كيف خدمت الثوره المعلوماتية علوم الشريعة ؟
بدأ استعمال اللغة العربية في المعلوماتية منذ ستينات القرن الماضي وتطور ذلك إلى حسن إظهار الأحرف العربية بشكل مقبول خلال السبعينات. وقد ظهر أول برنامج للقرآن الكريم بدون تشكيل على الحواسيب الشخصية في
مطلع الثمانينات . ومع بداية التسعينات وشيوع أنظمة النوافذ (ويندوز) على الحاسوب الشخصي ، بدأت برامج متنوعة للقرآن الكريم بالظهور. وكان التشكيل جزءًا لا يتجزأ من معظمها. وفي منتصف التسعينات بدأت برامج
تفسير القرآن بالظهور، وكان من أولها تفسير إبن كثير ثم أعقبه عدد آخر من التفاسير الأخرى كالقرطبي وفي ظلال القرآن وغيره.
وما أن بدأت ثورة الأنترنيت بالإتساع حتى كانت المواقع التي تعنى بالقرآن الكريم من أول المواقع العربية التي حظيت بالرعاية. يتوفر الآن على الأنترنيت عشرات المواقع المهتمة بالقرآن الكريم وهي في اتساع
مستمر. كما أن المواقع باللغات غير العربية المهتمة بالقرآن الكريم وترجمة معانيه وعلومه متوفرة الآن بعشرات اللغات ، وهي توفر مواقع لتفسير القرآن وعلومه والإجابة على إستفسارات السائلين والمحاورة وغير
ذلك بالإضافة إلى غيرها من العلوم الشرعية كالحديث والفقه. ويستعرض البحث وصفًا مختصرًا لبعض من هذه المواقع وكيف يمكن الإفادة منها وما يلزم لتطويرها.
كما أن المعالجة الصوتية للقرآن الكريم قد شقت طريقها هي الأخرى ودمجت القابليات الصوتية مع القابليات الحاسوبية . فالتسجيلات الصوتية للمقرئين وتعليم قواعد التجويد وغيرها قد مكنت من عرض القرآن الكريم
وتعليمه بأساليب حديثة عالية التأثير.
يعرض البحث أسس التعامل مع القرآن الكريم من جانب المتخصصين بالحوسبة. أول هذه الأسس هو المحافظة على النص من ناحية شكل الكتابة والتشكيل بشكل دقيق وتتوفر الإمكانات الحاسوبية اليوم لذلك بمختلف الخطوط
العربية ( الفونطات) والخطوط الجميلة والرسم العثماني ورموز القراءة والتجويد. ويحتاج ذلك إلى قاعدة بيانات تعتمد على رسم الكلمات القرآنية وتوفر العلاقة بين الكلمات نفسها إذا ما كتبت في مواضع مختلفة
بأشكال مختلفة.
أما الجانب الآخر فهو ربط الكلمة القرآنية مع مكوناتها من سوابق كحروف الجر والعطف وألف لام التعريف وغيرها ولواحق كالضمائر وأدوات الإعراب كحروف التثنية والجمع مع نواة الكلمة وتشكيلها ووزنها الصرفي
والجذر الذي اشتقت منه . ويمكن توفير ذلك باستخدام قاعدة بيانات الصرف. كما أن إعراب الكلمات القرآنية يمكن أن يكون نتاج قاعدة بيانات النحو الذي يمكن أن يخدم اللغة العربية خدمة عظيمة لما للقرآن من مكانة
لغوية فريدة. أما جانب الدلالة والمعاني فهو الجانب الأهم الذي تخدمه قواعد بيانات النص والصرف والنحو.
كتطبيق عملي على الفائدة من قواعد البيانات هذه ، يعرض البحث الخطوات البرمجية التي تم اتباعها في إعداد كتاب: “المعجم المفهرس للتراكيب المتشابهة لفظًا في القرآن الكريم” ، حيث استعملت قواعد البيانات
أعلاه لتكوين قاعدة بيانات العبارات القرآنية. وقد مكنت قاعدة البيانات هذه من عرض نتائجها بأشكال متعددة وتبويب مختلف بوقت قصير ، كان من الصعب إنجازها في عشرات السنوات. كما يتطرق البحث إلى إمكانية
استخدام نص القرآن الكريم والبحث فيه من قبل غير المتخصصين بالحاسوب. كمثال على ذلك يعرض البحث مثالاً على الفاصلة القرآنية وكيف يمكن لغير المتخصصين الوصول الى مثل هذه النتائج بسهولة ويسر.
إن ما نشهده اليوم من توسع هائل في التعامل مع القرآن الكريم في عصر المعلوماتية ما هو إلا مفتاح لعالم جديد يستند إلى استخدام وسائل الذكاء الإصطناعي والطاقة الهائلة لحواسيب المستقبل والشبكة المعلوماتية
(الإنترنيت). وعلى هذا فإن ما ينتظر هذا الحقل في المستقبل يستوجب تعاونًا كبيرًا بين المتخصصين في المعلوماتية وعلماء الشريعة لخدمة القرآن الكريم لما فيه خير الأمة الإسلامية وتقدمها. كما ان خدمة القرآن
الكريم هي أساس لخدمة بقية فروع العلوم الشرعية كالحديث والفقه وعلوم اللغة العربية والترجمة بين اللغات التي يتكلم بها المسلمون.
نبذة تأريخية
بدأ استعمال اللغة العربية في المعلوماتية منذ ستينات القرن الماضي وتطور ذلك إلى حسن إظهار الأحرف العربية بشكل مقبول خلال السبعينات. وقد ظهر أول برنامج للقرآن الكريم في مطلع الثمانينات وهو برنامج (
سلسبيل ) والذي ظهر على الحواسيب الشخصية التي كان بدء توسع انتشارها حينئذ. وكان البرنامج بدون أي تشكيل للحروف. وقد كانت مستويات البرمجيات في تلك الفترة متواضعة. وفي تلك الفترة ظهرت دقة عالية على أجهزة
شاشات ماكنتوش ، مكنت من إدخال التشكيل والخطوط العربية الجميلة إلى الحاسوب.
ومع بداية التسعينات وشيوع أنظمة ويندوز على الحاسوب الشخصي بدأت برامج متنوعة للقرآن الكريم بالظهور. وكان التشكيل جزءًا لا يتجزأ من معظمها. وقد ساعد انتشار الخطوط العربية الجميلة الشكل على الحاسوب في
إظهار نص القرآن الكريم بشكل جميل. وحيث أن هذه الفترة صاحبت دخول الحاسوب بشكل واسع إلى عمل المطابع فقد ظهرت برامج ( مثل برنامج أبجد) تحوي إمكانية إظهار النص القرآني بالرسم العثماني وبخطوط جميلة
وإدخالها ضمن نصوص الكتب أو المطبوعات الأخرى.
وفي منتصف التسعينات بدأت برامج تفسير القرآن بالظهور وكان من أولها تفسير إبن كثير ثم أعقبه عدد آخر من التفاسير الأخرى كالقرطبي وفي ظلال القرآن وغيره. وقد كانت خدمة بعض هذه التفاسير على الحواسيب
متواضعة بشكل عام حيث احتوت على خصائص البحث عن الكلمة كما هي دون بحث صرفي أو جذر الكلمة.
وما أن بدأت ثورة الإنترنيت بالأتساع حتى كانت المواقع التي تعنى بالقرآن الكريم من أول المواقع العربية التي حظيت بالرعاية. وفيما يأتي نظرة على مواقع القرآن الكريم على هذه الشبكة وما وصلت إليه في الوقت
الحاضر.
أ.د. محمد زكي خضر
مؤتمر كلية الآداب الخامس- جامعة الزرقاء الأهلية
حضارة الأمة وتحدي المعلوماتية
أيار 2004
فيصل حمد السبيعي