير هذا الاستغلال الذي حدث لهذا المعيار كان من اجل منافع شخصية متعددة لمدراء هذه الشركات و منها البونص بسبب تحقيق ارباح و كذلك ارتفاع سعر السهم الذي يملكونه بطرق مباشرة او غير مباشرة كان من باب اولى انها بعد اعادة التقييم ان توضع هذه الزيادة في هذه الاصول في مخصص اعادة تقييم أصول ثابتة في الحسابات الختامية و لكن هم استخدموا هذا المعيار لكونه وسيلة من الوسائل المتعددة التي استخدمت من اجل سرقت الناس و استاذي العزيز ما اكثر الاساليب التي كانت موجودة و مازالت موجودة من اجل تضليلل المستثمرين و المراد منها منفعه لي اوناس اخرون أسف على الاطاله و شكرا لك على طرحك هذا الموضوع الذي له ابعاده اكثر من موضوع معيار محاسبي.

  4. السلام عليكم

    دائما ما نجد بان هناك اختلاف في طريقة اعلان الشركات عن الارباح المحققة سواء كانت ربع سنوية او سنوية ونجد بان بعض الشركات تقوم بنشر التقرير المالي على المساهمين واحيانا باللغة الانجليزية فقط لاجراء التحليلات المالية واستنتاج الارباح… المهم… ليش ما تقوم هيئة الاوراق المالية بوضع جدول موحد يوضح فيه البيانات الاساسية التي يجب على جميع المستثمرين معرفتها وباللغتين؟ مثال:

    راس المال
    الارباح التشغيلية
    الارباح الصافية
    الايرادات
    المصروفات
    مكرر الربح للسهم
    القيمة السوقية
    الخ….

    اعرف ان بعض الشركات لديها ملخص مالي جيد وان الهيئة عندها في الموقع ملخص عن الارباح ولكن هناك نقص في بعض المعلومات وعلى البعض القيام ببعض البحوث لمعرفة بعض المعلومات عن الشركات التي قد يكون حصل عليها وهو غير متأكد من مصداقيتها والمطلوب هو توحيد عرض البيانات بمعايير موحدة ومبسطة للجميع سوف يوفر الشفافية ويمنع التلاعب على صغار المستثمرين باستخدام المصطلحات الاقتصادية في تشويش المعلومات مثل بعض الشركات اللي تقول بان صافي الايرادات بلغ مليار وهي في الواقع متعثرة لان المصروفات بلغت 990 مليون والارباح الصافية 10 مليون.

    والسموحة يا اخوان….

Comments are closed.