أزمة ديون دبي تنحصر في عدم توافر السيولة … والحل يكمن في عودة الثقة end news title السياسة الكويتية الاثنين 7 ديسمبر 2009 9:40 ص start news data
أبرز التحديات المطروحة حالياً يتمثل في كيفية تعاطي البنوك الأجنبية الدائنة مع مجموعة دبي العالمية وشركاتها التابعة

ديون المجموعة تتجاوز أضعاف القروض المستحقة على دول نامية في المنطقة

إذا كانت الثقة العامل الأساسي في جذب الاستثمار الأجنبي إلى دبي .. فماذا سيحل مكانها?

لاشك ان مسألة ديون مجموعة دبي العالمية التي احدثت ضجة مدوية في الاسواق المالية الخليجية, كانت ولاتزال تشكل مادة اعلامية دسمة سواء للصحافة العربية او الغربية التي لطالما تغنت بالانجازات العمرانية الضخمة والتطورات الهائلة التي شهدتها امارة دبي خلال السنوات القليلة الماضية, حيث ارتفع الناتج المحلي الاجمالي فيها ليصل الى 301.6 مليار درهم (82 مليار دولار) في عام ,2008 ولم تساهم قطاعات التعدين والنفط والغاز الا ب¯6.3 مليار درهم بينما ساهمت تجارة الجملة والتجزئة والصيانة ب¯116.3 مليار درهم وساهم القطاع العقاري وخدمات الاعمال ب¯44.4 مليار درهم.

وتواجه امارة دبي حاليا اختبارا قاسيا سواء بالنسبة لبرنامجها الاقتصادي الذي يبدو متعثرا بعض الشيء في ظل اجواء اقتصادية غير ايجابية ملبدة بغيوم سوداء مثقلة بديون قصيرة الاجل ستتفاقم مشكلاتها خلال الفترات المقبلة خصوصا مع الاقتراب من مواعيد السداد من جهة, او بالنسبة لطريقة تعاطيها مع المؤسسات والبنوك الاجنبية الدائنة بهدف جدولة الديون وتمديد فترات السداد, وهذا ما تراهن عليه مجموعة دبي العالمية خلال هذه الفترة بهدف بث نوع من التفاؤل لدى الدائنين من جهة والمستثمرين في شركاتها التابعة من جهة اخرى, والا ستكون ازمة ديون دبي “حدثا مفصليا” قد يعيد رسم الخارطة التنموية والاقتصادية في الامارات بشكل خاص, ومنطقة الخليج العربي بصورة عامة.

وبغض النظر عن التصريحات “الوردية” التي تهدف الى طمأنة الاسواق حول استحالة وجود بديل عن دبي كمركز مالي وتجاري في المنطقة, فإن مسألة الديون المستحقة على مجموعة دبي العالمية والامارة ككل, تتخطى آليات السداد وطرق المعالجة والمساندة والمفاوضات مع البنوك الاجنبية لتطرح تساؤلات عدة قد تثير جدلا واسعا خلال الفترة المقبلة, وابرز تلك التساؤلات: كيف ستتعامل البنوك الاجنبية الدائنة مع المجموعة بما يخص تأجيل وتمديد دفع المستحقات في ظل تملص حكومي مركزي من “دبي العالمية”? وهل ستدفع الجهات الدائنة ثمنا باهظا قد يهدد بعضها بالافلاس نتيجة احتمالات واسعة مفادها عدم قدرة المجموعة على سداد ديون تكاد تتجاوز اضعاف ديون بعض الدول النامية المجاورة? والكثير الكثير من التساؤلات التي يصعب الاجابة عنها في الوقت الحالي

في ظل تكتم صارم من المجموعة وشركاتها التابعة عن تفاصيل سندات وبرامج تمويلية لم يفصح عنها حتى الساعة.

وبالعودة الى التصريحات التطمينية و”الوردية” والكل يعلم انه لا بديل حتى الان عن دبي كمركز مالي وتجاري في المنطقة الا ان الاوساط الاقتصادية قد لا تكون الان بصدد طرح او البحث عن مركز مالي بديل الا ان العنوان العريض الذي سيدور النقاش حوله خلال الفترة المقبلة هو الثقة ثم الثقة ثم الثقة, هي عبارة رددها الكثيرون من الاقتصاديين والمحللين الدوليين فاعتبروها آنذاك اساسا لجذب الاستثمارات الاجنبية الى امارة دبي وراحوا يطالبون بتعديل التشريعات والقوانين الاقتصادية والاستثمارية اعتقادا منهم بانها خطوة اولى على طريق صناعة عواصم اقتصادية في دول خليجية عدة على غرار دبي… فكيف هو حال ثقة المستثمرين الاجانب والبنوك الغربية اليوم فيما تشهده دبي من ما يسمى ب¯ “ازمة الديون”?

مسألة “ديون دبي” بأقل تقدير لا تنتهي بعملية جدولة ولا إعادة جدولة ولا تدخل انقاذي بشروط او من دون شروط انما سينتج عن مخلفات متشعبة تبدأ في امارة المال والاعمال ولا احد يعلم اين تنتهي حدودها فإذا كانت الحلول المطروحة امام الشركات المتعثرة تتمثل في عمليات الاندماج والتصفية وتقليل العمالة وشطب اعداد هائلة من الوظائف وغيرها الكثير فإن تداعياتها اي “ازمة الديون” ستهدد قاطرة متعددة الجنسيات من العمالة الوافدة والمقيمة في دبي, وقد تكون الاكثر تضررا في هذا المضمار, الجالية الهندية التي تنتشر بشكل غير تقليدي في دبي اضافة الى اعداد هائلة من العمالة العربية المتنوعة والتي تقلصت اصلا خلال اندلاع الازمة المالية العالمية منتصف سبتمبر 2008 وكانت تداعياتها سيفا ذا حدين انعكس سلبا على الشركات العاملة في دبي والتي اعتمدت على عمليات الاقراض والتسهيلات للاستفادة من طفرة وظائف قبل 2008 .

وتأتي ازمة ديون دبي وتأجيل سداد ديون “دبي العالمية” استكمالا لما شهده العالم ومازال يشهده حتى الآن من تداعيات الازمة المالية العالمية.

واذا كانت ازمة السيولة في دبي تشكل هاجسا كبيرا للمستثمرين فان الكثير من المحللين والاقتصاديين يربط بين ازمة ديون الامارة وما حدث في الولايات المتحدة الاميركية قبيل الازمة من انهيار مدمر في قطاع العقارات الاميركي, ويبقى قطاع العقارات في امارة دبي الاكثر تضررا جراء ما يحدث خصوصا ان الطفرة العمرانية التي شهدتها دبي في الاونة الاخيرة اثارت جدلا واسعا في الأوساط الاقتصادية الاقليمية والعالمية, افرز الكثير من التأويلات والمراهنات حول مدى استمرارية الامارة في التطور غير المسبوق خليجيا وذلك بعدما نجحت في استقطاب استثمارات عالمية وتحولت الى مركز مالي وتجاري برز على المستويين الاقليمي والعالمي وشهد أضخم الصفقات والاندماجات والعمليات المالية والخدمية في منطقة الشرق الأوسط.

ولكن رغم كل المخاوف التي تسيطر على الأوساط الاقتصادية والمالية جراء قرار تجميد سداد ديون دبي العالمية الا ان رجال الاعمال والمحللين الاجانب يحرصون على عدم شطب دور دبي باعتبارها مركز للخدمات الرئيسية في المنطقة ويعتبر المحللون ان دبي ستظل تتمتع بميزات تفضيلية تنفرد بها قياسا بالمدن والدول المحيطة وتلك الميزات تتمثل بالثقافة الاكثر تحررا التي تنعم بها امارة دبي اضافة الى بنيتها التحتية العالمية والمتطورة.