*
*
*
لا أدري لم يصر بعض الرجال على أن يخرج للملأ بوجه ٍ عبوس ومتجهم وبمشية مستقيمه أحياناً ، ومتبختره أحياناً أخرى وكأن على رأسه ” تاير لا عقال !! “ ، ما جرني للحديث عن هذه النقطه هي مشاهدة زميلي “خميس “ وهو ليس عضواً في منتدى الامارات للأوراق الماليه فلا توقفوا عضويتي لأجله !! فقد شاهدته في أحد المراكز التجاريه بإمارة دبي بالصدفه ونحن من نفس “الفريج” برأس الخيمه، وقد كنت صاعداّ في السلم الكهربائي ورأيته نازلاً وقد لفت نظري في “كشخته” التي أوحيت لي أنه رجل آلي وعندما ناديته بإسمه لم يكتفي بلف رقبته لرؤيتي بل إلتف نصفه الاعلى ” عشان ما تفتر الغتره” وبنصف ابتسامه وبعد أن استوعب ” الميموري” في عقله وبرمج له شخصيتي ومن أكون وعرفني هز رأسه لي دون ابتسامه وقال : كيف الحال .!! وأكمل مسيره دون حتى أن يستمع مني لكلمة “ابخير” لأعاود أنا النظر أمامي وأقول بحكم قوة معرفتنا : حتى انت يا ولد العمه سلوومه، أمن أجل منصبك الجديد تقوم بتغيير جلدتك علي كأنك أفعى !! أحسست بعدها بأني لم أقل الحقيقه بل “ضربته بعين” لأني سمعت صريخ العامه متبوعا ً بضحكات عاليه لألتفت ورائي وأرى “الغتره بصوب والعقال بصوب” وساقان سوداوان تتراقصان للاعلى كأنهما قطعتا تويكس ولكنهما مغلفتان بــوزار.!! وسرعان ما تحول المشهد لراقصة بيليه حين هم بحمل غترته من هنا وعقاله من هناك دون أن يلتفت او يعير اهتماما ً لأحد خرج راكضاً رغم انه نسى فرده من ” نعاله عزكم الله ” الذي عرف يومها بنعال خميس كـحذاء سندريلا ربما..

خميس هذا ليس مصابا ً بجنون العظمه ، ولكنه حصل على ترقية في عمله ، وللأسف تصور أنه ومع منصبه الجديد ممنوع من الضحك والابتسامه مع عامة الناس وخاصه الفقراء من أمثالي ، ورغم كونه كثير المزاح سابقا ً فقد قيدته شخصيته الجديده التي يجب أن تلائم مكانته كما تخيل بقلة الكلام وعدم مصاحبة الناس ، فهم لم يصاحبوه لسواد عيونه ولكنهم صاحبوه لمنصبه ومكانته، وبعد أن كان أصحابه كثر أصبحوا قله من يشاهدوه لو مره اسبوعيا ً ، ونسي صاحبنا أنه اصبح من الثقلاء والذين تتحول الثواني معهم الى ساعات والساعات الى سنين عكس ما كان عليه مسبقا حينما كانت رفقته لا تشعرنا بمرور الوقت فما بال خميس وأشباهه متجهمين وعبوسين؟ ومالهم يكرهون الضحك وكأنه جريمه ويجدون في رفع الخشم وعبوس الوجه خصالا حميده ؟
إن للرسول صلى الله عليه وسلم وهو سيد البشر وقدوة المسلمين مكانه لا يعلى عليها ولكن لم تمنعه من ممازحة الصحابه وقد كان يمزح ولا يقول إلا حقا، ونحن في غريزتنا وفطرتنا نبحث عن السعاده ، نسعى ونشقى للوصول إليها وفور وصولنا نقوم بإبعادها عنا بتكبرنا على أنفسنا وعلى من هم حولنا، فأغلب أصحاب المناصب ينظرون للعامه على أنهم من طبقات أقل وبالمقابل نعاملهم معامله خاصه لكنها موقوته كالقنبله فمع إحالتهم للتقاعد نتخلى عنهم و نجدهم يبحثون عنا في المجالس رغم أن البعض منهم ينتهي في مكاتب العقار الخاصه بهم كما هي الموضه الجديده، فعن أي سعاده بحثوا وأي راحه اغتنموا ؟
الضحك لا يقلل من شخصية الانسان بل ان الامتناع عنه يضعف القوه كما قال “مكورفي” في رواية “طائر فوق عش الوقواق”، والطريقه الأسرع للوصول الى العقل والقلب تكون بالسخريه لا بالعنف والكاتب الايرلندي الساخر الذي انتهج أسلوب السخرية في عرض الحقائق كان يقول : “أن أسلوبي في المزاح فيه أقول الحقيقة “ ، ومن شاهد منكم فيلم البحث عن السعاده “The Pursuit of Happyness “ وهي قصة معاناه حقيقيه لرجل البورصه Christopher Gardner سيدرك حجم المعاناه التي عاشها في طريق بحثه عن السعاده وحين وصل إليها لم تمنعه عن مصاحبة الناس أو تجاهلهم بل قدم ما يملك من ثروه لدعم أبناء جيله في مجالات العمل وكأنه عرف طريق السعاده حين دخل قلوبهم، ولا أعلم الى متى سنستمر برؤية من يتأفف لوقوفه معنا إن صادفناه بجوار المسجد أو البقاله أو حتى قرب البيت على الرغم من وقوفنا للسلام والاطمئنان عليه ولكنها عقدة النقص التي جعلته يتصور أنه في مقام من يجد نقصه في كمالهم…

9 thoughts on “إنعال خميس ولد العمّه سلّـومه !!

  1. مقااااااااااااااال رااااااااااااااااااائع كعادتك …
    ويحمل معاني كثيرة … ممزوجه بالفكاهة الممتعه ..
    هذه حقيقة مرة .. في قالب ساخر وللأسف هذا حال الكثيرين اليوم
    نسوا أن من تواضع لله قدره وفي رأيي الشخصي أحيانا يكون المنصب مثل الفتنة أو الابتلاء ..
    فإما أن يتقي شر الفتنة أو يفوز في هذا الابتلاء بالتواضع واستغلال منصبه في مساعدة الناس
    والتقرب منهم أكثر …

    أما صاحبكم ذو السيقان .. فوقع في شره غطرسته

    سلمت ولا هنت يا مثير للجدل ..

    هي دائما فتنه وابتلاء من وجهة نظري ، عظيم امتناني لمرور الورد من هنا …

  2. يا كثر ها الاشكال

    الله المستعان

    جزاك الله خير

    واسلوبك راقي وساخر وناقد ولاذع وفي الصميم واعجبني كثيرا

    بارك الله فيك

  3. والله يا أخي إني معجب بقلمك الرائع و بمقالاتك التي تستند بأدلة و براهين صادقة

    و يأسفني أن المحور الرئيسي من موضوعك صار ” موديل ” عندنا في البلاد

    معظم ” أصحاب المناصب ” ينظرون لبقية الشعب و كأنهم حثالة

    في بعض الأحيان أشعر بأن من يولي المهمة إلى هذه المناصب , يشترط عليهم بأن يكونوا ذو نفسية متعجرفة و إلا فلن يصلحوا لمناصبهم الجديدة …

    ” رحم الله امرأ عرف قدر نفسه “

    الله يجزيك كل خير يا أخي على هذه المواضيع الرائعة و أتمنى في يوم من الأيام أن تصلح أمور البشرية و نرجع على أيام اللي فيها الأخ يخاف على أخوه و المسلم يغار على دينه لأن هذه الأيام شبه ” ولّت ” ……..

    تحياتي

  4. نفسيات طال عمرك…!!!

    وهذي دنيا..!!!

    ويا حبذا لو كانت خاتمة موضوعك…

    (يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك)

    أخويه الفاضل..

    لك جزيل الشكر ع الطرح الأكثر من رائع

    أختك،،

  5. مقااااااااااااااال رااااااااااااااااااائع كعادتك …
    ويحمل معاني كثيرة … ممزوجه بالفكاهة الممتعه ..
    هذه حقيقة مرة .. في قالب ساخر وللأسف هذا حال الكثيرين اليوم
    نسوا أن من تواضع لله قدره وفي رأيي الشخصي أحيانا يكون المنصب مثل الفتنة أو الابتلاء ..
    فإما أن يتقي شر الفتنة أو يفوز في هذا الابتلاء بالتواضع واستغلال منصبه في مساعدة الناس
    والتقرب منهم أكثر …

    أما صاحبكم ذو السيقان .. فوقع في شره غطرسته

    سلمت ولا هنت يا مثير للجدل ..

Comments are closed.