لماذا يكره العرب بعضهم بعضا؟

قبل أيام، ذهبت مع صديق فرنسي نكتشف مطعما جديداً في أحد المشاريع الجديدة في عاصمة الأناقة دبي.

في هذا المطعم تُقدم خيارات من المطبخ العربي: لبناني ومصري ومغربي. كان كبير الطهاة يشرح لصديقي أنواع الأكلات الموجودة ثم توقف طويلاً عند المطبخ المصري يشرح لصاحبي ويقنعه بأن هذا القسم يقدم ألذ الوجبات.

سأل صديقي كبير الطهاة مازحاً، بعد مدحه الطويل للمطبخ المصري: لا بد أنك مصري؟ فرد كبير الطهاة سريعاً برد أحمق لم نتوقعه نكد علينا فرحتنا باكتشاف مكان جديد في دبي: “أقتل نفسي ولا أكون مصري”!

قبل أسبوع على هذه القصة، كان صديقي يتحدث مع شاب مصري عن أحوال لبنان وفوجئ بموقف مماثل: “الموت أفضل لي من أن أكون لبنانياً”. سألني صديقي: لماذا يكره العرب بعضهم بعضا؟

في واشنطن قبل سنوات، كنت في مقهى عربي يصر صاحبه أنني لست من بلدان الخليج ولا أعرف لماذا كان يصر على رأيه، وكان يكيل أقبح الشتائم للسعوديين والخليجيين فلما تعبت من محاولاتي بإقناعه بأن موقفه من إخوته في الخليج معيب وأن التعميم خطأ وبأننا ننتمي لثقافة واحدة ولغة واحدة وتاريخ واحد – إلى آخر قاموس خطابنا العربي التقليدي – اضطررت لترك المقهى احتجاجاً على بذاءته وعنصريته ووقاحته.

عندها أدرك أنني فعلاً من السعودية فلحق بي إلى السيارة معتذراً بإهانة أخرى: “آسف. لم أكن أظن أنك من السعودية”! ثم أراد أن يكحلها فأعماها حينما قال: “أنت لست مثل بقية السعوديين لأنك شخص محترم ومؤدب”.

وقصص من هذا القبيل كثيرة وتتكرر – للأسف – بأشكال متعددة كل يوم وربما كل ساعة. فإذا نظرنا لخارطة الكره العربي لصدمنا بواقعنا إذ يبدو أن خصومات السياسيين العرب ومعاركهم ساهمت في تفشي كراهية الشعوب العربية لبعضها،

فحتى عند تصالح السياسيين وتقاربهم تبقى الشعوب العربية أسيرة لخطاب الكره الذي روجت له ورعته آلات البروبقندا في كل بلد عربي! ولهذا كثيرا ما أسأل العرب الذين ينادون بتكثيف الجهود لممارسة الكذب والدجل بتحسين صورة العربي في الخارج: كيف يستوي الظل والعود أعوج؟ كيف نطالب العالم أن ينظر لنا بنظرة احترام وتقدير ونحن لا نحترم أنفسنا ويهين بعضنا بعضا ؟ وكيف نغير من صورتنا عند العالم قبل أن نغير صورتنا عند أهلنا وإخوتنا في الدم والتاريخ في الوطن العربي؟

حينما عاد صديقي الفرنسي للسؤال: لماذا يكره العرب بعضهم البعض أخذتني العزة بالإثم فرددت عليه بسؤال ظننت أنه سيخرسه إلى الأبد: ولماذا تقاتل الأوروبيون لعقود طويلة ونحر بعضهم البعض حتى سالت أنهار من الدماء ما تزال شواهدها بارزة إلى يومنا هذا؟

وأنا هنا مارست ممارسة عربية معتادة وهي أن تجيب على السؤال المحرج بسؤال آخر. فإن سُئلت عن أوضاع المرأة العربية اليوم فرد بسؤال آخر عن أحوال المرأة في أمريكا قبل 200 سنة! لكن صديقي الفرنسي لم يتنكر لتاريخ أوروبا الدموي ولم يتهرب من سؤالي بأسئلة أخرى ولكنه شرح لي أن مصدر تساؤله نابع من قناعته بأن العوامل المشتركة بين العرب – من لغة واحدة وتاريخ متقارب وثقافة في جذورها واحدة – كثيرة ومع هذا يبقى العرب متنافرين متباعدين متباغضين. لماذا؟

حقاً: لقد تجاوز الأوروبيون كل الفوارق الجوهرية وغيرها فيما بينهم وتعايشوا بعد أن أدركوا أن الطريق الوحيد للبقاء هو التعايش بتعاون وتقدير لإمكانيات كل طرف. مع الوقت ذابت الحواجز وبقيت الفوارق الجوهرية التي لا تتعارض مع التعايش المشترك فالإيطالي ما زال متمسكاً بلغته الإيطالية وتاريخه وثقافته الخاصة لكن هذه الفوارق لم تعزله عن التعامل الواثق مع ألمانيا أو فرنسا أو بريطانيا أو إسبانيا، تعامل قائم على مصالح مترابطة ورؤية متناسقة لتحديات المستقبل ومخاطره. لم يعد جديداً القول أن ما يجمع العرب اليوم من ثقافة ولغة ومصالح ومخاطر يفترض أن يكون أكبر وأكثر وأهم مما يجمع بين الأوروبيين الذين نجحوا وسادوا حينما تجاوزوا إرث الماضي من حروب وصراعات وأدركوا تحديات المستقبل ومخاطره. هناك دائماً فارق كبير بين من يعيش أسيراً للماضي وبين من يسابق الزمن نحو المستقبل.

في الثقافة العربية – إلى اللحظة – مازال البحث عن ثارات الماضي ومآسيه ممارسة حية بيننا. فالقبيلة التي لم يستطع أجدادها الثأر لجدهم المقتول على يد ابن عمه قبل 450 سنة ما زالت تتوارث العار والتهديد بالثأر إلى اليوم وإلى الغد! لكن هذه القبيلة التي قتل الغزاة الأجانب نصف أهلها قبل 100 سنة نست القصة وربما حفرتها في ذاكرة “بطولة” القبيلة وأمجادها.

لماذا يكره العربي أخاه العربي؟ لماذا يحقد العربي على أخيه العربي؟ ولماذا يحسد العربي أخاه العربي؟ ولماذا لا يتسامح العربي مع أخيه العربي ويتجاوز عن أخطائه وسقطاته؟ وفي ثقافة الكره العربي العربي المعاصر، يتساوى كبير الطهاة في قصتنا أعلاه مع كثير من المثقفين والسياسيين وبقية النخب العربية. لا فرق إلا في درجات الكره وأساليب التعبير عنه! انظر إلى خارطة المأساة الحية في لبنان اليوم لترى صورة مصغرة لحالة البؤس العربي الشامل.

فلو حللنا جوهر الأزمة القديمة الجديدة في لبنان – بغض النظر عن التجربة السياسية الطائفية المؤسسة منذ زمن – لخرجنا بنفس النتيجة: كره العرب لبعضهم البعض والغياب الكامل لثقافة التسامح بين العرب أنفسهم سببان أساسيان لكثير من أزماتنا في لبنان وبقية البلاد العربية. فثقافة الكره المتأصلة بين العرب ما تزال للأسف تتغذى بجهالات أهل السياسة وألاعيب صبيانهم في وسائل الإعلام المختلفة عبر تعميمات ظالمة أو سخرية مهينة أو تحريض مبطن. وعند أي أزمة سياسية جديدة تطفو سريعاً على السطح كل العاهات والأمراض العربية بدءاً بكره العرب لأنفسهم ولبعضهم البعض.

إذن ما الحل؟
أن علينا في العالم العربي أن نختار إما أن نكون عرباً يحترم بعضنا بعضاً (و لا أطالب أن يحب بعضنا بعضاً) ونعمل سوياً ، كل في دولته أو دكانته، برؤية واعية لتحديات المستقبل وفرصه أو أن نبقى دولاً وشعوباً متناحرة متصارعة، أو كما لو أنها قطيع غنم يناطح بعضها بعضا فيما الذئاب تحيط بها من كل اتجاه وتفترسها واحدة واحدة!

متى نتعلم؟

بقلم د. سليمان الهتلان في يوم الأربعاء, 21 مايو 2008

عن صحيفة الوطن السعودية

ظ„ظ…ط§ط°ط§ ظٹظƒط±ظ‡ ط§ظ„ط¹ط±ط¨ ط¨ط¹ط¶ظ‡ظ… ط¨ط¹ط¶ط§طں – ط³ظٹط§ط³ط© ظˆط§ظ‚طھطµط§ط¯ – ArabianBusiness.com

36 thoughts on “لماذا يكره العرب بعضهم بعضا؟

  1. الدول الغربية هي المسؤولة عن تأجيج الكراهية ونار الفتنة بين العرب

    الدول الغربية تحاول إيجاد كل ما يفرقنا وتقوم بتضخيمه مثل

    الدين (شيعة، سنة، مسيحي)، مثل شيعة العراق وسنته وشيعة لبنان وسنته ومسيحييه

    اللهجة في المناطق المختلفة (اسكندراوي، صعيدي)،

    تكوين الهوية الوطنية والشعور بالتفوق على الآخر (أنا الكويتي أفضل من الجميع، لا احنا المصريين بنينا الأهرامات، نحن السعوديين من القبائل العربية الأصيلة، أنا لبناني، أنا سوري الخ)،

    الفوارق الطبقية بين الدول (دولة غنية مثل الكويت، دول فقيرة مثل الأردن)،

    الفوارق التعليمية (دولة متقدمة مثل العراق سابقاً، دولة متخلفة مثل جيبوتي)،

    فوارق أسلوب الحياة (البذخ في بعض الدول مثل الإمارات، الفقر في الدول الأخرى مثل الصومال)

    الفوارق السياسية (دول عروبية مثل سوريا والعراق، دول علمانية مثل تونس، دول إسلامية مثل السعودية)

    أيضاً اختلافات نظام الحكم (جمهوري مثل مصر، ملكي مثل المغرب، وأميري مثل الكويت).

    وأيضاً (دول معادية لأمريكا مثل سوريا والعراق سابقاً ودول حليفة لأمريكا والغرب (دول الاعتدال العربي خخخخ)).

    كل هذه الاختلافات يمكن أن تذوب لو كنا دولة واحدة ولكن الفرقة والاستعمار أدت إلى تهالكنا فأصبحنا شعوباً وأقواماً لا يجمع بيننا غير هذه اللغة والدين

    والصحيح أن القواسم المشتركة أكثر من الاختلافات

    ولكن الغرب يقوم ليل نهار في تأجيج نار الفتنة وتضخيم الاختلافات بيننا

    والخاسر الوحيد هو

    كل العرب

    وللأسف بعض الحكومات العربية الكبرى وبدون ذكر أسماء مسؤولة عن هذه الجريمة وهي دب الخلاف والفرقة بين الشعوب العربية بدفع من أمريكا وبريطانيا

    بن حميد .. أو ليس لنا عقل لنعرف الصواب من الخطأ ان كانت الدول الغربيه هي السبب أم أننــــا

    أطفــــــال و من السهل خداعنـــــــا!!

  2. أشكرك اخوي الكريم يوسف على الموضوع الشيق والهادف.سوف اختصر الاجابة وحسب وجهة نظري الشخصية.كالتالي.
    باختصار شديد لاننا ابتعدنا كثيرا عن الدين والسنة.
    لو اننا متبعين القرآن والسنة لزالت جميع الامور التي تم ذكرها في الموضوع ومشاركات الاخوة والاخوات.جميع الامور التي تهم اي انسان من ولادته وحتى مماته مذكور في القرآن والسنة النبوية الشريفة.لكن وين الي يفهم ويتعلم.وكلما ابتعدنا اكثر .كلما زادت الخلافات بيننا كعرب ومسلمين.

  3. الدول الغربية هي المسؤولة عن تأجيج الكراهية ونار الفتنة بين العرب

    الدول الغربية تحاول إيجاد كل ما يفرقنا وتقوم بتضخيمه مثل

    الدين (شيعة، سنة، مسيحي)، مثل شيعة العراق وسنته وشيعة لبنان وسنته ومسيحييه

    اللهجة في المناطق المختلفة (اسكندراوي، صعيدي)،

    تكوين الهوية الوطنية والشعور بالتفوق على الآخر (أنا الكويتي أفضل من الجميع، لا احنا المصريين بنينا الأهرامات، نحن السعوديين من القبائل العربية الأصيلة، أنا لبناني، أنا سوري الخ)،

    الفوارق الطبقية بين الدول (دولة غنية مثل الكويت، دول فقيرة مثل الأردن)،

    الفوارق التعليمية (دولة متقدمة مثل العراق سابقاً، دولة متخلفة مثل جيبوتي)،

    فوارق أسلوب الحياة (البذخ في بعض الدول مثل الإمارات، الفقر في الدول الأخرى مثل الصومال)

    الفوارق السياسية (دول عروبية مثل سوريا والعراق، دول علمانية مثل تونس، دول إسلامية مثل السعودية)

    أيضاً اختلافات نظام الحكم (جمهوري مثل مصر، ملكي مثل المغرب، وأميري مثل الكويت).

    وأيضاً (دول معادية لأمريكا مثل سوريا والعراق سابقاً ودول حليفة لأمريكا والغرب (دول الاعتدال العربي خخخخ)).

    كل هذه الاختلافات يمكن أن تذوب لو كنا دولة واحدة ولكن الفرقة والاستعمار أدت إلى تهالكنا فأصبحنا شعوباً وأقواماً لا يجمع بيننا غير هذه اللغة والدين

    والصحيح أن القواسم المشتركة أكثر من الاختلافات

    ولكن الغرب يقوم ليل نهار في تأجيج نار الفتنة وتضخيم الاختلافات بيننا

    والخاسر الوحيد هو

    كل العرب

    وللأسف بعض الحكومات العربية الكبرى وبدون ذكر أسماء مسؤولة عن هذه الجريمة وهي دب الخلاف والفرقة بين الشعوب العربية بدفع من أمريكا وبريطانيا

  4. شكرا يوسف ع نقل .
    وكاتب الموضوع سعودي ويجب على السعودية ان تكون قدوة للدول العربيه لما تتمكن به من موقع استراتيجي ومساحه اكبر وايضا رعايتها لبيت الله الحرام يجب ان تكون سباقه في التسامح وحب الاخرين لاننا نعتبر السعودية الاخ الاكبر لنا جميعا ويجب ان تبداء هي الاول في التصالح والتسامح ومساعدة الاخرين .

  5. مشكلة العرب ان كل واحد شايف نفسه عالثاني عالفاضي

    لكن الحقيقة ان العرب الان جميعا بدون استثناء يعتبرون زبالة المجتمع العالمي

    السؤال ليش ما يشوفون أنفسهم على الأجانب .. هل لأنه عربي فقط!

Comments are closed.