قصيدة البحر التي ألقاها الشاعر السعودي جاسم الصحيح في برنامج ” أمير الشعرا ء” في أبوظبي
[POEM=”font=”Simplified Arabic,5,white,bold,normal” bkcolor=”transparent” bkimage=”./images/backgrounds/3.gif” border=”double,7,coral” type=3 line=0 align=center use=ex num=”0,black””]
يا بحرُ.. كُلُّكَ في مسامرتي فَمُ=فافتحْ زُجاجةَ ما تُكِنُّ وتكتـــــمُ
وأَدِرْ أساطيرَ البدايةِ بينَنــــــا=سِيَّانِ: شَهْدُ حديثِها والعلقـــمُ
سِيَّانِ: فَرَّ من الزجاجةِ ماردٌ=أمْ رَفَّ منها نورسٌ مُتَرَنِّــــــمُ
يا بحرُ.. يا شيخَ الرُّواةِ على المَدَى=مُتَعَوِّذاً من موجةٍ تَتَلَعْثَــــــــــــــــمُ
حُرِّيَّةُ الكلماتِ فيكَ.. تقاصَــــــرَتْ=عنها اللغاتُ ولم يَسَعْهاَ المعجـــــمُ
هذا لسانُكَ هادرٌ بِحكايـــــــــةِ الـ= -إنسانِ يختزلُ المدى ويُحَجِّــــــــــمُ
فالمدُّ والجزرُ اختصارُ عوالِـــــــــمٍ=في الأرضِ.. تبنيها العصورُ وتهدمُ
فكأنَّما في الموجِ ربٌّ غاضـــــــــبٌ=يمحو، وربٌّ في الشواطئِ يرســـمُ!
وكأنَّما لُجَجُ المياهِ خلائــــــــــــــقٌ=تنمو على شطِّ الحياةِ، وتُعْـــــــدَمُ!
وكأنَّما التيَّارُ – وَهْوَ مُجَـــــــــــــدَّلٌ=في الرَمْلِ – أعمارُ الذينَ تَصَرَّموا!
يا بحرُ.. مادامَ الطريقُ يُعيدُنــــــا=لِلبِدْءِ من حيث النهايةُ تجثُـــــــــمُ
حَطِّمْ ضلوعيَ في ضلوعِكَ، إِنَّنا =مُتَوحِّدانِ بِقَدْرِ ما نَتَحَطَّــــــــــــمُ
يا بحرُ.. قالوا عنكَ : نبعُ أرومةٍ=للكائناتِ وللبدايـــــــــــــــــةِ توأمُ
ويُقالُ: كنتَ هناكَ أوَّلَ عاشـــقٍ=فَهِمَ الغرامَ فذابَ فيما يفهـــــمُ
هيمانُ تصهركَ المراهقةُ التي=تَخِذَتْ ملامحَ زُرْقَةٍ تَتَضَــــرَّمُ
حتَّى إذا اكتَمَلَ انصهارُكَ في الهوى=صلَّى عليكَ العاشقونَ وسَلَّمــــــــــوا
وجمعتَ كلَّ صلاتِهِمْ وسلامِهِــــــــــــمْ=دُرَراً أضاءَ بِها القرارُ المُعْتِـــــــــــــمُ
يا بحرُ.. هذي الشمسُ تنصبُ عرشَها=فوقَ الشواطئِ ، والهجيرُ يُخَيِّـــــــــــمُ
والصيفُ جاءَ كَ عارياً وكأنَّــــــــــــــــهُ=عاصٍ يُصَرِّحُ بالذنوبِ وينــــــــــــــــدمُ
والمبحرونَ على امتدادِكَ حينمَــــــــــا=رضعُوا المسافةَ ما اشْتَهَوْا أنْ يُفْطَمُوا
قنطارُ) ضحكتِهِمْ يرنُّ إذَا سجــــــــــا=من خيبةِ الموجِ المحطَّمِ (درهـــــــــمُ
وأنا أتيتُكَ في شِبَاكِ بلاغتـــــــــــــــي=أصطادُ ما يُوحي مداكَ ويُلْهِــــــــــــمُ
صنَّارتي مثلُ الحقيقةِ صُلْبَـــــــــــةٌ=تُدمي، و(طُعْمِيَ) كالمجازِ مُنَمْنَـــــــمُ
فَلَرُبَّما انزلَقَتْ إليَّ قصيــــــــــــــدةٌ=من بينِ أرزاقٍ لديكَ تُقَسَّــــــــــــمُ
يا بحرُ.. يا دمعَ الطبيعةِ حينمَا=كانَتْ على إنسانِها تَتَأَلَّــــــــــمُ
عَبَثاً أطارحكَ الغناءَ، وها هُنَــا=في كلِّ موجٍ للطبيعةِ مَأتَــــــــــمُ
حَطِّمْ ضلوعيَ في ضلوعِكَ، إِنَّنا =مُتَوحِّدانِ بِقَدْرِ ما نَتَحَطَّـــــــــــمُ
هذي الملوحةُ – لا عدمتَ مذاقَها= رمزٌ على الحزنِ الذي نتجشَّــــــمُ
يا بحرُ.. هل بَقِيَتْ لديكَ أُبُوَّةٌ=تحنو على تَعَبِ البنينِ وترحمُ
فأنا ابْنُكَ النَّهرُ الذي سَرَّحْتَـــهُ=في الأرضِ يعزفُ رملَها ويُنَغِّمُ
في روحِ قِدِّيسٍ رَحَلْتُ كأنَّمــــا=صَفَحاَتُ مائيَ لؤلؤٌ مُتَبَسِّــــــمُ
ورَجِعْتُ ألهثُ في غسيلِ سرائرٍ=سوداءَ.. فيها لؤلوئي يَتَفَحَّـــــمُ
من كلِّ يابسةٍ حملتُ حكايــــــــةً=في الموجِ تُسديها الهمومُ وتُلحِمُ
ألقَى بيَ الفقراءُ أوجاعَ القُـرَى..=وَجَعاً يئنُّ وآخَراً يَتَصَنَّـــــــــــــمُ!
ورمَى بيَ العاصونَ من آثامِهِمْ=ما لم تُطِقْهُ مفاصلي والأَعْظُـــمُ
وشعرتُ يا أَبَتي.. شعرتُ بشهوةٍ=حمراءَ تصهلُ داخلي، وتحمحــمُ
وهناك حيث الماءُ أطلقَ مَــــــدَّهُ=في الضِّفَّتَينِ رغائباً تَتَوَحَّـــــــــمُ
ضاجعتُ يابسةَ الحقولِ فأَنْجَبَـــتْ=شوكاً.. وساد على الثِّمارِ، العلقمُ!
هِيَ رحلةُ العُمرِ التي قايَضْتُهــــــــا=ما كنتُ أعلمُهُ بما أَتَعَلَّـــــــــــــــــمُ
تُبْ يا أبي عنِّي.. لعلَّ رصاصــــةً=جَنَتِ الذنوبَ يتوبُ عنها المنجمُ!
واشفقْ عَلَيَّ بأنْ أثورَ فَإِنَّنـــــــي=جَسَدٌ بِقنبلةِ الذنوبِ مُلَغَّــــــــــــــمُ
انزعْ فتيلَتِيَ الأثيمةَ وَارْمِنــــــــي=في الملحِ يغسلُني البياضُ الأكرمُ
حتَّى أعودَ إلى الصفاءِ كأنَّنـــــــي =مَلَكٌ أَغَرُّ من الذنوبِ مُعَقَّــــــــــمُ
يا بحرُ.. مازالَ الكمالُ غوايـــــــةً=للطامحينَ، وغايةً تَتَضَــــــــــــخَّمُ
لو كنتُ أملكُ جَنَّةً لرَأَيتَنــــــــــــي =طَمَعاً أؤنِّقُ جنَّتي وأُهَنْـــــــــــــدِمُ
يا بحرُ.. هلْ أنتَ الصدى لِمشاعرٍ=في النَّفْسِ يعزفُها القضاءُ المُبْرَمُ؟
لامستُ فيكَ حكايتي من هَمْسِها=حتَّى الهديرِ كأنَّني بِكَ مُتْخَــــــمُ
هلْ أنتَ جرحٌ مثلُ جرحيَ طــــاعنٌ=في الأرضِ يغرقُ في مداهُ، المرهمُ؟
هلْ عمقُ قاعِكَ مثلُ عُمْقِ قصيدةٍ=في خاطري.. أَزَلِيَّةٍ.. لا تهــــرمُ؟
هلْ هذهِ الأسماكُ في رَوَغَانِــــها=هِيَ أُمنياتيَ في مِياهِكَ عُــــــوَّمُ؟
هل عنفوانُ المدِّ فائضُ ثــــــورةٍ=في عمقِ ذاتيَ بالتَّحَرُّرِ تحلــــمُ؟
تَعِبَ السؤالُ فكُنْ لهُ أرجوحـــــةً=يغفُو على موجاتِها ، ويُهَــــــوِّمُ
يا أيُّها المخفورُ داخلَ عزلــــــــةٍ=في الذاتِ يغمرُها الضبابُ الأبكمُ
لامستُ فيكَ حكايتي من هَمْسِها=حتَّى الهديرِ كأنَّني بِكَ مُتْخَـــــمُ!
فأنا المقيمُ إقامةً جبريَّـــــــــــــةً=في قامتي حيث الخلاصُ تَوَهُّمُ!
لِيَ حيرةٌ في الغيبِ تشبهُ حيرتي=في الحبِّ: هل أنا مغرمٌ أم مُرغَمُ؟!
يا بحرُ.. كانَ الشِّعرُ بُوصَلَةَ الهـوى=في القلبِ.. يقفوها بدورتِهِ الــــــــدَمُ
الشِّعرُ صِنْوُكَ في الخلودِ، كلاكُمَا=قِدَمٌ على الدنيا.. فَمَنْ هُوَ أقــــدمُ؟
والشِّعرُ صِنْوُكَ في الجلالِ، كِلاكُمَا=عِظَمٌ على الدنيا.. فَمَنْ هُوَ أعظَمُ؟
وأنا امتدادُكُما معاً في شــــــــــاعرٍ=يهتزُّ ملءَ جوارحي ويُدَمــــــــــــدِمُ
هذا الغريبُ يعيشُ داخلَ جُثَّتـــــي=قلقاً يثورُ وحيرةً تتَــــــــــــــــــأَزَّمُ
فأنا التباسٌ بالمِدادِ، يُخيفُنــــــي=وَرَقٌ بِهاويةِ البياضِ مُحَـــــــزَّمُ
أمشي وأعثرُ بالفراغِ، ولا أرى=ضوءاً يرمِّمُ عثرتي ويُقَــــــــوِّمُ
كانَتْ ولادتيَ القديمةُ هُـــــوَّةً=تأبى بغيرِ ترابِ موتـــيَ تُردَمُ
إنْ صَحَّ لي قبرٌ بحجمِ قصيدتي=فمقاسُهُ بمقاسِ ما أنا أحلــــــمُ!
يا بحرُ.. قالوا عنكَ : أوَّلُ حاك=مٍما انفكَّ في جبروتهِ يتنعَّــــــــــمُ
الماءُ عرشُكَ والسواحلُ سُـــدَّةٌ=شمَّاءُ.. تحرسُها الرياحُ الحُوَّمُ
والمطلقُ الممتدُّ فيكَ مشيئــــــةٌ=زرقاءُ يسكنُها المصيرُ المبهمُ
وهُناكَ أنتَ جلالةٌ غَيْبيَّـــــــــــــةٌ= تسطو على الأُفُقِ البعيدِ وتحكمُ
وَوَرَاءَ وجهكَ مذبحٌ لا ينتشــي =حتَّى يعربدَ في شواربكَ الـــدَمُ
يا بحرُ.. ما بالُ العدالةِ ثاكـــــــلٌ=في الماءِ، والدُّرَرُ الصغيرةُ يُتَّــمُ؟؟
ما بالُ قاعِكَ يستغيثُ كأنَّــــــــهُ=غابٌ بِأنيابِ الوحوشِ مُسَمَّــــمُ؟
خَبَّأْتَ حزنَكَ خلفَ ألفِ فُقاعةٍ=وبَرَزْتَ في ألوانِها تَتَبَسَّـــــــمُ
لا تَأْمَنِ الزَبَدَ الضَحُوكَ، فَطَالَمَا=فَضَحَتْ أَساَكَ فُقَاعةٌ تَتَهَشَّــــــمُ
وأطلَّ وجهُكَ من مرايا عَتْمَــــــــــةٍ=في العُمْقِ.. تغرقُ في مَدَاهَا الأَنْجُمُ
[/POEM]
موضوع رائـــــــع وجهد مبذول واضح
ومفيد جداً
من أروع المواضيع في هذا القسم
يستحق الف ختم تميز
لاهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـنت
نبذة عن أعضاء لجنة التحكيم
إن الإمارات العربية المتحدة بتخصيصها هذه الجوائز العظيمة للشعراء العرب لأول مرة في تاريخ الأدب العربي، تكون قد تركت سفينة الشعر العربي التي كانت راسية في ساحل اليأس، وكانوا يوشكون أن يستسلموا إلى مصيرٍ قاتمٍ مجهول هذا مايراه الدكتور عبد الملك مرتاض الذي يؤكد أن المسؤولية التاريخية ملقاه اليوم على عواتق الشعراء العرب، فعليهم أن يرقوه بأخيلتهم وقرائحهم حتى يخترقوا السقف، وأن يبلغوا الجبال طولاً، ليكونوا أهلاً لنيل هذه الجوائز السخية من جهة، ولجعل الشعر العربي في حالة أزدهار قصوى حتى يعود إليه ألقه ووظيفته الجمالية في المجتمع العربي الذي أثبت التاريخ أنه أشد المجتمعات إيلاعاً بالشعر، والإستماع إلى إنشاد الشعراء، من جهة أخرى
الأستاذ الدكتور عبد الملك مرتاض، والده الفقيه الشيخ عبد القادر بن أحمد بن أبي طالب، الذي حفّظه القرآن وعلَّمه مبادئ العربية والفقه، تخرج في يونيو سنة 1963في كلية الآداب جامعة الرباط، وكان الأوَّل في شهادة الأدب، نال درجة دكتوراة الطور الثالث في الأدب من جامعة الجزائرسنة1970، نال عدة شهادات تقديرية وفخرية كما كرَّمته هيئات علمية وثقافية جملة مرات، عُين سنة1999عضواً في المجمع الثقافي العربي ببيروت، سُجل اسمه في موسوعة لاروس بباريس مصنفاً في النقَّاد، كما سُجِل في موسوعات عربية وأجنبية أخرى في سورية والجزائر وألمانيا، قُدِّمت وتُقدَّم حول كتاباته النقدية والإبداعية، ومنهجه في النقد والتحليل رسائل جامعية ماجستير ودكتوراة ، صدر له مجموعة كبيرة من الكتب المطبوعة في النقد والدراسات التحليلة في اللغة العربية والأدب والقصة والشعر والتي منها « نهضة الأدب العربي المعاصر في الجزائر»، « القصة في الأدب العربي القديم»، «بنية الخطاب الشعري»، « ألف ياء تحليل سيمائيّ لقصيدة أين ليلاي »، «أدب المقاومة الوطنية»، « الإسلام والقضايا المعاصرة»، إضافة إلى مجموعة من الروايات والمجموعات القصصية والتي منها «نار ونور»،«الخنازير»، «وادي الظلام»،«الحفر في تجاعيد الذاكرة» وغيرها
[FRAME=”2 70″]مفكرٌ من الطراز الرفيع، لا يفصل أبداً بين بُعْد النظرية الأدبية وبين الخط الإنساني العام، يقول في أحد تصريحاته: لست أنا الناقد الذي يستعرض عضلاته أمام ملأ الشعر!.. هكذا هو الدكتور عبدالملك مرتاض، ذاكرة أدبية غاية في التفرد يختزل تفاصيلها في صوته الفكري، جاءنا من بلد المليون شهيد ليُشهِدُنا على ثقافة المغرب العربي وخصوصية الأدب الجزائري الشهير. حين يعلّق الدكتور مرتاض على قصيدة لأي متسابق في أمير الشعراء، فهو يقدم درساً بعيد المدى، يتجاوز صوته الهادئ حدود منبره على كرسي اللجنة، ليصل إلى وعي الإنسان البعيد في كل أقاصي الأرض.
1. قراءتك لفكرة مهرجان أمير الشعراء؟
إنها فكرة فريدة من نوعها في تاريخ المسابقات الشعريّة من حيث قيمةُ جائزتها السَّنِيّة، ومن حيث طريقةُ تصفيةِ الشعراء المتسابقين، ومن حيث استقطابها لأكبر عدد من الشعراء العرب المعاصرين ممّن هم دون سنّ الخامسة والأربعين، لأوّل مرّة، في تاريخ الشعر العربيّ، يجتمعون على صعيد واحد، فيتعارفون ويتوادّون، ويتنافسون أيضاً تنافساً شرساً. فقد كانت المسابقات الشعريّة والأدبيّة تجري في نفَق مظلم، يجتمع مجموعة من «الخبراء» ثمّ يتفاوضون فيما بينهم قبل أن يقرّروا منح الجائزة لمترشّح من المترشحين، دون أن يسمع المرشَّح، أو يعرف جمهور المثقفين، لما ذا قُدّم فلان على فلان، حتّى أصبحت تلك الجوائز تثير شيئاً من الارتياب. وقد كنّا كتبنا ننتقد تلك الطرائق البدائيّة المتّبعة فيها…
جائزة أمير الشعراء، لا تقدّم الأعمال الشعريّة، ويقرؤها عشرة محكّمين (ومثل هذا العدد لا يوجد إلاّ في جائزة نوبل)، بحيث لا يطّلع أحد على رأي الآخر المقدّر بعلامة يقدّرها للنص المطروح للقراءة التقويميّة، ثمّ تجمع العلامات العشرُ لكلّ شاعر، وبمقتضى المعدّل العامّ يتمّ تصنيفه وترتيبه، قبل أن يتقدّم الأوائل إلى لجنة تحكيم خماسيّة تتولّى الاستماع إلى الشعراء، وتقوّمهم بتسجيل الصوت والصورة، قبل أن ينتقل الخمسة والثلاثون إلى البثّ المباشر الذي يشاهده الملايين، بل عشرات الملايين…
فالفكرة رائعة، وطريقة التحكيم منصفة إلى أبعد الحدود الممكنة… والجائزة الماليّة الكبيرة المخصصة لأمير الشعراء مغرية بحيث تحمل الشعراء العرب على التجويد وخرْق السقف طولاً!…
2. ما ذا سيقدّم هذا البرنامج للتجربة العربيّة؟
كان الشعر العربيّ يتهاوَى نحو الانحدار السحيق، وكان الشعراء يوشكون أن يقعوا في مَهاوي اليأس والاستخذاء، بعد أن خذلهم القراء، فلم يعودوا يقرءون من أشعارهم إلاّ قليلاً، وبعد أن طغى الأدب الروائيّ على كلّ الأجناس الأدبيّة في الشرق والغرب… فلمّا جاءت جائزة أمير الشعراء قلبت الأمر رأساً على عقب، فأمسى الروائيون يغارون من الشعراء، وبذلك استعاد الشعر العربيّ مكانته من حيث هو الجنس الأدبيّ العربيّ الأوّل، وأمسى الشعراء العرب يفكّرون في كتابة قصائد رفيعة المستوى الفنّيِّ بحيث تستطيع أن تتحدّى المنافسة والمنافسين، فلم يبقَ أمام الشعراء إلاّ أن يرقَوا بشعرهم إلى المستوى الفنيّ الأعلى، وإلاّ فسبيلهم معروف…
3. هل أنت أقربُ إلى الرواية أم للقصة منك إلى الشعر؟
بدأت ككثير من الأدباء في العالم شاعراً فنشرت مجموعة من القصائد في بعض الجرائد والمجلاّت الجزائريّة منذ مطلع الأعوام الستين من القرن العشرين، ولكن تبيّن لي أنّ طريقي الأدبيّ الصحيح ربما يكون في الكتابات السرديّة، لا في الكتابة الشعريّة، فأخرجت إلى الآن سبع روايات، وسيرة ذاتية، ومجموعة قصصيّة، بالإضافة إلى عشرات الكتب النقديّة…
غير أن الشعريّة ظلّت تلامس كتاباتي الروائيّة كما لاحظ ذلك بعض النقاد الروائيين الجزائريين، لأنّي أرى الأدبَ إذا لم يكن شعريّاً لا يكون أدباً، وأولى للأدب الفجّ الركيك أن يندرج ضمن الأعمال التأليفيّة العاديّة ما دام آثر صاحبه، مختاراً، أن يتجانف عن الشعريّة التي هي شرط مركزيّ في مواصفة كلّ أدب رفيع… ومما زادني تعلّقاً بالشعريّات في كتاباتي الروائيّة أنّ النظريّات النقديّة الجديدة تميل الآن إلى إلغاء الحدود بين الأجناس الأدبيّة، لأنّ الشاعر قد يحكي حكاية فيمسي سارداً، كما أنّ الروائيّ قد يستهويه منظر طبيعيّ، أو لقطة جماليّة بديعة فيغتدي شاعراً بالمفهوم العامّ للشعريّات…
4. بالنسبة للنصوص المقدَّمة كيف رأيتها من الناحية الفنية؟
لا ننسَ أنّ الشعراء الذين تقدّموا إلى المسابقة، في الأصل، كانوا يُعَدّون بالآلاف، والتصفية التقويميّة التي اضطلع بها المصحّحون من أعضاء لجنة التحكيم، هي التي نَقَصَتْ من عددهم، وقلّلتْ من سَوادهم، فلم يجاوز المراحل الأولى من التصفية إلاّ من كان ذا حظّ عظيم. ثم لم تزل التصفيات والتنقيات تعمل عملها إلى أن تضاءل العدد إلى خمسة وثلاثين شاعراً. وفي هؤلاء مَن تلامس لغتُه الشعريّة لغةَ أبي الطيب المتنبي والسياب، وفيهم من هو دون ذلك. غير أنّ القصائد التي رقِيَ أصحابها إلى هذه المرحلة هي في معظمها ذات لغة فنية مقبولة. ونحسب أنّ لغة الشعر لدى الشعراء الخمسة الذين سيرقَون إلى المرحلة النهائيّة ستكون إمّا مقبولة لا ينفر منها الذوق، وإمّا بديعة تبهر الألباب، وتسحر الأسماع.
5. إضاءتك للمتسابقين بها ملامسة إنسانيّة، والأغلبيّة تشهد بذلك؛ فكيف يستفيد المتسابق من إضاءة لا تتعدّى الدقيقة الواحدة؟
ما يقوله الناقد للمنقود بعنف ومباشرة وقسوة، يمكن أن يقدّمه إليه بلطف ورقّة، فيبلّغ رسالته النقديّة للشاعر، وللجمهور، دون مصادمة ولا استعلاء. ونحن نحاول أن نتّبع الطريقة اللطيفة في التعامل مع الشعراء، ولا سيما في هذه المرحلة المتقدّمة من المسابقة، بحيث نضع اليد على المحزّ فنصدر الحكم لصالح النص، أو نترك الحكم معلّقاً تعويلاً على فهم الشاعر وجمهوره، ذلك بأنّ دقيقة واحدة تجعل الناقد يركّز على أهمّ القضايا الفنّيّة فلا يُعنَى في القصيدة المتسابقِ بها صاحبُها بتفاصيل الأشياء. ولا ننسَ أنّ معظم الشعراء المتقدّمين هم من الشباب، وأيّ قسوة مبالَغ فيها عليهم، في مثل هذه المواقف العصيبة التي يقومونها على المباشر، يمكن أن تُفضيَ إلى تدميرهم. ولم تكن الغاية من وراء هذا المهرجان العديمِ المثالِ إلاّ تربويّة قبل كلّ شيء، تأخذ بأيدي الشعراء الشباب نحو الغايات، وترتفع بالذائقة الشعريّة، لدى الجمهور بعد أن فقدَها، إلى المستوى المطلوب. ولم تكن قطّ من أجل أن يستعرض النقاد عضلاتهم على الشعراء فيتفيْهَقون عليهم تفيهُقاً، ويتشدّقون عليهم تشدّقاً.
6. ما سبب عدم تواجد قصيدة النثر في المسابقة من وجهة نظرك الأدبيّة؟
كان يفترض أن يلقَى هذا السؤال على السادة القائمين على تنظيم المسابقة، غير أننا نعتقد أنّ قصيدة النثر لَمّا يقع الاعتراف بها اعترافاً مجمَعاً عليه بين كلّ النقاد من وجهة، فهي لَمّا تقم، إذن، على ساقيها في رأينا، ثم ّإنّ طبيعة قصيدة النثر تقتضي أن تُقرأ أكثر مما تُلقى على جمهور عامّ غير متخصّص، من وجهة أخرى. ذلك بأنّ الأذن العربية هي أذنٌ إيقاعيّة، ولا يمكن أن تلغي قصيدةُ النثر الحديثة الميلادِ ما ظلّت الأذن العربيّة تتعامل معه طوال ستّة عشر قرناً من تاريخ الشعر العربيّ المكتوب.
7. كيف تصف لنا المشهد الثقافيّ في الجزائر بشكل خاصّ، والمغرب العربيّ بشكل عامّ؟
للعروبة جناحان: المشرق والمغرب، ولا يمكن أن تتحرّك هذه العروبة إذا هِيضَ أحدُ جناحيْها. من أجل ذلك ظلّت الثقافة المغاربيّة، وقبلها الأندلسيّة، مكمّلة متكاملة للثقافة العربيّة دون أن تكون يوماً واحداً قطّ متناقضة معها، أو معارضة لها، لأنّ الْمَعين واحد، ولأنّ الأرومة هي، هي.
وتجد اليوم في المشهد الثقافي في الجزائر ما تجده في أيّ مشهد ثقافيّ آخر، في أيّ قطر عربيّ آخر، مع تفاوت في هذا الجنس من الثقافة أو ذاك، رقيّاً وتَدنّياً. ففي الجزائر اليوم نقاد من الطراز الأوّل، وفيها روائيّون كبار منهم من جاوز عدد رواياته العشرين، وفيهم من نال جوائز عربيّة، وجائزة الشيخ زايد للكتاب بوجه خاصّ. كما أنّ فيها شعراء نالوا عدّة جوائز عربيّة مما يوهم بأنّ مستوى الكتابة الأدبيّة في الجزائر هو، بوجه عامّ، بخير. ولا يقال إلاّ مثل ذلك في الإنتاج السينمائيّ والمسرحيّ والغنائيّ، مع إقرارنا بأنّ كلّ ذلك محتاج إلى ترقية وصقل وعمل مستمرّ…
في حين أنّ الثقافة في المغرب العربيّ، وخصوصاً في تونس والمغرب، هي على مستوى عالٍ من الحضور العربيّ والعالميّ: روايةً، وشعراً، ونقداً، وتمثيلاً.
وعلينا أن نذكّر بالخصوصيّة التي يتمتّع بها المغرب العربيّ، وهي قربه من أوربا من وجهة، وكتابة بعض كتّابه باللّغة الفرنسيّة التي نال بها كتّاب جزائريون ومغاربة جوائز فرسية كبيرة (كاتب ياسين، ورشيد ميموني، والطاهر بن جلون…) من وجهة أخرى.
8. أنت ناقد لغويّ من الدرجة الأولى، فكيف وجدت اللغة في النصوص المقدَّمة في المسابقة؟
أمّا اللغة في النصوص التصفويّة فكانت غيرَ نقيّةٍ ولا مصفّاةٍ إلاّ فيما ندر منها، في حين أنّ اللغة المعجميّة التي يكتب بعا عامّة الشعراء الخمسة والثلاثين، هي في مجملها إمّا سليمة نقيّة، وإمّا فصيحة عالية الفصاحة. ولم نعد نلاحظ الأخطاء النحويّة والهناتِ اللغوية في هذه النصوص إلاّ قليلاً. ولقد يدلّ ذلك على عناية هؤلاء الشعراء، خصوصاً بعد أن علموا أنّه يوجَد مَن هم لهم بالمرصاد من أعضاء لجنة التحكيم، بلغتهم فإذا هم ينقّحونها ويصفٌّونها، ونرجو أن يستمرّ هذا السلوك كلّما تقدّمت المسابقة إلى مراحل أعلى، لإعادة الوهج النّسْجيّ لجمال العربيّة في أرقى مَعارضها الأسلوبيّة.
9. هل لك أن تقدّم لنا نفسك؟
إنّ أثقل شيء لدى الناس أن يحدّثهم محدّث عن نفسه، ولكنكم ما دمتم طرحتم هذا السؤال لا يسعنا إلاّ الإجابة عنه باختصار شديد، وكيما يعرفَ الجمهور الكريم عنّا، ما لم يكن قد عرفه من قبل:
صدر لي إلى اليوم قريبٌ من خمسين كتاباً (نُشرت في الجزائر وتونس والقاهرة ودمشق وبيروت والرياض والكويت وصنعاء)، كما نشرت في أهمّ الدوريات العربيّة من فاس إلى مسقط، عشرات الدراسات، من حيث ظللت أكتب لسنوات طويلة أو قصيرة في الصحف العربية كتابات منتظمة كما كان ذلك في الراية، وعكاظ، والرياض، وحالياً الخليج، وقد تُرجمت بعض الدراسات إلى اللغتين الإنجليزية (الولايات المتحدة الأمريكيّة، جامعة فلوريدا)، والفرنسيّة (جامعة ستراسبورغ)…
وأمّا عن شهاداتي فأنا حاصل على القسم الثاني من الشهادة الثانوية من المعهد العالي بتطوان (المغرب)، وشهادة الليسانس في الآداب من جامعة الرباط، وشهادة التربية وعلم النفس من المدرسة العليا لتخريج الأساتذة بالرباط، ودكتوراه الطور الثالث في الآداب من جامعة الجزائر (وهي أوّل درجة أكاديميّة تمنحها جامعة الجزائر في عهد الاستقلال)، ودكتوراه الدولة من جامعة السوربون الثالثة بباريس بإشراف المستشرق الفرنسي أندري ميكائي، ورأَسَ لجنة المناقشة الممتحِنة المفكّرُ العالميّ الصِّيتُ محمد أركون.
(أجرى الحوارَ: أحمد السعديّ)[/FRAME]
===
نحن بحاجة إلى ان نستدعى تقالدينا من منظور مختلف وهذة هى أحد أهداف مهرجان أمير الشعراء الذى اكتشفنا من خلاله مجموعة من النصوص التى أعادت لنا الثقة فى الكتابة والابداع ، وأعتقد أن أمير الشعراء سيخلق حالة جديدة من الجماليات سيكون لها دورها الرائد فى المنطقة الثقافية هذا ما يراه الدكتور على بن تميم فى أمير الشعراء ويؤكد أننا فى السنوات القادمة سنلمس الأثار الجمالية للمهرجان على الحركة الشعرية فى الوطن العربى .
الدكتور علي بن تميم درس في جامعة الإمارات، ثم أتمّ دراساته العليا في المملكة الأردنية الهاشمية بالجامعة الأردنية وجامعة اليرموك،درس في الولايات المتحدة (جامعة جورج تاون) والمملكة المتحدة ( جامعة إكستر)، وحضر فصولا في النظرية الأدبية.
أسس تخصصا فرعيا بجامعة الإمارات عن دراسات المرأة بعنوان: ” المرأة والثقافة “، وهذا التخصص من التخصصات الأولى في الجامعات العربية،يهتم بمتابعة أحدث الإصدارات النقدية الإنجليزية الأنجلوأميركية، ويسعى إلى ترجمة بعضها إلى العربية وتأويلها ليطبقها على الأدب العربي، مقارنا بين النظرية الأدبية في الغرب والنظرية الأدبية في الوطن العربي ، ويهتم اهتماما مباشرا بالأدب العربي المعاصر شعرا وسردا لفهم تطوراته واتجاهاته.
أسس شبكة المرايا الثقافية، وهي من أوائل الشبكات التي تحاول أن تقدم للقارئ العربي مكتبة رقمية عن الأدب العربي، ولم يكن يهدف المشروع لأية أهداف تجارية، وهو بذلك يذكر ببدايات مشروع غوتنبرغ، كما جاء في تأريخ موسوعة ويكيبيديا. ثم أسس شبكة الذاكرة الثقافية ، شارك في العديد من المؤتمرات والأمسيات الشعرية والنقدية محليا وعربيا، وكان عضوا محكّما في كثير من لجان الشعر في عدة مؤسسات ثقافية بدولة الإمارات ، ينشر مقالاته في جريدة الاتحاد، وجميعها تحاول أن تسلط الضوء على الأدب المحلي والعربي، علاوة على أنها تقدم بعض المفاهيم النقدية في اتجاهات النقد المعاصرة ، ترجم مجموعة من القصائد من الشعر الأمريكي، علاوة على ترجماته المتنوعة في النقد والنظرية الأدبية.
قدّم عدة ندوات نقدية ونشر عدة بحوث ودراسات وكتب عن النقد الأدبي الحديث والإبداع، منها:
1. السرد والظاهرة الدرامية.
2. النقاد ونجيب محفوظ: الرواية من النوع السردي القاتل إلى جماليات العالم الثالث.
3. النقد السيرذاتي.
4. الصمت في دراسات مابعد البنيوية.
[FRAME=”2 70″]ما هي وجهة نظرك في إطلاق هذه المسابقة ؟
مهرجان أمير الشعراء هي مسابقة تستجيب لإيقاع عصر جديد، عصر الثقافة الجماهيرية، وتلاشي ثقافة النخب، والمسابقة تعتمد – من وجهة نظري – على الصناعة الإعلامية، ولذلك فهي ليست مسابقة تقليدية؛ لأن المسابقات التقليدية مملة ولا تعتمد على التفاعل، ويحدث في المسابقات التقليدية أن تستقبل لجنة التحكيم النصوص وتختار نصا، ويكرم الفائز، ولا شيء أكثر من ذلك، فلا يتعرف القارئ تعرفا ثقافيا على أي شيء، لا على الفائز ولا على النص ولا على معايير لجنة التحكيم، ولذلك فالمسابقات التقليدية انتهى عصرها. على خلاف مسابقة أمير الشعراء، فأنت تتعرف على الفائز ثقافيا، وتتعرف على النص نقديا، كما أنك تتعرف على معايير لجنة التحكيم، لأن اجتماع لجنة التحكيم في مسابقة أمير الشعراء اجتماعا عاما، يحدث أمام المشاهدين، يتواجد فيها المتسابق، طبعا هذا لا يحدث في المسابقات التقليدية لأن لجنة التحكيم في المسابقات التقليدية تجتمع في غرفة مغلقة، وتتداول “كود سري” غير مسموح أن يتعرف عليه أحد.
لقد حققت المسابقة هدفها وانتقلت من كونها حبيسة جدران معزولة وانطلقت نحو فضاء الجمهور، بهذا أصبح المشاهد ينتظر النتيجه ويرى المختبر الذي تتداول الأفكار في داخله، وهذا هو الهدف الأهم والأسمى من مسابقة أمير الشعراء، ألسنا بحاجة إلى أن نقيم النصوص أمام المشاهد حتى يتعرف على مفهوم الإبداع المعاصر!
هناك أمر آخر مهم، يتجلى في كوننا لا نعرف في المسابقات التقليدية إلا الفائز، أما في أمير الشعراء، فإنك ستتعرف على أكثر من ثلاثمائة شاعر علاوة على الفائز بالمركز الأول، ألا يعد هذا تحولا في مفهوم المسابقة!
ثم لا تنس أن برنامج أمير الشعراء صناعة محلية بامتياز، أنا هنا أرغب في تذكيرك أننا شهدنا في السنوات الآخير استيراد البرامج من الخارج دون تفاعل إيجابي معها، أما برنامج أمير الشعراء، فهو خلاف ذلك، إنه صناعة محلية إعلامية نجحت بامتياز. إن مسابقة أمير الشعراء علاوة على كل ذلك تقوم على الصناعة والإنتاج، إنتاج نصوص جميلة للمشاهد، وخلق شعراء ليكونوا ساطعين في المشهد العربي، والأهم من ذلك أن مهرجان أمير الشعراء سيعرف المشاهد على حركة الإبداع العربي، لأن فكرته تقوم على الارتقاء بالذائقة العربية، والتوجه إلى الجماهير بدل النخب.
هل تعتقد أن مسابقة أمير الشعراء سوف تصنع نجوما وتكرسهم في الإعلام العربي؟
ذكرت لك قبل قليل إن هدف المسابقة هدف جماهيري بامتياز، والثقافة الجماهيرية لا تصنع أوهاما وتكرسهم وتنفي غيرهم، هذا ما يفعله النخب، لأن النخبة تؤمن بدوام المعايير، ولذلك فهي عندما تختار مبدعا تعتقد بأنه لابد أن يكرس، لأن معايير اختياره هي معايير دائمة في نظر النخبة، وهذا يعني أن النخبة تتعالى على الإنسان العادي، وتظن نفسها بأنها هي من يستطيع أن ينقذ الثقافة الجماهيرية من أوهامها، وأنا أتصور أن الثقافة الجماهيرية لا تؤمن بدوام المبدعين، لأن معايير اعتمادها للنص متغيرة باستمرار، والنتيجة أن مهرجان أمير الشعراء، لا يكرس أحدا، إنه يحاول أن يضع المبدع في سياق إعلامي وإبداعي معين مرتبط بالجماهير، وإذا كان المبدع ذكيا سوف يستغل شهرته التي سوف يكسبها من البرنامج ليستمر حضوره، وأنا أتخيل أن المبدع لا يمكن أن يتواصل مع الجمهور إذا لم يطور في نصوصه، بحيث تظل مستجيبة لتبدلات الذائقة الجماهيرية، والمبدع المشارك في أمير الشعراء، هو في الواقع يسهم في صناعة المسابقة، وهذه واحدة من مميزات مسابقة أمير الشعراء، أنها لا تقوم على عنصر واحد للنجاح، لأن نجاح البرنامج يعتمد على جملة من العناصر المتنوعة.
بعض المثقفين يشيرون إلى أن مسابقة أمير الشعراء مسابقة تهدف إلى المادة فحسب، ما رأيك؟
تروج النخبة أوهاما خطيرة للجماهير؛ لأن النخبة الثقافية تؤمن أنها مسؤولة بشكل مباشر عن الجماهير، وتعتقد النخبة أنها في مهمة مقدسة لإنقاذ البشرية، وأنا لا أعتقد أن الإبداع رخيصا مثلما تعتقد النخبة الثقافية التي تتعالى على الثقافة الجماهيرية، وأظن أن المبدع يستحدق أن يكرم على إبداعه، ولا أظن أن الشاعر مخطئ في سعيه إلى نيل الجائزة، لأن المبدع لا يكتب لنفسه، ولا يهدف بإبداعه إلى الفن فحسب، والأمم لا تتراجع إلا إذا طلبت الأشياء لذاتها، فمن حق المبدع أن يستفيد من نصوصه. إن هيئة أبوظبي للثقافة والتراث قدمت فكرة جديدة وأسهمت في رقي الواقع الإعلامي العربي، وأعتقد أن هيئة أبوظبي للثقافة والتراث صنعت برنامجا إعلاميا ناجحا، ولم تكتف باستيراد الأفكار من الخارج، هل يتساوى الذي ينتج بالذي يستهلك؟ إن هيئة ابوظبي للثقافة والتراث أبدعت وأنتجت فكرة مهمة ولم تكتف بنقل الأفكار من الآخرين، وقد استخدمت كافة العناصر المتاحة لإنجاح الفكرة، وقد تكلفت من أجل النجاح شيئا كثيرا، ورغم نجاح البرنامج إلا أنني لا أعتقد أن العائد من البرنامج سيغطي عشر تكلفة البرنامج، وهدف هيئة ابوظبي للثقافة والتراث ليس هدفها الأساسي الربح، وإنما السعي لنشر الثقافة والتراث، والإسهام في نشر الإبداع.
ماذا عن مسمى أمير الشعراء وفاعليته في مسابقة كهذه؟
البرامج الإعلامية لابد أن تختار عنوانا غير محايد، لأن المسميات المفرغة من الدلالة التاريخية لا تلق اهتماما عند الجماهير، هذا أمر معروف، اطلع مثلا بشكل سريع على عناوين البرامج العالمية الناجحة سترى أنها غير محايدة، وترتبط بثقافة كل الناس، وعنوان مثل ” أمير الشعراء ” بالنسبة إلى الجماهير فيه قدر كبير من التحديات، لأنه يرتبط بثقافة الجماهير، ويخلق حالة من الترقب والانتظار والخوف.
ارتباطك بالنظرية الأدبية جعل من تقييمك لقصيدة المتسابق رصينا يعتمد على قواعد واضحة، وامتازت ردودك بالطرح التاريخي والمقارنات، وهذا فضاءٌ أوسع من أفق النص لدى أغلب شعراء المسابقة، ما ردك؟
أتمنى أن لا أكون نخبوياً في ردودي على المتسابقين،لأن ثقافة النخب تصنع أوهاما، وتسهم في ديمومة النصوص. أنا أحاول أن أقدم انطباعات سريعة، وأربطها بثقافتي ومفهومي للنص، وأسعى جاهدا إلى أن أفسر للجماهير التعقيد الواقع في بعض النصوص، وأستعمل قراءتي في النظرية الأدبية ونقائضها لأفسر النصوص وأساعد المشاهد في تقبل الجماليات الغريبة عليه، وأحاول أن أوازن النص بالنصوص العربية الأخرى، وأسعى جاهدا في كشف استدعاءات الشاعر.
ما رأيك في النصوص المقدمة والمسابقة مازالت في بدايتها؟
الأمر الذي يحيرني هو تحديد البدايات والحديث عن البدايات لأنها توقع في إشكاليات كبيرة،أنا أتحدث هنا عن النصوص المتأهلة لأن المسابقة مازالت في بدايتها، أعتقد بأنها نصوص جميلة وتحمل وعيا جديدا، كما أن هناك نصوصا تتناول الذات بشكل مختلف، وتحاول قراءة التراث وإنتاج تقاليد جديدة مرتبطة بواقعنا ومستقبلنا.
عموما فالجماهير بدأت تتعرف على الشعر الفصيح خاصة بعد أن تم عزل الثقافة الجماهيرية عن الثقافة الفصيحة، وقد أسهم الأكاديميون أنفسهم في زيادة الهوة وعزل أنفسهم عن المجتمع وثقافته. والجائزه كما أعتقد تحاول أن تعرف المشاهدين على أشكال متنوعة من النصوص.أستطيع القول إن جميع النصوص التي قُدمت كانت جميلة باستثناء بعض النصوص السيئة.
غياب قصيدة النثر من المسابقة.. هل هو تقليل من أهميتها أم للجنة رأي حول هذا اللون من الشعر؟
مما لا شك فيه أن قصيدة النثر لها حضورها، والدليل أن الكتب والإصدارات النثرية في ازدياد، وعلى مستوى الشعر فإن قصيدة النثر لها حضوراً مهماً ولا أحد يستطيع ان ينكر ذلك، وهناك جوائز عربية شهيرة قدمت لشعراء قصيدة النثر. أمير الشعراء برنامج جماهيري من الدرجة الأولى، والجماهير مرتبطة بالايقاع، وأعتقد أن الشعر المعتمد على الوزن كفيل بأن يجذب شريحة عريضة من الجمهور العربي. فليس في الأمر تقليل من قيمة قصيدة النثر،ولا أعتقد أن قصيدة النثر قد انفردت بالمشهد العربي، وأقرب مثال اليوم أن الشاعر الأكثر مبيعا في الوطن العربي هو (محمود درويش)، ولا تنس أن النوع الشعري المفضل لديه هو التفعيلة.
ولا يمكن القول إن الذوق العربي أصبح ذوقاً يميل لقصيدة النثر، و أعتقد أن هذا القول مبالغ فيه، وما تزال الذائقة العربية تحتفي بالقصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة.
في الحلقة الثانية تفردت بعض النصوص بسمة الصناعة الجيدة للكتابة،أي من هذة النصوص اقترب من ذائقتك؟ وكيف كانت ملامستك النقدية لها؟
في الحلقة الثانية بالتحديد تواجدت ثلاثة نصوص قيمّة هي نص ياسر الأطرش ، ونص جاسم الصحيّح،ونص روضة الحاج، سأبدأ بنص ياسر الأطرش، فهو نص يتشكل من عدة طبقات، نص يستحضر المسيح، ويستحضر رمز الصخرة كما وردت في الكتب السماوية، وحكاية يوسف عليه السلام، ولذلك فهو نص مشبع بالإحالات الإنسانية، وهذه الارتباطات تزيد النص تعقيداً. أما نص جاسم الصحيّح (البحر يا شيخ الرواة ) يقوم على تقنية الميتا شعر، والميتا شعر هو أن ينفصل الشاعر عن ذاته وعن القصيدة ويراقب ذاته والقصيدة والكتابة، فيقدم كتابة عن الكتابة، صحيح أن البحر بحرٌ كما نعرفه، إلا أن اللعبة الشعرية في هذا النص بدأت حين حوّل الشاعر طبقة البحر إلى طبقة من ورق، وراقب حركة الكتابة نفسها، وهذه تقنية رائعة. لاحظت كيف شبه القصائد بالأسماك، والطعم بالمجاز، ثم تحول إلى ذاتة ليرصد حركتها على ورقة الكتابة، أي تحول من أزرق البحرإلى أزرق الورقة، والزرقة فكرة شائعة في تجربة الشعر العربي، كما أن الوزن الأزرق متعلق بالرؤية الشعرية والعمق و..و.. إلى آخره.
أما نص روضة الحاج (بلاغ امرأة عربية) فهو يستدعي نص النابغة ويذكر المتجردة زوجة النعمان بن المنذر، حين سقط جزء من ثوبها أو حجابها،عندها لم تكن تملك إلا يديها فغطت وجهها بيديها ومرّت، كما يرتكز نص النابغة على قصة العقد الذي أخذته العذارى، نص روضة يتناص كفكرة مع نص ليلى العفيفة أيضا التي أسرت على ما أعتقد من قبل ملك فارس وقرر أن يتزوجها في ذلك الوقت، فبدأت تكتب رسالة للعرب ولأبناء عومتها وأبناء أخوالها في قصيدة شهيرة تقولي فيها: (غللوني ،كبلوني ،قيدوني ..)..نص روضة يقدم صورة المرأة النائحة، وهي صورة متكررة في الشعر العربي القديم، لكنها تختلف وتضيف عليه عندما ترصد للقارئ صوت المرأة الذي يصرخ وينذر لكن الثقافة الذكورية لا تنصت ولا تسمع، وبإجمال فالنص يركز على المرأة التي تحاول أن تبلغ عن أمر ما لكنها تخفق في ذلك، أما بالنسبة للرموز التي استخدمتها الشاعرة كعمرو بن العاص وصلاح الدين هما رمزان تقليديان استخدما كثيراً في سياق الأدب العربي.
ما رايك في تصميم المسرح ؟
باستمرار أقول لنفسي بعد أن يقرأ الشعراء السبعة قصائدهم، بقيت قصيدة ثامنة لم تقرأ وهي المسرح، أعتبر المسرح هو القصيدة الثامنة التي لا يمكن قراءتها، المسرح تحفة تشير إلى الزرقة الشاسعة، زرقة الشعر.
إضاءاتك النقدية على القصائد كثيراً ما تستدعي التاريخ والنصوص الغائبة، لماذا تتخذ هذه الاستراتيجية في النقد؟
أنا أفهم النص بأنه عبارة عن مجرة من النصوص الغائبة، لا يستطيع الشاعر أو المبدع الابتعاد عنها، أحاول بالتالي اكتشاف غيابات النص وكيف يستطيع الشاعر قراءة الماضي من خلال نصه، وهل قراءتة تعتمد على القوة أم الضعف، وهل سيتمكن أن يضيف في كتابتة أم لا. طبعاً لا توجد كتابة أو من المستحيل إلى حدٍ ما أن يكتب الشاعر بمعزل عن أسلافه، بالتالي أنا أضع نفسي في تلك اللحظة لأكون في الحاضر والماضي مع الشاعر.
وجهة نظرك حول التجربة الشعرية في الإمارات بشكل خاص والخليج بشكل عام؟
ربما التجربة الشعرية في الإمارات والخليج لم تنتج قارئا قادرا على مشاركة هذه التجارب نجاحها، لأن النصوص في الخليج والوطن العربي عموما لم تنتج في سياق إبداعي واضح، والقارئ العربي اليوم يواجه معضلة عندما يبدأ بقراءة نص ما، فلا يعرف سياقات النص، وأعتقد أن هذا ضد الكتابة،لأن المبدع يكتشف بأنه خارج الأفق والسياق. ولذلك فإن من أهداف المسابقة – كما أتخيل – لتعرف المشاهدين على تجربة الشعر العربي وسياقاته الضائعة، وستحقق هذه المسابقة هدفها هذا إذا ما استمرت كل سنة، لأنها ستصبح مرجعاً وستطلع الثقافة الجماهيرية على جماليات الشعر العربي المعاصر.
هل سيضيف مستقبلا هذا المهرجان وعياً جديداً للشاعر الخليجي والعربي ويسمو بتجربته الشعرية؟
هناك مستقبل ستنتجه هذه المسابقة، ولكن تجربة الشعر عموماً تتميز بالفوضى كما هي تجربة الإبداع، إلا أن هذا المهرجان بكل تأكيدٍ سيصنع سياقاً حقيقياً على الأقل بالنسبة للجماهير، وسيعرف ماذا يفعل شاعر من الشعراء وما هي الجماليات المكرسة التي ممكن أن يحتذي بها الكتاب، ومهرجان (أمير الشعراء) هو بمثابة المؤسس لسياق إبداعيّ جماهيري، بحيث يجعل فكرة تلقي الشعر تتحقق ضمن أفق يمكن عن طريقه أن نفهم ماذا يحدث في الشعر، وهذا أهم إنجاز قد يحققه هذا المهرجان
(أجرى الحوارَ: أحمد السعديّ)
[/FRAME].
====
الشعر هو روح اللغة وعطر الثقافة ومجلس الإبداع، و يحقق وظائف جوهرية في الحياة المعاصرة من أهمها تنشيط الخيال المبدع في العلوم والفنون وأساليب الحياة، تجديد شباب اللغة وتزويدها بتقنيات حديثة للتعبير، الرقي بالعواطف الإنسانية وتنمية المشاعر النبيلة، الحفاظ على منظومة القيم والمثل العليا لأبناء الثقافة العربية، وتعميق الصلة بالتراث الأدبي والديني والإنساني. هذه هي وجهة نظر الدكتور الناقد صلاح فضل في الشعر.
ويرى الدكتور فضل أن مسابقة أمير الشعراء تقفز بالشعر العربي إلى عصر الديمقراطية، حيث يمارس الجمهور بالتصويت العلني حقه في اختيار رموزه الكبرى بحرية مطلقة. وفي تقديري أنها ستنعش روح الشعر في نفوس الجماهير وتلهب حماس الشعراء للإبداع، وتجعل الفنون اللغوية منافسة في نهاية المطاف للرياضة التي خطفت الجمهور وحرمته من لذة الأدب ومتعة اللعب باللغة.
وأتمنى أن تصبح مثل الأولمبياد الرياضي، ويكون هناك “دوري للشعر” للتنافس الجميل. فصناعة الشعر هي صناعة مركبة جدا وشديدة التعقيد، ولكل عقد شاعريته وحوافزه وعناصره المتصلة بالموروث والثقافة والقدرة الجمالية والأفق المعرفي، وأنا أؤمن بأن الإبداع ينمو مثلما ينمو العلم، وبفضل الاكتشافات الحديثة من قنوات فضائية وكمبيوتر وشبكة إنترنت، يترتب على إنسان اليوم أن يكون أكثر إبداعا من إنسان الأمس.
والدكتور فضل أستاذ النقد وعضو مجمع اللغة العربية بمصر، كاتب وناقد ويُعتبر من رواد المناهج النقدية الحديثة في الوطن العربي، له العديد من المؤلفات في مجال نقد الشعر، حصل على جائزة البابطين للإبداع في نقد الشعر عام 1997، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 2000. تم اختياره من كتاب جريدة الأهرام المصرية الدائمين في يوليو 2002، وانتخب عضوا في مجمع اللغة العربية في مصر في فبراير 2003، ثم اختير مستشارا لمكتبة الاسكندرية 2003.
====
الشعر قد يمرض أو يخبو صوته لكنه لا يموت ولا يفقد بحته الجميلة هذا مايردده دائماً الشاعر والكاتب السعودي نايف الرشدان مؤكداً أن العربي بطبيعته مسكون بالشعر ، ويحتاج فقط إلى أن تستفزه مثل هذه المعطيات وتستحثه هذه القيم الأدبية ليعلن تفاعله بشكل إيجابي ومثمر ومهرجان “أمير الشعراء”، الذي أطلقته مؤخراً هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث أحد هذه القيم،وسيكون له فائدة عظيمة على الشعر خصوصا، واللغة الفصحى عموماً. فنحن في هذا الزمن بحاجة إلى استفزاز المبدعين وحثهم حتى لو كان ذلك عن طريق الألقاب الضخمة.
يَعتَبِرْ الرشدان أن هذه المهرجانات تعبر عن مستوى راق من النضج والوعي الثقافي، كما تعبر عن اهتمام وعناية القيادة في هذا البلد بهموم الأمة وقضاياها وعلى رأس ذلك العناية باللغة الفصحى متمثلة بمشاريع مختلفة وإصدارات متميزة ومهرجانات ثقافية حافلة والاهتمام بالموروث الشعبي.
نايف الرشدان شاعر وكاتب سعودى، مشرف ثقافي على صفحتي (نوافذ على التراث) و (أدب الجمعة) في جريدة الرياض، حاصل على الماجستير في البلاغة بعنوان “مراثي أبي تمام”، اشترك في تحكيم مسابقات محلية في السعودية، يحضر لدرجة الدكتوراه في النقد والأدب، محاضر متعاون في الجامعة العربية المفتوحة، يدرّس المهارات اللغوية. له مجموعتان شعريتان تحت الطبع: “لون خارج الطيف” و”خطى تخف على لهب”.
===
الفن لغة خاصة ، ولم أجد كلمة في هذه اللغة أفضل من الحوار، وقد استُخدمت في غير مكانها أحيانا للتضليل, نحن بأمس الحاجة لنعيد الاعتبار للحوار، حوار الحضارات الذي استبدله الغرب بصراع الحضارات، فحل العنف والصراع بدل الحوار,هذا ما يقوله الفنان غسان مسعود الذي وصل بفنه وإبداعه إلى هوليوود ليلعب دور صلاح الدين.
ويرى مسعود أن المسرح من أقدم وأكثر الفنون التي بشرت بالحوار ، فمنذ نشوء المسرح، كان الحوار قبل الكتابة والإخراج والعرض المسرحي. المسرح يعقد حوارا بين المؤلف المبدع وأفكاره والتي غالبا ما تكون مجردة، وبأدواته الإبداعية يستطيع أن ُيكسب شخصياته ألوانا تختلط بالناس ينفخ فيها الروح فيعطيها الحياة، الحوار بين المؤلف والمخرج عندما يأخذ المخرج النص ويطلع على الشخصيات ويحاور المؤلف عليها ليكتب كتاباته الثانية ويدخل في حوار مع شخصيات النص، حوار خارج العرض المسرحي عبر تلك الأسئلة التي يحملها المشاهد معه إلى زوايا حياته اليومية، حول الاشارات التي يبثها الحوار لدفع عقل المتلقي إلى مرحلة متقدمة يساعده عليها المسرح ليكون فاعلا ومؤثرا،وخادما أمينا لوطنه وخارج وطنه، تخلق قيما ومبادئ ليؤمن بها.
غسان مسعود خريج المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق – أستاذ في المعهد العالي للفنون المسرحية لمدة عشر سنوات – عضو مؤسس للمركز العربي الأفريقي للبحوث المسرحية (مقره في تونس). أهم ما قدمه في المسـرح على سبيل المثال لا الحصر: تمثيلاً (سكان الكهف – الإغتصاب – تقاسيم على العنبر – جنكيز خان – جنون في الأصطبل – صدى) واخراجاً (ريما – الملك لير – لن يكون – كسور) والعديد من المشاريع ضمن إطار عمله في المعهد العالي للفنون المسرحية.
في الإذاعــة: برنامج “عالم المسرح ” . في السـينما: المتبقي – فتاة شرقية ولعب دور صلاح الدين في الفيلم العالمـــي ( Kingdom of Heaven ) . في التلفزيون: دائرة النار – البركان – الأخطبوط – شجرة النارنج – تل الرماد – جواد الليل – سيرة آل الجلالي – ذي قار – صلاح الدين الأيوبي – قصص الغموض – دعاة على ابواب جهنم , بالإضافة إلى العديد من الأفلام التلفزيونية
——————————————————————————–
لقاء مع الشاعرة السودانية روضة الحاج
حوار/محمد جميل أحمد – هوارى حمدان هجو
تنفيذ/أحلام محمد عبد الله
مقدمة :-
هل من الضروري أن يكون شرط الابداع الشعرى العربى مدلولا على الهوية النوعية للمبدع؟ لا سيما ومنذ تدفق نهر الشعر العربي كانت ذكورية الإبداع الشعري وفحولته هي المظهر التعبيري عن الحالات الإنسانية بكل تقاطعاتها.وبالرغم من أن الأنثى شكلت اختراقات عديدة لهذه الظاهرة.وكسرت تراتبية الإيقاع الواحد في الشعر العربي فقد ظلت هذه الاختراقات بكل خصوصياتها تأتى بصورة متقطعة وغير مكتملة الحلقات.واذا كان القرن العشرون قد تميز بالاضافات النوعية في الابداع الشعري للمراة.فإن تلك الاضافات لم تخرج في اغلبها عن جدلية “العين والجسد” فى المضمون الشعري العربي لكل من الرجل والمرأة، فبقدر ما كان جسد المرأة حاضراً في ابداع الرجل بقدر ما كانت عين الرجل هي بؤرة الإبداع الشعري للمرأة، اللهم إلا ما شكل اختراقا آخر لهذه المعادلة.ومنذ نهاية القرن الماضى، مثلث التحولات البنيوية في السياسة والاقتصاد عالميا.تراجع مشروع الدولة القطرية أمام زحف العولمة بتقنياتها الاتصاليه والمعلوماتية تحديات مقلقة للابداع الشعري العربى بخطابه المتنوع حيث ظهر فى افق الكتابة الشعرية خطاب انثوى لا يلغى راهنيه التحولات المذكوره من الهاجس الابداعي خصوصا في السودان الذي أنتج في خواتيم القرن الماضي اطروحات أظهر منه أشعارالتحدى ما كان كافيا لتجليات النص الشعرى الذي رافق تلك الطروحات، وفى هذا الاطار برز فى الخطاب الشعري للمرأة السودانية صوتاً قويا مبدعاً شكل في ساحة الشعر حضوراً طاغياً وزخماً لا تخطئه العين. تجاوز الاطار القطري الى الجوار العربى محققا نجاحاته الباهرة كصوت أنثوي متميز ذلكم هو صوت الشاعرة المبدعة الاستاذه روضة الحاج محمد ابنة شرق السودان الحبيب والاذاعيه اللامعه والحائزة على العديد من الجوائز في مهرجانات الشعر العربية” عُمان- الامارات- وأخيرا مهرجان الأرز بلبنان” كأفضل شاعرة عربية، ومن ثم كان لمجلة الثقافة السودانية الالكترونية”مشاعل” هذا الحوار معها عن تجربتها الشعرية.
س1:-من هي روضة الحاج
– روضة الحاج محمد واحدة ممن أحببن هذا الوطن على طريقتهن، ولدت بمدينة كسلا بشرق السودان عام 1969م ودرست بها جميع المراحل الدراسية وتعلمت منها حروف الجمال الأولى
س2 :- ماذا يعنى لك الشعر؟
– الشعر عندي قنديل الحياة الذي بغيره تتحول الطرقات الى علامات استفهام تبحث عن إجابات والى وعورة من الأسمنت الأبكم والشاشات الجوفاء التى لا تبث غير لغة المال والتجارة وحيل التقانه.
س3:- ماهى ملامح البدايات الشعرية وبمن تأثرت؟
– من عمق البادية جاءت ملامح البدايات الشعرية، ومازلت اذكر ذلك الطرب الجميل الذي يستخفنى كلما استمعت الى (دوبيت) بدوي يختصر البطانة خضرة وغناء ويلخص مفردات الجمال البدوية الصادقة والندية ثم أنى بعد كل ذلك قرأت كل ما خيل انه شعر بكل مراحله التاريخية ولم اكتف بذلك حيث تخصصت أيضا فى اللغة العربية وآدابها.أما بمن تأثرت فهذا سؤال صعب لأنني لا استطيع أن أسمى أحدا في الناس واعترف أن الكل قد نقش حرفا على صفحة خاطري الشعري.
س4:- هل لروضة الحاج مؤثرات خاصة تسمح بتسرب القصيدة الى الوجود؟
– القصيدة الحقيقية هي التي تصر على المجيء وقتما شاءت هي لا وقتما شئنا لذلك، لا اعترف بالمؤثرات الخاصة ولا (بتهيئة المناخات الشعرية) لان الشعر هو الذي نأتمر بأمره.
س5: تتميز مفرداتك الشعرية بالثورة والتحدى والجهاد هل هذه المفردات في شعرك استجابه لواقع موضوعي أم طبيعة ذاتية خاصة؟
– أولا لا اعتقد ان المفردات عندي تتميز بهذه الميزة وان وجدت ملامح كهذه في بعض القصائد(الثورية) ان صحت التسمية فهذه القصيدة وطبيعة الموضوع الذي يفرض أن تلبس اللغة أي ثوب شاءت ويفترض بهذا الثوب أن يشبه الحدث والموضوع.
س6 :-أين موقع المرأة فى خريطة الأبداع الشعري السوداني؟
– المراة السودانية حاضرة غائبة شأنها شان المراة العربية على المستوى الانساني، أيضا فباستطاعة الرائي أن يتبين قلة الاسماء النسائية في خارطة الابداع الانساني والعربى والسوداني على وجه الخصوص وأنا شخصيا لا أجد تعليلا منطقيا لذلك لكنني أقول أن هذه الأسماء على ندرتها استطاعت أن تقدم نموذجا طيبا وجيدا للكتابة النسائية ، أن صحت التسمية
س7 :- أين تقف روضة الحاج بين منابر الشعر الثلاثة”العمودي- التفعيلة- قصيدة النثر وأين تجد نفسها؟
– العمودى وهو بيت الشعر البدوى الأول المعتق اصالة وقدما ولكن الشعر شانه شان كل ضروب الحياة لا ينبغى له أن يظل جامدا ويجب عليه أن يتطور لذلك اعتقد أن قصيدة التفعيلة تمثل نقلة ايجابية احتفظت للقصيدة العربية بملامحها الاساسية مع اضافة بعض (الاكسسورات).أما قصيدة النثر فلي تحفظ على اسمها اولا وعلى شرعية وجودها ثانيا.
س8:- هل قلة الشعر النسائى العربى على مدى التاريخ ضرب من اشكال القمع الذكورى؟
– ما أوقن به ان الرجل العربى ظل يمارس دور المخبر السري والبوليس السري على كتابة المرأة منذ أمد بعيد ومازال يفعل ذلك حتى الآن وان نوعا من التعالي الذكوري تجاه كتابة النساء ظل ملازما للبصيرة الذكرية النقدية التي ظلت تستخف في اللاوعي عندها بكتابة النساء وربما كان هذا الأمر عاملا من عوامل أخرى لا اعرفها الآن شكلت في مجموعها أسباب قلة المنتج من أدب المرأة.
س9:- الى أي مدى يمكن أن يسهم التنوع الديمغرافى”السكاني” في السودان في إنتاج خطاب شعري يجعل من هذا التنوع هدفا للوحدة؟
– القصيدة السودانية مثل الفرد السوداني مختلفة تماما!! هذه السمرة التى تكسو هذه القصيدة .. الملامح العربية الأفريقية ، المناخات الطقوسية الصحراوية ، الطبول والنيات والمواويل ..كل هذا الهجين من الجغرافي والتاريخي والعرقي يشكل دما من فصيلة خاصة يجري في شرايين القصيدة السودانية يجعلها لها طعمها ولونها ورائحتها.
س10:- برايك هل الشعر السوداني في أزمة؟
– نعم .. ولا ..نعم لان كثيرا من مظاهر الازدهار الثقافي الشكلية على الأقل تبدو غائبة الآن من منتديات ودوريات ثقافية وشعرية ومنابر وحلقات نقد وربما انطبق هذا الشكل على اكثر من بلد عربى أما لا فلأن الشعر ما زال يسكن هذا البلد وكلمات نزار قباني عن الشعر في السودان تلاحقني كفراشات ملونة!! .. السودان الآن ربما كان البلد العربى الأول الذي ما زال يحتفظ بقارورة عطر الشعر الأصيلة والحقيقية غير المزورة وما زال أهله ينامون على وسائد القصيد ويستيقظون على موسيقاه.
س11 :-كيف يمكن إعادة تأويل التراث في النص الشعري بقراءات معاصره وبهذه المناسبة حدثينا عن مخاض نصك الجميل”بلاغ امراة عربية” ؟
– التراث بالطبع يندس بين مفردات القصائد شئنا ذلك أو ابينا لان ليس مما نخير فيه انما هو فعل وحالة وموروث وثقافة تتقمصنا لا شعوريا أما نص(بلاغ امرأة عربية) فقد كتبت عنه بعض الدراسات من هذه الزاوية إسقاط التراث والتناص مع الموروث الشعري ومحورية ذلك وغيره من الدراسات.
س12 ما هى حدود الأيدلوجيا والإبداع .. وأين تكمن الخيوط الفارقة بين جمالية النص الشعري واخلاقياته بمعنى آخر ما هو الالتزام عند روضة الحاج؟
– هذه جدلية طويلة تحدث الناس عنها وما زال يتحدثون وربما طرح السؤال بجرأة اكثر في بعض الأحيان الإبداع والأخلاق..تضاد أم توافق؟ وبرأي أن الأمر يتعلق بالمبدع اكثر من تعلقه بالإبداع مع وعى تام بظهور تيارات بعينها تدعى عدم اتساق الأول مع الثاني وإنما لكي يكون النص كاملا عليه أن يتحرر من كل القيود أي كان شكلها !! وهى دعوة تستبطن وتقصد كل شىء عدا الابداع لذلك ظهرت نصوص تمس أخلاق الأمة ودينها وتقاليدها ومثلها العليا وكأنما النص لا يتزين إلا بهذا الخروج القبيح .. الإبداع سحر نقي وصافي وملائكي بكل ألأوانه يجب إلا ندنسه بالقبح.
س13 :-ماهى القصيدة التى تمنت روضة الحاج أن تكتبها وهل كتبت روضه الحاج أجمل قصائدها أم لم تكتبها بعد؟
– أجيب كما يجيب كل الشعراء أن هذه القصيدة لم تكتب بعد وفى انتظارها أظل أتوهمها فاكتب.
س14 :- الى أي مدى يساهم العمل الإذاعي في إبداع مهارات الإلقاء الشعري؟
– لا أنفى مساهمة العمل الإذاعي في ذلك ولكن كم من المذيعين والمذيعات الذين لا يجيدون إطلاقا قراءة الشعر !! وكم منهم يجيد .. الإذاعة تصقل وتجمل ما لديك ولكنها لا تخلق ما هو معدوم أصلا.
س15 :-هل الشعر السياسي في خطابك الإبداعي أو “الشعر القضية” مرحلة تعبيريه مؤقتة أم هو إلتزام رسالى وأين هي إبداعات روضه الحاج في الشعر الوجداني والتأملي إلى آخر ما يغنى الشعراء؟
– افضل ان تسمى القصائد (شعر رسالى) لأنني اعتقد أنني شاعرة فكرة ولست شاعرة مرحلة أو سياسة او قضية او آلية أو مرحلية .. أما الشعر الوجداني فديواني الأخير هو عبارة عن قصائد وجدانية كله .. وديواني الحائز الآن على الجائزة الأولي على مستوى الوطن العربي بالشارقة لإبداعات المرأة العربية في الأدب هو أيضا شعر وجداني خالص والثالث الذي ينتظر بالمطبعة هو شعر وجداني…ويسألونك عن الشعر الوجداني أيضا!!!؟
س16:- نتحدث عن الحرية .. وانتشار الشاعر بلا لون سياسي ولا تقيد حزبي بمعني أن يكون الشاعر ملك لكل أفراد المجتمع..ولكن للأسٍف كثيرا ما نجد في السودان شعراء مصنفون على انهم شيوعيون واسلاميون..وغيرهم.. مما يؤدى الى فقدان الشاعر الى جزء كبير من المتلقين..روضة الحاج معروفة بانتمائها السياسي الى الجماعة الاسلامية في السودان وان صح التعبير..الى أي مدي اثر ذلك عل حجم انتشارك او تسبب فى امتناع متلقين من الاستماع الى نصوصك؟
– اكثر من احترمهم من المتلقين اولئك الذين يقولون لي … نحن لا نتفق معك فكريا ولكننا نستمع الى شعرك !! هؤلاء مبدعون وفنانون حقيقون لا أرضية الـــ فلماذا نبحث عن المختلف ..الانتماء الفكري – وأصر على الفكري لا السياسي يجب ان لا يفسد للابداع قضية وبهذا المنطق يؤمن الكثيرون بدليل أنني اعتقد بان انتمائى الفكري لم يشكل لي عائقا علي الإطلاق في أى يوم من الأيام.
س17 :- بعد اصدار بكورة انتاجك الشعري ما هي مشاريعك القادمة ؟ وهل هناك أعمال جاهزة للنشر؟
– كثيرة هى الأعمال الجاهزة للنشر كما ذكرت لك آنفا وكثيرة هي المشاريع والمشاركات الثقافية داخل وخارج السودان.
س18 :- كسلا مدينة نحبها.. فماذا تعني لروضة الحاج؟
– تعني القصيدة الأولي الأجمل والأصدق والأنقى..تعى البدايات بتعثرها الجميل وبصدقها المطلق وتعني البيئة الثقافية الثرة التي أتاحت لي أن أعي ملامح الطريق جيدا.
س19 :- من هو شاعرك المفضل عربياً وسودانياً؟
– لا أستطيع أن أسمى أحدا بعينه ولكن أن لابد من ذلك فمحمود درويش ومصطفى سند وآخرون كثر.
س20 :- يقولون أن ببلدي هناك شاعرات جيدات ولكن لعدم انتماءاهن السياسية فإنهن لا يجدن طريقهن للانتشار عبر الاذاعة او التلفاز..كاذاعية ما مدي صحة هذا الحديث؟
– الجيد يطل على الناس شاءوا ذلك أم ابوا أؤمن بذلك جدا لذلك أقول ربما كانت هذه حيل يلجا لها الفاشلون..الجيد يجبر الناس طائعين أو مكرهين.
س21 :- ماذا أضافت جوائز المهرجانات الشعرية لروضة الحاج وهل تطمح يوما ما الى العالمية؟
– ربما أضافت مزيدا من الانتشار العربي ومعرفة الآخر بروضة الحاج وبالشعر السوداني المعاصر وبالجيل التعيني الذي انتمي اليه.
س22 :- ماهي تخوم المحلية والعالمية في النص لشعري؟
– النص الشعري يفقد شعريته كلما كان واعيا ومبيتا للنية، ويسألونك للنص أن يأتي بفطرته الأولى فهي التي تحدد محلية أو عالمية.
س23 : حميد والقدال ومحجوب شريف والصافي جعفر وصديق المجتبأ شعراء متعاكسون في اعمالهم لا يمكن ان يتجاهلهم أي سوداني مهما كان لونه السياسي إلى أي مدى تقيمين تجربتهم؟
– لعلي قد أجبت على سؤال شبيه بهذا ولكن أضيف أنني أقرا لكل هؤلاء بحب شديد وأنا من أكثر المعجبين بشعر محمد الحسن سالم حميد واحفظ له الكثير من القصائد.
س24 :- هل لشعرك السياسي الذي رافق طروحات الخطاب السياسي السوداني دور في انتشارك الإعلامي؟
– ربما كان هذا صحيحا ولكنى أثق في انه لو لم اكن بهذا الانتماء الفكري لانتشرت أيضا داخل السودان وخارجه.
– روضة الحاج … لك منا كل الشكر والتقدير
وستشهد هذه الحلقة لقاء أعضاء لجنة التحكيم المكونة من
د. علي بن تميم،
د.عبد الملك مرتاض،
د. صلاح فضل
والشاعر نايف الرشدان
والفنان غسان مسعود
بالمتسابقين الخمسة الذين تم اختيارهم في نهاية الحلقة الماضية بطريقة القرعة ليشاركوا في الحلقة الثانية من المرحلة الثانية للمسابقة، والتي ستعتمد كما أعلن الشاعر نايف الرشدان، باسم لجنة تحكيم المسابقة على معايير الشعرية الحقة والقدرة الإبداعية، من خلال قراءة كل شاعر لنصين يكون ثانيهما معارضةً لقصيدة الشاعر “السمؤل” ,”إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه….فكل رداء يرتديه جميل”, إضافة الى النص الرئيسي المحدد القائه في مدة لا تتجاوز أربع دقائق .
ووقعت القرعة في الحلقة الماضية على الشعراء :
عبدالكريم معتوق(الإمارات)
ياسر الأطرش (سوريا)
حازم التميمي (العراق)
الشيخ ابوشجَّة (موريتانيا)
حنين عمر (الجزائر)
وذلك ضمن المرحلة الثانية من المسابقة وسيقع اختيار لجنة التحكيم في الحلقة على شاعرٍ واحدٍ من بين الخمسة المشاركين بينما يتأهل اثنان منهم من خلال تصويت الجمهور.
وفي نهاية الحلقة الماضية تم الإعلان عن اختيار لجنة التحكيم للشاعر محمد ولد الطالب (موريتانيا) متأهلاً لتصفيات المسابقة,من شعراء الحلقة الاولى في المرحلة الثانية.
هذا وقد شهدت الحلقة حضوراً كبيراً للجاليات من مختلف الدول العربية لتشجيع الشعراء وخاصة من قبل الجاليتين السودانية والموريتانية.
والجدير بالذكر أن برنامج “أمير الشعراء” من إخراج محمد عاطف ، وتقديم ظافر زين العابدين ، ورجاء صالح ، وسيتم بثه عبر قناة أبوظبي يوم الجمعة من كل أسبوع الساعة العاشرة مساءً، ويُعاد بثه السبت الساعة9.30 صباحاً ، والأحد الساعة9.45 مساءً، والثلاثاء الساعة 3.30 عصراً بتوقيت أبوظبى .
ومسرح ” شاطئ الراحه ” مفتوح لاستقبال الجمهور العام حتى الساعة 8.30 مساءً
قصيدة الشاعر العراقي خالد السعدي في الحلقة الخامسة الجمعة الماضية
غريب المرافئ
[POEM=”font=”Arabic Transparent,5,blue,bold,normal” bkcolor=”transparent” bkimage=”./images/backgrounds/24.gif” border=”double,7,red” type=2 line=1 align=center use=ex num=”0,black””]كمِ انتظرتُ لهاث الضوء مرتجفا=وكان..لحني قديماً..شاحباً…أسفا
كم انتظرتُ وكانتْ كل أوردتي=حبراً..على دربي المجنون قد نزفا
على خطايَ …التي لمْ تتخذْ وطناً=سوى الرحيل…فيا مولاي وا أسفا
أمشي..وينزف دربي..بلّ أمتعتي=للآن نزفي فوق النخل..ما نشفا
وأنَّ نخلي عراقٌ..والسما رئةٌٌ=مخنوقةُ الغيث..قصّتْ شعرها السعفا
أنا غريبُ المرافي..من يعلّلني؟=شواطئُ الأهل تاهتْ لوعةً وجفا
أنا شراعُ الرزايا ..ألفُ عاصفةٍ=حطمتها فيّ..حتى خلتُها الصدفا
طفوت نجمة عشقٍ في رؤى أمنيةٍ=نشدتها الماء والجنات والغرفا
بذرتُ روحي ..يماماً في أزقتها=فأورقتْ دمعتي …في طينها خزفا
لتستديرَ الليالي …في يدي امرأةً=فرعاء تسقط من أحداقها الشُّرفا
تلك المعدّةُ …من ياقوت أسئلتي=صارتْ تضيف لليل القلب منعطفا
لا غصنَ لي بعد هذا الجمر يرجعُ لي=بعضاً من الماء..أو كلي الذي تلفا
لا حضنَ لي الآن يا مولاي يا وطني=يريقُ دفءَ الأماني …فرحةً ودفا
سهرتُ شمعاً….لعلي أقتفي أثراً=يعيد للغيم من زخاته….السلفا
لكنَّ غيمي..رآني عاشقاً ظمئاً=وقد تفتق جرفُ العمر ..وارتجفا
وها تيّبسَ زرع الروح من سهري=ومرّ غيمي سراباً بالثرى التحفا
تغيّر الأهلُ …ما عادتْ دلالهمو..=تزكو، ولا نايهم بالطيب قد عزفا!
تغير الناي،ما عادتْ تراوده=”ليلى” ولا”قيسُها” للأغنيات وفى!
أنا اختلفنا..على أفراحنا صوراً=أمّا العراق على الأحزان ما اختلفا
نصفي عراقٌ، ونصفي آخرٌ وطنٌ=هو العراق ولكن من دمي خطفا
والآن أرقبُ بدري من سيرجعه=بدراً على ضوئه المسفوك قد رجفا؟
أعلِّق الصبر في الأرقام أجمعها=صفراً…على ناتج الأيام قد زحفا
(سبعٌ وعشرون)عقداً من يدي انفرطتْ=جواهرُ العمر..إذْ لملمتها نتفا
يا سرفة الريح …دوسي فوق أضلعنا=حتى…نعلِّم معنى حبِّنا السرفا
وكيف يهزم عصفورًٌ بريشته=وحشاً على عشّه المفجوع قد وقفا؟
وكيف نحيا عراةً من مواجعنا=ونملأ الشمس ضوءاً بالمدى عصفا؟
وكيف..يا عيدُ..مذ جافيتنا وطناً=ما كان للناس إلا عاشقاً دنفا؟
نغازلُ الفجر في أحضان شيبته=لتستفيقَ على ألحاننا ترفا
وكيف نصبرُ..صبراً لا انتهاء لهُ=تبكي له فزعاً ياءاتهُ الألفا؟
فلا حكايا سوى الآلام في وطني!=”فشهرزادُ” تعاني حزنها الصلفا
و”شهريار”شريدٌ منْ سيحضنهُ؟=وقصرهُ الفخم مذ عانقتها أنخسفا
ولا الشناشيلُ تحكي عن طفولتها=ولست من فمها المعسول مرتشفا
لا كهف يؤوي ولا الأمطار تغسلني=وقلبي الطير بالأسوار قد رسفا
يا سرفة الريح…لا أرضٌ نلوذ بها=سوى العراق …الذي في غفلةٍ نسفا
نلمّهُ الشيبَ…أشلاءاً مبعثرةً=وينفخ الطين في الأحداق حيث….غفا
هنا وقد كان…يرسو في محبته=بحرٌ ومن كفّهِ الشلال كم غرفا!
يا أيها البحرُ علمناك أحجيةً=وأن تورّط فينا الموت وأعترفا
أنّ العراق ..شهيدٌ في مواكبهِ=سارتْ قياماتُ أهلِ الأرض والشرفا[/POEM]