قصيدة البحر التي ألقاها الشاعر السعودي جاسم الصحيح في برنامج ” أمير الشعرا ء” في أبوظبي

[POEM=”font=”Simplified Arabic,5,white,bold,normal” bkcolor=”transparent” bkimage=”./images/backgrounds/3.gif” border=”double,7,coral” type=3 line=0 align=center use=ex num=”0,black””]
يا بحرُ.. كُلُّكَ في مسامرتي فَمُ=فافتحْ زُجاجةَ ما تُكِنُّ وتكتـــــمُ

وأَدِرْ أساطيرَ البدايةِ بينَنــــــا=سِيَّانِ: شَهْدُ حديثِها والعلقـــمُ

سِيَّانِ: فَرَّ من الزجاجةِ ماردٌ=أمْ رَفَّ منها نورسٌ مُتَرَنِّــــــمُ

يا بحرُ.. يا شيخَ الرُّواةِ على المَدَى=مُتَعَوِّذاً من موجةٍ تَتَلَعْثَــــــــــــــــمُ

حُرِّيَّةُ الكلماتِ فيكَ.. تقاصَــــــرَتْ=عنها اللغاتُ ولم يَسَعْهاَ المعجـــــمُ

هذا لسانُكَ هادرٌ بِحكايـــــــــةِ الـ= -إنسانِ يختزلُ المدى ويُحَجِّــــــــــمُ

فالمدُّ والجزرُ اختصارُ عوالِـــــــــمٍ=في الأرضِ.. تبنيها العصورُ وتهدمُ

فكأنَّما في الموجِ ربٌّ غاضـــــــــبٌ=يمحو، وربٌّ في الشواطئِ يرســـمُ!

وكأنَّما لُجَجُ المياهِ خلائــــــــــــــقٌ=تنمو على شطِّ الحياةِ، وتُعْـــــــدَمُ!

وكأنَّما التيَّارُ – وَهْوَ مُجَـــــــــــــدَّلٌ=في الرَمْلِ – أعمارُ الذينَ تَصَرَّموا!

يا بحرُ.. مادامَ الطريقُ يُعيدُنــــــا=لِلبِدْءِ من حيث النهايةُ تجثُـــــــــمُ

حَطِّمْ ضلوعيَ في ضلوعِكَ، إِنَّنا =مُتَوحِّدانِ بِقَدْرِ ما نَتَحَطَّــــــــــــمُ

يا بحرُ.. قالوا عنكَ : نبعُ أرومةٍ=للكائناتِ وللبدايـــــــــــــــــةِ توأمُ

ويُقالُ: كنتَ هناكَ أوَّلَ عاشـــقٍ=فَهِمَ الغرامَ فذابَ فيما يفهـــــمُ

هيمانُ تصهركَ المراهقةُ التي=تَخِذَتْ ملامحَ زُرْقَةٍ تَتَضَــــرَّمُ

حتَّى إذا اكتَمَلَ انصهارُكَ في الهوى=صلَّى عليكَ العاشقونَ وسَلَّمــــــــــوا

وجمعتَ كلَّ صلاتِهِمْ وسلامِهِــــــــــــمْ=دُرَراً أضاءَ بِها القرارُ المُعْتِـــــــــــــمُ

يا بحرُ.. هذي الشمسُ تنصبُ عرشَها=فوقَ الشواطئِ ، والهجيرُ يُخَيِّـــــــــــمُ

والصيفُ جاءَ كَ عارياً وكأنَّــــــــــــــــهُ=عاصٍ يُصَرِّحُ بالذنوبِ وينــــــــــــــــدمُ

والمبحرونَ على امتدادِكَ حينمَــــــــــا=رضعُوا المسافةَ ما اشْتَهَوْا أنْ يُفْطَمُوا

قنطارُ) ضحكتِهِمْ يرنُّ إذَا سجــــــــــا=من خيبةِ الموجِ المحطَّمِ (درهـــــــــمُ

وأنا أتيتُكَ في شِبَاكِ بلاغتـــــــــــــــي=أصطادُ ما يُوحي مداكَ ويُلْهِــــــــــــمُ

صنَّارتي مثلُ الحقيقةِ صُلْبَـــــــــــةٌ=تُدمي، و(طُعْمِيَ) كالمجازِ مُنَمْنَـــــــمُ

فَلَرُبَّما انزلَقَتْ إليَّ قصيــــــــــــــدةٌ=من بينِ أرزاقٍ لديكَ تُقَسَّــــــــــــمُ

يا بحرُ.. يا دمعَ الطبيعةِ حينمَا=كانَتْ على إنسانِها تَتَأَلَّــــــــــمُ

عَبَثاً أطارحكَ الغناءَ، وها هُنَــا=في كلِّ موجٍ للطبيعةِ مَأتَــــــــــمُ

حَطِّمْ ضلوعيَ في ضلوعِكَ، إِنَّنا =مُتَوحِّدانِ بِقَدْرِ ما نَتَحَطَّـــــــــــمُ

هذي الملوحةُ – لا عدمتَ مذاقَها= رمزٌ على الحزنِ الذي نتجشَّــــــمُ

يا بحرُ.. هل بَقِيَتْ لديكَ أُبُوَّةٌ=تحنو على تَعَبِ البنينِ وترحمُ

فأنا ابْنُكَ النَّهرُ الذي سَرَّحْتَـــهُ=في الأرضِ يعزفُ رملَها ويُنَغِّمُ

في روحِ قِدِّيسٍ رَحَلْتُ كأنَّمــــا=صَفَحاَتُ مائيَ لؤلؤٌ مُتَبَسِّــــــمُ

ورَجِعْتُ ألهثُ في غسيلِ سرائرٍ=سوداءَ.. فيها لؤلوئي يَتَفَحَّـــــمُ

من كلِّ يابسةٍ حملتُ حكايــــــــةً=في الموجِ تُسديها الهمومُ وتُلحِمُ

ألقَى بيَ الفقراءُ أوجاعَ القُـرَى..=وَجَعاً يئنُّ وآخَراً يَتَصَنَّـــــــــــــمُ!

ورمَى بيَ العاصونَ من آثامِهِمْ=ما لم تُطِقْهُ مفاصلي والأَعْظُـــمُ

وشعرتُ يا أَبَتي.. شعرتُ بشهوةٍ=حمراءَ تصهلُ داخلي، وتحمحــمُ

وهناك حيث الماءُ أطلقَ مَــــــدَّهُ=في الضِّفَّتَينِ رغائباً تَتَوَحَّـــــــــمُ

ضاجعتُ يابسةَ الحقولِ فأَنْجَبَـــتْ=شوكاً.. وساد على الثِّمارِ، العلقمُ!

هِيَ رحلةُ العُمرِ التي قايَضْتُهــــــــا=ما كنتُ أعلمُهُ بما أَتَعَلَّـــــــــــــــــمُ

تُبْ يا أبي عنِّي.. لعلَّ رصاصــــةً=جَنَتِ الذنوبَ يتوبُ عنها المنجمُ!

واشفقْ عَلَيَّ بأنْ أثورَ فَإِنَّنـــــــي=جَسَدٌ بِقنبلةِ الذنوبِ مُلَغَّــــــــــــــمُ

انزعْ فتيلَتِيَ الأثيمةَ وَارْمِنــــــــي=في الملحِ يغسلُني البياضُ الأكرمُ

حتَّى أعودَ إلى الصفاءِ كأنَّنـــــــي =مَلَكٌ أَغَرُّ من الذنوبِ مُعَقَّــــــــــمُ

يا بحرُ.. مازالَ الكمالُ غوايـــــــةً=للطامحينَ، وغايةً تَتَضَــــــــــــخَّمُ

لو كنتُ أملكُ جَنَّةً لرَأَيتَنــــــــــــي =طَمَعاً أؤنِّقُ جنَّتي وأُهَنْـــــــــــــدِمُ

يا بحرُ.. هلْ أنتَ الصدى لِمشاعرٍ=في النَّفْسِ يعزفُها القضاءُ المُبْرَمُ؟

لامستُ فيكَ حكايتي من هَمْسِها=حتَّى الهديرِ كأنَّني بِكَ مُتْخَــــــمُ

هلْ أنتَ جرحٌ مثلُ جرحيَ طــــاعنٌ=في الأرضِ يغرقُ في مداهُ، المرهمُ؟

هلْ عمقُ قاعِكَ مثلُ عُمْقِ قصيدةٍ=في خاطري.. أَزَلِيَّةٍ.. لا تهــــرمُ؟

هلْ هذهِ الأسماكُ في رَوَغَانِــــها=هِيَ أُمنياتيَ في مِياهِكَ عُــــــوَّمُ؟

هل عنفوانُ المدِّ فائضُ ثــــــورةٍ=في عمقِ ذاتيَ بالتَّحَرُّرِ تحلــــمُ؟

تَعِبَ السؤالُ فكُنْ لهُ أرجوحـــــةً=يغفُو على موجاتِها ، ويُهَــــــوِّمُ

يا أيُّها المخفورُ داخلَ عزلــــــــةٍ=في الذاتِ يغمرُها الضبابُ الأبكمُ

لامستُ فيكَ حكايتي من هَمْسِها=حتَّى الهديرِ كأنَّني بِكَ مُتْخَـــــمُ!

فأنا المقيمُ إقامةً جبريَّـــــــــــــةً=في قامتي حيث الخلاصُ تَوَهُّمُ!

لِيَ حيرةٌ في الغيبِ تشبهُ حيرتي=في الحبِّ: هل أنا مغرمٌ أم مُرغَمُ؟!

يا بحرُ.. كانَ الشِّعرُ بُوصَلَةَ الهـوى=في القلبِ.. يقفوها بدورتِهِ الــــــــدَمُ

الشِّعرُ صِنْوُكَ في الخلودِ، كلاكُمَا=قِدَمٌ على الدنيا.. فَمَنْ هُوَ أقــــدمُ؟

والشِّعرُ صِنْوُكَ في الجلالِ، كِلاكُمَا=عِظَمٌ على الدنيا.. فَمَنْ هُوَ أعظَمُ؟

وأنا امتدادُكُما معاً في شــــــــــاعرٍ=يهتزُّ ملءَ جوارحي ويُدَمــــــــــــدِمُ

هذا الغريبُ يعيشُ داخلَ جُثَّتـــــي=قلقاً يثورُ وحيرةً تتَــــــــــــــــــأَزَّمُ

فأنا التباسٌ بالمِدادِ، يُخيفُنــــــي=وَرَقٌ بِهاويةِ البياضِ مُحَـــــــزَّمُ

أمشي وأعثرُ بالفراغِ، ولا أرى=ضوءاً يرمِّمُ عثرتي ويُقَــــــــوِّمُ

كانَتْ ولادتيَ القديمةُ هُـــــوَّةً=تأبى بغيرِ ترابِ موتـــيَ تُردَمُ

إنْ صَحَّ لي قبرٌ بحجمِ قصيدتي=فمقاسُهُ بمقاسِ ما أنا أحلــــــمُ!

يا بحرُ.. قالوا عنكَ : أوَّلُ حاك=مٍما انفكَّ في جبروتهِ يتنعَّــــــــــمُ

الماءُ عرشُكَ والسواحلُ سُـــدَّةٌ=شمَّاءُ.. تحرسُها الرياحُ الحُوَّمُ

والمطلقُ الممتدُّ فيكَ مشيئــــــةٌ=زرقاءُ يسكنُها المصيرُ المبهمُ

وهُناكَ أنتَ جلالةٌ غَيْبيَّـــــــــــــةٌ= تسطو على الأُفُقِ البعيدِ وتحكمُ

وَوَرَاءَ وجهكَ مذبحٌ لا ينتشــي =حتَّى يعربدَ في شواربكَ الـــدَمُ

يا بحرُ.. ما بالُ العدالةِ ثاكـــــــلٌ=في الماءِ، والدُّرَرُ الصغيرةُ يُتَّــمُ؟؟

ما بالُ قاعِكَ يستغيثُ كأنَّــــــــهُ=غابٌ بِأنيابِ الوحوشِ مُسَمَّــــمُ؟

خَبَّأْتَ حزنَكَ خلفَ ألفِ فُقاعةٍ=وبَرَزْتَ في ألوانِها تَتَبَسَّـــــــمُ

لا تَأْمَنِ الزَبَدَ الضَحُوكَ، فَطَالَمَا=فَضَحَتْ أَساَكَ فُقَاعةٌ تَتَهَشَّــــــمُ

وأطلَّ وجهُكَ من مرايا عَتْمَــــــــــةٍ=في العُمْقِ.. تغرقُ في مَدَاهَا الأَنْجُمُ
[/POEM]

38 thoughts on “~*¤ô§ô¤*~برنامج و مسابقة أمير الشعراء ..أخبار وقصائد ~*¤ô§ô¤*~

  1. جميلٌ ما ذكرت أخي الكريم وشكرا جزيلا على ردك ومداخلتك القيمة

    كما ذكرتَ أن الوعي الشعري مطلبٌ ضروري لدى المتلقي …أؤيدك كثيرا

    و البرنامج كانت له فوائد جمة خصوصا لمن يتذوق الشعر العربي الفصيح الموزون منه والمقفى

    أتمنى وجودك دائما في منتدى الأدبيات

  2. الشامســي
    .
    عندما لا يكون هناك تغير فكري في طريقة توجيه و ألمام ادبي بعيد عن الأهواء سيلحق البرنامج بركب البرامج الأخرى..مع مرور الزمن.
    .
    .

    ذائقة اللجنة التي تؤثر بطريقة مباشرة او غير مباشرة في انصاف قصيدة شاعر.. شي مشكوك فيه..
    القصيدة لا ينصفها الا شاعرها.
    .
    .
    أخيرا الوعي الشعري لدى المتلقي شي مهم جدا هذه المسابقات احيت بعض النعرات القبليه الى حد ما…لأنه حتى الحيوانات تزاحمنا عليه من خلال مهرجانات مزايين الأبل!

    تقبل مودتــي و احترامـي.

Comments are closed.